1 الفصل الأول
[1.1]
... مايدتهم غير الرهبان والمبتديين لا غير فاستقمنا تلك الليله في
~~المنزول الي الصباح وبعدما حضرنا القداس فارسل الريس دعانا الي قلايته
~~فبعدما قبلنا اياديه استرحب فينا وامرنا بالجلوس وبعده فصار يسالنا انكان
~~لنا نية الرهبنه فقلنا له هذه نيتنا من قبل خروجنا من حلب فقلنا الله يبارك
~~عليكم وعلي نيتكم والان لكم عندنا في الدير اربعة ايام فصار عندكم معلوم
~~بسيرتنا وقانوننا والان بيجب تعملوا رياضه ثلاثة ايام وفيها تفحصوا كل واحد
~~منكم ضميره ويهيي ذاته ليعترف اعتراف عام وتتناولوا الاسرار المقدسه. اخيرا
~~بتلبسوا تياب المبتديين وتمسكوا قانون الرهبنه كما هو مسطر في هل كرازه.
[1.2]
واخرج واعطا لكل واحد منا كراسه حتي ندرسها وبعده دعا مدبر الدير الذي هو
~~قس يوسف ابن البودي وامره بانه يسلم لكل واحد منا قلايه وبارك علينا
~~واصرفنا مع المذكور فاعطا لكل واحد منا مفتاح ماطوره وقلايه وكتاب صلاوات
~~فاستقمنا ثلاثة ايام في الرياضه وكان الريس عين لنا كاهن لاجل ارشادنا
~~وتدبيرنا في امور الروحيه وبعد الثلاثة ايام اعترفنا اعتراف عام وتناولنا
~~الاسرار الالهيه اعني القربان المقدس.
[1.3]
وبعده ادخلنا مدبر الدير الي مكان حوايج الرهبان فقدم لي اولا قميص ورفيق
~~وقنباز خام سميك وعبايه صوف سوده وزنار ليف وعرقيه سودا ودورين شاش من صوف
~~مسبوغ عسلي غامق ونداس تريسي اسود. حيند قلي المدبر المذكور اشلح يا اخي
~~والبس ثياب التجربه عقبال ما منلبسك الاسكيم الرهباني الملايكي. حيند شلحت
~~ثيابي الرفاع والبست ذلك القميص الخام الغليص وباقيت الحوايج المذكور ولبست
~~فوقهم تلك العبايه الغليظه السميكه وتزنرت بذلك الزنار الليف فبقيت مثل
~~بياعين الليمون عبابي معبيه ورفعت الشاش والقاووق من علي راسي ولبست تلك
~~العرقية السوده ولفيت تلك الشالة العسليه الصوف ولبست ذلك النداس التريسي.
[1.4]
حيند تاملت في حالي فرايت حالي بقيت مذهر ومن ذلك الوقت نفر قلبي من
~~الرهبنه وندمت علي ما فعلت لكن الكبريا ماسكتني ما بينت علي حالي شي من هذا
~~وبعده لبس رفيقي ايضا مثل ما لبست انا وكان المذكور جلبي .... اخيرا خرجنا من
~~هنا فاجوا جميع الرهبان والمبتدين باركوا لنا في دخولنا للتجربه وفرحوا
~~فينا قوي كثير وهنونا.
[1.5]
وبعده كل منا دخل قلايته الي حين ما اندق ناقوز الغدا فنزلنا الي بيت
~~المايده فراينا الريس وجميع الرهبان مجموعين فدخل الريس وجلس في راس
~~المايده وتبعوا الكهنه كل من جلس في مكانه وبعدهم دخلوا الرهبان وجلسوا
~~بقيوا المبتدين واقفين وبعد هنيهه اذن لهم الريس بالدخول فدخلنا وكل منا
~~جلس في مكانه اعني الاقدم بيجلس فوق الحديث وحاطين في المايده ثلاثة الوان
~~اول لون شوربة عدس وقمحيه واوقات حبوب وما يشبه ذلك من الحبوب والخضر وثاني
~~لون لبنه وثالث لون تين مكبوس بدبس وبين كل تنين سودة نبيد وبوقال وكل واحد
~~بيشرب علي قدر قوته وكيفه.
[1.6]
ورايت مصفوف علي رفوف المايده جماجم موته من الرهبان الذين ماتوا سابقا
~~وكل جمجمه مكتوب عليها اسم صاحبها وفي اخر المايده في مكان علوه جالس راهب
~~بيقرا اخبار الشهدا وعداباتهم الفادحه الغير محتمله كما هو معلوم عند
~~الجميع فلما رايت هذا انصدمت عن الاكل والشرب وبقيت بهتان. اخيرا لما بينضر
~~الريس بان الجميع رفعوا ايادهم من الاكل بينهض من مكانه وبينهضوا الجميع
~~معه وبيصلوا صلوة الشكر وبيخرجوا من المايده. حيند بيجي الطباخ والراهب
~~الذي كان بيقرا بيجلسوا بيتغدوا.
[1.7]
وبعده بيخرج الريس ومعه جميع الرهبان والمبتدين الي برات باب الدير الي
~~مكان علي شكل الديوان خانه منهم بيجلسوا ومنهم بيتمشوا ويتكلموا مع بعضهم
~~بعض في مداكرات روحيه وبيستقيموا مقدار نصف ساعه. اخيرا كل واحد منهم بيمضي
~~الي شغل المقلد فيه من الريس اعني الخياط الي خياطته والسكاف الي شغل
~~السكافه والكاتب الي كتابته والبستاني الي بستنته وما يشبه ذلك من اشغال
~~المخصوصه بالدير وما بتعود تري احد في الدير غير المدبر لا غير.
[1.8]
والمسا بعد صلوة الغروب والستار بيدق ناقوز العشا وبعد العشا بيجتمعوا
~~ايضا في الديوان المذكور وبيتمشوا كالمعداد وبعده بيدخلوا جميعهم الي
~~الكنيسه بيصلوا كل واحد بمفرده. اخيرا بيدخل الريس الي قلايته وبيدخل عنده
~~واحد بعد واحد بيكشف افكاره للريس ما هو اعتراف انما هو بطريق الارشاد حتي
~~يعرف الريس انكان تلك الافكار هي من الشيطان ام من الهامات الروح القدس او
~~من بعض ملكات سببة هل افكار. حيند الريس بيرشده وبيعلمه حيل ابليس المحال
~~وانكان را فيه خطيه بيامره بالاعتراف قبل النوم وبهذه الطريقه بينام الراهب
~~والمبتدي بغاية الراحه والسلام.
[1.9]
وبعدما بيدخلوا الجميع عند الريس وبيخرجوا بيسكتوا وما بيبقاء احد بيقدر
~~يتكلم مع رفيقه الي ثاني يوم بكره. اخيرا الذي بيريد يدخل الي قلايته والذي
~~بيريد يتمشا في الدير بيتمشا وبعده كل من بيدخل الي قلايته وبينام ونصف
~~الليل محكم بينخرج القندلفت بيدور علي القلالي وفي يده الجرس بينبه الرهبان
~~والمبتديين الي صلوة نصف الليل فبيجتمعوا جميع الرهبان والريس والمبتديين
~~في الكنيسه وبيصلوا صلوة نصف الليله التي بيستقيم مقدار ساعه او اقل وبعده
~~بيرجعوا الي قلاليهم وبيناموا الي محل الفجر بيدق ناقوز الكبير الي صلوه
~~الصبح وبعد خلوص الصلوه بتبدا القدايس وكل واحد منهم بيحضر القداس وبيروح
~~الي شغله الموكل فيه بغير فتور الي حد قبل الظهر بساعة بيصلوا صلوه السادسه
~~وبعده بيدق ناقوز الغدا كما ذكرنا وكل راهب ومبتدي مفروض عليه في كل سبعه
~~بيلتزم بانه يعترف ويتقرب.
[1.10]
وكان بين المبتديين رجل اختيار طويل القامه شايب بلحيه بيضه مهيب فسالت
~~بعض من الرهبان عن هل رجل كيف انه مسن في العمر ووصل لهل شيخوخه بيدخل
~~للرهبنه وبيقف مع المبتديين فقلي الراهب ان سالت يا اخي عن هل رجل هذا كان
~~شيخ ضيعه ورجل طعام عيش كل ليله بيلتقي في مايدته عشرين نفر واكثر وله من
~~اولاد سبعة شباب مزوجين وبنات مزوجات ايضا فهذا اتفق هو وامراته بانهم
~~ينبدوا العالم ويكملوا حياتهم الباقيه في الرهبنه فراحت امراته ودخلت في
~~دير راهبات وهو اجا الي هذا الدير من مدة ثلاث سنوات ولما واجه ابونا الريس
~~جرمانوس وطلب منه بانه بيريد يدخل للرهبنه فلما الريس سمع منه هل كلام تعجب.
[1.11]
وقله يا اخي اعطيت زهرت عمرك للعالم والان عند اخر عمرك بتريد تعطي
~~شيخوختك للرهبنه وقال هذا ابونا الريس ليمتحن عزمه فاجابه الشيخ الاختيار
~~لعل الله بيقبلني مع الفعلة الاحد عشر ساعه يا ابونا فلا زال بيلح علي
~~الريس ويتوسل اليه حتي حن عليه وقله يا اخي ما بيمكني ادخلك للدير واجملك
~~مع الرهبان الا بعدما امتحن عزمك فقله الشيخ افعل بي كما تريد. حيند قله
~~الريس انكان ولا بد بتستقيم برات الدير من غير شركه مع الرهبان الي حين ما
~~يشا ربنا فاجابه الشيخ فقله الشيخ امرني يا ابونا وانا بطيع امرك.
[1.12]
فلما راء الريس هل عزم الذي له امره بانه يستقيم داخل باب الدير التحتاني
~~بواب وكان ورا الباب بيت زغير مثل الكوخ فقله سمعا وطاعه فاستقام ثلاثة
~~سنين في ذلك البيت الزغير يحتمل برد الشتا وحر الصيف وهو صابر من غير شكوي
~~ويقتنع بقليل من الماكل الذي يفضل من مايدة الدير فلما الرهبان والكهنه راو
~~صبر هل رجل وثباته توسلوا الي ابونا الريس حتي يدخله للدير ويقبله من جملة
~~المبتديين. حيند قبل الريس طلبتهم ودخله ولبسوه توب المبتديين والان له
~~ثلاثة اشهر في التجربه وهذه حكايته والسبب.
[1.13]
فلما سمعت من الراهب خبر هل رجل اعتجبت واتخزبلت في ذاتي والاغرب فيوم من
~~ذات الايام دخلنا الي بيت المايده حتي نتغدي كالمعتاد فبعدما دخل الريس
~~والرهبان للمايده وجلسوا الجميع حيند اذن الريس للمبتدين حتي يدخلوا فدخلوا
~~فلما راد يدخل هل رجل الاختيار فزجره الريس ومنعه عن الدخول فارتد الي
~~الورا مكتف الايدين ومحني الراس واستقام هكذا الي حين ما خلصوا الرهبان
~~الغدا وخرج الريس من المايده واتي الي قربه بوجه عبوس مغضب فراكع الشيخ عند
~~اقدام الريس وهو طارق في الارض وبدي الريس يزجره ويوبخه بقوله له يا شيخ
~~الخرفان قليل الاحتشام وصار يهجيه وناهيك عن رجل شاعر اذا راد يهجي انسان
~~فبعدما هجاه ووبخه بكلام منكي مر رفسه برجله وقله قوم يا شقي اتغدا مع
~~الطباخ ففي الحال نهض وقبل يد الريس وطلب منه العفو والمسامحه امام جميع
~~الرهبان والمبتدين ودخل للمايده حتي يتغدا مع الطباخ وخرجنا جميعنا الي
~~مكان المعتاد نتمشا فالفقير لما رايت هل مدهر شربت الشربه وقلت في بالي ان
~~كان رجل اختيار مثل هذا عامله الريس بهذه الصرامه كيف حالي انا اذا وقعت في
~~زله باينا صرامه يعاملني.
[1.14]
واستقمت في هذه الفكره الي المساء وانا موهوم فلما حان وقت كشف الافكار
~~دخلت الفقير حتي اكشف افكاري كالمعتاد وكان اول كلامي للريس باني هذا اليوم
~~كله بفتكر فيك يا ابونا كيف انك عاملت بصرامه هل رجل الاختيار ولمتك في
~~فكري فتبسم الريس وقلي يا اخي حقا هل رجل ما رايت عليه دنب ابدا ولكن
~~وظيفتي بتتقضي باني افعل هكذا مع المبتدين حتي امرنهم علي التواضع وكسر
~~الذات حتي ينموا في الفضيله وهذا الرجل انا قوي بحبه لان فيه قداسه وهذا
~~فعلته لتوبيخ بعض متكبرين حتي يستفيدوا من تواضعه وصبره وطاعته لان مفهوم
~~عند الجميع باني وبخته بغير دنب. المراد لا زال يوعض علي ويسليني حتي برد
~~قلبي وخرجت من عنده وانا مريض ومبسوط فرايت حيند بان كشف الافكار لها فايده عظيمه.
[1.15]
ويوم اخر خرجنا من المايده بعد الغدا وطلعنا برات باب الدير لاجل التنزه
~~كالمعتاد كما ذكرنا فدعا الريس الي راهب كان يسمي موسا وكان هل راهب مخصص
~~لقضي حوايج الدير وكان الريس يرسله الي طرابلس لقضي اشغال الدير والي غير
~~اماكن ايضا فهذا لما حضر امامه امره بان ياخد الاخ ارسانيوس معه ولما يصل
~~الي طيعة بشره يركبه علي البغله ويوصله الي ضيعة سيدة زغرتا ويسلمه بيد
~~خوري الضيعه ويدير باله عليه ويداريه في الدرب واعطاه مكتوب للخوري توصاي
~~فيه ويحكمه.
[1.16]
اخيرا ارسل احد الرهبان يدعي الي عنده الاخ المذكور اعني ارسانيوس وكان
~~ذلك مريض وما له قوه يمشي في الدير الا بالجهد فلما حضر امام الريس ركع
~~وباس يده. حيند صار يتكلم معه الريس بهذا الكلام فقله انا امرك يا اخي بامر
~~الطاعه بانك تروح مع اخينا موسا الي عند خوري سيدت زغرتا وتكون تحت طاعته
~~في جميع ما بيامرك فيه وانكان بيامرك باكل الظفر تكون تاكل وتقبل الادوية
~~التي يقدمها لك من غير انك تفحص عنها وفي خلوص كلام الريس معه نهض في الحال
~~وباس يد الريس وتوجه ونزل في الدرج وانتهره الريس ودعاه الي قدامه فلما رجع
~~امام الريس ركع وقله اغفر لي يا ابانا وباس الارض بعدا الريس يوبخه ويقله
~~يا قليل العقل والتمييز لين رايح هل انك بتقدر تمشي حسب قانونا من هاهنا
~~الي ضيعة زغرتا هل فيك هل قوي لكن الكبريا غالبه عليك يا شقي انهض واسمع ما
~~بقوله لك ولا تخالف فنهض الاخ الوديع وهو محني هامه للارض ويقول اغفر لي يا
~~ابانا فقله حيند لما بتصل الي بشره اركب البغله ولا تمشي ابدا وامر احد
~~الرهبان بان ياتيه بكتاب صلواته وعكازته وعبايته الفوقانيه فاعطاهم الي
~~الاخ موسا المذكور وبارك عليه واصرفه. حيند التفت الريس الينا وتنهد قايلا
~~كنت بشتهي يا اولادي بان تكون هل طاعة العميا التي هي في هل اخ تكون في
~~جميعكم هل نضرتم كيف انه ما اعتدر لي بقوله يا ابانا ما لي قوه لكي امشي بل
~~انه توجه حالا بطاعته الي كلامي من غير ارتياب بانه بيقدر يمشي واستقام
~~الريس في تلك النصف ساعة التي هي للتنزه يوعض علينا في هل معنا.
[1.17]
والفقير رايت اشيا كثيره في هل رهبنة المقدسه ومن الرهبان الذين سيرتهم
~~سيره ملايكيه وهذا دكرته وهو القليل من الكثير بل انما ذكرته خجلا لي
~~وتنبيه لغيري ليلا يروح الي الرهبنه بغير استعداد لهذه الدرجة المقدسه
~~وخصوصا وقبل كل شي يستقيم مده مديده يطلب من الله بان يرويه دعوته ويتدبر
~~علي يد مرشد فهيم عامل ومعلم. حيند بيكون بامان من قبل دعوته.
[1.18]
اخيرا بعد دخولي للتجربه بقليل من الزمان وقعت في مرض ثقيل واستقمت مريض
~~مدة شهرين وشهر اخر ما بين مريض وطيب وفي ذلك الشهر رفع عني الريس قانون
~~الرهبنه وصار يرسلني مع الرهبان برات الدير لما يخرجوا في اشغال الدير فكنت
~~اروح اتنزه صحبتهم.
[1.19]
فيوم من ذات الايام راحوا اثنين من الرهبان الي الطاحون حتي يطحنوا قمح
~~للدير فامرهم الريس بان ياخدوني معهم للطاحون حتي اتنزه فمضيت معهم الي
~~مكان يسما راس النهر حيث كانت الطاحون فلما وصلنا ونزلوا القمح عن ظهر
~~الحمير فارءوا بان ما لهم ضور للطحن لان كان قبلهم وصلوا كثيرين حتي يطحنوا
~~فالتزموا بانهم يناموا هناك الي ان يجيهم دور. حيند قالوا لي الرهبان قوم
~~روح يا اخونا للدير وخد معك الاتان واحكي للريس سبب رقادنا في الطاحون حتي
~~لا يبقا باله.
[1.20]
فنهضت وسقت الاتان امامي وسرت حتي وصلت الي الوادي وبدينا في النزول من
~~ذلك العلو فنزل الاتان امامي وفي نزوله رايت كانه تهور الي الاسفل فلحقت
~~ومسكت ديله ليلا يتهور فنترني معه وانا ماسك ديله. اخيرا فلت مني وطلع يركد
~~وانا صرت اتدركل من فوق الي تحت حتي اتكسرت اضلاعي وبعد قليل فقت من غموتي
~~واوعيت علي حالي فما رايت الاتان. وقتيد قلت في بالي بان احد الحميديه اخد
~~الاتان وراح فيه وايش عدت ارد جواب للريس وصرت في فكارات ونسيت اوجاعي وصرت
~~ادور في الوادي وافتش علي الاتان فما رايت له خبر ولا جنيت اثر فحزنت وبقيت
~~في حيره وقطعت الاياس من الاتان. اخيرا توجهت الي الدير وانا ماشي رويدا
~~رويدا الي ان وصلت الي الدير.
[1.21]
فاتفق ذلك اليوم بان كام واحد من المبتدين الحلبيه الذي مر ذكرهم كانوا
~~متقلقلين وطلبوا الخروج من الدير وبهذا صعب علي الريس كثير فزعا علي غيرهم
~~من المبتدين ليلا يرتخي عزمهم فصار يدعي واحد بعد واحد ويفحصه هل هو ثابت
~~ام لا. اخيرا ارسل دعاني فقالوا له الرهبان بان اخونا راح مع الرهبان
~~للطاحون كما امرت فقلهم لما بيرجع من الطاحون ارسلوه الي عندي وكان وصولي
~~للدير في تلك الساعه فلما صعدت الي الدير وانا في تلك الحاله موهوج ومرعوب
~~من فقدي الاتان قالوا لي الرهبان كلف خاطرك يا اخي الي عند الريس بيدعوك.
[1.22]
فلما سمعت منهم هل كلام تحققت بان الريس سمع في فقد الاتان فزاد رعبي رعب
~~فلما امتثلت امام الريس وبست يده امرني بالجلوس فجلست فقلي يا اخي بوجه
~~عابس اتعرف ليش دعيتك لعندي قلتله لا يا ابونا. حيند قلي بان كام واحد من
~~المبتدين طالبين الخروج من الدير ولاجل ان هذا بيضر غيرهم من المبتدين فصرت
~~افحص واحد بعد واحد منهم واختبر هل هو ثابت ام لا ليلا كل مده يخرج واحد
~~وبيصير سبب تجربه لغيره.
[1.23]
اخيرا بعد كلام مستطيل قلي هل انك ثابت ام لا فاجبته علي الفور لا يا
~~ابانا بروح بتحكم في حلب ولما بطيب مليح برجع الي الدير. حيند بش وجهه في
~~وصار يوعضني باناسه ويقلي لا تخلي التجربه تغلبك يا اخي وترجعك الي العالم
~~مغلوب يا ابني ولا زال يلاطفني بالكلام ويريني محبه الي حين ما قلته دعني
~~يا ابانا افتكر اليوم وانضر كيف الله بيوجهني.
[1.24]
فرضي الريس وباركني ثم اصرفني حتي اروح افتكر ولما خرجت من عنده فرايت
~~بعض من الرهبان واقفين باستنضاري حتي يتلافوني ليلا اغير عزمي عن الرهبنه.
~~حيند سالتهم عن الاتان هل وجدوه ام لا فبهتوا من كلامي وقالولي ما هذا
~~الاتان الذي بتقول عنه فاحكيت لهم بالمجراويه كما تمت فصاروا يتبسموا
~~بقولهم لي ان هذا الاتان الرهبان استعاروه من بشره ولما رجع معك ما هرب بل
~~راح الي مكانه للضيعه لا تخف يا اخي هذا ما ضاع وباقيت الاتن رجعوا الي
~~مكانهم ايضا الذين كانوا معكم وهذا بيفعلوه دايما.
[1.25]
حيند ركن قلبي ومضيت الي قلايتي افتكر ماذا اعمل واستقمت ذلك النهار وتلك
~~الليله في تلك الافكار الي ان اصبح الصباح وبعد كمالت القداديس فجمعنا
~~الريس وسالنا انكان استقمنا عن نيت الخروج من الدير فقلنا له نعم. حيند امر
~~بان يحضروا لنا حوايجنا وشلحونا ثياب التجربه ولبسنا ثيابنا وكنا اربعه
~~الفقير وداود ابن جبور الكويس ويوسف ابن شاهين جلبي وميخاييل بن توما حوا
~~فبعدما لبسنا ثيابنا ودعنا الريس والرهبان وخرجنا من الدير.
[1.26]
وفي ذلك الوقت وصل الي الدير ريس العام وهو القس عبد الله ابن قري علي
~~فهذا لما رانا خارجين حزن من جري طلوعنا من الدير فصلي علينا ودعاني الي
~~جانبه واحكي معي سرا قايلا اعتقد يا ابني ان كل الذين خرجوا من المبتديين
~~ما عدت اقبل منهم ولا واحد ولكن ان انت رجعت بقبلك وباركني وقلي امضي بسلام.
[1.27]
ثم مضينا جميعنا ولا زلنا سايرين حتي وصلنا الي طرابلس فراينا قفل مسافر
~~الي حلب فاستكرينا معه وجينا الي حلب وكل منا راح الي محله فاستقمت ذلك
~~اليوم في البيت حتي استرحت وثاني يوم رحت سلمت علي معلمي المذكور خواجه
~~رمزات فلما راني وبخني وذكرني بكلامه لي سابقا وما عاد اعطاني التفاته ولا
~~عاد يقبل بان اعاود الي عنده لانه كان انحصر مني كثير.
[1.28]
فاستقمت مقدار ثلاثه اشهر وانا داير بغير شغل ولا عمل فداقت الدنيا في
~~ونويت علي الرجوع للدير فاصطبرت حتي تهيا قفل رايح الي طربلس فرحت استكريت
~~دبه من القاطرجي واريته بان واحد من اصحابي بدي ارسله معه وهذا فعلته حتي
~~لا حد يعرف في خروجي حلب ليلا يمنعوني ايضا عن الرواح.
[1.29]
فتاني يوم استيقظت حكم السلام واخدت بعض حوايج الذي بيلزموني من رفايق
~~وقمصان وما يشبه ذلك وعبيت الجميع في خرج الذي كان عندي من اول سفره وخرجت
~~من البيت وتوجهت الي خان الزيت حيث مكان النازل فيه القاطرجي فلما وصلت
~~وسالت عن القاطرجي قالوا لي بانه راح يحمل الي واحد فرنجي الذي هو نازل في
~~بيت خواجه سيريون خواجة اخي. حيند عرفته وهذا كان رجل سايح من سواح سلطان
~~فرنسا وكان جايي من بلاد الارمنيه وساح في تلك البلاد بصفت حكيم عابر طريق
~~ومن حلب قصده يسوح في بلاد الشرقيه اعني العربيه وكان اسمه بول لوكا.
[1.30]
اخيرا حملت خرجي علي الكديش وكان موجود هناك كام واحد من الحلبيه مسافرين
~~مع القفل فقلتلهم قوموا بنا نتمشي الي حين ما بيجي القاطرجي. حيند سحبنا
~~كدشنا وسرنا حتي وصلنا الي القبه والعامود وما اجا القاطرجي فجلسنا هناك
~~نستنضره وفي ذلك الوقت انا غيرت حلاسي ولفيت شاشي الابيض ولبست الجزمه
~~وصلحت تنبليتي كما يجب وبقيت علي هيية السفر وبعد هنيهه وصل القاطرجي وبعده
~~وصل ذلك الفرنجي المذكور ومعه اربع خمس خواجكيه وكلهم بيعرفوني ففي الحال
~~ركبت دبتي وسرت وحدي قبلما يصلوا الينا وغبت عن نضرهم.
[1.31]
اخيرا ودعوه ورجعوا ونحن مشينا والحمال كانت سبقت قبل بيوم الي كفتين لا
~~زلنا سايرين والمطر بيصب علينا حتي وصلنا الي كفتين ونحن غرقانين من تلك
~~الامطار فدخلنا الي بيت القاطرجي وفي الحال اوقد لنا نار في الاوجاق. حيند
~~شلحنا ما علينا وصرنا ننشف ثيابنا والفرنجي نزل في تلك الناحيه هو وخدامه
~~رجل من بلاد الارمنيه مسيحي كاتوليكي قصده كان يقدس فلما استرحنا شويه سمعت
~~الفرنجي والقاطرجي عمالين بيدابلوا لكن الواحد ما بيفهم من الاخر. حيند
~~زعقلي القاطرجي بما انه بيعرفني بفهم في لسان الفرنجي وقلي بحياتك قول لهذا
~~الخواجه ماذا يريد وما هو مطلوبه فسالت المذكور بلسان الفرنساوي ماذا يريد
~~فقلي انا سلمته في حلب بعض حوايج وما رايتهم الان فلما فهمت القاطرجي قلي
~~ها هن موجودات عندي موضوعات في الخرج. حيند انبسط الفرنجي واستكتر بخيري.
~~اخيرا سالني هل انت مسيحي فقلتله نعم بنعمة الله تعالى قلي لا تواخدني لاني
~~رايتك لافف شاش ابيض خمنت انك مسلم.
[1.32]
فكلفني باني اجلس عنده واتعشي معه فابيت. اخيرا لج علي بالجلوس فجلست
~~فامر لخادمه بان يحضر العشا وكان معه من حلب زواده وافره ونبيذ طيب فاتعشيت
~~انا واياه وبعد خلوصنا من العشا شربنا القهوه وجاب لنا الغلام غلايين التتن
~~واستقمنا نتصامر انا واياه فسالني قايلا لي انت من اينا طايفه قلتله انا من
~~طايفة الموارنه وانا بعرفك لما كنت في حلب وكنت نازل في بيت خواجه سيرون
~~الفرنساوي واخي عنده مخزنجي فقلي مخزنجيه هو اخوك قلتله نعم فتعجب بانه كيف
~~ما قلي بانك مسافر معنا. حيند قلتله بان اخي ما صار له خبر في طلوعي من حلب
~~قلي لاي سبب ما صار له خبر قلتله لو يصير له خبر لما اطلقني اسافر.
[1.33]
حيند قلي الي اين انت مسافر فاستحيت اخبره بقصتي انما قلتله انا رايح
~~بسوح في الدنيا و بتفرج وهذا قلتله حتي اضيع عليه فهو قطع عقله باني رايح
~~بسوح وهكذا دبر الله فقلي انكان بتريد تسوح ما بتقدر تقشع احسن مني واحكالي
~~بانه مرسل من سلطان فرنسا حتي ادور البلاد واكتب ما اراه وافتش علي تواريخ
~~قدم وعلي مداليا اعني معاملة ملوك القدم وعلي بعض حشايش موجوده في هل بلاد
~~ثم سالني هل بتعرف تقرا بلسان العربي قلتله نعم وبالفرنجي ايضا قلي ان رحت
~~معي انا بجلسك في خزانت الكتب العربيه وبيصير لك علوفه من الملك وبتعيش طول
~~عمرك تحت نام الملك وانا موصي من الوزير باني اخد رجل يعرف يقرا بالعربي من
~~هل بلاد وهذا بيصير لك منه خير عظيم ابتريد تروح معي قلتله نعم ثم قلي
~~بتعطيني قرار بتبت بانك بتروح معي الي بهريز. حيند قلتله ما بعطيك قرار
~~ثابت الا في طرابلس وقلت في بالي حتي استخبر عنه هل هو صادق في هل كلام ام
~~لا. اخيرا قلي لا تفارقني في هل درب حتي نصل الي طرابلس وكان قصده حتي
~~اترجمله لان الذي كان معه ما بيفهم بالعربي انما كان يفهم قليلا بلسان
~~التلياني فاجبته علي الراس والعين. اخيرا استازنت منه ورحت عند رفقاتي
~~وبتنا تلك الليله الي الصباح فلما اصبحنا قلنا القاطرجي بانه بيريد يكسر
~~ذلك اليوم في الضيعه كعادتهم.
[1.34]
فلما سمع الخواجه المذكور بان القفل بيستقيم ذلك اليوم في الضيعه فصار
~~يسال الكفاتنه انكان موجود قريب منهم عماره قديمه من ايام ملوك النصارا
~~فدلوه علي جبل قريب من الضيعه مسافة درب ساعه وقالوله بان هناك موجود عماير
~~نصاري ودير وكنيسه لكنهم خراب انما مكتوب علي بعض حجاره احرف فرنجيه فلما
~~سمع منهم هل كلام دعي القاطرجي وقله بريد اروح الي هل جبل واتفرج فاجابه
~~القاطرجي بان هل مكان بيلتقا من اللصوص والعرب بخاف عليك ليلا يشلحوك فقله
~~هذا ما شغلك انما احضر لي دواب حتي نركب.
[1.35]
فاستكري له كدش من الضيعه لان دوابه تعابا بده يريحهم حتي يسافروا ثاني
~~يوم فلما حضروا الكدش فاخدنا معنا زواده اكل وشرب واستكرينا اربع خمس قواسه
~~حتي يروحوا معنا صيانة من اللصوص وسافرنا وصعدنا لذلك الجبل فمشينا في
~~الجبل قليلا فراينا تلك العماير التي احكوا لنا عنها الكفاتنه فنزلنا هناك
~~فصار الخواجه يدور في تلك الاماكن وينسخ الكتابات المكتوبه علي بعض من تلك
~~الحجاره فلما انتهي من تلك الكتابات فرحنا الي مكان وجدنا فيه قبر يعلوه
~~حجر قطعة جبل. حيند دار ما يدور القبر لعله يجد مكان يدخل اليه فما راء غير
~~خراقه داخله للقبر فراد بان واحد من القواسه ينزل في هل خراق ما احد نزل
~~منهم وقالوله بيمكن هذا يكون وكر وحش ام ضبع ام نمر او غير ذلك من الوحوش
~~الضاريه من له جرعه ينزل.
[1.36]
ونحن في كلام مر علينا راعي معزي فقالوله القواسه حتي ينزل فقال لهم ايش
~~بتعطوني حتي انزل فاعطاه الخواجه ثلث ابوكلب فلما راء الثلث في كفه فرمي
~~فوقانيه ونزل في الحال وكان غمق ذلك القبر قامه ومدة يد. حيند الخواجه قال
~~للراعي دور في القبر وايش ما شفت اعطيني اياه فدار الراعي في داخل القبر
~~فشاف جمجمة انسان فاعطانا اياها لكن جمجمه بقدر جبسه كبيره فقلنا الخواجه
~~هذه جمجمة رجل فرد اعطانا جمجمة اخري اصغر من تلك فقال لنا هذه جمجمة امراه
~~فخمن الخواجه بان ذلك القبر هو قبر حاكم تلك الاراضي والبلاد. حيند ارما له
~~محزم وقله قش ما تجده في ارضيت القبر واعطيني هو فجمع الذي وجده واعطانا هو
~~فوجدنا بين الذي قشه خاتم كبير سبط فتامل الخواجه في الخاتم فراه مصدي وما
~~مبين له كتابه ولا عرف معدنه انكان هو ذهب ام فضه او غير معدن فابقاه معه.
~~اخيرا قال للراعي جس حيطان القبر فراء طاقه وداخلها سراج شبه جيرون السمان
~~وما عرف معدنه فاخده ايضا وشاله وما عاد راء شي فخرج من القبر وراح في حال
~~سبيله ونحن رجعنا الي الضيعه بسلام.
[1.37]
وتاني يوم سافرنا من كفتين الي جسر الشغور ومن هناك لا زلنا سايرين حتي
~~وصلنا الي مدينة طرابلس بالسلام فنزل الخواجه المذكور في بيت خواجه بلان
~~الفرنساوي وانا نزلت في خان الغميضا في بيت رهبان الحلابيه اعني بهم رهبان
~~مار يشع ومفتاح البيت دايما مودوع عند اوضاباشي الخان فاخدت المفتاح منه
~~ودخلت حوايجي وكان الاوداباشي بيعرفني لما رجعنا من الدير انا ورفقاتي
~~فنزلنا هناك.
[1.38]
فاستقمت ذلك النهار وثاني يوم رحت سلمت علي خواجه رومان الذي كنت جبتله
~~معي مكتوب توصاي في من معلمي خواجه رمزات في اول مره الذي جيت الي طرابلس
~~حتي اترهب فبعدما سلمت عليه اوردتله قضيت خواجه بول لوكا وسالته هل هو صحيح
~~بانه مرسل من سلطان فرنسا لاجل السياحه فقلي نعم صحيح فاستشرته ايضا هل
~~بتشور علي باني اروح الي باريس معه قلي بتكون سعادتك روح لا تخف هذا رجل
~~ناس ملاح.
[1.39]
حيند طلعت من عنده ومضيت الي عند البادره الياس الكرملتاني وهذا البادره
~~كان لي معه معرفه لما كنت في دير مار يشع فسلمت عليه وقصيت له قصتي بالتمام
~~مع المذكور اعني به بول لوكا فلما سمع البادري مني هل كلام قلي ان سالت عن
~~هل رجل انا اخدت خبره بانه سايح من سواح سلطان فرنسا وان ردت تروح معه ما
~~عليك باس روح لا تخف وانا بوصيه فيك.
[1.40]
حيند صممت النيه بالرواح ورحت الي عنده واعطيته قرار تابت بان اروح معه
~~فلما اعطيته هل قرار فسالني هل معك غير هل حوايج الذي لابسهم؟ فقتله لا لكن
~~لي غير هل حوايج في حلب قوي مكلفات فقلي انكان عندك حوايج مكلفات اكتب الي
~~اخوك يرسلهم لك الي مدينة صيدا لان ان وصلنا الي باريس بالسلامه بريد ادخلك
~~معي امام حضره سلطان فرنسا ولاجل هل سبب تكون لابس ثياب زي بلادكم يكونوا ملاح.
[1.41]
فامتثلت امره وفي الحال كتبت الي اخي مكتوب واعلمته بقصتي ودكرت له بان
~~يرسلي حوايجي بالعجل مع اين من توجه الي طرابلس ومن هناك توصي بان يرسلوهم
~~الي صيدا تحت يد واحد من خواجكيت صيدا وترسل ايضا وتذكر لذلك الخواجه انكان
~~اعتزت منه خرجيه يعطيني والسلام وفي البخت كان ذلك اليوم طالع ساعي الي حلب
~~فارسلت المكتوب معه واحكيت للخواجه باني ارسلت المكتوب الي حلب كما امرتني.
2 الفصل الثاني في خروجي من طرابلس صحبة خواجه بول لوكا السايح في شهر شباط 1707 مسيحيه
[2.1]
فبعد كام يوم خرجنا من مدينة طربلس صحبة رجل نسيب من بيت الخازن يسما
~~كوالير حنا وهذا كان اجتمع مع الخواجه في بيت قنصر الفرنساويه وصار بينهم
~~محبه وصحبه فلما وصلنا الي جبل كسروان الي مكان يسما زوق ميكاييل حيث بيت
~~الكوالير المذكور. حيند كلف الخواجه الي بيته حتي يتغدا هو واياه.
[2.2]
ونحن اعني الفقير والخادم الذي معنا نزلنا في ساحت الزوق وربطنا خيلنا
~~وجمعنا اخراجنا ولبشنا واستقمنا نستنا الغدا من عند الكوالير لانه عزمنا
~~ايضا حتي نتغدا عنده فلما راينا ما جانا غدا ونحن مضنا الجوع لاننا مشينا
~~طول الليل حيند اخرجنا من عندنا سمك بحري مقلي وخبز ونبيد وجلسنا نتغدا فما
~~راينا الا صار حولنا لمه من الاوادم وصاروا يسالونا هل انتم مسيحيه قلنا
~~نعم فقالوا كيف انكم بتفتروا قبل الوقت فقلنا لهم نحن مسافرين وطول الليل
~~ماشيين ما علينا صوم وكان ذلك في اول جمعه من صوم الكبير واهل تلك البلاد
~~منهم بيصوم الي الدهر ومنهم بيصوم الي التاسعه وما احد منهم بيقدر يتظاهر
~~بالفتور قبل الوقت.
[2.3]
وهذا صار في خواجتنا ايضا لان الكولير صار يشغله حتي يسير وقت الدهر ثم
~~يغديه فلما تعوق عليه بالغدا غافله واجا لعندنا فراءنا عمالين منتغدا فجلس
~~حتي يتغدا معنا وهو محصور من الكولير وفي ذلك الوقت اجا الكولير حنا وصار
~~بيتعدر منه في تعويقه الغدا عليه وانه يروح معه ويتغدي في الحال بغير عوقه.
~~حيند استحي منه وراح معه وارسل لنا طبق تنسيف وفيه صحن عسل وزيت ورغيفين
~~خبز حتي نتغدي فاكلنا منهم لقمتين ورجعناهم فاستقمنا ذلك اليوم في الزوق
~~الي باكر.
[2.4]
فودعنا الكولير وسافرنا في ذلك الجبل من مكان الي مكان ومن ضيعه الي ضيعه
~~والخواجه يفتش علي حشايش في تلك الجبال العاليه. اخيرا وصلنا الي مدينة
~~بيروت ونزلنا في دير بادري كبوجي فاسترحب فينا واعطا الي خواجتنا اوضه
~~مفروشه اعني بتخت وفرشه وكراسي وما يشبه ذلك.
[2.5]
وفي ذلك اليوم اجا للدير واحد من جماعتنا حلبي يسما يوسف ابن المكحل وهذا
~~كان صاحبي في حلب فلما راني استرحب في قوي كثير وسالني عن سبب مجيي الي
~~بيروت فاحكيتله في مجراويتي وكيف اني انشبكت مع هل سايح. اخيرا استمنيته
~~بان يدورني في مدينة بيروت حتي اتفرج قبل ما نسافر فقلي تكرم قوم اتمشي معي
~~حتي افرجك علي كل المدينه مكان بمكان. حيند ارت اغير شاش الابيض والف شاش
~~الازرق فمنعني عن تغيير الشاش وقلي انكان بتريد لف شال اخضر في هل بلد ما
~~في قيد علي النصراني ايش ما لبس. اخيرا ما امكن حتي لفيت شاشي الازرق.
[2.6]
وخرجت معه ندور في المدينه ولا زلنا دايرين حتي وصلنا الي مكان كانه
~~صرايه لكن صغير بالقد وله ليوان وجالس هناك ثلاث اربع اغاوات كاسم عصملي
~~لافين بروسهم شاشات يانس باطراف قصب وعلي اكتافهم مشالح صوف انكرلي شاككين
~~خناجر مجوهره وامامهم عشر خمسة عشر شب بسربندات قرمز ومنهم اخدر وشاككين
~~كذالك فضه وسيوف سقطه فلما رايتهم تلملمت ورجعت الي الوراء فقلي ذلك الشاب
~~اعني به يوسف الحلبي ما بالك يا اخي فزعان اتعرف هل اغاوات من هم قلتله لا
~~لكن بظن انهم حكام البلد قلي نعم انهم حكام البلاد كلها اعني بلاد كسروان
~~وهل مكان هو الكمرك الذي هن ظابطينه وهن موارنه من بيت الخازن واخدين ميري
~~البلاد عليهم ومن هناك اخدني فرجني علي الاسكله وعلي مغارة التنين الذي
~~قتله ماري جرجس ومن هناك رجعنا الي الدير.
[2.7]
وتاني يوم ما سافرنا فراد الخواجه يستقيم كام يوم في بيروت حتي يتفرج
~~لاني كنت احكيت له علي فرجتي في يوم الاول فلما طلعت انا واياه من الدير
~~فقلي من الان وصاعد ان احد سالك عني اقول باني حكيم وهو كان لابس ثياب
~~بلادنا وفي راسه قلبق فطلعنا ندور في المدينه من مكان الي مكان وهو يفتش
~~علي فلوس قدم اعني معاملة ملوك الاقدمين فاشترينا في ذلك اليوم مقدار
~~اربعين خمسين واحد ورجعنا للدير.
[2.8]
وتاني يوم ايضا نزلنا للمدينه ورحنا الي سوق السياغه فصار يفتش علي حجار
~~وخواتم مصورات فوجدنا كام واحد ومن الفلوس وجدنا ايضا كام واحد ونحن راجعين
~~للدير فصاحنا واحد مسلم معصارني فقلي عندي فلوس بتشتروهم فقلته هاتهم
~~لنراهم فدخل الي مكانه وجاب لنا اربعين فلس كل واحد بقد ثلث لكن سميك
~~فوضعهم امامنا فلما راهم الخواجه وهم مصديين وما مبين لهم كتابه من كثره
~~الصدا فابا عن اخدهم وقلي بلسان الفرنجي اشتريهم منه وجاز عنا وراح فلما
~~راح رحت انا ايضا.
[2.9]
فقلي ذلك الرجل ما بالك ما بتشتريهم قلتله لاجل صداهم وغيابة كتابتهم ما
~~عادوا بينفعوا شي فعاد قلي خدهم بكام ما بتريد. حيند قلتله الحكيم ما
~~بيريدهم لكن كرما لك انا بشتريهم بكام بتبيعهم لي قلي بغرس كل واحد بمصريه
~~فدفعت له نصف غرش فما راد يعطيهم فجزت عنه ورحت في طريقي فعاد صاحني
~~وارواني حجر خاتم سليماني مصور فيه راس جميل وتحته مكتوب احرف ما بتنعرف
~~باينا لسان فلما رايته رجعت وصحة الخواجه فلما راء حجر الخاتم رماه ورجع
~~وقلي بلسانه اشتريه بكام ما قلك. حيند قلت للرجل انا بشتري الجميع الحجر
~~والفلوس.
[2.10]
اخيرا بعد الجهد حتي وصلته بحق الجميع غرس وقلتله ما في زود فاعطاني
~~الفلوس وحجر الخاتم فاعطيته الغرش واخدتهم وسرت وكان الخواجه واقف بيستناني
~~في عوجه فلما وصلت لعنده سالني هل اشتريتهم قلته نعم وما اعطاهم لي الا
~~بغرش قلي عفاك سير بنا الي الدير.
[2.11]
وفي وصولنا الي محلنا قلي جيب لي في فراغ شويت خل وحط تلك الفلوس في ذلك
~~الخل وصار يتامل في ذلك الحجر وفي تلك الاحرف المكتوبه وهو فرحان وقلي صدق
~~لو يطلب هل رجل حق هل حجر وحده ماية غرش لعطيته لان هل حجر له خواص عظيم
~~وما راد يقلي عن خواصه بل قلي بان هذا راس ملك من ملوك القدم وسوف بفحص عن
~~اسمه في التواريخ.
[2.12]
وثاني يوم باكر دخلت الي عنده فرايته عمال بيمسح الفلوس من الصدا فرايت
~~جميعهم فضه خالصه وبانت كتاباتهم مسرجه بينه فقلي الخواجه بان هذه معاملة
~~هل ملك الذي رايت صورته في حجر الخاتم الذي اشتريناه من ذاك الرجل
~~المعصراني والشاهد بذلك كنا سالنا ذلك الرجل من اين حصل علي هل فلوس والحجر
~~فقلنا بانه را كثير منهم في اساس حيط قديم لما خرب وراد يعمره فراهم
~~مضمورين في الارض.
[2.13]
وذلك اليوم خرجنا ايضا ندور في المدينه ونفتش علي فلوس قدم وكان ذلك
~~الوقت شاع خبر الخواجه بانه حكيم فصاروا يتهادونا من مكان الي مكان وهو
~~يحكم البعض منهم والبعض يوصف لهم وصفات ويطلب حق حكمته لهم فلوس قدم فلمينا
~~مشوار من تلك الفلوس وراينا بعضهم فضه ونحاس وكام واحد دهب نشتريهم بثمنهم.
[2.14]
وبعد كام يوم خرجنا من بيروت وطلعنا الي جبل الدروز ودرنا في تلك الاماكن
~~نفتش ايضا علي فلوس والخواجه يحكم وبواسطة الحكمه كانوا يفتشوله علي فلوس
~~فحصلنا علي كام واحد منهم وايضا علي بعض حشايش التي وجدناها في تلك الجبال
~~ومن هناك توجهنا الي مدينة صيدا ونزلنا في بيت القنصر الذي هو داخل خان
~~واوض البازركانة ايضا داخل ذلك الخان وصار للخواجه من القنصر والبازركان
~~اكرام جزيل.
[2.15]
وفي ذلك الوقت انوجد كام راهب من رهبان السكلنت ماضيين الي القدس فهم
~~الخواجه في السفر معهم وبما انه كان اوعد خزمتكاره الذي كان معه يخدمه بانه
~~يرسله الي القدس فالتزم بان ياخده معه وابقاني انا في بيت القنصر وسافر مع
~~الرهبان وما صار لي نصيب اروح معه من قلت بختي.
[2.16]
فاستقمت هناك الي يوم من ذات الايام وانا جالس في باب الخان فدعاني واحد
~~من البازركان القاطنين هناك وسالني عن اسمي فاجبته عن اسمي وعن كنيتي فقلي
~~جاني مكتوب من حلب منشانك ودخلني الي مخزنه واخرج اعطاني المكتوب ففتحت
~~المكتوب وقراته وهو كان من عند اخي وباعت بيوبخني كثير كيف اني خرجت من حلب
~~من غير علمه واني اقوم ارجع الي حلب من كل بد مع اول قفل الذي بيتوجه الي
~~طرفنا وداكر لي باني استقيم عند ذلك الخواجه الي حين ما بيتوجه احد الي
~~طربلس تكون تسافر معهم من كل بد وسبب ولا تخالف.
[2.17]
فلما كملت قراات المكتوب صار عندي حزن عظيم كيف انه ما ارسلي الحوايج
~~التي دكرت له عنها. حيند التف اليا ذلك الخواجه وقلي انا وصلني مكتوب من
~~عند معلمك خواجه رمزات باني ارسلك الي حلب ان ردت وما ردت فقتله انا ماني
~~الان تحت حكم خواجه رمزات ولا انت بتقدر تلزمني بالرواح انا رجل مرشد طريقي
~~وانا الان خادم عند خواجه بول لوكا سايح سلطان فرنسا لما بيرجع من القدس هو
~~بيرد لك عني جواب.
[2.18]
اخيرا من بعد مناهده عظيمه واخد ورد فراء ما مني جاره. حيند اعطاني مكتوب
~~ثاني من اخي وداكر لي انكان ما بتريد ترجع الله يسهل طريقك واصلك تحت يد
~~ذلك الخواجه بقجة الحوايج التي دكرت لي عنها بتكون تاخدها من عنده وايش ما
~~اعتزت من الخرجيه ايضا خد منه وانا دكرت له بانه يوصلك مهما اعتزت من
~~الدراهم وترسلي وصول في الحوايج والخرجيه التي بتاخدها منه والسلام فلما
~~قرات ثاني مكتوب فصار عندي فرح عظيم في وصول الحوايج. حيند اخرج اعطاني
~~بقجة الحوايج وسالني ايش قدر بريد من الخرجيه فاخدت منه كام غرش واعطيته
~~وصول من يدي بالجميع ورجعت الي بيت القنصر وانا مبسوط في غاية ما يكون.
[2.19]
واستقمت في صيده ادور واتفرج من مكان الي مكان وكان حكم عندنا عيد الكبير
~~وعند طايفة الموارنه طريقه ما احد منهم بيقدر بيعترف ويتناول الاسرار الا
~~في كنيسته عند الخوري لاجل بعض اسباب فعزمني واحد صاحب ليلة العيد الي بيته
~~حتي نبكر ونروح نعترف عند الخوري ونحدر القداس ونتناول وبعدما قضينا فرضنا
~~اخدني ايضا الي بيته وضيفني ووقف في واجبي.
[2.20]
اخيرا استقمت في صيدا الي حين ما رجع معلمي من القدس فاحكيتله بان وصلتني
~~الحوايج مع مكتوب من اخي وكيف انه كاتب لذلك الخواجه بانه يرجعني الي حلب
~~طيبه غصيبه والان انا ثابت بقراري معك فقلي وانا ايضا بكل وعدي معك ان
~~وصلنا بالسلامه الي مدينة بهريس والخزمتكار الذي راح معه للقدس ما عاد رجع
~~فاستقام هناك حتي يروح الي بلاده فاستقمت انا وحدي في خدمة هل خواجه وبعده
~~همينا بالسفر الي جزيرة قبرس.
3 الفصل الثالث في اول نزولي للبحر مع خواجة بول لوكا وكان ذلك في شهر ايار سنة 1707
[3.1]
ولما كان اليوم الخامس من شهر ايار خرجنا من مدينة صيدا صبحة شيطيه روم
~~قاصده جزيرة قبرس فسافرت الشيطيه من اسكلت صيدا في ثاني ساعه من الليل وانا
~~من حين نزولي في الشيطيه دخت ونمت في جانب الصاري وكان الريح طيب معنا وقبل
~~ما يصبح الصباح وصلنا الي اسكلت الملاحه اعني الي جزيرة قبرس.
[3.2]
فلما انتبهت من رقادي وانا دايخ فرايت القلعه والاوادم الذين في الاسكله
~~فما صدقت باننا وصلنا الي قبرس بل خمنت باننا لا زال نحن في اسكلت صيدا الي
~~حين ما اصبح الصباح مليح فتحققت حيند باننا وصلنا الي قبرس واستهونت سفر
~~البحر كيف اننا في ليله وصلنا من صيدا الي قبرس.
[3.3]
اخيرا خرجنا من الشيطيه الي الاسكله ومن الاسكله حملنا حوايجنا ورحنا الي
~~بيت قنصر الفرنساويه فلما دخلنا وراءنا القنصر فاسترحب في معلمي قوي كثير
~~وهيا له اوضه مفروشه اعني بتخت مجلل وكراسي وما يشبه ذلك من لوازم المنامه
~~ونقلوا حوايجنا ايضا الي اوضة منامتي.
[3.4]
وبعد يوم طلعنا ندور ونتفرج وصاروا يعزمونا تجار الفرنساويه القاطنين في
~~ذلك المكان وكل خزمتكاريتهم روم كريكيه وكلهم ما بيلقشوا الا بالرومي وانا
~~كنت بينهم كالاطرش في الزفه ما بفهم في لسانهم ولا هن بيفهموا بلساني ولما
~~كنت القش معهم بلسان الفرنجي بما انهم بيفهموا لكن ما يردوا علي الا
~~بالرومي استهزا في لانهم بيبغضوا قسم الكاتوليكي علي خطا مستقيم فكنت ممرر بينهم.
[3.5]
وبعد كام يوم راد معلمي يروح الي المدينه التي هي بعيده عن الملاحه حكم
~~مسافة اربعة عشر ساعه او اقل وهل مدينه تسما نيكوسيا وهي مدينة الكبرا في
~~جزيرة قبرس وكان قاطنها رجل بادري من رهبنة مار فرنسيس فلما همينا بالرواح
~~الي تلك المدينه فاعطانا القنصر مكتوب للبادري المذكور توصاي فينا وانه
~~يقبلنا عنده في الدير فاستكرينا مع رجل قاطرجي وسافرنا ذلك اليوم الي المسا
~~فوصلنا الي ضيعه حيث كان بيت القاطرجي فنزلنا في بيته.
[3.6]
وبعد ساعه فسمعت حس غاوش وضوضه عظيمه مقبله من البر فخرجت لشاهد ما الخبر
~~فرايت مقبلين قطعان خنازير راجعين من المرعا وقطيع الواحد اجا الي بيت
~~القاطرجي الذي كنا نازلين فيه وكان برات البيت سياج فدخلوا تلك الخنازير
~~داخل ذلك السياج وما قدرنا نقدر نرقد تلك الليله من تشنخر تلك الخنازير.
[3.7]
فلما اصبح الصباح سافرنا وكان سفرنا كننا ماشيين في روضه من كثرة الاشجار
~~والمياة الجاري والارض كلها خدراء حتي الدروسه النابته من الارض كلها مليح
~~حجر ابيض ازرق خلقه شريفه ولا تسال عن الكروم الموجوده في تلك الجبال شي
~~كثير وما لهم اصحاب. حيند تحققت ما سمعته عن هذه الجزيره بانها جزيرة
~~الخضره.
[3.8]
اخيرا وصلنا حكم العصر الي المدينه ونزلنا في دير ذلك الباذري المذكور
~~فاسترحب فينا قوي كثير واعطانا مفاتيح القلالي الموجوده في الدير وقلنا
~~انزلوا في اي مكان الذي بتريدوه علي خاطركم فاستقمنا تلك الليله وتاني يوم
~~حضرنا قداسه وبعد هنيهه وصل ساعي الي البادري من عند الريس الذي هو قاطن في
~~الملاحه وامره بانه في حال وصول المكتوب اليه يقوم يروح الي عنده من كل بد
~~وسبب من غير تاخير. حيند استعدر البادري من معلمي واراه المكتوب وانه التزم
~~في الرواح لان امر الريس مطاع غير انه اعطانا مفتاح الكلار وقلنا بان كل شي
~~موجود في ذلك الكلار من سمن وزيت ونبيد عتيق وجديد ولحم خنزير مكبوس مملح
~~وجنبون وزيتون وجبن وما يشبه ذلك ما عدا الخبز وخبز قبرس ما له شبيه في
~~الطعم واللذه كنا نشتريه كل يوم طري.
[3.9]
اخيرا ودعنا وسافر الي عند ريسه فاستقمنا ذلك اليوم ايضا في الدير لان ما
~~راينا احد يدلنا علي الدروب. اخيرا اخد خبرنا رجل فرنجي مولود في تلك
~~المدينه يسما كاليميره فاجا الي عندنا وسلم علي معلمي واسترحب فيه ففرح
~~معلمي في قدوم هل رجل الي عنده لاجل انه ابن البلاد وبيعرف الطرق فجلسوا
~~يتسامروا معا .حيند قله معلمي بطلب من فضلك بانك نهار غدي تكلف خاطرك بان
~~تاخدني معك حتي اتفرج علي هذه مدينه فاجابه تكرم علي راسي وعيني. حيند مسكه
~~معلمي حتي يتعشا عندنا فاستقام واتعشا وبعد العشا فساله معلمي عن كاره فقله
~~كاري حكيم فصار يساله هل يوجد في جبالكم حشايش وارواه كتاب مرسوم فيه بعض
~~حشايش الذي كان دايما يفتش عليها في الجبال فاجابه بينوجد في فلان جبل الذي
~~هو بعيد سفر يوم وفيه عماير قديمه خربانه مثل كنايس وديوره وضيع لكن كلها
~~خراب فان شهآت تروح الي تلك الاماكن انا بروح معك.
[3.10]
فارتضي معلمي في الرواح واوصاه بان تلك الليله يربط علي مكاري حتي من
~~باكر يسافروا وثاني يوم بعت اشتري ما بيلزمهم من الصخيره واخدوا معهم خادم
~~من اولاد البلد واوصاني باني استقيم في الدير لان البادري جعله في تسليمنا
~~وراح ولاجل هذا ما بيجوز لنا بان نترك الدير فاضي ليلا يصدر امر من الامور
~~يصير منه ضرر للبادري.
[3.11]
فحيند التزمت باني استقيم في الدير وحدي وبعده سافروا وطلعت انا ادور في
~~المدينه اتفرج ولكن ما ابعدت ليلا اضيع فرجعت الي الدير وكان في الدير رجل
~~اختيار كبير في العمر ما فيه يتحرك وكان البادري اوصانا فيه حتي نطعمه من
~~غدانا ومن عشانا وكان له بيت زغير في حوش الدير فوديت له غدا وعبيت له كوز
~~الماء وانسته فصار يحاكني بلسان الرومي فلما راني ما بفهم بالرومي فحاكاني
~~بالتركي وسالني عن بلدي وجنسي.
[3.12]
فاجبته انا حلبي من طايفة الموارنه فرد علي بلسان العربي وقلي السلامه في
~~ابن جماعتي فقلتله هل انك ماروني قلي نعم انا بقيت من سلالة الموارنه الذين
~~كانوا قاطنين في هذه الجزيره لما كانت ملك البنادقه وكانوا اكثر من خمسماية
~~عيله وللان موجود ناس منهم لكن ما هن معروفين خيفة من الكريكيه الهراطقه
~~وانا ملتجي عند هل بادري بيتصدق علي بلقمت طعام لاجل قيام حياتي وانا لي
~~زمان بخدم هل دير والان ما بقا في قوه للخدمه.
[3.13]
فسليته واستقمت عنده الاقشه ويلاقشني الي حين ما امسا الوقت. حيند قمت من
~~عنده وطبخت لي شي اتعشاه فبعدما اتعشيت وعشيته عبيت غليوني وصرت اتمشي في
~~حوش الدير فرايت درج من حجر فصعدت في الدرج الي صطوح الدير ولما انتهيت الي
~~اخر الصطوح فرايت ستاره فردت اعرف ما في ورا الستاره فرايت حوش داخلها حريم
~~ورجل كانه صاحب المكان فلما راني فصار يشتمني في لسان الرومي وبالتركي وانا
~~لما رايت حريم عاوت في الحال وذاك الرجل لا زال يعيط ويشتم فنزلت من الدرج
~~الي حوش الدير اتمشا فما رايت والا باب الدير بيندق بحجر فمشيت الي باب
~~الدير وسالت من هو الطارق.
[3.14]
فجاوبني بلسان التركي بقوله افتح يا كلب افتح وصار يشتمني ويتهددني بان
~~كان ما بتفتح بروح بجيبلك مباشر من عند الباشه حتي اقشع كيف انك بتشرف علي
~~حريم الناس فلما سمعت منه هل كلام توهمت قوي كثير وصرت اقله يا سيدي لا
~~تواخدني انا رجل غريب وامس دخلت لهل مكان وما عرفت بان خلف الستاره موجود
~~حريم. المراد كلما املقه واخد بخاطره كان يزداد بالشتم والعياط وفي دق
~~الباب بالحجر.
[3.15]
وفي ذلك المحل جاز رجل كريكي انه مسيحي كاتوليكي كان الله ارسله لخلاصي
~~من هل ردي فصار يلاقشه بالرومي ويملقه ولا زال ياخد بخاطره حتي اصرفه من
~~علي الباب ولما انصرف فصار يلقش معي بلسان التلياني بقوله لي افتح لا تخف
~~انا صاحب وذاك اصرفته وراح وانا من فزعي ما رت افتح الباب فعاد علي بالكلام
~~وقلي افتح لا تخف انا متلك مسيحي كاتوليكي فلما سمعت منه هل كلام ففي الحال
~~فتحت له الباب حتي دخل وفي الحال اغلقت الباب فزعا من هل ردي ليلا يعاود.
~~اخيرا اوصاني بان لا عدت اطلع الي السطوح ولا اروح صوب الستاره.
[3.16]
وقلي لو ترجع ثاني مره وتشرف عليه لكان ضربك برصاصه قتلك علي ما حلفلي هل
~~ردي ولا تخمن من اجل غيرته ليلا تنضر حريمه بل لاجل بغضه لهل بادري والدير
~~بغضه شيطانيه وعاملين هل كريكيه كل جهدهم حتي يبطلوا هل دير من عندهم فزعا
~~علي اولادهم ليلا يجدبوهم للايمان الكاتوليكي الروماني لانهم بيقولوا دايما
~~مسلمان ولا رومان ولا بيت من بيوتهم خالي من مسلم وتنين واحيان ثلاثه لانهم
~~بيجوزوا بناتهم للانجكاريه حتي يكونوا لهم حمايه عند الحكام وما يشبه ذلك
~~لان ما لهم لا عرض ولا دين.
[3.17]
فلما رايت منه هل اناسيه والمحبه توسلت اليه بانه كل يوم يبقا يزورني الي
~~حين ما يجي معلمي فقلي تكرم ومساني وراح وانا بقيت في فكارات ليلا ينزل هل
~~ردي علي في الليل ويقتلني فدخلت الي قلايتي ودربست الباب من بعد ما قفلت
~~واستقمت تلك الليله موهوم وما قدرت انام من فزعي الي الصباح.
[3.18]
ولما اتضحي النهار اجا زارني ذلك الشاب المذكور واخد بخاطري وسلاني ولما
~~رايت منه هل محبة حيند طلبت منه انكان بيريد يكلف خاطره ياخدني معه حتي
~~اتفرج علي المدينه قبل اني اسافر فرضي بطلبتي فخرجنا من الدير معا.
[3.19]
وصار يدورني في شوارع المدينه وكانت مدينه عظيمه لكن اكثر اماكنها خراب
~~فمرينا في مكان متسع فرايت جامع عالي البنا وسيع الاركان وله مادنه عاليه
~~وقبه كبيره عظيمه ولكن طوق القبه معمر فيها تماتيل ملايكه من الرخام وباب
~~الجامع معمر من رخام ابيض واسود شي قوي كلف ومن جانبي الباب معمر تمتالين
~~من الرخام الابيض الواحد ماري بطرس وجنب الثاني ماري بولص ايضا من رخام
~~الابيض فلما تاملت في هذه العمارة المكلفه تعجبت وسالت ذلك الشاب ما هذا
~~المكان قلي هذا جامع فقلتله كيف بيمكن يكون جامع ومبنيه فيه هل تماتيل من
~~ملايكه وقديسين وهذا شي محرم عند المسلمين فاجابني بان داخل هل مكان ايضا
~~في تماتيل كثيره معمره في البنا وكلها مشتبكه في بعضها البعض ان رادوا
~~يشيلوها بيتلزموا بانهم يخربوا الكنيسه كلها ولاجل هل سبب ابقوهم ليلا تخرب كلها.
[3.20]
اخيرا اخدني وصرنا ندور في البلد فرايت في السقاقات نسا بيبيعوا خمر وكل
~~واحده وقبالها زق من الخمر وبتنادي عليه بانه طيب وعتيق وكل شفشق بعتماني
~~وبعضهم بيبيعوا لحم خنزير وبعضهم محمله علي جحش الضرف النبيد ودايره بتبيع
~~بين البيوت وكلهم اوجاههم كشف من غير ستار فلما رايت هذا المنضر القليل
~~الاحتشام فقلت لذلك الشاب الذي كان معي فين كلام ذلك الرجل الذي وبخني بان
~~شرفت علي حريمه ها الان بجد حريمهم مكشوفين الوجوه بغير استحيا ولا احتشام
~~جالسين في الازقا امام الجايه والرايح قلي صدقت لكن كنت سبقت واحكيتلك ان
~~الذي فعله هل ردي ما هو من جهة اجل انك طلعت علي حريمه بل من اجل بغضه
~~للبادري ولذلك الدير.
[3.21]
فعدت سالته كيف ان المسلمين الذين هم قاطنين في هل مدينه بيرضوا بان
~~ينباع الخمر ولحم الخنزير في الشوارع والازقا فاجابني بانهم مازونين من
~~حكام البلد لاجل وفا مال الميري الذي عليهم لان استقام ذلك الميري الذي كان
~~يعطوه والبلاد عامره والان خربت فلا زال بياخدوا منهم نفس ذلك الميري
~~القديم وهذا الذي اوجب ان كثير من اهل هل جزيره بانهم يهربوا من زود الظلم
~~الذي صاير عليهم.
[3.22]
اخيرا انتهينا من الدوره ورجعنا الي الدير واستقمت تلك الليله وثاني يوم
~~اجا معلمي وذلك الحكيم الذي كان معه وجابوا معهم من تلك الحشايش المصوره في
~~الكتاب المذكور. حيند احكيت الي الخواجه بالذي جري علي في غيابه من ذلك
~~الردي كما ذكرنا فلما سمع معلمي مني هل كلام احتد بالغضب وفي الحال كتب
~~مكتوب الي القنصر بصوره الواقعه وذكر له بانه في الحال يرسل له من عنده
~~ترجمان حتي يشتكي علي ذلك الرجل المذكور للباشه وينتقم منه حتي يتادب غيره
~~ولا يعود احد يتجرهم علي الدير ولا علي البادري.
[3.23]
واستكري ذلك الرجل الذي سافر معهم واعطاه المكتوب حتي يوصله الي حضرة
~~القنصر في الملاحه وفي ذلك الوقت حضر ذلك الحكيم وعرف مقصود الخواجه فصار
~~يصده عن تكميل هل الامر الذي بيريد يفعله لان بينتج منه ضرر للبادري وللدير
~~من الروم القاطنين في تلك المدينه والبادري ما هو عايش معهم الا بالملق
~~والملاطفه وبالهدايا والا ما كان بيقدر يستقيم في هل دير ولا يوم فلما سمع
~~الخواجه منه هل كلام تغيرت نيته ورجع المكتوب .
[3.24]
واستقمنا في الدير الي ان اجا البادري فسلمناه ديره وودعناه وسافرنا الي
~~الملاحه الي بيت القنصر فاستقمنا الي حين ما تهيا مركب فرنساوي مسافر الي
~~مدينة اسكندريه فاستكرينا وسافرنا في ذلك المركب قاصدين الرواح الي بلاد مصر.
4 الفصل الرابع في سفرنا الي بلاد مصر وما جري لنا في شهر حزيران سنة 1707
[4.1]
فطلعنا من اسكلت الملاحه وبعد يوم وصلنا الي اسكلت بافا التي هي في جزيره
~~قبرص فرسي المركب هناك وكان قصد القبطان يوسق من تلك الاسكله زفت وقطرن لان
~~في تلك الجبال موجود نبوعه بيخرج منها الزفت واهل تلك الجبال بيلموه
~~وبينباع علي كيس الميري فطلعنا الي تلك الاسكله رايناها خراب وما موجود من
~~الاوادم غير اغة الميري وجماعته وقليل من الفلاحين الذين بيلموا الزفت
~~والقطران.
[4.2]
حيند طلعوا البحريه يتصيدوا من ذلك الجبل الي حين المسا فجابوا للمركب
~~معهم ثلاث روس معزي وراس بقر مقتولين بالرساس فصرت انا الفقير الومهم علي
~~هذا الفعل كيف انهم بيستحلوا مال القريب وهذا شي ما بيجوز. حيند واحد من
~~البحريه اكد لي بان هل معزا والبقر ما لهم اصحاب لان اصحابهم هربوا من
~~الظلم وتركوا بوشهم في هل جبال وموجود كثير من معزا وبقر وخنازير داشرين في
~~هل جبال وكنت تري كرومهم بيستقيم العنب فيهم سنه علي سنه وما في احد يقطفه
~~وما صاير فيهم هكذا الا من قلة محبتهم للقريب.
[4.3]
اخيرا بعدما وسق القبطان الزفت سافرنا من هناك الي اسكلت ليماصون فلما
~~وصلنا ورسي المركب طلعنا الي تلك الاسكله وهي عامره اعني موجود فيها اوادم
~~وبيع وشري وكل شي الموجود عندهم للبيع هو الخمر لان قنطار الخمر بخمسة غروش
~~والخمر حاطينه في حواصل وكل حاصل بيسع عشرين قنطار وازود وهذا من كثرة
~~الكروم التي في جبالهم فاتسوق القبطان من هل خمر خمسين فوجيه وكل فوجيه
~~بتسع قنطار حلب وكما ذكرنا الفوجيه بخمسة غروس حتي يبيعه في اسكندريه ومنه
~~بيروح الي بلاد مصر.
[4.4]
فبعدما خلص المسواق والوسق تهيا القبطان للسفر في اول ريح الذي بيناسب
~~للسفر ففي تلك الليله في حكم ساعتين من الليل ونحن نتمشا علي صطح المركب
~~فما راينا الا رجل عايم في البحر واجا الي طرف المركب وهو لافف قميصه علي
~~هامه. اخيرا لبس قميصه وتستر وخرج الي عندنا وصار يسالنا عن القبطان فخرج
~~القبطان اليه وساله من تكون وايش هو مرادك. حيند ارتمي علي رجليه وصار
~~يتوسل اليه بان ياخده معه الي اسكندريه فاجابه القبطان هل معك طسكره من اغة
~~الميري فقله لا يا سيدي وانا هربان منه فقله القبطان ما بتعرف بان علينا
~~قيد كلي بان لا ننزل احد للمركب بغير يكون معه طسكره من اغة الميري قله نعم
~~فقله بعد الذي بتعرف كيف بيمكني ان اخدك في مركبي.
[4.5]
وامر البحريه بان ينزلوه في القارب ويرموه في الاسكله فلما مسكوه البحريه
~~حتي ينزلوه في القارب فصار يبكي ويتدخل علينا حتي نشفع فيه عند القبطان فرق
~~قلب معلمي عليه واستمن القبطان بان ياخده معه فالتزم القبطان لاجل خاطر
~~معلمي بان ياخده معه لكن شرط عليه شرط بان يحلقوا دقنه ويلبسه من حوايج
~~البحريه ويلبسه شعر وبرنيطه حتي لا ينعرف انه كريكي فرضي الرجل بذلك الشرط
~~ففي الحال حلقوا دقنه وشواربه واعطوه البحريه بعض حوايج رثه ولبسوه شعر
~~وبرنيطه واستقام في المركب مع البحريه يخدم.
[4.6]
وبعد يومين طاب الهوا فسافرنا قاصدين مينة اسكندريه فوصلنا الي المينا في
~~اربعة وعشرين ساعه ولما ردنا ندخل الي الاسكله فخرج في ذلك الوقت ريح عاصف
~~من البر فالتزمنا في الرجوع الي البحر واستقمنا نضرب ولطه في البحر اثني
~~عشر يوم حتي اتانا ريح طيب من البحر فدخلنا للاسكله بالسلامه.
[4.7]
وخرجنا من المركب وتوجهنا الي بيت القنصر فاسترحب القنصر في معلمي قوي
~~كثير وامر الخدام بان يروحوا للمركب ويجيبوا حوايجنا وهيوا لنا اوض مفروشات
~~ونقلنا كلما لنا من الحوايج بغير ان يكشف عليهم الكمركجي واستقمنا في بيت
~~القنصر بغاية العز والاكرام وصاروا خواجكيت الفرنساويه يعزمونا الي عندهم
~~ويقفوا في واجب معلمي قوي كثير.
[4.8]
وبعد كام يوم اخدوا معلمي الي برات المدينه وفرجوه علي عامود عالي بعلو
~~مادنه بقرب البحر ومنقوش علي ذلك العامود شكل طيور ودبابات وغزلان وما يشبه
~~ذلك الحيوانات والعامود علي راي المعلمين بانه طبخ لانه غير ممكن بانه يكون
~~صخر لان في تلك البلاد ما في جبال ولا صخر ابدا وثانيا بان غلض هل عامود
~~وكبره بانه ما بيمكن ينسحب في عجله او ينقام او احد يقدر يحركه لانه مدفون
~~في الارض بقدر طوله القايم برات الارض وبهذا اتضح بانه طبخ من المعادن.
[4.9]
واخيرا استقام معلمي عند ذلك العامود ونسخ جميع تلك التصاوير المنقوشه
~~عليه فلما سالوه لاي سبب نسخ تلك التصاوير وما هو المعني فقال بان هل
~~تصاوير بيرمزوا عن احرف وكلام تحت الغاظ سريه كانوا يعتنوا بها الفلاسفة
~~اليونانيين في ذلك الزمان.
[4.10]
وبجانب العامود مغاره تسما مغارة العبد وهي منقوره من صخر والبحر داخل
~~فيها ولها ضوضا عظيمه من شدة الامواه التي داخلها وقليل من العوامين يقدر
~~يدخل اليها والذين دخلوا احكوا بانها مغاره متتسعة ما احد قدر يصل الي
~~اخرها من شده اتساعها وتلاطم الامواه التي داخلها.
[4.11]
اخيرا مضينا الي مكان الذي معمرين فيه اربعين بير منشان الماء ليشربوا
~~منها اهل تلك المدينه لما كانت تنفسد ينابيع مياهم من تاتيرات بعض كواكب
~~علي راي معلمين الفلك الذين كانوا في ذلك العصر بقولهم بان تلك الامياه
~~المفسوده بتاثر جنون للذين بيشربوا منها ولاجل هل سبب عمروا تلك البياره
~~وكانوا الفلاكيه يرصدوا قبل ورود تلك الكواكب بحين فيديروا ينابيع مياهم
~~علي تلك الابيار ويعبوها من ذلك الماء حتي اذا حكم الوقت يبدوا يستقوا من
~~تلك البياره الي حين ما تجوز تاثيرات تلك الكواكب وهذا الذي سمعناه عن سبب
~~عماره هذه البياري والله اعلم.
[4.12]
اخيرا تفرجنا علي اماكن وعماير قدم شي كثير لان مدينة اسكندريه هي من مدن
~~الكبار التي كانت في زمان القديم علي ما بتنبي التواريخ. اخيرا رجعنا الي
~~محلنا واستقمنا في تلك المدينه برهة ايام بغاية العز والاكرام.
[4.13]
وكنت اروح كل يوم الي الاسكله واتفرج علي السموكات التي بتخرج من ذلك
~~البحر المخلوط مع بحر النيل شي بيفوق الوصف ومن جهت طعمه ما رايت ولا
~~استلديت في طعم سمك مثله في جميع البلاد الذي درتها وعاملين في تلك الاسكله
~~داخل البحر سياجات منشان صيد السمك وعاملين في تلك السياجات حركه حتي اذا
~~دخل السمك داخلهم ما بيعود بيقدر يخرج. اخيرا بيصطادوه من داخل تلك
~~السياجات بغير تعب وتراه مكوم علي حفة الاسكله كوم كوم ومنه بيخرجوا
~~البطارخ ومنه بيملحوه وبيقددوه وبيروح منه الي ساير البلاد شي بالكبيري.
~~المراد اكثر معيشة اهل تلك البلد الرنجبال من ذلك السمك وشغل الاصيوطي اعني
~~الكتان.
[4.14]
اخيرا تهيا معلمي حتي يروح الي مدينة مصر يتفرج علي تلك الاماكن
~~فاستكرينا مع معاش اعني قارب كبير الذي بيسافروا في بحر النيل فخرجنا من
~~بيت القنصر سلام الصبح ونزلنا في ذلك المعاش المذكور وسافرنا في بحر المالح
~~الي ان وصلنا الي بوغاز بحر النيل وهناك موجود دايما اناس لاجل المعاشات
~~الذين بيدخلوا في البوغاز حتي يدلوهم من اي جانب يجب ان يدخلوا لان كل مده
~~بيتكوم الرمل في ناحيه في البوغاز وبيصير حاجز عن الدخول.
[4.15]
وفي ذلك الوقت تفرست في دخول بحر النيل في بحر المالح شي عجيب لانه بيدخل
~~في بحر المالح بغير انهم يختلطوا ابدا وكنت اري صاير خط ما بين البحرين لان
~~بحر النيل طالب الوطاه في بحر المالح وهذا شي رايته في سفري في بحر المالح
~~وكنت اري في قاع البحر خطوط بيض في وقت الغلينه فسالت ما هي هل خطوط
~~فاجابوني بانها الانهر الحلوه التي بتدخل في البحر من غير انها تختلط بما
~~المالح وعلي قول البعض منهم بان السحاب بيشرب من هل الانهر.
[4.16]
وهذا ايضا رايته في البحر في ايام الشتي لما بينزل سحاب من الغيم الي
~~البحر بيصير في ذلك المكان طغره عظيمه اعني بيشق البحر وبيتصل الي تلك
~~الانهر وبيشرب منها الماء الحلو والشاهد علي هذا هو ان في بحر المحيط اعني
~~بحر الهند لما بيفرغ الماء من المركب مستقبزين سطل من نحاس بيدلوه الي نهر
~~الذي بيكون جاري في ذلك المكان وبيتعبا عبا من ذلك الماء الحلو وله حركه
~~اذا تعبا بيطبق غطاه عليه طبق محكم بغير ان يدخله ماء مالح وبيستقوا منه ما
~~حلو كما سمعنا من الذين سافروا في بحر المحيط المذكور.
[4.17]
ونرجع ما نحن في صدده. اخيرا دخلنا في بحر النيل بذلك المعاش المذكور
~~وسافرنا ذلك النهار الي ان وصلنا الي مينة رشيد التي هي اسكلت مصر الواحده
~~والثانيه مينة ضمياط فلما انتهينا الي الاسكله خرجنا من ذلك المعاش ورحنا
~~الي بيت رجل تاجر فرنساوي يسمي خواجه دوران فلما دخلنا في منزله صعدنا في
~~درج من حجر متسع واخر الدرج انتهينا الي رصيف متسع مرصوف ببلاط واخر الرصيف
~~ديواخانه بتشرف علي بحر النيل واراضي الرز الخضره البهيه كانها زمرد شي
~~بيشرح الخاطر.
[4.18]
اخيرا طلع الي لقانا خواجه دوران واسترحب في معلمي بغاية الاكرام والتحيي
~~وامر الخدام حتي ينقلوا حوايجنا الي فوق وهيا الي معلمي اوضه مفروشه بجميع
~~لوازمها فاستقمنا كمالت ذلك النهار الي ان حل وقت العشا فبعدما تعشوا
~~وتعشينا نحن ايضا مع جملة الخدام فاستقمت اتصامر مع الخدام الي ما حان وقت
~~المنام. حيند واحد من الخدام دعاني حتي يرويني اوضه التي كانوا هيوها لي
~~للمنامه فابايت وقلت له انا بنام في هل نصيف من بيقدر ينام داخل اوضه في هل
~~ايام الصيف والحر الشديد فنصحني اول وثاني فما سمعت كلامه. اخيرا تركني
~~ومضي فبقيت وحدي في ذلك النصيف اتمشا. اخيرا فرشت فرشت الدرب التي كانت
~~معنا وانتكيت حتي انام وما بعرف ايش بده يجري علي في تلك الليله.
[4.19]
فما لحقت توست في الفراش والا سمعت حس وزيز عظيم واتلبس وجهي وهو الناموس
~~اعني البق الذي بيتكون في مياة الرز المقيله في تلك الاراضي فلما تلبس وجهي
~~ذلك الناموس نهضت من الفراش كالمجنون وصرت اكشه عن وجهي وعن سواعدي ورجليي
~~برهه من الزمان وما امكن انه يعتقني حتي ولعت غليون التتن ودخنت فمن دخنت
~~التتن تركني ومضي فسرت اتمشا في ذلك النصيف والغليون في فمي. اخيرا تعبت
~~وغلب علي النوم فرجعت الي الفراش حتي انام فصابني مثل ما صابني في الاول
~~فنهضت ايضا اتمشي واشرب تتن حتي لا يقرب الي الناموس.
[4.20]
فاستقمت علي هذا الحال الي حكم سلام الصبح. حيند خطر في بالي بان الخادم
~~قلي بانه هياء لي ناموسيه في الاوضه فصرت اجس البواب واحد بعد واحد الي ان
~~انتهيت الي باب اوضه فلما جسيته فتح الباب فدخلت داخل المكان فرايت تخت وله
~~ناومسيه اعني جلال رفيع وداخله مفروش فرشه بجرجفين كتان علي غاية ما يكون
~~فعرفت حيند بان هل فرشه كانت منشاني فما كذبت خبر فللوقت انطرحت علي ذلك
~~الفراش الناعم ورقدت الي حين ما جاوا نبهوني حتي اتغدا.
[4.21]
فلما انتبهت ولبست ثيابي فرايت ذاتي دايخ وما لي مجل ولا قابليه للاكل
~~فاصرفت للي اجا نبهني واستقمت في الاوضه وانا مخبل وما اقدر افتح نواضري
~~وانا في ذلك الحال رايت مرايه معلقه في جانب الاوضه فلما نضرت الي وجهي في
~~تلك المرايه فرايت انقلبت صحنتي الي بشاعه هذا عظم مقدارها حتي ما عدت اعرف
~~داتي وهو ان وجهي انتفخ حتي صار فوق خدودي خدود وفوق جفون عيوني جفون وسمكت
~~شففي وغاص فمي وبقيت في حاله زريه وهذا كله كان من قرص الناموس.
[4.22]
حيند استقمت في تلك الاوضه بغير اكل المساء من حيايي من الناس. اخيرا
~~استفقدني معلمي وسال عني فقالوله بانه مخبا في الاوضا وما بيريد يخرج فخمن
~~باني مريض فاجا الي عندي حتي يراني فلما راني في هل حاله فسالني ما لي اراك
~~في هل حاله. فاحكيتله بالذي جرا لي في ذلك الليل من الناموس وكيف اني ما
~~قبلت نصيحة من ذلك الخادم فقلي لا تاخد علي خاطرك وفي الحال جاب لي دهون
~~ودهن وجهي وفي ذلك اليوم فش ذلك الورم ورجع وجهي كما كان سابقا وهذا كتبته
~~نصيحه للذي بيروح الي رشيد لا ينام بغير ناموسيه.
[4.23]
وبعد ذلك اليوم خرجت انا ومعلمي ودرنا في تلك البلده وتفرجنا علي اماكنها
~~وشوارعها وخاناتها فراينا خان ساكنين فيه يهود هن وعيالهم ونساهم جالسين في
~~رواقات الخان بيشتغلوا من غير ستار ولا غطي ولا بيتحجبوا من احد كانهم في
~~بلاد الفرنج وهذا ما رايته في غير اماكن من اعمال مصر وقهواتهم علي حفت بحر
~~النيل ودايما فاتحين ليل مع نهار وكل انسان مباح له بان يدور بالليل من غير
~~ان احد يتعارضه لا من حاكم ولا من غيره خلاف عن غير اماكن من بلاد مصر.
~~المراد بلد شرحه وامينه في غاية ما يكون وما رايت فيها عيب غير الناموس فقط
~~فمن شده ما انبسطنا وانشرحنا في هذه البلده استقمنا اثني عشر يوم كانها يوم واحد.
[4.24]
وبعده استكرينا مع المعاش وسافرنا الي مدينة مصر علي بحر النيل الي ان
~~وصلنا الي بولاق التي هي اسكلت مصر فحملنا حوايجنا مع الحماره وركبنا من
~~تلك الحمير الرهاونه ودخلنا مدينة مصر وامرنا الحماره بان يوصلونا الي حارة
~~الموسكي التي هي مقر تجار الفرنساويه وداخل تلك الحاره بيت قنصر الفرنساويه
~~فلما دخلنا الي تلك الحاره راح خبر للقنصر في وصولنا فارسل من عنده خدام
~~وجاوا بنا الي بيت المذكور فلما وقع نضره علي معلمي فعانقه واسترحب فيه
~~بغاية العز والاكرام لانه كان سمع في قدومه الي مدينة اسكندريه وانه مرسل
~~من حضرة سلطان فرنسا لاجل السياحه ولاجل ذلك عمل له اكرام زايد وفرش له
~~اوضه مكلفه من خاص اوضه وامر الخدام بانهم يقفوا في خدمته خلاف عن غير قناصر.
[4.25]
فاستقمنا في بيت القنصر ثلاثة ايام الي حين ما كملت مسالمته مع التجار
~~وبعد الثلاثة ايام استازن الخواجه من حضرة القنصر بانه بيريد يدور يتفرج في
~~مدينة مصر. حيند عين القنصر واحد من الغز الذين في بابه بانه يروح معنا
~~ويدورنا في مدينة مصر فصار ذلك الرجل كل يوم يدورنا في صايح من صوايح مصر
~~ويفرجنا علي الاماكن اعني علي قصر فرعون وعلي القلعه والرمليه وعلي بيوت
~~السناجق وما يشبه ذلك من المفترجات فاستقمنا ندور مع هل رجل الغزي ثلاثة
~~ايام نتفرج فتعلمنا مسالك الدروب والازقا والشوارع.
[4.26]
اخيرا راد معلمي بان ندور وحدنا من غير ذلك الرجل لان كان قصده بانه يفتش
~~علي اشيا الذي كان دايما يفتش عليها في كل بلد الذي يدخلها مثل مداليات قدم
~~وكتب تواريخ قديمه وقسم حجار ثمينه مثل الماس وياقوت وزمرد وزفرجل وما يشبه
~~ذلك من الحجار الكريمه وبعض حجار لها خواصات وما هي معروفه في بلاد الشرق
~~الا من قليلين وكان معلمي له معرفه بليغه في الجواهر الثمينه والمعادن
~~المجهوله في بلادنا سوف ندكر خواصها في محلها.
[4.27]
وعلي ما رايت من هل رجل اعني معلمي عنده من كل علم خبر اعني في علم الطب
~~كان ماهر في الغايه لانه اذا طلع في سحنة الانسان يعرف مرضه من غير ان
~~يساله عن مرضه وكان ماهر في علم الفلك وعلم الهندزه والفلسفه وعلم
~~الطبيعيات وعلم السحنه وكان يعرف جميع خواص الحشايش والنباتات والعقاير
~~المتنوعه وما يشبه ذلك من امور الطب ورايت منه براهين كثيره سوف ندكرها في محلها.
[4.28]
اخيرا بعد دورتنا مع ذلك الرجل الغزي المذكور قصد معلمي بانه يزور بيت
~~سيدتنا مريم العذري الذي هو في مصر القديمه وهو بعيد عن مصر الحديثه مسافة
~~ثلالث اميال اقل او اكثر فلما وصلنا نزلنا في دير ريحان القديس ومن هناك
~~اخدنا البادري الي ذلك المكان الذي فيه بيت العذري وهو الان داخل كنيسة
~~القبطي فدخلنا الي ذلك المحل الشريف الذي تسكنت فيه البتول وماري يوسف
~~والطفل يسوع سبع سناوات كما يذكر الانجيل الشريف.
[4.29]
وبعده حضرنا قداس ذلك البادري علي هيكل العذري الذي هو داخل البيت
~~المذكور وبعد حضورنا القداس عزمنا البادري حتي نتغدا عنده في الدير فبعدما
~~تغدينا فاخدنا البادري وصار يدورنا ويفرجنا علي تلك الاماكن القديمه
~~الخربانه ومن جملتهم فرجنا علي عنابر القمح الذي كان عمرهم يوسف الحسن كما
~~يذكر الكتاب المقدس وكان عددهم اربعين عنبر الذي مبين اثرهم من غير الذين
~~انهدموا بالكليه ولا عاد يرا لهم اثر.
[4.30]
وبعد ما درنا وتفرجنا رجعنا الي محلنا الي بيت القنصر وبعده سرنا ندور
~~وحدنا بغير دليل ونعدي الي الاسواق والقهاوي ونجالس اصحاب الدكاكين حتي
~~انعرف معلمي بانه حكيم وكان كثير من ناس تقصدنا لاجل الحكمه وكان يحكمهم
~~بلاش انما يطلب منهم يفتشوا له علي مداليات اعني فلوس قدم وكانوا يجيبوله
~~كثير منهم.
[4.31]
واحد الايام رجل قبطي جاب لنا توراه مكتوبه علي رق وملفوفه بلسان
~~السرنكيلي الذي هو منشق من لسان السرياني بقوله لنا بان هل توراه مكتوبه من
~~زمان بني اسراييل لما كانوا قاطنين في مدينة مصر في ايام الفراعنه وان في
~~تلك الايام الورق ما كان له وجود فكانوا يكتبوا علي رق فلما نضرها معلمي
~~راد يشتريها منه لكن بشرط انه يختبرها بعد كام يوم فرضي ذلك الرجل فاعطانا
~~هي فاخدناها وفصلنا ثمنها اربعين غرش اريال ان كانت صحيحه توراه.
[4.32]
فلما اخدها معلمي فارواها الي البادريه حتي يفحصوا عنها هل هي توراه ام
~~لا فبعد ما فحصوا علي حقيقتها فوجدوها بانها توراه ومكتوب فيها سفر الخليقه
~~من اناس ذو معرفه في هل لسان. اخيرا تحقق عند معلمي بانها توراه صحيحه فقبض
~~حقها لذلك الرجل كما قلنا اربعين اريال. حيند قلي معلمي بان هذه التوراه
~~بتسوا عندي اربعة الف غرش وفرح فرحا شديد في مشتراتها.
[4.33]
واشترينا كتب تواريخ قدم من ساير الالسن من هل بلاد ومن غير بلاد ايضا
~~وبعده نزلنا ندور في شوارع مصر حتي دخلنا الي سوق السياغه فاشتري معلمي من
~~دلك السوق اشيا كثيره من الحجار المتمنات وخصوصا من حجر الزفرجل شي بكتره
~~ومن كثرته اشتريناه بالميزان بثمن رخيص وهذا الحجر في بلاد الفرنجيه ثمنه
~~بثمن الزمرد.
[4.34]
ويوم اخر اجانا رجل يهودي وسالني انكان منريد نشتري حجار ثمينه فقلتله
~~نعم فقلي الحقوني فمشينا معه الي ان دخلنا الي وكاله اعني خان وقيصريه
~~فصعدنا معه الي اعلي مكان ودخلنا الي اوضه وسكر الباب علينا. اخيرا فتح
~~سندوق محدد فرنجي وصار يخرج لنا من الحجار المتمنه مثل الماص وياقوت وزمرد
~~وما يشبه ذلك من الجواهر المتمنه فنقي منهم معلمي كام حجر وبعدما فصلهم معه
~~قله الحقني الي بيت القنصر حتي اقيضك الدراهم وكان مع المذكور امر من
~~السلطنه الي جميع القناصر الذين موجودين في بلاد الشرق بان مهما طلب
~~الخواجه بول لوكا من الدراهم فليعطوه.
[4.35]
اخيرا ردنا نخرج من ذلك المكان فقلنا اليهودي بريد ارويكم شي الا بشرط
~~انكم بتحلفولي بانكم ما بتبيحوا بالسر. حيند اكد له معلمي بانه بيحفظ السر
~~لا يخاف فبعده اخرج لنا زنار مجوهر بيساوي خزنت من المال وقال لنا بان هل
~~زنار زنار ملك من ملوك الترك فلما تامل فيه معلمي راه بيساوي مال كثير فما
~~راد يشتريه انما قله انكان بتقلع لي من هل زنار بعض حجار بشتريهم.
[4.36]
فابا اليهودي من ذلك وبعده اخرج من السندوق علبه داخلها حجر الماس اسود
~~وزنه اربعة وعشرين قيراط نادره من النوادر شي فريد فتعلق قلب معلمي في ذلك
~~الحجر لكن صار يقول لليهودي بان هذا الحجر مسبوغ ما هو خلقه فوقع الجدال ما
~~بينهم حكم ساعه. اخيرا اسبت اليهودي بانه خلقه فكان قصد معلمي بانه يشتري
~~ذلك الحجر لكن فزعا ليلا يطمع ذلك اليهودي وما يعود يسير بازار معه فاحتال
~~عليه بانه جاهل ثمنه وما بيعرف فيه انكان هو الماس صحيح فقله روح معي الي
~~بيت القنصر وهناك بختبر هل حجر وبفصله معك.
[4.37]
فاباء اليهودي فزعا ليلا يظهر خبر الحجر وياخدوه منه بالزور احد السناجق.
~~اخيرا حققنا له بان ما ندع احد يعرف فيه ولا يخاف من هل جيهه. اخيرا بالجهد
~~الجهيد حتي انطلق معنا الي بيت القنصر وهناك دخلناه الي اوضة القنصر فاجتمع
~~معه القنصر والترجمان ومعلمي واستقاموا وحدهم حكم ثلاث ساعات وبعده خرج
~~اليهودي وراح في حال سبيله وما قدرت اعرف بكام اشتراه معلمي وتم الامر مخفي
~~ما بينهم.
[4.38]
فاتفق ايضا بان واحد من تجار الفرنساويه اشتري حجر مصور من واحد فلاح
~~بماية مصريه فارواه الي معلمي فلما نضره راد يشتريه منه فما راد يبيعه
~~فطمعه في الثمن فما امكن. اخيرا وصل معه في الثمن الي مايتين وخمسين غرش
~~فما راد يبيعه فانحصر منه واشتكي عليه للقنصر حتي يلزمه في بيعه بقوله له
~~بان جميع ما بشتريه من حجاره وغير اشيا جميعها هي لخزانة سلطان فرنسا. حيند
~~القنصر دعا ذلك الخواجه والزمه في بيعها فما قدر يخالف فاعطاه الحجر واخد
~~حقها كما ذكرنا.
[4.39]
وفي تلك الايام اجا واحد فلاح من فلاحين الريف الي حارة الموسكي اعني
~~حارة تجار الفرنج واعطي سره الي واحد من خدام القنصر بانه وجد جسد موميه
~~خوفا ليلا تسمع فيه الحكام بياخدوه وبيرسلوه للسلطنه لان عليه قيد كلي ولا
~~احد بيقدر يشتريه ولاجل ذلك لما بينوجد واحد بيخفوه الفلاحين حتي يبيعوه
~~للتجار بثمن غالي وهذا بينوجد قرب الهرامات اعني قبور ملوك مصر الفراعنه
~~لكن وجوده نادر لان تلك القبور مردومه تحت تلال رمل وبعد ميات سنين بيتفق
~~بان بيصدر ريح عاصف بيكشف الرمل عن تلك القبور وتلك الاراضي فبتطلعوا
~~الفلاحين المختبرين تلك الاراضي بيفتشوا وبالنادر حتي يروا قبر فيه جسد
~~مصبر واذا راوا واحد بيخفوه وبعد حين بيبيعوه للتجار.
[4.40]
فلما معلمي اخد خبر هل موميه من ذالك الخادم فللوقت اخبر القنصر والزمه
~~بان يبدل جهده في تحصيل هل موميه لانه نادر وقوعه وانه قوي مقبول عند سلطان
~~فرنساء. حيند ارسل القنصر واحضر ذلك الفلاح الي عنده سرا واستخبر منه حقيقة
~~الامر هل هو موجود عنده هل جسد المصبر فاجابه الفلاح بانه صحيح موجود عنده
~~ففصل ثمنه معه بمايتين وخمسين غرش بشرط بانه يجيبه بالمخفي بغير ان احد
~~يعرف فيه فاتفقوا علي ذلك الامر وبعده مضي الفلاح في حال سبيله.
[4.41]
وبعد كام يوم اجا الفلاح ومعه كام حمل من التبن ودخلهم الي اخور القنصر
~~حتي يبيعهم للسايس وطلب بتمنهم بزود ما بيسوا خيفتا ليلا يفرغهم السايس
~~ويجد ذلك الجسد المصبر فابقاهم في الاخور وخرج فوجد ذلك الخادم الذي كان
~~سابقا احكي معه من جهة تلك الموميه وقله بان يخبر القنصر في مجييه فلما سمع
~~القنصر في وصول الفلاح ارسل فاحضره وساله هل جاب معه ذلك المذكور فنكر وقال
~~بان الذين قالولي عنه بانه موجود عندهم الان نكروا ورفعوا القواعد فلما خاب
~~املي منهم فعبيت كام حمل تبن وجبتهم الي اخورك حتي ابيعهم الي السايس
~~فكاسرني في ثمنهم بطلب من فضلك بان ترسل تامره بان يشتريهم مني بثمن ما كذا.
[4.42]
وقرب الي عند القنصر حتي يبوس يده حتي ياذن للسايس بانه يشتريهم بذلك
~~الثمن وفي ذلك المحل اعطي اشاره للقنصر بان الموميه موجوده داخل ذلك التبن
~~واعطاه علامة الخيشه الموجود فيها ذلك الجسد ففهم القنصر بالذي قاله له
~~الفلاح. حيند قال للفلاح اذهب انا بامر السايس بان يشتري منك هل تبن وبعطيك
~~حقه فذهب الفلاح الي الاخور وجلس عند التبن وفي ذلك الوقت ارسل القنصر ودعي
~~السايس الي عنده وارسله في سعايه الي رشيد وامره بان يعطي الي ذلك الفلاح
~~حق التبن المذكور وفي غيابه بيبقوا يفرغوا التبن ففعل السايس كما امره
~~القنصر واعطي للفلاح حق تبنه وامر خادمه بانهم يفرغوا التبن في غيابه وسافر.
[4.43]
فبعد ما سافر ارسل القنصر احد خدامه وامره بان يسكر باب الاخور ويجيب له
~~المفتاح ولا يفرغوا التبن الي حين ما يجي السايس ففعل ذلك الخادم كما امره
~~القنصر وجاب له المفتاح واوعد الفلاح بانه في الغد يجي ياخد اكياسه متوع
~~التبن. اخيرا اصطبر القنصر الي ان مضي من الليل نصفه ونامت الخدام. حيند
~~نزل للاخور هو ومعلمي فقط وفتحوا تلك الخيشه التي اشر له الفلاح عنها فراو
~~ذلك الجسد ملفوف بقطع كتان مصري فاصعدوه الي بيت القنصر وتركوه في اوضه من
~~اوض القنصر وقفلوا الباب واخد القنصر المفتاح .
[4.44]
وكل هذا صار وانا ما معي خبر في شي من هذا الا بعد خروجنا من مدينة مصر.
~~حيند احكالي معلمي في جميع ما ذكرناه في خصوص هل موميه وكيف انهم اخفوها
~~وما احد عرف فيها ولا ذلك الخادم الذي كان معه خبر ذلك الفلاح.
[4.45]
اخيرا بعد كام يوم ارسل القنصر واحضر الي عنده نجار واعطاه قياس سندوق
~~طوله وعرضه وامره بانه يجعل قاطع في نصف السندوق من دف متين ويجعل له سفلين
~~غير مبصمرين انما ينقب مكان البصامير لا غير فبعد يوم جاب النجار السندوق
~~مشغول كما امره القنصر علي غاية ما يكون وبعده دخل ذلك الجسد المذكور داخل
~~السندوق في الوسط وجعل فوقه من افخر قماشات الحله اعني جراجف ومحازم وكتان
~~رفيع وما يشبه ذلك من التحف الثمينه حتي انتلي وجه الواحد وبصمر عليه اول
~~غطي وقلب السندوق وعبى من تلك القماشات المذكوره وجه الثاني وبصمر غطاه
~~ايضا كما فعل في الاول.
[4.46]
وهذا فعله القنصر حتي اذا فتحوا السندوق في الكمرك من اينا وجه كان يروا
~~داخله من تلك القماشات المذكوره وبقي ذلك السندوق وجميع الذي اشتريناه من
~~اراضي مصر من فلوس وجواهر وكتب وغير اشيا كثيره عند القنصر حتي يرسله فيما
~~بعد الي مرسيليا اسكلت فرنسا واخد معلمي من القنصر سند وجريده في جميع الذي
~~تسلمه منه وكتبه في الكنسليره اعني محكمة القنصر في مدينه مصر علي جاري
~~عوايدهم وكذلك فعل هذا مع جميع القناصر الذي مرينا عليهم حتي اذا وصلنا الي
~~مرسيليا نجد كل شي الذي اشتريناه من تلك النواحي والبلاد.
[4.47]
فبعدما درنا مدينة مصر باسرها وتفرجنا علي جميع الاماكن والخانات
~~والاسواق وبيوت السناجق والقلعه وباب الانجكاريه وباب العزب وما يشبه ذلك
~~وكان سبب دخولنا الي هذه الاماكن كلها بواسطة الحكمه التي كان معلمي يحكمها
~~لاجل الفرجه فقط من غير انه ياخد شي من احد ولاجل هل سبب كان مقبول عند
~~الجميع.
[4.48]
اخيرا راد معلمي بانه يروح يزور جبل تور سينا وباشر في السفر الي ذلك
~~الجبل المقدس فلما سمع القنصر ما هان عليه في ذلك وصار يرويه صعوبة السفر
~~الي ذلك الجبل واخطار الطريق بقوله له بانه بيلتزم انه يركب هجين عشراوي
~~ولاجل سرعت مشوه بيربطوا الراكب عليه ليلا يتهور من علي ظهره ويقتل وفي
~~الطريق ما بينوجد ما للشرب ولا شي للاكل بل بياخدوا معهم زواده من الماء
~~والماكل شي يكفاهم اربعة او خمسة ايام حسب مشو الهجين لانه بيقطع مسافة
~~سبعة ثمانية ايام بيوم ولاجل هذا ما بتقدر تضاين علي هذا السفر وانا ناصحك.
[4.49]
فلما سمع معلمي من القنصر هذا الكلام تغيرت نيته عن السفر الي ذلك الجبل
~~المقدس خوفا من العطب. اخيرا راد بانه يسافر الي ارادي الصعيد والي نبع بحر
~~النيل والي بلاد الحبشه والسودان واستشار بذلك الي بعض من الناس الذين
~~راحوا الي تلك الاراضي والقيعان فخبروه عن ذلك ايضا وقالوا له يا خواجه انت
~~ما بتقدر تسلك في تلك الاراضي لان اهلها ارديا وسحارين واطباعهم وحشيه
~~والمسير الي تلك البلاد كثير الخطر وما هو معلوم بانك ترجع طيب من تلك
~~البلاد وهذا شي قد اختبرناه بانفسنا وان كان بتريد تتفرج علي تلك الاراضي
~~ولابد امضي الي مدينة الفيوم ومن هناك بتختبر تلك الاراضي واوادمها من غير
~~انك تخاطر بنفسك.
[4.50]
حيند صمم النيه علي السفر الي مدينة الفيوم واستشار بذلك القنصر فرضي
~~بذلك وقله بان موجود في تلك المدينه بادري حنا لا غير وانا بعطيك مكتوب حتي
~~تنزل عنده في ديره وتكون في امان لانه رجل حكيم ومقبول عند حاكم البلد الذي
~~هو الصنجق.
[4.51]
اخيرا تهيينا للسفر ونزلنا في معاش مسافر الي الفيوم وفي تلك الايام كان
~~بنك زود بحر النيل فلما خرجنا من مصر القديمه مع ذلك المعاش المذكور فراينا
~~البحر فايض ومتصل الي اواخر تلك الاراضي والبلاد التي هي سفر اربعة ايام
~~طول مع عرض والضيع الموجودين في تلك الاراضي جميعهم داخل الماء كانهم ضيعات
~~وما يدورهم الماء لان الماء بتعلوا عن الارض حكم شبر لا غير ولما يرونا اهل
~~تلك الضيع ماريين يجوا الينا عراه بالزلط صبيان مع بنات لاجل الشحاده حتي
~~نرميلهم كسر خبز او بقصمات وكان ساحبين معاشنا اربع زلام لان سفرنا ضد
~~جريان الماء وكثير اوقات يتوه الريس عن الدرب ينشب المعاش في الرمل وبعد
~~جهد جهيد حتي يرجعوه الي وسط البحر الجاري وكان كل ليله يربطوا المعاش في
~~جانب البر وكنا جميعنا نخرج الي البر ونبات الي الصباح ونعود نسافر.
[4.52]
فاستقمنا اربعة ايام ويوم الخامس وصلنا الي جسر يوسف الحسن الذي لما ارسل
~~وجاب ابيه يعقوب الي مصر في زمان سلطنته فعمر له مدينة الفيوم لاجل سكناه
~~كما هو محرر في كتاب المقدس وعمر هل جسر لاجل دخول الماء واجري حصه من
~~النيل داخل هل جسر حتي تسقي تلك الاراضي ولاجل هذا سمي جسر يوسف كما هو
~~مكتوب في حجر تاريخه.
[4.53]
فلما وصلنا الي ذلك المكان ربطوا معاش الذي كنا فيه في البر ونقلوا جميع
~~وسقه الي ثاني معاش الذي هو قاطع الجسر فاستقمنا يوم علي ذلك الجسر حتي
~~كملة النقله وفي ذلك اليوم اكلنا سمك من صيد الذي بيستاضوه من فوق اعلي
~~الجسر وهو ان الصيادين بيدلوا شباكهم من غير ان تصل الي الماء النازل من
~~ذلك الجسر لان من عزم نزول الماء في الجسر بيقدف السمك الي العلو فبيقع
~~داخل الشبك وفي هل طريقه بيمسكوه وبيبيعوه كل ثلاث اربع فروخ بنصف فضه اعني
~~بمصريه والقلايين جالسين بيقلوا كل فرخ بجديد اعني بفلس.
[4.54]
وثاني يوم سافرنا في ذلك المعاش الثاني الذي هو قاطع الجسر المذكور الي
~~حين المساء فوصلنا الي مدينة الفيوم واستدلينا علي بيت الباذري حنا المذكور
~~فلما وصلنا الي بيته ورايناه واعطاه معلمي مكتوب القنصر الذي ارسله له في
~~انه ينزل معلمي عنده ويقف في واجبه ويفرجه علي تلك المدينه فلما البادري
~~قري المكتوب وفهم معناه حيند استرحب في معلمي قوي كثير وهيا له مكان
~~للمنامه علي قدر مكنته لان بيته قوي زغير ديق.
[4.55]
فاستقمنا تلك الليله الي الصباح وبعدما حضرنا القداس الالهي وشربنا
~~القهوه حيند وصانا البادري بالا نخرج من بيته الي حين ما يواجهنا بحضرة
~~السنجق الذي هو حاكم تلك البلاد وما يليها من اماكن وضيع والاراضي الي حد
~~الصعيد وكان هل بادري قوي مقبول عند السنجق وهو حكيمه ولو لاه ما قدر
~~البادري يسكن تلك المدينه لان اهل تلك البلاد ارديا وحشيين منهم قبط ومنهم
~~ريفيين ولبسهم الجبه لا غير علي اللحم حافيين الاقدام بالقرع واوجاههم
~~مقلوبه بشعه وما بينفرق القبطي من الريفي وحريمهم بيغزلوا الكتان ورجالهم
~~بيحيكوا المقاطع الاسيوطي وبينسجوا الحصر الساماني وما يشبه ذلك من تلك
~~الاشغال.
[4.56]
ونرجع ما كنا في صدده فلما راح البادري الي عند السنجق فاحكاله بان
~~وافاني رجل حكم ماهر وتاقن جميع العلوم والفنون هل لك خاطر بان نواجهه مع
~~حضرتك فاجابه السنجق علي الفور اتيني به حتي انضره فقله البادري علي الراس
~~والعين والان حل وقت خروجك الي دار الحكم لكن نهار غدي من السباح بجيبه معي
~~الي عند حضرتك حتي تراه.
[4.57]
وخرج البادري واجا الي بيته واحكي الي معلمي بجميع الخطاب الذي صار بينهم
~~ولما كان الغد رحنا مع البادري الي سرايت ذلك السنجق ودخلونا الي مكان هو
~~ما بين الحرم وسرايت الحكم فاستقمنا فيه وبعده خرج السنجق من صراية حرمه
~~فنهضنا علي الاقدام وقبلنا اياديه. حيند جلس وامرنا بالجلوس حداه وامر
~~الخادم فجابوا لنا ضطلي وقهوه وبعده بديوا في المسامره والبادري يترجملهم
~~واستمروا حكم ساعتين من النهار. اخيرا اخذنا اذن بالمسير فعند ذلك قال
~~السنجق للبادري بانه يكلف الي معلمي بانه كل يوم صبحي يجي يشرب قهوه عنده
~~من غير تلكيف فقله سمعا وطاعه.
[4.58]
وكان السبب هو ان السنجق كان اهل معرفه في علم الفلك والهندزه فلما كان
~~يسال معلمي عن هل قضايا كان يجيبه باجوبه قانعه مسدده فلاجل هل سبب انبسط
~~منه وصار معلمي والفقير نروح كل يوم من باكر الي عنده ونشرب قهوه ويجلس
~~السنجق ومعلمي يتصامروا والفقير اترجم بينهم الي ان يحكم وقت خروجه الي دار
~~الحكم نسير من عنده وندور في المدينه من غير خوف وفزع ونفتش علي فلوس قديمه
~~فراينا منهم شي كثير واشترينا اصنام بعضهم من فضه وبعضهم من نحاس وبعض كتب
~~مكتوبين علي رق بالعبراني وبعضهم بالسرنكالي من ايام بني اسرايل.
[4.59]
فيوم من بعض الايام ونحن مارين فراينا رجل مبسط في جانب الطريق وحاطط في
~~البسطه شقف حدايد وبصامير وخرز ملون وبعض حجار خواتم منهم عقيق ومنهم قزاز
~~مسبوغ وما يشبه ذلك من القراقيع فشخص معلمي في تلك البسط وامرني بلسانه اني
~~اشتري من ذلك الرجل البسطه باجمعها فاستخفيت في عقله في بالي وقلتله ما
~~حاجتك في هل قراقيع بتخلي الناس يتضحكوا علينا فعاد علي الكلام باني
~~اشتريها ومضي فلما رايته انحصر مني ومضي فالتزمت اني اشتريها ففصلتها مع
~~ذلك الرجل بثلاثين فضه وفتحت منديلي واخدتها وتبعت معلمي الي بيت البادري.
[4.60]
فسالني هل اشتريت البسطه قلتله نعم فقلي بكام اشتريتها قلتله بثلاثين
~~مصريه فاتضحك وقلي اشتريتها غالي واخد المنديل من يدي ودخل الي مكانه وبعد
~~هنيهه اعطاني المنديل وما فيه وقلي خد كبه برا فاعتجبت من هذا الفعل لكن هو
~~عرف ما في تلك البسطه وهو كان موجود فيها فرخ معدن خامي بيساوي برهة من
~~المال لاني فيما بعد اتطلعت علي ذلك الحجر الكريم لانه كتبه في يوميته في
~~يوم تاريخه وذاكر اسم ذلك الحجر باسم مالوف من الجواهر الكريمه القليل
~~وجودها وهذا الرجل كان له معرفه بالجواهر وهي خاميه وربما اشترا حجاره
~~كريمه غير معروفه من الغير وانا ما لي علم فيهم ولا انطعلت عليهم في
~~سياحتنا هذه.
[4.61]
والاغرب كان يعرف خواص الحجاره لان مره كنت احكيت له من والدتي بان فيها
~~دا قديم مند عشرين سنه وهو بخار سوداوي فاشترا من سوق السياغه حجر بمصريتين
~~كمثل حجر العقيق وهو متقوب واعطاني اياه وقلي حتي اضمه في خيط واعلقه في
~~رقبتها وانه يصل الي صدرها فلما رجعت الي حلب وعلقت ذلك الحجر في رقبت
~~والدتي ففي الحال طابت من ذلك الدا القديم بعدما كانت ما تقدر تنام ولا
~~تلقش ولا تاكل مثل عادتها فلما وضعت هل حجر علي صدرها رجعت كما كانت وهي
~~طيبه بعدما اصرفنا عليها للحكما والوصفات شي كثير وما استفاده بشي الا من
~~هل حجر الذي اشتراها بمصريتين.
[4.62]
ونرجع ما كنا في صدده فاستقمنا كل يوم نروح عند ذلك السنجق حتي يتصامروا
~~مع بعضهم فيوم من الايام قلي السنجق قول للمعلم بانه الليله يجي يتعشا عندي
~~فلما قلت للمذكور ما قاله حضرة السنجق دقر وما راد يرد جواب فقله السنجق ما
~~لك يا معلم اما تريد تاكل من اكلنا. حيند قلي معلمي قول لحضرة السنجق هذا
~~شرف لي لكن نحن ما منقدر ناكل من غير شرب فلما ترجمت للسنجق هل كلام من عدم
~~المواخده فقلي ما شي باس يا معلم قله مطلوبه موجود عندي وكان السنجق بيشرب.
[4.63]
حيند اتضحكوا اثنينهم واتفقوا بانهم يتعشوا جمله وبعده دخل السنجق الي
~~دار الحكم ونحن سرنا الي محلنا الي ان صار وقت العصر ارسل السنجق اثنين من
~~تباعه الي عندنا وكلفوا معلمي بانه يروح الي عند السنجق فسرنا معهم الي ان
~~دخلنا سراية المذكور وجلسنا في ذلك المكان الذي هو ما بين الحرم ودار الحكم
~~فاستقمنا هناك الي ان دخل السنجق فنهضنا علي الاقدام احتراما له. حيند اذن
~~لنا في الدخول معه الي سرايت الحرم فدخلنا الي مكان.
[4.64]
وهو الديوان خانه مفروشه بفرش مكلف ومقابيلها بستان جميع اشجاره ترنج
~~وليمون وكباد وغير اشجار فواكه علي ما تمد عينك والنضر شي بيشرح الخاطر.
~~حيند امرنا بالجلوس فلما جلسنا خرج من داخل الحرم ولد محسن جميل وفي يده
~~فنجان قهوه فاعطاه للسنجق وبعده اعطي الي معلمي ايضا فنجان وللفقير فنجان
~~قهوه. اخيرا جاب لنا غلايين تتن بالعود القاقون. حيند استقاموا يتصامروا
~~كالمعتاد حكم ساعه وبعده امر السنجق لذلك الغلام المذكور بانه يهيي المايده
~~فبعدما فرش الغلام المايده اتي بصينيه فضه ملتوخه بذهب ودورا البشكير حولها
~~ووضع ارغفت الزاد وبعده جاب لنا من الخمر الجيد وكاسه من ذهب وبدا ينقل
~~صحون الاكل من الحرم ويضعهم بجانب ذلك المكان وكان عدد صحون الاكل عشرين من
~~غير المحلي.
[4.65]
اخيرا صار يقدم لنا صحن بعد صحن من المواكيل الطيبه اللديده. حيند السنجق
~~سمي باسم لله ومد يده واكل من ذلك الصحن لقمتين ومد يده معلمي ايضا والفقير
~~اكلنا كل واحد لقمتين فشال الغلام ذلك الصحن وجاب غير واستمروا هكذا ياكلوا
~~لقمتين من الصحن ويرفعه الغلام ويجيب غيره فاتفق بان جاب صحن دجاج وخرج منه
~~رايحه بتشق القلب شي مفتخر يسما في لسان الترك قظان كبابي فلما معلمي اكل
~~منه استطيبه فراد الغلام يرفعه ويجيب غيره علي حسب عوايدهم فمسك معلمي
~~الصحن وصار يدم هل طريقه في لسانه لان هذا خلاف عوايد الفرنج فمن هذا
~~المدهر غلب علي الضحك وما عدت اقدر اتكلم لما كان السنجق يسالني ما لك يا معلم.
[4.66]
حيند بست ديل السنجق وقلتله يا سيدي لا يحصل منك مواخد من قلة الادب حتي
~~اخبر جنابك بان قسم هل فرنج عوايدهم بانهم يضعوا جميع الاكل في المايده وكل
~~منهم بياكل من صحن الذي بيعجبه وهذا الرجل عجبه صحن الدجاج الموضوع الان في
~~المايده ولاجل هل سبب مسكه ومنع الغلام عن اخده.
[4.67]
فتحك السنجق وامر الغلام بان لا يعود يرفع صحون من المايده الي ما تكمل
~~باقيت الصحون واستقاموا ياكلوا ويشربوا من ذلك الخمر الجيد الي ان كملت
~~باقيت الصحون واكلوا المحلي والفواكي التي ما لها مثيل في كل اراضي مصر.
~~اخيرا شربوا القهوه ونزلوا الي ذلك البستان المذكور وهناك صار لنا انشراح
~~عظيم علي تلك المروج والميات الجاريه في تلك السواقي والغدران فاستقمنا الي
~~ان امسا المسا وان الوقت.
[4.68]
اخيرا خرجنا من ذلك البستان الي المكان الذي كنا فيه. حيند امر السنجق
~~اثنين من خدامه بان يصلوا معنا الي بيت البادري. وقتيد معلمي استكتر بخير
~~السنجق وشكر فضله وبعده مضينا الي محلنا صحبة تينيك الاتنين.
[4.69]
واستقمنا كل يوم نمضي الي عند السنجق حتي انعرفنا من الجميع بان السنجق
~~له نضر علينا وما عاد علينا باس من اهل تلك البلد فاتفق يوم بان واحد قبطي
~~احكا لنا بان قريب من مدينة الفيوم سفر ساعه موجود عامود اسود غليظ عالي
~~ومصور عليه تصاوير وما احد قدر يعرف ايش هو هل عامود الموجود في هل اراضي
~~الرمل الذي ما بينوجد فيها حصوه فضلا عن حجر فلما سمع معلمي من ذلك الرجل
~~خبر ذلك العامود وهذا كان غاية اربه ففي الحال باشر في المسير اليه ومن غير
~~انه يشاور البادري امرني بان استكري حمار حتي نركب ونروح ننضر هل عامود وما
~~افتكر في الخطر الموجود في تلك الاماكن بل كان مامن بانه مقبول عند السنجق
~~وما احد بيقدر يتقحمه.
[4.70]
فبعدما اخدنا معنا زخيرتنا اعني اكلنا وشربنا وما نحتاج اليه ركبنا وسرنا
~~مع ذلك الحمار الي ان وصلنا الي عند ذلك العامود المذكور فنزلنا هناك
~~فراينا عامود شامخ عالي وغليظ كمثل العامود الذي رايناه في مدينة
~~الاسكندريه بل اغلظ واعلي ومنقوش عليه ايضا مثل طيور ودبابات اعني غزلان
~~ونموره وكلاب وسباع وما يشبه بذلك من الوحوش وهذا كله الغاظ وتحت معاني علي
~~ما احكي لي معلمي لان موجود عندهم كتب تواريخ بتنبي عن هل الغاظ.
[4.71]
اخيرا بعدما استرحنا هنينه وفترنا اخد في ذلك الوقت ينسخ هل منقوش علي
~~العامود فما درينا والا صار حولنا بمقدار مايتين رجل من اهل تلك الاراضي
~~حفاه مكشوفين الروس بشعين المنضر وصاروا يحدقوا فينا ويقولوا لبعضهم بعض
~~بان كان في هل مكان عامودين علي زمان اجدادنا وكانوا يحكوا لابهاتنا بان
~~اجا الي هذا المكان واحد رومي ودمدم علي العامود الواحد فطيره واخد الدهب
~~الذي تحته وغاب وهذا قبل ما يغيب وياخد الدهب دعونا نقتله وناخد الدهب
~~الموجود تحت العامود وغيرهم بيقولوا دعونا ناخد الدهب منه اولا واخيرا
~~نقتله وصاروا يجوا واحد بعد واحد ويفتحوا افراجهم ويقولوا الي معلمي اعطينا
~~من هل دهب الذي هو تحت العامود والا منقتلك.
[4.72]
ومعلمي ما كان يفهم قولهم. حيند تقدمت وقلته بالذي احكوه وانا مرتجف
~~وغايب عن صوابي من الرعب الذي شملني من اوليك الارديا بل الوحوش العتاه
~~فلما سمع معلمي مني هل كلام ايقن بالموت وصار يقلي كيف نعمل ومنين المهرب
~~وكيف بيصير فينا فقلتله دعني القش معهم وصرت اقلهم اصبروا حتي يطيلع الذهب
~~ويعطي الي كلكم وانا خدولي حصه معكم لكن دعوه يخرج الدهب اولا ونآخده منه
~~الذي منريده وفي هل كلام طمنتهم وهمت فورتهم.
[4.73]
وفي ذلك الوقت وفي تلك الضيقه اتانا الله بالفرج وتبين من كبد البر غبار
~~عظيم وانكشف من خيال راكب جواد وقاصدنا فلما تفرسوا تلك الاوادم في ذلك
~~الخيال هربوا جميعهم كما يهرب النحل من الدخان وما عدت ترا منهم احد وبعد
~~هنيهه وصل ذلك الخيال الي عندنا فلما رانا نزل عن جواده وسلم علي معلمي
~~بمعرفته فيه في سراية السنجق وصار يسالنا ما لكم باهتين مرعوبين. هل احد
~~شوش عليكم. حيند احكينا له بالذي جرا علينا من تلك الاوادم الوحشيه وكيف
~~انهم تهدونا بالقتل ولو ما الله سبحانه ارسلك الينا لكانوا فتكوا فينا لا محاله.
[4.74]
حيند طمن خاطرنا واحكالنا سبب مجيه الي عندنا بانه كان في ضيعت الذي هو
~~حاكمها وكان جالس في مكان عالي وذلك المكان بيشرف علي العامود فقال رايت
~~حول العامود جمع غفير فتعجبت ورت اعرف ما هو هذا الجمع فركبت جوادي واتيت
~~الي هاهنا فرايتكم والان كونوا بامان ولا بقيتوا تخافوا من احد.
[4.75]
حيند راق خاطرنا وهدي ارتياعنا ورعبنا واستقام معلمي ينسخ تلك المنقوشات
~~التي علي ذلك العامود واستقام ذلك الجنذي عندنا الي ما خلص معلمي نسخه.
~~اخيرا ركبنا والجندي معنا الي ان وصلنا الي قرب تلك الضيعه فكلفنا الجندي
~~باننا نروح معه الي ضيعته فسرنا معه الي ان وصلنا الي تلك الضيعه ودخلنا
~~الي منزول الجندي فاسعدنا الي ذلك المكان العالي المذكور وهو مفروش وله
~~شبابيك بتشرف علي ذلك البر من اربع اقطاره. اخيرا امر خادمه بانه بهيي لنا
~~غدا وهو بيض مقلي وجبن ونحن ايضا اخرجنا من الذي معنا من الزواد ومشروب من
~~الخمر وبعدما تغدينا وشربنا القهوه فردنا نمضي فمنعنا الجندي وقال لنا
~~استقيموا هنا الي حين ما يبرد الوقت وانا بروح معكم بوصلكم.
[4.76]
فاستقمنا الي ان فات العصر ساعه. اخيرا ركبنا وركب ذلك الجندي معنا
~~ووصلنا الي بيت البادري ومضي في حال سبيله ونحن شكرنا الله تعالى الذي
~~نجانا من اوليك الارديا العتاه وفي ذلك الوقت تغيرة نية معلمي في انه يروح
~~الي ارادي السعيد الذي قد كان حرسوه بانه لا يروح الي تلك النواحي الخطره
~~كما ذكرنا في سابق الخطاب عنها.
[4.77]
اخيرا استقمنا عند البادري من غير اننا نطرف برات المدينه ولا قدم واحد
~~انما ندور ونتنزه داخلها وهل مدينه كانها روضه من الرياض من كثرة بساتينها
~~وامواها الكثيره وفواكيها اللديده وشراحية نسيمها لكن اوادمها كانهم وحوش
~~كما ذكرنا والقمل يسري فيها مثل الدود لاني كنت اراه يسري علي الحيطان من
~~كثرته شي ما رايته قط في غير بلاد كانه خلقه مثل النمل وفي بيت البادري شي
~~بيفوق الوصف لاني كنت اغير قميصي في النهار ثلاث اربع مرات في مبتدا دخولنا
~~الي بيت الباذري وما اخلص منه فقوي انحصرت واتضجرت منه.
[4.78]
فيوم قلت الي معلمي يا يسدي دعنا نسافر من هل بلاد لان القمل قد اكلني
~~.واضعفني حيند قلي هل قد نضرت علي فرد قمله فقلتله هذا هو العجب كيف ان
~~القمل ما بيمسوك وانا قد اكلوني واهروا جسمي فقلي الان بخلصك منهم وفي
~~الحال فتح سندوقه وصر داخل كتانه شي ما بعرفه وربطها بخيط وثم قلي علق هذه
~~في رقبتك ودخلها داخل قميصك علي اللحم فما بتعود تنضر ولا قمله ففعلت كما
~~امرني وما عدت شفت علي قمل طول مده سفري معه.
[4.79]
وهل بادري الذي كنا قاطنين عنده كان بالظاهر يحكم الاجساد وفي الباطن
~~يحكم الارواح لان كان يقصدوه كثير من رجال ونساء واولاد منهم قبط ومنهم
~~فلاحين وكان يعلمهم طريقة الايمان وكان يحكم مرضاهم بحكمه غريبه وهو ان كان
~~واضع في كانون نار وداخل مكاوي من حديد زغار وكان يكوي تلك المرضي ناس منهم
~~في جباههم وناس في رقابهم وناس في صدورهم ومنهم في فخاضهم وما يشبه ذلك
~~فيوم من الايام قلتله يا ابانا اما يوجعك قلبك علي هذه الاوادم الذي
~~بتعدبهم في هل مكاوي النار الغير مطاق المه فاجابني بان يا ولدي هل اوادم
~~الذي تراهم طبعهم طبع وحوش الادوية الاعتياديه ما بتاثر في اجسادهم ولا
~~بتنفعهم فالتزمت باني اعالجهم مثل هذا العلاج الذي بيعالجوا فيه الحيوانات
~~وهذا الذي رايناه في مدينة الفيوم وكتبنا القليل من الكثير خوفا من كثرة
~~الكلام وليلا يضجر القاري.
[4.80]
وبعده همينا في الرجوع الي مدينة مصر حيث كنا فبعدما ودعنا السنجق
~~والباذري نزلنا في المعاش وسافرنا الي ان وصلنا الي جسر يوسف وانتقلنا من
~~ذلك المعاش الي غيره الذي هو في بحر النيل قاطع الجسر وسافرنا في بحر النيل
~~وكان سفرنا اهون من السابق لان سيرنا مع سبلة الماء وفي اقل ما يكون وصلنا
~~الي مصر القديمه ثم حملنا حوايجنا علي الحمير ودخلنا الي مدينة مصر الي
~~حارة الموسكي ومنها الي بيت القنصر حيث كنا نازلين وبعدما استقمنا في مصر
~~ايضا برهة ايام ثم سافرنا مع المعاش الي مينة رشيد ومن رشيد رجعنا ايضا الي
~~مدينة الاسكندريه ونزلنا في بيت القنصر حيث كنا نازلين سابقا فاستقمنا في
~~اسكندريه برهة ايام حين ما تهيا مركب مسافر الي مدينة طرابلس الغرب.
[4.81]
وكان هذا المركب فرنساوي فاستكراه رجل جندي من جنود مدينة المذكورة
~~واوسقه من بن وقماش مصري وغير بضايع التي بتسلك في تلك البلاد حتي انتلا
~~العنبر من الرزق الموسوق فيه ثم ختمه ووضع علي بابه شمع مقير حتي لا يدخله
~~ماء والمركب بيسما في لسان الفرنجي بينكه اعني شيطيه زغيره بفرد عنبر واكري
~~من باطنه ذلك الجندي الي ناس راجعين من الحج وقاصدين طرابلس الغرب المذكوره
~~ومن جملتهم حرمتين مغربيات مع رجالهم وكنا بالكميه مقدار اربعين نفر ما عدا
~~البحريه.
[4.82]
فراد الخواجه اعني معلمي انه يسافر مع تلك الشيطيه فمنعه القنصر
~~والبازركان بقولهم له بان هل شطيه زغيره والركيبه كثيرين والمكان ديق
~~والركيبه كلهم برابره ورفقتهم قوي صعبه لرجل متلك فاجابهم معلمي قايلا بان
~~هل ايام ايام كون والقرصان كثيرين في البحر واذا سافرت مع هل شيطيه صحبتة
~~هل مسلمين ما علينا فزع من قرصان الانكليز وتانيا هل شيطيه بتمشي قريب من
~~البر ما احد يراها من القرصان. حيند قالوا له افعل كما تشا.
5 الفصل الخامس في سفرنا الي بلاد المغاربه في سنة 1708
[5.1]
فنزلنا في تلك الشيطيه قاصدين مدينة طرابلس الغرب وكان ذلك في شهر شباط
~~فسرنا في البحر لكن بغاية الضيقه صحبة تلك الاوادم البرابره الي ان وصلنا
~~الي مكان يسما كوفره دسيدره اعني البحر داخل في البر حكم مايتين ميل وعرضه
~~مايتين ميل ايضا وهذا يسما ديل في لسان الترك ولاجل ان الشايقه ما بيمكنها
~~تفارق البر دخلت في هذا الديل.
[5.2]
وتاني ليله من دخولنا كان مضي من الليل ساعتين حين ناموا البحريه نصفهم
~~ونصف الاخر متيقزين للنظاره حسب عوايدهم وفي ذلك الوقت كنت انا الفقير
~~ويازجي القبطان نتمشا في صحن المركب فما راينا والا شي بيخرج من البحر مثل
~~الطيور فسقط منهم في المركب كام واحد فاسرعنا انا واليازجي والبحريه فمسكنا
~~منهم كام واحد فرايناهم سمك باجنحه مثل الطيور فتعجبنا من هذه الخلقه
~~الغريبه وعلي حس عياطنا فاق الريس والقبطان وكل من كان في المركب فلما
~~الريس الذي هو مدبر الشيطيه وكان رجل اختيار وقديم في كار النوتيه فلما نضر
~~الي هذا السمك ففي الحال امر البحريه بانهم يلفوا قلع الكبير ويبقوا نصف
~~قلع الزغير الذي يسما الترنكيت ويشدوا الحبال المعلقه فيهم القلاع وما يشبه
~~ذلك من ترتيب المراكب في البحر.
[5.3]
فلما رايت هذا المنضر وما في شي بيوجب هل حرس لان الوقت كان صاحي والبحر
~~هادي والهوي معنا طيب فتعجبت وسالت ذلك اليازجي عن السبب الذي لاجله لفوا
~~القلوع وشدوا الحبال ومكنوا رباط المراسي وربطوا برباط متين القايق الذي هو
~~داخل الشيطيه مع ان النو طيب والبحر هادي فاجابني ذلك اليازجي بان هل رجل
~~الريس هو قديم هجره في كار النوتيه وبيعرف نوايب البحر فبيقول بان هل سمك
~~بيدل علي فرتونه عظيمه لان من عظم هيجان البحر وكثرة ارتفاع الامواج الي
~~العلو فبطير هل سمك من عزم اختباط الامواج وبيهيج وهذا هو السبب فلما سمعت
~~منه هل كلام استخفيت في عقل الريس وما اخدت في كلامه وانتكيت ورقدت في
~~القايق المذكور وهذا كان مكان منامتي الي حين نصف الليل وفي ذلك الوقت
~~انتبهت فرايت البحر هايج والامواج تراكمت علي بعضها البعض وبعض موجات تكسر
~~داخل الشيطيه حتي تعلي المياه داخل صحن الشيطيه حكم نصف دراع وما عادت
~~المزاييب تلحق باخراج الماء وصاروا البحريه يكبوا بالمجاريف الي حين ما
~~اصبح الصباح وكلما له الشي يزيد عن ما كان وكنت تراء الامواج يعلوا الجبال
~~الشامخه وترفع الشيطيه الي علوها. اخيرا اتهبط الي قاع البحر وكل واحد منا
~~متقربط وهو في مكانه في الحبال او في الصواري او في حبال المراسي خوفا ليلا
~~عزم الرياح والامواج تلقيه في البحر وزاد علينا البلا بكثرة الامطار
~~والرعود والصواحق والغيوم المتكاتفه.
[5.4]
فاستمرينا في ذلك الحال والنكال يومين وليلتين ونحن مشرفين علي العطب
~~والغرق من غير اكل ولا شرب ولا منام انما نتضرع الي الله تعالي بانه ينجينا
~~من الغرق والهلاك وثالث يوم راينا انحدر عامود غليظ من الغيوم الي البحر
~~وفي نزوله انشق البحر وصار وسطه تغره عظيمه وهذا هو السحاب الذي بيشرب من
~~ماء الانهر الجاريه في قاع البحر كما ذكرنا سابقا عنه وما كنت اصدق حتي
~~نضرته بعيني.
[5.5]
فلما نضره الريس والقبطان فارتاعوا وخافوا خوفا عظيما لمعرفتهم اذا سقط
~~المركب في هل تغره بيغرق لا محاله لان في ارتفاع السحاب الي الجو بيطبق
~~البحر كما كان والمركب الذي بيكون داخله بيغظ في قاع البحر وما بيبقا له
~~رجا في الخروج الا بالغرق. حيند امر القبطان الي اليازجي بانه يقول طلبة
~~العذري وطلبت جميع القديسين وايسوا من النجاه ولما كانوا البحريه يقولوا هل
~~طلبات فاتكد عند اوليك المغاربه القاطنين في الشيطيه بان غرقهم قرب لما
~~راوا البحريه والجميع بيصلوا فصاروا يتباكو بضجيج عظم ويتودعوا من بعضهم
~~البعض وكل منهم يقول لرفيقه ويامنه بانه اذا خلص يسلم علي اولاده واعياله
~~واهاليه.
[5.6]
وانا الفقير كنت ارا الموت اعيانا وغبت عن رشدي لاني رايت البحريه كل
~~منهم مسكله برمير ومنهم مسك لوح دف وما يشبه ذلك مستحضرين للغرق وفي ذلك
~~الوقت وانا متقربط في القايق الذي كنت جالس فيه سمعت صوت طفل زغير بيبعق
~~فاندهلت من ذلك وايقنت بان ذلك الطفل خرج من البحر او سقط من الغيوم وبعده
~~غبت عن صوابي كاني في سبات ثقيل وما فقت من ذلك السبات الي ان طن في داني
~~صوت الموجو اعني الولد الذي هو خادم البحريه بيقول وبيشير بانه راء البر.
~~وقتيد فقت ووعيت علي حالي وايضا فاقوا جميع المغاربه الركاب وصار عندنا فرح
~~عظيم من هل خبر وكان صدور هل خبر المفرح بان القبطان لما راء السحاب وتلك
~~التغره وايس من النجاه امر الماسك دفت المركب بان يدير الدفه ويقصد البر
~~وقال في باله دع الشيطيه تنشب في البر ولا فغرق داخل البحر.
[5.7]
وكان ذلك الهام من الله حتي نخلص من الغريق الذي كنا حاصلين فيه فلما
~~الشيطيه توجهة علي البر صار القبطان يرسل ذلك الغلام الي قمة الصاري ويشرف
~~علي البر فلما قربت الشيطيه الي ساحل البر بكام ميل وكان وقت غروب الشمس
~~والبحر هدي عن ما كان فراء الغلام البر ونزل في الحال يبشر القبطان
~~والركيبه وفي هل بشاره رجعت ارواحنا الينا وصار عندنا فرح عظيم وشكرنا الله
~~تعالى علي ما احسن الينا فما استقمنا نصف ساعه حتي راينا البر عيانا وبعد
~~هنيهه رموا المراسي في البحر وهدي المركب فينا. حيند نهضوا الركيبه من
~~مكانهم بل الموتي من قبورهم وكنت تراهم كانهم خارجين من سراب او من بلوعه
~~كل ثيابهم ملطخه بالنجس والصيان لان في تلك الثلاثة ايام كانوا يقضوا حاجة
~~الطبيعه في سراويلهم وقمصانهم وصارت حالتهم زوعه مكروهة. اخيرا اغتسلوا
~~وغيروا ثيابهم ولبسوا ثيابهم النضاف.
[5.8]
وفي ذلك الوقت كان مضنا الجوع والعطش بهذا المقدار حتي ما عدنا نقدر
~~نتكلم مع بعضنا لان زلاعيمنا يبسة. اخيرا فصار كل واحد منا يفتش علي زواته
~~فلما استفقدوا زوادهم فراوا البقصمات الذي كان معهم تشتش من ما البحر مع
~~الرز والسمن وكل شي للاكل دخله ما البحر وما عاد يتتاكل من مرارة ماء البحر
~~فاستقمنا الي الصباح بغير اكل ولا شرب.
[5.9]
فلما اصبح الصبح فراينا كل شي الذي كان في صحن المركب رموه البحريه في
~~البحر حتي براميل الماء ووجاق المطبخ والحطب وكل زخيره المركب الموجوده في
~~الشيطيه لاجل معيشة البحريه والقبطان ونحنا ايضا الذي كان معنا من الزواد.
~~حيند التجوا الركيبه الي القبطان بان يعطيهم من زواده انكان بقي عنده شي
~~للاكل فحن القبطان عليهم وطيلع من مكان منامته كيس بقصمات داخله مقدار اربع
~~او خمس ارطال من البقصمات لاجل فطوره ونصف برميل ماء صافي لاجل مشروبه.
[5.10]
فلما شاهد ذلك الجندي الذي كان اوسق الشيطيه كيس البقصمات ونصف برميل
~~الماء ظبتهم قوة والاقتدار وامر واحد من خدامه بان يستل سيفه ويقف حدا
~~برميل الماء حدرا ليلا يشربوه بدفعه واحده. اخيرا اعطي لكل واحد منا فقص
~~بقصمات قوة لا يموت وكاس زغير من الماء حتي يبل حلقه فلما راوا هل مصيبه
~~الركاب ايسوا من الحياه بقولهم الله خلصنا من الغريق والان منموت بالجوع
~~والعطش فحاروا في امرهم كيف يعملوا لان ذلك البر الذي كشفنا عليه هو جول ما
~~موجود فيه لا انسان ولا وحش حتي ولا طير من قلة وجود الماء والماكل انما
~~كله رمل مثل البحر.
[5.11]
اخيرا واحد اختيار من الركيبه قال لنا بان هل بر بينوجد فيه ناس لاجل قش
~~الطمر اعني القصب بيسطحوه وبياخدوه وبيبيعوه في اراضي السودان. حيند
~~تشاورنا بان تروح منا ناس تكشف لعل نرا احد ونشتري منهم زاد حتي نقتات
~~فاتفقنا علي هذا الراي مع القبطان والركيبه. حيند نزلوا القايق للبحر ونزل
~~يازجي المركب والفقير وكام زلمه من اوليك الركاب فطلعنا الي البر وبدينا في
~~المسير الي ان راينا اشجار النخل فاستبشرنا بان موجود اوادم في ذلك الجول
~~فلما وصلنا عند تلك الاشجار فراينا من بعد بيوت شعر مثل بيوت العرب ففرحنا
~~وجدينا في المسير من فرحنا واستقمنا نمشي حكم نصف ساعه في ذلك الرمل حتي
~~انقطعت انفاسنا وعيينا من التعب لان ارجلنا كانت تغوص في الرمل للخلخال.
[5.12]
اخيرا بعد تعب وعنا شديد وصلنا الي تلك البيوت وكل منا دخل الي بيت
~~والفقير والياسجي ومعنا رجل مغربي دخلنا الي بيت من تلك البيوت فراينا جالس
~~داخله رجل كانه شيطان وعيونه كانها عيون السعدان ملفح بحرام اسود وهو اسود
~~ورويته بتفزع فسالناه انكان عنده زاد يبيعناه فاجابنا بنزه قايلا يا مسكين
~~ايش هو الخبز فقلنا له ايش بتاكلوا انتم فقال لنا نحن مناكل البسيسه والثمر
~~فسالنا ذلك المغربي الذي هو معنا ما هي البسيسه فاجابنا بان البسيسه هي
~~طحين ضره فلما بيجوا الي هذه الاراضي حتي يسطحوا الثمر كل واحد منهم بيجيب
~~معه جراب دقيق وحق سمن فبيضع في كفه قليل من الدقيق ومن السمن بيبسهم في
~~كفه وبياكله وهذا هو قوتهم مع اكلهم الثمر.
[5.13]
حيند تشاورنا مع بعضنا البعض واتفقنا باننا نشتري منهم من ذلك الطمر
~~المسطوح حتي نقتات به. اخيرا فصلنا معهم زنبيلين من ذلك الطمر بغرش واحد
~~فحملناهم علي جمل وارسلناهم الي المركب صحبة واحد من رفقانا وقلنا له يحمل
~~الجمل برميلين حتي نعبيهم من الماء الموجود عندهم فلما جابوا البرميلين
~~قلنا لتلك العربان بانهم يعبوا لنا البرميلين من الماء الموجود عندهم فابوا
~~عن ذلك وقالوا لنا ما عندنا ماء يكفي لنا ولكم وارونا مكان حافرينه داخل
~~الرمل وفيه قليل من الماء فلما شربنا منه رايناه ماء مالح بيفرق قليل عن
~~ماء البحر ولكن الجتنا الضروره بان ناخد معنا هذا الماء المالح. اخيرا
~~بالجهد الجهيد حتي سمحوا لنا بان نعبي برميل الواحد بغرش فبعدما عبوه
~~فوضعوا في البرميل الثاني شويه من الرمل حتي يوازن مع برميل الماء ثم
~~حملوهم علي ذلك الجمل وسرنا الي المركب.
[5.14]
فلما وصلنا ونزلنا البرميلين في القايق ونزلنا نحن ايضا وصعدنا الي
~~المركب فصرنا ناكل من ذلك الطمر ونشرب من ذلك الماء المالح وما نروي
~~فاستقمنا ثلاثة ايام ونحن مرسيين في ذلك المكان الي ان راق البحر وهديت تلك
~~الامواج. اخيرا سحبوا المراسي وفتحوا القلوع وسافرنا اول يوم وثاني يوم وقت
~~الظهر فطلع علينا ريح عاصف ايضا. حيند القبطان امر بان يقصدوا البر ايضا
~~ليلا يصيبنا ما صابنا في الاول فلما قربنا الي البر وكان ذلك المكان
~~والساحل ما فيه غمق فالتزموا يرموا المراسي بعيد عن البر بثلاثة اميال
~~فارموا المراسي واستقمنا تلك الليله في ذلك المكان الي الصباح فلما اصبحنا
~~راينا الشايقه مرسيه وغاطسه في الرمل فبهتنا جميعنا من هذا المنضر وهذه
~~المصيبه فسالنا الريس ما هو السبب حتي رست الشايقه علي الرمل وانسحبت مياة
~~البحر الي الورا بعد ميل وازود فاجابنا بان في هل مكان بيصير في البحر مد
~~وزجر وهذا شي مفهوم عند البحريه شي طبيعي ما منه باس. المراد استقمنا ذلك
~~اليوم مركبنا مرسي علي الرمل وتلك الليله الي ان اصبح الصباح فراينا رجع
~~ماء البحر كما كان واستقامة الشيطيه مرسيه فاعتجب الريس والقبطان من ذلك
~~وفي الحين امروا البحريه بانهم ينزلوا الي البحر ويغوصوا تحت الشيطيه ليروا
~~ما هو السبب.
[5.15]
فراوا الشيطيه غارزه في شعب من شعوب البحر فصاروا يدفعوها للغمق بكل
~~قوتهم ودربتهم فما امكنهم ان يقدروا يزيحوها من مكانها ولا شبر ولما كنا في
~~تلك الديقه والعتب اتانا الله بالفرج وهو ان جاز من امامنا شيطيه فصرنا
~~ندعيها بانها تقرب الي عندنا فلما قربت الينا فصار القبطان والركيبه
~~يتوسلوا الي قبطان تلك الشيطيه بان يامر بحريته بانهم ينزلوا الي البحر
~~ويساعدوا بحريتنا حتي يدفعوا شيطيتنا الي الغمق. حيند نزلوا تلك البحريه
~~واجتهدوا مع بحريتنا حتي يدفعوا الشيطيه الي الغمق فما امكنهم ان يزعزعوها
~~واستقاموا ذلك اليوم في هل معركه فما نالوا مرامهم.
[5.16]
وقالوا بالتخمين بان انكسرت الشيطيه فزاد حيند حزننا ورعبنا واياسنا من
~~الحيوة ولكن بتدبير الله تعالي وحسن توفيقه تشاوروا الريسين بان ينقلونا
~~جميعنا الي تلك الشيطيه حتي يخف المركب وينهض من ذلك المكان فامرونا
~~بالنزول ناس بعد ناس في القارب ونصعد الي تلك السفينه فبعدما نزلنا جميعنا
~~فاتبقوا تلك النسا الذين كانوا معنا وهن في كامرة القبطان فلما راونا نزلنا
~~جميعنا فخافوا وصاروا يبكوا ويتوسلوا باننا ناخدهم معنا.
[5.17]
وفي ذلك الوقت سمعت بكاء طفل فاتدكرت لما كنا مضنوكين في تلك الفرتونه
~~وهياجان البحر بكا طفل وكنت متعجب من ذلك غاية العجب وما كنت علمت بان حرمة
~~الواحده وضعة في ذلك الوقت والله تعالى خلصها وعاش ذلك الطفل ورايته في
~~طرابلس الغرب في احد الحارات محمول من ابيه وكناه بالغريق.
[5.18]
فنرجع الي ما كنا في صدده فبعدما انتها نزولنا وركوبنا في تلك الشيطيه
~~نزلوا جميع بحريت سفينتنا وبحريت تلك السفينه حتي يدفعوا سفينتنا الي الغمق
~~ونحن صرنا نساعدهم بالدعا والطلبات حكم ساعه من الزمان الي ان خرجت سفينتنا
~~من ذلك الشعب وشافت علي الماء من غير عطب ولا ضرر البته. حيند شكرنا الله
~~تعالي علي احسانه الينا وبعده فتحوا قلوع الشيطيه وسافرنا.
[5.19]
وبعد يومين من مسيرنا وجد الريس اسكله الا انها قديمه فحيد ورسي في تلك
~~الاسكله بضنه بربما نجد ناس في تلك الاسكله ونجد عندهم شي للاكل والشرب
~~فلما دخلنا فما راينا احد انما هي اسكله قديمه خربانه مهجوره مند سنين
~~عديده فاستقمنا ذلك اليوم ايضا ناكل الثمر ونشرب ذلك الماء المالح حتي يبست
~~زلاعيمنا وانحلت قوانا واتصلوا البحريه حتي انهم اكلوا قطات الذين كانوا في
~~الشيطيه ولو ما ينوجد عندنا من ذلك الثمر لالتزمنا ناكل بعضنا البعض ولا
~~تسال عن الحكاك الذي صرنا من اكل ذلك الثمر ونحن صابرين علي احكام الله
~~تعالي الي ان ياتينا بالفرج.
[5.20]
اخيرا بتنا في تلك الاسكله ونمنا جميعنا حتي حصت البحربه الذي عليهم ضور
~~النظاره فلما حان وقت نصف الليل فانتبهنا علي حس ضوضه عظيمه وهي قبطان
~~الشيطيه انتبه من رقاده فراء الشيطيه وصلت الي قرب البر واشرفت علي التلف
~~والانكسار اربا اربا فلما راء القبطان هل حاله وجميع البحريه نايمين غاب عن
~~رشده وصوابه فاخد بيده عصاه وصار يضرب البحريه بغير رحمه بقوله لهم الحقوا
~~عاجلا والا انكسرت الشيطيه.
[5.21]
فنهضوا جميع البحريه كانهم مجانين وصاروا يسحبوا حبل مرسيت البرانيه حتي
~~يرجعوا الشيطيه الي الغمق فراوا الحبل فالت من المرسايه البرانيه وما عاد
~~يمكن بان يرجعواها الي الغمق والمرسيت المذكوره هي ان جميع المراكب والسفن
~~قبل دخولهم الي اسكلت ما بنصف ميل بيرمواها في البحر وبيستقيم المركب ماشي
~~وحبلها بينكر الي ما يدخل الي الاسكله. وقتيد بيربطوا الحبل حتي لا يعود
~~ينكر فبستقيم المركب في ذلك المكان لان مرسيت البرانيه بتمسكه وما بيعود
~~يتقدم الي قدام ابدا بل بيقف في ذلك المكان ولما بيريدوا يسافروا بيسحبوا
~~حبل مرسيت البرانيه الي ما يصل المركب فوق منها لان لها شوافه وهي برميل
~~فاضي مربوط بحبل بيشوف فوق منها حتي يستدلوا البحريه علي مكان الساقطه فيه
~~وبيسحبوها من ذلك الحبل حتي تصل الي جانب المركب اليمين وبيربطوها رباط
~~متين ولما بيصلوا الي اسكله بيرخوها قبل دخولهم للاسكله بنصف ميل كما ذكرنا
~~وهذا كان سبب قرب شايقتنا الي البر لان حبل مرسيت البرانيه انقطع وانفرد من
~~تلك الصخور الدين في قاع ذلك المكان.
[5.22]
ونرجع في ما كنا. حيند امر الريس للبحريه بانهم ينزلوا للقارب ويربطوا
~~حبل من الشيطيه الي القارب ويقدفوا بالمقاديف حتي يسحبوها للغمق فعملوا كما
~~امرهم الريس وبمعونة الله تعالي انسحبت معهم الي العمق. حيند فتحوا القلاع
~~وطلبوا دهر البحر حتي انهم بعدوا عن الاسكله مقدار عشرين ميل وامنوا علي
~~حالهم من ذلك العطب.
[5.23]
فلما كان الصباح رجع مركبنا الي ذلك المكان حيث كان البرميل شايف علي وجه
~~الماء كما ذكرنا فسحبوا المرسييه من قاع البحر وربطوها في جانب المركب ثم
~~سافرنا وكان الهوا والبحر معنا طيب بهذا المقدار حتي قطعنا مسافة سفر
~~ثمانيت ايام بيوم واحد علي ما تاكد لنا من قول الريس بان في تلك الليله
~~منصل الي اسكلت طرابلس الغرب المذكوره. حيند صار عندنا فرح عظيم وهنينا
~~بعضنا البعض بالسلامه ونسينا كل شي الذي جرا لنا من المخاطر والجوع وما
~~يشبه ذلك وكان مركبنا كانه طير طاير علي وجه الماء فاستقمنا مسافرين ذلك
~~النهار وتلك الليله الي ان مضي من الليل نصفه وكانت ليله مضيه لان القمر
~~كان بدر فسالنا الريس هل قربنا الي الاسكله كما قال لنا وكان الريس في ذلك
~~الوقت مدهول كيف انه خرم حسابه في الوصول الي الاسكله فصار يقيس عمق ذلك
~~المكان فلما قاسه فراء ما هو بحر طرابلس كما انه مفهوم عنده ففي الحال امر
~~البحريه بانهم يلفوا قلع الكبير يبقوا من قلع الترنكيت نصفه الي ان يصبح
~~الصبح ويرا هل انه تايه ام لا فصار مركبنا يمشي قليلا كمشوة طفل زغير الي
~~ان اصبح الصباح فراينا البر من بعد وجبل عالي.
[5.24]
حيند قالوا المغاربه الذين معنا للريس بان هل بر هو بر طرابلس القديمه
~~وهي بعيده عن طرابلس الحديثه بستين ميل. وقتيد تحقق عند الريس باننا فتنا
~~اسكلت طرابلس وسببه كان من زيادة الريح الذي كان معنا وكان مخمن بان المركب
~~بياخد ثمانيت ساعات بساعه فاخد اكثر من ذلك اعني سفر عشر ساعات بساعه.
~~اخيرا دار المركب الي الرجوع حين كان الهوا معنا صار ضدنا حتي كان المركب
~~يمشي سفر ساعه بعشر ساعات واستقمنا علي هذا المنوال ثلاثة ايام بلياليها
~~راجعين حتي وصلنا الي اسكلت طرابلس.
[5.25]
وفي حال دخولنا خرج ريح عاصف من البر منعنا عن الدخول الا بالجهد الجهيد
~~حتي خرج من الاسكله قايقين وسحبوا الشيطيه الي داخل الاسكله فرموا المراسي
~~ولفوا القلوع مثل عوايدهم وكل منا هم في الطلوع الي البر.
[5.26]
وفي ذلك الوقت جانا قايق وفيه من العيش اعني فواكي وفرش ارغفة خبز كماج
~~فاشتري القبطان ذلك الفرش حميعه واعطاه للبحريه حتي ياكلوا ومن الجمله
~~الفقير اخدت رغيف من ذلك الخبز الكماج واكلت منه لقمه فما قدرت ابلعها
~~ورايت طعم ذلك الخبز كانه طعم رماد فطرحت الرغيف من يدي ولعنت تلك البلاد
~~التي خبزها ما بيتاكل فلما راني معلمي ممرر قال لي ما بالك قلتله بعد كل هل
~~عنا والتعب حتي وصلنا الي هاهنا بالسلامه وبرا خبز هل بلد ما بيتاكل طعمه
~~كطعم التراب فلما سمع مني هل كلام اتضحك علي وقلي الخبز قوي طيب لكن طعم
~~فمك تغير لان لك زمان ما اكلت الخبز.
[5.27]
اخيرا نزلنا حوايحنا في القارب وطلعنا الي البر وقصدنا نروح الي بيت
~~القنصر الفرنساويه القاطن في تلك المدينه وهو يسما لميروا وله بيت مكلف
~~فلما دخلنا الي عنده فرايناه علي المايده بيتغدا فلما راء الي معلمي نهض له
~~علي الاقدام واسترحب فيه واكرمه غاية الاكرام وكلفه حتي يتغدا معه فامتنع
~~عن ذلك واحكاله بالذي جرا علينا من خروجنا من اسكندريه الي حين ما وصلنا
~~الي طرابلس وكيف لنا خمسة عشر يوم ما دقنا الزاد ومنها عشرة ايام كان اكلنا
~~الطمر ونشرب ماء المالح فلما سمع القنصر من معلمي هل كلام ففي الحال امر
~~الطباخ بانه يسلق اربعة تجاج سمان ويخرج امراقهم وقال لمعلمي بانه يستقيم
~~ياكل من امراق الدجاج الي كام يوم حتي تلين حلوقنا وتتفتح امعانا فاستقمنا
~~ثمانية ايام ناكل من تلك الامراق ونشرب نبيد قبرصي عتيق سبعة سنين حتي رجعة
~~قوانا الينا ولانت حلوقنا كما كانت سابقا.
[5.28]
وصرنا ندور في مدينة طرابلس بغير فسع من احد لان القنصر كان قوي مقبول
~~عند البيك الذي هو متملك علي تلك الاراضي والبلاد وكان القنصر عنده بمقام
~~اخيه والسبب لذلك هو ان البيك كان اتاخد يسير في مالطه في ايام صبوته
~~فاشتراه كوالير فرنساوي واخده معه الي مرسيليا فاستقام عنده مدة ايام يخدمه
~~فصادفه في تلك الايام مرض شديد فارسله اسداده الي المارستان فاتفق يوم من
~~الايام دخل خواجه ليميروا القنصر المذكور الي المارستان حتي يزور المرضي
~~كعوايدهم الحميده فمر علي ذلك اليسير وهو ملقي علي الفراش فجلس عند فراشه
~~وصار يعزيه ويسليه ويحثه علي الصبر علي تلك الشده وان عقباها فرج وعافيه من
~~هل كلام وما منه.
[5.29]
اخيرا ساله عن بلاده وعن ملته فاجابه بانه مغربي وبلدته طرابلس الغرب
~~وانه ابن قوم واهله اكابر في تلك البلاد. حيند خواجه ليميروا المذكور رق
~~قلبه عليه وامر ريس المارستان بان يحمله في كرسي واخده الي منزله وامر
~~خدامه بان يهيوا له فرشه ويغيروا ثيابه ويخدموه نظير خدمتهم له وفي الحال
~~ارسل احضر طبيب واوصاه فيه بان يعالجه كما يجب ولا يخلي ناقصه شي من
~~الادويه والمستقطرات المكلفه.
[5.30]
فاستقام هل رجل وهو مخدوم من الخدام والحكيم الي حين ما رجعت عافيته اليه
~~وزال عنه ذلك المرض الشديد الذي كان معتريه. اخيرا نهض من الفراش وهو معافا
~~كمثل ما كان. حيند شكر فضله واستازن منه حتي يروح عند اسداده. اخيرا فراد
~~خواجه ليميروا بان يكمل معه الجميل فاشتراه من اسداده ونزله في مركب كان
~~مسافر الي طرابلس الغرب واعطا للقبطان كروته وحق اكله واوصاه فيه قوي
~~كثير.اخيرا ودعه وانصرف عنه والمركب سافر ووصل بالسلامه الي تلك المدينه.
[5.31]
واستقام مدة سنين في خدامة البيك الذي كان موجود في تلك الايام وكان ذلك
~~البيك قربه اليه لاجل حسن خدمته له واقامه في وظيفة عاليه وهي يكون مدبر
~~لتلك البلاد التي هي تحت حكمه فاستقام يدبرها باستقامه وحسن سياسه وكانت كل
~~البلاد راضيه منه ويحبوه زود المحبة فاتفق بان البيك مرض مرض شديد وبعد كام
~~يوم مات. حيند اهل الدوله والبلاد انتخبوه باكا عليهم واعطوه الطاعه
~~كالمالوف عوايدهم القديمه.
[5.32]
وفي ذلك الزمان فاتفق بان خواجه ليمروا المذكور انتخبوه قنصر علي طرابلس
~~الغرب من غير انه يعرف بان ذاك اليسير الذي اشتراه من اسداده وارسله الي
~~بلاده صار بيك وتولي الحكم فلما وصل المذكور ليمروا الي مدينة طربلس وبعد
~~كام يوم راح حتي يقابل البيك كمعداد القناصر فلما دخل الي عنده وراءه البيك
~~وعرفه نهض من مكانه وعانقه وقبله واسترحب فيه واكرمه غاية الاكرام بقوله
~~للحاضرين ارباب دولته بان هل رجل خلصني من اليسر ومن الموت ايضا والذي
~~بيكرمه بيكون اكرمني ولما خرج من صرايته ارسل معه جميع الذين واقفين في
~~بابه وخدمته وهذا زود اكرام له عن غير قناصر الذين مروا قبله وكان دايما
~~يسميه اخي لشده محبته فيه.
[5.33]
وهذا الذي سمعنا من ناس صادقين عن خبر هل بيك وهل قنصر والذي رايته
~~الفقير من هل قنصر المبارك شي عجيب من حسن اخلاقه وتواضعه ومحبته للفقرا
~~واليسره الموجودين في تلك المدينه وكان جنب باب بيته اوضه مخصصها لتوزيع
~~الصدقه للفقرا والمساكين وكان مامر واحد من خدامه يكون دايما واقف لتوزيع
~~الخبز والبقصمات الذي لم يدعه ينقص ابدا.
[5.34]
وكان ذو عباده عظيمه وكان كل ليله قبل المنام يجمع اولاده الثلاثه صبيين
~~وبنت وجميع خدامه الي كنيسته ويدير وجهه اليهم الي حين ما يكملوا وما يبقا
~~احد. حيند يبدوا الصلوه وطلبة العذري وبعد انتها الصلوه كل منهم يمضي الي
~~منامته وبعد الجميع يدخل هو ايضا الي منامته وكذلك باكر يحضروا جميعهم
~~القداس معه وكان يبدل جهده في مشترات اليسرا ويرسلهم الي بلادهم لان كان
~~يجيله صدقات من بلاد المسيحيه لاجل مشترا اليسرا. المراد كل حياته يصرفها
~~بالفضيله.
[5.35]
فاتفق يوم من الايام ونحن في طرابلس اجا خبر للبيك مع عربان تلك الاراضي
~~بان مركب بندقي كبير نشب في ساحل بعيد عن طرابلس ثلاثة ايام في البر وبما
~~ان البنادقه دايما هن حرب مع المغاربه فارسل البيك خمسماية جندي وامرهم
~~يمضوا يضبطوا المركب وما فيه من المال ويسوقوا كل الاوادم الموجوده فيه الي
~~طرابلس لكي يكونوا يساره فلما ارسلهم وبعده دعي اخوه القنصر ليمروا الي
~~عنده واستمنه بانه يرسل مركب من المراكب الموجودين في الاسكله حتي يوسق
~~الرزق الموجود في المركب والطواب وباقيت الجباخانه الموجوده في ذلك المركب
~~فاجابه القنصر سمعا وطاعه.
[5.36]
وفي الحال مضي من عند البيك وارسل دعي الي عنده واحد من تلك القباطين
~~المرسيه مراكبهم في الاسكله وامره بانه يروح لذلك الساحل ويوسق جميع
~~الموجود فيه من مال وطواب واوادم ويجيبهم الي اسكلت طرابلس في الظاهر ولكن
~~في الباطن الله بيعلم كيف وجهه فسافر المركب وقصد تلك الاراضي وقبل وصوله
~~كان وصل عسكر البيك لكن كانو اهل المركب فرغوا جميع ما فيه ما عدا العنبر
~~لان العنبر كان ملان من القمح الذي كانوا وسقوه من الاضات فلما كمل وسقه
~~قصدوا بلاد البندقيه.
[5.37]
ولما كانوا مسافرين في البحر ندي المركب ودخل الماء فيه الي انه تقل
~~واشرف المركب علي الغرق. حيند القبطان قصد البر وكان المركب قريب الي بر
~~المغاربه وخوفا ليلا يغرق المركب ويغرقوا هن ايضا فترك المركب ينشب في
~~الرمل واخرجوا ما فيه للبر وتركوا المركب غرقان في البحر والقمح الذي فيه
~~ايضا وفي ذلك الوقت وصل عسكر البيك صحبة اغا من اغاوات البيك فرادوا
~~يظبطوهم ويمسكوهم مسك اليد فما سلموا عسكر المركب وفي الحال داروا عليهم
~~الطواب والتفنك فهزموهم وفروا هاربين من امام المدافع.
[5.38]
الي حين ما وصل المركب المرسل من قنصر طرابلس فلما رسي وخرج القبطان للبر
~~والتقي مع عسكر المركب المذكور وراء بانهم ما بيريدوا يسلموا انفسهم حيند
~~تشاور قبطان الفرنساوي مع قبطان مركب البندقي وقال لهم انا مرسل من قبل
~~قنصر الفرنساويه الذي هو وقتيد في مدينة طرابلس وامرني بان اوسق جميع ما في
~~مركبكم من مال واوادم وامضي فيهم الي طرابلس حسب امر البيك والقنصر . حيند
~~قالوا له نحن ما منسلم انفسنا لليسر اخير لنا باننا نموت في هذا البر من ان
~~نسلم انفسنا.
[5.39]
فلما راء القبطان بان عسكر البيك ما له قدره عليهم ولا هو ايضا لان عسكر
~~المركب مايتين جندي ما عدا البحريه والركيبه حيند قلهم طاعوني وانا بنجيكم
~~من هولاي القوم وبسافر فيكم الي البندقيه بشرط ان تعطوني خطوط اياديكم بان
~~اذا وصلنا للبندقيه بالسلامه تحموني من الفرنساويه ليلا يرسلوا ياخدوني
~~وينتقموا مني وتانيا تقيموا في معيشتي الي الممات فاجابوه علي الفور علي
~~كلامه وكتبوا له وسيقه بالذي طلبه منهم وكان موجود في ذلك المركب الذي هو
~~مركب البكليك ناس اماثل ومنهم كواليريه اعني صباهيه وقباطين عسكر وما يشبه
~~ذلك من المتقدمين للدوله.
[5.40]
فلما تم الامر بينهم وفي ذلك الوقت ذهب القبطان المرسل المذكور الي عند
~~قايد ذلك العسكر المرسول من عند البيك وطيب خاطرهم قايلا لهم بان اهل
~~المركب والعسكر جميعهم صاروا طايعين لان ما لهم مهرب من اياديكم. حيند رجع
~~ذلك الاغا وجميع الجنود الذين اتوا معه ولما وصلوا فامر ذلك الاغا بان
~~يوسقوا جميع الذي كان موجود في المركب البندقي فلما كملوا الوسق امر
~~للقبطان بانه ينزل في مركبه جميع الاوادم الذين كانوا دخل ذلك المركب ما
~~عدا المايتين جندي الذين كانوا في المركب ففعل القبطان كما امره ذلك الاغا.
[5.41]
اخيرا امر الي الخمسماية جندي الذين كانوا معه بانهم يوتقوا تلك المايتين
~~جندي الذين كانوا في المركب ويسوقوهم امامهم الي مدينة طرابلس ويعرضوهم علي
~~حضرة البيك وبعدما اطلقهم فراد انه ينزل في المركب الفرنساوي المذكور فمنعه
~~القبطان بقوله له ادعني اولا اروح الي المركب وانزل الماخودين معنا للعنبر
~~لاني بخاف ليلا يتمردوا علينا في الدرب. اخيرا برسل القايق ياخدك مع جملة
~~خدامك لاني بريد اهيي لك مكان لايق بشانك فرضي ذلك الاغا وانطلق القبطان
~~الي مركبه وكان فعله هذا بحكمه ليلا يصير لوم من البيك علي القنصر باخد
~~الاغا وجماعته معه لليسر.
[5.42]
فلما وصل القبطان الي المركب ففي الحال امر البحريه بانهم يسحبوا المراسي
~~من البحر وبعده يسحبوا مرسيت البرانيه فلما وصل المركب الي فوق تلك المرسيه
~~سحبوها وفتحوا قلوعهم وسافروا فلما راء الاغا المذكور بان المركب سافر فاق
~~حيند علي الملعوب فالتزم ذلك الوقت بانه يلحق جماعته ويسافر معهم الي
~~طرابلس واما ذلك المركب الفرنساوي المذكور توجه الي البندقيه صحبة تلك
~~الجماعه المذكورين ونجاهم من اليسر.
[5.43]
وبعد كام يوم وصل الاغا الي طرابلس صحبة تلك العسكر والمايتين جندي
~~البنادقه الذي استيسرهم وصار ذلك النهار مفترج عظيم في دخولهم الي المدينه
~~وهن موتوقين بالحبال واعرضوهم علي حضرة البيك فلما حضروا امامه فامر في
~~حبسهم وارسل فدعي القنصر الي عنده واحكي له بما سمعه من ذلك الاغا المرسول
~~من قبله وكيف ان القبطان ابقاه في البر وسافر والي الان ما وصل الي عندنا
~~العله سافر فيهم الي بلادهم وخلصهم لكن يكون عندك محقق انكان الامر تم هكذا
~~لاقتل هل مايتين جندي علي اخرهم ولو ما المحبة التي بيننا لكنت ضبطت
~~المراكب الفرنساويه الذين في الاسكله الي حين ما يرتد لي ذلك المركب.
[5.44]
فلما سمع القنصر من البيك ذلك الكلام فاروي علي حاله بانه قوي اغتاض من
~~هذا الفعل انكان هو صحيح وصار ياخد خاطر البيك ويهدي غضبه واوعده في رجوع
~~المركب اليه وانه بيكتب الي سلطان فرنسا بانه يرسل من قبله ايلجي فيلزمهم
~~في رجوع المركب انكان هل امر صحيح. اخيرا توسل اليه بالمحبة التي بينهم
~~بانه يطلق المسجونين ولا ياسي عليهم لان ما لهم دنب الدنب لاوليك الذين
~~اغتصبوا القبطان في الهرب وهذا كان قلة افراز من ذلك الاغا الذي سمح بان
~~يدخل جميع تلك الاوادم للمركب حتي قويوا علي القبطان وجماعته واستملكوا
~~المركب.
[5.45]
فلما سمع البيك هل كلام من القنصر قله صدقت يا اخي كل الدنب للاغا وانا
~~سوف بنتقم منه وفي الحال امر بان يطلقوا تلك المايتين جندي المسجونين
~~اكراما لخاطر اخي اعني القنصر ويحضروهم امامي فلما احضروهم قلهم انا عفيت
~~عنكم لاجل خاطر اخي القنصر قبلوا اياديه وامضوا بسلام وبعد ما انتهي الامر
~~نهض القنصر وشكر فضل البيك ومضي الي بيته والفقير كنت حاضر هل دعوه من اولها.
[5.46]
واحكوا لنا ايضا خبر عن محبة هل بيك للقنصر المذكور هو انه اتفق لما
~~كانوا مراكب بكليك طرابلس الغرب دايرين في البحر بيقرسنوا كعوايدهم فصدفوا
~~في مسيرهم مركب بكليك جنوازي فتبعوه ودايقوه. اخيرا قدروا عليه واسروه
~~وجاوا به الي طرابلس الغرب وبعدما رسوا المراكب في المينا حيند اخبروا
~~البيك في اخيدة المركب المذكور.
[5.47]
فامر البيك بان يحضروا تلك الرجال الموجودين في المركب امامه فلما اتوا
~~بهم اعني بالقبطان والجنود والبحريه وباقيت الركيبه وكانوا ينوف عن مايتين
~~فاتفرس البيك فيهم فراء بينهم غلام حديث السن حسن الصوره بهي المنضر لايح
~~عليه امارات النعمه والاحتشام بثياب فاخره وكان هل غلام ابن امير من امرات
~~روميه ارسله والده حتي يزور عمته في بلاد مسينا ويتنزه في مسيره الي عندها
~~فمال قلب البيك اليه ووقعت محبته في احشاه بهذا المقدار الي ان قربه اليه
~~وانسه وامر الترجمان بان يسكن خوفه ورعبه بقوله له لا تخف لان حضرة البيك
~~حبك وبيريد يجعلك ابنه وحبيب قلبه.
[5.48]
ولكن الغلام ما كان يتسلا بل يبكي فلما راء البيك بان الغلام ما بيتسلا
~~ويزيد البكاء فما قدر يراه بتلك الحالة المحزنه فارسله الي عند حرمه حتي
~~يانسوه ويسلوه وبعده انتخب اتنين من تلك اليسره حديثي السن وامرهم في خدمة
~~ذلك الغلام حتي يتونس معهم واصرف باقي الرجال الي مكان اليسرا واما الغلام
~~يوما بعد يوم كان ايستانس وصار يخرج من الحرم ويتمثل امام البيك بكل احتشام
~~وادب وكانت تزيد محبة الغلام في قلب البيك وكثير اوقات يضمه الي صدره
~~ويقبله وجميع اهل بلاطه كانوا يكرموا هل غلام لاجل خاطر البيك.
[5.49]
فمضي عليه مده من الزمان وهو مكرم من الجميع الي ان وصل مركب فرنساوي الي
~~الاسكله وفي حال وصوله خرج القبطان من المركب واتي الي عند القنصر واعطاه
~~مكتوب مرسل من دوك من دوكاوات فرنسا وداكر له فيه بان الغلام الذي وقع في
~~اليسر عندكم في مدينة طرابلس الذي يسما فلان ارسل والده الينا رساله وداكر
~~لنا بان نرسل نحثك بان تبدل جهدك وتستفك ابنه من اليسر باي ثمن كان وترسله
~~الي طرفنا وواصلك صحبة القبطان القادم اليكم سندوقين من التحف المتمنات
~~لعلهم ما بيطلقوه بالدراهم تكون تقدم هل تحف الي بيك المتسلطن في تلك
~~المدينه وانكان بيلزم تعطي فوق هل تحف دراهم فاعطي ولا تتوقف وانت مفوض
~~الامر في هل خدمه. المراد لا يكون جوابك لنا الا بارسال الغلام الي طرفنا
~~وباقي والسلام.
[5.50]
فلما قراء القنصر ذلك المكتوب وقع في حيره عظيمه بعلمه محبة البيك الي
~~ذلك الغلام وانه من الممتنع انه يطلقه. اخيرا مضي الي عند البيك كجاري
~~عادته بطلب وبغير طلب فلما امتثل امامه فكلفه للجلوس وبعده صار يتسامر معه
~~كمالوف عادتهم فاعرض القنصر علي البيك بان كان يعطيه قرار انه يقبل رجاه
~~والا ما بيترجاه فالبيك ما ضن بان القنصر بده يترجا في الغلام فاجابه علي
~~الفور بقوله قول يا اخي حاشاي بان ارد رجاك ولو مهما طلبت فاتدقر القنصر عن
~~طلبه فعاد عليه البيك قول يا اخي مهما تريد اما تعلم بان رجاك عندي ما
~~بيرتد ولو كان علي ذاتي. حيند القنصر اعلم البيك بالمكتوب الذي وصله من ذلك الدوك.
[5.51]
وانه ترجاني حتي اترجاك وارسل هل غلام الي عند والده ووالدته وانهم
~~ارسلوا الي حضرتك هدايا بتليق بشانك وارسل في الحال واحضر الهدايا امامه
~~فما التفت البيك الي تلك الهدايا وتذاهر الغيض والاسف علي وجهه وما عاد كلم
~~القنصر ولا بكلمه واحده انما ترك القنصر وحده ودخل الي حرمه بحرده لان هل
~~امر صعب عليه من جهتين جهت الواحده انه اعطا قرار بانه لا يرد رجاه
~~والثانيه غتت عليه مفارقت ذلك الغلام فلما راء القنصر بان رجاه ما سلك
~~وامله خاب فمضي الي بيته وهو في غاية الانحصار والحزن واما البيك بقي باله
~~عند محبه القنصر ليلا يكون انحصر منه لانه ما قبل رجاه.
[5.52]
فتاني الايام ارسل فدعاه الي عنده لياخد بخاطره فلما اتي الرسول يدعي
~~القنصر الي عند البيك فافتكر بانه يخلص ذلك الغلام بحيله وهي ان كان للقنصر
~~ولد زغير يسما نكولا وكان البيك يحبه بمحبة والديه وكل مره الذي يمضي مع
~~ابيه الي عند البيك فكان البيك يضمه الي صدره ويقبله ويوهبه مهما طلب منه
~~ولا يرد طلبته وهذا الولد كان فحيح فايق لقيش في الغايه فعلمه والده القنصر
~~بان لما منريد نرجع من عند البيك فامسك انت الغلام المذكور واتقربط فيه ولا
~~ترخيه واذا رادوا ياخدوه من يدك فابكي واتوسل الي البيك بانه يبقيه معك
~~وتتنزهوا جمله ذلك اليوم الي المساء ثم جرسه وقله اياك ترخيه ولو انا امرتك
~~برخيه لا ترخيه.
[5.53]
فبعد ما جرسه وعلمه كيف يعمل فمضوا الي عند البيك فلما امتثل القنصر امام
~~البيك فاسترحب فيه واخد بخاطره قايلا له بان بالي بقي عندك ليلا تكون
~~انحصرت مني لاني ما سلكت رجاك ولو اعرف بانك بتريد تترجاني الغلام لما
~~اعطيتك هذا القرار ولكن الشي صار لا يحصل منك مواخده وكان البيك انحل برمه
~~لما شاهد تلك الهدايا التي جابها له القنصر من طرف والد ذلك الغلام ووالدته
~~الحزينه. اخيرا استقام القنصر والبيك يتصامروا كعادتهم بعدما شربوا المشروب
~~والقهوه فمر عليهم ساعه من الزمان وابن القنصر المذكور كان يلعب مع ذلك
~~الغلام كعادة الاولاد. اخيرا نهض القنصر واستازن من البيك حتي يمضي الي بيته.
[5.54]
حيند نيكولا المذكور مسك يد ذلك الغلام وراد ياخده معه فمنعوه خدام البيك
~~بالملق بانه يرخي يد الغلام فما امكن انه يرخي يد ذلك الغلام بل صار يبكي
~~ويتوسل الي البيك بانهم يتركوه ياخد الغلام معه كما كان علمه ابوه اما
~~البيك ما اهتدي علي الحيله فصار يملق الولد نيكولا وارسل جاب له فرسه زغيره
~~حتي يركبها ويمضي مع والده فما كان يقبل الا بالغلام انه يروح معه. حيند
~~انتهره والده القنصر بانه يرخيه فزاد في البكاء والتوسل الي البيك فلما راء
~~البيك عزم الولد فما راد يغيظه لاجل خاطر والده ومحبته فيه فسمحله بانه
~~ياخده ويبقيه عنده الي وقت ما يريد. حيند فرح نيكولا وركد قبل يد البيك
~~والبيك ضمه الي صدره وقلبه واطلقه واذن للغلام بانه يروح معه كمن اوهبه هو
~~فمضوا الغلامين معا الي بيت القنصر فرحانين ومبتهجين.
[5.55]
واستقام ذلك الغلام في بيت القنصر كام يوم والبيك ما فتش عليه كانه سليه
~~فلما راء القنصر بان البيك ما عاد سال عنه فصار عنده معلوم بان البيك اوهبه
~~الي ابنه نيكولا ففي الحال ارسل احضر قبطان ذلك المركب الذي اتي بالهدايا
~~وامره بانه يكون علي هيبة السفر.
[5.56]
ولما كان نصف الليل ارسل الغلام الي المركب وفي حال وصوله سافر المركب
~~والغلام معه وبعد مده من الزمان وصل مكاتيب من الدوك ومن الامير ابو الغلام
~~وشاكرين فضله وفضل ابنه نيكولا الذي بسببه خلص ابنه من اليسر وارسل الامير
~~ابو الغلام دخل تلك المكاتب وسيقه مثل حجه وداكر في تلك الوثيقه باني اوهبت
~~الي نيكولا ابن قنصر ليميروا الفرنساوي من املاكي وقفا مابدا الذي مدخوله
~~في كل سنه الف غرش ولا احد يمانعه لا هو ولا لدريته مابدا وهذا خط يدي
~~بيشهد علي قولي والسلام وصار له وكيل في روميه يرسل له في كل سنه الف غرس
~~الي يومنا هذا.
[5.57]
وهذه حكاية محبة البيك لذلك القنصر المذكور والذي احكالي هل خبر هو كان
~~في ذلك الزمان ترجمان القنصر وكان واقف علي جليته وهو صادق في قوله لاني
~~سمعته من غيره كما هو مذكور.
[5.58]
واستقمنا في بيت القنصر في غاية البسط والانشراح الي يوم من الايام وكان
~~حاكم عيد عند اليسوعيه القاطنين في هذه المدينه فردت اروح احضر القداس
~~عندهم لاجل الغفران فلبست حوايجي المكلفه التي كنت ارسلت جبتهم من حلب.
~~حيند قلي عقلي البس الشاش والقاووق الذي هو زي بلادنا فلما راني القنصر بهل
~~ملبس انبسط مني كان عجبه ملبسي.
[5.59]
اخيرا مضية الي دير اليسوعيه وحضرت القدس وبعده خرجت من الدير وتوجهت الي
~~بيت القنصر ولما كنت في الطريق صادفوني اربعة انجكاريه فلما راوني وقفوا
~~يفرزونني وصاروا يهزوا روسهم ويشتموني بلغتهم ويهتمروا علي كانهم بيريدوا
~~قتلي فارتعبت منهم ليلا يفتكوا بي فما رايت الا انفرد واحد منهم وغار علي
~~كانه قاتلني وخطف الشاش من علي راسي ومضي مع رفقاه فبقيت انا في القرعه
~~مرعوب وفزعان ومضيع حواسي ورشدي فلما رايتهم بعدوا عني حيند وعيت علي حالي
~~وصرت امشي واطلع ورايي ليلا يرجعوا الي فوصلت الي بيت القنصر وانا في هل
~~حاله مكشوف الراس ومضيع الحواس.
[5.60]
فكان في ذلك الوقت واقف في الباب نيكولا ابن القنصر واخته مركاريتا فلما
~~راوني في هل حاله فاسرعوا واخبروا ابيهم القنصر فلما سمع القنصر ومعلمي هل
~~خبر عني فنزلوا الاثنين الي عندي فلما راوني في هل حاله بهت القنصر وصار
~~يسالني ماذا جري لي ومن هو الذي اخد شاشي فاحكيت الي حضرة القنصر بالذي صار
~~بالتمام فلما سمع القنصر مني هذا الكلام احتد بالغضب وامر في الحال بان
~~يحضروا الترجمان امامه فلما حضر الترجمان فامره القنصر بانه يفتش ويري من
~~هو الذي اخد هل شاش والقاووق من علي راس ضيفنا ويجيبهم في الحال منه ولا
~~يعمل اهمال فخرج الترجمان من امام القنصر وارسل واحد دعاني وسالني عن
~~المكان الذي شلحوني فيه فقلتله هو قريب الزقاق الذي بجانب دير اليسوعيه.
[5.61]
فتركني ومضي وبعد ساعه دعاني ايضا لعنده وقلي ليش لبست الشاش والقاووق
~~لان في هل بلاد ما بيقدر احد يلبس شاش وقاووق غير الباشه المرسل من اسطنبول
~~من قبل الملك بصفة الجي وما عداه ما احد بيقدر يلف شاش وقاووق والان الذين
~~اخدوا شاشك ما بيمكن انهم يردوه وبخاف ليلا يصدر من هل امر فتنه وبتكون انت
~~سببها. المراد ان سالك القنصر عن الشاش قله وصلني حتي نطفي هذا الشر لان
~~جنود هل بلاد صعبين لانهم ارطاوات بيحموا بعضهم البعض وما بيهابو البيك اذا
~~تصدروا للشر.
[5.62]
فلما سمعت هل كلام فاتوضيت بالحليب واوعدته باني بقول للقنصر بان وصلني
~~شاشي والقاووق وان امرني حتي البسهم باستعفي منه بقولي له بان في هل بلاد
~~محرج علي لبس الشاش والقاووق ولاجل هل امر بطلب من فضلك بان تعفيني من
~~لبسهم ليلا يصدر لي ضرر فاتفقت مع الترجمان في هل كلام واستقمت لابس قلبقي
~~الي حين ما نزل القنصر للغدا فلما راني سالني انكان جابوا لي الشاش فاجبته
~~نعم وصلني فقلي لماذا ما لبسته فاجبته كما صار الكلام مع الترجمان فقال لي
~~روح البسه ولا تخف ما احد بيقدر ياسيك وانت في محلي فقلي هل كلام ودخل
~~يتغدا صحبة معلمي فلما استعوقني فارسل احد الخدام ودعاني امامه وهو علي
~~المايده فقلي ما بالك ما لبست الشاش فاجبته بلبسه نهار غد فقلي بريد انك
~~تلبسه في هذا الوقت فقلي ايضا معلمي امتثل لقول القنصر باني اروح البسه.
[5.63]
فحرت في امري كيف اعمل ان قلتله ما وصلني وخفت ليلا يصدر فتنه بسببي وان
~~قلت وصلني بيقلي لماذا ما بتلبسه فالتزمت اقول الي معلمي سرا بانه ما وصلني
~~والقنصر بينتضر مني الجواب فلما راء معلمي بان القنصر بيريد يعرف انكان
~~وصلني ام لا فالتزم يحكي له صورة الواقعه فلما سمع القنصر بان الترجمان ما
~~جاب الشاش فارسل احضر الترجمان وهذا الترجمان كان اصله يسير واسلم فجابه
~~القنصر الي عنده لاجل ان يرده الي الايمان فلما حضر الترجمان امامه انتهره
~~وشتمه. اخيرا امره بان يروح الي عند البيك ويقله من طرفي بان يجيب هل جندي
~~ويضربه مايتين كرباج وياخد منه الشاش ويرسلي اياه في الحال.
[5.64]
فخرج الترجمان من امامه وهو حيران كيف يعمل ان راح الي عند البيك
~~وبمعرفته في البيك ما بيرد كلام اخوه القنصر بيحرض الجندي وبيضربه واذا
~~ضربه بتقوم الارط وبيصير شي لا خبر فيه فما عمل بكلام القنصر بل انما راح
~~الي عند اختياريت الوجاق واحكي لهم بالمجراويه فلما سمعوا ذلك فامروا الي
~~اوضاباشي تلك الارطي بانه يرسل الشاش والقاووق في الحال فطاع امرهم وارسله
~~الي عندهم فسلموه للترجمان.
[5.65]
وقالوا له بانه يسلم علي حضرة القنصر من طرفهم ويقله بان اختياريت الوجاق
~~منعوني بان اشتكي الي حضرة البيك علي شي ما بيحرس بيكون خاطره طيب نحن
~~منطلع من حقه فرجع الترجمان الي عند القنصر وجاب معه الشاش والقاووق واحكي
~~له بالذي جري وان اوضاباشيت الوجاق منعوه بانه يروح يشتكي لحضره البيك علي
~~شي ما بيحرس الشكاوه واهداه السلام من عندهم واخد بخاطره كما اوصوه بانهم
~~بيادبوا ذلك الجندي مثل ما بتريد والسلام. حيند امرني القنصر بان الف الشاش
~~والبسه قدامه ففعلت كما امرني ولبست الشاش لكن قلبي مرعوب من تلك الجنود
~~ليلا يصدفوني لابس الشاش بيروحوني بلاش ولما كنت اريد اخرج برات بيت القنصر
~~كنت اشلح الشاش والبس القلبق.
[5.66]
وقنصر ليميروا المذكور لما رجعت من دورتي رايته في حلب قنصر واولاده معه
~~فرحت سلمت عليه وعلي ابنه نيكولا المذكور فاسترحب في وعملي اكرام وخبر
~~الخواجكيه في لما كنت نازل عنده في طرابلس الغرب وعلي الامور التي جرت لما
~~كنت مجاوره صحبة خواجه بول لوكا معلمي.
[5.67]
ونرجع في الكلام علي ما كنا في صدده فاستقمنا في مدينة طرابلس الغرب في
~~بيت قنصر ليميروا المذكور مقدار ثلاثين يوم علي اكل وشرب وانشراح طول تلك
~~المده واتفرجنا علي اشيا كثيره لكن عدلنا عن ايضاحها لاجل كثرة الكلام.
[5.68]
وبعده راد معلمي يسافر الي مدينة تونس الغرب من البر حتي يتفرج علي تلك
~~الاماكن والاراضي فلما اخبر القنصر بذلك فراح الي عند البيك واخد من يده
~~فرمان او بيردي توصاي في معلمي لجميع الحكام الموجودين في طريقنا داخل ارضه وحكمه.
[5.69]
اخيرا هيا لنا زواده وافره واحضر لعنده رجل قاطرجي رجل ناس ملاح وامين
~~واوصاه فينا بانه يمشينا علي كيفنا وانه لا يطلع لنا عن خلاف بمهما اردنا
~~وتلك البلاد هي امان احمل الذهب وسافر من غير خوف. اخيرا ودعنا القنصر
~~وسافرنا من طرابلس قاصدين بلاد تونس فمشينا في تلك الطرق والفيافي مدة خمسة
~~ايام ولكن كان سفرنا علي كيفنا وكلما نمر علي ضيعه ندخل ونتفرج علي
~~فلاحينها وعلي نظامها واراضيها وما يشبه ذلك.
[5.70]
اخيرا وصلنا الي مدينة جربه فلما دخلنا المدينه صاروا اهل المدينه
~~يتفرسوا فينا لانهم راونا غريبين الزي ويسالوا عنا لذلك القاطرجي الذي كان
~~معنا فاجابهم القطارجي بان هل رجل حكيم وكان عند بيك طرابلس والان رايح الي
~~مدينه تونس يحكم هناك. اخيرا استدلينا علي صراية حاكم البلد فدلوا فلما
~~وصلنا الي تلك الصرايا طلبنا اذن حتي ندخل نواجه حضرة الحاكم فبعدما
~~استازنوا لنا دخلنا امام المذكور فاعطاه معلمي ذلك البيردي الذي اعطانا هو البيك.
[5.71]
فلما قراه وفهم معناه فبش وجهه فينا واسترحب في معلمي وكنت انا الفقير
~~اترجم بينهم. حيند سالني البيك عن معلمي ما هو ومن اي مله فاجبته بانه حكيم
~~وهو فرنجي فرنساوي الاصل فسالني ايضا ما هي حاجته ومجييه الي هذه البلاد
~~فقلتله يا سيدي هذا رجل سايح ويتطلب بعض حشايش الموجوده في هل الاراضي لاجل
~~الحكمه.
[5.72]
حيند اذن لنا في الجلوس فبعدما جلسنا امر الخدام بان يسقونا المشروب
~~وبعده الضطلي والقهوه كعادة بلادهم. اخيرا طلب من معلمي بانه صاير له وجع
~~معده شديد ومن جراه ما بيقدر ياكل وان اكل شي في الحال بيتقاياه فلما احكيت
~~الي معلمي في هل الذي قاله لي الحاكم فقله معلمي قر عينا انا بركب لك معجون
~~واذا استعملته علي ثلاثة ايام بتقوي معدتك وبتعود تاكل خمس مرات في النهار
~~وما بتشبع فلما سمع الحاكم فرح واستبشر في الشفا وفي الحال امر بان يعطونا
~~منزل مفروش وتعيين ماكل ومشرب واطلقنا فدخلنا الي ذلك المنزول وفي الحال
~~طبخ معلمي ذلك المعجون وهو مركب من ماء البقدونس وعقده بالسكر وضافه باربع
~~متاقيل لولو مسحون وبعض اجزاوات ووضعه في فنجان صيني وارسله هو.
[5.73]
فصار يستعمل منه اول يوم وثاني يوم فاستراحت معدته وصار ياكل طيب كعادته
~~واحسن فلما راء بانه طاب فارسل دعانا الي عنده واستكتر بخير معلمي قوي كثير
~~واعمل له زايد اكرام لاجل انه طاب من وجع معدته وصار ياكل بقابليه مثل ما
~~كان ياكل سابقا وطلب منه بان يطبخله ايضا من هل معجون مرتبان حتي يبقيه
~~عنده الي وقت الحاجه فاجابه معلمي بقوله له تكرم علي الراس والعين انما
~~بينقصني مقدار خمسين درهم لولو ولو كان مكسر او رفيع فارسل في الحال واحضر
~~له مقدار من اللولو والدراهم فابي معلمي بانه ياخد دراهم انما اخدنا اللولو
~~ومضينا الي محلنا وطبخنا له ذلك المعجون.
[5.74]
اخيرا طلعنا ندور ونتفرج علي تلك المدينه فيوما ونحن دايرين مرينا علي
~~ساحه فوجدنا مبني في تلك الساحه ثلاثة تلل عاليات وبناهم شكل قالب السكر من
~~جماجم موتي فتعجبنا من هذا المنظر المريع فمر علينا رجل اختيار فسالناه ما
~~هذه التلف وهذه الجماجم المبنيين في هذه الصوامع فاجابنا لما كانت هل بلد
~~في يد النصاره الصبنيوليين وحاربوهم المغاربه السماعيليين واخدوا منهم جميع
~~هل بلاد طوعا وقصرا فلما وصلوا الي هذه المدينه عصيت عليهم واستقامة في
~~الحصار ثلاثة اشهر فما قدروا يملكوها الا بواسطة الجوع وكان حلف ذلك الامير
~~الذي اجا لمحاربتها بانه اذا املكها يقتل جميع اهلها رجال مع نسا والاولاد
~~علي اخرهم ولما اخد البلد امر العسكر بانهم يفتكوا بهم ولا يعفوا عن احد
~~وبنوا من روس القتلا هل تلل تذكره من جيل الي جيل وداخلهم جتت المقتولين
~~ودايرهم جماجم القتلا كانها سلب مبنيين بجبصين حتي بناهم لا ينفك ابدا
~~ويستقيم سنين واعوام فلما سمعنا منه هل خبر المحزن فاسفنا علي اهل تلك
~~البلاد التي بتسما افريقيه وكانت مشتمله علي ثمانية عشر اسقفيه وخبرها
~~مشهور في التواريخ.
[5.75]
اخيرا بعدما تفرجنا علي تلك المدينه فزحنا عند الحاكم واخدنا منه اذن حتي
~~نسافر وودعناه فاعطانا مكتوب الي حاكم مدينة اسفقس توصاي فينا فاخدنا
~~المكتوب منه وسافرنا في تلك الاراضي وفي طريقنا مرينا ايضا علي قري وضيع
~~ومنها اماكن كثيره خراب وما زلنا سايرين حتي وصلنا الي تلك المدينة
~~المذكوره وهي مدينه عامره مشيدة الاصوار ذات بساتين وانهر ورياض.
[5.76]
اخيرا استدلينا علي صراية الحاكم وبعد الاذن دخلنا الي عنده واعطيناه
~~مكتوب البيك ومكتوب حاكم جربه فلما قراهم فاسترحب فينا واذن لنا بالجلوس
~~وبعده جابوا لنا المشروب والقهوه كالعاده وصار يسال معلمي عن ذلك المعجون
~~الذي اعطيناه الي حاكم جربه هل معه باقي منه شي وكان معلمي ابقي منه جزء في
~~حق فقله نعم عندي موجود واوعده بانه يرسل له منه مرطبان زغير وعند ذلك امر
~~بان يعطونا منزول فنزلنا في ذلك المنزول واسترحنا ذلك اليوم.
[5.77]
وتاني يوم خرجنا من المنزول ورحنا الي عند الحاكم واعطيناه ذلك المعجون
~~فانبسط وامر الخدام بانهم يضيفونا ويقفوا في واجبنا فاستكترنا بخيره ومضينا
~~ندور في المدينه ونتفرج علي تلك الاماكن القديمه وهي من عمارات المسيحيه
~~الذين كانوا قاطنيين في تلك البلاد من كنايس وديوره ومدارس لكن جميعها خراب
~~وكان معلمي ينسخ من تلك الحجاره بعض كتابات تواريخ التي بتنبي عن تلك
~~الاماكن واشترينا كثير من المداليات القديمه التي كانت معاملة تلك البلاد
~~فضه ونحاس وغير اشيا قدم ايضا من كتب اخبار وتواريخ الجراكسه منها عربي
~~ومنها لاتيني وما يشبه ذلك وكل هذا كان بواسطة الحكمه لان معلمي كان يحكم
~~ويطلب من تلك الاوادم الذي يحكمهم هذه الاشيا حتي يفتشوله عليها ويشتريها
~~منهم بسخاء.
[5.78]
فاستقمنا في تلك المدينه سبعة ايام وبعده رحنا الي عند الحاكم حتي نودعه
~~ونطلب منه مكتوب توصاي فينا للحكام الذي هن في طريقنا فاجابنا الحاكم بان
~~من بعد خروجكم من هل بلد بقناق بتدخلوا في حكم بيك تونس ومكتوبي ما بينفعكم
~~بشي ولكن لا تخفوا الدرب امان.
[5.79]
اخيرا ودعناه ومضينا الي محلنا واخدنا زوادة الدرب وسافرنا صحبة ذاك
~~القاطرجي الذي اجا معنا من طرابلس الغرب ولا زلنا مسافرين نحو ثمانية ايام
~~وفي طريقنا وجدنا اماكن وعماير خربانه شي كثير ومن الجمله مرينا علي ارض
~~فيها تاثير عماره وراينا اشجار سيتون من حجر وموجود فيهم زيتون من حجر
~~وراينا ايضا في تلك الارض بطيخ وجبس من حجر فكسرنا واحده منهم فراينا
~~داخلها بزر اصفر من حجر وراينا نهر ناشف فوجدنا بين الحجار سمك من حجر
~~وصفحات حجار مطبوع فيهم شكل سمك فتعجبنا من ذلك المنضر وسالنا ذلك القاطرجي
~~الذي كان معنا عن هل اشيا التي رايناها فاجابنا بان هل مكان كان عامر
~~ومسكون من اناس فغضب الله عليهم وارسل ريح عاصف شديد بهذا المقدار حتي نسف
~~من الرمل وغطي هل قريه التي كانت عامره في هل مكان حتي علي فوقها واستقامة
~~مردومه تحت الرمل سنين عديده ولاجل هذا استحاله اشجارها ونباتاتها الي حجر.
~~اخيرا ارسل الله تعالي ريح عظيم فكشف عنها ذلك الرمل وصار تل عالي وهو
~~تجاهنا واروانا ذلك التل.
[5.80]
اخيرا اخدنا من ذلك الزيتون والبطيخ ومن الحجاره المطبوع فيها هئة السمك
~~ثم سافرنا الي ان وصلنا الي مدينة سوسا فلما وصلنا الي تلك المدينه فمنعنا
~~القاطرجي ان ندخل اليها بقوله لنا بان اهل البلد ناس ارديا ارفاض وما
~~بيريدوا يجانسوا لا مسلم سني ولا نسراني ولا يهودي ولا احد من غير ملل من
~~كثرة رفضهم وبغضتهم للغير فالتزمنا ننزل برات البلد تحت الصور فبتنا تلك
~~الليله في ذلك المكان.
[5.81]
ولما اصبح الصبح همينا في السفر وارسلنا القاطرجي الي البلد حتي يشتري
~~لنا من الزاد واللحم ما بكفينا في الطريق وبعدما تسوق لنا جميع ما نحتاج
~~استكري من واحد من اولاد البلد دبه حتي يسافر معنا لان كان له دبتين وكل
~~بلد التي ندخلها يستكري دبه وصاحبها حتي يسافر معنا فلما استكري تلك الدبه
~~حمل عليها جميع حوايجنا كما كان يفعل مع الغير يركب الي معلمي دبه فاضيه
~~ولي دبه فاضيه ايضا ودبت التي يستكريها يحمل عليها حوايجنا فلما انتهي في
~~تحميل دبت ذلك الرجل فما هان عليه بانه يحمل جميع اللبش علي دبته ويبقي
~~دبيته فارغات من غير تحميل فاجابه القاطرجي اني ما استكريت دبتك الا لاجل
~~احملها جميع اللبش فصاروا يتشاجروا ويتقاتلوا مع بعضهم بعض.
[5.82]
اخيرا قدم ذلك الرجل الي عند دبته وقلب كل شي الذي محمل عليها وكان من
~~جملة المحمل سندوق وداخل اربعة وعشرين قنينت انبيد طيب الذي قنصر طرابلس
~~كان زودنا فيه لان في دربنا ما بينوجد انبيد ومعلمي ما كان يقدر يشرب الماء
~~من غير ان يمزجه بنبيد فلما راء ان ذلك الرجل قلب حمل تلك الدبه علي الارض
~~والسندوق ايضا فخال له بان تكسرت جميع القناني وعدم النبيد فزاغ عقله وصرخ
~~بصوت عالي وصار يشتم ذلك الرجل بالتركي والعربي والفرنجي لانه تعلم من لسان
~~التركي لفضة كبك وبالعربي كلب وقدم الي عنده ودفشه كاد انه يرميه علي وجهه
~~فما راينا الا ذلك الرجل ركد نحو باب البلد صار يصرخ يا جداه الحقوني واحد
~~رومي شتمني وقتلني.
[5.83]
فتبادرت العالم وخرجت من باب البلد كانهم جراد زعاف وتوجهوا الي طرفنا
~~فلما القاطرجي راء خروج هل عالم من باب البلد فزع علينا وقال الي معلمي
~~اهرب وفوز بنفسك والا قتلوك فهرب معلمي وصار يتلجي في عوجات براج الصور
~~فهجموا علينا تلك الاوادم فما راوا غيري فمسكوني ورادوا يفتكوا في فصدهم
~~ذلك الرجل عني بقوله ما هو هذا الذي شتمني.
[5.84]
ودفعني وبالجهد حتي انا ارتخيت من اياديهم وانا اتوسل الي ذلك الرجل
~~واليهم. اخيرا طلعوا يتراكدوا ويفتشوا علي معلمي. اما هو وجد تغره فنزل
~~وتخبي داخلها وغطي حاله بقش كان موجود في تلك الجوره وستر عليه الستار فما
~~قدروا يقشعوه وفي ذلك الوقت كنت انا والقطارجي نتدخل علي ذلك الرجل وانا
~~اوعدته بان ما نحمل دبته شي وانا اركبها فقط فارغه وايضا قريتله باني اعطيه
~~اتنين دهب ما عدا كروته فلما سمع في الاتنين دهب انفك برمه وصار يرجع تلك
~~الاوادم بقوله لهم انا بشتكي عليه في تونس للبيك وبعمل علي حرقه.
[5.85]
اخيرا رجعت العالم عنا فعدنا حملنا لبشنا علي دبة القاطرجي وانا استفقدت
~~السندوق المذكور فرايت ما انكسر منه ولا قنينه بل كلهم صاغ ولا انكب من
~~النبيد شي فبعدما حملنا مشينا بجانب الصور حتي نرا الخواجه فما راينا احد
~~فحرنا في امرنا فهو لما رانا من تحت ذلك القش خرج من تلك الحفره ومشي معنا
~~وهو مرعوب ولون وجهه مخطوف فصرت اجرعه بقولي له لا تخف رجعت تلك الاوادم
~~وما بقا علينا باس وسندوق النبيد ما سايل ولا انكب من النبيد شي واحكيتله
~~بالذي جري في غيابه وكيف بالجهد حتي خلصت من ايديهم ولو ما ذلك الرجل
~~يرجعهم عني لكانوا قتلوني لا محاله وايضا ولو انهم قشعوك لكانوا قتلوك
~~فشكرنا الله تعالي علي جوده واحسانه الذي خلصنا من ايدي اوليك الارديا
~~الوحوش الضاريه.
[5.86]
اخيرا ركبناه ومشينا حتي بعدنا عن البلد حكم ساعتين فنزلنا في ارض مزج
~~اخضر ونبع ماء ونزلنا حوايجنا من علي الدواب حتي نتغدا ونستريح شويه فبعدما
~~تغدينا واسترحنا شويه فمشينا في ذلك البر المقفر الي المساء فما وجدنا لا
~~ضيعه ولا ادمي حتي ولا طير فبتنا تلك الليله خلاوي من غير ماوي ولما اصبح
~~علينا الصبح فركبنا وسافرنا ذلك النهار الي المساء وصلنا الي وادي يسمي
~~وادي السباع فراينا جماعات نازلين هناك فنزلنا نحن ايضا بجانبهم.
[5.87]
وكان ذلك الوادي ما احد يقدر يجوزه الي ان يجمع عشرين او ثلاثين زلمه حتي
~~يقدروا يجوزوه فزعا من السباع فبتنا تلك الليله ايضا في ذلك المكان الي ان
~~اصبح الصبح نزلنا في ذلك الوادي وكنا في العدد خمسة وعشر نفر المجموعين من
~~تلك الاراضي والقري ومشينا فيه طول ذلك النهار الي المسا وصلنا الي مكان
~~فسحه كبيره وما يدورها نيران شاعله ليل مع نهار لان كل قفل الذي بيدخل
~~داخلها بيقطعوا من تلك الاشجار وبيلقوها في النار ليلا يدخلوا السباع اليها
~~ويفترسوا الاوادم والدواب فبتنا تلك الليله في تلك الفسحه ونسمع في هل ليل
~~حس السباع تزير ويضربوا دنابهم علي بطونهم والخيل تشخر لانهم بيروا السباع
~~في الليل.
[5.88]
الي ان اصبح الصبح فسافرنا في ذلك الوادي الي حكم نصف النهار خرجنا من
~~ذلك الوادي ولا زلنا سايرين الي المساء وصلنا الي ارض صبرة ملح علي ما تمد
~~عينك والنضر والملح ابيض من الثلج فبتنا تلك الليله بجانبها وتاني يوم
~~دخلنا فيها لان ما لنا غير درب فصرنا نغطي اوجاهنا بمناديل زرق او ببواشي
~~حتي لا تنجهر اعينا من ذلك البياض.
[5.89]
فاستقمنا نمشي في ذلك الملح حكم ثلاث ساعات ونيف الي ان خرجنا منها
~~واستقمنا سايرين الي ان وصلنا الي قريه تسمي الحمامات وهي عامره وادمها ناس
~~ملاح فدخلنا اليها واستقمنا تلك الليله وثاني يوم ايضا درنا وتفرجنا وراينا
~~ناس من اهل تونس فانسونا لما عرفوا باننا ماضين الي تونس لعند القنصر
~~فاحكينا لهم علي ذلك الرجل الذي استكرينا دبته من مدينة سوسا وكيف انه جمع
~~علينا تلك الاوادم ورادوا قتلنا فلما سمعوا منا هل كلام نهضوا عليه ورادوا
~~يقتلوه في ارضه بقولهم له يا رافصي يا مستاهل القتل. اخيرا شفع فيه معلمي
~~واعطاه كري دبته ودشرناه وما عاد يستجر يطلب التنين دهب الذي كنت اوعدته فيهم.
[5.90]
فاستقمنا ذلك اليوم في تلك القريه وتاني يوم سافرنا قاصدين مدينة تونس
~~فلما وصلنا الي خان الذي هو بعيد عن تونس سفر ثلاثة ساعات فنزل القفل هناك
~~وما رادوا يدخلوا المدينه التجار الذين هم في القفل علي ضو النهار لاجل
~~انهم بيريدوا يهربوا من الكمرك بعض بضايع فاستقمنا في الخان.
[5.91]
وكان قريب من الخان قبلوجه اعني ما سخن خارج من الارض فرحت الفقير حتي
~~اتفرج علي تلك القبلوجه فدخلت داخل المكان الذي فيه نابع ذلك الماء السخن
~~فرايت بركه كبيره طولها وعرضها بيجي ماية قدم ويعلوها قبه شامخه وسيعه
~~بتغطي تلك البركه وما يدورها اوادم بيستحموا منهم واصل الماء لركبهم ومنهم
~~واصله الي بطونهم ومنهم واصله الي صدورهم وهبلت الماء واصله الي علو القبه
~~وفي ناس بيحرسوا التياب ولما الرجل بيخرج من الماء بيعطي للذي بيحرس ثيابه
~~عتماني.
[5.92]
حيند شلحت ثيابي وجلست حدا واحد من تلك المستحمين ومديت رجلي الواحده لكي
~~اجس الماء ولما حسيت في سخونه الماء فريت هاربا وايقنت بان رجلي احترقت من
~~شدة سخونة ذلك الماء الشديد فاخد ذلك الرجل يدعيني الي جانبه ويقلي لماذا
~~هربت اجلس حداي وانا اعلمك كيف تستحم فجلست جنبه فقلي مد رجلك الواحد رويدا
~~رويدا حتي تخضر وبعده مد رجلك الثانيه ايضا رويدا رويدا ففعلت كما شار علي
~~فرايت ركزت رجليي علي درجه والماء وصل الي خلخال رجليي فاستقمت حصه حتي
~~اخدرت رجلي من ذلك الماء السخن وما عدت احس بسخونته.
[5.93]
حيند قلي ذلك الرجل مد رجليك الي ثاني درجه ففعلت كالاول وبعده نزلت الي
~~ثالث درجه وهلم جرا حتي وصل الماء الي صدري وانا راكز رجلي علي ذلك الدرج.
~~اخيرا استقمت في الماء حكم نصف ساعه وما عدت احس بسخونه ذلك الماء انما
~~رايت بيتنسل من جسدي الرطوبات التي كانت مخزنه في اعضاي لان هذا الماء
~~الكبريتي له خواص عظيم لجميع الاسقام والامراض وكثير من الناس الذين فيهم
~~اهات واسقام وجدام وغير اوجاع بيقصدوا هذا الماء ومنهم بيجوا من بلاد بعيده
~~لاجل شفاهم من اسقامهم وذلك الحوض دايما ماء وطافح ليل مع نهار والي الان.
[5.94]
اخيرا خرجت من الماء ولبست ثيابي ومضيت الي عند معلمي واحكيت له عن هذا
~~الماء والحوض الكثير النفع فلما سمع مني هل خبر راد يروح يستحم هو ايضا
~~فلما رحنا ودخلنا الي ذلك المكان وراء ذلك الماء الغالي فقلي كيف قدرت تنزل
~~لهذا الماء. حيند احكيتله كيفيت النزول اليها كما فعلت انا وغيري من
~~الموجودين فمد يده للماء حتي يجسه فراه شي ما بينطاق فعدل عن النزول اليه
~~ورجعنا الي محلنا وهو متعجب كيف بيقدروا ينزلوا الي هذا الماء الشديد
~~السخونه وما بيحترقوا.
[5.95]
اخيرا استقمنا في ذلك الخان الي حكم نصف الليل فنهضوا التجار والقاطرجيه
~~وحملوا احمالهم وخرجوا من الخان ونحن ايضا خرجنا معهم فلما صرنا في الصحرا
~~فنضر معلمي الي النجم فراء بان الوقت نصف الليل فما راد يتبع القفل فبقيت
~~انا واياه في تلك البريه وحدنا والقاطرجي ساق امامه دبة المحمل عليها لبشنا
~~ومشي مع القفل وما عرف باننا تاخرنا وانفصلنا من القفل فاستقمنا في ذلك
~~القفر الي ان اصبح الصباح فركبنا خيلنا وسرنا نحو المدينه لكن كان مسيرنا
~~في غير سكه فتهنا عن الطريق.
[5.96]
واما القاطرجي لما وصل القفل الي المدينه وما رانا فرجع مردود يفتش علينا
~~ونحن سايرين في غير طريق الي ان وجدنا في الطريق رجل فلاح ماضي الي ضيعته
~~فسالناه هل اننا قربنا الي مدينة تونس فاجابنا انكم فتوا المدينه وان
~~المدينه بقت علي شمالكم ارجعوا الي ان تروا سكه عريضه فاتبعوها الي ان
~~تصلوا الي المدينه. حيند قلنا له ارجع معنا واروينا السكه ونحن منعطيك اجرتك.
[5.97]
فرجع معنا الي ان وصلنا الي تلك السكه فسرنا في ذلك الطريق حكم ساعه
~~فوجدنا القاطرجي ومعه اثنين مغاربه من اهل تونس وكان سبب مجي هل رجلين معه
~~هو ان القاطرجي اوصل حوايجنا الي بيت القنصر فلما سول عنا فقال لهم انهم
~~تاخروا وما دخلوا مع القفل فلما سمع القنصر في تاخيرنا ارسل اثنين من قبله
~~بانهم يطلعوا مع القاطرجي ويجيبونا الي محله فلما طلعوا برات المدينه
~~وبعلمهم اننا قريبين منهم فما راوا احد فجدوا في المسير الي ان وصلوا قرب
~~المكان الذي كنا نازلين فيه فما راونا فتحير القاطرجي وخاف الا يكون حكمنا
~~عارض فعادوا راجعين فراونا من بعيد فصار القاطرجي يصيح علينا فردينا عليه
~~ووصلنا الي عندهم فسالونا عن سبب تاخيرنا فاحكينا له بالذي صار فينا وكيف
~~اننا تهنا عن الدرب.
[5.98]
اخيرا مشينا جمله الي ان وصلنا الي المدينه ومن هناك رحنا الي بيت القنصر
~~وهو خان كبير وداخل ذلك الخان قاطنين تجار الفرنساويه جميعهم. اخيرا صعدنا
~~في درج ودخلنا الي بيت القنصر فطلع المذكور الي لقانا واسترحب في معلمي
~~وسلموا علي بعضهم وكان القنصر وصله مكتوب من قنصر طرابلس في وصول معلمي الي
~~عنده واخبره بانه سايح من سواح سلطان فرنسا ولاجل هذا استقبله باكرام زايد
~~واعطاه اوضته المكلفه لاجل منامته واعطوني انا ايضا اوضه بعدما نقلوا
~~حوايجنا من الخان الي اوضنا وبعد هنيهه اقبلت التجار الي بيت القنصر يسلموا
~~علي معلمي ويهنوا علي سلامته فامستقمنا ذلك اليوم لملاقات التجار.
[5.99]
وثاني يوم راح معلمي يرد السلام كمجري عوايدهم وبعد ثلاثة ايام قال
~~القنصر الي معلمي حتي يروح معه يسلم علي البيك الذي هو سلطان تونس فرضي
~~معلمي بذلك. حيند هيوا العرابانه فركب معلمي والقنصر بجانبه وايضا كام واحد
~~من التجار ركبوا خيلهم والخدام والفقير ركبت معهم وسرنا معا الي سرايت
~~البيك التي تسما عندهم بارده وهي بعيده عن المدينه حكم ساعه ونصف فلما
~~وصلنا الي ذلك المكان فرايت شي يفوق الوصف عن تلك البساتين والخضر وينابيع
~~الماء الجاري في تلك الروضه ورايت في المواسطه معمر سرايا عامره مشيدت
~~الاركان وقصور عاليه مزغرفت البنا بشبابيك بلور ما يدور تلك القصور.
[5.100]
اخيرا دخلنا من اول باب الي سرايا بلواوين وبرك ماء طافحه واماكن عامره
~~ثم دخلنا ثاني باب وهي مقر البيك وهي اكبر من الاوليه وعماراتها اشرف واكلف
~~ثم صعدنا في درج عالي من حجر المرمر عريض والصعود فيه قوي سهل. اخيرا
~~انتهينا الي صحن المكان مرصوف بحجارة الرخام الابيض ومعمر فيه اربع قصوره
~~في كل ناحيه قصر معمرينهم لاجل اربعة فصول السنه وكان البيك جالس في قصر
~~الذي هو مخصوص لفصل الربيع.
[5.101]
حيند اخبروا البيك في وصول القنصر الي عنده فامر في دخوله. اخيرا دخلنا
~~الي ذلك القصر وامتثلنا امام البيك وعمل تمني القنصر وجماعته للبيك فاسترحب
~~فيهم وكلفهم للجلوس وبعد جلوسنا جابوا لنا المشروب والقهوه كالعاده. اخيرا
~~لحض القنصر الي البيك في قدوم معلمي من السياحه الي بلاده والان اجا معنا
~~حتي يتشرف بروياك. حيند نهض معلمي من مكانه وعمل تمني لحضرة البيك فاسترحب
~~فيه البيك وهناه علي سلامته وصار يساله علي بعض اشيا التي راها في سياحته
~~وعن المدن التي مر فيها وكان يجيبه معلمي بجميع ما يساله وترجمان القنصر
~~كان شاطر في نقل الكلام وبصناعة الترجمه في تزريفه الكلام وتفهيمه للبيك في
~~غاية ما يكون.
[5.102]
فانبسط البيك من رد الجوابات التي كان يجاوبه فيها معلمي خصوصا في شكرانه
~~له عن بلاده وحسنها ونظام الذي راه في سرايته وحسن ترتيبها وانه ما راه في
~~غير ممالك العصماليه مثلها. حيند ساله البيك هل عجبتك سرايتنا فاجابه نعم
~~وبالاكثر رقعة وجهك المنيره وطبايعك اللطيفه وحسن الفاظك الرقيقه وما يشبه
~~ذلك من الفاظ اللينه العدبه لحضرة بيك مثل هذا.
[5.103]
اخيرا من بعد خطاب مستطيل نهض القنصر وطلب اذن من حضرة البيك في الرحيل
~~فاذن له وقال للترجمان بان يقول الي معلمي بانه يبقي يزوره طول ما هو في
~~مدينة تونس الي حين ما يسافر فاجابه معلمي سمعا وطاعه وهذا لي شرف عظيم
~~فامر حيند البيك بان يسبجوله حسان من خاص خيله حتي يركبه لما بيريد يجي الي
~~سرايته فاستكتر بخيره وخرجنا من امامه وتوجهنا الي تونس الي بيت القنصر.
[5.104]
وثاني الايام خرجنا من بيت القنصر صحبة رجل من خدام القنصر حتي نتفرج علي
~~المدينه فراينا تكوينها ونظامهم ما له مثيل ودرنا في تلك الشوارع والاسواق
~~والتجار الجالسين في الدكاكين كانهم اماره من حسن اثوابهم وخطابهم الرقيق
~~واستقبالهم لهم للمقبل اليهم بعز واكرام وكان البعض منهم يكلفونا حتي نجلس
~~عندهم حتي يقفوا في خدمتنا انكان بيلزمنا حاجه او غرض حتي يقضوه وما يشبه
~~ذلك من اللطافه والاناسيه. المراد الذي رايناه من اهل تونس ما رايناه في
~~غير بلاد من بلاد المغاربه وفي تلك الدوره كل من سالني عن معلمي اقول له
~~هذا حكيم فشاع خبرنا في مدينة تونس بان هل فرنجي حكيم فصاروا يتهادونا من
~~مكان الي مكان لاجل الحكمه وكان معلمي يحكم ويوصف وصفات وطبب كثير ناس من
~~امراض صعبه شاقه.
[5.105]
فمرينا علي خان وكان ذلك الخان لليساره فدخلنا اليه فوجدنا من اليساره
~~ناس كثير وكل من هو في شغل وداخل ذلك الخان كنيسه لليساره ورهبان الكبوجين
~~بيقدسوا هناك وايضا ثلاثة خانات اخر لليساره وكل خان داخله كنيسه ورهبان من
~~الاربع الرهبنات ورحنا الي تلك الخانات ايضا وتفرجنا فرايت عيشة تلك
~~اليسارة هنيه في الغايه خلاف عن عيشة يسارة غير بلاد وهذا كله من حسن حلم البيك.
[5.106]
وكانوا ياخدونا الي بيوت الاكابر حتي نشرف علي مرضاهم ودرنا في غير اماكن
~~ايضا حتي ما خلينا مكان والا تفرجنا عليه فرايت عماره هذه المدينه واسواقها
~~وتكوينها مثل مدينة حلب انما هي اصغر من مدينة حلب وكنا كل كام يوم نروح
~~لعند حضرة البيك ولما نصل الي صرايته كان يرسل من قبله ناس حتي يصعدونا الي
~~قصره لان كان يرانا من خروجنا من باب المدينه فيجلس معلمي عنده حتي
~~يتسامروا وكنت الفقير اترجم لهم.
[5.107]
فيوم من ذات الايام سال البيك الي معلمي انكان علي باله في الجواهر
~~والحجارة الثمينه فاجابه علي قدر الامكان فحيند دخلنا الي خزنت الملك
~~القديمه واحضر ارواه من تلك الحجاره والجواهر وكان معلمي ذو معرفه فصار
~~يتمن له تلك الحجار من قسم ياقوت وزمرد والماص وما يشبه ذلك وانوجد حجار ما
~~هن معروفين عند البيك ولا بيعرف اساميهم فصار يسمي له كل حجر بمفردها
~~وخواصها وثمنها فانبصط البيك منه ومن معرفته ولا زالوا جالسين في تلك
~~الخزنه الي المساء.
[5.108]
اخيرا خرج البيك ومعلمي وصعدوا للقصر وفي ذلك الوقت راء البيك من شباك
~~ذلك القصر البادري خارج من باب المدينه. حيند قال لليساره الواقفين امامه
~~روحوا استقبلوا بادريكم وكان هل بادري كل ليلة احد يجي الي صراية البيك
~~وينام عند تلك اليساره الذين هم في خدمة البيك حتي ثاني يوم يقدس لهم وذلك
~~باذن البيك وكانوا يستقيموا مع البادري ذلك النهار كله ويرجعوا الي خدمتهم
~~للبيك يوم الثنين باكر فاتعجب معلمي من اناسيت هل بيك وحلمه شي ما بيتصدق
~~وهذا الذي رايته من هذا الرجل الشريف بل من هل بيك الزريف الرزين الاصيل
~~وما بعرف كيف اوصفه لكن الذي بيقرا خبره يوصفه كما يجب له الوصف. اخيرا
~~استازن معلمي من حضرة البيك ومضينا الي محلنا.
[5.109]
ويوم اخر دعانا رجل من التجار الي بيته لاجل مريض الذي كان عنده فمضينا
~~الي بيت ذلك التاجر فاستقبلنا باكرام وبعد ما شرف معلمي علي ذلك المريض
~~فهيا لنا ذلك التاجر فطور مكلف وبعدما فطرنا وشربنا القهوه اخد ذلك الرجل
~~يفرجنا علي سرايته فمرينا علي ديواخانه فراينا قفص وداخله وحشين زغار فتفرس
~~معلمي في تلك الوحوش فراهم غريبين الزي جميلين المنضر وخلقتهم عجيبه غريبه
~~وكانت خلقتهم علي هذه الصفة وهي كل واحد منهم بقد ارنب زغير واجريه طوال
~~مثل رجلين الكركي ويديه قصار تحت حنكه مثل كف بني ادم بخمسة اصابيع بياكل
~~فيهم ودنبه طويل مثل دنب سبع مرتفع فوق ظهره وثلتين دنبه ريش ابيض واسود
~~درقلي وعيناه عينين غزال وبوزه بوز خنزير وتوبه توب ايل فموجود فيهم اربع
~~خمس خلق من الوحوش.
[5.110]
فلما راهم معلمي اتعجب من خلقتهم الغريبه وقال لذلك التاجر بانه قط ما
~~راء زيهم مع انه ساح في الدنيا طول عمره. اخيرا استمنه بانه يبيعهم له
~~فاجابه التاجر بان هل وحوش مرسلين من رجل صاحب من اراضي السعيد ولاجل خاطرك
~~بكتب لذلك الرجل بانه يرسلي منهم كام واحد واذا وصلوني بعطيك اياهم بلاش
~~وان كان ماصح منهم انا بعطيك اياهم. حيند ساله معلمي هل ينوجد منهم كثير في
~~تلك الاراضي فاجابه نعم لكن صيدهم قوي صعب لان هل وحش ما بيلحقه احد لا كلب
~~حتي ولا طير ولا خيال لانه خفيف في سيره اسرع من الطيور انما بيصادوه بحيله
~~وهو ان الصيادين بيعرفوا اوكاره ولما بيخرج من وكره حتي يرعي فبيمد الصياد
~~يده الي الوكر الي حد عكسه وبيسد ذلك الوكر من داخل واذا رجع ذلك الوحش الي
~~وكره فيمد يده الصياد بيمسكه وبهذه الحيله بيمسكوهم. اخيرا اوعد ذلك التاجر
~~الي معلمي بانه بيكتب الي صاحبه حتي يرسله من تلك الوحوش كام واحد فشكر
~~فضله معلمي ومضينا الي محلنا.
[5.111]
وفي تلك الايام وصل الي تونس اثنين بادريه من رهبنة اليسوعيه ونزلوا بيت
~~القنصر وهل رهبان بيجوا كل سنه مره حتي يشتروا يسرا من صدقات المسيحيه وكان
~~احدهم كاروز معلم في صناعة الكرز فيوم من الايام استمن القنصر الي ذلك
~~الكاروز بان يكرز له كرزه تكون ماسره في النفوس فاجابه البادري تكرم لكن
~~بشرط ان كرزتي تستقيم سبعة ايام في كل يوم ساعتين فرضي القنصر بذلك لانه
~~كان رجل مسيحي خايف الله ومحب الخير والفضيله.
[5.112]
فابتدي البادري في اول كرزه وكان نهار تنين بعد خلوص القداس اعني قبل
~~الظهر بساعتين دخل للكنيسه واغلق الباب والشبابيك والطوق وطفي القناديل حتي
~~بقينا في ظلمه عظيمه داخل الكنيسه وبعدما رش علي وجهه اشارة الصليب وكان
~~فتوح خطابه لنا بان هل وعضيه هي عقليه واننا نغمض اعيننا ونمشي معه بالروح
~~في جميع اقسام الكرزه ونلحقه في جميع الاماكن الذي بيدخل اليها بالروح وبدي
~~يشرح في اول قسم لما خلق الله العالم والنيران والكواكب والملايكه وجمع
~~الماء الي البحور وجميع ما خلقه علي وجه الارض والقسم الثاني لما خلق الله
~~ادم وحوا وجعلهم في الفردوس وسقطة ادم وخروجه من الفردوس ثم حيات سيدنا
~~يسوع المسيح وما يشبه ذلك من اخبار الكتب المقدسه.
[5.113]
اخيرا صار يشرح لنا اربع عواقب الانسان اعني الموت والدينونه والجحيم
~~والنعيم وفي كل واحده يمشينا معه بالروح الي حين ما نزل معنا الي جهنم وفي
~~كل درجه ومكان من جهنم يسال اهل تلك الانفس ماذا كانت خطيتهم حتي حصلوا في
~~ذلك المكان الجهنمي يتعدبون بغير رحمه مقطوعين الرجا الي ابد الابدين.
~~اخيرا اصعدنا معه الي الملكوت وهناك كان يسال ضغمات القديسين وكيف تم
~~خلاصهم حتي حظيوا في هل سعادة الابديه وما يشبه ذلك من الالفاظ الماثره في
~~الانفس وفي هذا كمل خطابه في اليوم السابع وخرجنا من هذه الرياضه كاننا
~~سكاره ومضيعين الرشد والحواس بهذا المقدار حتي كل منا يراء حاله كانه في
~~غيبوبه.
[5.114]
والفقير صدف لي يوم وانا ركع في الكنيسه بعد حضوري القداس وانا في هل
~~تامل غبت عن حواسي واستمريت ساهي غايب الي ان حكم وقت الغدا وكانوا فتشوا
~~علي حتي اتغذا فراوني راكع في الكنيسه وشاخص بغير وعي فنبهوني من ذلك
~~الرقاد والبحران الذي كنت فيه.
[5.115]
واخيرا كل واحد منا بادر للاعتراف وتناول الاسرار المقدسه وفي ذلك الغضون
~~وقع معلمي في مرض شديد وشارف علي الموت وقطعنا الرجا من حياته وفي تلك
~~الليله وانا نايم حدي فراشه وانا في غاية الحزن من جري موت هل رجل وانا
~~غاطس في بحر الافكار كيف بيصير في بعد موته وانا في تلك الغربه وما لي ملجا
~~من احد وبعيد عن بلادي حتي مضي من الليل نصفه فسمعت نقر عصاته علي الدفه
~~لان كان انقطع صوته بالكليه فالتزمنا باننا نضع قرب وسادته عصاة وتحتها دفه
~~حتي اذا اراد منا شي ينقر العصاه علي الدفه فنبادر اليه ونري ما يحتاج فلما
~~سمعت انه نقر الدفه نهضة عاجلا اليه.
[5.116]
فامرني باني اجيب الي قرب فراشه سندوق الحكمه بالذي كان له فلما جبته
~~ووضعته علي كرسي مقابله حيند امرني باني اخرج كيس خرجيته من تحت الوساده
~~واطالع منه مفتاح ذلك السندوق ففعلت كما امرني وفتحت السندوق فرايت في نصف
~~ذلك السندوق سندوق زغير من ابانس مصفح بصفايح نحاس اصفر وكان مغلق كانه فرد
~~قطعه وما له مكان للفتح فارواني حركته وهو بصمار مثل باقيت البصامير
~~الموجوده في السندوق فلما رصيت ذلك البصمار في باهمي انفتح السندوق فرايت
~~داخله سندوق زغير وداخل السندوق حنجور من النجف وله برما من النحاس ايضا.
[5.117]
حيند امرني بان اجيب كاس وداخله اصبعتين انبيد فلما احضرت الكاس والنبيد
~~فقلي دير البرمه التي في فم الحنجور ففعلت كما قلي وانفتح فم الحنجور فرايت
~~تاني سداده من النجف ومغطات بشمع عسلي فاخرجت الجميع فقلي حيند ضع باهمك
~~علي فم الحنجور ونقط من ذلك الماء الذي داخله ثلاثة نقط لا غير. اخيرا
~~امرني بان ارجع كل شي الي مكانه واغلق السندوق واضع المفتاح داخل كيس
~~خرجيته كما كان فبعدما كملت جميع ما امرني به اخد من يدي الكاس وانا ماسك
~~هامه فشربه وخسل الكاس بقليل من ذلك الخمر وشربه وبعده انتكي ونام وانا
~~رجعت الي فراشي ونمت الي ان اصبح الصباح.
[5.118]
فناداني من غير نقر العصاه فنهضت عاجلا ووقفت امامه وسالته ماذا تريد قلي
~~جيب لي حوايج حتي اتبدل فاحضرت له الحوايج فنهض من ذاته في الفراش من غير
~~اني اسنده فتعجبت من ذلك كيف انه نهض وصار له قوي قابتديت اشلحه فرايت
~~ثيابه غرقانه من العرق وبالجهد حتي قدرت اشلحه قميصه فبعدما لبسته ثيابه
~~النضاف فاخد يدي ونزل من عن سريره وجلس علي الكرسي. حيند قلتله ماذا تريد
~~قلي غير لي الملاحف واقلب الفرش لانهم تندوا من عرقه الذي نفد الي ثالث فراش.
[5.119]
فعملت كما امرني. اخيرا رجع الي سريره ونام حكم ساعتين وانتبه وامرني
~~باني اجيب له شاكاسة المرقه فرحت الي المطبخ وجبت المرقه والمنديل والمعلقه
~~ودخلت الي عنده حتي اسقيه المرقه فوجدته بيتمشا في الاوضه ففرحت فيه ولكن
~~اخدني العجب في قيامه من فراشه بعدما كان حسب من الموتا تلك الليلة المضت
~~وما عرفت بان تلك الثلاثة النقط التي شربها هي التي صارة سبب شفاه من ذلك
~~المرض الشديد الذي كان حاصل فيه لكن بعد حين هو احكالي بانه شفي في شربه هل
~~ثلاثة نقط.
[5.120]
فلما سمعت منه هل كلام قلتله يا سيدي لماذا ما شربتهم من قبل وكنت وفرت
~~علينا وعليك هل مضض والشقا الذي حزرت فيه. حيند اتضحك وقلي واكد لي بكلامه
~~بان لو ما عرفت باني قاربت الموت لما كنت شربتهم لان لي اربعة وعشرين سنه
~~سايح في هل دنيا حتي حضيت في فرد حشيشه التي هي الاكسير الذي يتدفع الاعراض
~~من الانسان والامراض.
[5.121]
وقلي انا وقفت علي خبر احد السواح وهو مارخ في كتاب تواريخ دير مار
~~فرنسيس في مدينة بهريز هو انه في عيد ذلك القديس بيعطا غفران كامل للذين
~~بيعترفوا و بيتناولوا الاسرار المقدسه فصدف الي واحد كاهن وهو جالس في كرسي
~~الاعتراف بيعرف فسجد امامه واحد من الشباب بهي المنضر وطلب منه انه يقبل
~~اعترافه فرشمه باشارة الصليب وقله اعترف يا ولدي ايش لك من الزمان عن
~~الاعتراف فاجابه ذلك الشب يا ابانا لي ستين سنه ما اعترفت فبهت الكاهن من
~~كلامه وقله ما هذا الهزو اما تعلم بان سر الاعتراف ما بيصير فيه كلام هزو
~~وكذب فاجابه ذلك الشاب لماذا تقلي هل كلام يا ابونا هل اني جاهل ومجنون حتي
~~اكذب عليك وعلي الله تعالي نفسه.
[5.122]
فاجابه الكاهن صدقت يا ابني ولكن كيف بقدر اصدق بان لك ستين سنه ما
~~اعترفت وانت بالاكثر حتي يكون عمرك ثلاثين سنه روح اعترف عند غيري انا ما
~~بقدر اعرفك حتي تصدقني في امرك. اخيرا بعرفك فاجابه ذلك الشاب قوم بنا نصعد
~~الي الدير وهناك بعلمك في امري علي التحقيق فرضي الكاهن وصعدوا معا الي
~~الدير ودخل ذلك الكاهن الي قلايته وكلف ذلك الشاب في الدخول وجلسوا اثنين
~~هم فسال الكاهن لذلك الشاب عن جليت امره بالحق.
[5.123]
فاجابه الشاب ان سالت عني يا ابانا انا ابن هل بلاد ولما خرجت للسياحه
~~كان لي من العمر اربعين سنه واستقمت ستين سنه سايح في بلاد بعيده متطلب
~~حشايش وعقاقير التي هي مرسومه في الكتب القديمه فوجدت تلك الحشيشه التي كنت
~~طالبها وهي حشيشة الاكسير وبتسما في كتب الفلاسفة اليونانين بيروا فيلوسوفه
~~اعني حجر الفلاسفه ومن هل حشيشه ركبت منها ضرور ولما كمل جربته فرايت فعله
~~كما هو مكتوب في تلك الكتب اعني اذا استعمل الانسان منه حكم حبه تمنع عنه
~~الاعارض والامراض عشر سنين وبتستقيم عافيته كايام شبوبيته.
[5.124]
فصرت استعمل منها في كل عشر سنين حبه واستقمت كما تراني في حال الشبوبيه
~~وهذا الذي غواني وانساني الموت وانا غفلان عن خلاص نفسي والان الله تحنن
~~علي ودق قلبي بنعمته ففقت من هل رقاد السييء وعلمت باني اموت لا محاله لان
~~الله عز اسمه حتم علي الانسان بالموت وان اوليك الفلاسفه الذين استعملوا هل
~~حشيشه ماتوا وهذا كان السبب حتي اني رجعت الي بلادي وطلبت الاعتراف والتوبه
~~قبل الموت.
[5.125]
فلما سمع الكاهن من الشاب هل كلام تعجب وقله هل بقي معك من هل اكسير الذي
~~ذكرت عنه الان فاجابه الشاب نعم معي موجود منه فقله الكاهن هل بتريد تعطيني
~~منه جزء حتي اجربه واصدق كلامك هل هو صدق ام كذب فقله تكرم واخرج من محفطته
~~علبه فضه واعطي الي الكاهن عشرة حبات وقله اذا استعملت في كل عشر سنين حبه
~~من هذا الحب بتعيش ماية سنه ما عدا عمرك الذي انت حاصل فيه فاخدهم الكاهن
~~منه وبعده صار يعرفه اعتراف عام وبعده ندمه علي خطاياه واعطاه الحله
~~والقانون واصرفه.
[5.126]
اخيرا صار يفتكر الكاهن كيف بيقدر يجرب ذلك الحب فخطر في باله بان في
~~الدير موجود كلب هرم كبير في العمر وما بقا له قوي للمشي وكان يجيبوا له في
~~انا قليل من المرقه يلقها وهو جالس. حيند اخد الكاهن حبه من تلك الحبات
~~ودوبها في قليل من المرقه ووضعها امامه فلقها ذلك الكلب كما هو معتاد يلق
~~الامراق وتركه ومضي الي قلايته يقرا فرضه فبعدما انتها من صلاته مضي لينضر
~~الكلب فراه داير في صحن الدير وهو يتنفض ورجعت قواه اليه كالاول. وقتيد
~~تحقق الكاهن كلام ذلك الشاب وبعده كتب صورة الواقعه علي قرظار.
[5.127]
وفي اخرها دكر انكان ما بتصدقوني انضروا الي الكلب الهرم كيف انه تعافاء
~~ورجعت قوته اليه وترك ذلك القرظار علي مكتبته ومضي وما احد عرف له اثار
~~ولما استفقدوه الرهبان وما راوه استازنوا من الريس وكسروا قفل قلايته
~~ودخلوا فراؤ ذلك القرظار علي مكتبته فلما قروه تعجبوا وبادروا حتي ينضروا
~~ذلك الكلب فراوه كما هو ذاكر عنه. حيند شاع هذا الخبر في مدينة بهريز
~~فتبادرة الناس الي الدير حتي ينضروا ذلك الكلب المذكور ثم دونوا هذا الخبر
~~في كتاب تواريخ الدير والشاهد ان معلمي كان له من العمر ينوف عن الستين سنه
~~وكنت تراه كانه شاب ابن ثلاثين سنه.
[5.128]
فلنرجع الان عن ما كنا في صدده فتعافاء معلمي من ذلك المرض القتال ورجعت
~~عافيته اليه كالاول وصرنا ندور في شوارع المدينه كعادتنا واوقاتا نذهب الي
~~البارده الي عند البيك المذكور ونتنزه في تلك الرياض والبساتين ولا زال
~~حضرة البيك يعمل الي معلمي اكرام ويرويه محبة الي يوم الذي هم معلمي في
~~السفر من تونس فدخل لعنده وودعه واستكتر بخيره.
[5.129]
ورجعنا الي محلنا وقبل دخولنا الي بيت القنصر صادفنا ذلك الرجل التاجر
~~الذي كان اوعد الي معلمي بانه يرسل ويجيب له من تلك الوحوش الذي رايناهم في
~~منزله فبعدما سلم عليه بشره بان الوحوش وصلوا الي عنده وهن خمسه ففرح معلمي
~~في وصولهم فمضينا معه الي منزله فرايناهم وهم في قفص من عروق النخل. حيند
~~راد معلمي يعطيه ما اصرفه في اتيانهم الي عنده فما قبل ياخد منه شي بل امر
~~الي احد خدامه بانه ياخدهم الي محلنا فشكر معلمي فضله ومضينا الي بيت
~~القنصر فوجدنا ذلك الغلام والقفص في يده وهو في انتظارنا.
[5.130]
فاخرج معلمي واعطاه حكم عشرة غروش بخشيش واصرفه وفي الحال ارسل احضر نجار
~~الي عنده واشرله شكل قفص له بيوت ومخاضع حتي ينفردوا عن بعضهم ووضعناهم في
~~ذلك القفص وفي الحال راينا كل واحد منهم دخل في مخضع واختفي ووضعنا لهم شي
~~للاكل من قسم لوز وبندق وغير حبوب فصاروا ياكلوا من جميع ما نضعه لهم من
~~غير اللحم وبعدما ياكلوا يكنسوا صحن القفص في ادنابهم ويخرجوا الوسخ وزبلهم
~~الي خارج القفص وكان لهم روياء ومناقب عجيبه في اكلهم ونضافتهم وكانوا
~~ياكلوا وهن وقوف وياخدوا بايدهم الحبوب ويضعوها في فمهم مثل الاوادم وبعد
~~خلوصهم من الاكل يدخل كل واحد منهم الي مخدعه ويختفي وكنا نضع لهم في القفص
~~صوف جز كانوا يكتوه ويخرجوا الوسخ منه ويدخلوا فيه مختفيين حتي يدفوا لان
~~اراضيهم حاره جدا وكان ذلك التاجر حرسنا بلا ندعهم يبردوا ونوضع لهم من ذلك
~~الصوف لاجل الدفا.
[5.131]
اخيرا بعدما رتبنا لهم ذلك القفص حيند وكلني معلمي في ذلك القفص والوحوش
~~الذين داخله بان احترس عليهم قوي كثير من البرد ليلا يموتوا وان وصلنا الي
~~بهريز وهم طيبين بينويك منهم خير عظيم لان بواسطتهم بتدخل الي اماكن ما
~~بيقدر غيرك يدخلها. حيند شرت اليه بان نضع لهم جلال من جوخ وجللنا ذلك القفص.
[5.132]
فبعد مدة ايام اتا الي اسكلت تونس مركب انكليزي زغير واسق قمح حتي يبيعه
~~في ليكورنا فلما اخد خبره القنصر شار علي معلمي بانه يسافر معه وقال له
~~قرصان الانكليز ما بتاخدك وان اخدوا المركب قرصان الفرنساويه ما عليك منهم
~~باس بما انك فرنساوي ومنسوب الي سلطان فرنساء فاستصوب معلمي كلام القنصر
~~وبعده استكرينا مع ذلك القبطان الانكليزي حتي نروح معه الي ليكورنا.
[5.133]
وبعد كام يوم نبه علينا القبطان حتي نرسل حوايجنا الي الاسكله التي هي
~~اسكلت مدينة كرتاجنه المشهوره بالكبر والاتساع وكان علي عليها البحر فخربت
~~ولما اتاخدت تلك البلاد من الجراكسه باشروا في بناء مدينة تونس وهي بعيده
~~عن تلك الاسكله مقدار ثلاث او اربع ميال. اخيرا نقلنا حوايجنا الي الاسكله
~~وكان القنصر هيا لنا زواده وافره من زاد نبيد وجاج وراس غنم وما يشبه ذلك
~~من ما يلزمنا في سفر البحر.
6 الفصل السادس في سفرنا الي بلاد الفرنجيه سنه 1708
[6.1]
فكان خروجنا من مدينة تونس في اول شهر حزيران فنزلنا في دلك المركب
~~المذكور وبعد يوم سافرنا ولا زلنا مسافرين حتي وصلنا الي جزيرة كورسيكا وهي
~~من معاملة ايطاليا فلما رسي المركب في تلك الاسكله صار القبطان يسال اهل
~~تلك الجزيره هل معهم خبر من مركب قرصان فرنساوي في ذلك البحر الذي هو قريب
~~اليهم فاجابوه نعم في مركب قرصان فرنساوي بيصلب في هل دوه وحرسوه ليلا
~~يسافر لان المركب كبير ودخله مايتين عسكري وعشرين طوب من غير البحريه فلما
~~سمع القبطان منهم هذا الخبر صمم النيه بانه يستقيم في تلك الجزيره الي حين
~~ما ياخد خبره بانه مضي من تلك الرقعه.
[6.2]
فاستقمنا ذلك اليوم في تلك الاسكله ونتحاكا مع اهل الجزيره من مركبنا
~~وكان سافر معنا ثمانية انفار من اليساره من الذين اشتروهم اوليك البادريه
~~المذكورين وكان واحد منهم اختيار وهو من اهل الجزيره واستقام في اليسر
~~عشرين سنه فهذا صار يسال عن حرمته واولاده هل هن طيبين.
[6.3]
فاتوا بهم فلما امتثلوا امامه وراء حرمته واولاده وهن طيبين فصار يبكي من
~~شدة فرحه وايضا حرمته واولاده يبكوا. اخيرا توسلوا اليه بانه يخرج من
~~المركب ويعمل الكرنتينا في بلده اعني يدخل الي مكان الذي بيستقيم فيه
~~الوارد من بلاد الشرق او الغرب اربعين يوم وبعد تلك المده بيبخروه وبيدعوه
~~يدخل الي المدينه فما راد يخرج انما قلهم انا بروح الي ليكرونا وبقضي بعض
~~مسالح ثم بجي الي عندكم عن قريب فصاروا عياله يتوسلوا الينا حتي نلزمه في
~~الخروج فما امكن انه يسمع لاحد بل استقام في المركب لسو حظه.
[6.4]
فاستقمنا ذلك النهار الي حين غروب الشمس في تلك الاسكله وفي ذلك الوقت
~~خرج ريح من البر مناسب للسفر فلما القبطان رااء ذلك الريح قال في باله بان
~~بيني وبين ليكورنا مسافة ستين ميل واذا سافرت بلحق اسكلت ليكورنا في هذا
~~الليل وبخلص من هل مركب القرصان ففعل كما دبره عقله وامر النوتيه بانهم
~~يسحبوا المراسي ويفتحوا القلوع ويسافروا فعملوا كما امرهم وسافر المركب في
~~ذلك الريح الي ان قطعنا مسافة ثلاثين ميل.
[6.5]
وفي ذلك الوقت حدث في البحر غلينه عظيمه وسكت الريح وفرغت القلوع من
~~الهوا واستقام مركبنا واقف كانه مرسي في الاسكله فلما راء القبطان هذه
~~المصيبه خاف وارتعب وصار يامر جماعته بانهم يصلوا ويطلبوا من الله تعالي
~~بانه يرسل لهم قليلا من الريح حتي يجوزوا تلك المسافة التي بقيت فما استجاب
~~الله دعاهم لاجل امر يريده.
[6.6]
فاستقمنا تلك الليله ومركبنا واقف بغير سير الي ان شق الفجر فامر القبطان
~~الي احد النوتيه بانه يصعد الي علو الصاري وينضر هل يرا مركب في البحر فصعد
~~ذلك النوتي وانحدر وقال بانه راء سواده من ناحيت الغرب فخمنوا بان هل سواده
~~هي جبل من جبال بلاد ايطاليا فما اقتنع القبطان من ذلك بل ارسل يازجي
~~المركب الي علو الصاري حتي يحقق الامر هل ان السواده جبل ام مركب فصعد
~~اليازجي الي علو ذلك الصاري وكان ذلك الوقت اصبح الصباح وانحدر وقال
~~للقبطان بانه راء مركب كبير وهو موجه الي طرفنا وكان ذلك المركب رانا قبل
~~ما نحن نراه.
[6.7]
حيند اخد القبطان الدربين وطلع فراء المركب جايي علينا بسير شديد بواسطة
~~الكريكات وكان معه ستة وثلاثين كريك اعني مقداف ومايتين شب الذين بيقدفوا
~~فاتطر القبطان بانه يضع مقاديف وكان موجود عنده ستة مقاديف فصار ذلك الوقت
~~بيتوسل الي الذين في المركب بانهم يقدفوا ودار المركب الي ناحيت الجزيره
~~التي خرجنا منها تلك الليله فصرنا جميعنا نتعاون ونقدم حتي نهرب من ذلك
~~المركب واوليك ايضا يجدوا في المسير الينا.
[6.8]
وفي قليل من الزمان قربوا الينا فلما راء القبطان بانهم قربوا الينا امر
~~النوتيه بان ينزلوا قايق المركب الي البحر وربطوا القايق في منخار المركب
~~ونزل اليازجي ومعه اربعه من النوتيه حتي يقدفوا ويسحبوا المركب الي قدام
~~ولكن كانت نيت القبطان غير شي وهي ان كان عنده اربع سناديق مرجان الذي كان
~~تسوقهم من اماكن الذي بيخرج منهم اعني من بحرهم المرجان وهو في قاع البحر
~~كانه سجار مغروزه في الرمل ومعه ايضا مبلغ من الريال وفي ذلك الوقت ونحن
~~مشغولين في القدم والهريبه نزل تلك الاربع سناديق المرجان وذلك المبلغ من
~~غروش الريال الي القايق من غير احد منا يعرف بذلك.
[6.9]
وبعد هنيهه قرب الينا ذلك المركب القرصان وضرب طوب فمرت الكله من فوق
~~الصاري ولما رانا ما سلمنا ونحن مجدين في الهريبه ضرب ثاني طوب فمرت الكله
~~حكم نصف الصاري فما سلمنا والقبطان يجرعنا ويحثنا علي الهريبه. حيند ضرب
~~ثالث طوب فمرت الكله من فوق روسنا فسقطنا جميعنا علي اوجاهنا من رعبتنا من
~~عزم ضوضة تلك الكله التي لو تصيبنا لما ابقت منا احد. حيند نهضنا جميعنا
~~وانتهرنا القبطان والزمناه بانه يسلم وركدت منا ناس ونزلوا البيرق وهذه
~~علامه حتي يكف عن الضرب فلما نزلنا البيرق صرخ ذلك القرصان بالبوق قايلا
~~مينا بالفراسه مينا اعني اعطوا طاعه للفرانسا اعطوا.
[6.10]
حيند لفينا القلوع وفي ذلك المحل لما راء اليازجي الذي هو في القايق كما
~~ذكرنا بان القبطان تسلم وما بقا رجا للخلاص قطع حبل المربوط فيه القايق
~~وانهزم راجعا الي تلك الجزيره والله سلمه وفاز اما مركب القرصان ما دار
~~باله الي ذلك القايق بل نزل قايقه الكبير الي البحر ونزل فيه خمسين شب
~~معددين من تلك العسكر حتي يجوا يضبطوا مركبنا.
[6.11]
وكنت الفقير واقف علي حفت المركب بتفرج وكان بجانبي ذلك اليسير الذي مر
~~ذكره وهو من اهل جزيرة كورسيكا الذي راء عياله هناك من بعد عشرين سنه وابا
~~انه ينزل الي عندهم كما مر الكلام عنه سابقا فهذا رايت في يده كمر مشحون من
~~المعامله ورايد يرميه في البحر فخطفت الكمر من يده وقلتله لماذا بتريد
~~ترميه في البحر فاجابني دعني ارميه ولا ياخدوه هل قوم الذي اقتينته من كدي
~~وتعبي في مدة عشرين سنه فقلتله دعه عندي لعل الله سبحانه وتعالي بيخلصه من
~~ايدي هولاي ومضيت ووضعته داخل خرج الذي كان فيه الة مطبخ الطريق مثل طنجره
~~ومقليه وبعض صحون ومعالق وما يشبه ذلك من الت الطبخ الذي كان معنا في سفرنا
~~في الطريق.
[6.12]
وايضا في ذلك المحل باقيت اليسراء اعطوا الي معلمي كياس خرجياتهم حتي
~~يوضعهم في سندوقه بعلمهم انه فرنساوي ما بيشلحوه اوليك القرصان. حيند وصل
~~ذلك القايق المرسل من مركب القرصان الي مركبنا فنهضوا في الحال وهجموا
~~علينا كانهم دياب خاطفه ونزلوا جميعنا في ذلك القايق والذين كانوا في
~~القايق اعني الجنود استقاموا في المركب والنوتيه اخدونا الي مركب القرصان
~~فلما صعدنا الي المركب فراء معلمي قبطان ذلك المركب فعرفه وكان اسمه قبطان
~~برمون والقبطان عرف معلمي فتعانقوا وسلموا علي بعضهم سلام الموده والمحبه.
[6.13]
فسال القبطان الي معلمي من اين انت جايي وكيف انك نزلت في هل مركب فاجابه
~~معلمي اني كنت في مدينة تونس والقنصر شار علي باني انزل في هل مركب خوفا من
~~قرصان الانكليز ليلا يشلحوني فقله ما عملت الا عين الصواب وبعده قال الي
~~معلمي بريد ارسل اجيب حوايجك الي هل مركب ليلا يضيع لك شي فقبل معلمي وشكر
~~فضله. حيند امرني باني اروح مع القايق الي ذلك المركب واجمع جميع حوايجنا
~~ونزلهم في القايق.
[6.14]
فلما نزلت في القايق امر القبطان للنوتيه بانهم يجيبوا حوايجنا وحوايج
~~جميع اليساره ولا يخلوا شي من تلك الحوايج فصنعوا كما امرهم ورحنا الي
~~المركب وقبل كل شي نزلت حوايجنا الي القايق وبعده نزلوا حوايج اليساره
~~وذهبنا الي المركب واصعدوا حوايجنا وحوايج اوليك اليساره ووضعوهم في كامرة
~~القبطان ونزلوا نوتيت ذلك المركب وسجانوهم في العنبر.
[6.15]
واستقام مركب القرصان يصلب في تلك الدوه الي ثاني يوم وكان تاني خميس من
~~عيد الجسد وكان في المركب بادري فقدس لنا ذلك اليوم قداس وبعد حضورنا
~~القداس ففطرنا وبعده امر القبطان بان يخرجوا حوايجنا وحوايج اليساره امامه
~~ففتح سناديقهم وقففهم وكتب كل الموجود. اخيرا احضروا حوايجنا امامه فصار
~~ياخد الذي بيريده من حوايجنا وهو كان معنا بندقيه باربع نملات بفرد جقمق
~~وجوز طبنجيلات ايضا كل واحده باربع نملات وجقمق وبندقيه بنملتين وجقمق وسيف
~~اسكي شام قوي ثمين وباقيت عدد مثل بنيار وسيخ فرنجي مكلف. المراد اخد الكل.
[6.16]
وفتح حوايجي اخد الذي راده ومن جملتهم اخد شاشي باطراف التون بقوله لي لا
~~حاجه لك في الشاش وانت ماضي الي بلاد الفرنجيه وراء في سندوق معلمي كياس
~~داخلهم دراهم وكام دسدة طرابيش تونسليات فاستدل من ذلك بان كياس الخرجيه
~~والطرابيش لليساره فاخدهم. حيند اشتد معلمي بالغضب والتفت الي القبطان
~~بقوله له هل تريد تشلحني وتاخد حوايجي اما تعلم باني انا مرسل من قبل سلطان
~~فرنسا للسياحه واخرج ارواه الفرمان الذي اعطاه له الملك المذكور توصاي فيه
~~الي جميع القناصر الذين قاطنين في بلاد الشرق فاجابه القبطان انا سلطان في
~~مركبي وبما اني رايتك في مركب عدو فلي ما اشلحك امضي ضع فرمانك في الماء
~~واشرب ميته.
[6.17]
ففي ذلك الوقت شهد عليه تاني قبطان ومدبرين المركب فما انخش من كلامه
~~القبطان وضبط الجميع فتركه معلمي يعمل الذي بيريده الي حين ما يصلوا الي
~~ليكورنه فاستقمنا ذلك اليوم وتاني يوم من باكر دخلنا الي اسكلة ليكورنا
~~ولما رسي المركب في الاسكله وبعد قليل دخل ذلك القايق الذي كان هرب بسناديق
~~المرجان وغروش الريال من امام مركب برمون القرصان واعطاه خبر كيف انه هرب
~~باثمن ما في المركب فلما راه القبطان فصعب عليه قوي كثير لكن ايش عاد يفيد
~~طار الطير من يده.
[6.18]
اخيرا امر القبطان بان ينزلوا قبطان الانكليزي وطايفته الي القايق ويمضوا
~~بهم الي دار الكرتينا فبعدما القوهم في ذلك المكان رجع القايق الي المركب
~~فبعده اخرج القبطان حوايجنا من غير الذي اخدهم سابقا ونزلوهم في القايق
~~ونزلت انا ومعلمي ايضا في القايق ورحنا الي دار الكرنتينا فنزلنا هناك
~~واعطونا اوضه وهو مكان شرح وما يدوره قناه عريض وداخل القناه ماء البحر
~~والمكان كانه جزيره.
[6.19]
فاستقمنا ذلك اليوم وثاني يوم من باكر كتب معلمي مكتوب وارسله الي قنصر
~~الفرنساويه في مدينة ليكورنه الذي هو بمقام ايلجي مرسل من قبل سلطان فرنسا
~~فلما وصله المكتوب سال عنه اهل صرايته من هو هذا الرجل فكان القبطان سبق
~~واخبر الي حواشي القنصر بان هذا الرجل من الفشارين الذين بيدوروا في الدنيا
~~اذا اشتكي الي حضرة القنصر لا تسمعوله لانه كذاب ومعه فرمان براني تقليد
~~فاجابوا الي حضرة القنصر بكلام الذي انورد اليهم من القبطان فصدق كلامهم
~~القنصر فما رد جواب. اما معلمي اصطبر ذلك اليوم فما جا له جواب من القنصر
~~فتاني يوم كتب ايضا مكتوب وارسله الي القنصر فما التفت القنصر ايضا الي
~~ثاني مكتوب وبقينا ذلك النهار ايضا وما جانا جواب.
[6.20]
وفي ذلك النهار كنت الفقير بتمشا قريب من منزلنا فرايت من بعد ذلك اليسير
~~الذي خطفت من يده الكمر وهو بيتمشي ايضا فخطر في بالي ذلك الكمر فمضيت
~~ومديت يدي لذلك الخرج الذي كنت وضعت فيه الكمر فرايت الكمر كما وضعته بين
~~الطنجره والصحون فاخرجته من ذلك الخرج وخرجت الي خارج وصرت ارويه هو من بعد
~~واناديه فلما قرب لعندي ونضر الكمر انطرح علي الارض علي وجهه وما بقا له
~~عزم بانه يقوم من فرحه.
[6.21]
حيند مضيت الي عنده ومسكت بيده فنهض وصار يبوس ايديي ويشكرني فقلته يا
~~اخي اشكر الله تعالي الذي اعماهم عن كمرك اما نضرت كيف انهم فتشوا حوايجنا
~~والخرج الذي كان موضوع فيه الكمر وما قشعوه وهذا صار عنايه من ربنا لحسنة
~~اعيالك. اخيرا راد يفتح ذلك الكمر حتي يعطيني منه جزء فما قبلت اخد منه شي
~~واطلقه.
[6.22]
اخيرا مضي النهار وما جا لمعلمي جواب فانحصر في الغايه وقلي نهار غدي
~~بتنضر الذي بده يسير في القبطان وجماعته ولما كان ثالث يوم باكر كتب مكتوب
~~وارسله الي القنصر وامره بامر قاطع من قبل سلطان فرنسا بانه يقوم يجي الي
~~النزريت ويسمع دعوته علي قبطان برمون وكتب له بعض اشارات من السلطنه حتي
~~يعرفه بانه مرسول من قبل الملك.
[6.23]
فما فات مقدار ساعه والا رايت خارج من باب المدينه جمهور عظيم وكان
~~القنصر راكب عرابانته ومعه حواشيه وجميع تجار الفرنساويه فدخلوا جميعهم
~~داخل النزريت قاطع القناه فطلع الي ملاقاته قبطان النزريت واستقبله واحضر
~~له كرسي والي باقيت التجار ايضا كراسي فجلسوا جميعهم وجميع خدامهم وقوف
~~امامهم شالحين برانيتهم بغاية الاحتشام. حيند امر حضرة القنصر الي قبطان
~~النزريت بانه يدعي خواجه بول لوكا الفرنساي الذي هو وقتيد في النزريت امامه
~~فامر القبطان الي الذي هو موكل حراسة الاوادم الذين خرجوا من مركب قبطان
~~برمون ويدعي خواجه بول لوكا امام حضرة القنصر.
[6.24]
فاجا الينا ذلك الحارس وكلف معلمي حتي يمضي يواجه حضرة القنصر فنهض معلمي
~~ولبس فروته واخد الفرمان معه وقلي الحقني فمشينا معا الي مقابلة القنصر
~~فلما امتثل امامه وكان اول كلامه له لا يحصل منك مواخده يا سيدي القنصر في
~~تكليف الخاطر في مجيك الي عندي كان بيكفي ترسل احقر خدامك حتي يقضي هل دعوه
~~التي بيني وبين قبطان برمون ودعوت الملك الله يحفظه التي بتخص الي سيادته
~~تلك بتلزمك بانك تقضيها وترد جوابها الي سيادته فاجابه القنصر ما هي دعوتك
~~وما الذي بتندعي علي قبطان برمون.
[6.25]
فقله اولا نهبني واخد امتعتي وانا التقيت رجل فرنساوي ولما قلتله باني
~~مرسل من قبل سلطان فرنساء ومعي منه فرمان فاجابني بقوله لي انا سلطان في
~~مركبي وفرمان الذي معك انا ما بعمل فيه روح انقعه واشرب ميته والي في هذا
~~شهود مدبرين المركب واخرج الفرمان من عبه وارواه الي القنصر فامر القنصر في
~~اخد الفرمان حتي يقراه فمدوا من تلك الناحيه قصبه وراسها مشقوق فدخلوا
~~الفرمان في شق تلك القصبه وبخروا الفرمان واعطوه الي حضرة القنصر.
[6.26]
فلما اخده وقراه فللوقت نهض من علي الكرسي وكشف الي معلمي البرنيطه وصار
~~ياخد بخاطره بقوله لا تواخدني بلغوني عنك خلاف ما انت فيه وامر في الحال
~~الي تباعه بانهم يمضوا الي الاسكله ويحضروا القبطان وجماعته الي النزاريت
~~فمضوا وامروا القبطان من قبل القنصر بانه يمضي هو وجماعته الي النزاريت
~~فلما وصل الي عندنا وامتثل هو وجماعته امام القنصر فساله القنصر هل انه لفض
~~ما قاله عنه بول لوكا كما دكرنا فنكر.
[6.27]
حيند التفت معلمي الي الشهود فما قدروا ينكروا لان صار ذلك في حضور اهل
~~المركب. حيند شهدوا بالحق كما لفض القبطان كلمه بكلمه وبعدما شهدوا واثبت
~~شهادتهم القنصر امر بان يحبسوا القبطان في النزاريت واصرف جماعته الي
~~مركبهم وابقي الدعوه الي ثاني يوم وودع معلمي وانصرف الي بيته ونحن رجعنا
~~الي منزولنا وثاني يوم اجا القنصر صحبة جماعته والتجار مثل اول يوم وعقدوا
~~ديوان وارسل القنصر واحضر القبطان امامه وامر بان يجيبوا من المركب جميع
~~الحوايج التي اختلسها من معلمي الي النزاريت امامه فلما احضروهم ارسل كلف
~~الي معلمي بانه يحضر وياخد حوايجه التي كان اخدها القبطان منه في المركب
~~فلما حضر معلمي امام القنصر وذلك الجمهور نهض القنصر ومن معه علي الاقدام
~~ثم قال لمعلمي القنصر انضر هل ناقص من حوايجك شي.
[6.28]
فامرني معلمي بان اتسلم الحوايج التي لنا فبعدما تسلمتهم فردا فردا
~~بعدتهم قال معلمي ناقصني اربع كياس داخلهم معامله وكيس احمر داخله مايتين
~~وعشرين مداليه اعني فلوس قدم وداخل الكيس خاتم فضه بحجر سليماني وستة
~~دوجينات طرابيش تونسليات فامر القنصر الي القبطان بانه يمضي الي مركبه
~~ويجيب الكياس الذي اخدهم من سندوق معلمي والطرابيش ايضا فاحتج القبطان بان
~~الكياس ما هن له بل انهم كياس اليسراء فاجابه القنصر هل كانوا موجودين في
~~حوايج اليسراء فاجابه القبطان انا رايتهم في سندوق بول لوكاء فانتهره
~~القنصر وقله ما هو لك بان تعرف لمن هن اليس اخدتهم من سندوق هل رجل امضي
~~واسرع واتي بهم الي هاهنا.
[6.29]
فمضي القبطان الي مركبه وجاب الكياس والطرابيش ما عدا كيس المداليا
~~المذكور فطلب معلمي كيس المذكور من القبطان فاجابه القبطان هذا الذي اخدته
~~من سندوقك ما ريت غير هذه الكياس فالتفت معلمي وقال للقنصر بان هل كيس
~~المداليات مدون في كنسريت تونس وهو مخصص لحضرة الملك لان في كل سياحتي ما
~~رايت مثلهم وبريد بل بسمح للقبطان بان ياخد جميع حوايجي ويرد لي الكيس
~~المذكور.
[6.30]
وهذه كانت مكيده من معلمي لاجل نكايت القبطان والكيس الذي دكره صحيح
~~وداخله خاتم لكن المداليات كان اودعهم عند قنصر تونس وباقيت اشيا التي
~~جبناها من بلاد الغرب في دورته وهكذا كان يفعله في كل مدينة التي موجود
~~فيها قنصر كان يودع عنده من مداليات وكتب وحجاره مصوره ومن حجاره ثمينه وما
~~يشبه ذلك ويدونهم في الكنسلريه وياخد ورقة وصولهم من القنصر حتي يبقي
~~يرسلهم الي مرسيليا ومن هناك ياخدهم معه الي بهريز.
[6.31]
فلما سمع القنصر من معلمي هل كلام تاكد عنده وجود هل كيس فامر ثاني مره
~~للقبطان بانه يروح الي المركب وينقب علي هذا الكيس فاجابه القبطان بقوله له
~~بطلب من فضلك بانك تامر ناس من قبلك يروحوا معي يفتشوا المركب مكان مكان
~~لعلهم يروه لاني انا ما رايته ولا لي علم فيه. حيند القنصر استمن معلمي
~~بانه يروح الي المركب وارسل معه الكنسلير واثنين من تباعه حتي يفتشوا كامرة
~~القبطان وسندوقه وسناديق باقيت اهل المركب لعلهم يروه.
[6.32]
فمضي معلمي صحبة المذكورين الي المركب وفتشوا كامرة القبطان فراوا الكيس
~~المذكور وداخله الخاتم فرجعوا امام القنصر والكيس في يدهم فلما راه القنصر
~~التفت الي القبطان وقال له ها ان الكيس انوجد بعلامته اين اخفيت المداليات
~~التي هنه الي سلطان فرنسا هل بتقدر تنكرهم فصار القبطان يقسم ويندر علي
~~حاله بالقتل انكان له خبر او جلية اثر من هل مداليات فحار القنصر في هل
~~دعوه وما عاد يعرف كيف يعمل.
[6.33]
فشاروا عليه حيند التجار بانه يرسل ويحضر اهل المركب جميعهم ويفحصهم لعل
~~يبين اثار هل مداليات فامتتل القنصر كلامهم وامر باحضار اهل المركب جميعهم
~~حتي النوتيه فلما حضروا امام القنصر فصار يسالهم واحد بعد واحد هل لهم علم
~~في هل مداليات فانكروا جميعهم فغضب القنصر وامر بحبس جميعهم وتهدد البعض
~~المتقربين الي اوضه القبطان بالعداب انما ظهروا المداليات فلما سمعوا
~~النوتيه في الحبس صاروا يقولوا ما احد منا له دنب انما الدنب للسنتينيله
~~اعني حارس كامرة القبطان وخزنة البارود كان يسمح لرفقاته حتي ينشلوا من
~~حوايج اليساره.
[6.34]
فلما سمعوا منهم هل كلام اخبروا القنصر بالذي قالوه النوتيه فاحضرهم
~~امامه وسالهم فاحكالوا بالذي صار والخيانه من حارس كامرة القبضان. حيند
~~احضر الحارس امامه وساله هل انه اغتلس شي من كامرت القبطان فنكر وحلف بانه
~~ما اغتلس شي. حيند شهدوا عليه النوتيه فلما شهدوا حكم عليه القنصر بالشنق
~~ان ما جاب المداليات وامر في مسكه وداروا كتافه وساقوه للشنق.
[6.35]
فلما راء معلمي بان هل مكيده الة الي القتل وان الرجل بري فخاف ليلا
~~القنصر يفرط فيه ويطالب في دمه فقال للقنصر لا تعجل في الحكم ابقي هل رجل
~~في الحبس الي حين ما نفحص وننقب علي باقيت اهل المركب لعلنا ناخد خبرهم.
~~اخيرا افعل ما بدا لك فابقاه في السجن ولاجل ان القنصر كان فزعان ليلا
~~يجيله عتب وتوبيخ من الوزير فامر في حبس الجميع وارسل الي اغة المينا وامره
~~بانه يرفع دفت المركب ويرتسم عليه الي حين ما يبعتله امر من عنده واخد
~~الكيس وختمه بحضور الجميع وقال الي معلمي بانه بيرسل الكيس وصورة الدعوه
~~الي الوزير وكيف ما امر الوزير منفعل وبقيوا اهل المركب والقبطان في
~~النزاريت.
[6.36]
حيند مضي القنصر وجماعته والتجار الي محلهم ونحن رجعنا الي مكاننا وانفضت
~~الدعوه علي هذا المنوال واستقمنا في النزاريت الي كمالت العشرين يوم وبعده
~~اجا الحكيم باشي الي النزاريت ودعانا امامه وتفرس فينا واحد فواحد ليلا
~~يكون احدنا فيه مرض وبعدما احدق فينا جميعنا فامرنا بان كل واحد منا يدق في
~~يده تحت ابطاته ويدق علي جوالبه. اخيرا بخرونا واطلقونا.
[6.37]
فمضينا الي المدينه ولما دخلنا في باب المدينه حضروا جماعة الحاكم وفتشوا
~~حوايجنا ليلا يكون معنا تتن او ملح او عرق لان هل ثلاثة عليهم ميري وكل من
~~هو بينهم شي بيرسلوه الي الكريك لا محاله وبيضبطوا التتن الذي معه فالفقير
~~كان معي اربعين ربطة تتن قوي طيب من تونس وقبل بليله بلغني خبر بان الذي
~~بيهرب تتن بيضعوه في الكريك والذي بيضهره بياخدوا منه ميري علي كل رطل حلبي
~~اربع غروش وهذا جا عليه حتي لا احد ينقل تتن معه الي تلك البلاد لانهم
~~بيرسلوا بيجيبوا تتن من غير بلاد علي كيس الميري بيقف في يدهم كل ثلاثة
~~اربعة ارطال بغرش وهن بيبيعوه كل رطل باربع غروش والملح كذلك.
[6.38]
فلما سمعت هل خبر حرت في امري كيف اعمل فافتكرت في اني كيف اهرب ذلك
~~التتن الذي معي وما افتكرت في الخطر الذي بيعقبه ففتقت الفراش الذي كان
~~معنا وكتيت الصوف الذي فيه وصرت اشق الربطات التتن وامدهم داخل الفراش واضع
~~فوقهم وتحتهم من ذلك الصوف واخيرا خيطت الفراش وجعلت فيه البصامير كما كان
~~في السابق فبقي من التتن خمسة ربطات فما سخيت فيهم ان اعطيهم الي حارسنا
~~الذي كان في خدمتنا تلك المده فخلج في بالي فكر وهو اني فتحت سندوق الذي
~~فيه قناني النبيد واخرجت القناني من السندق والكتيت الذي هو تحت القناني
~~وشقيت تلك الربطات ووضعتهم تحت ذلك الكتيت ورجعت القناني كما كانوا وقفلت
~~السندوق.
[6.39]
فلما دنوا منا جماعة الحاكم وفتشوا حوايجنا وكان الفراش ملفوف في بساط
~~ومربوط بحبل ففكوا الحبل ورفعوا البساط فراوا فراش ومخده زغيره وما راو غير
~~شي تركوه وقالوا لي افتح هل سندوق ففتحت لهم السندوق فراوا فيه قناني
~~النبيد فتركوه ايضا وكانوا فتشوا باقيت حوايجنا وخراجنا فما راوا شي فاذنوا
~~لنا بان نرفع حوايجنا ونذهب فحملنا حوايجنا للحمالين ومضينا الي بيت رجل
~~فرنساوي متزوج في ليكورنا وكان صاحب معلمي.
[6.40]
فلما دخلنا الي بيته فاستقبلنا بغاية الاكرام وفي الحال امر خدامه فنقلوا
~~حوايجنا الي اعلا المكان وهيا الي معلمي اوضه مفروشه بتخت مكلف وكراسي وما
~~يشبه ذلك مما يخص من الاوض المكلفات واعطوني انا ايضا اوضه ودخلوا حوايجنا
~~الي تلك الاوضه. حيند خرجت حرمت ذلك الرجل واسترحبت فينا وهنت معلمي علي
~~سلامته ووصوله الي بلاد المسيحيه بالسلامه فبعدما سلموا علي بعضهم دخل
~~معلمي وغير حوايج السفر ولبس غير ثياب كاسم بلادنا وبعده حضر الحلاق حلق
~~الي معلمي فامره بان يحلقلي انا ايضا.
[6.41]
فجلست علي الكرسي وبعدما خسل وجهي ودقني اخد الموس ومره علي دقني وفي
~~مرته الموس اخد نصف شواربي فلما حسيت بانه حلق نصف شواربي صرخت فيه صوت حتي
~~ارعبته فوقف الحلاق وبهت وقلي ما بالك انا ما جرحتك قلتله يا ليتك كنت
~~جرحتني ولا كنت حلقت شواربي اما بتعرف اولاد الشرق ما بيحلقوا شواربهم
~~متلكم. اخيرا غصب عني تركته يحلق نصف الاخر لان في تلك البلاد بيحلقوا
~~لحاهم وشواربهم جميعهم حتي الكهنه ما عدا بادريت الكبوجين.
[6.42]
فاستقمنا ذلك اليوم في بيت ذلك الرجل بغاية العز والاكرام وكانوا بعض من
~~التجار يجوا لعند معلمي حتي يهنوه بالسلامه وكانوا يترجوه في قبطان برمون
~~المذكور بانه يسامحه ولا يدع دعوته تتصل الي الوزير فكان يقلهم هل دعوه ما
~~بقت في يدي لانها تسجلت عليه في حضوركم وحضور القنصر فبقت في يد الوزير
~~وتحت امره هذا شي ما بيتم في هل بلد لا تتعبوا خاطركم فاستقاموا ثلاثة ايام
~~وفي كل يوم يجوا ويترحبوا فيه. اخيرا بعد الثلاثة ايام وبالجهد حتي اعطاهم
~~قرار بانه يسامحه فشكروا فضله ومضوا الي عند القنصر واحكوله بان خواجه بول
~~لوكا سمح عن القبطان وهو بيرد جواب للوزير.
[6.43]
حيند القنصر هيا وليمه وارسل كاخيته حتي كلف معلمي في ثاني يوم يمضي
~~معلمي الي بيت القنصر ويتغدي عنده فرضي معلمي بذلك وثاني يوم ارسل ايضا
~~القنصر كاخيته وكلف معلمي بالرواح فمضي معه الي صرايت القنصر فلما تواجهوا
~~وسلموا علي بعضهم حيند القنصر سال الي معلمي هل له اراده في اطلاق القبطان
~~وطايفته من السجن فاجابه معلمي كرما لخاطرك وخاطر التجار انا بحمل هل دنب
~~علي حالي اطلقهم يروحوا في حال سبيلهم.
[6.44]
فشكر فضله القنصر وارسل في الحال واحضر القبطان وطايفته امامه وقال
~~للقبطان اشكر فضل هل خواجه ولو ما يسمح عنك لكنت استقمت في السجن انت
~~وطايفتك الي حين ما يجي جواب من حضرة الوزير او في ارسالك الي عنده او في
~~ضبط مركبك ومالك حتي يتادب غيرك لانك عوض ما تعمل اكرام لفرمان السلطان
~~وللذي حامله عملت لهم حقاره وحقارتك هذه اتصلت الي صاحب الفرمان اعني به
~~حضرة الملك. حيند ارتمي القبطان علي معلمي وقبله واستبري منه ذمه وتصالحوا.
~~اخيرا جلسوا علي المايده جميعا وشربوا بسر بعضهم البعض بغاية الفرح والسرور
~~ومضي كل منهم في حال سبيله.
[6.45]
وبعد ذلك اليوم خرجت انا الفقير ادور في شوارع المدينه وانا باهت بشوفتي
~~شي قط ما شفته لان اول بلد الذي دخلتها من بلاد المسيحيه ولما رايت النسا
~~في الدكاكين بيبيعوا وبيشتروا كانهم رجال وبيتمشوا في الطرق مكشوفين الوجوه
~~من غير ستار فصرت كاني قاشع منام وفي ذلك الوقت مريت في شارع من شوارع
~~المدينه فسمعت واحد بيناديني بلسان العربي فالتفت فرايت رجل داخل دكان قهوه
~~فدنوت الي عنده فقال لي السلامه في ابن بلادي ادخل لعندي حتي اشم ريحت بلادي.
[6.46]
فلما دخلت صار يسلم علي بلسان العربي فرديت عليه السلام وسالته من تكون
~~يا اخي ومن اي بلاد انت فاجابني انا حلبي من طايفة الموارنه فقلتله وانا
~~ايضا حلبي. حيند تعانقنا وتصافحنا وامرني بالجلوس عنده وبعدما ضيفني سقاني
~~قهوه وجاب لي غليون تتن وجلسنا نتسامر مع بعضنا وصار بيني وبينه عشره وكنت
~~كل يوم ازوره واساله عن طقوس تلك البلاد فكان يحكيلي عن جميع امورهم
~~الدارجه عندهم.
[6.47]
ويوم اخر وانا بتمشي علي حافة البحر وجدت رجل لابس لبس بلادنا فدقر
~~وسالني عن بلدي فاجبته انا حلبي فاسترحب في قوي كثير فقلتله لعلك بتعرفني
~~قلي حقا ما بعرفك من تكون الا بما انك ابن بلادنا استانست فيك. حيند قلي
~~امضي معي يا اخي حتي نتمشا واحكيلك بالذي جري علي واصابني من البلا.
[6.48]
فان سالت عني انا رجل من مدينة دمشق الشام من طايفة السريان وكاتوليكي
~~الايمان ابن الكنيسه فطايفة السريان الهراتقه كانوا يضطهدوني حتي انهم
~~سلبوا نصف مالي فلما رايت ما عاد يمكنني باني استقيم في الشام فاخترعت حيله
~~وهي ان استوفيت الذي لي واوفيت الذي علي من غير ان احد يعرف واودعت اتاتي
~~وداري تحت يد واحد من قرايبيني وبينت علي حالي باني اخد عيالي واروح اقدس
~~وكان لي من العيال حرمتي وثلاثة اولاد بنتين وصبي فمضيت صحبة المقادسه
~~وقدست ورجعت من البحر مع مركب الي مدينة صيدا.
[6.49]
فاستقمت مدة ايام في صيدا بستنا مركب حتي اسافر الي بلاد المسيحيه وكانت
~~نيتي اروح اسكن مدينة روميه انا وعيالي وفي تلك الايام وصل الي اسكلت صيداء
~~مركب فرنساوي مسافر الي ازمير فقلت في بالي باني اسافر مع ذلك المركب
~~واتسوق من زمير بضاعه تكون خرج بلاد المسيحيه لان كان معي مبلغ من الدراهم
~~فصممت النيه علي هذا المنوال وسافرت مع ذلك المركب وبعد قليل من الايام
~~وصلنا الي زمير وبعد وصولنا بكام يوم صرت اسال عن بضاعة التي هي مسالكه في
~~بلاد الفرنجيه فاتفق ان رجل ناس ملاح شار علي بان اتسوق بضاعة العجم مثل
~~جيت اصبهاني وراوند وخريسانه وما يشبه ذلك من البضايع التي هي خرج هل بلاد.
[6.50]
فبعدما كملت مسواقي اشتريت كام طنفسه عجميه من شغل خريسان غاليات الثمن
~~وايضا كام قنطار شمع عسلي حتي اخده معي الي روميه لاجل الكنايس وكان جملة
~~قيمة المسواق ينوف عن خمسة الف غرش وابقيت معي مقدار الف غرش دهب بندقي
~~لاجل الخرجيه واستقمت في مدينة ازمير برهت ايام الي ما تهيا مركب مسافر الي
~~مرسيليا وكان مركب كبير وموسوق من تجار ازمير. حيند استكريت مع ذلك المركب
~~واوسقت فيه جميع البضاعه التي تسوقتها من ازمير وبعد كام يوم سافر المركب
~~قاصد مينة مرسيليا.
[6.51]
ولما وصلنا قرب جزيره مالتا فراء القبطان مركب من بعد فخاف ليلا يكون
~~قرصان انكليز دخل الي مينة مالتا فاستقمنا هناك مرسيين عشرة ايام خوفا من
~~ذلك القرصان وبعد هل مده اخد خبر قبطاننا بان ذلك المركب مضي الي طرف الشرق
~~والبحر نضف من القرصان فجزم علي السفر وكان خروجنا من مالتا بالليل وكان
~~الريح معنا فلما اصبح علينا الصباح فراينا مركب مقابيلنا من مراكب
~~الجننكجيه باربعين طوب ومركبنا بعشرين طوب.
[6.52]
حيند تهيوا الاثنين للجنك وصاروا يضربوا علي بعضهم المدافع وفي ذلك الوقت
~~نزلت انا وعيالي للعنبر ونحن في غاية الخوف والفزع خصوصا حرمتي واولادها
~~وناهيك عن حرمه التي التقت في جنك مثل هذا فايسنا من الحيوة وصارت الام
~~تبكي علي اولادها والاولاد يبكوا علي امهم وانا بقيت مثل الضايع عن رشده
~~وحواسه. اخيرا فلما راء ذلك القبطان بان مركبنا ما عمال بيسلم فصار يضرب
~~صايب وقتل من مركبنا وانجرح ناس كثير وانكسر صاريه الواحد وبقا علي حال
~~التلف وما عاد يمكنه يقاوم ذلك المركب بوجه من الوجوه فسلم حاله لذلك
~~الجنكجي.
[6.53]
اخيرا اخدونا ومضوا بنا الي ليكورنا واخرجونا من ذلك المركب وارمونا في
~~دار النزريت وضبطوا جميع مالنا ما عدا سندوق حرمتي ما سطعوه بما انه سندوق
~~حرمه عملوا معها رحمه واعطوها اياه وكان موجود في السندوق كيس خرجيتها
~~داخله مقدار ماية غرش ومساغها بيساوي خمسماية غرش وهذه التي تبقت من
~~دراهمنا والان منعيش منها والاولاد حطيتهم في كارات والحرمه جالسه في البيت
~~مند ثلاثه اشهر ما خرجت الي المدينه لاجل انها ما بتقدر تخرج من غير غطا
~~وستار وانا عجزت عنها لكن بطلب من فضلك بما انك ابن بلادنا لعلها تسمع منك
~~وتخرج تشم هوا وترفع هل وهم عنها.
[6.54]
فاجبته تكرم اينا وقت الذي بتريده بمضي معك فقلي غدي نهار احد وانا
~~بستناك في الكنيسه ومنروح معا للبيت لعلها بتخرج معنا الي برات المدينه حتي
~~تتنزه شويه فاستقمنا علي هذا الراي الي ثاني يوم وبعدما حضرنا القداس
~~الالهي مضيت معه الي بيته فلما دخلت رايت موضوع ستار وهي من داخله فسلمت
~~عليها فردت علي السلام من داخل الستار وما رادة تحضر امامي فقلت لها ما هذا
~~الجنون اخرجي وانضري جميع النسا دايرين من غير ستار ولا احد بينضر الي احد
~~وهذه بلاد مسيحيه والحجاب منها مرفوع.
[6.55]
وبعد كلام كثير ما امكن انها تاني بالخروج من غير ستار. اخيرا قلت لها هل
~~عندك خمار قالت نعم قلت تغطي بالخمار واخرجي معنا فامتثلت لقولي واخرجت من
~~سندوقها بدله مكلفه وخمار زلف وبعدما لبست بدلتها فغطت بذلك الخمار وخرجت
~~معنا هي واولادها الي ان خرجنا من باب المدينه.
[6.56]
وفي ذلك الوقت كان كثير من الناس والنسا خارجين بيتمشوا خارج البلد فلما
~~راوا هذه الحرمه مغطايه صار كل منهم يجي الي طرفنا ويماطي هامه لينضر وجهها
~~ويسالونا لماذا هل حرمه مغطايه فحرنا كيف نرد جواب لتلك الاوادم وخصوصا
~~للنسا وصارة علينا لمه من رجال ونسا شي كثير فما عاد يمكننا اننا نمشي في
~~ذلك الطريق فما عاد وسعنا الا اننا نحيد عن ذلك الطريق والتجينا في كهف جبل
~~قريب من البحر.
[6.57]
فلما انتهينا الي ذلك المكان وغبنا عن نضر الناس حيند التفت الي تلك
~~الحرمه وقلت لها انكان بتريدي اني امشي معكم ارفعي هذا الغطا عن هامك وامشي
~~بزي النسا السايرات وما احد بيلتفت اليك فابت وما رادت انها ترفع الغطا
~~فلما رايت انها استقامة علي عزمها فتركتهم ومضيت راجعا الي المدينه وما
~~عرفت كيف صار فيهم ومن هذا قد تبين لي بان نسا بلادنا ما بيقدروا يسلكوا
~~سلوك نسا تلك البلاد لاجل انهم ربيوا في الخبا.
[6.58]
ويوم اخر وانا جالس عند صاحبي القهواتي الحلبي المذكور فدخل الي عنده
~~واحد شب بهي المنضر طويل القامه ولايح عليه اثارات النعمه والاحتشام فبعد
~~ما شرب قهوه خرج من عنده وراح في حال سبيله لكني قوي حبيته بزياده لحسن
~~منضره واحتشامه فسالت ذلك القهواتي من يكون ذلك الشاب فقلي هذا ابن الميته
~~وحكايته غريبه وصار يحكيلي عن خبره.
[6.59]
هو ان ابو هل شاب رجل تاجر وكثير الغنا فتزوج ببنت رجل تاجر ايضا فلما
~~تكلل معها اعطاها خاتم الماس بيساوي خمسماية غرس كما بيفعلوا في رتبة
~~الكليل انهم بيعطوا خاتم الرجل الي الامراه وخاتم الامراه الي الرجل وبعدما
~~انتها الكليل مضيت مع جمله من اهلها الي بيت عريسها واستقامة عنده مده من
~~الزمان فصارت تسمن كل يوم عن يوم حتي سمنت غاية السمن فيوم من ذات الايام
~~نضر رجلها الي يدها فراء الخاتم غارز في اصبعتها من عظم سمنها فراد يخرج
~~ذلك الخاتم من اصبعها ليلا يولمها فما امكنه ان يخرجه.
[6.60]
فارسل واحضر السايغ الي عنده وامره بانه يكسر الخاتم ويخرجه من اصبعها
~~فلما بلغها الخبر بان جاء السايغ حتي يكسر الخاتم ويخرجه من اصبعها فما
~~قبلت ومضت الي عند رجلها وتوسلت اليه بانه لا يسمح لذلك السايغ بانه يكسر
~~الخاتم وان الخاتم ما بياسيها وهي مبسوطه منه فصار يقلها رجلها انا امرت
~~السايغ بانه يسيغه من جديد فاجابته انكان بتحب خاطري ابقي هل خاتم في اصبعي
~~ولو مت فيه وكان رجلها يحبها في غاية المحبه فما راد يندقر خاطرها فاصرف
~~الصايغ وبقي الخاتم في اصبعها مده من الزمان.
[6.61]
فيوم من الايام وهي جالسه فما راوها الا انها غشيت وغابة عن حواسها وبعد
~~ساعتين ماتت وكان في تلك الايام صاير في البلد موت فجا كثير فلما تحققوا
~~موتها جنزوها وشلحوها ثيابها ورادوا يخرجوا الخاتم من اصبعها فما قدروا.
~~حيند شاوروا رجلها حتي يقطعوا اصبعها ويخرجوا الخاتم فاتدكر كلامها بان لا
~~تخرج هل خاتم من يدي ولو مت فيه فمنعهم بان لا يخرجوه ابقوه في يدها. اخيرا
~~كفنوها ووضعوها في سندوق ونزلوا السندوق في الخشخاشه كجاري عوايدهم ومضوا.
[6.62]
وكان واحد من الذين حضروا تكفينها وراء بان الخاتم بقي في يدها فكمن تلك
~~الليله في حوش المقبره الي ان صار نصف الليل فتح باب الخشخاشه ونزل الي تحت
~~وكان مستحضر معه شمعه وقداحه وكبريته فبعدما شعل الشمعه وركزها في الارض
~~فكشف غطا السندوق ومد يده داخل الكفن واخرج يدها اليمين التي فيها الخاتم
~~وسابق علمه بان الخاتم ما بيخرج فاستل سكينته وقطع الاصبعة الموجود فيها
~~الخاتم فلما خرج الدم فاقة الميته من غشوتها وصاحة بصوت عالي فين انا فلما
~~سمع صوتها ذلك الرجل ارتاع ليلا تعرفه فابقي الشمعه والسكين وهرب.
[6.63]
فلما استفاقة الحرمه علي حالها وراءت ذاتها موضوعه في سندوق ومكفنه وهي
~~موضوعه في الخشخاشه بين الموته فصارت تعيط وتولول حتي من شدة صراخها فاق
~~قندلفت الكنيسه وبادر الي الخشخاشه حتي ينضر من هو الذي بيعيط وبيولول فراء
~~طابقة الخشخاشه مرفوعه وداخل المكان شمعه مشعوله فاندهل ذلك القندلفت من
~~ذلك المنضر وتلك الصوات الخارجه من بين الموتي فمضي سرعا ونبه الريس
~~والرهبان واحكالهم بالذي راه وسمعه داخل الخشخاشه.
[6.64]
فاتوا جميعهم حتي ينضروا الذي صاير في ذلك المكان فراوا كما احكي لهم
~~القندلفت فارتاعوا جميعهم من هذا الامر المفزع المرعب وصاروا يسجعوا البعض
~~منهم بان احدهم ينزل ويكشف لهم الخبر فما احد صار له جرعه بالنزول غير ذلك
~~القندلفت فقال للريس صلي علي يا ابانا انا بنزل فباركه الريس وبعده شدوه
~~بحبل ونزلوه الي اسفل المكان فلما انحدر الي الاسفل فراء تلك الشمعه مشعوله
~~قرب ذلك السندوق الذي فيه تلك الحرمه التي قامت من الموت وهي لا زال تعيط وتبكي.
[6.65]
فدنا من السندوق وهو مرتجف ومرعوب. حيند سجع ذاته وقال من تكون يا ايها
~~المايت فاجابته تلك الامراه من داخل السندوق انا فلانه حرمة فلان الحقني
~~كرامة الله واخرجني لاني قاربت الموت. حيند دنا منها واخرجها من السندق
~~والدم شارر من يدها والسكين بقرب من السندوق فاعتجب ذلك الراهب وما امكنه
~~يعرف بالذي جري لهذه الحرمه.
[6.66]
اخيرا اخرجوها من تلك الخشخاشه وتفرسوا فيها فعرفوها انها فلانه التي
~~جنزوها باليوم الماضي فسالوها من الذي جرح يدها فاجابتهم ما بعرف الا ان
~~فقت من رقادي ورايت اني في سندوق ويدي مجروحه والدم خارج منها فلما تفرسوا
~~في يدها وجدوا اصبعها الواحد مقطوع نصف قطع والخاتم عالق بخنصرها. حيند
~~عرفوا بانها ما ماتت انما الدم حقن علي قلبها وغشاها ولما قطعوا اصبعها خرج
~~الدم الحاقن علي قلبها ففاقت وكان سبب حياتها ذلك الخاتم. حيند ارسلوا
~~خبروا بعلها واقرباها فاتوا واخدواها الي بيتها وهي بغاية العافيه وبعد هل
~~مصيبه التي دهمتها جابت ثلاثة اولاد اثنين دكوره وبنت وهذا الشاب الذي
~~رايته الان هو واحد من الثلاثه.
[6.67]
ويوم اخر وانا بتمشا في شوارع المدينه فرايت عسكر ماشي كانه متهيي للسفر
~~وكل واحد منهم مسلح بعده كامله وصايرين بلكات وكل بلك ماشي وحده بطبله
~~ونفيره وقبطانه اعني بلك باشيه فسالت واحد ما هذا العسكر فاجابني بان في كل
~~راس شهر بيجتمع العسكر في فلان ساحه وهي مكان متتسع لاجل تعليم العسكر لما
~~بيكون في الحرب فمضيت انا الفقير الي تلك الساحه ووقفت في مكان عالي مع
~~جملة اناس فرايت في راس تلك الساحه مكان عالي وجالس رجل عليه القدر والقيمه
~~بثياب فاخره وهو صاري عسكر.
[6.68]
وكل واحد من البلكات فيمر من امامه واذا راء واحد من العسكر عدته ما هي
~~نضيفه او ناقص شي منها بيامر في تعديبه اعني بيضربوه ماية كرباج علي لواياه
~~امامه حتي يعتبر غيره وبعد مرور البلكات امامه بيصطفوا البلكات امام بعضهم
~~حتي تراهم ما بيزل قدم عن قدم حتي تكامل الصفوف وهي اثني عشر صف وكل ستة
~~منهم مفروقه عن ستة الاخر بشي قليل وفي ذلك الوقت دقت طبول الستة بلكات
~~المتقدمين قدام وبواسطة نقرة الطبول بتدل للجنود بانهم يرفعوا دفنكهم بيد
~~الواحده اليمين الي فوق.
[6.69]
ثم غيروا النقره وهي بتدل بان كل واحد يتكي الدفنكه علي كتفه وكانه ماسك
~~نيشان وكنت تراهم جميعهم ماسكين تفنكهم فرد مسك ما بيزل الواحد عن الاخر شي
~~كانهم كلهم كواحد واذا نضرت الي اقدامهم فتراء اقدامهم ايضا ما بيزل القدم
~~عن القدم محط شعيره فنقرت الطبول غير تلك النقره فانداروا جميعهم علي جنب
~~اليمين فتغيره النقره فانداروا علي جنب الشمال ورجعوا وقفوا سوا وهن ماسكين
~~نيشان ومتهيين للضرب. اخيرا بوقوا بالنفير ودقت جميع الطبول وهذه علامة
~~بانهم يفرغوا تفنكهم علي ذلك الاصلوب الذين كانوا منظومين فيه كما دكرنا.
[6.70]
حيند تغيرت نقرت الطبول وصوطة البلوك باشيه فما رايت الا دخلت الستة
~~بلكات المتاخره ما بين الذين كانوا قدام وفي لحظه واحده انبدلوا وصارت
~~المتقدمين وراء والذين كانوا ورا صاروا قدام وفعلوا فعل الاوليين والاولين
~~بركوا علي ركبهم حتي يدكوا تفنكهم الي حينما يكونوا اوليك فرغوا تفنكهم
~~والحكي ما هو مثل النضر وما بيمكني ان اقدر اشرح وادون الحركات التي رايتها
~~في هذا التعليم الذي ما هو موجود في بلاد الشرقيه ولا له ذكر.
[6.71]
ويوم اخر رايت ايضا تلك الجنود ماشيين علي منوال الاول فتبعتهم الي ان
~~وصلوا الي تلك الساحه فاستطفوا ما يدور الساحه ورايت في الوسط بارك رجل علي
~~ركبته ومكتف اليدين الي قدام وماسك برنيتته بيديه والجلاد واقف فوق راسه
~~وفي يده وثيقه وهي السجل الذي تسجل علي ذلك الرجل فلما كملت البلكات
~~واسطفوا جميعهم حيند بدي الجلاد يقرا السجل وهو ان هذا الرجل خان قايده
~~وهرب وكان مستحق الشنق.
[6.72]
لكن صار له مرحمه من الرجاوات التي صارة فحكم عليه بانه يستقيم ماسور في
~~الكريك ثلاثة سناوات ولكي ينعرف من الجميع بان خاين امرت الشريعه بان شرم
~~انفه وتختم جبهته ومسدغيه بختم السلطان محمي بالنار فبعدما كمل قرااة السجل
~~شرم منخاره وختم جبهته ومسدغيه بذلك الختم الحديد المحمي بالنار. اخيرا
~~مروا من امامه جميع الجنود وصاروا يعطوه احسان ثم تسلمه قبطان مركب الكريك
~~وانفضة الجميعه علي هذا النسق وكلمن راح في حال سبيله.
[6.73]
ويوم اخر صعدت للقلعه مع رجل صاحب وكان هل رجل من تولى القلعه فاخد
~~يفرجني علي كل اماكن القلعه مكان بمكان وفرجني علي تلك الطواب الممسوحين
~~كانهم مرايا من عظم نظافتهم وموضوع علي تقب الذخير ورقه من رصاص ومربوطه في
~~الطوب وفوق الرباط ختم والعجله وبكراتها سريعين الحركه حتي اذا سحبها ولد
~~زغير بتنسحب معه باهون ما تكون.
[6.74]
اخيرا نزلني الي مكان الجباخانه وهي مبنيه باربع صالات تصليب وكل صاله
~~مصفوف فيها صنف من العدد من الجانبين مركوزين علي جناكل من خشب رفيع من
~~الارض الي علو المكان من تفنك وطبنجيليات وسيوف بحدين وسياخ وحراب وغير من
~~العدد وصالت الواحد زروفه سد بولاد وزروفه داوديات اعني ضفر وخود بولاد
~~وتراس ايضا بولاد حتي رايت زروفه سد بولاد مصنوعين لاجل النسا لهم بزاز
~~مقبيه بيقولوا في زمان المتقدم ايام عبادين الاصنام كانت النسا تخرج للحرب
~~وراءيت داخل ذلك المكان اثني عشر رجل لاجل مسح السلاح بالزيت ليلا يعتريه
~~الصدا وكلما خلص جانب من المسح بيبدوا في الاخر حتي يخلصوا الجميع بيرجعوا
~~من اول وجديد الي اول صاله وهلم جراء وهل اثنا عشر رجل لهم علايف
~~وبيستقيموا دايما في ذلك المكان ولما بيموت منهم واحد بيجيبوا غيره.
[6.75]
حيند خطر في بالي قلعت حلب الذي ما لها شبيه في ساير مدن الدنيا لكن
~~طوابها مطمورين اكثرهم في الارض وعجلاتهم مكسره والصدا مغطيهم واذا دخلت
~~برج الجباخانه ترا التراب مزيبق بتغطس الرجل فيه وجميع تلك العدد والصلاحات
~~اكلهم الصدا ومطروحين علي بعضهم من هل قدر اجيال التي مره عليهم من غير مسح
~~ولا تزييت حتي انهم نقلوا بالكليه وما عدا لهم نفع وكل هذا جايه من قلة
~~الاعتنا فيهم وكلامنا هذا ما هو هجو في القلعه والجباخانه لكن في الذين
~~متوكلين علي تلك الخزاين الملوكيه.
[6.76]
اخيرا اصعدني فوق صور المدينه فرايت معمر فوق بدن الصور عزوليات مبنيين
~~من حجر وكل واحده لها طاقه بترمي منهم علي البر ومنهم علي البحر وبين كل
~~واحده لواحده مسافة ماية قدم فسالت ذلك الرجل ما هذه الصومعات فاجابني بان
~~هولاي الصومعات للحراس وهو ان كل بلك من الجنود الذين هم قاطنين في المدينه
~~في كل ليله عليه الحراسه وكل واحد منهم بيدخل الي صومعه وبيستقيم في
~~الحراسه اربع ساعات ثم بيجي غيره الي مكانه وبعد انقضا الساعات المذكوره
~~بيمضي ذلك الجندي وبيجي غيره وهلم جرا الي ان يصبح الصباح.
[6.77]
وكل صومعه معلق فيها جرس وفي كل ساعه بيدق الاولي جرسه ولما بيسمع الثاني
~~بيدق جرسه ايضا والثالث كذلك الي ان يدور دور الصور كله وهذا جا لعينه
~~تنبيه للجنود حتي لا يرقدوا واذا مر اوضاباشيتهم وراء واحد منهم نايم
~~بينبهه وبيضربه كام ضربه بالصوت الذي بيده حتي يطير نومه وهذا النظام جا
~~عليه خوفا من العدو ليلا يكمن في الليل وفي فتوح باب البلد يهجم ويدخل
~~ويملك المدينه.
[6.78]
وليلة الواحده كنت الفقير وذلك الرجل الشامي السرياني الذي مر ذكره كنا
~~نتمشا علي حافة البحر برات باب المدينه فاستقمنا الي غروب الشمس فصار يقلي
~~ذلك الرجل قيم رجلك واسرع بنا ليلا يسكر الباب فجدينا بالمسير الي ان وصلنا
~~مقابل باب المدينه فرايت مقدار خمسين جندي متسلحين ودايرين تفنكهم علي خارج
~~الباب كانهم بيريدوا يقوصوا فلما رايتهم فزعت ورجعت قهقريا فقلي ذلك الرجل
~~ما بالك راجع ادخل لا تخف سوف احكيلك السبب فدخلنا من بين تلك الجنود
~~للمدينه. حيند سالته عن سبب وقوف هل جنود متسلحين ومسكهم هل تفنك فاجابني
~~هذه عاده قديمه عندهم هو انهم في فتوح باب البلد وتسكيره بيقفوا الجنود مثل
~~ما رايت خوفا ليلا يكون العدو مكمن وهذا هو السبب.
[6.79]
وفي تلك الايام ظهر خبر غريب عجيب عن رجل يهودي من اكابر اليهود الذين
~~قاطنين في ليكورنه وهو انه اتفق بان الكران دوك الذي يسما دوك تسكانه الذي
~~هو مالك تلك البلاد وهو قاطن في مدينة فروينسا احتاج دينة دراهم لاجل وفا
~~علايف العسكر وغير مصاريف فالجته الضروره بانه يستدين من احد اكابر بلاده
~~مقدار من المال فلما استشار مدبرين ملكه ممن يستقرد هل مال فاجابوه بان في
~~مدينة ليكورنا رجل يهودي ذو ثروة عظيمه ارسل احظره امامك وهو بيعطيك مهما
~~احتجت من المال.
[6.80]
فرضي الدوك بهذا القول وارسل فاحضره امامه فلما امتثل امامه استقبله
~~باكرام واذن له بالجلوس فبعدما انسه وجانسه قله لزمني ثمانين كيس من
~~الدراهم بريد انك تقرضني هي الي حين ما اجمع المال من مملكتي بوفيك اياها
~~فاجابه ذلك الخبيس الماكر سمعا وطاعه العبد وما ملكت يداه الي سيده وولي
~~نعمته فشكره الدوك وامر كاتب الديوان بان يكتب له وسيقه بهذا المبلغ. حيند
~~نهض ذلك اليهودي وارتمي علي اقدام الدوك قايلا ما هذا يا سيدي هل العبد
~~بياخد من استاده وثيقه المال مالك وانا عبدك فاجابه الدوك انا ما بريد اغدر
~~احد من رعيتي وان كان ما بتريد تاخد الوثيقه انا ايضا ما بريد استدين منك
~~امضي بسلام.
[6.81]
حيند اليهودي افتكر في حيله شيطانيه قط ما انسمعت فاجابه اليهودي انا
~~عندي معلوم يا سيدي بان الاسداد ما بيحمل منيت عبده ولاجل هذا بريد من
~~سيادتك بان تبيعني شي الذي هو تحت تصرفك بهذا المبلغ فقبل البيك وساله ما
~~هو هذا الشي الذي انت طالبه فاجابه ذلك اليهودي الخبيث قايلا بيعني الشمس
~~بهذا المبلغ وكل سنه بعطيك ثمانين كيس واكتب علي وسيقه بحسن قبولي باني
~~ملزوم باعطا هذا المبلغ. وقتيد بهت الدوك وضن بان الرجل مجنون ومضيع رشده.
[6.82]
فاجابه الدوك وقله يا قليل العقل كيف بتريد ابيعك شي ما بملكه هل ان
~~الشمس بتنباع وبتنشري فاجابه اليهودي صدقت يا سيدي بما قلت ولكن اسمح لعبدك
~~بهذا ودع الناس تتضحك علي. حيند مدبرين الملك الذي كانوا حاضرين قالوا
~~للدوك اعطيه يا سيدنا طلبته ودعه انه يضبط الشمس فلما سمع الدوك من
~~المدبرين هل كلام رضي بمقالهم وراد يعرف نهاية هل امر الغريب فامر كاتب
~~الديوان بان يكتب لذلك اليهودي فرمان ويصرفه بالشمس ويكتب عليه وسيقه بانه
~~ملزوم يعطي في كل سنه المال الميري ثمانين كيس من الدراهم التي هي اربعين
~~الف اسكوت اعني غرش فكتب له الفرمان وكتب عليه الوثيقه كما ذكرنا واصرفوه.
[6.83]
وما اهتدي الدوك ولا مدبرين بلاطه خباثة ذلك اليهودي بل استقلوا بعقله
~~وهزوا به فمضي ذلك اليهودي الي بلدته اعني مدينة ليكورنا وفي حال وصوله مضي
~~الي المحكمه وسجل فرمانه وبعد ثلاثة ايام ارسل واحضر الي عنده صاحبين
~~الاراضي التي ينزرع فيها القمح وباقية الحبوب وقري لهم الفرمان العاطيه هو
~~حضرة الدوك بانه صرفه في الشمس وقلهم بان زرعكم ما بينبت الا بواسطة الشمس
~~ولاجل هذا بريد منكم بان تعطوني في كل سنه هل قدر ميري وان ما قبلتوا انا
~~بزرع تلك الاراضي وبعطي ميريها لحضرة الدوك فحاروا في امرهم اوليك الرجال.
[6.84]
اخيرا التزموا بانهم يكتبوله وسيقه بذلك المبلغ الذي طلبه منهم وبعده
~~ارسل واحضر اصحاب البساتين واتفق معهم وكتب عليهم وسيقه واصرفهم وبعده احضر
~~القصارين والسباغين والي كل من هو مفتقر للشمس وكتب علي كل منهم وسيقه فشاع
~~الخبر في المدينه بالذي فعله ذلك اليهودي بموجب فرمان من يد الدوك.
[6.85]
حيند اجتمعت اكابر واعيان البلده واحضروا لعندهم القضاه والاساقفه واهل
~~الاكليرس وضربوا ديوان واتفقوا جميعهم بان هذا الامر ما بيجوز لان الله
~~سبحانه اشرف شمسه علي الاخيار والاشرار وما احد بيقدر بيتصرف بعطية الله
~~لعبيده فاتفقوا جميعهم علي هذا الراي وكتبوا عرض محضر ودونوا خطوط ايادي
~~بانهم ما بيقبلوا ما امر به حضرة الدوك وانتخبوا من ذلك الجمهور كام واحد
~~من اكابر البلد وارسلوهم الي عند حضرة الدوك.
[6.86]
فلما وصلوا وامتثلوا امام الدوك وعملوا التمني الواجب عليهم لحضرته ثم
~~اعطوه العرض محضر الذي مدون فيه اكثر من مايتين اسم من اسافقه وكهنه وروسا
~~ديوره وداكرين له بان حضرة مولانا وولي نعمتنا قد انغش من رجل يهودي عدو
~~ديانتنا وانه في هل امر بيدخل له مال عظيم ينوف عن ثلاتماية كيس ودكروله
~~صورة الواقعه كيف انه رتب علي كل من هو كاره مفتقر الي شمس يعطي ميري هل
~~قدر فلما قراء الدوك العرض محضر غضب غضب شديد وانتبه علي خطيته كيف انه سلم
~~لهل ماكر سيف يضرب به رعيته.
[6.87]
وفي الحال ركب من عنده قايد من قواد بلاطه وامره بانه يسرع ويحضر امامه
~~ذلك اليهودي المكار فمضي ذلك القايد وفي قليل من الزمان احضره فلما امتثل
~~امام الدوك فقله الدوك هكذا بتغشني وبترميني في الخطاء يا خاين الله
~~والسلطان واخد منه الفرمان وجميع التمسكات التي كتبهم علي رعيته وامر بشنقه
~~وضبط ماله ونادي عليه الجلاد هذه جزات من بيغش الملوك.
[6.88]
وفي تلك الايام ايضا صدر امر غريب من رجل يهودي وهو ان هذا الرجل في ايام
~~حداثته طلب انه يتنصر ويعتمد فبعدما ابقوه ثلاثة سناوات في التجربه وفحصوه
~~فحص بليغ فراوه ثابت علي عزمه وما اتزعزع ابدا. حيند امر الاسقف للخوري بان
~~يعمده ويعرفه ويعطيه الاسرار المقدسه وبعده فاستقام ذلك الرجل في الامانه
~~وكل يوم عن يوم يزيد في العباده حتي انه دخل للرهبنه واستقام مدة سنين في
~~العباده وحسن السيره. حيند استحق انهم يلبسوه الاسكيم الرهباني المقدس
~~وبعده قليل من الزمان رسموه كاهن وكان الجميع يشهدوا بحسن سيرته فاستقام
~~مدة سنين كاهنا مهدبا ورعا في غاية ما يكون.
[6.89]
فاتفق ليله من الليالي ان العسس دايرين في شوارع المدينه لاجل الحراسه
~~فمروا من تحت شبابيك ذلك الدير الموجود فيه ذاك الكاهن اليهودي الذي مر
~~ذكره فراوا خارج من بعض الشبابيك دخان عظيم ولميع نار فضنوا بان تلك
~~القلايه احترقت فمضت منهم ناس عاجلا وطرقوا باب الدير طرقا متينا الي ان
~~انتبه الخادم واسرع وفتح الباب فقالوا له الجنود اسرع واطفي النار التي
~~حرقت احد قلالي الدير وها نحنا اتينا حتي نعلمك فمضي ذلك الخادم ونبه الريس
~~والرهبان واخبرهم بحريق القلايه فداروا علي القلالي الي ان وصلوا الي قلاية
~~ذلك الكاهن اليهودي فراوا الدخنه خارجه من شقوق الباب فنتجوا بان القلايه
~~والراهب احترقوا معا.
[6.90]
فامر الريس الرهبان بانهم يخلعوا الباب ويدخلوا عاجلا ليلا يحترق الراهب
~~فعملوا كما امرهم ودخلوا داخل القلايه فوجدوا ذلك الكاهن التعيس ناكت فراش
~~القش اعني النفل الذي بيضعوه تحت الفرش كجاري عوايدهم والنار لاهبه منه
~~وداخل النار موضوع الصلبوت حتي يحترق لكن النار ما اثرت في الصلبوت وهو
~~باقي علي صحته فرفعوا ذلك المصلوب من النار وقبلوه والتفوا الي ذلك المنكوت
~~حظه وسالوه لماذا فعل هل فعل فاجابهم وهو مرغي ومزبد قايلا بريد احرق
~~صليبكم الذي بتعبدوه لاني انا يهودي عدو الصليب.
[6.91]
فهبت الريس وباقيت الرهبان من جسارة هذا الشقي المتكود الحظ. حيند امر
~~الريس بان يمسكوه ويضعوه في الحبس وثاني الايام اعلموا فيه الاسقف فامر
~~باتيانه فاحضروه امامه فساله حضرة الاسقف هل فعل هل شي بوعي كامل ام حكمه
~~عارض ماخوليا وجنون وقال هذا حتي يختبره فاجابه ذلك اللعين بانه هو يهودي
~~عدو الصليب ولاجل هذا اردت اني احرقه. حيند ارسله الاسقف الي عند حاكم
~~المدينه واعلمه بخبره فلما امتثل امام الحاكم وقري صورة خبره فارسله الي
~~بيت الشريعه اعني المحكمه فلما فحصوا خبره سجلوا عليه بانه يحرق وهو حيا
~~لاجل فعله هذا.
[6.92]
فبعدما سجلوا عليه بالحرق مضوا به الي عند الحاكم ليقضي عليه بما امرت
~~الشريعه فالحاكم لما راء بان تسجل عليه الحريق بالنار فما راد ان يميته
~~بهذه الموته الصعبه لان كان قلبه رقيق وما بيمكنه بانه يخالف الشريعه خوفا
~~من العوام فارسله الي مدينة فروينسا الي عند حضرة الدوك حتي يفعل فيه ما
~~يشا وخلص حاله بهل وسيله فلما احضروه امام حضرة الدوك وقري السجل المسجل
~~عليه ففي الحال امر بحرقه فاحترق جسده في الدنيا واحترقت نفسه في جهنم وبيس
~~المسير.
[6.93]
ويوم اخر وكان صباحيت السبت فرايت نسا ورجال من اهل حارتنا متهيين لان
~~يمضوا الي زياره كنيسة مريم العدرا التي هي في جبل الاسود وذلك الجبل قريب
~~من المدينه حكم ثلاثة اميال وكانوا احكولي عن شرف هل كنيسه التي هي علي اسم
~~مريم العذري وكثره العجايب الموجوده فيها فاشتهيت اني اروح ازور هل كنيسه
~~فاستازنت من معلمي حتي امضي ازور هل كنيسه فاعطاني اذن بدلك. حيند الست
~~صاحبت البيت ارسلت معي احد خدامهم حتي يرافقني في الطريق واعطتني برنيطه من
~~خوص بقد طبق تنسيف ومع كبرها وزنها مقدار وقيه وقالت لي لما بتصعد للجبل
~~البسها حتي تمنع عنك حرارة الشمس لان الوقت كان حار وهو في اواخر شهر اب.
[6.94]
فمضينا انا وذلك الغلام الي ان وصلنا الي ديل ذلك الجبل فرايت كثير من
~~الناس صاعدين من نسا ورجال وكثير منهم صاعدين حفاه علي ذلك الصخر الاسود
~~الذي هو احد من السكاكين وبعضهم صاعدين علي ركبهم بورع عظيم وهن موجهين
~~طلباتهم الي مريم العذري صاحبة العجايب وغيرهم سايرين بروس محنيه طالبين
~~شفاعتها.
[6.95]
المراد انتهينا الي قمت الجبل الذي يدعا جبل الاسود وتحت ذلك الجبل البحر
~~بتدق مياه في ذلك الجبل ورايت كنيسه عاليت الاركان بعماره مكلفه ومبني
~~بجانبها دير رهبان متسع. اخيرا دخلنا للكنيسه وفي ذلك الوقت بدي قداس علي
~~مديح العذري الذي فيه ايقونتها وتلك القونه لها ثلاثة استارات مكلفات في
~~ثلث القداس الواحد بيسحبوا اول ستار وفي ثاني ثلث بيسحبوا تاني ستار وفي
~~ثلث الاخير بيسحبوا ثالث ستار. حيند بتبان ايقونة مريم العذري وبيتباركوا
~~منها الشعب وهذا بيفعلوه كل نهار سبت علي مدار السنه فبعدما حضرنا القداس
~~وتباركنا من دلك الهيكل فاخدني ذلك الغلام وصار يدورني في الكنيسه ويرويني
~~العجايب التي فعلتها مريم العذري مع الذين استغاثوا بها في وقت الضروره
~~والخطر الذين كانوا حاصلين فيه وكل عجيبه لها تمتال وكاتبين تحته صورة
~~العجيبه المفعوله في ذلك الانسان.
[6.96]
منهم كان مسافر في البحر وانكسر المركب فيهم فاستغاس بمريم العذري
~~الساكنه في جبل الاسود فنجته من الغريق بواسطة حوت يسمي البرفيل حمله حتي
~~القاه في البر فقدم لكنيسه مركب زغير من فضه وتحته حوت من فضه ومنهم من وقع
~~من سلم عالي جدا فاستغاث فيها فنجي وما سايل فعلق في الكنيسه سلم من فضه
~~وكتب تحته صورة العجيبه المفعوله معه من مريم العذري وهلم جراء من العجايب
~~المشحونه في تلك الكنيسه شي بيفوق العدد فخمنت لو استقيم ثلاثة ايام لما
~~قدرت احصي تلك العجايب المعلقه في تلك الكنيسه.
[6.97]
ومنهم عجيبه التي جرت في بلاد النمساء وهي انه في قلعه من قلاع بلاد
~~النمسا ودخلها جملت جنود وقايدهم بيحرسوا تلك القلعه فاتفق تنين من الجنود
~~ترابطوا في بعضهم بانهم يهربوا ليلا من القلعه من غير اذن القايد فلما
~~هربوا وبعد يوم بلغ خبرهم للقايد بانهم هربوا فاحتد بالغضب وحلف يمين بان
~~اذا مسكتهم بشنق الاثنين وارسل كام واحد من الجنود الحدق بان ينقبوا عليهم
~~ويعملوا كل جهدهم ويحصلوهم من اي مكان كان فطلعوا اوليك الجنود يفتشوا
~~ويسالوا عنهم فبعد يومين قبضوا عليهم وساقوهم امام القايد فلما راهم فاحتد
~~بغضب وحشي وامر في شنق الاثنين.
[6.98]
فصار الواحد منهم يتوسل الي القايد بقوله له بان ارحمني يا سيدي انا ليس
~~لي دنب انما رفيقي خونني فابتدي الاخر يقول للقايد بان ما له دنب كمثل قول
~~الاولي فاحتار القايد ما بينهم منوا منهم مستحق الشنق. حيند قال لهم انا
~~برمي قرعه والذي بتقع عليه بشنقه فلما رمي القرعه وقعت علي واحد منهم فامر
~~القايد بحبسه الي الغد لان الوقت كان ممسي فطرحوه في السجن.
[6.99]
فجلس وهو يبكي ويندب حاله وهو في تلك الحالة المحزنه فدخل الي عنده رفيقه
~~الذي كان معه لما هربوا فصار يعزيه ويتوجع لمصيبته وكان في السجن ايقونه
~~مريم العذري معلقه فصار يقله لا تخف يا اخي التجي الي مريم العذري الساكنه
~~في جبل الاسود وهي بتنجيك لان ما احد استجار فيها وخاب. حيند سجد ذلك الرجل
~~امام ايقونة ام الرحمه وهو يبكي بدموع حاره ويطلب منها النجاه الليل كله
~~الي حين ما اصبح الصباح فامر وقتيد القايد باتيان ذلك الرجل امامه وامر
~~الجلاد بانه يشنقه في الحال.
[6.100]
فتسلمه الجلاد ومضي به الي المشنقه وخربق الحبل في عنقه واصعده علي السلم
~~المركوز بجانب المشنقه ودفعه من علي السلم حتي يشنق فصرخ ذلك الرجل بصوت
~~عال وقال يا مريم العذري الساكنه في جبل الاسود نجيني ففي الحال انقطع
~~الحبل فيه وانطرح علي الارض وهو حي فامر القايد بان يجيبوا غير حبل بيكون
~~متين فشربكوا الحبل في عنقه ايضا واصعدوه علي السلم فرفسه الجلاد كما فعل
~~في الاول وكان ذلك الرجل قوية امانته في مريم العذري التي خلصته في الاول
~~فصرخ ايضا بصوت عال وقال يا مريم العذري الساكنه في جبل الاسود نجيني.
[6.101]
فانقطع الحبل ايضا وانطرح ذلك الرجل علي الارض وهو حي فغضب القايد وامر
~~بانهم يرموا حبل من كتان كثير الطوق فلما كمل فقال ذلك الجاهل الغبي القليل
~~الامانه في مريم العذري هل اغاثتك بتقطع هل حبل ايضا وما كان اعتقد بان
~~مريم العذري اظهرت هذه العجيبه بقطع الحبل مرتين فبعد ما اصعدوه ايضا علي
~~السلم وهو مسطمن بامانه متينه في ام الرحمه فلما دفشه الجلاد فصاح باعلي
~~صوته واستغاث في ام العجايب التي هي ساكنه في جبل الاسود ففي الحال تقطع
~~ذلك الحبل المتين اربا اربا خلاف عن المرتين.
[6.102]
فلما راوا الحاضرين تلك المعجزه فصرخوا بصوت واحد قايلين كف يا قايد عن
~~ضلالك وامن في عجايب مريم العذري الظاهره تجاه عينيك. حيند امن ذلك القايد
~~بهذه العجيبه وندم علي سو فعله وقلة ايمانه ودعا ذلك الرجل الجندي وضمه الي
~~صدره واستبره منه دمه وعلا منزلته عنده وقله من الان وصاعد تكون معتوق من
~~الجنديه وتكون عندي باعز مقام اما ذلك الرجل قال للقايد دعني امضي واخدم ما
~~تبقا من حياتي الي تلك التي خلصتني ثلاث مرات من الهلاك وصنعت معي هل عجيبة
~~الباهره فلما سمع القايد منه هل كلام فقله افعل ما بدا لك واخرج واعطاه
~~خرجيه وافره وزواده ايضا واطلقه فمضي ذلك الرجل الي جبل الاسود وشكر فضل
~~مريم العذري ودخل وترهب في ديرها الي ان قضا حياته في ذلك الدير بالصوم
~~والصلاه والتعبد الي هذه الست السيده.
[6.103]
فاتفق من بعد رجوعي من تلك البلاد الي حلب احكيت امام جماعات مسيحيه خبر
~~عجايب هل ست السيده التي هي في جبل الاسود المذكور وبينت لهم بان ما احد
~~استغاث في مريم العذري الساكنه في جبل الاسود وخاب من طلبته واحكيت لهم علي
~~تلك العجايب التي رايتها معلقه في كنيستها كما ذكرنا فما فات مده من الزمان
~~والا جاني رجل من تلك الجماعه الذي كنت احكيت لهم خبر عجايب مريم العذري.
[6.104]
وقال لي يا اخي كنت سمعت منك خبر عجايب مريم العذري الساكنه في جبل
~~الاسود وكان لي مدة سنين واقع في بليه عظيمه وما قدرت اخلص منها فلما
~~استغثت كما دكرت لنا وندرت لها ندر ففي الحال صار لي من ذلك الديق فرج عظيم
~~والان اتيتك بالندر واخرج واعطاني اثني عشر دهب بندقي حتي ارسلهم الي
~~كنيستها فاخدت منه تلك الدهبات وقلتله اتبعني ومضيت به الي عند رجل تاجر
~~فرنساوي يسما خواجه چيلون الذي كان يتاجر الي بلاد ليكورنا واتوسلت اليه
~~بانه يرسل هذا الندر ليد شريكه حتي يرسله الي كنيسة مريم العدري التي هي في
~~جبل الاسود فقبل الرجل وسر الدهبات في قرظار وكتب عليهم امانه الي مريم
~~العذري في جبل الاسود فاستكترنا خيره ومضينا.
[6.105]
وبعد قليل من الزمان جاني واحد اخر وفي يده عشرة دهب بندقي ايضا ندر لتلك
~~الكنيسه وكانت خلصته الست السيده لما استغاث بها من تهمه باطله التي كانت
~~بتسير سبب خربان بيته والفقير الكاتب هذا الخبر من بعد خمسين سنه التي مرت
~~كان فقد لي شي بيساوي الف وماية غرش وبعد ان مر عليه مقدار اربعين يوم فاقد
~~وقطعت الاياس منه وايقنت في خربان الديار فيوم من الايام خطر في بالي باني
~~استغيث في مريم العذري جبل الاسود ففي تلك الليله نفسها مضي الذي اخذ تلك
~~الاخيده واعترف الي رجل كاهن في ذلك الذي اختلسه مني والكاهن وقف واسطه رجل
~~متقرب الي وبشرني في وجود ذلك المفقود مني من غير اني اعرف الذي اخده وبعد
~~يوم جاب لي هو وما نقص منه شي ابدا فشكرت احسان مريم العذري صاحبت العجايب.
[6.106]
والان نخبر عن ما سمعته من ناس صادقين عن وجود هل ايقونة الشريفه وتاسيس
~~هل كنيسه هو انه كان رجل راعي في ذلك الجبل فمر يوم من الايام في ناحيه من
~~الجبل فوجد بين السخوره ايقونة مريم العذري المذكوره فلما تاملها ذلك
~~الراعي فراها جميله في غاية الجمال فرفعها من بين تلك الصخوره وعلقها في
~~شجر من تلك الاشجار الموجوده في ذلك المكان ولما حان وقت ارتحاله من الجبل
~~قال في باله باخد هل قونه معي الي البلد وبعطيها الي الاسقف لعله بيوهبني
~~شي من الاحسان.
[6.107]
فلما كان المساء اخد تلك الايقونه ومضي الي عند الاسقف واعطاه هي فلما
~~تفرس فيها حضرة الاسقف راها نادره من النوادر تصوير معلم ماهر. حيند ساله
~~الاسقف منين له هذه القونة الجميله فاجابه باني رايتها في جبل الاسود مرميه
~~بين الصخور فجبتها الي حضرتك فشكره واعطاه احسان واصرفه فمضا ذلك الجريان.
[6.108]
وتاني يوم ساق الغنم امامه ومضي الي ذلك الجبل يرعا غنمه كعادته ولما مر
~~في ذلك المكان فراء تلك الايقونه نفسها مرميه بين الصخور كما وجدها في
~~الاول فاعتجب فعاد اخدها ومضي بها الي عند الاسقف فلما راها الاسقف في يده
~~بهت وساله فين وجدت هل قونه فاجابه رايتها في ذلك المكان الذي رايتها فيه
~~نهار امس بين الصخور فتعجب الاسقف وارسل تلميده يروح يشرف في قلايته يرا هل
~~تلك الايقونه موجوده في مكان الذي علقها فيه فرجع التلميد وقال بانه ما
~~راها فزاد في العجب واحسن لذلك الراعي واصرفه وعلق تلك الايقونه في قلايته
~~في مكانها الاول.
[6.109]
فمر ثالث يوم الراعي في ذلك المكان فراء تلك الايقونه في ذلك المكان الذي
~~راها فيه في الاول فاندوخ ذلك الرجل وقال في باله بما انه سادج بان واحد
~~بينشلها من عند الاسقف وبيرميها في هذا المكان فعاد اخدها ايضا ومضي الي
~~عند الاسقف وقله بضن يا سيدنا بان احد من خدامك بينشلها وبيضعها في ذلك
~~المكان فعند ذلك نهض الاسقف الي قلايته فما راها فاتكد عنده بان هذه عجيبه
~~من مريم العذري وانها بتريد بان يكون لها مقام في ذلك الجبل.
[6.110]
ففي الحال ارسل وامر جميع الخوارنه والكهنه وروسا الديوره وكل اهل
~~الاكليرس بانهم يجتمعوا جميعهم في دار الاسقفيه وهن لابسين حلل الكهنوت
~~والشمامسه بالشموع والمباخر ويخرجوا بزياح عام محتفل في الغايه ولما كان
~~الغد فاجتمعوا الجميع كما امرهم حضرة الاسقف بذلك الزياح المذكور ولما
~~كملوا حيند رفع الاسقف علي هامه تلك الايقونه بغاية العز والاحترام ومضوا
~~بها الي ذلك الجبل واحضروا الراعي وسالوه عن المكان الذي وجدها فيه فارواهم
~~ذلك المكان فتقدم الاسقف واشر عن بنا الكنيسه في ذلك المكان. حيند احضروا
~~البنايين الفعاله وباشروا في عمارة تلك الكنيسه وعمروا هيكل خصوصي لايقونة
~~مريم العذري.
[6.111]
ومن ذلك الزمان والي الان لم تزل هذه الام الحنونه تفعل عجايب باهره لكل
~~من التجي اليها وطلب منها بامانه ينال مراده وهذا الذي رايته وسمعته عن هل
~~ست السيده الساكنه في جبل الاسود وخبرها مشهور في كل اقليم المسيحيه حتي
~~اذا فات مركب من تحت كنيستها من اي ملة كان ما بيمكن الا انه يعطي طاعة
~~لهذه الست السيده ويضرب مدافع اشاره طاعته لها وان فات وما عطا طاعه لا بد
~~ما يحكمه انكيس وعطب وهذا عرفوه بالتجربه والذي ما بيصدقني فيسال للذين
~~راحوا الي تلك الاماكن عن حقيقة هذا الخبر.
[6.112]
وبعده وقعت انا الفقير في مرض وهو البرديه والسخونه واستقمت في ذلك المرض
~~اسبوعين وفي تلك الغضون جانا خبر من جينوا بان وصل الي عندهم ثلاثة كليرات
~~من كليرات سلطان فرنساء جايين من مسينا ومعهم بنات الاماره الذين كانوا
~~راحوا الي مسينا حتي يزوروا اميره من بنات ملوك الفرنساويه فلما سمع معلمي
~~هذا الخبر فرح فرحا شديد وفي الحين هم في السفر الي جينوا حتي يلحق هل
~~كليرات ويروح معهم الي مرسيليا من غير فزع القرصان.
[6.113]
وبعدما الخواجه هيا شغله للسفر فقلي انت مريض ما بيمكنك تروح معي استقيم
~~انته في هل مكان الي حين ما تستريح وانا بستناك في مرسيليا فلما سمعت منه
~~هل كلام فصار عندي حزن شديد وانا في تلك الغربه وفي ذلك المرض. حيند توسلت
~~الي الام الحنونه مريم العذري وفي ذلك الوقت اجا لعندنا رجل اختيار فيلاسوف
~~حتي يودع معلمي فلما راني وانا في تلك الحال وكان بيعرفني لما كنت اروح مع
~~معلمي الي عنده فسالني ما بالك وما الذي جرا لك فاحكيتله علي مرضي وان
~~معلمي بيريد يسافر ويبقيني هاهنا فقلي لا تخف انشا الله بتسافر مع معلمك
~~الليله في الاربع ساعات تعال لعندي للبيت بريدك.
[6.114]
ومضي وانا اصطبرت الي ان صارت الاربع ساعات فمضيت الي عنده فرايته في
~~استنضاري. حيند سالني في اينا وقت بتجيك البرديه فقلتله بتمسكني في التاسع
~~ساعه وبتستقيم الي وقت الظهر ثم بتجيني السخونه وبتستقيم الي غروب الشمس
~~وبعده بستريح. حيند اخرج من خزانته قنينه بلور وفرغ منها في قنينه زغيره من
~~ذلك الماء المستقطر مقدار ثلاثين درهم واعطاني اياها وقلي اشرب ثلثها عند
~~النوم وثلث الثاني اشربه في محل ما تتيك البرديه وثلث الثالث اشربه ايضا
~~عند النوم وان عاد في طول عمرك جتك البرديه ابقا اعتب علي ففعلت كما امرني
~~فقطعت عني البرديه ولا عدت رايتها الي الان الذي كنت في سن الخمسة وسبعين
~~سنه وهذا نلته من احسان مريم العذري الذي استغثت اليها في ذلك الوقت الذي
~~كنت فيه مريض.
[6.115]
وبعد يوم سافرنا من ليكورنا مع شختور وما فارقنا البر فزعا من القرصان
~~فلما وصلنا الي اسكلت جينوا فخرجنا من ذلك الشختور وحملنا حوايجنا ودخلنا
~~للمدينه الي ان وصلنا الي استريه فردنا ندخل فما راد صاحب الاستريه انه
~~يدخلنا الي حين ما منجيب له ورقه من بيت الحاكم وهذه عندهم عاده طريفه بامر
~~حاكم البلد بالا احد ياوي غريب عنده من غير ان يجيب له ورقه من عند الحاكم
~~وهذه لاجل ان يعرف الحاكم ايش قدر موجود من الغربا في مدينته حرصا ليلا
~~يدخل عدو الي مدينته ويكمن.
[6.116]
المراد رحنا الي بيت الحاكم انا ومعلمي فلما دخلنا فرايت رجل جالس في
~~اوضه وهو مخصص لهذا الامر فقط فسالنا انتم من اي بلاد فاخبره معلمي بانه
~~فرنساوي الاصل وعني انه رجل شرقي فعاد سالنا ايش هو سبب مجيكم الي هذه
~~البلاد والي اين انتم مسافرين فرد عليه معلمي عن مجينا ورواحنا الي فرنسا.
~~حيند كتب لنا طسكره وارخها واعطنا هي فرحنا الي الاستريه واعطينا الطسكره
~~الي صاحب الاستريه. حيند دخلوا حوايجنا واعطونا اوض فاستقمنا هناك نستنا
~~الكليرات حتي نسافر معهم وبعد دخولنا بثلاثة ايام فعاد صاحب الاستريه طلب
~~منا بان نروح نغير الطسكره من عند ذلك الرجل الذي اعطانا اول طسكره
~~فالتزمنا نروح نغير تلك التسكره وناخد منه طسكره غيرها بتاريخها.
[6.117]
المراد استقمنا في جينوا خمسة عشر يوم وفي تلك الايام كنت اروح اتفرج في
~~المدينه علي تلك العماير المكلفه والصرايات المشيده التي كلها معمره من حجر
~~رخام ابيض وزرت تلك الكنايس العامره فيوم مريت في مكان من ازقت البلد فرايت
~~بعض بيوت خربانات دكا دكا فاعتجبت لما رايت تلك البيوت المشيده المكلفه
~~كلها خراب فسالت عن سبب خراب هذه البيوت.
[6.118]
فاجابوني علي سوالي بان سلطان فرنسا كان له الجي في هذه المدينه لاجل ان
~~يبقي نامه عليها كعادة الملوك الذين بيرسلوا الجيه من قبلهم لمثل هذه
~~الامريات لاجل حمايتهم لهم من الاعدا ولكن بما ان اهل تلك الامريه جبابره
~~وبيلقنوها بجينوا الجباره فكانوا يزدروا بذلك الايلجي وما يعملوا له اكرام
~~الواجب له ولا للذي ارسله وكان المذكور صابر علي هذه الاهانه لانه كان رجل
~~خايف الله وما بيريد بان يصدر علي يده فتنه او بغضه لكن الحياء بيورت
~~الخنات.
[6.119]
فاتفق يوم من الايام بان خدام الايلجي المذكور وجدوا مطروش نجس علي باب
~~الصرايا وعلي علامة سلطان فرنساء التي هي معلقه فوق الباب فمضوا واحكوا
~~لحضرة الالجي بالذي راوه فلما سمع الالجي هذا الخبر وتحققه بالنضر حيند
~~اخدته غيرة اسداده لاجل تلك الحقاره التي فعلوها اهالي جينوا الي سلطان
~~فرنسا وله فالتزم من باب الدمه بانه يباين تلك البلد ويرحل فبعد يوم اخد ما
~~يحتاجه للسفر ونزل في جكتريه وسافر الي مرسيليا من حيث ما احد عرف سبب مضيه
~~الي فرنسا فلما وصل الي مرسيليا في الحال ركب في عربانه هو واثنين من خواصه
~~وسافر الي ان وصل الي مدينة بهريز.
[6.120]
وبعدما قابل الوزير واحكي له بالمجراويه فدخل به امام حضرة الملك ليويز
~~الرابع عشر من هل اسم فلما امتثل امام حضرة الملك قدم له عرض حال بالذي جري
~~عليه في مدينة جينوا وعلي تلك الحقاره التي فعلوها اهل تلك البلد وقلة
~~احترامهم لحضرة سلطان فرنسا فلما قري الملك ذلك العرض حال فغضب غضبا شديد
~~وفي الحال امر فاحضر ساري العسكر امامه واعطاه فرمان بان ياخد معه اربعين
~~كليرا وجمله مراكب بجنودها ويمضي الي مدينة جينوا ويرمي عليها البنبات
~~والمدافع ويخربها دكا دكا ولا يبقي حجر علي حجر ولو قتلت جميع اهاليها.
[6.121]
فمضي ذلك الساري عسكر وفعل كما امره حضرة الملك فلما وصل الي مدينة جينوا
~~امر قباطين المراكب بانهم يرسيوا بعيد عن الاسكله وامر بان الكليرات يرسيوا
~~بقرب المدينه من غير جانب حتي لا بتسلط عليهم مدافع من قلعة المدينه وكل
~~هذا واهل جينوا ما معهم خبر سبب مجيهم ولا خطر في بالهم بانهم بيريدوا
~~يخربوا المدينه فما حسوا ودريوا الا وتراكمت عليهم البنبوات كانها جمرات
~~نار نازله من السما علي تلك الاماكن تخربها دكا دكا فحاروا في امرهم وخافوا
~~خوفا عظيم ليلا تقتل اوادمهم وعيالهم تحت ذلك الردم.
[6.122]
حيند خرج الدوك ومعه اكابر المدينه والاسقف والكهنه ومضوا في البحر الي
~~عند ساري العسكر وارتموا عليه بان يكف عن ضرب البونبات ليلا تقتل اهل البلد
~~فاجابهم القايد بقوله لهم بان سيدي سلطان فرنسا امرني باني اخرب هل مدينه
~~ولا ابقي حجر علي حجر وانكان بتخافوا علي اهل المدينه والعيال امروهم بان
~~يخرجوا ويبعدوا عن المدينه ليلا يقتلوا جميعهم وانا ما بيمكني اخالف امر
~~سيدي الذي هو سلطان فرسنا اني اخرب هل مدينه دكا دكا. حيند توسلوا اليه بان
~~يعطيهم مهل الي حين ما يمضوا الي عند الملك لعله انه يعفي عنهم فقبل عدرهم
~~القايد وامر بان يكفوا عن الضرب الي حين ما يجي امر من حضرة الملك ونحن لكم
~~بالاستندار.
[6.123]
حيند الدوك انتخب عشرين رجلا من كبرات واشراف جينوا وارسلهم بالهدايا الي
~~مدينة بهريز الي عند سلطان فرنسا فلما وصلوا تواجهوا مع حضرة الوزير
~~واتوسلوا اليه بان ياخد لهم اذن من الملك حتي يدخلوا يقابلوه فقبل الوزير
~~طلبتهم واستاذن لهم بالدخول فلما امتثلوا امام حضرة الملك ففي الحال ارتموا
~~علي اقدامه متضرعين بانه يعفي عن مدينتهم واهلها لانهم حصلوا في غاية الديق
~~من قبل غضبه عليهم فحن الملك عليهم وعفا عن دنبهم واعطاهم الامان وامر
~~الوزير بانه يضيفهم ويعمل لهم اكرام ففعل الوزير مثل ما امره حضرة الملك
~~وهيا لهم وليمه عظيمه وفرجهم علي جميع الاماكن والمتنزهات الموجوده في
~~سراية الملك التي ما لها مثيل في ساير الدنيا.
[6.124]
فبعدما تفرجوا واكلوا الضيافه وهموا في الرحيل فسالهم الوزير وكان ملقن
~~من حضرة الملك قايلا لهم هل عجبكم نظام ومحاسن سراية سيدي الملك هل انكم
~~انبسطوا وانشرح خاطركم فاجابوه نعم يا سيدنا راينا كل شي كامل النظام
~~والحسن الزايد بالتمام ولكن فرد شي ناقص وهو كبرات جينوا مرتميين علي اقدام
~~سلطان فرنسا وكان هذا صادر من عظم تجبرهم وكبرياهم الذي جرا الي الموت كان
~~اهين عليهم من ذلك الدلل والانكسار الذي فعلوه غرما عنهم. اخيرا وبخهم
~~الوزير علي هل كلام المملوا عجرفه وكبريا ومدح لهم حلم وحنيت الملك واصرفهم
~~خجلين نادمين علي قولهم هذا.
[6.125]
فسافروا من بهريز ولا زالوا سايرين حتي انهم وصلوا الي مدينت جينوا
~~واعطوا للقايد الفرمان الذي اخدوه من حضرة الملك بانه يرفع الحصار عنهم
~~ويعود راجعا ولكن لاجل ذلك الكلام الذي تكلموه فارسل الوزير وريد من البر
~~ومعه مكتوب للقايد ومامره بانك لا ترحل حتي تاخد منهم جميع كلف المراكب
~~والكليرات وعلايف العسكر وما يشبه ذلك من المصاريف. حيند ارسل القايد الي
~~الدوك يطلب منه مصاريف المراكب كما ذكرنا التي بتجمع هل قدر من المال وما
~~رحل حتي اخدها علي موجب حسابه بالتمام وعاد راجعا الي فرنسا واخبر حضرة
~~الملك بالذي فعله بالتمام.
7 الفصل السابع في سفرنا الي بلاد فرنسا
[7.1]
فبعد كام يوم رحلنا مع تلك الكليرات الفرنساويه قاصدين مدينة مرسيليا
~~وكانوا نزلونا في كلريت الاولي الكبيتانه التي راكب فيها بنات الاماره
~~المذكورات وصار الي معلمي هناك اكرام زايد بما انه معلوم السلطنه فلما نزلت
~~في تلك الكليره فرايت شي قط ما نضرته وهي في الطول بتنوف عن ماية دراع وفي
~~اولها مكان عالي وفيه اوضة القبطان وخارج الاوضه مكان كمثل الديواخانه وله
~~شبابيك علي البحر وخوانات من الطرفين ومدهن بدهانات مكلفه جميله ويعلوا
~~اوضة القبطان سطح ويعلوه فنر كبير من البلور الصافي وهو يعلو قامه واسفل
~~اوضة القبطان موضوع مدفعين اغلاض طوال وكل واحد وله شباك علي البحر.
[7.2]
فدخلت اوضة القبطان فرايتها كانها قصر ملوكي وشفتها كله مرايا نجف ومصفوف
~~باربع جوانبها من العدد الملوكيه بتلمع مثل الفضه ومدهنه كلها بدهانات فضيه
~~ذهبيه شي بيهيج الناظر اليه وفي اخر الكليره موضوع ايضا طوبين غلاض ولهم
~~شباكين علي البحر ويعلوا ذلك المكان سطح كبير علي عرض الكليره ومجموع فيه
~~الجنود وتحته المطبخ والوجاق من حديد وفرن زغير من حديد لاجل الخبز الطري
~~كل يوم وداير اوضة القبطان والديواخانه سناديق للزرع بعض حشايش منشان
~~السلطه وفي العنبر موجود جاج وحمام وفراريج وغنم لاجل الدبيحه الطريه في كل
~~يوم. المراد كل شي منظوم ومرتب في غاية ما يكون.
[7.3]
ولما تفرست في وسط الكليره رايت في كل جانب منها اثني عشر خوان وبين كل
~~خوان وخوان بعد مقدار دراعين وكل خوان داخله ستة انفس من المجرمين بالزلوطه
~~بيقدفوا في الكريكات من الجانبين وفي الممشي الذي هو ما بين تلك الخوانات
~~ناس من الجنود وفي يد كل واحد صوت من اعصاب البقر واذا راوا واحد من السته
~~الذين بيقدفوا قصر من التعب او من كسل فالجندي الذي في يده الصوت بيضرب
~~السته علي ظهورهم بذلك الصوت حتي يبان مكان الضرب ضرب ازرق من عزم الضرب.
~~المراد رويتهم بتحزن وكانهم داخل جهنم والشياطين بتجلدهم وبتعدبهم.
[7.4]
فلما رايت هل منضر المحزن فالتفت الي خوري الكليره الذي كان واقفا بجانبي
~~وقلتله ما هذه القساوه يا ابانا من ناس مسيحيين هل يجوز هذا فاجابني الخوري
~~قايلا ما بواخدك لاجل انك غريب وما بتعرف هذه الامور وان سالتني يا ابني عن
~~هولاي القوم اجبتك بان كل واحد منهم كان مستاهل القتل لاجل فعله ولكن
~~الشريعه صنعة معهم رحمه لاجل حجج التي بيفهموها فحكموا علي كل واحد منهم
~~علي قدر دنبه منهم انه يستقيم في الكليرة ثلاثة سنوات ومنهم خمسة سناوات
~~ومنهم بيستقيم مابد للممات وهذا صاير موعضه للغير حتي لا يرتكبوا هل فواحش
~~والدنوب الظاهره الغير مخفيه فلما سمعت هل كلام من ذلك الخوري فاقتنعت
~~وشبهت حالي باني في الملكوت واوليك في جهنم اجارنا الله من ذلك.
[7.5]
وبعد كام يوم دخلنا الي مينة مرسيليا وفي حال دخولنا انضربت المدافع من
~~القلعتين الذين هن في بوغاز الاسكله لان دخول المراكب من ذلك البوغاز ما
~~بين قلعتين حصينتين ولما بيصل المركب الي ذلك البوغاز بيلف قلاعه وبيسحبوه
~~القيق الي داخل البوغاز حتي يدخل للاسكله ويربطوه في البر لان هذه الاسكله
~~هي داخل المدينه والبحر داخلها ومكانها متسع ووسيع في الغايه وجميع المراكب
~~والكليرات داخلها وتلك القلعتين التي هم في البوغاز لهم جنزير حديد غليظ
~~وفي غياب الشمس بيسحبوا ذلك الجنزير من قلعت الواحده بواسطة دولاب حتي انه
~~بيتساوي مع ما البحر حتي ان قايق زغير ما بيمكنه ان يدخل او يخرج من ذلك
~~البوغاز ولما بيصبح الصباح بيرخوا ذلك الجنزير في البحر وبيعود بيسلك الدرب
~~للداخلين والخارجين.
[7.6]
ورايت صانعين حركه في تلك الاسكله لاجل تنظيفها وهي انه رايت قايق كبير
~~متسع وداخله دولاب كبير متسع وداخله اتنين من المجرمين بيديروا هل دولاب
~~برجليهم وبايديهم وهن داخل الدولاب لانهم بيدوسوا علي درجات وبيصعدوا من
~~درجه الي درجه وهن باقيين في مكانهم ولما بيندار الدولاب بيضهر جاروفين
~~حديد واحد بينحدر الي الاسفل بيجرف الطين وبيصعد بيفرغ ذلك الوحل والطين في
~~غير قايق وبعده بينحدر الثاني بيجرف وبيصعد الي فوق وبيفرغ في القايق
~~المذكور ولهم حركه لما بيصعد الجاروف بيفرغ من غير ان احد يمسه وهلم جراء
~~علي مدد ايام السنه.
[7.7]
وبعده لما خرجوا من الكليره تلك الاميرات صنعوا لهم الاي محتفل ودخلوهم
~~الي صرايت الكمندات اعني حاكم المدينه بزفه عظيمه وباكرام زايد بما انهم
~~بنات ملوك واستقامة الوليمه ثمانية ايام وما ابقوا شي من المفتراحات الا
~~واحدروهم امامهم ومن الجمله كان في الكليره غلام ابن امير من امرات السلطنه
~~وكان فعل شي مستحق فيه القتل علي موجب الشريعه فعاد صار له رجاوات من
~~الاماره اصحاب والده فما امكن انهم يعفوا عنه الا ان حكموا عليه بانه
~~يستقيم في الكليره الي الممات مابد فهذا الغلام كان حسن الصوره وكان فايق
~~في صناعة الرقس وفريد في بلاد فرنسا في هل صناعه والخفيه ما مثله مسيل.
[7.8]
فافتكر حاكم المدينه بانه يحضره حتي يرقص امام الاميرات فارسل جمله من
~~الجنود الي قبطان الكليره الذي هو موجود فيها وامره بانه يطلق هل غلام من
~~قيوده وياتي به فلما حضر الغلام امام بنات الاماره ثم عمل التمني اللايق
~~لهم وكنت الفقير موجود في ذلك المحفل لما دخل. حيند امره الحاكم بانه يرقص
~~امامهم ويروي ما كان عنده من صناعة الرقص فابتدي ذلك الغلام يرقص علي الات
~~النغم الموسيقيه حتي فتك وبهت جميع الحاضرين فبعدما خلص وانتهي من رقصه
~~فبادر امام تلك بنات الاماره وطلب منهم بدموع سخينه بانهم يامروا في طلقه
~~بما انهم بنات ملوك ولهم استطاعه بذلك فاجابته واحده منهم وهي الاكبر قايلة
~~اطلب يا غلام مهما اردت واشتهيت فيكون لك ما عدا اطلاقك هذا حكم الشريعه
~~عليك. ما لنا استطاعه تبطيله امضي بسلام فخاب امله وقطع الاياس ومضي باكيا
~~حزينا وكل الحاضرين حزنوا لمصابه هذا.
[7.9]
فلنرجع الان ما كنا في صدده وفي دخولنا الي مرسيليا دخلنا في استريه تسما
~~بتي بهريز اعني بهريز الصغيره فاستقبلتنا صاحبة الاستريه باكرام زايد وهيت
~~لنا اوضتين مفروشات اعني كاملات من جميع اللوازم السكنه فبعد ساعتين اردت
~~اقضي حاجة الطبيعه فنزلت افتش علي الادب خانه فسالتني واحده من الخدامات
~~قالت لي ماذا تريد فسالتها علي مطلوبي السابق فاجابتني اصعد الي فوق بتجد
~~مطلوبك.
[7.10]
فصعدت ثانيا وصرت افتش وافتح الابواب فما رايت المكان الذي انا طالبه
~~فعاودت ونزلت وسالت الخدامه بانها ترويني المكان وما عاد لي صبر فقالت لي
~~مطلوبك داخل اوضتك تحت التخت فصعدت ايضا ودخلت الي تلك الاوضه ورفعت الجرجف
~~الذي هو فوق التخت فرايت جلاسه كبيره. حيند تبين لي بان ما لهم جشمات فما
~~لي داب الا اني خرجت من الاستريه وسرت اسال منين بينراح الي خارج المدينه
~~فدلوني فلما خرجت ودخلت ما بين البساتين فرايت لي مكان ستره وقضيت حاجة
~~الطبيعه ورجعت الي الاستريه.
[7.11]
حيند استخبرت عن هل امر الغريب الي رجل حلبي الذي رايته هناك فاجبني بان
~~هل مدينه ما لها جشمات لان ارضها قريبه للماء ولاجل هل سبب ما بيقدروا
~~بيحفروا في الارض وبيقضوا حاجة الطبيعه كل واحد في اوضته كما رايت في
~~الجلاسه وفي الليل بيكبوها من الشباك علي الزقاق والسواديه بيخرجوا حكم
~~السلام بيلموا ذلك النجس ولكن كل حاره من حارات المدينه جاري في وسطها
~~ساقية ما مدوم هو نازل من علو المكان وفي هذا الماء كل واحد بيشطف قبال
~~بابه ذلك الوخم.
[7.12]
وفي نصف المدينه مكان فسحه ما بين باب روميه وباب بهريز يسما الكورس ومن
~~الجانبين مغروز شجار وبين شجر وشجر خوان من حجر وجاري في اسفلهم ساقيت ماء
~~ماشيه دايما ليل ونهار والممشي الذي هو في الوسط طويل متسع بيتمشوا فيه
~~اكابر المدينه وكثير من الشعب وهو مكان شرح كمثل روضه وفي تلك الاشجار
~~بتمنع اشراق الشمس عن ذلك المكان وفي مكان اخر بيسما بيت البلد وهو متسع
~~عالي الاركان وهذا بتجتمع فيه جميع التجار والدلالين وهناك بتصير البازارات
~~والبيع والشراء من قبل الدهر بساعتين الي الدهر وبعد الظهر بساعتين الي ان
~~يحكم العصر ويعلوا هذا المكان بيت القنصر وهناك القنصر بيقضي دعاوي التجار
~~كمثل شاه بندر.
[7.13]
وفي مكان اخر يسما بيت المتاجره بيعتني في امور تجار الهند وتجار الشرق
~~كانه حاكم علي كل من بيتاجر الي هذه الاقليمين وما احد بيقدر يدخل للمتاجره
~~وبيصير تاجر الا باذن اهل هذا المكان حتي يفحصوا عنه ويكفلوه من غير تجار
~~اقويا الي حد مبلغ من المال وبعده يعطوه اذن انه يتاجر في بلاد الذي
~~بيريدها ودلالين البندر مكفلين من الغير ايضا وبيشتروا هل وظيفه بثلاثة
~~الاف غرش ضمان لان كل اشغال التجار في يدهم وبيستلموا اموالهم بما انهم
~~امنا والتجار بتركن اليهم في جميع بيعهم وشراهم كانهم صاحبين المال ما احد
~~بيتعارضهم في شي ابدا وهذا الذي رايته من نظام تجار فرنسا وكتبته.
[7.14]
وكنت ادور في مدينة مرسيليا اتفرج وازور الكنايس والديوره فيوم من الايام
~~دلوني علي مغارة مريم المجدليه حيث كانت ساكنه هي واخيها العازر لما انفوهم
~~اليهود من مدينة اورشليم ووضعوهم في قارب بغير قلوع ولا دفه وتركوا القارب
~~في البحر تايه فحفظهم ربنا من الغريق واتي بهم القارب الي مدينة مرسيليا
~~وكانت اهاليها في تلك الايام عبادين اصنام فلما دخلوا المدينه تاوو في
~~مغاره وصاروا يشحدوا وياكلوا وصدر منهم عجايب شتي حتي ان امنت اهل المدينه
~~علي يدهم من كثره العجايب التي صنعوها واخيرا وصلوا الرسل الي تلك البلد
~~وعمدوا اهاليها جميعهم وخبرهم مستطيل. اخيرا مضيت زرت تلك المغاره المقدسه
~~التي هي في جانب الثاني من الاسكله وقريبه من مخازن المرلوس والذي راح الي
~~تلك المدينه بيعرف ذلك المكان.
[7.15]
وايضا زرت كنيسه العذري حارت مرسيليا وهي مبنيه علي راس جبل التي بتسما
~~في لسان الفرنساوي مادامه دكاردي ولها عجايب شتي فلما صعدت لذلك الجبل مع
~~جملت ناس من اهل مرسيليا ورعين متعبدين لمريم العذري فرايت في ديل الجبل
~~بيت مبني وله شباك وداخله يسوع جاتي علي ركبتيه بيصلي بيعني عن صلاته في
~~بستان الزيتون وهو مصنوع بهية انسان تام عرقان ومنزعج كما بيدكر عنه
~~الانجيل المقدس والنظر اليه بيحزن وهذا جا لعينه لاجل التامل في الام يسوع
~~فلما صعدت الي اعلاه فوجدت بيت اخر وداخله يسوع مربوط في العامود والشرط في
~~اياديهم المقارع والسياط كانهم بيجلدوه واعلاه بيت اخر داخله يسوع والشرط
~~بيلبسوه كليل الشوك واعلاه ايضا بيت وفيه محملين يسوع خشبة الصليب.
[7.16]
ويعلوه بيت وهو الاخير وفيه مطروح السيد المسيح علي خشبة الصليب
~~والجلادين واضعين البصامير علي تقوب يديه ورجليه والمطرقه في يد واحد منهم
~~كانه بيدق المصامير الغليظه في اطراف السيد المسيح وهو بغاية القساوه وحدا
~~ذلك الجندي ولد حامل زبيل البصامير وكل هذا مصنوع بصناعه كامله بهذا
~~المقدار حتي ان الناظر اليه يرا كانه كان حاظر في تلك الاماكن التي كملت
~~فيها هل خمس اسرار الالام المذكوره. المراد لما الانسان بيمر علي هل خمس
~~الاماكن الالام وقبل وصوله الي الكنيسه بيصير له خشوع عظيم وندامه كامله.
~~اخيرا صعدت الي تلك الكنيسه وهي في مكان عالي في قمة الجبل وبتشرف علي
~~البحر مسيرة ثلاث اميال ومن هناك بيشرفوا علي المراكب الوارده الي مينتهم
~~والحراس دايما موجودين هناك بيرقبوا ذلك البحر ليلا ياتيهم العدو.
[7.17]
فبعد ما دخلت الكنيسه وحضرت القداس الشريف فعاوت راجعا الي الاستريه وقبل
~~وصولي الي هناك صدفت رجل تاجر من تجار مرسيليا فرايته وقف وصار يتفرس في
~~وسالني اما انت فلان من مدينة حلب فاجبته نعم فقال لي اما بتعرفني فتفرست
~~فيه وعرفته وهو انه كان معلمي في ايام حداثتي يسمي خواجه رنباو. حيند سلمت
~~عليه وسلم علي وسالني كيف كان قدومي الي مرسيليا فاحكيت له مجراويتي من
~~اولها الي اخرها واعلمته في معلمي الذي انا ماضي معه الي مدينة بهريز فلما
~~سمع مني هل كلام خاف علي وامرني بالمضي معه الي بيته.
[7.18]
ولما دخلت امر خدامته بانها تجيب لي فتور فبعدما كملنا فتورنا حيند طلبت
~~منه اذن حتي امضي الي الاستريه فمنعني عن المضي وقلي استقيم عندي في بيتي
~~انا ما بسخا فيك ارسلك مع رجل ما هو معروف فاجبته بطلب من فضلك بانك تستخبر
~~عنه لان لي شوق عظيم ان امضي معه الي بهريز حسبما وعدني بانه يصنع معي من
~~الخير فامتثل لكلامي وارسل رجل من تباعه حتي يكلفه الي عنده لكي يتغدا عنده.
[7.19]
فلما اتي معلمي واتواجها فقله خواجه رنباو المذكور اعلم بان هل غلام انا
~~ربيته لما كنت في مدينة حلب والان رايته هاهنا فبريد ابقيه عندي دايما
~~فاجابه معلمي واخبره عن وظيفته بما انه سايح من سواح سلطان فرنسا وانه
~~مامور من حضرة الوزير بونشطرين وزير الشرق بان اجيب معي رجل من بلاد الشرق
~~يكون يعرف يقرا بلسان العربي لاجل انه يكون موكل علي خزانة كتب العربيه
~~التي هي للملك واكد له بان بينوب هل غلام خير عظيم فلما سمع خواجه رنباو
~~منه هل كلام اقتنع ورضي باني امضي معه وبعدما تغدينا ومضي معلمي الي محله
~~حيند قلي خواجه رنباو امضي معه وانكان ما كمل معك وعده انا بعطيك مكتوب الي
~~واحد من اصحابي الذي هو في بهريز بان يبقي نظره عليك اذا لزمك امر من
~~الامور وهو بيرسلك الي عندي. اخيرا استكترت بخيره ومضيت.
[7.20]
وبعده صار كل واحد من تجار حلب الذي كانوا بيعرفوني يعزموني الي عندهم
~~ويعملوا لي اكرام اولهم خواجه بازان وخواجه سيمون وخواجه بنفاي وخواجه روس
~~وخواجه سمطان وهذا كان اعز اصحابي في حلب وكانوا ينزهوني في بساتينهم
~~ويفرجوني علي بعض مفترجات ويعزموني الي بيوتهم ويعملوا لي اكرام بمحبه زايده.
[7.21]
وبعدما استقمنا في مدينه مرسيليا عشرة ايام وكان معلمي في تلك المده تسلم
~~من بيت المتاجرة جميع الذي كان ارسله من بلاد الشرق علي يد القناصر كما
~~ذكرنا وهو سبعت سناديق محزومين ولاجل لا احد من الكمارك الذين في الطريق
~~يقدر يفتحهم حتي يكمرك عليها اخد وسيقه من كمرك مرسيليا بانهم خالصين من
~~الكمرك وجعلوا علي كل سندوق منهم ختم الملك برصاص فلما تم الامر يسلم تلك
~~السناديق مع باقيت امتعه محزومات الي القاطرجي الذي بيسافر الي بهريز حتي
~~يودعهم في الكمرك والقاطرجيه في تلك البلاد بيحملوا الافراد علي عربانه
~~طويله بيصفوا الافراد اعلاها وبتسحبها ستة روس من الخيل القادرين فبعدما
~~سلمهم تلك السناديق واللبش الذي كان معنا وما بقا عندنا شي له تقله غير
~~ثيابنا وقفص الوحوش المذكور وكان يبقي فيه اثنين والثلاثه ماتوا في الطريق.
8 الفصل الثامن في سفرنا من بروينسه الي بلاد فرنسا ومدينة بهريس
[8.1]
فخرجنا من مدينة مرسيليا في شهر ادار سنة 1709 واول مدينة التي دخلناها
~~كانت مدينة ازاي وهي مدينه جميلة العماير والاركان وهل مدينه كان احد ملوك
~~فرنساء اوهبها الي قدس سيدنا الپاپا من پاپاوات القدم لما ذلك الحبر زار
~~سلطان فرنسا وهي الي الان تحت تصرف كل بابت الذي بيجلس علي الكرسي الرسولي
~~وهل مدينه مخصوصه بالشريعه لان كل المحاكم والشرايع بيقدوا منها حل المشاكل
~~الشرعيه وبعد يوم خرجنا من تلك المدينه وسرنا في الطريق وجزنا علي مدن وقري
~~شتي وفي طريقنا فكنا نتغدا في استريه ونتعشي ونرقد في غيرها علي مدا الطريق
~~بغاية العز والاكرام.
[8.2]
ولا زلنا سايرين الي ان وصلنا الي مدينة ليون فدخلنا في بعض الاستريات
~~وهناك استقمنا خمسة ايام وفي هل مده كنت ادور في المدينه واتفرج وهي مدينه
~~عامره متسعة عاليت الاسوار ومشيدة الاركان مكان عماير مكلفه وصرايات عامره
~~وكنايس فاخره ونهر عظيم خارج من داخل المدينه وموجود في هذه المدينه جميع
~~الصنايع وخصوصا صنعة الحرير والقماشات الفاخره الثمينه من قسم الديباج
~~الملون المحرر بالوان القصب والالتون الذي دراعه بعشرة غروش وغيره من التحف
~~الثمينه وهناك بيسكبوا الچلوخة لاجل تبصيت تبل الالتون وغير صنايع هي
~~الموجوده في ساير البلاد وهذه المدينة العظيمه بالتقريب قدر مدينة حلب
~~بالوسع والكبر.
[8.3]
وداخل هل مدينة كنيسه عظيمه تسما كنيسة ماري يوحنا فرحت زرتها وبعدما زرت
~~هياكلها انتهيت الي مكان داخل الكنيسه فوجدت ساعه عاليه من البولاد المسقي
~~وعلوها قامه ومدة يد ويعلوها قبه من النحاس الاصفر ويعلوا القبه ديك من
~~النحاس وتحت القبه ملايكه وكل واحد قدامه ناقوس وكل ناقوس حداه .... وهي
~~باربعة وجوه وجه الاول سوري اعني طويل وقليل عرض وله عقرب من حديد بيدور في
~~كل ساعه دور علي موجب دقايق الساعه وهو داير وفي دوره بيطول علي طول الداير
~~ولما بيصل الي الوسط بيقصر من ذاته علي قدر الداير الذيق وهو فرد شقفة حديد
~~حتي ان الناظر بيندهل من هل حركه.
[8.4]
وثاني وجه بيدور العقرب في كل اربعة وعشرين ساعه دور ووجه الثالث بيدور
~~العقرب في كل سنه دور وهناك بينبيك عن مطبوخ تلك السنه وفرق اعيادها
~~واصياماتها وانعكاس شمسها وقمرها وما يشبه ذلك من امور الافلاك ورابع وجه
~~بيدور العقرب كل مايه سنه وبينبي عن اشيا التي بتفهمه المعلمين المدققين في
~~امور الفلك وايضا في طاقه كل يوم بيضهر ذلك القديس الذي عيده واسمه اعلاه.
[8.5]
ولما بتنتهي الساعه بيرفرف الديك الذي هو اعلا القبه وبيصرخ ثلاثة مرات
~~ما بيفرق عن صياح الديك ابدا وبعد صياحه ثلاث مرات بيبتدوا الملايكه الذين
~~هم تحت القبه بيدقوا النواقيز التي قبالهم شبه نغم موسيقيه وبعد خلوصهم
~~بتظهر مريم العذري راكعه وبيظهر ملاك جبرايل امامها بيهديها السلام وفي تلك
~~الدقيقه بيظهر اعلاهم الروح القدس بشكل حمامه بيضا يبرق عليهم وبعد خلوص
~~هذه الحركات جميعها بتدق الساعه.
[8.6]
والذي ذكرناه جميعه بيتم في كل ساعه ليل مع نهار وما بينقص منه شي ابدا
~~من وقت ما انشغلت هل ساعه والي الان من غير ان احد يديرها وذكروا السواح
~~بان ما وجدوا لها مثيل في ساير اقاليم الدنيا ولاجل هذا كحلوا اعين الذي
~~اشتغلها وحضي بالعماء حتي لا يعود يشتغل غيرها وتبقا فريده في الدنيا هذا
~~ما رايته وعاينته في هل ساعة العجيبه واتفرجت علي اشيا كثيره في هذه
~~المدينه وما كتبتها لاجل الاقتصار.
[8.7]
وبعد خلوص الخمسة ايام سافرنا وجزنا علي ضيع وقصبات واستريات شتي في
~~الطريق وكل ليله ننام في استريه في غاية العز والانشراح وكل شي موجود
~~لخدمتنا وماواتنا علي غاية ما يكون ولا زلنا سايرين الي ان وصلنا الي جسر
~~عالي عظيم البناء يسما جسر الروح القدس وله بابين وفي كل باب قبجي من طرف
~~السلطنه لاجل فحص الداخلين والخارجين وهو اول مدخل بلاد فرنسا الجوانيه.
[8.8]
فبعد الفحص خرجنا من الجسر وفي قرب الجسر ضيعه كبيره عامره فدخلنا الي
~~استريه حتي نتاوا تلك الليله فانوجد من المسافرين اثني عشر رجل فينا. حيند
~~سالتنا صاحبت الاستريه هل تريدوا تجلسوا علي فرد مايده اجابوها نعم فقالت
~~لهم ماذا تريدوا ان تكون عشاتكم فاجابها واحد رفقانا وقال لها عشينا طيب
~~فاجابته تكرم ومضت وارسلت لنا في الحال مع خدامتها فراغ انبيد وصارت تسقينا
~~واحد بعد الاخر حتي شربنا جميعنا.
[8.9]
وبعده هيرت المايده بجميع لوازمها من سيتات ومناديل انضاف وملاقيط ومعالق
~~فضه وخبز كماج طري وبعده قدمت لنا في صحن كبير جاجه هنديه واثني عشر فروج
~~مشويين في سيخ الكبير وصحنين فركصاده من اجناح الفراريج وقطع لحم وصحنين
~~سلطة كبوس فجلسنا علي المايده ناكل واثنتين من الخدامات في ايديهم الكاسات
~~يسقونا من الخمر الطيب الي حين ما انتهينا من العشا رفعوا تلك الصحون
~~وجابوا قطعت جبنه فرنساويه وستين زيتون وستين تفاح فروطه وبعده غسلوا
~~ايدينا ورفعوا ما كان علي المايده وجابوا جنق كبير صيني فرنجي ملان من
~~الماء وحوله داخل الماء ستة قداح وتقيليتين انبيد حتي الذي بيريد يشرب
~~يتناول بيده ويشرب علي كيفه.
[8.10]
اخيرا لما حان اوان الرقاد كلفونا باننا نمضي كل منا الي سريره وفي ذلك
~~الوقت حضرت صاحبت الاستريه وفتحت خزانه كبيره وداخلها من الملاحف البيض
~~النظاف بقدر مايتين من تلك الملاحف وامرت الخدامات بان ياخدوا لكل منا
~~ملحفتين لاجل فراشه ويضعوهم من فوق واسفل ما بين اللحاف والفرش الثلاثه
~~الموضوعين علي السرير فبعدما كملوا ما امرتهم به مضوا الي محلهم. حيند كل
~~واحد منا انتكي في سريره وفي تلك الفرش الناعمه وجنب السرير موجود متكا
~~وقباله ايقونه للصلوه اذا راد يصلي وموضوع علي الوساده تخفيفه من الكتان
~~الابيض. اخيرا رقدنا جميعنا بغاية الهنا الي ان اصبح الصباح نهضنا من فرشنا
~~ومضينا حضرنا القداس الالهي ورجعنا الي الاستريه.
[8.11]
وقتيد قدمت لنا الفتور وهو قطعه من الجبن وخبز كماج طري وفراغ انبيد
~~فبعدما فطرنا فسالنا صاحبة المكان ما الذي يجب ان نعطيها حق اكلنا ومنامتنا
~~فطلبت اربعة غروش بيلحق كل واحد منا ثلث غرش فاستكتروا طلبتها واعطوها
~~ثلاثة غروش فرضيت واستكترت بخيرنا ومضينا في دربنا وسفرنا وان سالني سايل
~~هل في كل سفرنا في تلك البلاد التي مرينا فيها وجدنا رخص مثل هذا كلا لان
~~بلاد بروينسا مغليه خلاف عن بلاد فرنسا لانها بلاد مرخصه وغلاتها وافره
~~خصوصا في برها وديعها.
[8.12]
ومن هناك دخلنا الي اراضي بركونيا وهي كثيرة الاثمار والكروم وعلي ما
~~نقلوا لي بان اربعة ايام طول واربعة ايام عرض كلها مغروسه كروم عنب
~~وبيلقبوها بنبع النبيد الذي ما له مثيل في كل بلاد فرنسا وهو شبه نبيد
~~الجردي الذي في بلاد لبنان. المراد لا زلنا سايرين حتي وصلنا الي مدينة
~~بهريس وكان وصولنا الي هذه المدينة العظيمه حكم نصف عشي.
[8.13]
فلما شرفنا علي هذه المدينه فرايت امامي فسحه كبيره ممتده علي ما يمد
~~النظر وتلك الفسحه الشاسعه مملوه اضويه كانها شعله. حيند سالت معلمي ما هذه
~~الاضويه وهذه الشعله فاجابني بان هذه مدينة بهريس لان المدينه ما لها صور
~~يحجب النظر اليها فلما دخلنا المدينه ونحن سايرين في ازقتها وشوارعها
~~العراض المتسعات فرايت جميع الدكاكين من علي الجانبين في كل دكان شمعتين
~~وثلاثه ومعلق بين كل عشرين ثلاثين قدم فنر بلور وداخله شمعه طويله شاعله.
[8.14]
وناهيك عن مدينة بهريس ووسعها وكبرها وعدد بيويتها شي ما بينحصي وكل باب
~~بيت وجانبه دكان صاحب البيت وفي داخل الدكان كرخانته كل صنف بصنفه من جميع
~~الكارات ومنها بيصعد الي منزله الذي هو اول طبقه لان بيوتهم معمره من خمسة
~~طبقات وكل طبقه بتعلوا الاخره بخمسة او ستة درجات واذا انتهيت الي ثاني
~~طبقه بترا صفه وباب واذا دخلت ذلك الباب ترا مكان داخله اوض وساله ومطبخ
~~سكنت عيله والاوض لها شبابيك كبار بيشرفوا علي الزقاق واذا صعدت الي
~~الثلاثه والرابعه والخامسه فتري جميعهم علي نسق الذي دكرناه واما الفنرات
~~هن مرتبين علي كيس المدينه بيقدموا شمع لاهل تلك الحاره حتي يشعلوهم في
~~محلهم وكل فنر له خزانه في مصمره في الحيط وعلي كل واحد من ولاد الحاره انه
~~يشعل الشماع المذكوره شهر تمام.
[8.15]
وايضا بحسب امر الحاكم بان كل صاحب بيت ملزوم بانه كل يوم باكر يكنس قبال
~~باب بيته وبعد الشمس بساعه بيدور الشوباصي الذي هو موكل من قبل الحاكم علي
~~هذا الامر وكل بيت الذي ما هو مكنس قبال باب بيته بيكتب عليه غرش والغرش
~~بيلزم للذي موكل في التكنيس من اجير او اجيه او صاحب البيت نفسه والزبالات
~~التي بتتكوم في الزقات لها اوادم بيلموها وبيضعوها في سندوق موضوع فوق
~~عرابانه وبيكبوها برات المدينه حتي ترا بعد الشمس بصاعه جميع صقاقات مدينة
~~بهريس مكنسه نضيفه خاليه من كل وسخ وزباله بالكليه هذا اول نظام التي رايته
~~في مدينت بهريس العامره.
[8.16]
ونرجع ما كنا في صدده انه بعد دخولنا الي المدينه استقمنا مقدار نصف ساعه
~~ماشيين الي ان وصلنا الي بيت رجل وهو من اصحاب معلمي فنزلنا عنده لان بلد
~~معلمي بعيده عن مدينة بهريس سفر اربعة ايام تسما راون فاستقبلنا ذلك الرجل
~~بغاية الاكرام ودخلوا حوايجنا الي داخل وهيوا لنا اوض وفرشات علي غاية
~~المراد.
9 الفصل التاسع وكان دخولنا الي مدينة بهريس في شهر شباط سنه 1709
[9.1]
فاستقمنا مدة ايام في بيت ذلك الرجل الي حين ما هيا معلمي اشغاله وفصل له
~~بدله ثمينه في الغايه وارسل الي المطبعه طبع كتاب سياحته التي ساحها
~~بالتدقيق وفي جميع بلاد التي دخلها وجميع الذي راه وسمعه من الاخبار والفرج
~~لانه كان يكتب كل يوم الامور التي يراها ويسمعها واخيرا امر بتنجير قفص
~~مكلف لتلك الوحوش المر ذكرهم وكان بقي منهم اثنين لا غير.
[9.2]
فبعدما كملت جميع ما احتاج اليه معلمي حيند امرني باني البس بدلت حوايجي
~~التي كنت ارسلت وجبتها من حلب وهي طويله بترا وغتري الاجه شاميه وجخجور
~~لوندرين وزنار مكلف وسكين مفضضه وشاش وقاووق وما يشبه ذلك من كسوة بلاد
~~الشرق فبعدما لبست حوايجي ما عدا الشاش والقاووق لبست قلبق مثل قلابق
~~السمور الذي كان اشتره معلمي من مدينة مصر منشاني وهو قلبق جميل.
[9.3]
اخيرا ركبنا في عربانه وقصدنا قرية ورساليا حيث صراية سلطان فرنسا وهي
~~بعيده عن مدينة بهريس حكم ساعه ونصف ولما قربنا الي ورساليا رايت عن بعد
~~لميع بيبهر النضر فسالت معلمي ما هذا اللميع الذي براه فاجابني بان هذا
~~اخور خيل الملك ولما وصلنا اليه فرايت وهي عماره مكلفه مشيده واسطحتها
~~مرصوفه من ذلك الحجر الاسود الذي بينكتب عليه ومداخن تلك العماير قموعها
~~مدهبه ولما بتشرق الشمس ما بتقدر تحقق النضر فيها من شده لميعها فاستقمنا
~~نمشي في طول ذلك الاخور نحو نصف ساعه وبعده وصلنا الي ورساليا.
[9.4]
فلما شرفنا علي صراية الملك رايت قدام السرايا فسحه كبيره متسعه في
~~الغايه وما يدورها درابزون من حديد بعلو قامه ومده ايد بروس محرفه مثل
~~الرماح وفي الوسط باب الذي بيندخل منه الي تلك الفسحه من حديد وواقفين جنود
~~طويلين القامه وفي ايدهم الطبارات والحراب وبيهمروا كالنموره وما يدعوا احد
~~يدخل الا الذين بيعرفوهم انهم معروفين من الدوله فلما وصلنا الي ذلك الباب
~~فرادوا يصدونا عن الدخول فاعطاهم معلمي اشاره المعروفه عندهم فاطلقوا
~~سبيلنا.
[9.5]
حيند دخلنا في تلك الساحه وسرنا الي ان وصلنا الي باب صراية الملك وفي
~~ذلك المكان ايضا واقفين جنود مثل الاوليين وجالس قبجي مكلف وامامه جمله من
~~الخدام وهو مهيب وجميل المنظر فاتقدم اليه معلمي وخاطبه وبين له ذاته
~~فاسترحب فيه وكرمه واذن له في الدخول. حيند صعدنا في درج عريض متسع من حجر
~~فلما انتهينا الي اعلا المكان توجهنا نحو صراية الوزير الذي يسما بونشطرين
~~وهو وزير الشرق فبعدما اخدنا اذن دخلنا صحبة القبجي امام حضرة الوزير.
[9.6]
فلما امتثلنا امامه حيند معلمي عمل تمني اللايق لحضرته واعلمه بوصوله من
~~سياحته الي بهريس بالسلامه واعطاه القايمه الموجوده في السبع سناديق الذي
~~كان اشتراهم في سياحته الي حضرة الملك الذي دكرناهم سابقا فلما قرا تلك
~~الجريده فعاد استرحب فيه وهناه علي سلامته من تلك الاهوال الذي قاساها في
~~سفره والفقير كنت واقف من بعد عنهم في يدي قفص الوحوش فالتفت الوزير فراني
~~واقفا وفي يدي القفص.
[9.7]
فسال معلمي ما هذا الغلام وما الذي في يده فاجابه قايلا هذا الغلام كان
~~ترجماني في سفري ولما كنا في بلاد الصعيد فوجدت بعض وحوش غريبي الشكل
~~والمنظر وما رايت لهم وجود في ساير بلاد التي درتها فاخدت منهم سبعة الذي
~~بالجهد حتي قدروا الصيادين ان يمسكوهم فوضعتهم في قفص وجبتهم معي ولكن في
~~الطريق مات منهم خمسه فيبقي منهم اثنين فان كان حضرتك بتريد تراهم ها هم
~~داخل القفص.
[9.8]
فامر الوزير بان يدخلوني امامه واتخذوا القفص من يدي واعرضوا علي حضرة
~~الوزير فلما راء تينك الوحوش وفي خلقتهم العجيبه فقال الي معلمي انا بريد
~~افرج الملك علي هذه الحيوانات في الغد لان فات وقت خروجه الي الصيد وفي
~~الحال امر بان يعطونا منزول في صرايته فادخلونا الي منزول مفروش وقدموا لنا
~~من اكل وشرب وما نحتاج اليه علي غاية ما يكون.
[9.9]
فاستقمنا في ذلك المنزول الي ثاني يوم الي قبل الذهر بساعتين. حيند امر
~~الوزير في حضورنا امامه وسار بنا الي ديوان الملك فلما وصلنا فدخل الوزير
~~ونحن استقمنا خارج الي حين ما خرج الملك من قصره ودخل الي الديوان فاعلمه
~~الوزير في وصول معلمي وطلب منه اذن في دخولنا فدخلونا فرايت الملك واقف ومن
~~علي يمينه وشماله مصطفين اكابر دولته بغاية التهيب والاتضاع وهو طويل
~~القامه بهي المنظر ومن شدة هيبته ما بيقدر الانسان يحقق النظر فيه. حيند
~~امتثل معلمي امامه وعمل له مطانيه ودعا له بدوام الملك والكماله من ما يقال
~~في مقابلة الملوك فسمعت من الملك خطاب ذات لين ومحبه الي معلمي تاويله بانه
~~بيستكتر بخيره علي اتعابه التي اصرفها في خدمته.
[9.10]
اخيرا اتقدم الوزير وسال الملك ان كان بيريد يتفرج علي تلك الوحوش فامر
~~الملك باحضارهم امامه. حيند اخدوا من يدي القفص ووضعوه امام الملك فلما راء
~~الوحوش تعجب من خلقتهم فسال معلمي في اي بلاد وجدهم فاجابه في بلاد الصعيد
~~فساله ايضا هل انهم انثي وذكر فاجابه يا سيدي كانوا سبعه وكان موجود فيهم
~~ذكر وانثي والان ما عدت اعرف انكان موجود فيهم انثي ودكر فساله ايضا ما
~~اسمهم في بلادهم فخجل معلمي وما كان بيعرف اسمهم او انه نسي فالتفت الي
~~وقال لحضرة الملك بان هل غلام الذي معي بيعرف اساميهم.
[9.11]
حيند التفت الملك وكل اكابر الدوله نحوي وسالني واحد منهم عن اسم هذه
~~الوحوش فقلت له بان في بلادهم بيسما جربوع فامر الملك بان يقدموا لي قلم
~~وقرظار حتي اكتب اسمهم بلساني فلما قدموا لي القرظاز فكتبت اسمهم بلسان
~~العربي وكتبته ايضا بلسان الفرنساوي لاني اعرف اقري واكتب بالفرنساوي
~~فبعدما كتبت اسمهم كما ذكرنا واعرضوه لحضرة الملك فتفرس في الملك وسال
~~معلمي ما هو هذا الغلام ومن اي بلاد هو فاجابه معلمي وهو هاني هامه للارض
~~بان يا سيدي هذا الغلام من بلاد سوريا من ارض المقدسه وهو من طايفة
~~الموارنه الذين استقاموا في الكنيسه البطرسيه من عهد الرسل وما انشقوا منها
~~الي الان.
[9.12]
وفي ذلك الوقت دخل منسينور الدلفين ابن الملك وهو رجل مربوع القامه عفي
~~من الرجال وهذا كان يقال عنه بان ابوه ملك وابنه البكر ملك اصبانيا وما هو
~~ملك فاتقدم واتفرج علي تلك الوحوش فلما راهم اتعجب من خلقتهم وكان عنده
~~صوره كبيره عظيمه مصور فيها جميع الوحوش الموجودين في الدنيا باسرها ما عدا
~~هذا الوحش. حيند امر باحضار حكيم الملك الذي اسمه موسه فكو وهذا رجل عالم
~~ومعلم وما له مثيل في ساير الدنيا في علم الطب والطبيعيات وما شاكل ذلك من
~~العلوم.
[9.13]
فلما حضر موسه فكو المذكور واتفرج علي تلك الوحوش فساله ابن الملك
~~المذكور قايلا له هل له خبره فيهم او انهم مذكورين في كتب الطبيعيات فاجابه
~~بان ما راء لهم ذكر ولا صوره. حيند ارسل واحضر المصور حتي يصورهم داخل صورة
~~الوحوش التي عنده وبعده امر الملك للوزير بان يبقي هل وحوش وحاملهم في مكان
~~ولا يدع احد يراهم الي حين ما ترجع ماداما دبركونيوا من الصيد التي هي كنت
~~الملك مرت ابن الملك يدعا دوك لدبركونيو وكان الملك يحبها غاية المحبه
~~ويسميها بنته وهذه اول مره الذي تشرفت في رويت الملك المذكور في ديوانه
~~اعني به سلطان فرنسا ليويز الرابع عشر من هذا الاسم وجميع الذي ذكرته الان
~~هو بغاية التحقيق من غير زود ولا نقص اما كتبته بالمقتصر ليلا يتوهم القاري
~~باني بحلم في كلامي لاني رايت اشيا كثيره وما كتبتها ولا بقت في بالي منذ
~~اربعة وخمسين سنه لاني لما كتبت هل سياحه وهذا الخبر كان في سنت 1763 وانا
~~كنت موجود في مدينة بهريس سنه 1709 هل عاد يجي في بالي جميع الذي رايته
~~وسمعته بالتمام كلا.
[9.14]
فلنرجع الي ما كنا في صدده فخرجنا من ديوان الملك صحبة الوزير ودخلنا الي
~~منزولنا وامر الوزير للقبجيه بان لا يدعوا احد يدخل لعندنا من اماره وغيرهم
~~ليلا يتفرجوا علي الوحوش قبل ما تراهم كنت الملك المذكوره كما امر حضرة
~~الملك فاستقمنا الي حين ما صارة الساعه في العشره اعني قبل نصف الليل
~~بساعتين. حيند امر الوزير في حضورنا امامه فلما حضرنا مشي وامامه اربعة
~~فنودة شمع الي ان وصلنا الي صراية ماداما دبركونيا المذكوره كنت الملك.
[9.15]
حيند دقر الوزير وارسل ياخد اذن منها في الدخول وبعد هنيهه خرج من عندها
~~سريتين وكلفوا الوزير بالدخول فدخل الوزير واحكي لها عن الوحوش وكيف ان
~~الملك امر لا احد يراهم قبلك فامرت في احضارنا امامها فخرجوا السريات
~~وادخلونا فلما دخلنا فرايت الملكه جالسه علي كرسي وامامها اولاد الاماره
~~جالسين ايضا علي الكراسي بيلعبوا في الورق وامام كل واحد منهم كومة دهب
~~وحولهم من السريات كانهم اقمار ولابسين عليهم الديباج المدهب الثمين فلما
~~امتثلنا امام الاميره المذكوره وهي بالحسن والملبوس تفوق الجميع فاندارت
~~وتفرجت علي الوحوش ونهضوا تلك الاماره ايضا تفرجوا.
[9.16]
اخيرا صاروا يتفرجوا علي وعلي ملبوسي ويكشفوا ديالي ومنهم يمد يده الي
~~صدري ومنهم يرفع قلبقي ويكشف راسي فتركوا فرجت الوحوش وصاروا يتفرجوا علي
~~وعلي ملبوسي ويتضحكوا. اخيرا سالت الاميره الي معلمي ما هذا الغلام ومن اي
~~بلاد فاحكي لها كما ذكرنا فقالت له ليش له دقن اعني شوارب فاجابها بان هذه
~~عادة بلادهم ما بيحلقوا شواربهم.
[9.17]
فاستقمنا عند هذه الاميره مقدار نصف ساعه. اخيرا خرجنا من عندها ومضينا
~~صحبة الوزير وفيما نحن ماضيين تعارضة لنا بنت جميلة المنضر ولابسه ردا
~~ملوكي من الديباج وفي راسها اكليل مرصع بحجار كريمه مثل الماس وياقوت وزمرد
~~شي بيخطف النضر وحولها اربع سريات بثياب فاخره وحسن وجمال فخال لي بانها
~~بنت الملك فلما راها الوزير وقف وعمل لها تمني بغاية الادب والاحتشام. حيند
~~سالته عنا فاحكي لها قضية الوحوش التي معنا فامرته بانه يفرجها عليهم
~~فاجابها سمعا وطاعه وفي الحال اخدوا القفص من يدي الخدام وقدموه امامها.
~~حيند كشف الوزير الغطي من علي القفص وصار يفرجها فلما نضرت الي الوحوش
~~فارتعدت وفرت هاربه فسعي الوزير في اثارها حتي يجرعها ويعاودها حتي تتفرج
~~فما امكن انه ترجع.
[9.18]
حيند عاود الوزير وامرنا المسير الي صرايته فما لحقنا خطينا كام خطوه
~~والا جانا الطلب من عند حضرة الملك مع سريتين من خواص سراياته وامروا
~~الوزير من قبل الملك بانه يرسل قفص الوحوش والذي حامله فامرنا الوزير
~~بالرجوع الي ان دخلنا قصر الملك فرايت واقفين ارجال ابطال طويلين القامه
~~كانهم ارهاض مقدار اربعين بطل وهذا الرجال حراس ذات الملك في قصره. اخيرا
~~دخلنا الي مخدع وهو منامة الملك. حيند دخلوا السريات واخدوني صحبتهم
~~واستقام الوزير ومعلمي خارج المقصوره.
[9.19]
فلما انتيهت الي داخل رايت الملك جالس علي كرسي وامامه شمعتين وفي يده
~~كتاب بيقرا فيه ورايت من جانب الاخر سرير مجلل بالديباج وداخله اميره متكيه
~~والبنت التي رايناها في الدرب واقفه من جانب السرير ففي الحال قدموني
~~السريات امام تلك الاميره وجعلوا القفص فوق كرسي حتي تتفرج الاميره علي
~~الوحوش وفي ذلك الوقت نهض الملك من علي الكرسي واجا الي طرفنا وفي يده
~~شمعدان الدهب وصار يفرج الي تلك الاميره المذكور علي الوحوش وكنت الفقير
~~واقف بجانب الملك وعلي قلة عقلي وسداجتي تناولت الشمعدان من يد الملك ومن
~~زيادة حلم الملك فاعطاني هو بعلمه باني فعلت هل امر بسداجه من غير معرفه
~~لان الذي فعلته امر غريب لان من له جراعه يمد يده الي الملك وياخد الذي في
~~يده وكان معلمي يحكي في بهريس ويقول هل غلام اخد الشمعدان من يد الملك.
[9.20]
اخيرا بعدما تفرجت الاميره فعاود الملك الي مكانه فاعطوني القفص فخرجت من
~~ذلك المكان فرايت الوزير ومعلمي واقفين في استنداري. حيند سرنا صحبة الوزير
~~الي ان وصلنا الي محلنا فراينا سريتين مرسلين من قبل مادامه دوريان وهي من
~~بنات الملوك فامروا الوزير بان يرسل قفص الوحوش والذي حامله فامرني الوزير
~~بالمضي معهم ولما انتهيت الي قصرها رايت مجموع عندها جملة من الاميرات حتي
~~يتفرجوا علي الوحوش والذي حاملهم فلما تفرجوا علي الوحوش وعلي ايضا
~~فارسلوني ايضا الي عند اميرة اخره ومن هناك الي عند غير اميره ولا زل
~~ياخدوني من مكان الي مكان حتي مضي ساعتين بعد نصف الليل. اخيرا عاودوني الي
~~منزول الذي نحن قاطنين فيه وكان معلمي في استنضاري فاستقمنا تلك الليله الي
~~ان اصبح الصباح ونحن في ارغد عيش.
[9.21]
فاتفق بان مادامه دوبركونيوا التي هي كنت الملك الذي مر دكرها اصبحت
~~مجازها منحرف من تعبها في الصيد القنص التي عانته قبل بيوم كما ذكرنا
~~فاجتمعوا عندها نسا الاماره حتي يسلوها وهي متكيه في سريرها وكان بينهم
~~اميره سمعت خبر الوحوش فرادة تراهم فاستمنت مادامه المذكوره كنت الملك
~~بانها تامر في احضارهم امامها حتي تتفرج عليهم ففي الحين ارسلت من قبلها
~~خادم الي عند الوزير المذكور تامره بانه يرسل قفص الوحوش والشرقي حامل
~~القفص فلما وصل المرسال الي عند الوزير فامره في الامر المذكور ففي الحال
~~ارسل فاحضرنا امامه وامرنا بالمضي مع ذلك الخادم.
[9.22]
فلما انتهينا الي قصر الاميره فدخلوني وحدي وانا حامل القفص الي مقصورة
~~الاميره ومكان منامتها فلما دخلت رايت ذلك السرير الملوكي وهو مجلل
~~بالديباج الثمين وداخله متكيه تلك الاميره التي هي فريدة عصرها من الحسن
~~والجمال وحول السرير جالسين نسا الاماره كانهم الاقمار ولابسين حلل ما بقدر
~~اوصف لميعهم من كثرة الجواهر والحجار الثمينه المرصعه فيهم.
[9.23]
اخيرا قدموني امام الاميره المتكيه داخل السرير فلما امتثلت امامها تركت
~~القفص من يدي وانحنيت الي الارض وعملت لها ثمني مثل ما علمني معلمي ولما
~~انحنيت تباين الي واحده من الاميرات طرف السكين المفضضه التي كنت شاكلها
~~فمدت يدها ومسكت السكين وقالت للحاضرين تعالوا تفرجوا علي سيف المسلم فلما
~~سمعت منها هل كلام ففي الحال كشفت ديل الجوخه وقلت لها لا يا سيدتي ما هو
~~سيف الذي بتريه هذه سكينه فلما سمعت باسم سكينه ففي الحال ابعدت عني وتغيرة
~~الوانها لكن ما عطت الشي بالشي واستقاموا الاميرات يتفرجوا علي الوحوش وعلي ملبسي.
[9.24]
اخيرا اطلقوني فحملت القفص وخرجت من ذلك المكان فرايت معلمي واقف من بعد
~~وشاهد الحاليه فلما تقدمت الي عنده نضر الي بعين الزجر والغضب وما راد
~~يكلمني من شدة غضبه ولما وصلنا الي منزولنا مد يده الي زناري واخد السكينه
~~وخبطها في الارض وراد يكسرها.
[9.25]
والتفت الي وصار يوبخني علي فعلي وقلت عقلي بقوله لي بان اول مره تواقحت
~~واخدت الشمعدان من يد الملك وهذه جساره عظيمه ما سبقت لواحد غيرك لكن حضرة
~~ملكنا حليم ولزياده حلمه ترك الشمعدان حتي تاخده من يده والان ثاني وقاحه
~~التي صدرت منك بقولك للاميره بان ما هو سيف هذه سكينه اما بتعرف بان الحاكم
~~منبه ومقرط تقريط كلي حتي الملك نفسه بان كل من انوجد معه سكينه براس او
~~بنيار يرسلوه الي مركب الحجر اعني الكليره يستقيم مابد وبعضهم بيحكموا
~~عليهم بالقتل اذا كانوا مشبوهين بقولهم بان السكينه والبنيار عدو مخفي خلاف
~~السيخ مشهور بيتوقي الانسان من صاحبه الذي حامله ولكن السكينه او البنيار
~~بيمكنك تقرب الي عدوك وتضربه بغير انه يعرف وما هو مستحضر منك ولاجل هل سبب
~~امروا الحكام بان لا احد يحمل معه سكينته او بنيار بحرف. حيند قلي انكان هل
~~تنبيه والتقريط ساير في مدينة بهريس كم بالحري في صراية سلطان فرنسا بان
~~وقح مثلك يدخل الي بيت منامته وهو حامل سكين محرفه مثل هذه لكن الله نجاك
~~ونجاني من هل مصيبه وللوقت اخد السكين وكسر حرفها وابقاها معه. اخيرا
~~استعدرت منه بقولي له ما كنت بعرف فقلي لاجل انك فعلت هذا عن غشم الله نجاك
~~وحضرة الملك ما واخدك.
[9.26]
حيند سرت اساله عن تلك الاماكن التي دخلناها وعن تلك الاميره التي رايتها
~~في حجرة الملك والبنت التي كانت واقفه بجانبها التي تعارضت لنا في الدرب
~~لعلها بنت الملك قال لا ولكن هذه قصه طويله بريد اعرفك فيها حتي تعرف وتحكي
~~بالذي رايته فان سالت عن الاميره التي في حجرة الملك وبيت منامته هذه تسما
~~ماضامه دميتنون وهي زوجة الملك والبنت التي رايتها هي تربايه الملكة
~~المذكوره جاعلتها بنتها بالتربيه فسالت معلمي هل هذه هي زوجة الملك وهي
~~خاليه من كل حسن وهيبه وما عليها من اشارة ملكه.
[9.27]
فاجابني بان هذه قصتها طويله عجيبه والملك اخدها له زوجه لحسن عقلها
~~العجيب الذي ما له مثيل في كل مملكته ولاجل هذا عشقها الملك وكان السبب
~~انها كانت سريه من سريات ماضامه دريان وهذه الاميره المذكوره كان يحبها
~~الملك قوي كثير وكان يتردد لعندها كثير من الاوقات وكان يراء هل بنت
~~المذكوره عندها وينبسط من الفاظها العدبه واحتشامها وحسن اخلاقها وعقلها
~~الرفيع.
[9.28]
فذات يوم من الايام ارسل مكتوب الي هذه الاميره ودعاها بانه تحضر لعنده
~~فلما وصلتها المشرفه من يد الملك فحارت في امرها كيف ترد جواب لحضرة الملك
~~وتستعدر منه لانها انوجدت في ذلك الوقت مزاجها منحرف قوي كثير وما امكنها
~~بانه ترد جواب لحضرة الملك. حيند امرت الي سريتها مادامه مينتنون المذكوره
~~بان ترد الجواب لحضرة الملك وتستعدر منه في تاخير مضيها لعند عزته فباشرة
~~تلك السريه في تكمل امر سيدتها وكتبت مكتوب ونضمت فيه ديباجه لحضرة الملك
~~واستعدار عظيم منظوم من الفاظ عدبه ذات معاني رقيقه ياخد خاطر الملك حتي
~~لما قري الملك ذلك المكتوب اندهش من حسن الفاظه ومعانيه فزاد حبه في تلك
~~البنت السريه الذي مر ذكرها وراد يجيبها لعنده ويعلي منازلها فما رضيت
~~زوجته الملكه ليلا يصدر بسببها شك للغير لانها كانت امراه خايفة الله قديسه.
[9.29]
فبعد كام سنه توفت الملكه وانتقلت الي رحمة الله وصار لها جناز محتفل
~~عظيم ودقت جميع نواقيس بهريس حتي دقوا ناقوز الكبير الذي بينسمع رنته من
~~سبع ساعات مسافه. اخيرا نقلوا جسدها الي كنيسة القديس ديونيسيوس حيث مقبره
~~ملوك فرنسا جميعهم والفقير زرت قبرها وقبور كل الملوك الفرنساويه المدفونين هناك.
[9.30]
فمن بعدما مضي من وفاتها اربعين يوما حيند تشاوروا مدبرين الملك حتي
~~يزوجوا الملك وبما ان ملوك المسيحيين ممسوحين وما بيزوج لهم بانهم يتزوجوا
~~مرتين فارسلوا واخدوا اذن من الحبر الروماني في زيجة ملكهم الضروريه لاجل
~~النسل فبعدما وصلهم الاذن تقدموا الي حضرة الملك وطلبوا منه بانه يتزوج
~~وكانوا افتكروا في اميره بديعة الحسن والجمال وهي من نسل ملوك شريفة الاصل
~~والنسب فلما اخبروه عنها فاباء وما قبل في الزيجه مع تلك الاميره وقال لهم
~~انا باخد ماضامه مينتنون المذكوره زوجة لي.
[9.31]
فلما سمعوا منه هل كلام بهتوا وارتموا علي اقدامه وقالوا له كيف سيدنا
~~وملكنا بترضي بانك تتزوج بواحده خدامه وهي غريبت البلاد وما منعرف اصلها
~~لانها من بلاد صوايا وتلك البلاد هن اعدا لسيادتك وايش بيقلوا عنك الملوك
~~لما بيسمعوا بانك تزوجة بواحده مثل هذه مقدوفه فاجابهم الملك بوجه مغضب
~~وقال كل من عنده كلام يلمه فارتموا علي اقدامه ثاني مره واتوسلوا اليه بانه
~~يغير نيته فما امكن واستقام علي قوله فلما راواء مستقيم الملك علي رايه
~~فقالوا له يا ملكنا وولي نعمتنا انكان حضرتك رضيت بان تكون هذه زوجتك نحن
~~ما منرضي بان تكون علينا ملكه فاحتد الملك بالغضب وتهددهم بالنفي انكان ما
~~بيرضوا بذلك الامر الذي نفذ من فمه فخرجوا من امامه حتي يتشاوروا ويردوا له
~~الجواب.
[9.32]
فما راواء الا فهم يرتموا علي ابن الملك الدوفين حتي يمنع والده عن هل
~~الامر ويصلحهم مع الملك فدخل مون سنير الدوفين علي والده وصار يترجاه بانه
~~يغير نيته عن هل امر الفظيع فاجابه والده علي الفور روح الزم قلعتك اعني
~~امر عليه بالحبس وبعده اجتمعت اكابر مدينة بهريس وكتبوا عرض حال للملك
~~بانهم ما بيقبلوا بان تكون هذه الغريبه عليهم ملكه فلما راء الملك بان قامت
~~اهل البلد والقواد واكابر الدوله علي فرد راي وما رادوا بان الملك يتزوج
~~بهذه البنت الغريبه حيند انثني عن رايه وابان لهم بانه عدل عن زيجتها وهمدت
~~الامور وبطل القال والقيل ورجع كل شي لاصله.
[9.33]
واستقام الملك بغير زيجه عام كامل وفي تلك الايام باشر في عمارة ورساليا
~~وبنا فيها صرايا ما لها مثيل في ساير الاقاليم وشيدها ببساتين وروضات
~~ومتنزهات شتي شي بيفوق الوصف وخبرها مشهور عند ساير الملوك المسيحيه والامر
~~الغريب هو ان نهر السينا وهو نهر كبير مثل نهر الفراه فايت من وري ورساليا
~~وما بينهم جبل عالي فراد الملك بان يدخل ذلك النهر الي ورساليا فجمع جميع
~~المعلمين وامرهم بان يدخلوا ذلك النهر ويجروه داخل تلك البساتين الذي
~~نصبوها داير صراية الملك في ورساليا فتشاوروا المعلمين فما راوا لها منفد
~~الا ان يقطعوا الجبل ويجروها.
[9.34]
فلما اعرضوا ذلك علي حضرة الملك فاجابهم ما الفايده اذا كان النهر جاري
~~في وطاه انا بريد بان الماء يجري من علو حطي يتسلط علي البساتين والاراضي
~~فحاروا المعلمين في امرهم وردوا جواب للملك بان هذا شي ما بيمكن والامر لله
~~ثم اليك واظهروا العجز بين اياديه فانحصر الملك من مقولهم بانه ما بيمكن.
~~حيند تقدم رجل معلم وباس ديل الملك وقال له يا سيدي انا بحضر لك الماء من
~~فوق اعلي الجبل الا بيتكلف عليك شي كثير من الدراهم فلما سمع الملك منه هل
~~خطاب فامر بان يكتبوا له امر موص في جميع الذي بيصرفه وامضاه بخط يده وقله
~~ان كملت الذي قلته الك ما تتمنا علي وتطلب ما تريده.
[9.35]
فقبل الارض امام الملك وخرج وابتدا يباشر في ذلك الصنيع العجيب فاولا امر
~~في سكب طرنبات من الحديد علي جنس الطواب يكونوا طوال ودواليب من البولاد
~~ومزقات بولاد ايضا فبعدما كملوا علي رسم الذي رسمه لهم حيند ارسل فاحضر
~~البنايين وامرهم بان يحفروا حفره غميقه بجانب النهر وبجانبها حفره ايضا
~~غميقه وهلم جرا حتي وصلوا الي قمت الجبل وبعده بتعمير حايطين من جانب تلك
~~الحفره وركب اول دولاب وبجانب الدولاب طرنبه.
[9.36]
وجري الما علي ذلك الدولاب فلما دار الدولاب فصار يدخل المزق في الطرنبه
~~ويخرج الي ان انتلت الطرنبه ودفعت الماء الي حفرت الثانيه التي هي اعلي من
~~الاولي بقامتين ولما انتلت الحفرة الثانيه ولها شيب مثل شيب الطاحون بيسكب
~~علي ثاني دلاب واذا دار الدلاب يشتغل المزق الذي في الطرنبا وبيدفع الماء
~~الي ثالث حفره ومن ثالت حفره الي الرابعه وهلم جرا حتي اتصل الماء الي قمت
~~الجبل وانحدر علي بساتين الملك ماء وافر.
[9.37]
حيند امر الملك بتعمير برك كبار وسنبيلات من حجر شبه ادراج بتجري المياه
~~من فوقهم وبتنحدر الي الاسفل ونصبوا اشجار رارنج وليمون وكباد وغير فواكي
~~كلها مصنوعه من تنك ولها كوزين بيدخلها الماء حتي كل ورقه من هذه الاشجار
~~بيخرج منها الماء وكذلك تحت تلك الاشجار مرج وفي داخل المرج كوزين رفاع
~~بيخرج منهم الماء ومن الجمله صانعين ممشا عريض بيسع اربع زلام اذا تمشوا
~~فيه بالعرض وطوله حكم مايتين دراع وبتخرج المياه من جانبيه بتنحدر مياة
~~اليمين علي الشمال ومياه الشمال علي اليمين وبتلحم المياه في بعضها وبتبقي
~~كانها قبو من الماء والذين بيسيروا تحته ما بتنقط عليهم ولا نقطة ماء وكل
~~هذا من عزم الماء الذي قايمه منحدر من علو الجبل.
[9.38]
وفايض هذا الماء جاري في نهر زغير في البستان وبيخرج من ورساليا وبيلتحم
~~في النهر الذي جاري من خلف ذلك الجبل وبعد كل هذا ناصبين اشجار مغبقه في
~~بعضها البعض وصايره كمثل الحرش وناصبين له سياجات من الجانبين من جنس سجر
~~بيلف علي بعضه وبيورق وبيحبك حتي اذا ضربت عود النشاب ما بيخرق وراخيين في
~~ذلك الحرش من ارانب وغزلان وما يشبه ذلك من الوحوش وهذا لاجل الصيد والقنص
~~وطول هذا الحرش مسيرة سفر يوم واكثر وهذه الوحوش بيولدوا وبينمو وبيكتروا
~~الي يومنا هذا الدواليب بتشتغل والماء بينحدر من قمة الجبل وان سالت عن
~~محاسن هل مكان شي شتي بيفوق الوصف وما كتبت منه الا القليل من الكثير.
[9.39]
ونرجع فيما كنا في صدده فلما كملت جميع تلك العماير والصرايات المكلفه
~~المشيده والبستان وجري الماء كما ذكرنا وكل شي صار علي غاية المراد حيند
~~امر الملك بان ينقلوا جميع الموجود في صرايته التي هي في بهريس الي الصرايه
~~التي في ورساليا ووضع كرسيه في مكان يليق بالملوك وجمع جميع اكابر دولته
~~ووزراه وحواشيه في ورساليا واروي الي اهل بهريس الحرد عليهم بما انهم ما
~~قبلوا بان مادامه دمنتينون تكون ملكه عليهم ولاجل هذا ارسل فاجابها الي
~~صرايته وتزوج بها بزيجه مسيحيه بجميع شروطها واستقام في ورساليا الي الممات
~~وما عاد دخل الي مدينة بهريس وهذا الذي احكالي معلمي عن خبر هذه الملكه
~~التي ريتها متكيه في السرير في حجرة الملك.
[9.40]
اخيرا استقمت انا الفقير في صراية الملك ثمانية ايام الي حين ما كمل
~~القفص الذي امر في عملانه دلفين ابن الملك ودخلوا تلك الوحوش الي ذلك القفص
~~وفي تلك الثمانية ايام كنت ادور في صراية الملك وما احد يتعارضني وبعده
~~رجعت الي مدينة بهريس وكان معلمي استكرا بيت علي خصيته فقطنا في دلك البيت
~~الذي هو فوق جسر مار ميخاييل وكانوا يزورونه اناس كثير من اكابر بهريس وهو
~~يزورهم وياخذني معه حتي اتفرج علي صراياتهم واماكنهم المكلفه وحسن نظامهم.
[9.41]
فيوم من الايام دخلنا الي بيت رجل امير فرايت في صدر الساله صورة رجل
~~وماسك بيده طير ولكن بيتبين للناظر كان يده خارجه من الصوره مع الطير فلما
~~تاملت الفقير في هذه الصوره فتيقن عندي بان يده خارجه فقالولي الحاضرين بان
~~هذا تصوير فما قدرت اصدق حتي واحد منهم تعلا ولمس الصوره بيده. حيند صدقت
~~وشكرت ذلك المعلم الذي صور هذه الصورة العجيبه ثم احكولي بان هذه الصوره
~~نسخة تصوير معلم بيترو المصور وهذه مشتراتها بخمسماية غرش.
[9.42]
وخبر هذا المعلم غريب عجيب لان هذا المعلم في زمان صبوته كان اجير نعال
~~وزري المنظر فاتفق له يوم من الايام فنظر الي بنت احد الامرا وكانت بديعه
~~في الحسن والجمال فريدة عصرها فلما نظرها وهي بتتمشا مع اولاد الاماره فصار
~~يشخص فيها وتملك قلبه بحبها بهذا المقدار حتي صار يتبعها من مكان الي مكان
~~حتي وصلت الي صرايه ابوها وغابت عن نظره فصار يترصد خروجها من الصرايا لاجل
~~التنزه كعادة تلك البلاد فكان يتبعها وينظر اليها وهذا صدر منه كام مره
~~والبنت ما علي بالها منه الي ان اولاد الاماره الذين كانوا يتمشوا معها
~~صاروا يهنواها علي هذا العاشق الزريف المحسن الذي ما له نظير.
[9.43]
وفاغتاظة البنت غاية الغيظ ومضت احكت للامير والدها في فعل هذا الصبي
~~وكيف انه حيث ما مضت بيتبعها وبينظر اليها وصارة معيره لاولاد الاماره فغضب
~~الامير وارسل فاحضر الغلام امامه وساله بوجه مغضب ما بالك بتتبع بنتي
~~الاميره حيث ما مضت ايش هو قصدك منها فاجابه الغلام علي الفور اني حبيتها
~~فلما سمع الامير منه هذا الكلام اتضحك علي قلت عقله وصار يلاطفه بالكلام
~~قايلا له هل بتريد تتزوجها فقال له نعم. حيند قال له الامير ماذا تعطي
~~نقضها فاجابه الغلام اطلب مني ما تريد فقال له الامير بريد منك بان تصور لي
~~صورتها بيدك وان اتممت هذا الامر انا بعطيك بنتي تكون زوجه لك ولكن بشرط ان
~~عدت تتبعتها بعمل علي شنقك .
[9.44]
فرضي الغلام في هذا الشرط وخرج من عند الامير وهو فرحان وصار يشخوط في
~~الحيطان لعله بيقدر يصور في الحيط صورة تلك البنت فما امكنه ياتي بحركه في
~~هل صناعه فاتطر بانه يخدم عند احد المصورين ويصحن دهانات فاستقام مده من
~~الزمان عند ذلك المصور وهو يطلع علي شغل معلمه وكيف انه بيرسم وبيركب
~~الدهانات فابتدي يرسم من عقله صورة تلك البنت لانها كانت مصوره في عقله من
~~شدة العشق الذي كان له.
[9.45]
اخيرا اتقن صورتها بغاية الكمال فلما كملت الصوره مضي الي عند الامير
~~واعطاه تلك الصوره فلما تفرس فيها الامير فتعجب من حسن تصويرها وصناعة التي
~~فيها فما سدق بان الغلام صورها فساله من هو الذي صور هذه الصوره فاجابه
~~الغلام هذه تصوير يدي كما اشرطت علي فما اعتقد في كلامه وراد يعرف حقيقة
~~الامر فارسل واحضر الي عنده اربع معلمين مصورين وارواهم تلك الصوره وسالهم
~~هل تعرفوا هذه تصوير اينا معلم فاجابوه ما في هل بلاد معلم بيقدر يصور مثل
~~هذه الصوره ولا في الهند ولا هي تصوير انسان يا ملاك يا شيطان.
[9.46]
فبعدما تحقق الامير منهم حقيقة الامر فعلم بانها تصوير ذلك الغلام. حيند
~~دعاه امامه وعاد يستخبر منه هل هو صور تلك الصوره بالتحقيق فاجابه الغلام
~~قايلا افحص يا سيدي انكان احد من المصورين بيقدر يصور مثلها يكون انا
~~الكادب فقله الامير صدقت يا ابني ولكن لاجل قلت تصديقي بانك بتقدر تصور
~~صوره بنتي انا زوجتها وان ردت بعطيك اختها لاجل اقراري لك.
[9.47]
فلما سمع الغلام بان البنت تزوجة في الحال زاغ عقله وتلهوز وخرج من امامه
~~وهو كالمجنون وما عاد يعقل علي شي من شدة غرامه وعشقه لتلك البنت وصار يسوح
~~في البراري والقفار فلما مضه الجوع والعري دخل الي مدينه من المدن وخدم عند
~~رجل مصور يصحن دهانات باللقمه فاستقام عنده مده من الزمان فراه معتني بصوره
~~جميله فريده وراد بذلك ياخد الاباحه علي باقيت المصورين فلما كملت تلك
~~الصوره صمدها في سدر مكان ومضي يدعي المعلمين حتي يجوا يرو تلك الصوره
~~ويشهدوا له بالمعلميه فلما مضي المعلم المذكور حتي يدعوا المعلمين فنهض
~~نكولاز اجيره الذي مر ذكره وصور فوق انف ذلك الشخص دبانه وتركها وجلس يصحن
~~الدهانات.
[9.48]
فبعد قليل من الزمان اتي المعلم صحبة المعلمين وجلسوا علي الكراسي. حيند
~~قدم المعلم تلك الصوره امام المعلمين يروها فرقاء تلك الدبانه كانها علقت
~~في الصوره فمد يده وكشها فما طارت. حيند تفرس فيها فراها تصوير فخجل لانه
~~انغش والتفت الي اجيره وساله قايلا من هو الذي دخل الي هاهنا وصور هذه
~~الدبانه فاجابه اجيره ما احد دخل غير نيكولا المجنون اجيرك وهو الذي صور
~~هذه الدبانه.
[9.49]
فلما سمعوا المعلمين باسمه وكان انشهر صيطه في تلك البلاد نهضوا جميعهم
~~واستقبلوه باكرام وقالوا له لماذا عامل في حالك هكذا وانت رجل معلم في هل
~~صناعه اجلس عندنا ونحن كلنا منصير تلاميدك فما قبل ولا اعطاهم التفاته وراد
~~الخروج من هناك. حيند قله معلمه استقيم عندي حتي اتباحص انا واياك في
~~التصوير فاجابه اجيره المذكور ما مرادك في مقامتي عندك فاجابه المعلم قايلا
~~انا بصور صوره وبعدي انت صور صوره والتي بتعجب للمعلمين اكثر بيكون هو
~~المعلم.
[9.50]
فرضي نيكولا بهذا الشرط امام المعلمين. اخيرا مضوا المعلمين في حال
~~سبيلهم وابتدي ذلك المعلم يصور صوره فلما انتهت تلك الصوره فارسل دعي تلك
~~المعلمين وظهر لهم الصوره وهي صورة فواكي ودوالي عنب مدلايين من الدوالي
~~وعلقها في الصخره فالتمت الطيور وصاروا ينقروا الصوره كانهم بينقروا من
~~الفواكي والعنب مغشوشين فلما راوا المعلمين ذلك فشهدوا لمعلميته لانه غش
~~الطيور. اخيرا التفتوا الي نيكولا وقالوا له بقا عليك انت الاخر تصور صوره
~~حتي نحكم بالحق علي الصورتين فاجابهم نيكولا اعطوني حجره حتي اجلس وحدي
~~واصور الصوره ولا احد يدخل لعندي الي حينما تكمل في مده شهر كامل فرضيوا
~~المعلمين واعطوه حجره والت التصوير ومضوا عنه.
[9.51]
فاستقام نيكولا يصور الصوره فكملها بيوم واحد لكن قصده يروي المعلمين
~~بانه بيتعوق في تصويرها لاجل كثرة صناعتها فبعدما مضت الايام المذكوره
~~بادروا المعلمين الي ذلك المكان حتي يروا تلك الصوره بعلمهم بانها تكون
~~فريدة عجيبه. حيند قالوا للمذكور افتح حجرتك حتي نراء هل صوره فاعطي
~~المفتاح الي معلمه فلما فتحوا الحجره فراء في صدر الحجره صوره مغطاه بستر
~~فمد يده معلمه وراد يرفع الستر من علي الصوره فضرب يده والحيط وكان ذلك
~~الجرجف مصور في الحيط فخجل المعلم لانه انغش ثاني مره. حيند التفت نيكولا
~~الي معلمه قايلا ما هي شطاره انك تغش الطيور الشطاره للذي بيغش المعلمين
~~الذين متلك ومضي وخلاهم باهتين في ذلك الستار وصناعة التي فيه.
[9.52]
وهذا لما كان يدخل الي استريه يستقيم يومين ثلاثه ياكل ويشرب ولما صاحب
~~الاستريه يطلب منه حق الاكل يقله اتيني بقرظار برسم عليه شكل ويقول الي
~~صاحب الاستريه خد هل قرظاز الي عند معلم مصور واطلب منه حقها خمسة دهب
~~وانما اعطاك ارجع فيها لعندي فيروح الرجل ويعطي ذلك الرسم الي معلم من
~~المصورين ويطلب حقها خمسه دهب فيدفع له ثلاثه فيرجع حتي يشاوره فياخدها من
~~يده ويشقها ويرسم غيرها اشرف منها واصنع ويقول له لا تاخد حقها الا عشرة
~~دهب فيروح ذلك الرجل ويطلب حقها عشره دهب فيخرج يعطيه في الحال خمسة دهب
~~فيرجع حتي يشاوره فيراه مضي من الاستريه وما عاد رجع كانه حرد واصرف مدة
~~حياته علي هذا النسق حامل خرجه علي كتفه وساحب معه كلبه والي الان موجود من
~~تصويره ورسمه بينباع ثمن غزير وهذه حكايته بالمقتصر.
[9.53]
فنرجع الان ونكتب محاسن مدينة بهريس وحسن نظامها اولا موجود في هل مدينه
~~ثمانماية كنيسه من غير الاديرة الرهبان والراهبات وفي كل كنيسه جملة سناديق
~~منهم الي فقرات الصايح ومنهم منشان الفقره المستحيين الذين كانوا سابقا في
~~نعمه وثروه وفيما بعد مسهم الفقر والعازه وهولاء ما بيقدروا يشحدوا ولا
~~بيقدروا يبينوا علي حالهم انهم معتازين ولاجل هذا لهم في كل كنسه سندوق
~~مخصص لهم واثنين من الخوارنه موكلين في توزيع هل معبور لهم من غير احد يعرف
~~من هولاء المستحيين وسناديق فقرات الصايح لاجل الفقره الموجدين في ذلك
~~الصايح منهم عميان ومنهم مقعدين ومنهم شيوخ وهرومه ومنهم ارامل ذات اعيال
~~اطفال وهل سناديق موكل عليهم وكيلين من اماثل الصايح بيوزعوا علي كل منهم
~~علي قدر احتياجه ومدونين اسماهم في دفتر.
[9.54]
والفقير ما قشعت قط شحاد بيتوسل وبيطلب حسنه من احد بالكليه غير اني رايت
~~فرد واحد جندي سقط فرد رجل جماعة الحاكم بيضربوه ضرب عنيف بغير رحمه فسالت
~~واحد من الحاضرين لاي سبب جماعة الحاكم بيضربوا ذلك الجندي فاجابني انهم
~~راوه بيشحد فتعجبت وقلت له هل في بلادكم الذي بيشحد بيقتلوه لا سيما رجل
~~مثل هذا سقط ما بيقدر بيشتغل هل يجوز هذا فاجابني ذلك الرجل بانه مستاهل
~~الضرب لان الملك الله يحفظه كافيهم في كل لوازمهم ومعاشهم وما بينقصهم شي
~~يضطرهم للشحاده وهذا لقة نام لعزته.
[9.55]
فعدت استفهمت منه وما هي حكايت هل جنود فاجابني بان الملك معمر لهولا
~~الجنود الذين بيرجعوا من الحرب مجرحين او مقطوعين الايدي والرجلين مرستان
~~متسع في الغايه وداخله حكما وجراحاتيه وكنيسه وكهنة اعتراف وجاعل لهم مايده
~~لغداهم وعشاهم وكل واحد منهم له سرير لمنامته وراحته وما يشبه ذلك هل بقا
~~لهم عدر بانهم يشحدوا انما بتكون شحادتهم للشراهه ولاجل هذا كل من راوه
~~بيشحد بينتقموا منه في مكان الذي بيروه بيشحد وهناك في المارستان بيبطحوه
~~علي فرض من دف وبيجلدوه علي لواياه بعصاب البقر حتي يتدب غيره.
[9.56]
وسندق اخر الي مرستان ذلك الصايح ومن بعد كل كنايس المذكوره في مدينة
~~بهريس موجود كنيسه العذري وهي كنيسه عظيمه متسعه ولها ناقوز كبير بمقدار
~~قبه زغيره وهو مركب في علو مادنه عاليه وهو مركب علي اربع عواميد وسماكيته
~~مقدار شبر الاشويه ومدلا في وسطه بيضه من الحديد ولها بكرات وحبال مدلايين
~~الي اسفل الكنيسه واذا رادوا يدقوه بعزم اثني عشر رجل بيسحبوا الحبال
~~وبالجهد حتي تصل البيضه الي حفة الناقوز وحين بيتدق الناقوز بيصير له صدا
~~ورنه بتوهم اهل المدينه من ضجيجها وبتتصل رنته الي مسافه سبع ساعات وهذا ما
~~بيندق الا في النادر لاجل موت ملك او امير او كردينال وما يشبه ذلك.
[9.57]
وهذه الكنيسه موجود فيها ثمانين هيكل وكل هيكل بمقدر كنيسه زغيره وفي
~~الوسط هيكل كبير بوجين ولها سبعة ابواب وكل باب بينفد علي صايح من صوايح
~~بهريس وكل صايح بقدر مدينة حلب الجواني وهذه ما هي مبالغه لان علي راي
~~السواح بان مدينة بهريس بقدر مدينة اسطنبول وسبع مرات لان سقاقات سفر ساعه
~~للمجد السير والذي مروس علي هل الكنيسه كردينال مرسل من عند سيدنا الپاپا
~~ومعطي سلطانه كانه پاپا ثاني في اقليم فرنسا وكان عند الكردينال رجل يسما
~~كرستوفلو اخو باولو چلبي في حلب وهو اغا من اغاوات الكردينال في اكبر بايه
~~من الجميع وهو كان كاخيته.
[9.58]
وفي تلك الايام حكم عيد الجسد ومن عادة اهل بهريس بيزيحوا الجسد ثلاث
~~مرات مرة الاوله يوم الخميس الذي هو العيد ويوم الاحد الذي بعده ويوم
~~الخميس الثاني ايضا ويوم الزياح بيجلوا الحيطان والبواب والدكاكين بافخر
~~القماشات والتحف الموجوده عندهم وبيرشوا الزقات بالزهور وفي راس كل زقاق
~~بينصبوا تخت شكل هيكل ولما بيصلوا الي ذلك الهيكل بيصمدوا الجسد وبيقولوا
~~الطلبه والتراتيل وما يشبه ذلك من الصلوات الخشوعيه.
[9.59]
وذلك اليوم صار زياح كنيسة العذري ومر الزياح من حارة الفقير الذي ساكنها
~~فوقفت في الشباك اتفرج علي ذلك الزياح العظيم الذي موجود فيه اكثر من
~~خمسماية كاهن وشماس وكلهم لابسين بدلات كسر التون وفي ايديهم الشموع
~~الكافور والصلبان الدهب وبعدما مروا تلك الكهنه والشمامسه وصل الكردينال
~~ويعلوه خيمه كبيره وسيعه باثني عشر عامود محموله باثني عشر رجل وداخل
~~الخيمه الكردينال ماسك الشعاع الموجود فيه جسد الرب.
[9.60]
فلما تفرست في ذلك الشعاع فرايت كانه الشمس ما بيقدر الانسان يحقق النظر
~~فيه من كثرة الجواهر المرصعه فيه من الماص وياقوت وزمرد وغير حجار متمنه
~~وما يشبه ذلك شي بيخطف النظر وفيما انا شاخص ومدهول في هذا المنظر اجا
~~لعندي معلمي وقال لي اقرا هل كتابه التي فوق الخيمه فلما نظرت الي تلك
~~الكتابه فرايت جراجف حمر كنتكي ومكتوب عليهم احرف بيض من بيز ابيض لا الاه
~~الا الله والكماله فبهت من هذه الكتابه وهي تعلوا تلك الخيمه.
[9.61]
فسالني معلمي ما هي هذه الكتابه فاحكيت له بالذي مكتوب فتعجب وما صدق.
~~حيند امرني باني اسبق واروح الي بيت الجيران واتفرس مليح بالكتابه من تلك
~~الشبابيك فمضيت كما امرني ونظرت الي تلك الكتبابه فرايتها كما هي في الاول
~~فرجعت واخبرته بصحة الامر وقلت له ما بيمكن اني اكون غلطان لان الجرجف احمر
~~والاحرف من بيز ابيض كيف بيمكن اني غلطان فلما معلمي تحقق مني صحة الكتابه
~~حيند امرني باني امضي الي عند الكردينال واحكيله بالذي نضرته وقلي بيصير لك
~~من الكردينال اكرام وافر وبخشيش.
[9.62]
فاصطبرت حتي فات الذهر بساعتين فمضيت الي صراية الكردينال فلما دخلت الي
~~تلك الصرايه فسالوني الحجاب الذين في باب الصرايا ماذا تريد فقلت لهم بان
~~لي كلام مع حضره الكردينال فسالوني ما هو كلامك وماذا بتريد فقلت لهم ماني
~~مامور اني احكي هل كلام الا لحضرة الكردينال.
[9.63]
حيند ارسلوا معي واحد من الحجاب فمضي بي الي داخل الصرايه حيث محل حضرة
~~الكردينال وفي ذلك الوقت اتي واحد من الغلمان ودعاني اروح معه فمضيت معه
~~فصعدنا الي مكان عالي فدخلني الي حجره فلما دخلت رايت رجل مهيب جالس علي
~~كرسي فتفرس في وسالني من تكون انت ومن اي بلاد فاجبته انا من بلاد سوريا من
~~مدينة حلب فسالني بلسان العربي الفصيح من اي طايفه تكون فاجبته انا من
~~طايفة الموارنه فقلي السلامه في ابن بلادي واسترحب في قوي كثير وسالني
~~قايلا هل بتعرفني فقلت له لا يا سيدي فقلي انا من بيت زماريا واخي الكبير
~~اسمه باولو چلبي واخي الاخر اسمه يوسف واكبرنا كلنا اسمه زماريا وهو وكيل
~~القدس في اسطنبول قاطن عند الالجي فاجبته انا بعرف خواجه باولو جلبي واخيه
~~يوسف في حلب واسمهم مشهور عند الجميع في حسن الصيت والسمعه. اخيرا سالني ما
~~سبب دخولك الي هاهنا لاني رايتك من الشباك داخل مع واحد من الحجاب الي محل
~~حضرة الكردينال هل لك حاجه عنده قلي انا بقضيلك هي علي مرادك فقلتله ادام
~~الله بقاك يا سيدي ما لي حاجه لكن معي كلام بريد اطلعه علي حضرة الكردينال
~~فاجابني ما هو الكلام قلي لاني انا كاخيت الكردينال وما احد بيدخل لعنده
~~بغير اذني.
[9.64]
فلما سمعت منه هل كلام التزمت اني احكي له بالذي نضرته من تلك الكتابه
~~فلما سمع مني هل كلام بهت واتعجب وعاد علي العباره هل هذا صحيح فقلتله نعم
~~وهذا شي يكون ماكد عند حضرتك. حيند قلي ما بيلزم انك تدخل عند الكردينال
~~انا بفحص عن هل امر ونهار غدي تعال لعندي وانا بنبيك انكان هل شي صحيح ام
~~لا. اخيرا بدخلك عند الكردينال.
[9.65]
فمضي ذلك النهار فمضيت ثاني يوم الي عنده فاجابني بان الذي اخبرتني فيه
~~صحيح واخبرت به الي حضرة سيدنا الكردينال ففي الحال ارسل واحضر السكرستيان
~~امامه وامره بانه يجيب تلك الجراجف الذين كانوا فوق خيمة الجسد فلما جابهم
~~فراوا تلك الكتابة المذكوره. حيند سال حضرة الكردينال لذلك الرجل ما هذه
~~الجراجف فاجابه يا سيدي هذه الجراجف قدم وهن بيارق الاعدا المغاربه موضوعين
~~في خزانه السكرستيا فجللت فيهم اعلا الخيمه حضرا ليلا يسقط علي الخيمه طراب
~~من الاسطحا. حيند امر الكردينال بان يحرقوهم في الحال وسبب وجود هل بيارق
~~في كنيسة العذري المذكوره هو ان لما كان ينتصروا ملوك فرانسا علي المغاربه
~~فياخدوا بيارقهم ويضعوهم في الكنيسه لاجل التذكره ويصلوا صلوة الشكر وهذا
~~هو السبب فلما فرغ من كلامه قلي ما بقا بيلزم بانك تدخل الي عند الكردينال
~~واطلقني بعد انه اوصاني بان ازوره دايما.
[9.66]
وفي صايح هل كنيسه موجود مارستان كبير يسما اوتيل دو ديه اعني هيكل الله
~~لانه بيقبل لكل من اراد يدخل اليه ومن اي ملة كان من غير فحص فقير كان
~~اوغني او رنجبال. المراد بيقبل الجميع علي حد سوي فلنشرح الان حسن نظام هل
~~مارستان والخير العظيم الموجود فيه اولا لما بيقبل المريض الي هذا المكان
~~بيجد في الباب جالس رجل مكلف عليه هيبه ووقار وحوله من الخدام واقفين
~~لخدمته فيسال ذلك المريض هل هو غريب ام من اهل المدينه وايش بلغ من العمر
~~وهل معه ورقة معموديته ثانيا يساله هل انه مسيحي او من غير مله فبعدما
~~بيكون اخبره المريض بجميع ما ساله عنه بيكتب اسمه وبيارخ ذلك اليوم وموجود
~~في جريده معلقه مكتوب فيها اسامي المرضي الموجودين ينوف عن الف وخمسمايه
~~واوقات بتزيد ما بتنقص دايما وبيرسله مع احد خدامه الي داخل المكان وهناك
~~بيجد كنيسه وداخلها كهنه معملين اعتراف فيتسلمه واحد من الكهنه وبيدخله الي
~~قلايته وبينبهه علي الاعتراف ثم بيعرفه اعتراف عام وبعده بيعطيه الحله
~~وبيطلقه مع واحد الي عند الحكيم باشي حتي يراء ما هو مرضه.
[9.67]
فبعدما بيفحظه الحكيم باشي بيسلمه ليد واحد من الحكما الموجودين تحت يده
~~حتي يتعلموا الحكمه وبيامره بان يدعه في تلك الساله الموجود فيها من ذلك
~~المرض لان في ذلك المكان موجود سالات شتي اعني رواقات وكل رواق منهم مخصوص
~~بمرض وداخل هل رواق علي الصفين تخوته مجللين بجوخ احمر وفي صفحة التخت
~~مكتوب رقم باحرف بيز ابيض عدد لا غير بيسما نمره وبينوجد علي الصفين مقدار
~~مايتين تخت وفي صدر الساله هيكل علي اسم قديس وبيتقدم كل يوم باكر قداس علي
~~اسم المرضي الموجودين في ذلك الرواق.
[9.68]
فلنرجع فيما كنا في صدده فبيتسلمه ذلك الحكيم وبيدخله الي قاعه واسعه
~~وداخلها بيوتات اعني طوق وكل طاقه داخلها بدله من بدلات المارستان فبيشلحوا
~~ذلك المريض ثيابه وبيلبسوه تلك البدله وبيصروا ثيابه وبيضعوها في تلك
~~الطاقه وبيكتبوا اسم ذلك المريض علي الطاقه حتي انه بعدما يشفي يلبس ثيابه
~~ويمضي بسلام واذا راد واحد يزور احد من اهله او اصدقاه في ذلك المارستان ما
~~بيمكنه يراه بغير انه يكشف علي دفتر الحكيم باشي. حيند بيدله بقوله له امضي
~~الي سالة الثالثه او الرابعه او الخامسه وانضر العدد الفلاني المكتوب علي
~~تلك التخوت فتري مريضك هناك في ذلك العدد ومن غير هذا اذا استقام ثلاثة
~~ايام يفتش ما بيقدر يراه.
[9.69]
وفي كل ساله موكل حكيم بيفرق عليهم الادويه صباحا ومساء وكل يوم بعد
~~القداس بيفرقوا عليهم الشوربه وايضا الدهر والمساء فرايت لما بيفرقوا
~~الشوربه وهو انهم واضعين حله فوق عربانه وساحبها واحد وايضا ثاني عربانه
~~وعليها سندوق طويل وداخله شاكاسات من قزديل والخدام بتسكب من تلك الشوربه
~~وبيناولوا للمرضه حتي ينتهوا الي اخر الساله وكنت اري ايضا كثير من نسا
~~الاكابر جلوس عند روس تلك المرضي بيخدموهم وبيسلوهم واذا المريض طلب منهم
~~شي بيرسلوا بيحضروا لهم ذلك الشي مع خدامهم.
[9.70]
ورايت بعضهم اذا المريض راد يقضي حاجة الطبيعه فتلك الست بتجلسه وتمضي
~~بالانا بتكبه ومع انه موجود معها اربع خمس خدامات ما بتريد احد منهم يخدم
~~ذلك المريض غير هي بيدها بتقضي ما يحتاج اليه من الخدم المستكره والروايح
~~المنتنه ورايت ايضا اذا واحد من هل مرضه حط في النزاع واشرف علي الموت ففي
~~الحال بيحضروا له كاهن يعطيه مسحة الاخيره وكل من مر من ذلك المكان بيقف
~~بيصلي وبيتضرع لاجله واذا مات بيجنزوه في مكانه وبيحملوه الي المقبره التي
~~هي قريبه من ذلك المكان.
[9.71]
ومن جانب هل مرستان مرستان اخر للنسا ما احد بيدخل اليه غير الكهنه
~~والحكماء لا غير وهو نظير مرستان الرجال المذكور وفي اسفل هل مكان دير
~~راهبات موجود فيه مقدار مايتين او ثلاثماية راهبه مندورين لاجل خسيل ثياب
~~المرضي وخياطة حوايجهم وترقيعهم وايضا لاجل عجينهم وخبزهم ومن جانب الدير
~~جاري نهر كبير الذي هو جاري من وسط مدينة بهريز والفقير نضرتهم بيخسلوا
~~حوايج المرضي.
[9.72]
واحكولي ايضا عن مكان مخفي داخل هل مارستان وهو لاجل البنات الذين تورطوا
~~في خطيت الدنس وقبل ما بيظهر فيهم الحبل بيرسلوهم اهلهم الي ذلك المكان من
~~غير ان يعرف فيهم احد فبستقيموا هناك الي حين ما توضع تلك البنت فبياخدوا
~~منها الجنين وبيعطوه للمرضعات وبيطلقوا سبيلها والجنين بيربوه الي حين ما
~~بيكبر بيضعوه عند معلم حتي يتعلم كار وكثير من هل اولاد صاروا معلمين
~~ماهرين ومنهم ارتقوا الي مراتب ساميه ومنهم صاروا مدبرين ومنهم دخلوا
~~الديوره وترهبوا وصار منهم روسا وقديسين.
[9.73]
وهذا هو الخير العظيم الذي بينتج من هل مارستان المبارك والفقير كتبت
~~القليل من الكثير الذي نضرته وسمعته عن هل مكان الذي يسما بالفرنساوي اوتيل
~~ده ديه اعني هيكل الله وهذا المكان له اوقاف شتي منها ضيع والاراضي ومساكن
~~ودكاكين شي يفوق الوصف وايضا مدخول من السناديق الذين موضوعين في جميع
~~كنايس بهريز لان كل انسان بيرمي في سندوقهم حسنه وكثير من البازركان
~~والاكابر بيكتبوا في ورقة وصيتهم لهذا المارستان مبلغ من الدراهم. المراد
~~له مدخول عظيم بيفيض عن المصروف شي كثير.
[9.74]
وفي مدينه بهريس مارستان لاجل الاولاد الفجر وهو داخل دير رهبان مضطرف عن
~~المدينه فرحت الفقير الي ذلك الدير ودخلوني الي المكان المسجونين فيه تلك
~~الاولاد فرايت وهو ساله طويله وممدود في تلك الساله جسر خشب طويل علي طول
~~المكان وداققين سكك حديد ومقيدين الولاد بجنزير معلق في تلك السكه وبعيد
~~الواحد عن اخر شي انه لا يصل الواحد الي رفيقه وكل واحد تحته قطعة حصيره
~~وعمال بيشتغل في اشيا بتخص الدير وماكلهم الخبز والماء وكل يوم بيجلدوهم
~~مرتين علي لواياهم وهن مبطوحين علي فرس من دف وكل منهم بيستقيم في هذا
~~المكان الي حين ما يرضي والده او والدته في خروجه والا بيستقيم دايما وفي
~~مدينة بهريس موجود مدارس لجميع العلوم والفنون الموجوده في ساير الدنيا لان
~~سلطان فرنسا كان ارسل فجاب معلمين من ساير الاقاليم يعلموا في فرنسا بعلوم
~~ما هي موجود في مملكته.
[9.75]
وفي ذلك الزمان عرض الي الملك عارض عجيب وهو بان ليله من الليالي لما كان
~~متكي في مضجعه فدخل عليه الوهم وصار له قلق عظيم فما امكنه انه يستقيم في
~~فراشه فنهض وهو موهوم ومرعوب وخرج الي خارج المقصوره فراء الحراس كعادتهم
~~واقفين للحراسه وهذا دايما الملك له حراس اربعين واحد من الاطال بيحرسوا
~~اقنومه ليل ونهار وهذا شي قديم لكل الملوك فلما نضر اليهم وتفرس فيهم ليلا
~~يكون بينهم غريب فما راء شي من هذا. حيند سالهم من دخل الي هذا المكان غريب
~~فاجابوه يا سيدنا من له قدره يدخل الي هذا المكان فامرهم بان يشعلوا
~~الفنوده ويفتشوا الصرايه لعلهم يجدوا احد ففعلوا كما امرهم وفتشوا جميع
~~الاماكن والملك صحبتهم فما راوا احد فرجعوا والملك معهم. اخيرا دخل الملك
~~الي مقصورته وانتكي في فراشه.
[9.76]
فزاد عليه الوهم الطاق تنين فنهض وخرج ثانيا وقال للحراس موجود في هل
~~مكان عدو اخبروني بالصحيح فارتموا علي رجليه وقالوا له يا سيدنا ها قد
~~فتشنا جميع الاماكن فما راينا احد وابواب الصرايا مغلقه والحراس واقفين
~~منين بيدخل الغريب او العدو فحار الملك في امره وبالهام الاهي امرهم بان
~~يدخلوا معه الي بستان القصر اعني بستان النزه وفشعلوا ايضا الفنوده ودخلوا
~~مع الملك الي داخل القصر وفتحوا ذلك الباب الذي بينزل منه الي البستان
~~فداروا في البستان والفنوده متقده وفتشوا ما بين الاشجار وفي جميع زوايا
~~البستان فما راوا احد فعادوا راجعين الي القصر.
[9.77]
فواحد من الحراس وفي يده فند وهو عمال بيتفرس في الاشجار فراء شبح في
~~سجرة السرو فوقف ورفع الفند الي فوق فراء واحد مخبا في تلك السجره فاعلم به
~~للملك فامر الملك في تنزيله من السجر فلما نزلوه وامتثل امام الملك فراه شب
~~متسلح فامر الملك بان يرفعوا منه الصلاح وبعده فساله الملك ما حاجتك في هل
~~مكان وما هو مقصودك قول الصحيح وامان الله عليك فاجابه ذلك الشاب ان سالت
~~عني يا ملك الزمان انا عدوك المميت ودخلت واختبيت في هذا المكان حتي اقتلك
~~في فراشك لا غير.
[9.78]
فاجابه الملك وايش هو الذي الجاك لقتلى وما هو الذي فعلته معك من السو
~~حتي اردت قتلي فاجابه ذلك الشاب بان ديني بيلزمني اني اقتلك لانك عدو
~~ديانتنا فلما سمع الملك منه هل كلام فقله ان كان دينك النجس بيامرك في قتلي
~~من غير دنب انا ديني المقدس بيامرني باني اعفي عنك روح احكي الي جماعتك.
~~حيند امر الملك باطلاقه فاطلقوه خارج الصرايا ورجع الملك الي مقصورته
~~وانتكي في فراشه وما عاد صار له ذلك الوهم وربنا نجاه من ذلك العطب بعجيبه ظاهره.
[9.79]
فلما اشتهر هل خبر في مدينة بهريس حيند اجتمعت اكابر الدوله والمدبرين
~~الي عند الملك وهنوه علي سلامته من ذلك الخطر الذي وقع فيه ثم سالوه بانه
~~يامر بعقد ديوان عام حتي الاساقفه وروسا الديوره ولما احتبك الديوان اصفطوا
~~الجميع كل من هو في مقامه. حيند تقدم دوك درليان واخبر الملك بان موجود في
~~مملكة فرنسا كثير من الكنوت اعني هراتقه وهن اعدا الايمان الكاتوليكي
~~وفسدوا كثير ناس من الرعيه السدج ولا زال بيفسدوا ومنخاف يا ملكنا بان مع
~~المدا ليلا يبتوا ارتقتهم في جميع بلاد فرنسا.
[9.80]
فلما سمع الملك هذا الكلام وتحقق عنده هذا الخبر حيند امر بان يكتب امر
~~ملوكي ويتنادا فيه في جميع مملكته بان من الان الي مضيت ستة اشهر كل من
~~التقي في مملكتي من الكنوت يقتل ويضطبط ماله للسلطنه وكل من له دين يستوفيه
~~وانكان عليه دين يوفه وانكان له ملك من بيوت او حقول او بساتين وما يشبه
~~ذلك يبيعه من غير جبر وبعد هل مده كل من هو خطيته عليه وامر ايضا للمطارين
~~والخوارنه وروسا الديوره بانهم يكتبوا الي ساير بلاد فرنسا بامر كردينال
~~بهريس بان كل من عرف احد من هولاي الكنوت يخبر فيه الي حاكم البلد والذي
~~بيخالف يكون محروم ومقطوع من الكنيسه وعلي هذا النسق كتبوا الجميع الي
~~مطارنت جميع البلاد حتي كل مطران ينبه في ابرشيته في هذا الامر.
[9.81]
وايضا امر الملك بان في جميع نوافد فرنسا يجلس قبجي من قبل الملك يمنع
~~الهراتقه عن الدخول في ملكه والذي ما بيلتقا معه ورقة عماده يمنعوا عن
~~الدخول فصاروا الكنوت ينتقلوا ناس بعد ناس الي منتها الستة اشهر ومنهم من
~~يروح الي بلاد الانكليز ومنهم راحوا الي بلاد الفلامنك ومنهم تفرقوا في
~~بلاد ايطاليا ومنهم راحوا الي بلاد النمسا والي غير مدن الي ان نضفت بلاد
~~فرنسا منهم بالكليه.
[9.82]
فبعد مده من الزمان اتفق ان رجل سكاف في مدينة بهريس وهو راجع من سهرته
~~الي بيته فراء اثنين غريبي الزي دخلوا في باب فظن بانهم لصوص فدخل الي بيته
~~والتجي في شباك وصار يرقب المكان فراء دخلوا ايضا ثلاثه وبعدهم دخلوا ثلاثه
~~اربعه ولا زال ينتقلوا ناس بعد ناس الي ان صار الوقت نصف الليل فتعجب الرجل
~~من هذا المنظر وبعلمه بان هذا المكان مهجور من قديم فقال في باله بريد ارقب
~~هل مكان لعلي اعرف الداخلين اليه من يكونوا فاستقام في ذلك الشباك الي ان
~~مضي بعد نصف الليل ثلاثة ساعات فما راء الا صاروا يخرجوا ناس بعد ناس الان
~~انتهوا وما بقا احد من داخل واغلقوا الباب.
[9.83]
فلما اصبح الصباح مضي ذلك الرجل السكاف الي عند الحاكم واخبره بالذي رااه
~~في تلك الليله من دخول تلك الاوادم وخروجهم في الليل فلما سمع الحاكم هذا
~~الخبر امر الرجل بان لا يحكي لاحد بالذي رااه انما يعاود لعنده عشيه فلما
~~عاود ارسل معه اثنين من جماعته وامرهم بانهم يكمنوا في بيت ذلك الرجل
~~وينضروا هل قول ذلك الرجل صحيح ام لا ولا يقولوا لاحد شي فلما اختفوا في
~~بيت ذلك الرجل الي ان صار الوقت فصاروا يجوا ناس بعد ناس ويدخلوا لذلك
~~البيت فاستقاموا جماعة الحاكم الي محل خروجهم فصاروا ايضا يخرجوا ناس بعد
~~ناس واغلقوا الباب كما ذكر ذلك الرجل للحاكم.
[9.84]
حيند مضوا واخبروا الحاكم بالذي راوه. حيند ارسل الحكم جواسيس من قبله
~~ينقبوا علي تلك الاوادم فبعد حين عرفوا ذلك المكان وتلك الاوادم سادقين بان
~~هل مكان لما كانوا الكنوت موجودين في مدينه بهريس كانوا يجتمعوا في هل مكان
~~لاجل المشوره في الشهر مره او مرتين فلما تحقق الحاكم هذا الامر فاخبر به
~~حضرة الملك بعد الفحص والتدقيق الكلي . حيند امر الملك بان يرقبوهم حين
~~يدخلوا جميعهم يسدوا الباب عليهم ويصعدوا الي اعلا ذلك البيت .... يهدموه
~~عليهم وان كان احدهم خلص من الردم فيقتلوه حالا ويحرقوا ذلك المكان بالسكه
~~والفدان ويبقوه بلا رصف حجاره حتي يصير تدكره جيل بعد جيل وكان عدد
~~المقتولين خمسماية رجل وضبطوا مالهم للسلطنه.
[9.85]
والفقير ومعي رجل من اهل بهريز فمرينا في ذلك المكان فلما رايت ذلك
~~المكان ما هو مرصوف تعجبت فسالت ذلك الرجل الذي كان معي عن سبب هذا المكان
~~انه بغير رصف وان مدينة بهريس جميع زقاقها مرصوفه بحجر اسود فاحكالي هذا
~~الخبر ولاجل هذا السبب ابقوه بلا رصف لاجل التدكار.
[9.86]
وفي تلك الايام قدم الجي من اسطنبول مرسل من قبل حضرة سلطان احمد الي
~~حضرة سلطان فرنسا في طلب ثمانين مرسايه لانه كان عمر خمسة مراكب بكلك
~~فاستقبلوه بغاية الاكرام ودخلوه الي مدينة بهريس بالاي محتفل وفرشوا له
~~صرايا من صراية الملك وعينوا له خدم وطباخين وسخيره وافره وهو كان معه
~~اربعين جوخدار من غير الخدم وعين الملك له ترجمان من تراجمينه وبعد كام يوم
~~قابلوه مع حضرة الوزير بونشطرين وزير الشرق فاتلقاه باكرام زايد وعمل له
~~وليمه مكلفه.
[9.87]
وبعدما اكل الوليمه امر الملك بان يفرجوه علي مقاصف ورساليا وعلي بستان
~~الملك ورخوا له الماء الذي بينفد من الاشجار ومن البرك والسنبيلات وخصوصا
~~ذلك القبو من الماء الذي كنا ذكرناه سابقا. المراد من بعد تلك الفرج عاد
~~راجعا الي بهريس ودخل الي سرايته المعينه له. حيند صارت اكابر المدينه
~~يزوروه ويهنوه بالسلامه وايضا نسا الاكابر والاماره ايضا يزوروه لاجل
~~الفرجه.
[9.88]
والفقير كنت كل يوم اروح الي صرايته واجلس مع الجوخداريه وكثير اوقات ما
~~يكون حاضر الترجمان كنت اترجم ما بين الالجي وبعض من نسا الاكابر وكان
~~الالجي يتعجب من احتشام تلك النساء وحسن الفاظهم العدبه وسرعة جواباتهم
~~المسدده وكان يقول بان نسا بلاد الافرنج عندهم ادب واحتشام اكثر من نساء
~~بلاده. اخيرا بعدما زاروا اكابر المدينه صار هو ايضا يزورهم ويتفرج علي
~~اماكنهم وحسن نظامهم وتدبيرهم وعيشتهم الهنيه فراء فرق عظيم ما بين نظام
~~بلاد الفرنجيه وبين نظام بلاده المملوه من السجس والاضطراب والظلم وجور
~~الحكام علي الرعيه وكان يقول هذا الي جوخداريته بالمخفي وكانوا يحكولي
~~بالذي يقوله لهم لان كان رايهم مطابق راي اغتهم.
[9.89]
اخيرا بعد كام يوم امر الوزير للترجمان والي كام واحد من اكابر الدوله
~~بان يفرجوا الالجي علي لوبراه وهو مكان بيصير فيه ملاعيب غريبه عجيبه في
~~فصل الشتا وبيدخلوا اليه في الاسبوع مرتين فكلف الترجمان الي الالجي من قبل
~~الوزير بانه يروح يتفرج علي ذلك المكان تلك الليله فقبل الالجي بالرواح
~~والفقير كنت موجود وقتيد في سراية الالجي فلما بلغني هذا الخبر فرحت ومضيت
~~اخبرت معلمي واخدت منه اذن باني امضي مع جماعة الالجي حتي اتفرج فبعدما
~~اخدت منه اذن رجعت الي سراية الالجي واستقمت عندهم الي حين ما صار الوقت.
[9.90]
فحضر وقتيد ناس من قبل حضرة الوزير وكلفوا الالجي بالرواح الي ذلك المكان
~~المذكور. حيند خرج الالجي من الصرايه صحبة جماعته والفقير معهم فدخلوه الي
~~عرابانه ملوكيه ومضو به الي ذلك المكان فدخلنا جميعنا صحبة الالجي فرايت
~~وهو مكان متسع عالي الاركان برواقين في كل جانب رواق طويل ومقسمين الرواق
~~قسم وكل قسم بيسع ثمانية انفار لا غير وهو كمثل المقصوره وله باب وداخل
~~المقصور درابزون وخوانات من خشب الجوز تنجير مكلف.
[9.91]
وكل مقصوره لها ثمن اعني اول جزء من المقاصير الذين هن في اخر الرواق علي
~~كل واحد غرش تاني جزء الذين هم اعلا واقرب الي مكان الملعوب علي كل واحد
~~غرشين وثالث جزء الذي هو مقابيل مكان الملعوب كل واحد بواحد دهب والذين
~~بيريدوا يروحوا يحضروا الملعوب انكانوا ثمانيه او خمسه او ثلاثه او واحد
~~فبيروح واحد منهم قبل بيوم الي عند وكيل هل مكان وبيقبضه علي عدد الانفار
~~انكان في اول جز او في الثاني او الثالث كما ذكرنا فبعدما بيقبض منه بيعطيه
~~طسكره من يده في عدد الانفار الذي قبض عنهم وبشير في اينا جز يدخلوا فلما
~~بيروحوا تلك الرجال بيعطوا الطسكره للذي موكل علي ذلك المكان فبيدخلهم الي
~~مكان الماشر له في الطسكره وبيقفل الباب عليه حتي لا احد يدخل لعنده.
[9.92]
فدخلوا الالجي الي اول مقصوره وهي اشرف مكان واقرب الي مكان الملعوب
~~ودخلوا جماعته في ثاني مقصوره وابقوا الابواب مفتحه لاجل الوسعه فلما جلسنا
~~ما رايت الا ستار منصوب علي عرض ذلك المكان حصه من الزمان فبدا داخل الستار
~~يضي بضيا عظيم حتي خمنت بان الشمس اشرقت من داخل وبعد قليل من الزمان ما
~~رايت الا ارتفع ذلك الستار وتبين من داخل شي بيدهش العقل اولا في سدر ذلك
~~المكان رايت مثل جبل وفيه اشجار كثيره وفلاحين ماشيين بين تلك الاشجار مع
~~حميرهم وفي ديل ذلك الجبل ضيعه والفلاحين داخلين وخارجين من بيوتهم مع
~~نساهم وقرب الضيعه بوش من قسم بقر ومعزه ورعاه وما يشبه ذلك وبعدما رايت
~~هذا كله وتحققت ان كل الذين رايتهم من اوادم وبهايم صحيحين ما هن خيالات
~~ولا اشباح لكن اوادم ذي نفس وجسد من غير ريب.
[9.93]
وبعد هنيهه اقتم المكان ونزل من الجو غيمه كبيره وركزت علي الارض وخرج من
~~تلك الغيمه رجل طويل القامه بلحيه بيضا وفي راسه تاج ملوكي وفي يده عكاز
~~معكوف وهو مهيب ما بيشبع النضر منه فابتدا يلفظ الفاظ غويزه غير مفهومه فما
~~رايت الا خرج من ذاخل اثني عشر صبيه واثني عشر غلام وكل منهم عمره من دون
~~الاربعة عشر عام ولابسين حلل مدهبه ملوكيه وطلعتهم كالاقمار واصطفوا يمين
~~وشمال. حيند بدت الالات الموسيقيه وتبعوهم تلك الغلمان والصبايا باصوات مثل
~~سلك الذهب مطابقين اصواتهم مع تلك الالات شي بيدهش العقل بهذا المقدار حتي
~~الفقير غبت عن حواسي.
[9.94]
فاستقامة النوبه مقدار نصف ساعه. اخيرا سكتت الالات وابتدا ذلك الاختيار
~~يترنم بالاشعار بصوت رخيم فصاروا يتقدموا اليه اثنين بعد اثنين من تينك
~~الغلمان والصبايا ويردوا عليه ايضا بالشعر بنغم لذيذ شي بيرضي الملوك ولما
~~كملوا من تلك الاشعار بدة ايضا النوبه كالاول واستقامة كمالت الساعه. اخيرا
~~ركب ذلك الاختيار تلك الغيمه وارتفع الي الجو وما عاد بان وفي ارتفاعه علي
~~لحصة عين ارتفع جميع الذي كان موجود وظهر مكانهم صرايا عظيمه عالية الاركان
~~ذات قصور وديواخانات وشبابيك بلور وما يشبه ذلك من المحاسن شبيه صراية
~~سلطان فرانسا.
[9.95]
ولها باب مقنطر مبني من رخام ابيض واسود وخرج من ذلك الباب ملك متوج
~~ولابس البرفيل وعليه هيبة الملوك وقضيب الملك في يده وحوله حواشيه من وزرا
~~واكابر الدوله الي ان وصل الي المكان المعين. حيند خرجوا الي ملاقاته تلك
~~الغلمان والصبايا وقبلوا الارض امامه ورجعوا اصطفوا كالاول. حيند بدت
~~الالات الموسيقه تشتغل وتبعتهم اوليك الصبايا والغلمان باصوات رخيمه
~~ملايكيه الي ان كملت النوبه فاقتم المكان هنيهه وانحضر من الجو غيمه كبيره
~~وخرج من داخلها صبيه جميلة الحسن وصحبتها طفلين كانهم ملايكه ولهم اجناح
~~وكل واحد في يده قوص ونشاب.
[9.96]
فصارة تلقش مع ذلك الملك والاطفال يضربوه بالنبل من غير حربه ولا زالت
~~تلقش معه وتملقه وهو ينفر منها الي ان تشاجروا بالكلام ونفروا من بعضهم بعض
~~فتباين انها غضبت عليه ودخلة الي تلك الغيمه صحبه الاطفال وارتفعت الي الجو
~~وغابة وفي ذلك الحين ما رايت الا انشقت الارض وخرج منها شيطان بدنب طويل
~~ملقوت الجلد وفي خروجه نفخ في وج ذلك الملك بنار ودخان وغاب في الجو وفي
~~تلك الدقيقه ابتدا الملك يخلط ويرغي ويزبد كالمجانين.
[9.97]
فلما حواشيه راوا ذلك الشيطان والملك اضحي مجنون هربوا جميعهم ليلا
~~يصيبهم ما اصاب الملك فبقي الملك وحده وهو ينظم الاشعار علي ما اصابه ويقول
~~هل هذا جري في المنام او في اليقضا وهو مضيع حواسه فما رايت والا خرج من
~~الارض اربع عواميد تخت وبعده كمل التخت وانفرش ووضع فيه وساده فلما راء
~~الملك ذلك التخت فانتكي ونام ولما نام خرج من الارض اربع اشجار في اربع
~~قراني التخت ولما كانت هل اشجار تنمي وتطول كانت ترمي اغصان مورقه حتي
~~صاروا اشجار كبار وخيموا علي ذلك السرير وهو نايم كانه في روضه.
[9.98]
وفي ذلك الوقت رايت خرج من تحت التخت بنات حسنات وفي يديهم شبابات وصاروا
~~يدوروا ما يدور التخت ويصفروا في تلك الشبابات بحس رخيم لديد شي بيجلب
~~النوم والنعاس ويلقشوا مع النايم بلغاتهم وبعد حصه انتبه من النوم وغابة
~~جميع تلك الاشيا ورجع ذلك الملك ينظم بالاشعار كالاول وهو في ذلك الحال
~~نزلت ثاني مره تلك الغيمه وخرجت منها تلك الصبيه وصارت تستملقه وتجدبه الي
~~حبها وفي ذلك الوقت دخلت الملكه وراءت هذه الساحره عنده فغضبت وزجرة تلك
~~الامراه ففي الحال دخلت لغيمتها وولت هاربه الي الجو.
[9.99]
والتفتت الملكه الي الملك وصارت توبخه بكلام صارم علي فعله هذا كيف انه
~~قلل قيمه مع امراه صاحره التي سببت له الجنون فلما سمع منها هذا الكلام
~~المنكي غضب غضب شديد فاستل سلاحه وضربها في خاصرتها فخرج السنان من جنب
~~الاخر فسقطت مايته فلما نضروا جواريها موت ملكتهم فروا هاربين واعلموا
~~ارباب الدوله في الذي جري فالتاموا جميعهم واحضروا الجنود ودخلوا علي الملك
~~وارتقوه وخلعوه من كرسي الملك وصارة الصيحه في السرايا وغاب كل ما كان
~~موجود ما عدا حوط من الرخام الابيض والما خارج من فم سبع رخام وفايض الماء
~~بيصب علي ثاني حوض وفايض الثاني بيصب علي حوض الثالث.
[9.100]
اخيرا بدت الالات الموسيقيه تدق وخرجوا اوليك الغلمان والصبايا وصاروا
~~يرقصوا اثنين بعد اثنين برقص محتشم من غير خلاعات وبعدما كملوا من الرقص
~~عملوا تمني للالجي وللحاضرين ومضوا. حيند ارتفع ذلك الحوض والماء وما عاد
~~له اتر البتا فاخدني العجب كيف ان من وقت ما انفتح الستار رايت هل حوض وكل
~~شي تغير وهل حوض ثابت وكنت اظن بان الما جاري من كوز او انه نبع. المراد
~~بعد ارتفاعه اقتم المكان وما عاد يبان شي ابدا وكمل الملعوب والذي دكرته عن
~~هذا المكان وهذا الملعوب ما هو شي بالنسبي عن النضر والسمع شي بيفوق الوصف.
[9.101]
اخيرا نهض الالجي ومعه الترجمان واغاوات الوزير وتمشوا نحو الباب وكان
~~واقفين علي الصفين جميع النسا الذين كانوا موجودين في ذلك المكان واكثرهم
~~بنات الاماره ونساء اكابر المدينه واولاد الاماره وما يشبه ذلك ونحن ماررين
~~سمعت من واحده من بنات الاماره بتشتم دقن الالجي وبما اني بفهم في لسان
~~الفرنساوي التفت وقلت لها في لسان الفرنساوي لماذا يا ستي بتلفظي في حق
~~اسدادنا هذا اللفظ الناقص فلما سمعت مني باني فهمت قولها اختفت بين النساء
~~من عظم خجلها واستحياها لانها انتبهت علي النقص الذي صدر منها في حق
~~الالجي. المراد جزنا ما بينهم وخرجنا خارج ذلك المكان وكل من ركب عربانته
~~ومضي في حال سبيله والالجي توجه الي صرايته والفقير توجهت الي بيت معلمي.
[9.102]
فلما دخلت رايت كثير من اصحاب معلمي في استنظاري حتي يستحكوني ويتضحكوا
~~علي فلما امتثلت امامهم صاروا يسالوني عن الذي رايته وسمعته هل انه عجبني
~~فاجبتهم كل شي الذي رايته وسمعته عجيب لكن اعجب ما رايت هو ذاك الحوض الذي
~~استقام من اول الملعوب الي اخره يجري الماء من فم السبع واخيرا ارتفع الحوض
~~والماء جملة هذا الذي اعتجبت منه اكثر من باقية الملاعيب التي صارت.
[9.103]
فصاروا يتضحكوا وقال لي واحد منهم هذا اهين من جميع التي رايتها فقلتله
~~يا سيدي زيل عني الشبهه بحياتك فقلي هذا الحوض هو من دف مدهون شكل الرخام
~~وخلف منه سندوق مزفت ملان من الماء ويعلوه غراف بيصب في نفيره ومنه بتدخل
~~الماء في فم السبع ولما بتنهي الي اسفل بترجع لذلك السندوق وهذا الغراف
~~بيديره غلام وجميع هذا الماء بمقدار قربه وما بيتقص منه شي ابدا وله بكرات
~~ومربوط بوتر اسود ما بيبان في حكم الليل فلما بيسحبوا تلك الاوتار بيرتفع
~~بقل سهوله وكذلك باقيت الملاعيب علي هذا .... فسالته عن ذلك الاختيار وتلك
~~الغيمه فاجابني هذا يسمي سلطان الجو وذلك الملك يسما باكوس وهذا الملعوب
~~يسما نعاس الملك باكوس وهذا الذي رايته جميعه تحت معاني عن سيرة الملك باكوس.
[9.104]
ثم قلي بان هل مكان مكلف دراهم كثير وكل الذين رايتهم من بنات وغلمان
~~وغيرهم من اوادم كلهم ترباي في هل مكان وشرحلي عن تلك التغيرات واحده
~~فواحده وقطع عقلي وهدا شي بيطول الشرح فاقتصرنا التخبير عنه لانه مشغول
~~بحركات ودواليب مختلفه بصناعة عجيبه حتي في لحصة عين بتغير جميع ما كنت
~~تراه والمكان شاسع من داخل وبعيد عن النظر ولاجل هذا بترا هية الشي لا غير
~~وما بتقدر تشاهد حركاته كيف هي.
[9.105]
وفي مكان اخر يسما كموديه وهو شبه خيال البزار عندنا والذي بيظهر فيه من
~~الملاعيب من المسخنات والمضحكات شي بيفوق الوصف وهو منظوم من اوادم وصاحب
~~الملعوب بيسما اركلين مثل ما عندنا صاحب الملعوب عيواظ وقري كوز وكل
~~ملعوبهم بينبي عن اشيا صادره في ذلك العصر وعن اناس سكريه اشقيا وغيرهم من
~~ذوي الباطوليين المعترين وغيرهم من الجنود الجبانين الجزوعين الغير ثابتين
~~في الحروب وما يشبه ذلك وخصوصا عن النسا الشراشيح الرعنات وجميع هذا منظوم
~~بالفاظ مقنعه مسدده حتي ان السامع بينوعظ من امثال هل جماعات المكروهه
~~والمدمومه من الجميع.
[9.106]
وفي بعض الكنايس في ايام معلومه بيصير تعليم الحق من الباطل وهذا اشرف ما
~~وجدته من المحاسن في هذا التعليم الشريف وكثرة فوايده لكل انسان من نسا
~~ورجال عالم كان او سادج شب كان او اختيار. المراد نافع للجميع اعزب كان او
~~مزوج كاهن كان او راهب وهو ان بيقف في المنبر رجل كاهن عالم فيلاسوف
~~ومقابيله في الاسفل ايضا معلم فيلاسوف عنده من كل شي خبر من لقش العالم
~~وخرافاتهم فبيبدي الواعظ من المنبر بيوعظهم بالحق فبيعترضه الثاني بالباطل
~~بكلام اهل العالم المغشوشين من الشيطان عدو الخير.
[9.107]
فالكاروز الفوقاني بيفسد كلامه بشهادات من كتاب المقدس وبرويه كيف انه
~~مغشوش في اعتقاده في هل اراء الفاسده التحتاني بيبدا بيعترف في الخطايا
~~المشهوره بين الناس فبيرد عليه كاروز الحق وبيفسد اعترافه المملو من الحيل
~~والاعتدارات العنكبوتيه التي بتزيد خطيته خطية اخري وبرويه كيف يعترف بالحق
~~من غير تصنع وتلبسه وخصوصا في اعترافات النسا العلاكات كانهم بيقصوا قصه
~~الي معلم الاعتراف وهلم جرا.
[9.108]
ونهار الاحد والعيد بيصير في باقية الكنايس تعليم المسيح للاولاد من بعد
~~الظهر بساعه الي وقت العصر من رجل معلم فبيلتموا اولاد صايح تلك الكنيسه
~~حتي يتعلموا والذي بيكون من تلك الاولاد حفظ متيلته بيقف في الوسط وبيقول
~~الذي تعلمه من الاحد الماضي واذا قاله علي ما يجب حيند المعلم بيعطيه قونه
~~او صوره وبيعلي منزله عن غير اولاد الذين ما حفظوا متيلتهم ومن جري هذا
~~بتصير غيره في باقيت الاولاد حتي يحفظوا متيلتهم في تلك السبه وكذلك يوم
~~الاحد والعيد بيصير مجادلة في جميع المدارس اعني الذين بيدرسوا في الفلسفه
~~بيجلس المعلم وتلاميده بيتجادلوا مع بعضهم في علم الفلسفه والذي بيطلع رايه
~~احسن من الجميع بيعطيه المعلم قونه من فضه وبيعلي منزله وقول عن علم المنطق
~~وعلم اللاهوت وعلم الفلك وباقيت العلوم علي هذه الصيغه.
[9.109]
والفقير كنت دخلت مع رجل مصور الذي كان يعلمني الرسم الي مدرسة المصورين
~~وكان ذلك يوم خميس الكبير ليلة الجمعة العظيمه فلما دخلت فرايت انفرد اربع
~~معلمين وهن المشهورين في صناعة التصوير ودخلوا الي داخل ذلك المكان فدخلت
~~معهم بشفاعة ذلك المصور الذي كان يعلمني الرسم فلما انتهيت فرايت صاله
~~متسعه وما يدورها خوانات وفي الوسط مركوز صليب من خشب عالي طويل وفي اسفله
~~ثلاث درجات فحضر وقتيد شاب كامل القامه والخلقه في سن الثلاثين سنه ونيف
~~وهو عاري بالزلط وموزر بمحزم ابيض.
[9.110]
فامروه المعلمين بانه يصعد الي الصليب فصعد ومسك بيدتيه من خشبة المصلبه
~~مكان التقب من كل جانب حبله وركز رجلتيه علي مركز مصمر في تلك الخشبه فلما
~~استوي علي الصليب فصاروا المعلمين يتشاوروا في بعضهم حتي وقفوا علي راي
~~وقالوا لذلك الشاب ارخي ذاتك كانك ميت فلما رخا ذاته ورجلاه ثابته علي ذلك
~~المركز انحنت ركبتيه وصار معلقا بايديه. اخيرا امروه بانه يحني هامه فاحناه
~~فبقي منظره كمنزر رجل مايت وهذا رسم السيد المسيح لما مات علي خشبة الصليب.
[9.111]
فبعدما تم الامر علي هذا المنوال ورضيوا الاربع معلمين علي هذا التشخيص
~~حيند امروا لجميع التلاميد بانهم يدخلوا ويرسموا الصلبوت علي هذا الشكل
~~فبعد ما دخلوا وكل منهم اخد مكانه وصاروا يرسموا باوراق وبقلم رصاص مقدار
~~ساعه وبعده نزل ذلك الشاب من علي الصليب حتي ياخد راحه هنيهه من الزمان
~~ورجع وقف كما كان في الاول واستقام ايضا مقدار ساعه حتي كملوا التلاميد
~~الرسم. اخيرا اوردوا التلاميد اوراق رسمهم علي المعلمين فتفرسوا فيهم
~~وميزوا الاصنع رسمه من الجميع فاعطوه قونه دهب بجنزير حتي يضعها في عنقه
~~وجعلوه ريس علي باقية التلاميد.
[9.112]
وفي اماكن ايضا لاجل تعليم مسك السيخ اعني السلاح مثل عندنا لعب الحكم
~~وغير اماكن في تعليم مسك البندقيه ونيشان الرصاص وغيره لاجل تعليم ضرب
~~الطوب وغيره تعليم الخيوليه والنتيجه موجود في مدينة بهريس مدارس من جميع
~~العلوم والفنون الموجوده في ساير الدنيا حتي ان موجود اماكن لتعليم الرقص
~~وغيرهم لتعليم الالات الموسوقيه.
[9.113]
وموجود في هل مدينه كثيرين من بنات الخطا وبيوتهم معروفه من الاشارة
~~المعلقه علي ابوابهم وهي كبة شوك كبيره وموجود من المحتالين والمحتالات شي
~~كثير ومن جملتهم واحده محتاله لعبت ملعوب بيتارخ وهو انها استكرت بدلت
~~حوايج مكلفه نظير بدلات القاضونات الاغنيا واستكرت عربانه باربع روس خيل
~~واربع خدام راكبين ورا العربانه وسارت الي دير الذين بيادبوا اولاد العجر
~~العاصيين علي والديهم فلما انتهت الي ذلك الدير دعت الريس واتوسلت اليه بان
~~لها غلام فاجر وانه بيصرف مالهم في الفجور ولعب الورق وان والده مات. اخيرا
~~طلبت منه بانها تاتي به الي عنده بحيله فيمسكه ويضع رجليه في القيد ويجلده
~~كل يوم ويقيته بالخبز والماء كعادتهم الي حين ما يتادب وترجع وتاخده واخرجت
~~اعطته نفقه شهر.
[9.114]
وقالت له اياك تنغش من كلام هل غلام لانه حيلي تلبيس لانه بيقول لك انا
~~ابن فلان تاجر وابي ما معه خبر اطلقني حتي امضي لعند ابي وهل امراه ما هي
~~امي فلا تصدقه ابقيه الي حين ما اجي الي عندك في اخر هل شهر وانضر هل عقل
~~ام لا. حيند بطلقه ام ببقيه فاجابها الريس يكون خاطرك طيب انا بعرف الاولاد
~~المحتالين امضي بسلام.
[9.115]
حيند ركبت العربانه وامرت الذي بيقيد الخيل بان يمضي بها الي مكان يسماء
~~لوبلي اعني الصرايه وهذا المكان مخصوص بتجار الهند الاغنيا لان بينوجد
~~عندهم من بضاعة الهند شي مكلف من قطع وبرجادات وخاصات رفيعه متمنه وغيرهم
~~من القطع وما يشبه ذلك فلما انتهت الي ذلك المكان توجهت الي عند رجل اكبر
~~تجار ذلك المكان فلما انتهت امام حانوت ذلك الغني وقفت الخيل. حيند امر ذلك
~~التاجر خدامه بان يخرجوا لها كرسي للنزول من العربانه ومسكوها من تحت
~~اباطيها ودخلوها الي ذلك الحانوت فاسترحب فيها ذلك التاجر وعمل لها الاكرام
~~الواجب ثم جلست واخرجت مكتوب.
[9.116]
وقالت له بان اخي ارسلي هل مكتوب من اصبانيا وطالب مني باني ارسله بعض
~~اغراض هل بينوجد عندك منهم فاجابها ما هن فصارت تسمي له اسمايهم شي بعد شي
~~فقال لها ذلك التاجر كل الذي دكرتيه موجود عندي والذي طلبته افخر ما يكون
~~من قماش الهند واغلي ثمن من غيره فصار يخرج لها شي بعد شي وهي تنقي من
~~العشر طاقات خمسه او سته وترد الباقي ولا زالت تنقي وترد حتي تمت مطلوبها.
[9.117]
اخيرا صارت تفصل معه فصل بازركان وتكتب الذي قطعت ثمنه الي حين ما كملوا
~~الفصل وجمعوا الدراهم يكونها خمسة الاف ونيف من السكوت. اخيرا بقجوا لها
~~تلك القماشات ووضعوها ذاخل العرابانه. حيند نهضة تلك القاضون حتي تروح
~~فقالت لذلك التاجر ارسل معي واحد من غلمانك حتي ارسل لك معه الدراهم فالتفت
~~التاجر وقال لابنه الوحيد امضي يا ولدي مع خالتك واقبض منها هذا المبلغ
~~وراد يركبه في عربانه فما قبلت بل ركبته في عرابنتها وامرت الذي بيقيد
~~الخيل بان يمضي بها الي فلان صايح في فلان محله.
[9.118]
فساروا في الطريق ومروا علي ذلك الدير المنسوب لتاديب الاولاد الفجر فلما
~~انتهت العربانه مقابيل باب الدير جدبت القيطانه التي معلق فيها لجم الخيل
~~فوقفت الخيل فانحدرت وقالت لذلك الغلام ابن التاجر بريد اتكلم مع ريس الدير
~~بشي ضروري انزل انت الاخر اتفرج علي هذا الدير وعلي الاولاد الفجر
~~المغلولين هاهنا فنزل الغلام ودخل مع تلك القاضون للدير فلما انتهوا في صحن
~~الدير ارسلت دعت الريس فلما حضر الريس فصارت تقله ها هو ذا الغلام الذي كنت
~~دكرت لك عنه وهن في هل مصاحبه دخل الغلام الي داخل يتفرج علي الاولاد
~~المقيدين وفي ذلك الوقت ودعت الريس وخرجت من الدير وركبت العرابانه ومضيت
~~الي حيث ما امرت الذي بيقيد الخيل فلما انتهوا في ذلك الصايح وفي تلك
~~المحله وقفت الخيل عند مفرق دروب وامرت بان يخرجوا البقج من العربانه
~~ويضعوهم في ذلك المكان واعطتهم ما يخصهم من كري العربانه وكراهم وامرتهم
~~بالمسير وهي دخلت الي بيتها ونقلت البقج وما احد عرف في ملعوبها هذا الي الان.
[9.119]
واما الغلام بعدما تفرج راد الخروج فمسكوه وقيدوه مثل الغير فصار يقلهم
~~لماذا بتقيدوني انا مارر درب مع القاضون اخرجوا سالوها فقالوا له اجلس يا
~~شقي يا مبدرق مال ابيك في لعب الورق فبهت الغلام من كلامهم له وصار يقول
~~لهم انا ابن فلان تاجر وهل امراه اشترت من عند ابي قماش الهند وانا ماضي
~~معها حتي اخد ثمنه فلما سمعوا منه هذا الكلام فراح واحد منهم واخبر الريس
~~بالذي احكاه هذا الغلام فاما الريس بما انه ملقب من امه بانه محتال وتلبيس
~~فقال لهم لا تصدقوه انما زيدوا في عدابه فاستقام الغلام ثلاثة ايام يقتات
~~علي الخبز والما ويجلدوه كل يوم مرتين بغير رحمه وما عادوا سغوا الي قوله.
[9.120]
واما والده استناه الي الدهر فما اجا فقال في باله بتكون القاضون كلفته
~~حتي يتغدا معها فاستقام الي حكم العصر ما بين منه خبر فاعتجب من عوقته فمضي
~~النهار ودخل الليل فما بان احد. حيند امر خدامه بانهم يطوفوا ويدخلوا بيوت
~~الاكابر والبازركان ويسالوا عن سيدهم لعلهم يروه او ياخدوا خبره فمضوا
~~الخدام كل واحد في صايح فصاروا يفتشوا ويسالوا عنه فما راوا له خبر ولا
~~جنية اثر الليل كله فرجعوا الي عند سيدهم واخبروه بانهم داروا مدينة بهريس
~~باسرها فما وجدوا له خبر فاغتم ذلك التاجر وحزن حزنا شديد علي فقدان ابنه
~~والمال واتجه الي عند الحاكم واخبره بالقضيه.
[9.121]
حيند امر الحاكم بان يطبعوا اوراق بصورة الواقعه ويلزقوهم في تصليبات
~~الشوارع والحارات ودكر في تلك الاوراق كل من عرف او اخد خبر هذه الامراه
~~يكون له الحظ الوافر وكل انسان الذي بيعرف فيها وما بيجي بيخبر عنها يشنق
~~ففعلوا كما امر الحاكم ولزقوا الاوراق في الزوايا كما ذكرنا اول يوم وتاني
~~يوم وفي يوم الثالث اتفق بان خادم ذلك الدير نزل للمدينه حتي يتسوق بعض
~~اغراض للدير فصادف تلك الاوراق فلما قراء واحده منهم علم بان الغلام كلامه
~~حق ورجع في الحال.
[9.122]
واخبر الريس وان المدينه ملهوبه بنار من اجل الغلام الذي فقد والحاكم امر
~~بالشنق لكل من عرف فيه وما بيخبر عنه. حيند دخل الريس الي عند الغلام وساله
~~عن قصته فاحكاله الغلام مثل ما مذكور في تلك الوراق. وقتيد صدق الريس كلامه
~~واطلقوه من القيد ومضي به الريس الي عند والده وقص له القصه من اولها الي
~~اخرها كما ذكرنا سابقا فرجع الغلام الي والده والمال غابة فيه تلك الشقيه
~~وما قدروا ياخدوا لها خبر ابدا وهذا ما تم من حيلة هذه الشقيه.
[9.123]
ويوم اخر وانا مارر في بعض الشوارع فرايت واحد راكد وبيصيح السنطانسه وفي
~~يده وراق مطبوعه والناس عمالين بيشتروا منه كل ورقه بجديدين فاتصدقت الي
~~واحد معارف وسالته ما هذه الاوراق وما هي صنطانساء فاجابني بان هذه الاوراق
~~سجل الذي تسجل علي واحد اثيم بالشنق وصار يحكيلي قضية السجل وهو انه لما
~~بتحكم الشريعه علي رجل بالموت بتكون في الساعة العاشره قبل الظهر بساعتين
~~وهو مدون في ورقه دنب ذلك الرجل وكيف انه علي موجب دنبه استحق الشنق او
~~التكسير او قطع الراس وما يشبه ذلك من الميتات المتنوعه التي بيحكموا فيها
~~علي المجرمين وبعد خروج هل سجل من يد قاضي الشريعه بياخدوا تلك ورقة السجل
~~وبيطبعوا صورتها في وراق ويدوروا في المدينه بيبيعوهم كل واحده بجديدين.
[9.124]
واما المجرم المسجل عليه القتل بيدخلوه الي كنيسه داخل المحكمه فبيتسلمه
~~معلم الاعتراف بيعرفه اعتراف عام وبيستقيم معه في الاعتراف حكم ساعتين الي
~~وقت الظهر وبعد كمالت اعترافه بيندمه وبيعطيه الحله وفي ذلك الوقت بيجيبوا
~~للكاهن غدا فبيتغدا مع ذلك المجرم وبعد خلوصهم الغدا بيمضي الكاهن وبيدخل
~~الي عنده راهب من رهبان مار اوغصطينس حتي يوعضه ويسليه ويجرعه والاخر
~~بيستقيم عنده الي وقت العصر.
[9.125]
حيند بيجي الجلاد وبيدق عليهم الباب وبيدخل وبيضع المرسه في رقبته
~~وبيخرجه من الكنيسه وبينزلوا كلاهم من درج المحكمه وبيركبوا العرابانه
~~الراهب والمجرم والجلاد وبيسيروا بهم الي المكان المعين من الحاكم وهناك
~~بيصعد الجلاد في السلم الذي مركب علي خشبة المشنقه وبيتبعه المجرم بيقف تحت
~~رجلين الجلاد وبعده بيصعد الراهب وفي يده الصلبوت ورافعه امام عيني المجرم
~~حتي يندمه ويجرعه علي المنيه.
[9.126]
حيند الراهب بيلتفت الي الشعب وبيبديهم في صلاة النياحه فبيصلوها بعياط
~~وبعد خلوصها فبيبدوا في ثاني صلوه والكاهن مداوم علي تنبيهه علي الندامة
~~الكامله فلما بتنتهي ثاني صلوه حيند بيلتفت الكاهن الي الشعب وبيحثهم بانهم
~~يطلبوا من مريم العدري شفيعة الخطاه بانه تخلص هل نفس الخارجه من بيننا
~~فبيبتدي الشعب يصلي ببكا ودموع طالبين من مريم العذري بانها تشفع في هل نفس
~~وبعد انتها الصلوه بيرشمه الكاهن باشارة الصليب المقدس ونزل من علي السلم
~~وفي ذلك الوقت الجلاد دفع ذلك المجرم والمرسه في رقبته وركب علي كتافه ودخل
~~هامه بين ساقيه وطوطحه ثلاث مرات ونزل من عليه ونزلوا المشنوق ووضعوه في
~~العربانه واشتروه الحكما من الجلاد واخدوه الي مدرستهم حتي يشرحوه ويعلموا
~~التلاميد فبعد انتها الكلام سالت ذلك الصاحب وماذا عمل حتي تسجل عليه الشنق.
[9.127]
فاجابني بان خبر هذا المسكين غريب عجيب وهو ان اوما لي عن رجل تاجر كثير
~~الغنا وفي طول عمره ما جا له ولد فيوم من ذات الايام دخل الي مارستان
~~البناديق فراء بينهم ولد جميل المنظر كامل الصوره فحيح مهدب في الفاظه ذو
~~عقل رفيع بيفوق علي جميع الاولاد بالحسن والظرافه والاحتشام فمال قلبه اليه
~~وطلبه من وكيل المارستان حتي ياخده ويربيه عنده مثلما يكون ابنه.
[9.128]
وهناك بيفرقوا هل اولاد علي معلمين الصنايع والكارات اعني كل من تقدم
~~وانتخبوه معلم في كار من الكارات بيلزموه باخد ولد من هل اولاد ويجعله مثل
~~ابنه ويعلمه الكار الي حين ما يكبر ويتعلم الكار مليح. حيند بيبقا مطلوق
~~الاراده ان راد يستقيم عند معلمه والا بيمضي بيشتغل عند غيره او انه بينتخب
~~معلم وبيشتغل وحده وهذه من جملة المحاسن الموجوده في تلك البلاد.
[9.129]
فتسلم ذلك الرجل التاجر ذلك الولد بوسيقه ومضي به الي بيته فلما راته
~~حرمة ذلك التاجر فحبته محبه عظيمه وهي ورجلها بهذا المقدار حتي انهم كتبوا
~~في ورقة وصيتهم بان هل ولد يكون وريثهم بعد موتهم وصار ذلك التاجر يربيه
~~واوقف له معلم يعلمه القرااه والكتابه وبعدما كمل علمه دخله الي مكتبه
~~وعلمه مسك الدفاتر والحسابات الي مده من الزمان حتي انه تعلم وصار يساعد
~~ابوه في البيع والشرا والاخد والعطا حتي انه فاق علي ابوه في كار
~~البازركانيه.
[9.130]
واستقام الي ان بلغ من العمر نحو عشرين سنه ونيف. حيند اشارة امه الي
~~ابوه بان يخطبوه ويزوجوه علي حيوة عينهم فارتضي ابوه بذلك وخطب له بنت
~~محسنه من بنات التجار وخصص له من ماله مقدار والبنت كذلك خصصها والدها
~~مقدار من الدراهم وكتبوا وثيقه ما بينهم في المحكمه ودونوا في الوثيقه
~~المال الموهوب لهم من والديهم وبعد مده من الزمان هموا في العرس وزوجوهم.
~~حيند انفرق ذلك الولد من ابوه وفتح له دكان وصار يبيع ويشتري وحده وهذا صار
~~برضا ابوه لانه راه تشطر في كار التجاره وصار يكسب في متاجرته.
[9.131]
فاستقام في هل حال مده من الزمان فيوم من ذات الايام مضي الي عند ابوه
~~حتي يستشيره عن امر من الامور فما راء ابوه في البيت فدخل للمكتب لعله يراه
~~هناك فما راه فراد الرجوع فاخدته التفاته فراء تمسكين موضوعين في طاقه من
~~طاقات المكتبه وكانوا هل تمسكين من تمسكات الملك واحد بخمسماية والاخر
~~بثلاث مايه غرش لان الملك لما تقل عليه الخرجيه فكان يعطي لاجل علايف
~~العسكر تمسكات فكانت روس العسكر ياخدوا هل تمسكات ويبيعوهم الي التجار
~~بناقص شي قليل وياخدوا منهم دراهم ويعطوا العلايف وهذا كان في زمان الحرب
~~وبعد مده تطلع الخزنه وكل منهم يعطي تمسكات التي معه ويقبض دراهم علي
~~المختوم ولما تتعوق خروج الخزنه عليهم فكانوا يتاجر في هل تمسكات الموجوده
~~عندهم كمثل ما تكون معارضه مثلا يشتري التاجر شخص بضاعه بالف وخمسماية غرش
~~يقول للبايع عندي تمسك بخمسماية والف غرش نقوض ويصير البازار علي هذا
~~المنوال.
[9.132]
فالغلام لما راء هل تمسكين غره الطمع وقال في باله ابي عدا عن البيع
~~والشرا وما له حاجه فيهم وربما نسيهم فاخدهم ومضي الي حانوته وما احد عرف
~~في دخوله وخروجه من مكتب ابوه فبعد كام يوم اشتري من واحد بازركان شخص
~~بضاعه ودخل التمسكين في البازار كجاري العاده ومضي كلمن هو في حال سبيله.
[9.133]
فمضي علي ذلك مده من الزمان فيوم من الايام دخل لعند ابوه دلال وقله تحت
~~يدي شخص بضاعه رخيصه وهي شكار اسمع مني حتي اخد لك هي بثمن مناسب فلما سمع
~~التاجر بثمن مناسب فرضي وقال للدلال عندي تمسكين بثمانية غرش وبعطي الباقي
~~دراهم فرضي الدلال بذلك وكتبوا البازار وعرضه الدلال علي صاحب البضاعه فقبل
~~وارسل البضاعه الي عند ذلك التاجر مع الدلال فلما تسلم التاجر البضاعه فتح
~~سندوقه واخرج الدراهم وعد الذي بيخصه من بعد التمسكين ومضي الي مكتبه حتي
~~يجيب التمسكين فما راهم فتعجب.
[9.134]
اخيرا فتش بين الاوراق والدفاتر فما راء شي فاحتار في امره فصار يسال
~~امراته والخدام من دخل للمكتب فاجابوه ما احد بيدخله غيرك فزاد فيه العجب
~~والتزم بانه يعطي عوض التمسكات دراهم نقوض فغت عليه الامر فبعد التفتيش
~~والفحص الكلي قطع الاياس منهم لكن صار يحكي للتجار عن فقده التمسكين فواحد
~~من التجار قله لا تخف التمسكات بينوجدوا عن قريب انما قلنا عن تاريخهم ولا
~~بد ما بيقعوا في يد واحد منا.
[9.135]
حيند اعطي لكل واحد منهم التاريخ فما مضي شهر من الزمان وصلوا ليد واحد
~~من التجار كان اخدهم بطريق المعارضه فلما تفرس فيهم عرفهم بانهم تمسكات ذلك
~~التاجر المذكور فمضي الي عنده وارواه التمسكين فلما راهم التاجر عرفهم ولكن
~~ما الفايده منين بعرف انكان هذا هو الذي نشلهم من مكتبي هذا شي ما بيتصدق
~~عن رجل تاجر اهل عرض ناس ملاح بانه دخل الي مكتبي ونشلهم فاجابه ذلك التاجر
~~امضي اخبر الحاكم في امرك وهو بيحصل الذي نشلهم.
[9.136]
فمضي ذلك التاجر الي عند الحاكم واخبره في الامر الذي وقع وكيف انهم
~~انوجدوا عند فلان تاجر. حيند الحاكم امر تنين من خدامه بانهم يمضوا مع هل
~~تاجر ويستقصوا الجره فمضوا معه الي عند ذلك التاجر وسالوه بامر الحاكم يقول
~~لهم من يد من اخد هل تمسكين فقال من يد فلان تاجر فمضوا عند ذلك ايضا
~~وسالوه منين له هل تمسكات فدلهم عن رجل تاجر ايضا فما زالوا يمضوا عند واحد
~~ويدلهم علي غيره حتي انتهوا الي عند الغلام ابن التاجر المذكور.
[9.137]
فلما سالوه فما قدر يقول عن احد بل التجم وصار ابكم فعرفوا بانه هو الذي
~~نشلهم فمضوا به الي عند الحاكم فلما امتثل امام الحاكم وهو مرعوب فساله
~~الحاكم منين اخدت هل تمسكين فما قدر يرد جواب فامر في حبسه تحت العداب حتي
~~يقر بالصحيح. اخيرا قر واعترف بانه هو الذي نشلهم من مكتب ابوه فارسله
~~الحاكم الي الشريعه فحكمت عليه الشريعه بالشنق امام باب بيته لاجل انه امين
~~حتي يتادب غير من الامنا.
[9.138]
فلما بلغ الخبر لابوه ندم علي ما فعل بحيث ما عاد يفيده الندم وفي الحال
~~مضي الي عند الحاكم حتي بتشفع في ابنه بقوله له هذا الغلام ابني بالتربيه
~~ووريثي وما بيني وبينه شي وكل مالي له فاجابه الحاكم اليس انه اخدهم
~~بالاختلاس من غير علمك وانت امين منه ولاجل هذا حكمت عليه الشريعه بالشنق
~~فلما خاب امله من قاضي الشريعه التجي الي اشراف المدينه بتوسل عظيم بانهم
~~ينجوا ابنه من الموت فما امكنهم بان يخالفوا الشريعه. حيند اتجه الي بلاط
~~الملك وارتمي علي اكابر الدوله بجملة هدايا فما امكنهم ايضا في تخط هل
~~شريعه. اخيرا اتتصلة الي الملك نفسه بواسطة الاماره اولاد الملوك فما امكن
~~بانهم يغيروا هذا الحكم المحتوم عليه من الشريعه فخاب امله من الجميع ورجع
~~الي منزله وهو ينتحب ويبكي هو وامراته وما قدر احد يعزيهم في حزنهم الي بعد
~~زمان طويل.
[9.139]
وتم الامر هكذا لاني مضيت الي المحكمه حكم العصر فرايت بقرب الدرج
~~عرابانه فاضيه كشف وكام واحد من الجنود وبلك باشيهم راكبين الخيل وهن في
~~الاستندار وبعد هنيهه نزل الجلاد وقابض علي مرسة المحكوم عليه وهو مكتف من
~~قدام وتبعهم الكاهن فنزلوا من الدرج وركبوا العرابانه والكاهن واضع يده
~~الواحده علي كتفيه ذلك الغلام ويده الاخري قابض فيها الصليب المقدس وواضعه
~~امام وجه الغلام وهو يسجعه ويوعضه ما داموا سايرين في الطريق الي حين ما
~~وصلوا الي المشنقه فلما انتهينا الي هناك فرايت خشبه مركبه علي سيبا وطرفها
~~الواحد خارج عن السيبا وموضوع عليهم سلم فصعد الجلاد الي اعلا السلم وصعد
~~الغلام بعده تحت اقدام الجلاد والمرسه في رقبته قابض عليها الجلاد.
[9.140]
اخيرا صعد الكاهن وفي يده الصلبوت ولكن الغلام مع الصلبوت امام وجههه
~~كانت عيناه مرتفعه الي شباك بيته وهو يبكي وبعد خلوص الصلوات كما ذكرنا وكل
~~الشعب يبكي علي هذا الغلام الذي هو في عنوان شبوبيته وهو حسن الصوره وهو في
~~ثيابه الفاخره ثياب عرسه وعلي ما نقلوا بان له من العمر اثنين وعشرين سنه
~~وهذا الذي جرح قلوب الشعب الملتم وكنت تسمع حس بكاهم وضجيجهم كمن كل واحد
~~منهم مات له ولد وحيد محبوب منه ولما انتهت الامور دفعه الجلاد كما دكرنا
~~ونزلوه في العرابانه وساروا به الحكما اما الجلاد ما قدر ينزل من علي السلم
~~حتي تحاوطوه الجنود خيفتا من الشعب ليلا يقتلوه لان عندهم الجلاد ممقوت
~~مبغوض منهم قوي كثير.
[9.141]
ويوم اخر وانا واقف علي جسر مار ميخاييل مكان منزولنا فات ايضا الذين
~~بيبيعوا اوراق السنتانسا اعني السجل وكان تسجل علي اثنين كانوا يقطعوا
~~الدروب يشلحوا ويقتلوا الذين يشلحونهم فرحت قرب العصر الي المحكمه حتي
~~اتفرج فرايت عرابانتين والجنود كما ذكرنا فنزلوا الاثنين مكتفين من ورا
~~والجنود قابضين عليهم ومعهم كاهنين والجلاد فركبوا كل واحد منهم في عربانه
~~ومعه كاهن ماسك الصليب المقدس.
[9.142]
ومضوا بهم الي مكان ساحه فلما انتهينا الي ذلك المكان رايت ناصبين تخت
~~علو نصف قامه وموضوع في الوسط صليب من خشب غليض معكوف مثل صليب ماري بطرس
~~فاصعدوا اول واحد الي اعلا التخت وقابضين عليه الجنود. حيند فكوا كتافه
~~ومدوه علي الصليب وهو عريان وربطوا ساعده الواحد في خشبة الصليب رباط متين
~~وساعده الاخر في ثاني خشبه وربطوا ساقيه كل واحد في خشبه وبقي هامه مدلا
~~بين الخشبتين.
[9.143]
فلما انتهوا من رباطه وقف حيند الجلاد وقري علي راس الملا السجل المحكوم
~~عليه وهو تكسير اربعته فلما انتها من القراءه اتقدم واحد بيده ساطور طويل
~~سميك وفي ذلك الوقت بدا الكاهن يحث الشعب علي الصلوه كالمالوف فبعد ان كملة
~~الثلاث صلوات اخد الجلاد وضرب ذلك الحرامي المربط علي الصليب علي ساعده
~~الواحد ثلاث ضربات في ذلك الساطور حتي كسر عظامه اربا اربا حتي كنت اسمع
~~تكسير العظام وضربه علي ساعده الثاني ايضا ثلاث ضربات وعلي ساقيه كل واحد
~~ثلاث ضربات الي ان ما بقا فيه عضو صحيح. اخيرا ضربه علي صرته ضربه واحده
~~بقوله له هذه انعام من الملك حتي يموت بالعجل. اخيرا فكوه من علي الصليب
~~ووضعوه في بكرت عربانه وكوموه داخلها حتي بقي كبت لحم ورفعوا تلك البكره
~~ودخلوا في تقبها خشبه بجانب ذلك التخت وتركوه ينين وهامه مدلا برات البكره.
[9.144]
اخيرا اصعدوا الثاني الي ذلك التخت فلما تفرس في رفيقه وراه في هذه
~~الحاله برك علي ركبتيه وصار يتوسل الي الكاهن بانه لا يدعهم يميتوه هذه
~~الميته الصعبه بل يخنقوه قبل التكسير فحن قلب الكاهن عليه والتفت الي
~~الجندي الذي من قبل الحاكم العرفي واتشفع فيه بان يخنقوه قبل التكسير
~~فبالجهد حتي قبل طلبة الكاهن وامر بان يخنقوه فمدوه مثل رفيقه علي الصليب
~~وربطوه كالعاده وخربقوا في رقبته حبله ودلوها من تقب التخت ومزوروها بحركه
~~دولاب فاختنق في الحال وعاد الجلاد كسر عظامه كالاول ووضعوه في بكرة عربانه
~~مثل رفيقه وابقوهم الي حين ما يموت الاولي وهذا المشهد اثر في قلوب العالم
~~الرعب والكابه. حيند مضي كلمن هو في حال سبيله وهن بغاية الانكسار والحزن
~~علي ما راوه.
[9.145]
ويوم اخر رايت الناس تتراكد فصرت اركد معهم الي ان وصلنا الي تصليبة زقاق
~~فرايت امراه مربطين سواعدها في اخر عربانة التي بيكبوا فيها الزباله وهي
~~عريانه الي نصفها اعني الي حد الزنار ولما انتهوا الي التصليبه وقفوا
~~العرابانه. حيند قري الجلاد سجلها المدون فيه دنبها وهي انها كانت تفسد
~~عقول الشبان وتعرس لهم لنسا جاهلات وغير معروفين بنسا الخطاء ولاجل هذا
~~حكمت عليها الشريعه بانها تتجرس في جميع شوارع مدينة بهريس فلما انتها من
~~قراة السجل جلدها اثني عشر جلده بعصب التور حتي كنت تراء لحمها مزرق مفزر
~~من ذلك الضرب الاليم وبعد ان كمل الضرب مشية العربانه وساحبتها وهي ماشيه
~~حفيانه وكانت عدمت قواها فصارة العرابانه تجرها عنفا حتي انها اشرفت علي
~~الهلاك فيا له من منضر شنيع وخجل فزيع لجنس النسا.
[9.146]
ويوم اخر فاتوا باوراق سجل فرحت الي المحكمه حتي اتفرج وفي وصولي رايت
~~منزلين من الدرج صحبة الجلاد والكاهن امراه اختياره في سن السبعين فدخلوها
~~للعرابانه هي والكاهن والجلاد وجنود من قبل الحاكم محتاطين بالعرابانه
~~وساروا بهم الي ان وصلوا حيث منصوبه المشنقه فصعدوا الثلاثه علي السلم.
[9.147]
حيند قري الجلاد السجل بان هل امراه كانت خادمه في بيت واحد من الاكابر
~~مند سنين عديده وكان الرجل وامراته يحبوها لاجل خدمتها وتربيت اولادهم وكان
~~علي زمان ابو ذلك الرجل الاكابر فقد له اواني فضيه وما امكنهم يروا هل
~~اواني ولا الذي اغتلسهم من بيته فمضي علي ذلك عدة سنين وكان ابو ذلك الرجل
~~توفي فاتفق بان ذلك الاغا سافر الي مدينة تلوزا فواحد من محبينه عزمه الي
~~عنده فلما جلسوا علي المايده فراء موجود في المايده بين اواني الفضيه صحن
~~من صحونه فعرفه لانه له علامه في تلك الاواني فبعد كمال الصفره فسال ذلك
~~الرجل صاحب المكان من من اشترا ذلك الصحن فاجابه بان واحد من اصحابي كنت
~~دكرت له بان يصيغ لي بعض اواني في بهريس فارسلي هذا الصحن مع جملة اواني
~~فضيه ومن جملتهم هذا الصحن وجملة يسيت.
[9.148]
وان سالت عنه وهو فلان تاجر في مدينة بهريس فاستقام ذلك الرجل مده من
~~الزمان وسافر الي مدينة بهريس واخد معه الصحن وبعض اواني الذي كانوا فقدوا
~~من بيته فلما وصل الي صرايته وبعد كام يوم ارسل دعا ذلك التاجر وساله من
~~اين اشترا تلك الاواني الفضيه فدله التاجر عن رجل سايغ فارسل واحضر السايغ
~~فاوما له عن غير رجل غريب الزي. حيند مضي واعلم الحاكم بالامر الذي جري
~~فارسل الحاكم من قبله اثنين يفحظوا وينقبوا علي الاول الذي باع هل اواني
~~ويحضروه امامه.
[9.149]
فمضوا جماعته الحاكم يستقصوا الجره الي ان وصلوا الي تلك العزوجه الخادمه
~~الذي مر ذكرها فلما راوها ما قدرة تدل علي احد قبضوا عليها واحضروها امام
~~الحاكم وقرووها بان هي التي اغتلست هذه الاواني فامرت عليها الشريعه بالشنق
~~ولكن الجلاد ما قرا كل هذه القصه انما ذكر خيانتها لاستادها وبما انها
~~امينه حكم عليها بالشنق وكنت تري لما كانت واقفه علي السلم كيف انها تتوسل
~~للشعب حتي يصلوا ويتضرعوا لاجلها. اخيرا شنقوها كباقية المجرمين ولتاديب
~~جميع الخدام المتامنين.
[9.150]
وفي تلك الايام حدث في مدينة بهريس مرض وبايي ومن جراه مات ناس كثير بغير
~~عده والمنصاب بهذا المرض ما بيستقيم اربعة وعشرين ساعه ويموت فارتجة اهل
~~المدينه من هذا الغضب. حيند التجوا الي شفيعة بهريس وهي القديسه جنيفيفا
~~واتفقوا بان يزيحوا جسدها في المدينه ويطلبوا شفاعتها لعل الله تعالى يرفع
~~عنهم ضربة الغضب فاشاروا الي مطران كنيستها بان يسمح لهم بان يزيحوا جسد
~~القديسه فابا وما رضي بان يخرجوا جسدها من كنيستها خوفا ليلا يعصوا في هذه
~~الدخيرة المباركه فلحوا عليه جملة مطارين بهريس وروسا الديوره حتي
~~الكردينال نفسه فما امكن بان يسمح لهم في خروج جسد القديسه.
[9.151]
حيند اجتمعت جميع اكابر بهريس والقضاه ومضوا الي عند مطران كنيسة القديسه
~~وارتموا عليه بانه يسمح لهم وليلا يخاف بان الكردينال اوغيره يعصوا في
~~الدخيره اعطوه خطوط اياديهم وكفلوها بانهم يرجعوا جسد القديسه الي مكانه
~~وهو تابوت من الفضه وموضوع فوق ثلاث عواميد من الرخام وظهر منه عجايب كثيره
~~حتي انهم بيعلقوا قميص المريض علي قصبه وبيلمسوه في ذلك التابوت بتشفيه من
~~مرضه حسب امانته.
[9.152]
فلما تم الامر علي هذا المنوال رضي المطران وسمح لهم في نزول جسد
~~القديسه. حيند ارسل الكردينال الذي هو پاپا ثاني في مملكة فرنساء وامر بان
~~تخرج الي الزياح جميع الخوارنه والكهنه والرهبان والاكليريكين الموجودين في
~~جميع كنايس بهريس والديوره من السبع الصوايح التي هي ثمانماية كنيسه ودير
~~وان كلهم يتردوا بافخر الثواب التي عندهم وفي ايديهم الشموع ويمشوا في
~~الزياح وامر ايضا بان في ذلك اليوم لا احد من العوام يشتغل بل يكون نهار
~~عيد عام.
[9.153]
وفي يوم المرسوم خرج الزياح منظوم من كهنه ورهبان وشمامسه متسربلين بافخر
~~البدلات وفي ايديهم الشموع متقده واربع مطارين حاملين علي اكتافهم تابوت
~~جسد القديسه ومروا في شوارع المدينه وكنت تري كل فوج من الكهنه ومن الرهبان
~~ومن الشمامسه وهن ماشيين يرتلوا تراتيل ملايكيه باصوات شجيه والحان بهيه
~~فاستقام مرور المذكورين حكم ساعتين حتي انتهي لان بيقدروا بان عدد
~~المذكورين حكم عشرة الاف نفر وجميع العوام واقفين في دكاكينهم بيتضرعوا الي
~~الله تعالي بان يقبل شفاعة القديسه ويرفع هل غضب عنهم فاستجاب ربنا دعاهم
~~وانقطع ذلك المرض بالكليه وكنت وقتيد الفقير في باريس وشاهدت هذا الزياح
~~وتلك العجيبه التي صنعها الله تعالي معهم بشفاعة القديسه جنيفيفه.
[9.154]
ووقفت علي خبرها وهو ان كانت القديسه خادمه عند رجل غني من اكابر بهريس
~~وكانت في بيته كانها راهبه عابده وكانت تحب الفقرا وتتسدق عليهم من علوفتها
~~وشغل يدها ومن فضلات البيت فلما اشتلق عليها اسدادها بانها توزع الصدقات
~~علي الفقر لانه كان بخيل قاسي القلب علي الفقرا وغيرهم من المحتاجين فاتهدد
~~هل اجيره وقال لها يوم الذي براكي بتعطي للفقرا شي ايقني بقتلك واخراجك من
~~بيتي وحرس الخدام بان يرقبوها وان جري منها هذا الشي فيعلموه حتي ينتقم
~~منها فحزنت هل مسكينه وما عادت تقدر تعطي شي للفقرا خيفتا من اسدادها ولكن
~~كانت تبقي جزو من خبز المعطا لها وتخبيه الي حين ما ترا فرسه وتعطيه
~~للمساكين.
[9.155]
فاتفق يوم بعد خروج اسدادها من البيت فلمت تلك كسر الخبز ووضعتهم في
~~ديلها وخرجت من البيت حتي توزعهم علي الفقرا فاتفق في محل خروجها من باب
~~المنزل واسدادها داخل فراها خارجه ديلها ملان فسالها ما هو الذي في ديلك
~~فارتعشت فرقا من غضبه وما عادت تعرف ترد عليه جواب ولكن ربنا الحنون انطقها
~~وقالت له هذا ورد وكانت ايام شتا والورد ما له وجود ابدا فبهت اغتها وقال
~~لها ارويني هذا الورد فكشفت ديلها فرااء داخله ورد مكبس ولا في اوانه فتعجب
~~والتفت اليها وقال لها اصدقيني منين لك هذا الورد فالتزمت وتقر له الصحيح
~~بان كان في ديلها كسر خبز واني قلت انه ورد بغير وعي وانتباه.
[9.156]
فتحقق حيند العجيبه المفعوله لاجلها واعلم المطران بتلك العجيبه ففحص
~~المطران عن هل عجيبه فراها حقيه وثبتها. حيند ذلك الغني باشر في تعمير دير
~~راهبات ودخلها فيه وعمر بجانب الدير كنيسه واوقف لهم اوقاف تقيم فيهم
~~فاستقامة جنفيفه في الدير واخيرا انتخبوها ريسه عليهم لحسن عبادتها
~~وقداستها بسيره ملاكيه ولما توفت ظهر من جسدها عجايب كثيره وخبرها مستطيل
~~ولاجل ان جسدها كان يفعل عجايب وضعوه في تابوت من فضه ورفعوه فوق ثلاثة
~~عواميد لاجل المرضي الذين كانوا ياتوا من غير بلاد حتي يزوروا جسدها ويشفوا
~~من امراضهم ومن ذلك الان لقبوها جنفيفه شفيعة بهريس.
10 الفصل العاشر وفي اواخر سنه 1708
[10.1]
في اليوم الخامس عشر من شهر كانون الاول حدث برد شديد بهذا المقدار حتي
~~انه يبس الاشجار وجلد نهر السينا الذي هو جاري من وسط مدينة بهريس والجليد
~~كان بسمك شبر حتي العرابانات كانت تمشي فوقه كانها ماشيه علي ارض محجره
~~يابسه واستقام هل برد والجليد خمسة عشر يوم وفي هل مده ماتوا ناس من هل برد
~~من سبع صوايح بهريس الذي كل صايح بقد مدينة حلب ثمانين الف الذين اندق لهم
~~ناقوز في الكنيسه ما عدا اولاد الزغار والفقرا والغريبه حتي انهم راوا
~~الحرمه واولادها في فراشهم ميتين والرجل وامراته متعانقين وميتين لان
~~ماواهم في اعلا الطباق لاجل رخص كراهم وبيوت بهريس هي خمسة طبقات وكل بيت
~~الذي هو اعلي من الاخر ارخص كري.
[10.2]
وايضا وجدوا اولاد فلاحين بياتوا من الضيع لاجل الخدمه مطمورين في الزبل
~~في الاواخير موتاء وكانت المدينه فاضيه من الاوادم لان كل منهم كان ملتجي
~~في بيته وما يفارق اوضته ووجاقه والفقير كنت ملتجى في اوضه وما افارق
~~الوجاق واستمريت خمسة عشر يوم محبوس في تلك الاوضه قبال النار اصتلي
~~والتزموا الكهنه بانهم يضعوا مناقل نار علي المدابح خيفتا ليلا يجلد المزكا
~~الموضوع هناك وكثير من الناس لما كانوا يبولو يجلد البول الخارج منهم ويبس
~~في حليلهم ويسبب لهم الموت وخوابي الذين موضوعين داخل البيوت الذين هن من
~~نحاس فزروا وكانوا يكسروا الخبز بالقداديم ويبلوه بما سخن حتي يقدروا
~~ياكلوه وماذا اقول عن بساتينهم والاشجار يبسة بالكليه وايضا كرومهم واسجار
~~زيتونهم يبسة ايضا وزرعهم في تلك الاراضي يبس بعدما بدروا مرتين وثلاثه
~~وهذا الغضب عم اقليم فرنسا جميعها.
[10.3]
والفقير خرجت من مخضعي بعد الخمسة عشر يوم ومضيت حتي احلق ومن خروجي من
~~دكان الحلاق الي ان وصلت الي منزلنا تيبست وصرت كاني صنم وسقط شعر شواربي
~~من الجليد وايقنت بالموت ولما انتهيت الي مخضعي وراوني في تلك الحاله فمضوا
~~واخبروا معلمي فلما اتي معلمي ففي الحال امر الخدام بان يعروني من ثيابي
~~فما قدروا يشلحوني توب الفوقاني لان سواعدي يبسة. حيند امرهم بانهم يشقوا كمامي.
[10.4]
فبعدما عروني وبقيت بالزلط كما جابتني امي فاوقدوا النار وكان معنا وعاء
~~دهن النسر الذي اشتريناه من مدينة تونس الغرب فدهنوني من ذلك الدهن من فرقي
~~الي قدمي وقربوني الي النار حتي داب ذلك الدهن علي جسدي. اخيرا احموا ملحفه
~~بيضا ولفوني بها وحملوني اثنين من الغلمان ووضعوني في الفراش وانا كاني صنم
~~ما بقدر احرك يدي عن رجلي وغطوني بثلاث اربع لحف وكمروني وبقيت كاني موضوع
~~في جواني الحمام من شدت الحراره.
[10.5]
وابقوني في الفراش اربعة وعشرين ساعه وبعد تلك المده فقت علي حالي وصرت
~~احرك يداي ورجلاي بغير الم. اخيرا نهضت من الفراش وانا بصحة العافيه ولبست
~~ثيابي وصرت اتمشا في صحن البيت وبعد يومين امر معلمي لاحد الغلمان بان
~~يدورني في شورع المدينه علي حكم ساعتين جري وما يدعني اقف ابدا حتي سال
~~عرقي لحد اقدامي ومنها تعافيت في غاية ما يكون.
[10.6]
وبعد تلك الايام بقليل من الزمان صار في المدينه مجاعه وغلا عظيم بهذا
~~المقدار حتي اتطروا مدبرين المدينه بان يكتبوا الانفار الموجوده في البيوت
~~وبامر الحاكم بان يعطوا لكل نفر وقيت خبز لا غير قوت لا يموت وكل عيله
~~مدونه انفارها عند الخباز وجالس في كل فرن رجل من قبل الحاكم وفي يده دفتر
~~العيلات المدونه اسماهم ولاجل هذا الضبط ما يقدر احد ياخد زود تعيته ولا
~~درهم واحد فبعد مدة ايام دفقت الفلاحين اهل القره والضيع الي مدينة بهريس
~~حتي يشحدوا ولا يومتوا من الجوع لان الفقير رايت ناس كثير مطروحين في
~~الازقا مايتين من الجوع لان ما احد يشحدهم لان كل واحد له وقيت خبز ما
~~يمكنه بانه يعطي من تلك الوقيه شي للشحاد ولاجل هذا السبب مات منهم كثير من الجوع.
[10.7]
فلما راوا اكابر المدينه والمطارنه والمدبرين هذه المصيبه افتكروا بل
~~الهموا من ربنا الحنون علي عبيده بانهم يشغلوا هل فلاحين من دراهم اوقاف
~~المدينه ويباشروا في عمارة بيوت برات بهريس وكان هناك تله فراموا بان يكبوا
~~ترابها الي غير ناح ويساووا الارض وبعده يبنوا البيوت وكان جا لهم قمح من
~~غير بلاد لكن غاليت الثمن فبنوا فرن في ذلك المكان حتي يخبزوا خبز لتلك
~~الاوادم ويعطوا لكل واحد منهم اعني الرجل وامراته واولاده الذين بيقدروا
~~ينكبوا تراب رغيف خبز وقيتين واجره جرقين اعني ثمان عتامنه بتعمل باربع
~~سولديات فاستقاموا يشتغلوا واستراحت اهل المدينه منهم الي حين ما جاهم
~~الفرج وكثر عندهم القمح من بلاد الشرق ومن بلاد المغاربه ومن غير بلاد لان
~~الغلي جلاب.
[10.8]
ولما رحت الي مرسيليا رايت وصلت اربعة كليرات من عند سيدنا الپاپا ومعهم
~~جخاتير ملانه قمح لان في مدينة مرسيليا صار مجاعه اكثر من بهريس لان
~~الاوادم كانت تدحم علي البيوت وينهبوا الموجود عندهم من القوت فالتزم
~~الحاكم بان ينصب في كل حاره مشنقه ووقفوا جنود من قبل الحاكم حتي يصدوا
~~الشعب عن الدخول لبيوت الغير وبعده وصلت المراكب الذي كانوا ارسلوهم الي
~~بلاد الشرق حتي يشتروا قمح من الاضات والبلاد نحو ثلاثماية مركب وشيطيه
~~فكثر القمح وتفرق في كل اقليم فرنسا وصار الخبز ينوجد لكن صار رطل الخبز
~~علي موجب وزن بلادنا بزلطه اعني بثلاث ارباع واستقام الخبز بهل اثمان حتي
~~طلع مغل الجديد ورجع كل شي لاصله وهذا الذي رايته من خصوص الغلا الذي صار
~~في فرنسا سنة 1709.
[10.9]
وفي تلك الايام صغرة نفسي واتضجرت من السكنه في تلك البلاد وكان يزورنا
~~كثير اوقات رجل اختيار وكان موكل علي خزانت كتب العربيه وكان يقرا مليح
~~بالعربي وينقل كتب عربي الي الفرنساوي ومن الجمله كان في ذلك الحين ينقل
~~كتاب عربي الي الفرنساوي وهو كتاب حكاية الف ليله وليله فهذا الرجل كان
~~يستعين في لاجل بعض قضايا ما كان يفهمهم فكنت افهمه اياهم وكان الكتاب ناقص
~~كام ليله فاحكيت له حكايا الذي كنت بعرفهم فتمم كتابه من تلك الحكايا
~~فانبسط مني قوي كثير ووعدني بان كان لي مساله حتي يقضيها من كل قلبه.
[10.10]
فيوم من ذات الايام وانا جالس بتحاكا معه قلي بريد افعل معك خير لكن ان
~~حفظت السر فقلتله ما هو الخير الذي بتريد تصنعه معي فقلي نهار غدي برويك
~~الخير الذي بريد اصنعه معك فبعد ما انتهينا من كلام مضي من عندي وثاني يوم
~~اجا وهو يقلي ابشر في الغنيمه ان صح هل امر بيكون في سعادتك. حيند قلتله
~~اجيبني ما هو الخير فاجابني واوما لي عن رجل امير وهو من اكابر الدوله بان
~~كان طلب مني رجل حتي يرسله للسياحه مثل سياحة بول لوكاس الذي هو معلمي
~~والان خطر في بالي بان اقول له عنك لانك انت سحت وبتعرف المطلوب فامرني
~~باني احضرك الي عنده حتي يراك ويلقش معك ونهار غدي بستناك في فلان مكان حتي
~~نروح لعنده جملة ولكن بالك ثم بالك تعطي خبر لمعلمك لانه بيصدك عن الرواح.
[10.11]
فاتتفقنا علي هذا الراي ومضي من عندي وثاني يوم مضيت الي ذلك المكان
~~فرايته في استنداري فرحت معه حتي وصلنا الي صراية ذلك الامير المذكور فدخل
~~الي عنده وبعد هنيهه امروني الخدام بالدخول فدخلت وامتثلت امامه فاسترحب في
~~واناسني وامرني بالجلوس فجلست وبعده صار يسالني عن البلاد التي درناها
~~والاشيا التي وجدناها وهي فلوس قدم واصنام قدم وكتب اخبار الملوك القدم وما
~~يشبه ذلك من الاشيا القديمه التي جلبها معلمي فاجبته نعم يا سيدي كل هل
~~اشيا انا كنت اشتريها وبعرف فيها لاني تعلمت من معلمي معرفة هل اشيا كلها.
[10.12]
حيند قلي حضرة الامير روح حضر حالك واطلع من عند معلمك وتعال لعندي وانا
~~بوجهك وباخد لك فرمان من الملك نظير فرمان معلمك توصاي فيك للالجي ولجميع
~~القناصر الموجودين في بلاد الشرق وبعطيك مكاتيب توصاي ايضا ومهما طلبت من
~~القناصر في دورتك يعطوك ومهما اشتريته تودعه عندهم حتي يرسلوه الي مرسيليا
~~الي بيت البندر ويكون لك علوفه كل يوم اسكوت من غير مصاريفك وانت رجعت الي
~~عندي بالسلامه انا بعلي منازلك وبقيمك في وظيفه يكون لها مدخول عظيم فلما
~~انتهينا من الكلام فقلي امضي وافعل ما قلته لك وعاود لعندي فخرجت من امامه
~~وانا في حيره كيف اعمل لاني من طرف الواحد انا ضجران من تلك الاهوال التي
~~جرت علي زهاقي ومن طرف الثاني انا فزعان ليلا ما تصح القضيه التي ترتبت
~~فبقيت في حيره بين خايف وراجي.
[10.13]
وكان حكمني بالسابق عارض مهول مرعب في الغاية وهو ان كنت يوم من الايام
~~تصادفت انا ورجل عجمي ارمني يدعا يوسف الجوهرجي وهذا الرجل كان يتعاطه في
~~مدينة بهريس بيع الجواهر المتمنه مثل الماس وياقوت وزمرد ولولو وما يشبه
~~ذلك من الحجار المتمنه فلما راني سلم علي بلسان التركي من غير انه يعرفني
~~فلما سلم علي رديت عليه السلام فصار يسالني من اي بلاد انا فاجبته اني من
~~بلاد سوريا من مدينة حلب فلما سمع اني من مدينة حلب زاد علي السلام واسترحب
~~في قوي كثير وسالني عن جماعات وكيف احوالهم ولعلهم طيبين فرديت علي سواله
~~بان فلان طيب وفلان مات وغير كان مسافر وما يشبه ذلك. اخيرا صرنا نتمشي حتي
~~وصلت الفقير الي منزولنا فودعته وصعدت في الدرج فتبعني في ثاني درجه وسالني
~~في اي طبقه انتم ساكنين قلتله في الثانيه فتركني ومضي.
[10.14]
فاحكيت الي معلمي عن هل رجل الذي صدفته وانه استرحب في وارواني محبه
~~وصداقه قوي كثير وبما ان هل رجل مسمي في بهريس ومقبول عند جميع الاكابر
~~فقلي معلمي ليش ما دعيته انه يزورنا وان كان تراه مرة اخري كلفه بانه يجي
~~لعندنا لان بريد اتلاقش انا وياه في خصوص الجواهر اعني في حجاره الثمينه
~~حتي امتحنه هل انه بيعرف فيهم حد المعرفه لان معلمي كان معلم في علم
~~الجواهر وخواصاتهم واثمانهم في غاية ما يكون ولاجل هذا السبب راد انه يجتمع
~~معه ويختبره هل علي باله ام لا.
[10.15]
فبعد مدة ايام في محل ضحوة نهار انطرق الباب وكنت انا ومعملي لا غير قبال
~~الوجاق بعدما شربنا القهوه جالسين منسطلي فنهضت عاجلا وفتحت الباب فرايت
~~وهو يوسف الجوهرجي المذكور فاسترحبت فيه وكلفته بانه يدخل ويشرب القهوه
~~عندنا فاجابني في هل وقت ما بيمكني اني ادخل لعندكم لان لي شغله ضروريه
~~بريد منك بان تمضي معي وتترجملي بعض كلام عند رجل معلم لاني ما بعرف افهمه
~~قضيتي كمثل ما يجب لان ما لي معرفه بلسان الفرنساوي مليح انا بلقش
~~بالتلياني وهذا الرجل ما بيفهم بالتلياني ولاجل هذا بطلب من فضلك حتي ترجم
~~بيني وبينه. حيند قلتله اصبر هنيهه حتي استازن من معلمي. اخيرا بروح معك.
[10.16]
فدخلت الي عند معلمي واحكيت له في ذلك الامر فنهض في الحال وكلفه في
~~الدخول الي عنده من غير تكليف خاطر فما قدر بان يخالفه فدخل وفي الحال هينا
~~له فتور وسقيناه قهوه ووقفنا في واجبه كما يجب من بعد ما كان استرحب فيه
~~معلمي قوي كثير. اخيرا استقاموا يتصامروا مع بعضهم في ما يخص الجواهر حكم
~~ساعه. اخيرا استمن معلمي بان يرسلني معه حتي اترجمله في قضيه ضروريه فساله
~~معلمي ما هي القضيه قلي انا برد لك جوابها فاجابه بان هل قضيه سريه وان كان
~~بتريد اعلم لحضرتك فيها بتعطيني قرار بانك بتكتم السر فاجابه معلمي قول لا
~~تخف سرك محفوض عندي الي الابد.
[10.17]
حيند احكاله القضيه بتمامها كما هي واقعه وهو انه خطب بنت وكتب تمسك
~~الخطبه في المحكمه والان جاني ناس وبينولي بان منريد نخطبلك بنت فلان واعنو
~~لي عن رجل تاجر من تجار الهند غني جدا وهو ان له في الهند عدة سنين بيتاجر
~~وما له نيه في الرجوع الي بهريس فعمام البنت وخوالها بيريدوا يزوجوك بالبنت
~~ويرسلوك الي الهند لعند ابو البنت فزعا ليلا يموت هناك ويتبردق المال لان
~~الرجل كبير في السن وما بيعرفوا اني خطبت والان وقعت في حيره بسالك هل بقدر
~~افكش تلك البنت واخطب هذه فاجابه معلمي بان لها عندي طريقه لكن ما بيجوز لك
~~انك تفعلها ولا بشور عليك بفعلها. حيند لج عليه واتوسل اليه بان يقله
~~فاجابه معلمي بقوله له بتعطيني قرار بانك ما بتفعلها فاعطاه قرار في ذلك.
[10.18]
فقله بما انك رجل غريب بيمكنك بان تظهر بان جاك مكتوب من اهلك والتزمت في
~~الرواح الي بلادك لاجل امر خطر او في موت والدك او شريكك وما يشبه ذلك
~~فبتقول الي اهل البنت بانك ملتزم في الرواح لا محاله لان امري ضروري جدا
~~ولاجل هذا بتقلهم بانهم يشقوا التمسك ولا ترطبت البنت عن الجازه وان رجعت
~~وبقت بغير زواج باخدها. حيند ما بيقدروا يمنعوك عن الرواح وعن شق التمسك
~~وفسخ الخطبه ولما بيشقوا التمسك اعطي خبر لاهل تلك البنت التي بتريد تخطبها
~~من جديد بان لك دراهم في فلان بلد بروح باخدها وبعد كام يوم برجع وبخطب
~~بنتكم واذا بعد كام يوم رجعت وخطبت الثانيه ما لهم عليك حق ولا احد بيقدر
~~يمانعك عن الخطبه.
[10.19]
فلما سمع منه هل كلام استكتر في خيره ومضي في حال سبيله ولكن طمعه في
~~المال ما وقف عند قراره فعمل مثل ما تعلم من معلمي وغاب مده ورجع خطب البنت
~~المذكوره بنت التاجر وكانت ايام صوم الكبير وبما انهم رادوا يزوجوه بالعجل
~~ويرسلوه الي الهند فاخدوا اجازه من الكردينال بان يكللوه في ايام صوم
~~الكبير الذي ما بيزوج الزيجه فيه فلما اعطاهم الكردينال اجازه فباشروا في
~~زيجته وفي تلك البلاد اذا راد الغريب يتزوج فبينادوا عليه في كنيسة الكبيره
~~علي ثلاث احدات وبقول الكاهن بان غريب من بلد الفلانيه بيريد يتزوج وكل من
~~عرف بانه متزوج يعطي خبر للاسقف ويكون تحت حرم قاطع من الكنيسه الذي بيعرف
~~وما بيقول.
[10.20]
فنادوا عليه اول احد وثاني احد ما بين عليه شي لكن في ثالث احد انوجد في
~~الكنيسه في محل المناداه رجل كاهن كلداني فمضي الي عند الاسقف وقله انا
~~بعرف هل رجل متزوج في بلاد سوريا في مدينة حلب وهذا صحيح كان متزوج بامراه
~~تسما مريم بنت جبار وله منها ولد ذكر فتركها وسافر ولقد يكون هذا هو لاني
~~لما رجعت الي حلب سالت هل امراه عن هية رجلها فرايت كما رايته وهو طويل
~~القامه اسمر اللون رقيق الجسم والله اعلم انكان هو ام لا.
[10.21]
فلما شهد هل كاهن وتثبتت شهادته فاعلموا حاكم المدينه في امره ففي الحال
~~امر الحاكم بامساكه وضبط ماله وانه يشنق فصح من اعطاه الخبر فغط وما عاد
~~بان له اثر ابد فوقع التفتيش عليه في كل جانب ومكان فما راوا له خبر وبعد
~~ثلاث ايام مضوا الي منزله حتي يضبطوا ماله فما راوا عنده شي وكان اخد من
~~بيوت الاكابر حجار متمنه شي كثير بنا ان يبيعها ويعطي حقها فما وجدوا شي من
~~هذا الا انه سلب المال وهرب فزاد التفتيش عليه ومسكوا ناس من جيرانه ومن
~~عشراته ووعدوهم بالعداب انكان ما بيقروا عليه فين مخبا ومن الجمله الفقير.
[10.22]
انا ماضي بشغل فما رايت الا اثنين من جماعة الحاكم مسكوني وامروني بالمضي
~~معهم فانا ارتعبت وسالتهم ماذا بتريدوا اجابوني حتي تحضر امام الحاكم هو
~~بيقلك ايش منريد منك فزاد علي الرعب والارتعاش وصرت ساير معهم وانا بغير
~~وعي فمرينا علي دكان قهوة خواجه اصطفان الشامي وهذا الرجل كان يحبني كثير
~~وبيني وبينه محبه وموده وسببها لما وصلت الي بهريس امرني معلمي بان اروح
~~اسلم عليه بما انه ابن بلادنا واحكالي قصته.
[10.23]
انه لما اجا الي بهريس صار يشحد وما احد يشحده فالتزم بانه يروح عند
~~خواجه كريستوفلو زماريا واتوسل اليه بان ياخد له من حضرت الكردينال مشرفه
~~حتي يقف علي باب كنيسه العذري يتوسل فحن قلبه عليه وبما انه كاخيت
~~الكردينال ومقبول عنده قوي كثير فاعطاه من يده مشرفه بان يحسنوا اليه بما
~~انه غريب ومفحوص امره بانه فقير ومحتاج فاخد المشرفه ووقف في باب الكنيسه
~~يتوسل فلما راو معه منشور من الكردينال صاروا يعطوه بسخا حتي صار معه من
~~تلك الحسنات قرب مايتين غرش.
[10.24]
فحكم في تلك الايام موسم مار ميخاييل لان مدينة بهريس سبعة صوايح وكل
~~صايح منهم علي اسم قديس ولما بيحكم عيد ذلك القديس بيصير موسم سبعة ايام في
~~مكان فسحه وبيصير في تلك المده بيع وشرا ومفترجات وبياتوا ناس من غير قري
~~لاجل البيع والشرا لان جميع الذي بينباع وبينشراء ما بيعطي كمرك ولا مصاريف
~~المعتاده التي بتعطاء في غير اوقات.
[10.25]
والفقير لما حكم موسم مار ميخاييل مضيت الي تلك الساحه واتفرجت ومن جملة
~~الفرج تفرجت علي سعدان اسود موضوع في قفص من حديد ورايته قوي بشعه كانه
~~شيطان وايضا علي تعبان براسين وانتهيت الي هل مكان وبراته واحد بيدق طبل
~~فسالت ما هذا اجابوني بان في هل مكان فرجه عظيمه فردت اتفرج فطلب مني صاحب
~~المكان ربع فرايت طلبه كثير عن غير فرج فما ردت اعطي غير ثمن مثل غير فرج.
~~حيند دخلوا ما بيننا وارضوه باربع شاهيات فازانلي بالدخول فلما دخلت فرايت
~~جمل زغير جالس ولا غير فندمت وقلت الي صاحب المكان بان في بلادنا كثير من
~~هولاي الجمال وهذا اصغر ما يكون فيهم فقلي بخاطرك لانه كان اخذ مني الربع.
[10.26]
فلنرجع ما كنا في صدده بان بعض ناس محبين الفقرا والغربا شاروا علي ذلك
~~الرجل اصطفان المذكور بان يشتري له ابريقين وكام فنجان وما يعوزه لاجل طبخ
~~القهوه ويمضي الي الموسم وكان ذلك الحين حكم موسم مار ميخاييل فعمل الرجل
~~كما شاروا عليه وفتح قهوه في ذلك الموسم وبما انه رجل شرقي غريب فتراكمت
~~الزبونات عليه لان ما في غيره قهواتي وفي ذلك الزمان ما كان انتشا قهوات في
~~بهريس وكل شي جديد حلو فصار ما يلحق في اعطا القهوه واخد له اجاره حتي
~~يساعدوه علي كثره الازتحام الذي صار عليه والنتيجه في تلك السبعة ايام كسب
~~مقدار مايتين غرش ايضا فبقا معه اربعماية غرش.
[10.27]
فلما انتهي الموسم رجع الي المدينه وفتح دكان قهواتي فركبته العالم
~~والزبون بهذا المقدار حتي في مده سنه صار معه مبلغ دراهم وانسمي في مدينة
~~بهريس اصطفان القهواتي وكان ياتي لعنده من السبع صوايح من اكابر وتجار
~~وغيرهم عالم كثير حتي صار له اسم في ورساليا وفي نفس صراية الملك. وقتيد
~~ارسل الوزير وامره بانه يفتح قهوه في ورساليا ليلا تروح اولاد الاماره
~~لعنده في بهريس فعمل بما امره الوزير وفتح قهوه في ورساليا واستقام يسقي
~~قهوه في صراية الملك وصار معلوم اكابر الدوله وصار له نام عظيم.
[10.28]
فاتفق الي امراه ارمله غنيه جدا صاحبة تروه واملاك رادت تاخده لها زوج
~~فارسلت ناس بانهم يخاطبوه في هل قضيه فقبل وتزوجها وجا له منها بنت وهذه
~~البنت كان صار لها مرض ومنه تكرسحة فهذا الرجل ارسل رجل من قبله يخاطبني
~~بهذا الكلام بان خواجه اصطفان التزم بان يفتح قهوه في ورساليا ويستقيم هناك
~~فراد بان يزوجك بنته ويسلمك قهوته التي هي في بهريس وبما انك شرقي الزبون
~~بيميل اليك اكثر من اولاد البلد.
[10.29]
فلما سمعت منه هل كلام وكنت رايت البنت وهي محسنه لكنها سقط اعني مكرسحه
~~فاجبته علي سواله بانه يعطيني مهله حتي اشاور معلمي وبعده بعطيك الجواب
~~فمضي الرجل علي شرط اني اعطيه الجواب بعد يومين ثلاثه وبعده فشاورت معلمي
~~فما رضي باني اخطب هل بنت لاجل انها مكرسحه فلما عاد الي ذلك الرجل حتي
~~ياخد مني الجواب فما اعطيته جواب شافي بقولي له ابقي هل مساله الي حين حتي
~~اشاور حالي.
[10.30]
وبقيت المساله هكذا اليوم الذي مسكوني فيه جماعة الحاكم كما ذكرنا فلما
~~مرينا من قدام دكانه راني فخرج مسرعا وسال جماعة الحاكم ما بالكم ماسكين
~~هذا الغلام وما هو دنبه فاجابوه بان قالوا للحاكم بان هذا ايضا من عشرات
~~يوسف الجوهرجي لعله بيعرف في اي مكان مختفي حتي يقر عليه وان ما قر بالهينه
~~سوف يتعدب كثير فما قدر خواجه اصطفان يطلقني من ايدي جماعة الحاكم وفي ذلك
~~المحل حضر معلمي لان كان وصله الخبر في مسكي فلما راني ممسوك وانا مرتعب في
~~غاية ما يكون فزجر اوليك الذين ماسكيني وامرني بالمضي الي البيت بقوله لهم
~~اما بتعرفوا بان هل غلام عندي وانا اتيت به من بلاد الشرق لكي يكون في
~~خزانة كتب العربيه التي للملك ماذا تريدوا منه.
[10.31]
فاخبروه عن القضيه وكيف ان الحاكم بيستقص الجره لعله يجده واخبروا الحاكم
~~بان راوا هذا الغلام من قرب كان بيلقش معه ولاجل هذا السبب مسكناه وما معنا
~~علم بانه هو عندك فاجابهم هذا الغلام هو عندي وانا كفيله وانا برد جواب
~~للحاكم ان لزم الامر. حيند تركوني جماعة الحاكم ومضوا لكن انا اسرت في
~~الرعبه واتضجرت بالزايد من تلك البلاد فجزمة علي الخروج من بهريس وافعل ما
~~امرني به الامير المذكور حتي اسافر واسوح سياحة معلمي فصممت النيه علي ذلك
~~وطلبت من معلمي اذن حتي اسافر الي بلادي فلما سمع مني هل كلام بهت.
[10.32]
وقال لي هل ناقصك شي او انك مانك راضي بعيشك معي انا تعبت عليك هل قدر
~~وجبتك الي هذه البلاد حتي اصنع معك خير واقيمك في وظيفه شريفه تكون تحت نام
~~سلطان فرنسا وتعيش طول عمرك بالهنا والسرور وانت بتريد ترفس هذه السعاده
~~وترجع يسير للمسلمين كما كنت سابقا فاسر كلامه في وغيرت نيتي عن الرواح لان
~~دايما كان يقلي بان الوزير راسه مشغول من جري الكون الواقع في تلك الايام
~~لكن لما بيصير الصلح بكمل وعدي معك وبدخلك الي خزانة الكتب.
[10.33]
فضليت في هل امل وعدلت عن الرواح الي عند الامير المذكور فلما اسطبطاني
~~بعد ثلاثة ايام ارسل دعاني صحبة ذلك الاختيار فلما امتثلت امامه حياني
~~بالسلام وصار يقلي لماذا تعوقت في مجيك الي عندي وانا في استندارك اجبته يا
~~سيدي ما امكن ان يعطيني اذن معلمي في الخروج من عنده لانه تعب علي كثير
~~وجابني الي هذه البلاد حتي يفعل معي خير ويخلصني من اسر البرابره ولاجل هل
~~سبب ما بريد افوت خاطره. حيند قلي الامير وانا بريد افعل معك خير واجعلك من
~~توابعي وتكون دايما تحت نام الملك ونامي امضي قول الي معلمك بان جاك مكتوب
~~من عند اهلك وبتلتزم بالرواح الي بلادك افعل بالذي اقوله لك وهلم لعندي حتي
~~اجهزك وارسلك.
[10.34]
فلما سمعت منه هل كلام انبكمت وما قدرت ارد عليه جواب الا بالسفر فخرجت
~~من عنده وانا في حيره ولكن الله سبحانه دبر هكذا فرجعت الي معلمي وقلتله يا
~~سيدي انا جاني مكتوب من عند اخوتي وما بيمكن بقيت استقيم ههنا فلما سمع مني
~~هذا الكلام غضب وانحصر مني في غاية ما يكون بقوله انتم يا ولاد الشرق
~~قليلين الوفا امضي الي حيث ما تريد لكن بحرد وغيظ شديد واخرج في الحال
~~اعطاني ماية ثلث وقلي روح مع السلامه ولكن سوف تندم حيث ما يفيدك الندم.
[10.35]
وخرج وتركني. حيند لميت حوايجي واودعتهم عند احد جيرانا ومضيت الي بيت
~~الدليجانسا اعني الي مكان عرابانة التي بتسافر الي مدينة ليون وهن
~~عرابانتين ولهم ايام معينه للسفر لان في وصول الواحده الي مدينة ليون بتخرج
~~الثانيه من بهريس وهذه العربانه بثمانية روس خيل وبتحمل داخلها ثمانيه
~~انفار وخارج عنها تخت بين الدولابين المتخرات وهذا التخت للخدم المرافقين
~~اسيادهم الذين هن داخلها كراهم كل يوم غرشين والخارجين الذين علي التخت كل
~~يوم كراهم غرش.
[10.36]
وان سالني سايل لماذا الكري غالي بهذا المقدار اجبته بان هذه العربانه
~~كانها قصر مختصر ولها اربع شبابيك بلور نجف ومجلله بجلود السرداق وداخلها
~~اربع خوانات مجللين بجوخ اسقرلات وما بيدخلوا اليها غير ثمانية انفار لا
~~غير وساحبينها ثمانية روس خيل الاقويا وفي كل سفر ساعتين بترا في الطريق
~~واقفين ثمانية روس خيل في استندارها حتي يغيروا علي المكدونين لانها بتسير
~~سفر يومين بيوم.
[10.37]
ومحل الدهر بتصل الي استريا مخصصه لهذه العرابانتين لا غير فبينزلو
~~الركابه وبيدخلوا لتلك الاستريه فترا المايده موضوعه بجميع لوازمها
~~وبيقدموا لهم غدا مكلف احسن ما يكون في بيوت الاكابر باكولات مفتخره وخبز
~~كماج وخمر لديد واربع خمس من الخدامات ماسكين القداح بايديهم بيسقوا لكل من
~~طلب منهم وبعدما بيتغدوا هن وتباعهم الذين بياكلوا من اكلهم في ثاني مايده
~~بيركبوا العرابانه وبيوضعوا لهم داخل العربانه فراغ خمر وكاس وقلة ماء حتي
~~اذا رادوا يشربوا في الطريق يكون موجود عندهم الشرب وكذلك المساء حكم
~~المغرب بيصلوا ايضا الي استريه التي هي مخصصه الي هذه العرابانتين فبيدخلوا
~~اليها وبيتعشوا كما دكرنا باكولات مفتخرة وبيستقيموا يتصامروا الي محل
~~المنامه.
[10.38]
وبيعطوا لكل منهم تخت مجلل بجوخ اذا كان في فصل الشتا وفي فصل الصيف
~~بيجللوه بكتان ابيض رفيع وبجانب التخت متكاء وامامه ايقونه وصلبوت لاجل
~~الصلوه ومفروش التخت بثلاثة فرش وبياتوا لكل واحد منهم ملحفتين نظاف ما نام
~~فيهم احد وتخفيفه نظيفه ايضا ولما بيصبح الصباح بيدخلوا الي كنيسة ذلك
~~المكان بيحضروا القداس الالهي وبيرجعوا عايدين الي الاستريه بيكون تهيا لهم
~~فطور مثل خبز كماج طري وجبنه وخمر طيب فبعدما بيكونوا فطروا بيركبوا
~~العرابانه وبيسافروا وكما دكرنا بيتغدوا في مكان وبيتعشوا وبيناموا في مكان
~~وهلم جرا حتي يصلوا الي مدينة ليون وهي مسافه عشرين يوم بيصلوا اليها بعشرة ايام.
[10.39]
فالفقير لما انتهيت الي ذلك المكان كتبت اسمي وقبضت الكراء علي المعتاد
~~وكان ذلك نهار التلاتاه ومعتاد سفر العربانه يوم الخميس فاوصوني بان ليلت
~~الخميس انام هناك لانهم بيسافروا من باكر قبل مزوق الشمس وانا كنت كتبت
~~اسمي مع الخارجين عن العربانه كما ذكرنا ورجعت من هناك الي عند حضرة الامير
~~واخبرته بالذي صنعته واني طلعت من عند معلمي ومضيت استكريت في الدليجانسه
~~وقبضت الكري فقلي ليش استعجلت وما جيت لعندي قبل ما تفعل هذا الشي لكن ما
~~في باس.
[10.40]
حيند دعا لعنده يازجي وامره بان يكتب مكتوب الي واحد من الدوكاوات الذي
~~هو داخل صراية الملك في ورساليا حتي يعتني بكتب فرمان علي موجب ما لخص له
~~في المكتوب وبعدما طوي المكتوب وختمه حيند امرني باني امضي الي ورساليا
~~وادخل الي صراية الملك واعطي المكتوب لذلك الدوك فاخدت منه المكتوب واستقمت
~~الي حين المساء ليلا يسمع معلمي باني رحت الي ورساليا وركبت في قوجيه ومضيت
~~الي ورساليا ودخلت صراية الملك من غير مانع لان الحراس كانوا عرفوني لما
~~استقمت ثمانية ايام في صراية الملك لاجل مدارات تلك الوحوش الذي مر دكرهم
~~ولاجل هل سبب ما احد صدني عن الدخول.
[10.41]
فلما انتهيت داخل الصرايا سالت عن ذلك الدوك فدلوني عليه وهو بيتمشي في
~~صالة الجوانيه داخل الصرايا فلما رايته عملت له تمني واعطيته المكتوب فاخد
~~المكتوب من يدي وقرب الي قرب الشموع المتقده هناك وقري المكتوب فالتف الي
~~وانسني بالكلام ثم قلي اتبعني فمضيت معه الي المكان الذي فيه بيكتبوا
~~الفرمانات واوامر الملك وهو مكان متسع وداخله كثير من الكتبه. حيند دعا
~~لعنده ريس ذلك المكان اعني ريس الكتاب وقري له المكتوب وامره بان يكتب
~~فرمان علي موجب ما هو ماشر في المكتوب فبعد ما امره بذلك تركني ومضي.
[10.42]
واما انا فاستقمت استنظر الفرمان فوقفت حصه طويله وانا في الاستنظار
~~فجاني ريس الكتاب المذكور وسالني ماذا تريد فاجبته اني بستنا الفرمان
~~فابتسم وقلي ماذا يفيدك الفرمان من غير انه يتعرض علي الملك ويضع اسمه عليه
~~فسالته ايمتا بيتم هذا الامر فقلي يوم التنين بيصير ديوان وبتتعرض جميع
~~الفرمانات علي الملك فالذي بيعجبه بينيشنه والذي ما بيعجبه بيشقه فلما سمعت
~~منه هل كلام بهت وداقت في الدنيا وندمت لاجل اني استكريت وقبضة الكري ولا
~~بد في اني اسافر يوم الخميس فخرجت من الصرايا ودخلت في استريه اتعشيت ونمت
~~هناك ولما اصبح الصباح توجهت الي مدينة بهريس الي عند حضرة الامير.
[10.43]
فلما راني سالني هل اني رحت الي ورساليا فاجبته نعم رحت واعطيت المكتوب
~~لذلك الدوك واحكيتله بالذي صار وان الفرمان ما بيطلع الا ليوم التنين وانا
~~يوم الخميس بلتزم اني اسافر فقلي ما في باس امضي الي مرسيليا وانا بعد كام
~~يوم برسلك الفرمان ومكاتيب التوصاي وامر في حضور اليازجي وامره بانه يكتوب
~~مكتوب الي شاهبندر مرسيليا وهو الذي بيتعاطه في امور تجار الشرق الذين
~~بيتاجروا لهذه البلاد.
[10.44]
وامره في المكتوب بان تبقي هل غلام عندك الي حين ما يصل لك مع الولاق
~~الفرمان وتعطيه من يدك مكتوب لجميع قناصر القاطنين في بلاد الشرقيه ومهما
~~طلب منهم يعطوه من الدراهم يعطوه وياخدوا منه وصول وايش ما اودع عندهم
~~يرسلوه الي مرسيليا تحت يد الشاهبندر وايضا امره في كتب مكتوب الي حضرة
~~الالجي في اسطنبول توصاي في ويطلع لي فرمان من الوزير توصاي لجميع حكام
~~البلاد توصاي في.
[10.45]
واخيرا ودعني وخرجت من عنده واخدت المكاتيب ومضيت اخدت حوايجي من عند
~~الجيران وسلمتهم الي ريس مكان الدليجانسا. اخيرا رحت ودعت المعارف والاصدقا
~~ومن جملتهم مضيت ودعت خواجه كريستوفله كاخية حضرة الكردينال فلما ودعته
~~اعطاني مكتوب الي اخوه خواجه زماريا الذي هو قاطن في اسطنبول ووظيفته وكليت
~~القدس بخط شريف وهو رجل عالي جناب ودكر له بان يكون نضره علي.
[10.46]
هذا ما تم الي ان سافرت من مدينة بهريس واتوجهنا الي مدينة ليون وفي يوم
~~العاشر وصلنا الي مدينة المذكوره بغاية الصحه ومن هناك استكريت مع
~~القاطرجيه الذين بيسافروا الي مرسيليا بثمن رخيص لان لهم عرابانات طوال
~~وبيصفوا الفردات فوقها وبتسحبها ستة كدش وكنت الفقير اجلس فوق الفردات
~~براحه عظيمه من غير تعب طريق وكانوا الدهر يتغدوا في استريه والمسا يتعشوا
~~ويناموا في غيرها وكنت اهنيهم علي عيشتهم وسفرهم الذي ما بيقتضي تحميل
~~افراد ولا تعب وبياكلوا طيب وبيناموا في تخوته وخدام الاستريه بيعتنوا في
~~خدمة دوابهم وتمارهم حتي انهم لما بيصبح الصبح بيخرجوا دوابهم من الاستطبل
~~وبيكدنوهم في العرابانه وكل عربانه بيصحبها واحد من القاطرجيه لا غير ولا
~~عليهم فزع في الطريق والفقير كنت اتعشا معهم وما كلفوني حق اكل. المراد
~~وصلنا الي مرسيليا بغاية الهنا.
[10.47]
فلما وصلت بالسلامه نزلت في استريت التي كنا نزلنا فيها انا ومعلمي لما
~~سافرنا الي بهريس فاسترحبت في صاحبة الاستريه واعطتني مكان للمنامه وبعد
~~ساعه من وصولي مضيت الي بيت البندر وطلبت الدخول لعند الشاهبندر فلما
~~امتثلت امامه اعطيته مكتوب الامير ففتحه وقراه. حيند نهض علي قدميه واسترحب
~~في وعملي اكرام زايد. اخيرا قلي بان حضرة الامير كاتب لي بان ابقيك عندي
~~الي حين ما يرسل لك الفرمان وانا بعطيك مكتوب للقناصر كما اوصاني في مكتوبه هذا.
[10.48]
وانا كان ظني بان الفرمان وصل قبل وصولي الي مرسيليا لان في كل اسبوع
~~بيصل اولاق بمنزل الي مرسيليا. وقتيد حسيت بان مسالتي فاشوشه ولاجل هذا ما
~~ردت استقيم عند الشابندر بل قلتله انا نزلت في استريه بتسما بتي بهريس ولما
~~بيصلك الفرمان ارسل ادعوني الي عندك فقلي علي كيفك فخرجت من عنده وانا
~~سكران بغير خمر واتندمت علي ما فعلت ولكن ايش عاد يفيد الندم وتدكرت كلام
~~معلمي بقوله لي سوف تندم.
[10.49]
ولكن استقمت بين الخوف والرجا الي ثاني سبوع لما وصل المنزل مضيت الي عند
~~الشابندر وسالته هل وصله خبر من ذلك الامير فاجاني ما وصلني منه خبر ولا
~~مكتوب. حيند افتكرت بان ارسله مكتوب وقله هل عاد يرسل الفرمان ام لا فرد
~~علي الجواب بمكتوب من يده وداكر باني معتجب كيف ما وصلك الفرمان الذي كنت
~~ارسلته مع واحد من اصحابي الي مرسيليا واعنا لي عن اسمه فدرت فتشت عليه
~~لعلي اراه فما رايت له ذكر في مرسيليا واستقمت ثالث اسبوع ورابع اسبوع فما
~~بين احد. حيند تحققت بان مسالتي مع هذا الامير ما هي تحت خبر.
[10.50]
ولما قطعت الاياس منه كتبت له مكتوب توبيخ وعار علي رجل مثله امير بانه
~~يفصلني من معلمي وبيصير في خايب من الطرفين لكن هكذا دبرت العناية الالهيه
~~لخيري وارسلت المكتوب وشلت من بالي هذا الامر.
[10.51]
وفي تلك الايام اتي من مدينة بهريس رجل عابر طريق ونزل في استريت التي
~~نازل الفقير فيها فيوم من ذات الايام لما كنت اتسامر انا وياه فسالني عن
~~بلادي وكيف كان قدومي الي تلك البلاد فاحكيت له عن سبب مجيي وهو اني جيت مع
~~رجل يسما بول لوكاس من سواح الملك وكيف اني مضيت معه الي بهريس وقصيتله
~~بقصتي من اولها الي اخرها وكيف ان الامير الفلاني خونني واخرجني من عند
~~معلمي وكيف انه خرم بوعده معي فقلي صدقت يا اخي ولكن حضرة الامير ما له دنب
~~الدنب الي معلمك وانا بحكيلك بالمجراويه كيف تمت.
[10.52]
فالاختيار الذي كان يزورك هو الذي شوق الامير في ارسالك الي السياحه تحت
~~تلبسه لانه سمع بل تحقق بان معلمك بيريد ياخد لك وظيفة خزنه كتب العربي
~~وخوفا ليلا تفلت هذه الوظيفه من يده فلعب هذا الملعوب وشوق الامير في
~~ارسالك ولما تم الامر والامير ارسلك الي ورساليا حتي يكتوب لك فرمان من
~~الملك ففي تلك الليله راءك رجل من اصحاب معلمك واحكي له بانك اعطيت مكتوب
~~الي فلان دوك وكيف ان الدوك واجهك مع ريس الكتاب حتي يطيلع لك فرمان من
~~الملك توصاي فيك لاجل سياحتك.
[10.53]
فلما سمع معلمك هذا الخبر فمضي الي ورساليا لعند ذلك الدوك واستخبر منه
~~حقيقة الامر فانحصر معلمك بما ان هذه وظيفته عند الملك وهي السياحه فمضي في
~~الحال عند حضرة الامير ووشي عليك بقوله له بالك يا سيدي تسلم امرك الي واحد
~~مثل هذا لان اولاد الشرق خاينين بيمكن علي موجب امرك ياخد من القناصر مال
~~ويعصي في بلاده وما بيعود يصير لك مقدره عليه واكراما لخاطرك انا بنوب عنه
~~ونخدمك هل خدمه وايش ما جنيته برسلك هو فلما سمع الامير من معلمك هذا
~~الكلام تغير عقله ووجه له بانه يسوح علي كيسه.
[10.54]
وهكذا صار لان بعد وصولي الي حلب بمده وصل معلمي الي حلب فواجهته وسلمت
~~عليه وعزمته لعندنا ووقفت في واجبه واكرمته غاية الاكرام وبات تلك الليله
~~عندنا وفرشت له فرشه في عليتي فبعد ما مضوا اخوتي وبقيت انا واياه جلسنا
~~نتسامر فصار يعاتبني كيف اني ما اعطيته خبر في اتفاقي مع الامير حتي امضي
~~الي السياحه وقلي هذا انقص جري منك في حقي وما كان املي منك تفعل معي هكذا
~~لان نيتي كانت لك افعل معك خير عظيم الا انك رفست النعمه وبعد كلام مستطيل
~~وعتاب جزيل رقدنا وثاني يوم بعدما فطرنا نزلنا للمدينه وكنت الفقير فاتح
~~دكان جوخ فكان كل يوم يزورني واروح معه كعادتنا في سفرنا نفتش علي فلوس
~~مداليات وحجار ثمينه.
[10.55]
فيوم من ذات الايام دخلنا الي سوق السياغ فراء داخل قفص حجر مبخوش بلون
~~حجر العقيق فاشتراه بمصريتين واعطاني هو وقلي علقه في عنق امك فتشفا مرضها
~~لان لما كان عندنا في البيت خطر في بالي بان ارويه والدتي لان كان فيها مرض
~~مزمن مند عشرين سنه وعجزت الاطبا وما قدر احد يطيبها من داها فلما ارويناه
~~هي واحكينا له عن مرضها وهو انها ما بتقدر تنام ولا بتلقش ولا بتريد تخرج
~~من الدار حتي تتنزه او تحضر القداس واكلها قوي قليل وبالجهد حتي يقدروا
~~يطعموها حتي قد جسدها وبقت كانه قرمه.
[10.56]
فلما علقنا تلك الحجر في عنقها فتلك الليلة نامت مليح كعادتها وثاني يوم
~~بدلت حوايجها وطلبت انها تروح علي الحمام ورجعت من الحمام وهي بصحة العافيه
~~فتعجبنا جميعنا من فعل هذه الحجر كانها فعلت عجيبه. اخيرا استخبرت من معلمي
~~عن هذه الحجر وما اسمها اجابني هذه اسمتها في لسان التلياني كرميديه ولها
~~هذا الخواص بتجدب ريح السوداوي في الحال ومرض والدتك ريح سيداوي لاغير.
[10.57]
اخيرا قلي ذلك الرجل بان الامير وجه الفرمان الي معلمك حتي يطلع يسوح علي
~~كيسه وعدل عنك لا بقيت تامل بشي من هذا. هذا الرجل علي ما اظن انه مرسل من
~~عند الامير حتي يطلعني علي هذا الخبر وهذا ما تم في سبب خروجي من بهريس.
[10.58]
ونرجع بالكلام فاستقمت في مرسيليا في تلك الاستريه الي حين ما يتوجه مركب
~~الي اسكلت اسكندرونه حتي اسافر معه وكنت كل يوم امضي الي بيت البندر حيث
~~بتجتمع التجار هناك من قبل الدهر بساعتين الي حين الدهر ومن بعد الدهر
~~بساعتين الي حين العصر وجميع البيع والشراء بيتم هناك وبينوجد هناك جميع
~~تجار بلاد الشرق والذين بيتاجروا الي ينكي دنيا والي بلاد اصبانيا والي
~~بلاد المغاربه والي غير بلاد وهذه التجار لما بيريدوا يرسلو مركب بيعلقوا
~~ورقه داكرين فيها اسم المركب واسم تلك البلد التي ماضي اليها.
[10.59]
فيوم من الايام مضيت الي ذلك المكان فرايت معلق ورقه باسم مركب ماضي الي
~~اسكلت اسكندرونه ففرحت ومضيت الي عند خواجه سامطان الذي هو اعز اصحابي وهو
~~كان تاجر في مدينة حلب وكان اخي الكبير مخزنجي عنده فهذا الرجل كان يحبني
~~وكثير اوقات يعزمني الي بيته ويضيفني ويقف في واجبي فاخبرته بان تهيا مركب
~~الي اسكلت اسكندرونه بريد اروح معه فقلي معي خبر وانا بوصي فيك القبطان
~~وبخلي ياخدك معه بلاش.
[10.60]
فاستكترت بخيره ومضية حضرة حوايجي وبقيت علي نيت السفر ومضيت ودعت
~~خواجكيت حلب المعارف معي وبعد كام يوم تغيرة نية اصحاب المركب وما عادوا
~~يرسلوه فزعا من القرصان فلما سمعت هل خبر حزنت قوي كثير لاني كنت ضجرت
~~وداقة الدنيا في ورحت الي بيت المضجر لعلي اري مركب ماضي الي السيحل فما
~~رايت غير مركبين متهيين للسفر واحد الي اسطنبول والاخر الي ازمير فسالت عن
~~القبطان الذي بده يسافر الي ازمير فدلوني عليه فطلبت منه بانه ياخدني معه
~~الي ازمير فرضي وطلب مني باني اعطيه في الحال سلف عن كروتي اربعين غرش من
~~غير حق اكلي وشربي وانا في ذلك الوقت ما كان معي غير عشرة غروش فحرت في
~~امري كيف اعمل.
[10.61]
فرحت عند صديقي خواجه سماطان واحكيتله بالذي صار فما هان عليه في رواحي
~~الي ازمير وقلي اصبر قليل لعل بيتهيا مركب الي اسكندرونه برسلك معه بلاش
~~فاجبته واتوسلت اليه بان ما بقا بيمكني الاستقامه في هل بلاد لاني زعلت
~~حالي وما بقا لي صبر بدي اسافر من كل بد وسبب. حيند قلي بريد اعلمك شي وهو
~~ان اسعد الي بيت القنصر الذي هو فوق بيت البندر واطلب من القنصر بان يامر
~~قبطان المركب بانه ياخدك معه وقله اني رجل غريب وفقير وما لي كار هاهنا حتي
~~اسحب معيشتي فللوقت بيامر القبطان بانه ياخدك معه لا محاله.
[10.62]
ففعلت كما امرني ومضيت الي بيت القنصر من باكر فالبخت وجدت الكاهن تهيا
~~حتي يقدس للقنصر فدخلت في الحال وخدمت للكاهن وبعد خلوص القداس خرج القنصر
~~ومعه جمله من البازركان يتمشوا في صحن المكان. حيند تقدمت امام القنصر
~~وعملت تمني اللايق بشانه كعوايدهم واحكيت معه بلسان الفرنساوي كما علمني
~~خواجه سمطان فلما انتهيت من كلامي فسالني القنصر من اي بلاد انت اجبته باني
~~من بلاد سوريا فقلي ماذا اتيت الي هل بلاد فاجبته اتيت مع رجل فرنساوي
~~ومضيت معه الي مدينة بهريس فعاد تركني والان رجعت من بهريس حتي ارجع الي
~~بلادي والذي كان معي اصرفته في الطريق وما بقا معي شي حتي اتقوت.
[10.63]
فلما انتهينت من كلامي امر واحد من خدامه بانه يمضي ويدعي ذلك القبطان
~~الي عنده والتفت قلي اصبر هاهنا ولا تروح وبعد هنيهه اتي القبطان فامر
~~القنصر بانه ياخدني معه وقال له هذا الغلام بما انه غريب وفقير فنلتزم بان
~~نزسله الي بلاده كجري عوايدنا فاجابه القبطان سمعا وطاعه والتفت الي
~~القبطان وقلي الليله وقت العصر نزل حوايجك في القايق وانت ايضا روح مع
~~القايق الي المركب لان في الغد باكر بسافر. حيند استكترت بخير القنصر
~~والقبطان ومضيت من هناك الي عند خواجه سمطان واحكيت له بالذي صار وشكرت فضله.
[10.64]
حيند قلي بقا علينا باني اخدك الي عند صاحب المركب واخد لك من يده مكتوب
~~للقبطان توصاي فيك ليلا احد ينكد عليك في الطريق لانك نزلت غرما عنه فاخدني
~~ومضا الي عند صاحب المركب وكان هذا صاحبه فلما دخلنا لعنده فاسترحب فينا
~~قوي كثير. حيند قله خواجه سماطان بان هل غلام بريد ارسله مع مركبك وبطلب من
~~فضلك بان تعطيه مكتوب من يدك توصي فيه القبطان يكون نضره عليه في المركب
~~لاجل خاطري فاجابه ذلك علي الراس والعين ففي الحال كتب مكتوب وامر القبطان
~~بانه يتوصي في ويدير باله علي ولا ياخد مني شي البته بل اذا احتشة شي يكون
~~يعطيني وختم المكتوب واعطاني هو ثم ودعنا ومضينا.
[10.65]
فانا اخدت المكتوب ومضيت الي الاستريه حيث كنت نازل فما رايت الا جاني من
~~عند المذكور زواده وافره بقصمات وجبن وكعدة سمك انجيه وفراغ زيتون وبرميل
~~نبيد زغير وهو ايضا اجا لعندي حتي يودعني فاستكترت بخيره وشكرت فضله قوي
~~كثير. حيند قلي بلكي القبطان ما يكلفك لسفرته خد معك هل زواده حتي لا تعتاز اليه.
[10.66]
اخيرا اعطيته مكتوب حتي برسله الي اخي في حلب مع مكاتيب التي بتروح علي
~~اسطنبول في البرواخبرته فيه بان يوم تاريخه سافرت في مركب الذي هو موجه الي
~~ازمير وفيما بعد وصل المكتوب ليد اخي وبعد مده سمعوا بان مركب خارج من
~~ازمير الي اسكندورنه انكسر في الطريق وغرقت جميع الاوادم كانت فيه فصار عند
~~اخوتي واهلي حزن شديد بمعرفتهم باني توجهت من مرسيليا الي ازمير فتاكدوا
~~باني كنت في ذلك المركب وما عاد اخدوا لي خبر لان بعد ذلك المكتوب ما عدت
~~كتبت لهم مكتوب فقطعوا الاياس مني وصلوا علي روحي نياحة الموتي.
[10.67]
فنرجع بالكلام فبعدما ودعت المذكور حملت حوايجي الي الاسكله ونزلتهم في
~~القايق ونزلت انا ايضا ومضي فينا القايق الي المركب الذي مرسي برات البوغاز
~~فصعدت الي المركب وهو مركب كبير يسما لكلاطان وفيه اربعة وعشرين طوب
~~وبمقدار ثمانين عسكري من غير النوتيه وكان موسوق نصف وسق فزعا من القرصان
~~نصفه جنكجي ونصفه بازركان فبتنا تلك الليله وثاني يوم من السلام سحب مراسيه
~~وفتح قلوعه وسافر فلما صرنا في دهر البحر حيند اعطيت المكتوب القبطان فلما
~~قراه ابتسم وقلي كون في امان وتركني وما كلفني حتي اكل عنده.
[10.68]
فسافرنا اول يوم وتاني يوم ضحوة نهار فما رايت الا اجتمعوا مدبرين المركب
~~وبدوا يهيوا امور الحرب اعني الطواب والتفنك وكتبوا اوراق وعلقوا علي كل
~~طوب ورقه وكتبوا اسامي الذين بيقفوا لاجل ضرب المدافع وايضا كتبوا اسامي
~~الجنود الذين بيضربوا التفنك فلما انتهوا الي فسالوني ما اسمك فقلت ما لكم
~~في اسمي اجابوني لما بيجينا العدو بتلتزم تمسك بندقيه وتقف تحارب مثل غيرك
~~فقلت دعوني انا رجل غريب وما بعرف في امور الحرب ولا في ضرب التفنك فالتفت
~~الي القبطان وقلي بيجي منك لما بترانا نحارب العدو بتنزل للعنبر وبتتخبا
~~ولكن انا بنصحك في محل الحرب لا تخبي وجهك لان في ذلك الوقت العسكر بيقتلوك
~~لا محاله.
[10.69]
اخيرا التزمت بان اكتب اسمي واتجند مثل الغير فمضي ذلك اليوم ايضا وفي
~~اليوم الثالث راينا من بعيد مركب كبير قرصان وهو لما شافنا اجي علينا بنيت
~~انه يحاربنا وياخدنا ومركبنا ايضا توجه عليه وفتحوا طوق المدافع واصطفت
~~العسكر وفي ايدهم البندقيات والفقير من جملتهم الي حين ما قربنا من بعضنا
~~نحن والمركب الذي خرج معنا وهو رايح الي اسطنبول هو الاخر تهيا للحرب تجاه
~~ذلك المركب وذاك لما راء مركبين كبار موجهين اليه خاف وعطي كسره فلحقناه
~~ولما حطيناه تحت الضرب رفع بندرية الفرنساويه لانه عرفنا باننا فرنساويه
~~وصار يصوت بالبوق انه فرنساوي. حيند عرفوه انه فرنساوي فمضوا وتركوه. حيند
~~راحت الرعبه من قلبي وشكرت الله تعالي بانه ما كان عدو لاني في ذلك الوقت
~~كنت ايست من حالي وايقنت الموت.
[10.70]
فيوم نزلت للعنبر حتي اتغدا فرايت بقربي شاب جميل المنضر لايح عليه
~~اثارات النعمه لكنه مشلح ولابس قنباز جوخ عتيق مخزق علي اللحم من غير قميص
~~وهو دليل ومكتاب فرق قلبي عليه وكلفته حتي يتغدا معي فتقدم وتغدي معي
~~فسقيته بوقال نبيد وانسته وبعد فروغنا من الغدي اخرجت من قفتي قميص وسدريه
~~وقنباز وقلتله يلبسهم فتمنع اولا. اخيرا استكتر بخيري ولبسهم وجلسنا نتصامر
~~فسالته عن حاله وما هو امره.
[10.71]
فاجابني ان سالت عني انا واحد من جوخدارية الجي فرنسا في اسطنبول فارسلني
~~الايلجي حتي اسافر الي بهريس واعطاني مكاتيب للوزير في امر ضروري وهو ان
~~لما مضي يقابل الملك وهو سلطان احمد بعد ما قدم الهدايا المرسله معه من
~~سلطان فرنسا فدخل صحبة الوزير والترجمان لاجل المقابله فلما دخلوا الي ثالث
~~باب فالعاده الجاريه عندهم من قديم الزمان هو ان لما بيدخل الالجي الي ثالث
~~باب بيتقدم القبجي باشي وبيرفع السيخ من علي جنب الالجي احتراما لحضرة
~~الملك فلما القبجي تقدم حتي يرفع السيخ كالعاده دفشه الالجي الي ورا وما
~~راد انهم يرفعوا السيخ من علي جنبه.
[10.72]
فبهت الوزير من هذا الفعل والترجمان غاب عن صوابه وصار يتوسل الي الالجي
~~بانه يدعهم يرفعوا السيخ علي موجب عوايد القديمه فما امكن انه يرفع السيخ
~~وقال للوزير انا مامور باني ادخل واقابل حضرة الملك بالسيخ فابا الوزير
~~وقال له هذا شي غير ممكن اني ادعك تقابل حضرة الملك بالسيخ. حيند رجع
~~الالجي من غير مقابله ومضي الي صرايته فالوزير كتب مكتوب الي وزير سلطان
~~فرنسا واخبره بالذي صنعه الالجي بغير حق فالالجي ايضا كتب مكتوب للوزير في
~~هذا الخصوص وارسل المكتوب معي حتي اسلمه في يد الوزير وحرسني بان لا ادع
~~احد يعرف في باني مرسل من عند الالجي.
[10.73]
فاخدت المكتوب منه وسافرت مع مركب فرنساوي انا ومعي اثنين اخر فلما
~~سافرنا طلع علينا مركب قرصان واخد مركبنا وشلحونا واخدوا جميع ما معنا حتي
~~اخدوا ثيابنا بقينا بالزلط فواحد من البحريه حن علي في هذا القنباز المخزق.
~~اخيرا رمونا في اسكلت ليكورنا فطلعنا نشحد وناكل لكن المكتوب استقام معي
~~ولاجل تتميم امر اسدادي فاتدرجت من ليكورنا الي ان وصلت الي مرسيليا والان
~~صار لي جملة ايام في مرسيليا عريان وجوعان ورايت غير ممكن اني اروح الي
~~بهريس في هل حاله وما احد حن قلبه علي غيرك انت الان فالتزمت ارسل المكتوب
~~مع البوسطه وارجع الي عند اسدادي ليلا اهلك في هذه البلاد.
[10.74]
فلما سمعت منه هذا الكلام صرت اتوجع له واسليه واخد بخاطره وبعده وقعت
~~المحبه بيننا وصرنا عشره وانا ايضا احكيت له بالذي جري علي من الاول الي
~~الاخر واستقمنا مسافرين الي ليله من ذات الليالي كنا بقرب جزيره سيليا وهذه
~~الجزيره كانت في يد النمساء والنمساويين كانوا حرب مع فرنساء وفي مرورنا في
~~ذلك المكان تحصن مركبنا خوفا ليلا يخرج من الجزيره مركب قرصان وكانت ليله
~~ضويه لان القمر في ليلة الاربعة عشر وفي ذلك الوقت نضروا الكاردي اعني
~~الحراس شايقه كانه خارجه من الجزيره فنبهوا القبطان والطايفه.
[10.75]
ولما راوها فحط مركبنا في اثرها وكذلك المركب الذي خرج معنا من مرسيليا
~~راءها وهو ايضا حط في اثرها حتي اخدناها في المواسطه وما بقا علينا الا
~~نرسل لها قايق الكبير مع جملة جنود حتي تمسكها فلما راءت الشايقه بانها
~~صارة بين المركبين وما عاد يمكنها الهريبه ليلا يضربوا عليها مدافع
~~ويغرقوها لفت قلاعها ووقفت فلما وقفت نزل من عندنا قايق الكبير وجمله من
~~الجنود حتي يمسكوها ويقيدوها معنا فلما قرب منها القايق دارت عليه
~~الشقلوظات فامتنعوا عن القرب اليها وفي ذلك المحل فتحت قلوعها وهربت بواسطة
~~الريح كان معها بوببا اعني في ظهرها.
[10.76]
فلما راء مركبنا ومركب الاخر بانها هربت حطوا في اثرها وتحاوطوها ما
~~بينهم ففعلت كما فعلت في الاول وهربت وثالث مره احطاطوها وصاروا يرشقوها
~~بالرصاص من الجانبين فزعا ليلا تهرب ايضا من يدهم ولما كانوا يرشقوها
~~بالرصاص سمعوا قبطان الشايقه بيقول الي جماعته بانهم ينزلوا للعنبر ليلا
~~ينصابوا من الرصاص الذي كان نازل عليهم كزخ المطر فعرفوا صوته بانه فرنساوي
~~فكفوا عنه الضرب وسالوه بالبوق من تكون فاجابهم انا فلان قبطان. حيند عرفوه
~~وهو الذي طلع معهم من اسكلت مرسيليا حتي يتلجا فيهم فلما سمعوا وتحققوا
~~بانه هو ذلك القبطان فندموا علي فعلهم معه هكذا وصاروا ياخدوا بخاطره.
[10.77]
وثاني يوم ارسلوا له قلاع لان قلاعه جميعها تخزقت من ضرب الرصاص واوصوه
~~بانه لا يفارقهم ومضوا في طريقهم الي ان مركبنا وصل الي قرب مينة ازمير وفي
~~ذلك الوقت خرج علينا ريح عاصف شديد من البر فرجعنا الي نواحي اراضي الموره
~~ومن هناك رجعنا وفي رجوعنا صدفنا الريح وموج البحر الشديد ما بين الصخوره
~~التي هي في تلك الرقعه التي هي مقابل اسطنبول فاستقمنا يوم وليله ما بين
~~تلك الصخور وايقنا بكسر مركبنا وهلاكنا وفي يوم الثاني ارسل لنا ربنا ريح
~~من البر حتي قدرنا نخرج من بين تلك الصخور بالسلامه وشكرنا الباري تعالي
~~علي احسانه وجوده معنا.
11 الفصل الحادي عشر في دخولنا الي بلاد الشرق
[11.1]
فوصلنا بالسلامه الي مينة ازمير وبعدما رسا مركبنا خرجت من المركب ومعي
~~ذلك الشاب السابق ذكره فلما خرجت من القايق ووضعت رجلي في البر ورايت
~~المسلمين الموجودين في الكمرك فرجف قلبي وانوهمت كاني حصلت في اليسر وندمت
~~علي ما فعلت كيف اني تركت بلاد المسيحيه ورجعت الي يسر المسلمين.
[11.2]
حيند التف الي صاحبي وقلي اتبعني الي حيث ما امضي فتبعته حتي وصلنا الي
~~بيت قنصر الفرنساويه وهو بيت مكلف وفي الباب انجكاريه وتراجمين وخدم وما
~~يشبه ذلك فصعدنا الي اعلا المكان. حيند ذلك الشاب طلب اذن حتي يدخل يقابل
~~حضرة القنصر فبعد اعطا الاذن امتثلنا امام القنصر فصار يحكيله ذلك الشاب
~~كيف ان حضرة الالجي ارسله الي فرنسا وكيف انه تشلحنا من القرصان والان
~~راجعين الي اسطنبول الي عند حضرة الالجي فلما انتهي من كلامه وعرف القنصر
~~حقيقة امره ففي الحال امر بحضور واحد التراجمين امامه وامره بانه يمضي بنا
~~الي الاستريه ويوصي صاحب الاستريه بانه يقوم في اودنا الي حين ما يتهيا
~~مركب الي اسطنبول يرسلنا معه.
[11.3]
فمضي بنا الترجمان الي الاستريه وهو مكان مكلف بينزلوا فيه القباطين
~~وغيرهم من التجار العابرين الطريق فاعطونا مكان لمنامتنا بفرشات نضيفه
~~وملاحف بيض مثل نظام استريات بلاد الفرنساويه واحسن فاستقمنا ناكل ونشرب في
~~الغدا والعشا باكل طيب وخدمه علي الكيف وثاني يوم قلي ذلك الشاب لا بقيت
~~تهكل هم المعيشه طول مانك معي قوم اتبعني فمشيت معه وتفرجت في دربي علي
~~اماكن ازمير وهي في قرب الاسكله حاره متسعه طويله وجميع بيوتها قاطنين تجار
~~فرنج وغيرهم من البياعين والشراين فرنج ونساهم جالسين في الدكاكين نظير
~~بلاد الفرنج وهي تسما حارة الفرنج والمدينه بعيده عنها مقدار ميل التي هي
~~البلد والمدينه القاطنين فيها تجار المسلمين والحكام كباقية البلاد وتلك
~~الحاره ما بيدخلها الا قاصدها من تجار المسلمين وغيرهم من الرعايا.
[11.4]
فمضي بي الي دير اليسوعيه فلما دخلنا وراءنا الريس بهت بمعرفته بذلك الشب
~~لما كان في اسطنبول فسلموا علي بعضهم ثم ادخلنا الي بيت المايده وضيفنا
~~ووقف في واجبنا قوي كثير ثم ساله الريس عن حالة التي هو فيها وعريه فاحكاله
~~بالذي جري عليه كما سبق القول فاتوه عليه وسلاه واخد بخاطره لان كان بيعرف
~~بان حضرة الالجي يحبه قوي كثير وكان راس علي كل جوخداريته. اخيرا لما ردنا
~~نمضي طلب ذلك الشاب من الريس كام غرش يدينه وفي اسطنبول يدفعها لريس ديرهم
~~كمثل بولصه فاجابه تكرم وفي الحال فتح سندوق دراهم الدير وكلفه بانه ياخد
~~بقدر ما يريد.
[11.5]
فاخد خمسة عشر غرش وكتب له ورقه في وصولها. اخيرا ودعناه ومضينا ولما
~~خرجنا من الدير اعطاني تلك الدراهم وقلي ابقيها معك لاجل خرجيت الدرب ومن
~~هناك مضينا الي دير الكبوجين فضيفنا الريس ايضا واستقرض منه عشرة غروش ايضا
~~وبعد خروجنا من الدير اعطاني هي وقلي افتكرت ليلا ما تكفانا تلك الدراهم
~~التي اخدنا من ريس اليسوعيه اخدت ايضا هذه العشرة غروش حتي يفصل معنا ولا
~~يعوزنا.
[11.6]
فبقي معي خمسة وعشرين غرش كلها زلط ومن هناك سرنا ندور ونتفرج ونتشبرق
~~ونعمل كيفيه فاستقمنا علي هذا الحال بمقدار خمسة عشر يوم علي اكل وشرب
~~وتنزه الي يوم من الايام اتي مركب كبير من مصر واسق بن ورز وقماش وماضي الي
~~اسطنبول فاتي الينا الترجمان وكلفنا باننا ننزل في ذلك المركب فنهض ذلك
~~الشاب وقلي قوم يا اخي حتي نمضي الي المركب ونسافر فابيت وقلتله باني انا
~~بسافر الي حلب مع اول قفل فاجابني شيل من بالك يا اخي اني بقيت افارقك الا
~~في اسطنبول.
[11.7]
اخيرا ما امكن حتي اخدني معه فمضينا صحبة الترجمان الي ان وصلنا كمرك
~~المينا فرايت جالس اغة الكمرك وحداه جالس قبطان ذلك المركب. حيند تقدم
~~الترجمان الي اغة الكمرك واحكي معه من طرف القنصر بانه ينزلنا في ذلك
~~المركب ويوصي القبطان فينا والتف الترجمان وسلمنا في يد اغة الكمرك واغة
~~الكمرك سلمنا في يد القبطان واوصاه فينا وقبضه الترجمان نولينا اعني
~~كروتنا . حيند دعا القبطان البحريه الذين في القايق وامرهم بانهم ياخدونا
~~الي المركب ويعطونا كامره علي خصتنا ويديروا بالهم علينا فمضينا مع البحريه
~~الي القايق فراينا الترجمان ارسل لنا خمسين اقة بقصمات وخمسة اقق جبن قوالب
~~وسمك مقلي وقلت انبيد واعطوا لكل واحد منا خمسة غروش خرجيت الدرب فمضينا
~~الي المركب ووضعنا حوايجنا في الكامره اعني اوضه زغيره واستقمنا ذلك اليوم.
[11.8]
وتاني يوم من باكر فتح قلوعه وسافر ولا زلنا سايرين في ذلك البحر حتي
~~اشرفنا علي بوغاز اسطنبول طويل وعريض ومنه الي مينة اسطنبول بمقدار سفر
~~اربع خمس ايام فلما وصلنا الي البوغاز خرج ريح من البر صدنا عن الدخول
~~فالتزم القبطان يرسي في اسكلت كليبولي التي هي برات البوغاز وهي بلد زغيره
~~فنزلنا الي البلد وسرنا ندور ونرجع ننام في المركب فاستقمنا في تلك الاسكله
~~خمسة ايام وبعده اتانا ريح من البحر فسافرنا ودخلنا البوغاز.
[11.9]
وبعد يومين خرج ايضا ريح من البر ومنعنا عن السير فرسينا في اسكله زغيره
~~الي ان ياتينا الريح من البحر فبعد يومين اتانا ريح فسافرنا ووصلنا الي
~~مينة كجك جكمجا فرسينا هناك وفي تلك الليله فراينا مركبين مقبلين الينا فظن
~~القبطان بانهم مركبين قرصان مالطيه ففي الحال ارسل اخبر اهل القلعه في قدوم
~~هذين المركبين فصار من القلعه يضربوا عليهم مدافع ومركبنا ايضا يضرب مدافع
~~حتي يصدهم عن الدخول الي الاسكله فاما المركبين رسوا بعيد عن القلعه ولفوا
~~قلاعهم حتي يعطوهم اشاره بان مانهم اعدا فما امكن بان يكفوا الضرب.
[11.10]
اخيرا علقوا فنر في الصاري علامة الصلح فما امكن ايضا انهم يكفوا عن
~~قتالهم وجميع الذين كانوا في مركبنا من الركيبه انهزموا الي القلعه وايضا
~~اهل الاسكله هربوا للجبال فزعا من القرصان. اخيرا لما نضروا اهل تلك
~~المركبين بان اهل القلعه ما اقتنعوا منهم بتلك الاشارات حيند ارسلوا قايق
~~وداخله يازجي المركب وثلاثة انفار من مدبرين المراكب فلما وصل القايق الي
~~الاسكله ففي الحال ارتموا عليهم ومسكوهم واصعدوهم الي القلعه ثم سالوهم من
~~تكونوا ولاي سبب دخلتوا البوغاز .
[11.11]
فاجابوهم نحن مراكب فلمنك دايرين منتسوق قمح من الاضاوات فما امكن انهم
~~يبيعونا من غير فرمان من الوزير فردنا نمضي الي اسطنبول حتي ناخد فرمان
~~فصادفونا قرصان فرنساويه في الطريق فهربنا منهم واتينا الي هذا المكان
~~نلتجي ونحتمي بالقلعه وانتوا ما بالكم بتحاربونا وبتضربوا علينا مدافع
~~كاننا اعدا لكم فما اقتنعوا من كلامهم بل حبسوهم في القلعه لهم وللبحريه
~~الذين معهم في القايق.
[11.12]
اخيرا اجا اغة القلعه ومعه كم واحد من اهل القلعه الي عندنا للمركب
~~وتشاوروا مع قبطاننا كيف يعملوا فاشار عليهم باني انا وانتم منمضي الي تلك
~~المركب وعندي في مركبي اثنين فرنج فرنساويه مناخدهم معنا لاجل الترجمي لان
~~واحد منهم بيتكلم بالتركي فقبلوا منه هذا الشور ففي الحال هيوا لنا قايق
~~فنزلنا جميعنا وقصدنا المركب الاكبر فصعدنا اليه ودخلنا اوضة القبطان
~~فراينا القبطان وجماعته جالسين وقدامهم الشموع متقده وااواني الخمر والقداح
~~وهن في غاية الراحه والانبساط.
[11.13]
حيند نهض القبطان ومن معه علي الاقدام واسترحبوا فينا ثم ضيفونا من صنوف
~~الحلاوات والمربايات ومن الشربات اللديده فاستقمنا عندهم في هذه الكيفيه
~~حكم ساعتين ثم ودعناهم وردنا الرواح وصار اننا في الحال نمضي ونرسل لهم
~~جماعتهم من القلعه وفي ذلك الوقت قبطان الفلامنكي استمن قبطاننا حتي يرسل
~~يازجيه معه حتي يروح معه الي اسطنبول لاجل الفرمان المذكور لاجل مسواق
~~القمح كما دكرنا فرضي قبطاننا بذلك واخد معه اليازجي الي مركبه.
[11.14]
وبعد كام يوم جانا الريح من البحر وسافرنا ومعنا ذلك الفلامنكي ولا زلنا
~~سايرين حتي وصلنا الي مينة بييوك جكمجا وهناك رسينا وخرجنا ندور في البلد
~~وجميع ما نصرفه يعطينا هو ذلك الفلامنكي فطالة المده علينا ونحن مرسيين
~~فغدت علي ذلك الفلامنكي الطوله لان المركبين في استنداره فصار يسال هل
~~بيمكنه يسافر في البر الي اسطنبول فاجابوه انه بيمكن وهو سفر ثلاثة ايام
~~واقل. حيند طلب بان ياتوه بناس تاخده وتسافر فيه ففي الحال احضروله دبه.
[11.15]
حيند التفت الينا وكلفنا باننا نسافر معه فابينا وقلنا له باننا نحن
~~عاطيين كروه المركب والقبطان ما بيتطلقنا لانه مكفل فينا حتي يوصلنا الي
~~اسطنبول ويسلمنا لبيت الالجي. اخيرا لج علينا كثير وقال لنا انا بعطي
~~الكروه عنكم وانا ما بيمكني اسافر وحدي ولا بعرف باللسان فلما سمعنا منه هل
~~كلام رق قلبنا لما ساله ومضينا للمركب وابقينا حوايجنا داخل الكامره وقفلنا
~~بابها وطلبنا اذن من القبطان حتي نسافر في البر لاجل خاطر ذلك الفلامنكي
~~فاجابنا القبطان انا تكفلت فيكم عند اغة الكمرك وصار اني اسلمكم الي بيت
~~الجي الفرنساويه فاجبناه ها ان حوايحنا تركناها في مركبك وحتي تصل بالسلامه
~~مناتي الي مركبك ومناخد حوايجنا وفي ذلك الوقت منعطيك طسكره من الترجمان في
~~وصولنا الي بيت الالجي ومناخد حوايجنا.
[11.16]
فرضي منا هل مقال. اخيرا ودعنا ومضينا الي عند الفلامنكي فراينا محضر لنا
~~دبتين واخد زواد وافره لاجل الطريق. اخيرا ركب كل منا دبته وسافرنا ولا
~~زلنا مسافرين الي ان وصلنا الي مدينة اسطنبول ودخلنا من مكان يسما قون قبي
~~وهو مبدا مدخول المدينه وهنا مكان يسما يدي قله فرايت في ذلك المكان حافرين
~~طغر في الارض غماق كثير فسالت ما هذه الطغر فاجابني القاطرجي الذي هو معنا
~~بان هذه الطغر حافرينهم حتي ينكشوا علي الرخام اعني المرمر لانه بيطلع في
~~تلك الارض.
[11.17]
فمشينا في طريقنا حكم ساعه الي ان وصلنا الي اسكلت الكبيره وهناك مكان
~~الكمرك فلما وصلنا ونزلنا عن دباتنا حيند استكرينا قايق ومضينا الي الغلطه
~~فطلع الفلامنكي ومضي الي بيت الجي الفلامنك في بيك اغلي فانا بقيت حيران
~~كيف اعمل والي اين اروح بما اني غريب فسالت ذلك الشاب صاحبي بانه يدلني علي
~~مكان حتي اني انزل فيه فهز راسه وقلي اتبعني الي بيت اسدادي حضرة الاجي
~~وهناك منزولك.
[11.18]
فاتمنعت عن المضي معه فصار يجرني ويمشيني معه فمضينا جمله وصعدنا الي بيك
~~غلي وهو مكان جميع الالجيه وجميعهم قاطنين هناك وهو مكان عالي شرح وفتنا
~~علي قظ قلعه اعني قلعة البنت التي لما اتاخدت اسطنبول عصيت هذه البنت في
~~هذه القلعه واستقامة زمان وبالجهد حتي قدروا اخدوا منها القلعه وحكايتها
~~طويله فما زلنا صاعدين حتي انتهينا الي صحن ذلك المكان وفيه معمر صرايات
~~الالجيه. اخيرا انتهينا الي صراية الجي فرنساء وهو اجمل واوسع غير صرايات
~~وداخله بستان مكلف وفي باب الصرايا البراني جملة انكجاريه مهيين.
[11.19]
فلما دخلنا الباب نهضوا جميعهم سلموا عليه وبعده دخلنا الي صراية
~~الجوانيه حيث محل حضرة الالجي فلما راوه جماعة الالجي بهتوا فيه وهو في تلك
~~الحاله فدخل منهم ناس واخبروا الالجي في قدومه فدعاه لعنده فدخل وقلي
~~اتبعني فتبعته وامتثلنا امام حضرة الالجي فلما راه وهو في تلك الحاله تعجب
~~وساله ما هذه الحاله التي انت فيها. حيند عمل ثمني وسكح للارض وقال له يا
~~سيدي اذن لي حتي احكيلك بالذي جري علي فاذن له بالقول فعاد ايضا وعمل تمني
~~واحكاله بالذي جري عليه من حين خروجه من عنده الي حد رجوعه الي عنده كما
~~ذكرنا سابقا فاتاسف عليه وبعده طيب خاطره وبعده ساله عني.
[11.20]
ما هذا الغلام فاجابه يا سيدي هذا الغلام صارة حياتي علي يد الله ويده
~~لان هذا اتلاقاني وسلاني والبسني من حوايجه ووصل معي الي هذا المكان
~~واحكاله بمجروايتي وفي البخت التقي معي في مصفنتي ذلك المكتوب الذي كان
~~اعطاني هو ذلك الامير في بهريس توصاي في للالجي فاخرجت المكتوب واعطيته
~~اياه فلما قري المكتوب استرحب في.
[11.21]
وقلي ماذا تريد افعلك خدمه فاجبته يا سيدي انكان بتريد تقبلني من احد
~~خدامك فاجابني بان جاني خبر من سلطان فرنسا باني ارجع الي بهريس لكن استقيم
~~عندي في صرايتي الي حين ما يجي الجي الجديد بخدمك عنده وبوصيه فيك والتفت
~~الي ذلك الشاب الذي كان معي وامره بانه يدير باله علي ويعطيني اوضه ومنامه
~~وانه ياكل في ثاني صفره مع الجوخداريه. حيند استكترت في خيره وخرجنا من
~~امامه انا وذاك الشاب.
[11.22]
وفي الحال استدعا المدبر وقال له عن لسان حضرة الالجي بان يهيي لي اوضة
~~منامه وهو لبس بدلته المكلفه ورجع كما كان فلما حل وقت الغدا كلفوني للغدا
~~فجلست مع الجوخداريه في ثاني مايده وهي قريبه لمايدة الالجي فلما دخلت
~~فجلسني صاحبي حداه وصار يقول لرفقاته الذي بيجب خاطري يكرم هذا الغلام فصار
~~كل واحد منهم يقطع من تلك الالوان الطيبه والطيور المشويه ويضع قدامي ونوبة
~~الالجي بتشتغل من وقت جلوس الالجي علي المايده الي انتهاها ووقت العشا كذلك
~~لان هذه عوايد الالجيه بتدق النوبه وقت الغدا ووقت العشا دايما بالات
~~موسوقيه مكلفه كما رايت منهم في بهريس.
[11.23]
فاستقمت علي هذا الحال مدة من الزمان علي اكل وشرب وتنزه وكيفيه الي يوم
~~من الايام طلبت من ذاك الشب صاحبي باني بريد اروح اتفرج علي مدينة اسطنبول
~~فقلي تكرم فتاني يوم بعد الغدا اخدني معه ونزلنا للغلطه وفي الطريق تخلف
~~عني حتي يريق رياقة الماء فصدفني واحد انجكاري سكران وصار يتغالز علي في
~~سكره وفي ذلك الوقت وصل صاحبي فلما رااه وهو كامشني وبيريد مني حق عرق
~~فانتهره ورفسه في رجله خلاه يقلب علي الوطاه فانا ارتعبت ليلا يصدر منه شر
~~فتركه ملقح ومضينا وخليناه مطروح علي الارض ولا التفت اليه وقلي امشي معي
~~لا تخف.
[11.24]
اخيرا نزلنا الي الغلطه فاتفرجت علي الغلطه ومن هناك نزلنا في قايق
~~ومضينا الي اسطنبول فاولا رحنا الي خان الوالده وهو خان مكلف مبني من حجر
~~وداخله خان الاخر وداخل خان الاخر خان وجميعه اوض بازركان وناخودات وصراف
~~وفيه خزاين مال ما بتحصا لان هذا الخان ما بيلحقه حريق ولاجل هذا جميع
~~التجار والصيارفه قاطنين فيه فدرنا في الخان وتفرجنا ورايت حلبيه ما عرفوني
~~ولكن انا عرفتهم وما ردت انهم يعرفوني ومن جملتهم ابن القاري وشكري ابن
~~شاهين جلبي وغيرهم كثيرين ما عدا واحد اسمه خواجه ازات وهو بيته قريب من
~~بيت اخي هذا عرفني لا غير فتقدم لعندي وسلم علي وعرفني بذاته وعاد كلفني
~~الي اوضته انا والذي معي فضيفنا وسقانا قهوه ووقف في واجبنا قوي كثير.
[11.25]
ومن هناك مضينا الي سوق الطويل وهذا السوق موجود فيه من جميع الاصناف
~~ومنه دخلنا السوق البالستان وهو ايضا معمر من حجر لان بينوجد فيه خزاين مال
~~شتي وايش ما طلبت بتجد فيه من امتعه وسلاحات واتواب مكلفه ومن قري صمور
~~وقاقون وغيرهم من الفرو الثمين وداخل هل سوق موضوع سناديق لاجل صيانة المال
~~من الحريق لان كثير ناس بيضعوا سناديق دراهمهم في ذلك السوق فزعا من الحريق
~~وما احد بيسكر دكانه لان المسا بيسكروا البابين ويضعوا القفال المتينه
~~وبيقفوا الحراس من خارج الابواب متيقظين طول الليل والنتيجه انه مكان مضبوط
~~كانه خزنة السلطان.
[11.26]
ومن هناك مضينا الي باب همايون اعني باب صراية الملك. حيند قلي ذلك الشاب
~~ادخل معي حتي افرجك علي الضرب خانه فدخلنا فرايت فسحه عظينه ولها ثلاثة
~~دروب الدرب الاول الذي هو عن اليمين لما بتدخل من الباب وهو درب بيتصل الي
~~صراية القزرار حيث موجود فيه حرم الملك وكل من فات فيه بغير معرفه بياكل
~~عصي والدرب الثاني الوسطاني هو درب بينتهي الي صراية الملك الجوانيه ما
~~بيخطره غير الوزير واكابر الدولة فقط والدرب الثالت الذي هو من عن الشمال
~~بينتهي الي الضرب خانه وكل من راد بيدخل فيه من غير حراج ولا خوف.
[11.27]
فلما انتهينا الي مكان الذي فيه الضرب خانه فدخلنا فرايت مكان متسع
~~وفرنين متوقدين بيدخلوا فيهم سياخ الفضه والدهب ورايت من جانب الواحد كومه
~~كبيره وجميعها سياخ فضه ومن جانب الاخر كومه ايضا سياخ دهب ومكان اخر
~~جالسين ناس بيطرقوا السياخ المذكورين وبيحرروهم وفي جانب الاخر جالسين
~~بيقطعوا بواسطة منكمات تلك السياخ علي البيكار من غروش ومنهم نصاف ومنهم
~~ارباع لانه واحد بيمد السيخ علي السندان والاخر بيدير المنكمه فبينقطع
~~الغرش وبيسقط تحت وفي ناس اخرين بيسكوا تلك المعاملة المقطوعه بواسطة حركه
~~منكمه فبينطبع الاسم والطغره والتاريخ من الوجين من غير دق مطرقه.
[11.28]
فخرجنا من هناك ومضينا الي كنيسة اجيه صوفيا وهي الان صايره جامع للملك
~~لانها قريبه لصراية الملك وكل نهار جمعه بيصلي الملك فيها فتفرجنا من خارج
~~لان ما بيدعوا احد من المسيحيين يدخل اليها انما رايت عمارتها من الخارج شي
~~بيفوق الوصف وهي عمارت ملوك المسيحيين القدما ومن هنا مضينا الي جامع
~~الوالده وهو جامع ما له مثيل في مدينة اسطنبول وكل من راد بيدخل اليه ما
~~عدا قبة القبله فخرجنا من هناك ومرينا علي صراية صاحب الختام اعني الوزير
~~الاعظم وذلك الدرب ما بينشق من الدخلين والخارجين ومن المشتكيه وعطاين
~~العرزحالات وما يشبه ذلك كنت اري احد الباشاوات ماشي ومعه جوخدارين لا غير
~~ولا احد بيدير باله اليه ولا احد بيقف له كانه احدي الناس واتفرجنا علي فرج
~~كثير المراد ما رجعنا الي محلنا لحكم المسا.
[11.29]
وبعد كام يوم اجا الي حضرة الالجي خبر بان الجي البنادقه بعد ثلاثة ايام
~~بيروح بيقابل الملك لانه وصل الي اسطنبول عن قرب وفي وصوله بيرسل الهدايا
~~الي الملك وبعد ثلاث ايام بيمضي بيقابل الملك كامالوف عوايدهم. حيند نبه
~~الالجي علي المدبر بانه يهيي البدلات وينبه علي الجوخداريه حتي يتهيوا
~~للالاي لان عوايد الالجيه اذا مضي منهم واحد للمقابله فكل واحد منهم بيرسل
~~جوخداريته حتي يمشوا امام الالجي لما بيقابل ومعتاد الجي الفرنساويه بيرسل
~~اربعين جوخدار وبيلبسوهم بدلات مرسلين من السلطنه جوخ اسقراط مجركسين
~~كمامهم وصدورهم بتبل التون وسياخ مسقطه بصبغة دهب وبرانيط مسجقه بسجاقات
~~الطون وشعور مجعده شقر وعلي ما حكولي ثمن البدله خمسماية غرش ونيف.
[11.30]
فبعدما المدبر هيا الجميع نقصه من الاربعين جوخدار ثلاثه فارسل احضر ثنين
~~والفقير الثالث وفي يوم الثالث لبسوا الجميع كما دكرنا والفقير من الجمله
~~ومضينا الي بيت الالجي واصطف الالاي وكان اوله من بيت الالجي واخره واصل
~~للغلطه فلما وصل الالجي الي اسكلت الغلطه كانت وصلت جكتريات الملك فنزلوا
~~الالجي في باش جكتريه وجماعته في غيرها ومضوا الي القرشي اعني الي اسكلت
~~اسطنبول ومن هناك بتمشي امامه الانجكاريه والسكفات المرسلين من عند اغة
~~الانجكاريه وغيرهم من جماعة الوزير الي ان يصل الي صراية الملك الجوانيه.
[11.31]
فبيدخل الوزير والالجي وباش ترجمان لا غير وبيتقدموا الي عند مقصوره
~~الملك ولها ثلاثة درجات فبيصعدوا في اول درجه والثانية وقبلما بيصعدوا الي
~~الثالثه بيمر الملك حتي يدخل الي ثاني مقصوره وفي ذلك المحل بيكون الوزير
~~والالجي والترجمان الي ثاني درجه. حيند بيقف الملك فبيبدا الترجمان بيعمل
~~دعا للملك من قبل الالجي مقتصر من غير طوله وفي انتها كلامه بيسال الملك
~~للالجي كيف حال اقرانه فبيرد عليه الترجمان وبعده بيدخل الملك الي مقصورته
~~الثانيه وفي دخوله بيكون ارتمي علي كتاف الالجي القفطان من عند الملك
~~وبيرموا علي كتاف جماعته القفاطين وهذه علامة الرضا والصلح من الملك.
[11.32]
وبيخرجوا من هناك وبيدخلوا الي صراية الديوان فبيجلس الالجي علي كرسيه
~~المخصص له في الديوان. حيند بيقدموا له المشروب والضطلي والقهوه والبخاخير.
~~اخيرا بيخرج الالجي من هناك فتمشي امامه حاشية الملك من البلطجيه وحلويه
~~وبسطنجيه وشربجيه وغيرهم كثيرين بيصلوا معه الي حد الاسكله فبينزل الالجي
~~في جكتريت الملك والباقي بينزل من كل بلك كام واحد بيوصلوه الي صرايته مع
~~جملة الجوخداريه والانجكاريه وجوخداريت الالجيه وكما دكرنا بينصف الالاي من
~~الغلطه الي بيك اغلي الي بيت الالجي فلما وصلنا الي بيت المذكور فرايت
~~صامدين صمات الي الانجكاريه وللباقي بيجي طوله مايه ضراع وواضعين فيه من
~~جميع الحلاويات والمربايات وجميعها في صحون مدفوره من عروق الخيزيران وفي
~~وصولهم الي الصمات عملوه يغما وفي دقيقه واحده اخدوا الحلاوات والصحون وما
~~بقي في الصمات شي يقال له شي.
[11.33]
وعاملين ثاني صمات داخل صراية الالجي لاجل جوخداريت الالجيه وموجود فيه
~~من جيمع الاكولات طرطات وسنبوسكات وفخضات مشويه وغيرهم شي كثير وفي كل قرنه
~~من الصمات راكزين برميل نبيد وحوله كثره قداح بلور. حيند كلفونا للاكل
~~والشرب فعطنا في تلك الاكولات وشربنا من ذلك الخمر الطيب وشربنا يسر حضرة
~~الالجي وصرخنا جميعنا كيويوا حتي علي حسنا برات الصرايا وبعده خرجنا من
~~هناك وكل منا مضي الي محله وهذا الذي رايته من مقابلة الالجي لكن في دخوله
~~الي صراية الملك وخروجه منها ما رايت من هذا شي انما سمعته نقلا من الغير
~~الذين دخلوا معه والله اعلم.
[11.34]
وبعد كام يوم وصل من قبل سلطان فرنساء رجل عالي شان في عزلت الالجي
~~واتسلم الصرايا وما فيها شكل متسلم ومن ذلك الوقت بطل حكم الالجي وتغيرت
~~الامور الي حين ما يجي الجي جديد. حيند داقت الدنيا في ولا عاد يمكنني
~~استقيم في الصرايا لانه ضشر اكثريت الجوخداريه وقطع خرجهم وبطلت تلك الصفر
~~والالات الموسيقيه وانا في تلك الحيره وهميت انقل حوايجي الي الاستريه
~~الموجوده في بيك اغلي فدخل ريس اليسوعيه الذي ديره في الغلطه وكان بيني
~~وبينه معرفه ومحبه فلما راني سلم علي وانا في همت الخروج من الصرايا.
[11.35]
فسالني لين ماضي اجبته الي الاستريه فما هان عليه وقلي ما بريدك تقطن في
~~الاستريه. حيند قلتله الي اين اروح يا ابانا فافتكر حصه والتفت قلي بتريد
~~تخدم يا ابني فاجبته نعم يا ابانا لكن عند مان بتريد تخدمني فقلي في جانب
~~ديرنا في الغلطه رجل بازركان بندقي وهو رجل ناس ملاح وغني وانكان بتريد حتي
~~اكلمه من جيهتك فقلتله افعل يا ابانا مثل ما بتريد وانا تحت طاعتك. حيند
~~قلي استقيم اليوم في الصرايا ونهار غدي باخدك لعنده فودعني ومضي.
[11.36]
وثاني يوم ارسل ودعاني لعنده فقلي انا لقشت مع الخواجه وقبل بانه ياخدك
~~لعنده كناوير امضي بنا فمضينا ودخلنا الي بيت ذلك الخواجه ولما امتثلنا
~~امامه قام علي اقدام واسترحب في الريس. حيند قله الريس ها هو ذا الغلام
~~الذي احكيت لك عنه وانت تكون امين منه من طرف الامانه ومن طرف الخدمه فرضي
~~ذلك الخواجه وجعلي اجره في السنه خمسين غرش ونصف مدخول البوابه التي بتدخل
~~من الرزق الذي بينباع ونصف الاخر للطباخ وخادم اخر. اخيرا مضي البادري
~~والخواجه سلمني جميع اواني البيت والفضي والت الصفره وسلمني مفتاح الكلار
~~وما يشبه ذلك.
[11.37]
حيند مضيت واتيت بحوايجي من بيت الالجي الي بيت ذلك الخواجه وكان اعطاني
~~مفتاح اوضه لمنامتي فدخلت حوايجي الي تلك الاوضه وبديت احوس في البيت فرايت
~~وسخه عن جانب عظيم وفي الحال ابتديت اكنس الارض والبيت وادع كل شي في مكانه
~~وهندمت فرشت الخواجه وفرشة يازجيه ومحل الغدا هندمت الصفره وجلبت الفضي
~~والسكاكين ودخلت الي الكلار عبيت اواني النبيد وخسلت القداح واخرجت من
~~الكلار ما يلزم مثل جبن وزيتون وهذا كله انا بفهمه من حلب لاني خدمت خواجه
~~رنباو الكبير وبعده خواجه رمزات مدة اثني عشر سنه الي حين ما خرجت من حلب
~~وقصدت الرهبنه فلما اجا الخواجه واليازجي للغدا ورااء تلك النضافه والترتيب
~~فانبصط قوي كثير.
[11.38]
فاستقمت عنده اول شهر فسالني الخواجه هل فضيت الفوجيه من النبيد فاجبته
~~ما راح نصفها فالتفت الي اليازجي وقله علي زمان ذاك الخادم ما كان يكفينا
~~في الشهر فوجيت نبيد فسمع الطباخ وذلك الخزمتكار هذا القول من الخواجه فما
~~هان عليهم وشربوا بغطتي من ذلك اليوم لان بانت خيانتهم وانا ما بعرف بانهم
~~ضمروا لي السو فصرت ارا منهم عين الغدر لكني ما ابالي ولا احسب لهم حساب
~~خصوصا الطباخ كان ضدي علي خط مستقم فاعلمت الخواجه بذلك ففي الحال ضشره.
[11.39]
وصار يفتش له علي طباخ فانا لما رايت الخواجه محصور لاجل ما وجد طباخ علي
~~كيفه فقلتله لا تهكل هم انا بطبخ لك الي حين ما تري لك طباخ فقلي بتعرف
~~تطبخ قلت له نعم فقلي بارك الله وانا كنت تعلمت الطبخ علي يد طباخ الذي كان
~~يطبخ الي معلمي خواجه رنباو واتفق بانه طشره فصرت اطبخ مكانه وارضي
~~الخواجكيه في طبخي وبما اني كنت دلك الوقت ولد فيتعجبوا في. المراد استقمت
~~اطبخ وذلك الخزمتكار من تحت يدي فزاد فيه البغضه والالام مني لان الخواجه
~~كان قوي مبصوت من طبخي وما عاد فتش علي طباخ.
[11.40]
فصار كل البيت في يدي امر وانهي واصنع الذي بريده فليله من ذات الليالي
~~خطر لعند الخواجه خطار وامرني باني ازيد الاكل فصرت اقول لذلك الخزمتكار
~~امضي جيب شي الفلاني ما يجيب واعمل شي الفلاني ما يعمل علي قدر ما هو محصور
~~مني فالتفيت ونهرته ثم شمته فما رايت الا سحب السكين وانحدق علي بخلق وغضب
~~شيطاني وقاصد قتلي فاستغت في ملاكي الحارس وارتميت عليه ومسكت يده واخدت
~~السكين من يده ورميته تحتي وصرت اقتل فيه بكل قوتي.
[11.41]
فسمع الخواجه صراخنا علي بعضنا فدخل للمطبخ فرانا متكامشين ونحن بالقرع
~~فعيط علينا وخلصنا من بعضنا بعض والتفت الي الخواجه وقلي هذا محل القتال
~~وعندنا موجود ضيف قوم اسعي في شغلك وما تركني حتي احكي له بالذي صار بيننا.
~~المراد خزيت الشيطان وقمت هييت العشا والخدمه كما يجب وعند الانتها بعد
~~خروج الضيف من عنده احكيت له المجراويه كما تمت. حيند اخد بخاطري وقلي غدي
~~من الصباح بدشره وانت كون في امان انا بعرف جنس هل كريكيه ناس ارديا حقودين
~~ما لهم ذمه.
[11.42]
النتيجه ما طيلعني من عنده الا انا راضي. اخيرا مسيته وذهبت الي مخضعي
~~وقفلت الباب من داخل خوفا بالا يغدر في وانا نايم فافتكرت تلك الليله وانا
~~في الفراش وقلت في بالي ولين الخواجه طشر هذا الشقي يخشا علي منه ليلا
~~يصدفني في الطريق ويطعني بسكين ويقتلني لان الروم في تلك البلاد هين عليهم
~~قتل القتيل لانهم في الحال بيسلموا وبيدخلوا في اوجاق الانجكاريه ولهذا
~~السبب زاد علي الوهم وما قدرت انام في تلك الليله وانا في دهدار كيف اعمل.
[11.43]
فخطر في بالي باني تصادفت في كنيسة اليسوعيه في رجل حلبي ماروني يسما حنا
~~ابن الزغبي وهذا كان صاحبي في حلب فمن بعدما سلمنا علي بعضنا دعيته بان
~~يمضي معي الي بيت الخواجه البندقي الذي كنت قاطن فيه وهناك ضيفته ووقفت في
~~واجبه ثم سالته عن سبب مجيه الي اسطنبول فاجابني بان سبب مجيي لهذه البلاد
~~هو كان لاجل اني اتعلم طريقه سقال القماش لانها معدومه في حلب والان الله
~~سهلي برجل معلم بيمضي معي الي حلب واخد معه مطوية السقال التي هي من بولاد
~~مسقي مع حركاتها وهذا كان غايه مرادي والان انا في استندار اول قفل الذي
~~بيسافر الي حلب منروح معه ماكد.
[11.44]
اخيرا قلي بعدما كنت احكيت له بالذي جري علي وكيف اني وصلت لهذه البلاد
~~باني اروح معهم الي بلادي ولا تديع حالك في هذه الغربه امضي لاهلك ولا تهلك
~~من هذا الكلام وغيره كثير فابيت وما ردت اطيع كلامه وكان يتردد علي كثير
~~اوقات ويلج علي بالمضي معهم وانا ابي فلما خطر في بالي تلك الليله كلامه
~~حيند صممت النيه في المضي الي حلب صحبتهم.
[11.45]
وثاني يوم دخلت عند الخواجه وطلبت منه اذن في خروجي من عنده فصار يتملقني
~~وياخد بخاطري بقوله لي لا تخف انا الان بضشره من بيتي لا يكون خاطرك الا
~~طيب من هذا الكلام ومامنه فما اقتنعت من كلامه بل استقمت علي رايي وطلبت
~~الخروج من عنده فلما راني ثابت علي كلامي حيند عمل حسابي بالذي خصني من
~~الاجره ونصف البوابه كما اتفقنا واعطاني بالتمام ثم ودعته وحملت حوايجي من
~~بعد ما سلمته جميع الذي كان تحت يدي من الفضي والة الصفره وغير امتعه وخرجت
~~من بيته ودخلت الي دير اليسوعيه الذي هو بجانب بيت ذلك الخواجه.
[11.46]
ودخلت الي عند الريس واحكيت له بالمجراويه كما تمت وطلبت منه بانه يقبلني
~~عنده في الدير الي حين ما يسافر القفل الي حلب فاجابني الريس بقوله لي بان
~~يا ولدي ما بيمكن نقبل في ديرنا احد من العوام ولا غيرهم انما بعطيك مفتاح
~~بيت الطايفه الذي بينزلوا فيه القباطين الفرنساويه وغيرهم من عبارين الطريق
~~والان موجود فيه واحد من البادريه بيستنا مطران من بلاد المسيحيين حتي
~~يسافروا علي العجم فشكرت فضله واخدت المفتاح وارسل معي خادم الدير حتي
~~يرويني المكان وهو قريب من الاسكله.
[11.47]
فدخلت في ذلك البيت وهو بطبقتين وداخله اوض زغار وكل اوضه داخلها تخت
~~وفيه فراشين ولحاف وملاحف نضاف فحطيت حوايجي داخل اوضه تحتانيه وخرجت للسوق
~~اشتريت طنجره فخار وصحنين فخار وصرت اطبخ لحالي ما تسير والبادره يجي لعندي
~~بعد المغرب ويصعد الي اوضته التي هي فوق اوضتي فنتسامر قليلا معه وانزل الي
~~منامتي وافيق حكم نصف الليل اسمع حس دبدبه فوق مني فانوهمت اول ليله من تلك
~~الدبدبه وثاني ليله كذلك وفي ثالث ليله خرجت من فراشي وصعت حتي اري ما هذه
~~الدبدبه فطلعت من شقوق باب اوضة البادري فرايته ركع وامامه الصلبوت وهو
~~بيصلي وبيدق علي سدره واحيان بيركع وبيضع راسه في الارض فلما رايت هذا
~~المضهر نزلت ونمت في فراشي من غير فسع.
[11.48]
فرابع ليله قلت له يا ابونا انت ما بتنام ايش بتعمل. حيند تنهد وتحصر من
~~قلب حزين وقلي يا ابني لما رايت جميع اهل هذه المدينه كلهم مسلمين ونفوسهم
~~هالكه فاتاسفت علي هذه الانفس الضايعه عن الطريق المودي للملكوت والشيطان
~~قايدهم فصرت اطلب من سيدي يسوع المسيح بانه ينور عقل المسلم الكبير اعني
~~الملك حتي تقتدي فيه هذه الرعيه الذي ما لها راعي غير الديب الجهنمي والتفت
~~قلي انت ايضا اطلب معي لعل الله بيقبل صلاتك فلما سمعت منه هذا الكلام بهت
~~وقلتله هذا الشي ما بيقطع عقل وشي بعيد عن التصديق فاجابني كل شي الذي ما
~~هو مستطاع عند البشر هو مستطاع عند الله فاتعجبت من غيرة هذا البادري
~~وتركته ومضيت الي منامتي وهو استقام يصلي ويتضرع طول الليل.
[11.49]
وهذا البادري علمني اصطناع قطره لشفا جميع اوجاع العين وصنعها امامي وقلي
~~لا تخف اعطي منها لاي وجع كان في العين وقلي بتقدر تاكل خبزك من هذه القطره
~~طول عمرك وعلمني غير اشيا نافعه لصحت البدن وانا تلك الايام ما كنت واعي
~~لاكتساب العلوم بل كنت شارد وغالبه علي فورة الصبوه والجهل.
[11.50]
وفي تلك المده كنت اخرج ادور في مدينه اسطنبول واتفرج علي اماكنها
~~واسواقها وشوارعها فاتفق بان سلطان احمد كان امر في بنا خمسة مراكب بكلك
~~كبار وكل منهم باربع عنابر وبسبعين ثمانين طوب فسمعت من احدي الناس بان
~~المراكب كملت وامر الملك المذكور بان يوم الخميس ينزلوا المراكب للبحر وهذه
~~فرجه عظيمه فاتفقت انا وكام واحد من الحلبيه واستكرينا قايق حتي ننزل فيه
~~ونتفرج.
[11.51]
فلما حكم ذلك اليوم نزلت كل اهل اسطنبول للبحر وكنت تري انتلت الاسكله من
~~القيق حتي كنت تقدر تمشي فوق القيق علي قدر ما لتزقوا في بعضهم وعلي ما
~~اكدوا لي بان موجود في اسكلت اسطنبول اثني عشر الف قايق الذين بيعطوا ميري
~~من غير قيق الاغاوات الذي له كل واحد منهم قايقين وثلاثه لاجل سيرهم
~~وتنزهاتهم. المراد نزلوا اول مركب للبحر بضوضه عظيمه وجميعهم يصرخوا الله
~~الله ودبحوا القرابين وبعده نزلوا الثاني والثالث الي الخامس بحضور الملك
~~والوزرا وكل اكابر الدوله وصار نهار يا له من نهار مفترج وهذا ما رايته في
~~اسطنبول في نزول تلك المراكب لكن النضر ما هو مثل السمع لانه شي نادر
~~الوقوع.
[11.52]
وبعد كام يوم وصل ثمانية غلايين بكلك من عند سلطان فرنساء ودخل واحد بعد
~~واحد للاسكله ولما يصل امام صراية الملك التي من علي جنب الايسر اذا دخلت
~~من البحر الي الاسكله فبيبدا يضرب المدافع لاجل السلام واصغر المراكب موجود
~~فيه سبعين طوب ومن العسكر ينوف عن السبعمايه جندي من غير البحريه فلما
~~انتهي الاولي من ضرب المدافع دخل الثاني وصار يضرب المدافع من الجانبين
~~وبعده دخل الثالث وصنع مثل الاولي والثاني فارتجت اطاريف اسطنبول وضنوا بان
~~الافرنج اخدت المدينه وكثير ناس هربوا الي الفيافي وكنت تري الدخنه جللت
~~الاسكله ولا عاد احد يري رفيقه ولا يسمع قوله.
[11.53]
حيند ارسل الوزير من طرفه باش اغا الي عند قبطان حتي يستمنه بانه يبطل
~~ضرب المدافع لان حضرة الملك حاكم راسه بيوجعه. وقتيد صاروا الغلايين الاخر
~~يدخلوا من غير ضرب المدافع ورسوا في الاسكله كالمعداد. حيند نزلوا تراجمين
~~الالجي واستقبلوا القبطان باشي بغاية الاكرام ومضوا اخبروا وزير الاعظم في
~~قدوم هل ثمانية غلايين المرسلين من عند حضرة سلطان فرانسا وانه راسل الي
~~حضرة الملك سلطان احمد ثمانين مرسايه لاجل مراكبه الجدد يكون يقبلهم منه
~~هديه وانه عزل الالجي لاجل النقص الذي صدر منه.
[11.54]
فامر حيند الوزير بان يحضروا القبطان باشي الي عنده ثاني يوم وفي الحال
~~عين الي تلك المراكب زخاير وافره واهدي للقبطان باشي هدايا ثمينه وعمل له
~~اكرام زايد من قبل الملك وفي ذلك الوقت مناه بقوله له انضر ماذا يعوزك امر
~~من الامور حتي نقضي لك هو علي اتم المراد فاجابه القبطان باشي تعلم
~~لسيادتكم بان الان بلادنا مغليه من قلة القمح فالمامول من حضرة الملك ومن
~~حضرتكم بان تقطعوا لنا فرمان بان ندور في الاضاوات ونشتري مغل ولا احد
~~يتعارضنا فاجابه الوزير علي الفور يكون لك ما طلبت واصرفه بسلام.
[11.55]
فلما الوزير اخبر الملك بمطلوب القبطان باشي فقطع الملك خط شريف من يده
~~وامر بان يوسقوا الثمانية غلايين من القمح الجيد ولا ياخدوا منهم حقه
~~فاستقاموا الغلايين مقدار عشرين يوم الي حينما ارسل الوزير الجكتريات الي
~~الاضاوات وحضروا القمح المطلوب وفي تلك المده خلص من اليسرا نحو مايتين
~~يسير لانهم كانوا يغطوا في البحر ويصعدوا الي تلك الغلايين ويخلصوا من
~~اليسر لان حالما اليسير مسك بيده جانب الغليون يخلص وما يقدر احد ياخده من
~~ذلك الغليون بل يسمحوا لهم لاجل نام سلطان فرنساء.
[11.56]
وفي تلك الايام قدم الي اسطنبول امير من امرات سلطان سويد وكان قصده يدور
~~ويتفرج في الاقليم وكانت جماعته تفتش علي ناس من اهل البلاد يعرفوا بلسان
~~التلياني والتركي فجاني واحد من اصحابي وهو ذاك الجوخدار الالجي الذي اجا
~~معي من مرسيليا وراد يشبكني مع هذا الامير بصفة ترجمان فارضيت انا بذلك
~~واعطيته قرار باني بسافر معه وصممت نيتي علي المضي مع هذا الامير لاني سمعت
~~بانه بعد دورته بيروح الي بلاده بسفر البر وراد ياخدني ويواجهني مع الامير.
[11.57]
وفي ذلك اليوم الذي كنت رايح حتي اوجه الامير حضر لعندي حنا بن الزغبي
~~المذكور فلما سمع في رواحي مع ذلك الامير فما هان عليه وصار يوعضني وعمل كل
~~جهده حتي يصدني عن المضي وقال لي القفل طالع بعد يومين الي حلب وانا
~~استكريت لك دبه مع احمد القاطرجي الحلبي واعطيته رعبون.
[11.58]
والنتيجه لا زال يدوي علي حتي غير نيتي عن السفر مع ذلك الامير المذكور
~~فلما تغيرت نيتي واعطيته قرار باني عدلت عن المضي واني بروح معه الي حلب
~~حيند قلي بيلزم نهي حالنا الي السفر فبيلزمنا ناخد معنا بعض اشيا التي
~~بتنفعنا في الطريق وهي اقة فلفل وكام درهم قرنفل وجنزبيل وما يشبه ذلك من
~~الة العطاره وايضا كام ورقة ابروسلات وشويت صابون لان هل اشيا بتسلك في درب
~~اسطنبول احسن من المصريات لان اهل الضيع بيعطونا مهما اعتزناه لاجل معاشنا
~~وبيصير لنا توفير كثير.
[11.59]
فقبلت مقاله واخرجت واحد دهب اعطيته وقلت له اشتري الذي بتريده فذهب وانا
~~حضرت حالي ومضيت ودعت الريس والجوخدار صاحبي واستقمت استنضر مجي حنا
~~المذكور فبعد يومين اجا لعندي وقلي قوم بنا نسافر.
[11.60]
وكان خروجي من اسطنبول في اواصط شهر حزيران سنه 1710 فحملت حوايجي ومضيت
~~معه الي الاسكله وكان استكري قايق حتي يطيلعنا الي اسكدار فرايت ذلك
~~الاختيار معلم السقال وحوايجهم فنزلت حوايجي في القايق وسرنا الي اسكلت
~~اسكدار فخرجنا حوايجنا من القايق ودخلنا استكرينا اوضه في الخان واستقمنا
~~نستنا القاطرجي والقفل معا.
[11.61]
وفي ذلك المحل اقبل علينا اوادلق باشة افيون قري حصار وقاطرجينا وغير
~~قاطرجيه فسالنا القاطرجي عن سبب عوقته فاجابنا بان بعتوا يسقوا علي دوابي
~~والزموني باني احمل للباشا طيبه غصيبه انا وغير قاطرجيه التزمنا بان نخلي
~~احمالنا ونحمل للباشا ولكن لاجل خاطركم ابقيت من دوابي ثلاثه منشانكم
~~واظهرت بان عندي سبعة دواب لا غير والان التزمت اسافر مع الباشا الي افيون
~~قري حصار وان كان بتريدوا تسافروا معي فكان والا استكروا من غيري علي كيفكم.
[11.62]
فلما بلغنا هذا الخبر حزننا وحرنا في امرنا كيف نعمل فدورنا عل غير
~~قاطرجيه حتي نستكري معهم فما وجدنا احد انه يكرينا. حيند التزمنا نسافر مع
~~قاطرجينا الي افيون قري حصار فاستقمنا ذلك اليوم وثاني يوم اجا الباشا الي
~~اسكدار وفي الحال حملوا اوادلق الباشا وساروا ونحن في اثرهم الي ان وصلنا
~~الي الديل الذي هو في دربنا وقطعنا في القايق نحن ودوابنا الي ذلك الناح
~~وسافرنا مع الاوادلق الي ان وصلنا الي كاوركوي.
[11.63]
فلما وصلنا نزل القفل بعيد عن الضيعه مسافة ميل في مكان قفر محر فانا
~~ورفقاتي نزلنا تحت الضيعه في مكان مرج واسجار ونبع ماء بيجري كانه روضه
~~فلما نزل القفل هناك اجا القاطرجي لعندنا وامرنا باننا نروح ننزل في مكان
~~النازل فيه القفل وقال لنا بان اهل هل ضيعه قوم ارديا حراميه بينزلوا في
~~الليل بيشلحوكم.
[11.64]
فالفقير ما قبلت اني اروح ولا رفقاتي ايضا وقلنا له نحن ما معنا شي ايش
~~بياخدوا منا فما امكنه انه ياخدنا فاستقمنا تلك الليله في ذلك المكان. حيند
~~ارسل القاطرجي اخوه ينام عندنا واوصاه بانه لما بيشيل القفل بيصرخ عليه حتي
~~يحملنا ونمشي مع القفل ونحن من فسعنا من اهل تلك الضيعه ليلا ياتونا في
~~الليل وينشلوا من حوايجنا فربطنا خراجنا وكل منا ربط حاله في خرجه ورقدنا
~~وفي انتصاف الليل حمل القفل والقاطرجي صرخ علي اخيه بانه يحملنا فرد عليه
~~اخوه من عندنا وهو نايم وغير واعي فرجع نام ونحن نايمين ما معنا خبر وبعد
~~ساعه فاق الغلام وعطي دانه للقفل فراء ما في طنت جراس فتحقق بان القفل سافر
~~فصار يعيط ويشتمنا ويقول لنا هل وقت منتشلح وبياخدوا حوايجكم والدواب معا.
[11.65]
حيند نهضنا وحملنا خراجنا علي الدواب وركبنا ولما وصلنا مكان الذي كان
~~نازل فيه القفل فما راينا احد انما راينا اثار النار فوقفنا في ذلك المكان
~~فراينا سكتين فسالنا الغلام من اي سكه نسافر فما عرف اينا هي السكة التي
~~مشي فيها القفل فوقفنا باهتين وفزعانين ليلا يلحقونا اهل الضيعه ويشلحونا
~~ونحن في ذلك الديق والحيره الله سبحانه الهمني بان كديشي مراجعي الدرب
~~وبيعرف الطريق.
[11.66]
حيند نزلت من عليه ولفيت رسنه علي رقبته ورخيته فمشي الكديش في سكت
~~الفوقانيه فلما مشي تبعناه وكل منا ركب دبته وسرنا الي ان وصلنا الي اعلا
~~مكان وكان تحتنا ودي غميق فسمعنا من قاطع ذلك الوادي رنت جراس دواب فاتكدنا
~~بان دربنا من هناك وصار لنا غم عظيم وهمينا علي الرجوع فصار الغلام
~~القاطرجي يصيح علي اخوه وانبطح علي الارض وعطي دانه لعله يسمع صياح اخيه
~~فسمع وهن يقولون ما قلنا لكم بان الدرب من فوق. حيند فرحنا بان هم التايهين
~~ما هو نحن.
[11.67]
حيند اصطبرنا لهم حتي وصلوا لعندنا ومشينا في الطريق الصحيح الي ان اصبح
~~الصباح وبعد ساعتين وصل الباشه الي عندنا وفات فسرنا نتبعه وحكمنا ذلك
~~النهار مطر غزير حتي غرقت حوايجنا من كثره الامطار والسيل واستقام الغيث
~~الي المساء وبقت حالتنا يرثي اليها فلما نضر الباشاء بان المطر مستقيم حيد
~~الي ضيعه قريبه من السكه ودخل هو وخواصه الي الضيعه وضشروا اصحاب البيوت
~~وقطنوا فيها وعسكره استقام برات الضيعه ونصبوا خيامهم والتجوا تحتها اما
~~نحن بقينا واقفين في صحن الضيعه تحت المطر فصرنا نتدخل علي الفلاحين حتي
~~يعطونا منزول ولو كان اخور حتي نلتجي من ذلك السيل فاكدولنا بان عيالهم
~~وحريمهم ملتجيين بين ارجل البقر والدواب فحرنا في امرنا.
[11.68]
ونحن في ذلك الوقت في التفكير وربنا له المجد بالتدبير فما راينا الا
~~انتصب امامنا شب بهي المنضر وسال رفقاتي عني لانه راني بغير حلاس لان كنت
~~لابس لبس فرنج وشعري مدلاء من راسي ولابس في هامي قلبق صنصار فقلت لرفقاتي
~~قولوا له باني حكيم فلما سمع باني حكيم فرح وصار يتوسل اليهم بانهم يقولوا
~~لي حتي امضي معه لان عنده مريض اشرف عليه.
[11.69]
حيند رديت انا عليه بلسان التركي وقلت له انكان بتاوينا هذه الليله عندك
~~حتي اروح اشرف علي مريضك فاجابني بتحل علي البركه لكن بخاف ليلا احد من
~~جماعة الباشا يعرف داري فبلتزم انا وحريمي نخرج من الدار ويدخلوا هن فيه
~~لكن انا بمشي بعيد عنكم فاتبعوني انتم حتي ادخلكم الي داري فقبلت وقلتله
~~امضي ونحن منتبعك عن بعد فمشي امامنا ونحن تابعينه في لفاف وري الضيعه
~~فانتهي الي كهف ونزل فيه بنزول وغاب عنا فلما وصلنا الي ذلك المكان رايناه
~~وهو في استندارنا فدخلنا الي ذلك الكهف فراينا باب فطرق الباب واعطاهم
~~اشاره بانهم يفتحوا ففتحوا الباب فراينا داخله ثلاث شباب واقفين.
[11.70]
فانا ورفقاتي جفلنا ليلا يكون هذا المكان شرك حراميه لكن ايش عاد يفيدنا
~~وقعنا في الشرك ونحن في تلك الفكره والا خرجوا تلك الشباب واخدوا خيلنا من
~~يدنا ودخلوهم الي داخل وكلفونا في الدخول فدخلنا معهم الي مكان مفروش وفي
~~صدر المكان اوجاق. حيند قدموا لنا اخراجنا ولبشنا فلما راوهم نديانات ففي
~~الحال عيشوا نار في ذلك الاوجاق حتي ننشف تيابنا. حيند استرحب فينا ذلك
~~الشاب الذي اتينا معه.
[11.71]
وكان امسا المساء ونحن نشفنا حوايجنا واسترحنا قليلا فامر ذلك الشاب
~~للواقفين امامنا بانهم يجيبوا العشا فانفرد واحد منهم ومد الصمات ووضع
~~الزاد ومد البشكير علي ركبنا وحضر شربة الماء وجنق حتي يسقينا ونحن في ذلك
~~الوقت باهتين متعجبين من هذا الامر الذي وقع وكيف ان ربنا له المجد ارسل
~~لنا ذلك الشاب حتي اتاوينا عنده وصنع لنا هذا الاكرام. حيند قدموا لنا
~~العشا وهو صحن كبير رز هميس ومعه صحن كبير ايضا يخني وصحن فرارايج قزن
~~كبابي اكل مفتخر وفتعشينا نحن وذلك الشاب.
[11.72]
فلما انتهينا من العشا جابوا طشت وابريق حتي خسلوا ايدينا وبعده جابوا
~~ابريق قهوه كبير وسقونا اول دور ثاني دور قهوه طيبه. حيند عبينا غلايينا
~~وبدينا نتسامر مع ذلك الشاب حصه فقلتله اين هو مريض الذي عندك حتي اراه
~~واقف في خدمته لانك طمرتنا في احسانك فاجابني كمل غليونك وكلف خاطرك معي
~~الي عنده فبعدما كملنا غلايينا نهض ذلك الشاب وكلفني في الدخول معه فدخل في
~~دهليز وانتهينا الي باب فطرق الباب وهو باب الحرم فامر بانهم ياخدوا درب.
[11.73]
وبعده دخلنا الي حوش مكلفه ودخلني الي بيت مفروش مصمود صمد مكلف ونايم في
~~الفراش رجل اختيار وهو ابو ذلك الشاب وصاحب تلك الضيعه فجلست حداه ودسيت
~~نبطه وهو بيلهت ومتعوب كثير وما فيه يلقط نفسه وكان مرضه من كثره الخلط
~~الذي حاقن في معدته. حيند سليته وجرعته بقولي له ما فيك شي خطر لا تخاف هذا
~~خلط متحرك عليك وانا من باكر بخرجلك هذا الخلط وبتستريح وبتقوم من فراشك لا
~~تهكل هم وقلت لابنه بانه يامرهم يسلقوا دجاجتين في هذا الليل لان السلام
~~بريد اسقيه شربه حتي تكون المرقه حاضره ولا يضعوا فيها ملح واوصيته بانه
~~يفيقني سلام الغميق حتي اسقيه الشربه اخيرا ودعته ونهضت من عنده ومضيت الي
~~عند رفقاتي.
[11.74]
وكان معي قراس كان معلمي جايب منهم لاجل الطريق واعطي منهم لبعض من الناس
~~ورايت فعلهم غريب عن غير شربات لان تركيبهم مفيد لاربع طبايع الانسان اعني
~~للسوده وللبلغم والي الصفره والدم واذا احد شرب واحد منهم بيتنقي من جميع
~~الاخلاط الموجوده فيه وما بيستقيم غير ساعتين لا غير وبعده بيستريح وبيمضي
~~الي شغله كانه ما شرب شربه وهذا رايته في ذاتي وفي غيري ايضا فتبقي من هل
~~قراس عشره او اثني عشر فاعطاني اياهم حتي اشيلهم فبقيوا معي ونسيهم.
[11.75]
اخيرا لما رجعت من عند ذلك المريض فتحت الخرج واخدت واحد منهم وصحنته
~~ووضعته في ورقه حتي يكون حاضر وانتكيت ونمت انا ورفقاتي الي ان صار وقت
~~السلام فاجا نبهني ذلك الشب فنهضت عاجلا واخدت ورقة الشربه معي ومضينا الي
~~عند المريض حيث هو نايم. حيند طلبة منهم فنجان مرقه ودوبت تلك الشربه في
~~ذلك الفنجان المرقه وناولته الي ذلك المريض وامرته بشربه الي اخر نقطه منه
~~فبعد ما شربه واستقام مقدار ربع ساعه فضاج كثيرا وداخ حتي كاد يغشي. وقتيد
~~امرتهم بان يسقوه جنق مرقه.
[11.76]
فبعد شربه المرقه بهنيهه طلب الطشت وصار يستفرغ حتي صار نصف الطشة من ذلك
~~القي الذي كله صفره وبلغم وغير مواد كريهه فبعدما كمل قيه امرتهم ايضا
~~يسقوه جنق مرقه فبعد شربه المرقه طلب يطلع صوب براء وفي رجوعه سقيته ايضا
~~جنق مرقه وما زلت اسقيه من تلك وينطق ويتطلع بطنه حتي نضفت امعاه من جميع
~~تلك المواد والخلط الذي كان مستكن في جوفه. المراد من بعد ما مر ساعتين من
~~الزمان جلس واستراح وصار يطلب غليون تتن.
[11.77]
حيند امرتهم بانهم يرموا علي تلك المرقه قليلا من الرز ويطبخوا له شوربا
~~ويطعموه قليلا من الجيجه حتي يتقوي ويقوم من فراشه ويمضي الي حيث ما راد.
~~اخيرا ودعته وردت امضي الي عند رفقاتي فقلي المريض اصبر يا معلم هنينه
~~واخرج كيس من تحت المخده واخرج منه جملة دراهم حتي يعطيني فقلت له ما عاد
~~الله باني اخد منك شي انت صاحب الجميل الذي قبلتنا في بيتك واطعمتنا من
~~زادك وابنك عمل لنا هل قدر اكرام ولاجل هذا ما بقدر اكافيك علي هذا
~~الاحسان.
[11.78]
حيند اعطي لابنه الدراهم حتي يعطيني اياها فما قبلت اخد منه شي ومضيت الي
~~عند رفقاتي فما رايت الا وجابوا لنا فطور وقهوه وبعده جابوا لنا اربع طيور
~~جاج مسلوقات ومقدار اربعين بيضه مسلوقه وجبن وخبز ووضعوهم في صفرة الاكل
~~التي كانت معنا وفي ذلك المحل صوت اول نفير الباشه. حيند اخرجوا كدشنا من
~~الاخور من بعد ما كانوا علقوا عليهم الشعير اعني السلق وحملوهم اخراجنا
~~ونحن لبسنا جزماتنا وتهيينا للسفر فصوت تاني نفير فركبنا وودعنا ذلك الشاب
~~واستكترنا بخيره قوي كثير فدق ثالث نفير وركب الباشه وسرنا نحن في اثره الي
~~ان خرجنا برات تلك الضيعه فراينا قاطرجينا كانه مجنون وهو يفتش علينا فلما
~~رانا بهت.
[11.79]
وصار يقلنا فين كنتوا واين بتوا وانا طول هذا الليل بفتش عليكم. حيند
~~احكينا له بالمجروايه كيف تمت ولا يبقي خاطره من جيهة دوابه كيف انهم علقوا
~~عليهم ومن باكر اعطوهم السلق. حيند انبسط وقال لنا يا ريتكم اخدتوني معكم
~~ولا كنت اقاسي طول ليلي تحت المطر ومن ذلك الوقت قلت لرفقاتي بان كل من
~~سالكم عني قولوا له باني حكيم حتي نقضي هل طريق بالعز ومن ذلك اليوم طلع
~~خبري في الارض باني حكيم وصار كثير من جماعة الباشه يدعوني حتي احكمهم وكنت
~~اصف لهم وصفات واوقات اعطيهم من عندي حب منقي. المراد سرنا صحبة الباشا
~~بغاية العز من قبل حماعته وكانوا يتهادوني ويكرموني ويكلفوني حتي استقيم في خيمهم.
[11.80]
المراد ما زلنا مسافرين حتي وصلنا الي اسكي شهر وهي مدينه زغيره الا انها
~~عامره وداخلها قبلوجه اعني ماء كبريتي سخن في الغايه ومعمرين فوق ذلك النبع
~~الكبريتي شكل حمام وكل اهل المدينه بيدخلوا بيستحموا هناك فلما وصلنا نصب
~~خيامه الباشا برات المدينه حكم ثلاث اميال وطلع خبر بانه بيستقيم هناك
~~ثلاثة ايام فالتزمنا نحن نستقيم في المدينه الي حين ما يسافر الباشا
~~فاستكرينا اوضه في قيصريه وبتنا هناك.
[11.81]
فزارنا رجل مسيحي كان نازل في تلك القيصريه وهو من مدينة افيون قري حصار
~~وصار يسال رفقاتي عني فاجابوه باني حكيم فتقدم الي عندي وارواني عينه
~~الواحده وهي كانت مقرحه ومجلل عليها بياضه وصار يتوسل الي باني اكحله فحن
~~قلبي عليه واخرجت من عندي حنجور القطره التي مر ذكرها وقطرت في عينه وقلتله
~~يبقي يجي عندي باكر حتي اقطر له ايضا الي ثالث يوم خرجنا من المدينه ومضينا
~~الي الارض في البريه وكان الوقت حكم العصر لان كان معلوم عندنا بان ثاني
~~يوم الباشا بيسافر فجلست انا ورفقاتي قريب من الارضي واستقمنا نتسامر فخطر
~~في بالي فكر.
[11.82]
وقلت الي رفيقي الحلبي الذي هو حنا بن الزغبي بان جميع جماعة الباشا
~~عرفوني باني حكيم وان اتفق بان الباشا يمرض كيف بعود اعمل وانا ما بعرف من
~~الحكمه الا شي قليل فاجابني لا تخف ذلك الوقت الله بيدبرك ونحن في هذا
~~الكلام والا راينا ثنين من چوخدرية الباشا بيسالوا بعض انفار اين هو الحكيم
~~فدلوهم علينا فلما وصلوا لعندنا سالونا من منكم الحكيم فقلتله انا هو فقلي
~~قوم كلم حرم كاخياسي الباشه.
[11.83]
فنهضت وقلبي بيرتجف ومضيت معهم وكان الباشا لما راء بانه مريض وسخن دخل
~~في بيت اغة الضيعه هو وحريمه وامر بان يمضوا الي المدينه ياتوا له بجراح
~~حتي يفصده فاجابوه بان موجود معنا في الارضي حكيم فرنجي قوي معلم فقال
~~اتوني به وهذا كان السبب فلما وصلت الي ذلك الدار الذي قاطن فيه الباشا
~~رايت واقف في الباب رجل اختيار وهو حرم كاخياسي فلما امتتلت امامه قلي
~~السلامه ادخل معي حتي تشرف علي حضرة افندينا لانه مريض وما له كيف.
[11.84]
حيند اعتدرت له بان ما معي سندوق الحكمه لاني ارسلته مع مركب الي حلب
~~وانا سافرت في الطريق حتي اتفرج علي هذه البلاد فاجابني باشتنا ما هو مريض
~~انما حكمه عارض وهو ليلة انبارح دخل للقبلوجه في الليل وفي خروجه منها وهو
~~عرقان سفقه ريح بارد فصار له ورم في وجه وسخن وامرني بالدخول فدخلت معه
~~لعند الباشا وهو في بيت ونايم في الفراش فجلست علي ركبه ونصف امامه وجسيت
~~مفصله فرايته في غاية السخونه كانه في حمه عظيمه ووجهه مورم وحالته بالويل
~~وهو بينفخ مثل الثور.
[11.85]
حيند قلت الي حرمكايسي بان كان لازمني شوية دهن ورد فاجابني بان الان
~~برسل رجل الي المدينه يجيب لنا من هذا الدهن فلما سمع الباشه باني بريد دهن
~~ورد فامر الي حرمكايسي بانه يمضي الي عند الخزنادار وياخد قنينة دهن ورد
~~فرنجي الذي كان ارسله هن واحد حكيم فرنجي وهن اتنتين فيجيب واحده منهم.
[11.86]
فلما حضرة قنينة الدهن افتكرت في اني اضع معها اجزاء حتي يبين باني وضعت
~~مع الدهن غير شي فمضيت الي عند رفقاتي وتاشورت انا وحنا المذكور فاجابني ما
~~في احسن من مرهم الجادبون لانه بيفش الورم وكان معي من ذلك المرهم فقطعت
~~شقفه منه ورجعت الي عند الباشا وقلت لذلك الاختيار اتيني بصحن نحاس ففرغت
~~من ذلك الدهن وقمته علي النار والقيت داخله تلك قطعت المرهم حتي دابت مليح.
~~حيند دكيت راس الباشا علي ركبتي وصرت ادهن خدوده ودقنه وتحت دقنه من ذلك الدهن.
[11.87]
واوصيت الاختيار بانه يحمي لي منديلين فبعدما دهنته لجكته في منديل
~~الواحد والاخر ربطت فيه جبينه ورفعت راسه علي المخده فالتفت الي الباشا
~~وقلي بان راسه بيوجعه بزياده فاجبته الان بعطيك شي بطيب راسك وكان معي
~~حشيشه شكل اليانسون من مصر نافعه لوجع الراس ومجربه ففي الحال انطلقت واتيت
~~من تلك الحشيشه ووضعتها في كف الباشا وكلفته بانه يسفها وقلت لذلك الاختيار
~~بان يجيبوا لحضرة الباشا فنجان قهوه فبعدما شرب القهوه واتوه بغليون تتن
~~وفي خلوص غليون التتن استراح وجع راسه وانبسط. حيند قبلت اتكه واوصيت الي
~~حرمكايسي بان لا يطعموه شي ابدا حتي اجي اشرف عليه ومضيت الي عند رفقاتي
~~وما فات مقدار ساعه والا ارسل واحد يدعيني فلما رحت لقا لي الاختيار.
[11.88]
وقلي بان الباشا طلب اكل وانت اوصيتني بالا نطعمه شي كيف بتقول فاجبته
~~حضر له شوربه وليمونه والان بدخل بشرف عليه وبعود اقلك انكان بتتطعمه ام لا
~~فدخلت وجسيت نمطه فرايت عنده سخونه الا انها اخف من قبل. حيند قلت للباشا
~~يا سيدي ما بقدر اسمح لك في الاكل ما دام عندك سخونه اصبر قليلا الي حين ما
~~تمضي السخونه. حيند بتاكل شوربا لا غير فامتتل لكلامي وصبر بلا اكل وانا
~~مضيت من عنده الي عند رفقاتي وكانوا هيوا لنا العشا فتعشينا وشربنا القهوه
~~وكان فات المغرب فجاع الباشه وصار يطلب حتي ياكل فارسل الاختيار واحضرني
~~الي عنده وقلي بان الباشا ما عاد يصبر بيريد ياكل فدخلت الي عنده فرايته
~~محصور لانهم تعوقوا عليه في احضار الاكل فبركت علي ركبي وجسيت نمطه فرايت
~~فلت عنه السخونه.
[11.89]
حيند قلت للاختيار بان يحضروا الشوربا وليمونة ففي الحال جابوا چنق صيني
~~كبير شوربة دجاج وصحن صيني فيه دجاجه. حيند وضعت من ما تلك الليمونه شي
~~قليل علي الشوربا وكلفته بانه ياكل فاكل من تلك الشوربا حتي ما فضل في
~~الچنق شي وطلب بان نفسخ له الدجاجه حتي ياكلها فقلتله مهلا يا سيدي بخاف
~~عليك ليلا ترجع اليك السخونه فامتثل لقولي لكن رايته مشتق كثير للاكل فقطعت
~~جنح من الدجاجه وقدمت له حتي ياكله لا غير فالتفت الي حرم كايخسي.
[11.90]
وقله اريت كيف حكمات الفرنج بيداروا المريض. المراد بعدما اكل ذلك الجنح
~~خسلوا اياديه وجابوله فنجان قهوه وبعده اتوه بغليون تتن فراء بانه استراح
~~وزالت عنه السخونه وهذا صار بعناية الله تعالي له المجد ما هو بمعرفتي لكن
~~بالهام الله تعالي وجوده الذي دبرني في هل مصيبه. اخيرا نهضت وفكيت
~~المناديل عن وجه الباشا فرايت الورم خف وبقي منه شي قليل فرديت سخنت الدهون
~~وادهنت خدوده وحلقه وربطت المناديل كما كانوا وقبلت اتكه وطلبت منه اذن حتي
~~امضي الي مكاني. حيند قلي حضرة الباشا بتريد اني اسافر غدا فاجبته يا سيدي
~~من باكر بجي بشرف عليك وبقلك انكان بتسافر ام لا ومضيت من عنده الي محلي.
[11.91]
فلما صار وقت السلام ارسل دعاني الي عنده فمضيت ودخلت الي عند حرم كايخسي
~~وسالته عن كيفيت الباشه فاجابني بان كيفيته مليحه ونام مليح. حيند امرني
~~بالدخول معه الي عند الباشا فلما دخلنا فرايته جالس بيشرب تتن وهو بصحة
~~العافيه وما بقا فيه شي البته. حيند سالني الباشا وقلي هل بتريد اني اسافر
~~فاجبته يا سيدي الامر امرك ولكن اذا سافرت اجعل قناقك قصير يكون لاني بخاف
~~عليك من حرارة الشمس ليلا نريد عليك التحليل فقلي مليح قشعت وامر الي حرم
~~كايخسي بان يرسل ينبه علي الصرونجي باشي بان ينصب الصيوان بعيد عن هل مكان
~~بساعتين وامر بان يدقوا اول نفير وهي علامة السفر.
[11.92]
حيند تقدمت وبست اتك الباشا ومضيت الي عند رفقاتي وانا فرحان وبشرتهم بان
~~حضرة الباشا استراح وهو بغاية الصحه والعافيه فشكرنا الله جميعنا وحملنا
~~اخراجنا علي الدواب وبقينا علي هية السفر الي ان دق ثالث نفير وركب الباشه
~~وبدت النوبه تدق وسرنا الي ان وصلنا الي حيث الصيوان منصوب وهو سفر ساعتين
~~لا غير فنزل الباشا ودخل الي صيوانه ونزلت العسكر في خيامهم ونزلت انا
~~ورفقاتي قريب من خيمة الخزنادار لاننا معلومين حضرة الباشا.
[11.93]
فما لحقت نزلت عن دبتي والا باش جوخدار الباشا قدم لعندي ودعاني وقلي بان
~~حضرة الباشا بيدعوك فمضيت معه ودخلت الي الصيوان فرايت حرم كايخسي
~~باستنداري فدخلنا معا امام حضرة الباشا فرايته متكي بين وساتين فتقدمت وبست
~~اتكه واستقمت واقفا فامرني بالجلوس حداه ومد لي يده فدسيت نمطه وهنيته بصحة
~~العافيه فقلي بريد تعطيني جزء من الذي وضعته في دهن الورد لاني رايت هل
~~دهون نفعني وفش عني الورم عاجلا فاجبته سمعا وطاعه ومضيت في الحال وقطعت من
~~ذلك المرهم قطعه كبيره واتيت بها لحضرة الباشه وهي داخل قرظار نضيف فقبلت
~~اتكه واعطيته هي فانبسط. اخيرا طلبت منه اذن وخرجت من الصيوان فما لحقت
~~مشيت كام قدم والا واحد من الجوخداريه امرني بالرجوع الي عند حرم كايخسي.
[11.94]
فلما امتثلت امامه فقلي حضرة افندينا امر لك بقناق وارسل واحضر القنقجي
~~امامه وامره بان يكتب للحكيم باشي قناق وعليق دواب فسالني القنقجي كام نفر
~~انتم فاجبته باننا ثلاثه ومن ذلك الوقت لما نصل الي قصبه او ضيعه يعطيني
~~القنقجي ورقه مختومه الي شيخ الضيعه فينزلنا ذلك الشيخ في بيت واهل ذلك
~~البيت يقفوا في اودنا ويقدموا لنا عشا والي دوابنا عليق.
[11.95]
فبعد كام يوم وصلنا الي قرب مدينة افيون قري حصار التي هي منصبيت الباشا
~~عليها فنزل الباشا في مكان بعيد عن المدينه سفر يوم وبلغنا خبر بانه
~~بيستقيم في ذلك المكان خمسة ستة ايام لاجل تحصيل المال من الفلاحين وصاحبين
~~الاراضي التي هناك تحت حكمه واطلق القاطرجيه الذين اتوا معه من اسكدار
~~واعطاهم كري دوابهم واصرفهم فحضر لعندنا قاطرجينا ونبهنا بالمسير الي مدينة
~~المذكوره في هذا الليل فلما سمعت من القاطرجي هذا الكلام فردت امضي واخد
~~اذن من الباشا في السفر فمنعني رفيقي حنا المذكور بقوله لي انكان الباشا ما
~~رادك تسافر وقلك استقيم عندي وانت في حكمه ايش بتقدر ترد له جواب دعنا نمضي
~~ونخلص من هل ورطه.
[11.96]
فاصتصوبت كلامه وغيرت نيتي عن المضي لعند الباشا حضرا ليلا يصدني عن
~~السفر. اخيرا استقمنا هناك الي نصف الليل وسافرنا الي ثاني يوم حكم الدهر
~~وصلنا للمدينه فلما دخلنا داخل المدينه ونحن سايرين صدفني ذلك الرجل الذي
~~كنت قطرت له في عينه الموجوعه في مدينة اسكي شهر فلما راني اعتنقي وصار
~~يقبلني واسترحب في قوي كثير وكلفني باني انزل في بيته فابيت وقلتله نحن
~~ثلاثة انفار انما بطلب من فضلك ترينا مكان يكون مليح حتي انزل انا و رفقاتي
~~وندعيلك.
[11.97]
فمضي معنا ودخلنا الي قيصريه ودعا الاوداباشي حتي يعطينا اوضه تكون مليحه
~~عمار. حيند صعدنا معه في درج وفتح لنا اوضه وارسل ذلك الرجل الذي اتا معنا
~~وجاب لنا حصيره وسباط وفرشه من بيته واوصاني باننا لا نطبخ عشا ومضي وعند
~~المساء جابوا لنا صينيت عشاء وهو جاب معه فراغ عرق وفراغ انبيد وجلس تعشا
~~معنا الي صار هدوي من الليل وهو يقلي ما بقدر اكافيك علي الجميل الذي صنعته
~~معي وهو شفا عيني التي كانت تلفت وما عدت انضر فيها شي فاجبته اشكر الله يا
~~اخي هذا صنيع ربنا معك وهو الذي اشفا عينك لاني ما كنت اصدق بان عينك بتشفا
~~من هل قطره.
[11.98]
اخيرا استكتر بخيري ومضا الي بيته ونحن استقمنا تلك الليله في غاية
~~الانشراح الي ان اصبح الصباح وشرقة الشمس بعدما كنا فطرنا وشربنا قهوه
~~وجلسنا نتصامر والا اتانا شاب مسيحي بهي المنضر والقامه وطلب مني باني اروح
~~معه الي بيته حتي اشرف علي عينين واحد فاجبته لا يا اخي انا ما بروح الي
~~عند احد جيب ذلك الانسان الي عندي حتي اشرف علي عينه وكان السبب في هذا
~~الشاب لما سمع من ذلك الرجل باني طيبت عينه بعدما كانت تلفت وهو الذي دله
~~علي. اخيرا صار يتوسل الي باني اروح معه الي بيته فابيت وما ردت امضي معه
~~فلما عجز وقطع الامض في رواحي معه فاخدني علي جنب وقلي بان الشخص الذي
~~احكيت لك عنه هو حرمتي وهي عروسة سنه ما بيمكن انها تدخل الي قيصريه وارتمي
~~علي ايديي ويقلي كرامة الله امضي معي ليش بتخاف نحن ناس مسيحيه.
[11.99]
فلما سمعت منه هل كلام التزمت باني اروح معه وكان رفيقي حنا المذكور ما
~~بريدني ان اروح ليلا يطلع في البلد صيت حكيم ما بعود اقدر اخلص خصوصا من
~~الحكام لان في تلك البلاد الحكيم ما له ذكر ولاجل هذا السبب ما بيريدني
~~ارجع. اخيرا اخدت معي حنجور القطره ومضيت معه الي بيته ولما دخلنا ففي
~~الحال وضع امامي مايده وكلفني اتغدا معه فبعدما اكلنا وشربنا القهوه حيند
~~احضروا الصبيه وهي جميلة الحسن فتفرست في اعينها فرايتهم صحيحين النضر وما
~~باين عليهم شي البته.
[11.100]
فسالت رجلها من ايش بتشكوا من نضرها وانا علي ما يلوح لي بان نضرها ما
~~فيه كسور فاجابني الشاب بانها ما بتنضر فيها شي. حيند سالتها كيف انها
~~بتنضر الدنيا فقالت بانها بتنضرها سوده وما بتفسر الابيض من الاسود ولا
~~الرجل من الامراه فتيقنت بان دخل بوبو اعينها ماء وهذا عديم الشفا علي راي
~~ايمت الحكماء. حيند حزنت عليها ولكن لاجل تسليت رجلها قطرت في اعينها من
~~تلك القطره واعطيت الي رجلها جزء من تلك القطره حتي يبقي يقطر لها فيما بعد
~~وودعتهم ومضيت الي عند رفقاتي وانا حزين علي تلك الصبيه.
[11.101]
فرايت عندهم ناس في استنداري منهم مرضا ومنهم في وجع اعينهم ومنهم
~~بيريدوا ياخدوني الي بيوت حتي اشرف علي مرضاهم فحرت في امري كيف اعمل فصرت
~~اقطر الي بعضهم والمرضي اوصف لهم وصفات وما شاكل ذلك واصرفهم فشاع الخبر في
~~المدينه بان في قيصريت الفلانيه موجود حكم فرنجي قوي معلم فصارت الناس تجي
~~وتروح وانا افضهم بالممكن.
[11.102]
الي ثالث يوم من وصولي الي هناك فما رايت الا اجا الاوضا باشي ومعه اتنين
~~من جوخدريت متسلم البلد ودعوني الي عند المتسلم وكان السبب هو ان قبجي فايت
~~ومعه اربعين سرج وهو مرسل من قبل وزير الاعظم وفي تسليمه شاب وهو ابن اخت
~~ناصيف باشه الذي كان وقتيد باشة الحج وله صيت عظيم في الدوله لان كان جملة
~~سنين ياخد الحيج ويجيبهم سالمين الي الشام وكان طيع العرب وفتح الدرب ولاجل
~~هذا صار له نام وصيت عظيم.
[11.103]
فاتفق انه غضب علي ابن اخته المذكور وراد يقتله لاجل انه اختلس من ماله
~~الذي كان موكله عليه من معبور البلاد الذي كان متروس عليها فهذا لما بلغه
~~الخبر بان خاله امر بقتله فهرب ليلا واختفي ثم بعد ذلك سافر خفية الي
~~اسطنبول والتجي عند الوزير واحكاله قضيته فحن عليه الوزير ولجاه ومن بعد
~~حين سمع خاله بانه ملتجي في الدوله فغتت عليه كيف انه فلت من يده.
[11.104]
فلاجل هذه النكايه مسك خزينه مصر سنتين وارسل يقول للوزير ما برسل
~~الخزاين حتي ترسلي ابن اختي لان لي معه حساب فالتزم الوزير يرسل له ابن
~~اخته صحبة قبجي باشي بانه يواجهه مع خاله ويرجعه معه الي اسطنبول سالم وحدد
~~عليه هل قدر ايام في مده سفره من غير تعويق بموجب خط شريف من يد الملك فهذا
~~الشب من فزعه ليلا في وصوله لعند خاله يقتله لانه ما كان يستهاب من الوزير
~~ولا من الدوله فزاد عليه الوهم والرعب فمرض في الطريق وما عاد يمكنه انه
~~يركب فحار فيه القبجي وارسل واحد من طرفه الي عند حاكم افيون قري حصار يطلب
~~منه بانه يرسله جراح حتي يفصد المريض الذي معه.
[11.105]
فلما وصل البصطنجي المرسل دخل لعند المتسلم وطلب منه بان يرسل معه جراح
~~واحكاله في قضيت ذلك الشاب. حيند امر المتسلم بانهم يحضروا واحد من
~~الجراحاتيه يكون معلم وبالصدفه التقا عنده في ذلك المحل امام الباشا الذي
~~كان سبق ودخل للمدينه ونزل في صراية الباشا في منزوله المعين له فهذا في
~~ذلك الوقت قال للمتسلم بان اجا معنا من اسطنبول حكيم فرنجي معلم وهو الذي
~~حكم الباشا لما مرض في الطريق وطيبه فلما سمع البسطنجي قال للمتسلم انا
~~بروح بطلبه من حضرة الباشا فناس من جماعة المتسلم الذين كانوا وقوف هناك
~~قالوا للمتسلم بان حكيم الفرنجي الذي اجا مع حضرة الباشا هو هاهنا نازل في
~~فلان قيصريه فامرهم المتسلم بانهم يمضوا ويحضروه امامه.
[11.106]
وهذا كان سبب مجي هل اتنين لعندي وامروني بالمضي معهم الي عند حضرة
~~المتسلم فلما سمعت منهم هذا الكلام ارتعبت قوي كثير وضنيت بان الباشا طلبني
~~وما راني ارسل امر المتسلم في مسكي لاني مضيت بغير اذنه. حيند نهضت ومضيت
~~معهم وانا في بحر من الافكار وكثر علي الوهم والرعب ليلا يكون امره بانه
~~يضربني عصي او يلقيني في الجنزير وما يشبه ذلك من الافكار السوداويه.
[11.107]
فلما وصلنا الي الصرايا وانا مقطوع الضهر وغايب عن صوابي فامتثلت امام
~~المتسلم فرايت حداه امام الباشا فتحقق عندي الامر ومن ذلك الجانب جالس رجل
~~بسطنجي. حيند سال المتسلم للامام هل هذا هو الحكيم فاجابه نعم فالتفت الي
~~المتسلم وقلي بان قبجي باشي فايت قريب من البلد ومعه رجل عزيز فمرض في
~~الطريق وارسل هل بسطنجي لعندنا يطلب حكيم فالتفيت انت بامرك تروح معه حتي
~~تشرف علي هذا المريض.
[11.108]
فلما سمعت منه هل كلام رجعت روحي الي لاني كنت مضيع الحواس. حيند استعدرت
~~من حضرة المتسلم بقولي له بان ما معي سندوق الحكمه حتي احكمه ايش هي
~~الفايده في رواحي وهو في البريه مكان ما بينوجد شي لاجل حكمته وعلاجه فعاد
~~قلي المتسلم انته روح لاجل خاطر القبجي واعمل ممكنك وهذا بينوبك من خير
~~وصار ايضا البسطنجي يتملقني ويوعدني بالعطا الزايد فاجبتهم ما بيمكنني
~~الرواح. حيند التفت امام الباشا وقال للمتسلم بانه لا يلزمني بالمضي لان
~~حضرة الباشا له نضر عليه.
[11.109]
حيند امر المتسلم بان يحضروا جريحاتي وارسله مع ذلك البسطنجي واطلقني
~~فرجعت الي عند رفقاي وانا فرحان كيف اني خلصت من هل ورطه واحكيت لهم
~~بالمجراويه كيف تمت. حيند راح رفيقي حنا المذكور الي عند القاطرجي وقله
~~انكان انت ما بتسافر حتي نستكري من غير ناس فاجابه بان في قفل مهيا الي
~~قونيه وانا كريت دوابي وبعد غدي من كل بد منسافر حضروا شغلكم فاستقمنا تلك
~~اليومين ونحن خايفين ليلا الباشا يطلبني فبعد تلك اليومين سافر القفل ونحن
~~صحبته الي ان وصلنا بقرب مدينة قونيه.
[11.110]
ونحن سايرين في الطريق راينا قبجي باربعين سرج فايت من بعد فانفرق منه
~~واحد واجا الي القفل وسال عن كروان باشي من هو فدلوه علي قاطرجينا فلما وصل
~~لعنده قله من قبل القبجي بان الحكيم الفرنجي الذي هو مع القفل بيطلبه منك
~~في قونيه وقله بالك ثم بالك تخليه يضيع عن نظرك لانه ان غاب بيصير لك مضره
~~عظيمه من حضرة القبجي فاجابه القاطرجي سمعا وطاعه.
[11.111]
فمضي ذلك البسطنجي الي عند اغته ودخلوا للمدينه قبلنا لانهم راكبين كدش
~~منزل وكان السبب هو ان البسطنجي الذي اجا عند المتسلم وطلب جراح فراني
~~وكلمني هناك فلما مر من علينا القبجي فعرفني ذلك البسطنجي واحكي للقبجي عني
~~بان هذا الذي ما راد يجي معي. حيند امره القبجي بان ينبه علي الكروان باشي
~~بانه يدير باله ليلا اغيب عن نضره الي محل ما يطلبني فلما احكالي القاطرجي
~~هذا الكلام اخدني الرعب ايضا كيف اني ما بخلص من واحده بقع في الاخره
~~فاتكلت علي الله وسلمت الامور لله تعالي.
[11.112]
فسرنا في الطريق الي ان وصلنا الي مدينة قونيه فامرني القاطرجي باني امضي
~~معه حيث بينزل لانه هكذا وقلي لاني هكذا انا مامور من حضرة القبجي فدخلنا
~~معه الي اخور حيث ربط دوابه فما لحقنا وصلنا والا جاني شاويش من قبل حاكم
~~البلد ومعه واحد بصطنجي من جماعة القبجي وامروني بالمضي معهم الي عند حضرة
~~القبجي فسرت معهم الي ان وصلنا الي قناق القبجي فاصعدوني في درج ودخلوني
~~امام القبجي.
[11.113]
فلما امتثلت امامه فنضر الي بعين الغدر وقلي لماذا ما ردت تجي مع تابعي
~~من افيون قري حصار. وقتيد ارتميت وقبلت اتكه وقلتله العفو يا سيدي ان الذي
~~منعني عن اني اتشرف بحضرتكم هو ان ما معي سندوق الحكمه وبغيره ما بقدر احكم
~~احد وهذا كان السبب وعزيز حياتك. حيند روق وامرني بالجلوس واسقوني فنجان
~~قهوه وبعده صار يحكيلي قضيت المريض الذي هو معه مثل ما مر الكلام سابقا.
~~حيند قلي بملاطفت الكلام وحرضني باني انزل لعند المريض وعالجه وابدل كل
~~جهدي باني اطيبه عاجلا لان ايامه معدوده علي من السلطنه فاجبته علي الله يا سيدي.
[11.114]
حيند امر واحد من خدامه بانه يمضي معي الي عند المريض فلما دخلت وجدت هذا
~~الشب المريض ملقح علي الفراش وهو بينفخ مثل التنين فلما تفرست فيه رايته
~~وهو في حمه محرقه وسخونه عظيمه كانه ملقي في اتون نار فحرت في امري كيف اني
~~بقدر اعالج هل محموم وفي ذلك الوقت الله تعالي له المجد الهمني في اشيا ما
~~هي في بالي فطلبت من خادمه الموتمن عليه بان يحضر لي حجر بازهر وما الورد
~~فاجابني ما له وجود عندي واخرج اعطاني كيس ملان من المعامله وقلي امضي
~~واشتري من المدينه الذي بتريده.
[11.115]
فما قبلت اخد الكيس عنه بل قلتله اعطيه الي واحد من جماعتك يمضي معي الي
~~السوق حتي اشتري الذي بيعوزنا. حيند ارسل معي اثنين من جماعته جوخداريه
~~فمضينا الي السوق فصرت اسال لاهل السوق علي حجر بازهر فما انوجد عند احد.
~~حيند افتكرت ماذا اسقيه عوض البازهر فاشتريت جمله من البزورات وطمر هندي
~~واجاس وما الورد ورجعت راجعا الي القناق وقبل ما اخرج من السوق فتقدم الي
~~واحد رجل من اولاد البلد وقلي بتريد حجر بازهر قلتله نعم فقلي في موجود عند
~~واحد ولكن لاجل الذين معك ما بيريد يظهره خوفا ليلا ياخدوه ناقص من ثمنه.
[11.116]
فلما سمعت منه هل كلام اعطيت البزورات الي واحد منهم وامرته بانه يمضي
~~الي القناق ويدقوا البزورات وينقعوا الثمر هندي والاجاس والاخر الذي معه
~~كيس الخرجيه امرته بانه يقف من بعد يستناني فمضوا الاثنين كما امرتهم
~~والتفيت الي ذلك الرجل وقلتله يدلني اين يوجد هذا الحجر فاجابني امشي معي
~~فتبعته.
[11.117]
حيند دلني علي رجل اختيار جالس في دكانه وقلي هذا الرجل موجود عنده
~~مطلوبك ومضي فتقدمة الي عند ذلك الاختيار وطلبت منه حجر المذكور فقلي عندي
~~لكن بتشتريه بثمنه اجابته نعم حيند فتح سندوق واخرج منه علبه داخلها خمسة
~~حجار فنقيت احسنهم وهي حجر زيتونيه فطلب في حقها خمسة عشر غرش والنتيجه
~~فصلتها منه باثني عشر غرش ومضيت الي ذلك الجوخدار وامرته بان يعد له
~~المبلغ.
[11.118]
واخدنا الحجر ومضينا الي القناق ففي الحال حكيت من ذلك الحجر فنجان كبير
~~واسقيته الي المريض وبعده استحلبت من تلك البزورات شاهكاسه واسقيته هي
~~ووضعت خل وما الورد في انا وامرتهم بانهم يدهنوا اطرافه بذلك الخل والما
~~ورد وبعده نقعت من الثمرهندي والاجاس المارداني وصرت وقت اسقيه من البزورات
~~ووقت اخر اسقيه من الماء طمر هندي ووقت اسقيه من الحجر البازهر ولا زلت
~~اسقيه من هذه الامياه الي حين المساء فرايته استراح وفكت عنه السخونه وفتح
~~عينه وجلس مستوي في فراشه. حيند طلب غليون تتن وفنجان قهوه فسالته عن
~~كيفيته.
[11.119]
فقلي الشكر لله برا حالي اني استرحت. حيند ودعته واوصيت خدامه بانهم لا
~~يطعموه شي البته غير تلك الميات وخرجت من عنده حتي اروح الي عند رفقاتي
~~وقبل خروجي من باب المنزول والا واحد من جماعة القبجي امرني بالرجوع الي
~~عند القبجي فرجعت معه وصعدت في ذلك الدرج ودخلت الي عند القبجي فسالني عن
~~حال المريض فاجبته الحمد لله استراح قوي انبسط ذلك الوقت وقلي بيمكن نهار
~~غدي نسافر اجبته باكر برد عليك الجواب انكان استقام علي ما هو الان بيمكنك
~~تسافر فيه. حيند طلبت منه اذن حتي امضي الي منزولي فما رضي وامرني بالجلوس
~~وامر بان يجيبوا لي قهوه وغليون تتن.
[11.120]
فبعدما شربت القهوه فصار يسالني من اي بلاد انت اجبته انا من بلاد حلب
~~وابي حكيم في حلب واسمه بيداو فلما مات ابي وكنت ولد زغير فارسلوني الي عند
~~عمي الذي هو في مدينة مرسيليا في بلاد الفرنساويه فلما تعلمت الحكمه هناك
~~طلبت الرجوع الي بلادي فجيت في مركب الي مينة ازمير ومن هناك قصدت الفرجه
~~علي مدينة اسطنبول ومن هناك رت اسافر في البر الي حلب لاجل الفرجه وسندوق
~~الحكمه ارسلته في البحر الي حلب والان انا ماضي الي بلادي حلب.
[11.121]
فاجاب وقلي انا كنت كمركجي في حلب وكان لي اصحاب من تجار الفرنساويه وهن
~~خواجه سيرون وخواجه بازان وبنفاي وروس وسيمون واخص اصحابي كان واحد يسمي
~~خواجه رنباو وكان يلقش تركي وكنت كثير اوقات ازوره واشرب من عنده عنبريه
~~وكان عنده مخزنجي اسمه انطون كان يجبلي العنبريه فلما سمعت منه هل كلام
~~تغيرت الوافي وضنيت انه عرفني وتباين له باني كداب لان خواجه رنباو المذكور
~~هو معلمي ومعلم اخي انطون وانا الذي كنت اخد له العنبريه واقف في خدمته وفي
~~الباين تغيرت عليه وما عرفني لاني في ذلك الوقت كنت ولد ابن اثني عشر سنه
~~ونيف وشكرت الله تعالي الذي ما عرفني. اخيرا طلبت منه اذن حتي امضي الي قناقي.
[11.122]
فقلي امضي ولكن اغبش في قيامك وتعال الي هاهنا حتي تشرف علي هذا المريض
~~حتي نسافر من كل بد فقلت له علي الراس ثم العين ومضيت من عنده الي عند
~~ارفاقي وكانوا في استنداري وبقي بالهم عندي ثم احكيت لهم بجميع الذي جري من
~~الاول الي المنتهي وشكرنا جميعنا الله تعالي علي اعتناه فينا وبعده رقدنا بسلام.
[11.123]
الي ان مضي من الليل نصفه او اكثر فاجاني اثنين جوخداريت المريض ونبهوني
~~وهن ملهوفين وقالولي اعجل في المضي لان الشاب قارب الموت فخرجت من حجرتي
~~ومضيت معهم وانا مضيع الحواس وصرت اسالهم والج عليهم بان يقولوا لي ما هو
~~السبب حتي رجعت الحمه اليه فما امكن يجيبوني بالصحيح انما واحد منهم اقترب
~~الي وقال لي سرا بان الاغا بعد خروجك من عنده امر بان يجيبوله تلج واكل منه
~~مقدار اقه والذي فضل منه وضعه علي سدره وفوق معتته فصار عندي معلوم اصل
~~اندكازه وبقي في يدي عدر كافي لتخليص ذاتي من القبجي.
[11.124]
فلما انتهينا الي ذلك المنزول دخلت الي عند المريض فرايته في حاله يرثي
~~اليها وعادة اليه الحمه الطاق تنين عن الاول وهو في حال التلف. حيند بينت
~~علي حالي باني متعجب كثير وسرت اسالهم ما الذي اطعمتوه وماذا فعل قولوا لي
~~الصحيح فنكروا علي جميعهم وقالوا ما اطعمناه شي ابدا. حيند قلت الي ذلك
~~الدي هو موكل عليه انا ماني نبي حتي اعرف انكان ما بتسدقني والا الرجل بموت
~~وبتكون خطيته في ارقابكم.
[11.125]
فلما سمع هذا الكلام اخدني علي جنب وقلي سرا لان اتوسل اليهم المريض بان
~~لا يقولوا لي وقلي بانه اكل ثلج ووضع منه علي صدره وهذا كان السبب ولكن
~~بحياتك لا تخبر القبجي بهذا ليلا ينتقم منا والشي صار. اخيرا امرتهم بان
~~يستحلبوا من البزورات واسقيته فنجان كبير من حجر البازهر وصرت اعالجه
~~كالاول الي ان اصبح الصباح وسمع القبجي بان رجع مرضه اليه فاغتاض قوي كثير
~~وارسل فاحدرني امامه وهو مغضب ونضر الي بالزجر وقال لي هل انك كدبت علي
~~انبارح بقولك لي بانه استراح والان بلغني خبر بانه اشتد فيه المرض اكثر من
~~الاول هل انك ضحكت علي .
[11.126]
فانا لما رايته مغضب وراد ينتقم مني فالتزمت حيند احكي له بالذي جري في
~~هذا الليل وكيف انه اكل تلج ووضع منه علي سدره كما احكولي فلما سمع مني هل
~~كلام اشتد بالغضب عليه وقال لي انا بسافر فيه وان مات بربطه من اجريه وبخلي
~~يجروه مثل الكلب ولا انا بخاطر براسي. حيند ارتميت علي اياديه واتوسلت اليه
~~بانه يصبر عليه ذلك النهار لعل انه يستريح شويه ثم يسافر فيه ورجعت اعالجه
~~بالمستحلب وغيره الي ان امسا المسا فاستراح عن قبل قليل.
[11.127]
وكان القبجي امر بان يهيوا له تخت روان حتي يركبه فيه وبسافر ثاني يوم
~~وارسل فاحضرني امامه وقلي حتي اروح معه الي الشام حتي اعالج المريض في
~~الطريق فقلت له سمعا وطاعه. حيند قلي امضي الليله حضر شغلك حتي غدي تسافر
~~معنا فمضيت الي عند ارفاقي واحكيت لهم باني بسافر مع القبجي الي الشام.
[11.128]
فما رضي رفيقي حنا ومنعني عن الرواح بقوله لي بان بخاف ليلا يعرض لهذا
~~المريض في الطريق شي او انه يموت وخاله بيكون ناصيف باشه ويقولوا بان
~~الحكيم صار سبب موته ايش بيعود يخلصك من ايدي ناصيف باشه بلا شك ما بيعاملك
~~الا بالقتل وانكان وصل بالسلامه ما بتخاف ليلا يمتحنوك الحكما هناك وانت ما
~~بتعرف في الحكمه بشي ابدا كيف بيسير فيك ذلك الوقت وبتكون مصيبتك اعظم.
[11.129]
النتيجه وعظ علي في كلام وغيره وكبر علي الاوهام وانا بقيت في حيره لاني
~~اعطيت للقبجي قرار باني بروح معه فاستقمت تلك الليله وانا في بحران كيف
~~وايش برد جواب للقبجي الذي هو بمقام وزير فلما اصبح الصباح سمع قاطرجينا
~~والذين مستكرين معه بان القبجي ماشي ومعه تخت روان فجميعهم هموا بالسفر معه
~~وقالوا نحن منفارقه في انطاكيه ومن هناك منمضي الي حلب وصاروا يحملوا كدشهم
~~واخدوا زوادهم وهموا علي السفر وفي دلك الوقت ارسل القبجي ودعاني فلما دخلت
~~الي المنزول رايت التخت روان والخيل مسروجه وهن علي هية السفر.
[11.130]
فلما راني القبجي قلي فين خرجك ها انا امرت لك بفرس نشيط امضي في الحال
~~وجيب خرجك وحوايجك وتعال وانا في استندارك فمضيت حتي اجيب خرجي وارجع اسافر
~~فرايت الذين كانوا مهايين للسفر معنا بطلوا فسالت ماهو السبب فاجابني واحد
~~منهم وقلي في الاول عرفنا بان يمكنا نمشي مع التخت روان لكن واحد اختيار
~~نصحنا بقوله لنا بان القبجي بيغير في كل ساعتين كدش في اي مكان دخل يحضروا
~~له مركوب وبياخد سفر يومين بيوم هل كدشكم بيضاينوا يمشوا معه ولاجل هذا
~~السبب عدلنا عن السفر.
[11.131]
فلما سمعت منه هل كلام تغيرت نيتي عن السفر لاني كنت مسترجي باني افارق
~~القبجي في انطاكيه وبختفي عن وجهه فلما رايت اني بسافر وحدي معه فغيرت
~~النيه ورايت لي حجه برضي فيها القبجي فمضيت الي القناق فرايت ركبوا المريض
~~في التخت اروان وجماعته حوله مجتمعين وهن في استنضاري. حيند صعدت الي عند
~~القبجي وقبلت اتكه واستعدرت منه بان ما لي قوه اركب في منزل لاني بموت في
~~الدرب وسرت اتوسل اليه بانه يعفيني لان ما لي مقدره علي هذا السفر.
[11.132]
فالله تعالي حنن قلبه علي وقلي ما بيلزم امضي في حالك وفي حال ركب جواده
~~وخرج من المنزول واما المريض وجماعته ساروا يملقوني بقولهم لي ها نحن
~~جميعنا منداريك في الطريق لا تخاف واغتهم المريض اكد لي بقسم باني وصوله
~~للشام بيوهبني فرس وبيرسلني للقدس بغير كلفه وبيعطيني اجره وافره لكن كنت
~~فزعان من قول حنا لي ليلا يصيبني مصيبه فابيت عن الرواح فلما ايس من رواحي
~~معه غضب وانحصر مني قوي كثير وامر العكامه بالمسير. حيند التفت اليه
~~جوخداره وقله بانه يعطيني بخشيش فمد يده الي كيس خرجيته وكمش والقا الدراهم
~~التي في يده علي الارض بحرده وغيض فلموه من علي الارض واعطوني اثني عشر تلت
~~ابو كلب ومضوا في طريقهم.
[11.133]
وانا سرت الي عند رفقاتي واستقمنا في قونيه خمسة ايام بعد رواح القبجي ثم
~~بعده تهيا قفل الي حلب فرافقناه الي ان وصلنا الي قرب ادنه وهناك بوغاز ديق
~~ما بيجوز فيه الا واحد بعد واحد وفي ذلك المكان بيجلس اغة السبنج حتي ياخد
~~من الورادين السبنج وهو غرشين الا ثلث علي كل انسان اتي من تلك النواحي من
~~النصارا فقط فلما وصلنا الي ذلك البوغاز وقفوا جماعة ذلك الاغا وردونا عن
~~المسير حتي نعطي اسبنج.
[11.134]
فبعد ما اخد من رفقاتي ومن غيرهم التفت الي وطلب مني بان اعطيه واخد منه
~~طسكره مثل ما اعطا للغير فاجبته علي الفور قايلا ان كان بعطي الي سلطانك
~~خراج بعود بعطيك اسبنج فتفرس في وسال عني للذين كانوا معي من يكون هذا
~~الرجل فاجابوه هذا حكيم فرنجي فسدقهم لانه راء ملبسي وشعر راسي وحلاسي
~~مغير. حيند استرحب في وامرني بالجلوس بقوله لي ما عرفتك لا يحصل مواخده.
[11.135]
وبعد انتها واخد من الجميع اطلقنا فركبنا كدشنا وسافرنا ولا زلنا سايرين
~~حتي وصلنا الي جسر مصيص وكنت انا سابق القفل فلما قربت من الجسر رايت اثنين
~~جوخداريه تعارضوني وكلفوني باني ادخل لعند اغتهم وهو اغت مصيص فظننت بان
~~احد تعاون علي بان ماني فرنجي فانوهمت وما اردت ادخل معهم الي حين ما يصلوا
~~رفقاتي واسلمهم مركوبي اعني كديشي فاصطبروا وما عملوا علي زور وكان السبب
~~هو ان اغتهم فيه وجعه واخد خبر بان في القفل موجود حكيم فرنجي فارسل هل
~~اتنين حتي اذا وصلت الي عندهم يدخلوني الي عند اغتهم وبيت الاغا هو بقرب الجسر.
[11.136]
فلما وصلوا رفقاتي سلمتهم كديشي ودخلت مع تينك الاثنين امام ذلك الاغا
~~الذي هو حاكم البلد فلما امتثلت امامه فاسترحب في وامر الخدام بان يشلحوني
~~جزمتي. اخيرا دعاني حتي اجلس حداه وامر بان يجيبولي فنجان قهوه وغليون تتن
~~فاخدني العجب وصرت افتكر ما هو سبب هذا الاكرام والاناسيه معي من رجل عالي
~~شان وحاكم البلد وانا في هذه الفكره حيند قلي قرب لعندي فدنيت منه وهو يقلي
~~امان يا معلم خلصني من هذه الوجعه وايش ما طلبت بعطيك فقلتله ما هي وجعتك
~~فكشف حيند عن ساعده فرايت لحمه مهري وكان ذلك الوجع قعطال هاري جسده وامعاه
~~وبشرته فلما رايته في هذه الحال صرت اتاوه امامه وارويته باني عرفت الدا
~~لكن ما هو موجود معي الدوا فزاد علي بالتوسل.
[11.137]
فاجبته لا تخاف انا بوصفلك شي تدهن فيه جسدك من خارج حتي ينشف جراحتك
~~ولكن باطنك بيلزمه تركيب معجون خصوصي لهذا الداء والان ما هو موجود معي
~~انما في حلب بركب لك هو لانه من جملة عقاقير ما لها وجود في هذه البلاد فان
~~كان لك صاحب ارسله لعندي في حلب وانا بعطيه مرطبان من ذلك المعجون فاذا
~~استعملته قبل ما يخلص بتكون شفيت من هذا المرض لانه شي مجرب.
[11.138]
فسالني في اين بتوجد في حلب اجبته بان دكاني في خان ابرك اذا سال عني
~~فيراني هناك. اخيرا قلي ما هي الوصفه التي قلت عنها فاجبته خد من حجر الجاز
~~الذي بيسما بلسان التركي كوزضاشي بمقدار خمسين درهم وانقعه في الماء داخل
~~انا زجاج وبعد اربعة وعشرين ساعه حتي يكون حل خد من ذلك الماء في فنجان وبل
~~شاشه وامسح قروحك وهذا بينشف عنك هل مواد والليله ارسل لعندي للقفل من طرفك
~~رجل حتي ارسلك من عندي حب تستعمله علي ثلاث مرات عند النوم وبرسلك شويت
~~ضرور تكبس بها قروحك.
[11.139]
وقتيذ نهضت وطلبت منه اذن ومضيت حيث كان نازل القفل وهو ذلك الناح من
~~الجسر علي حفت الماء الي عند ارفاقي ولما حان وقت المساء افتكرنا ماذا
~~نتعشا وفي ذلك الوقت اتانا من عند الاغا صينيت عشا مكلفه ثلاثة الوان
~~وكلفونا الخدام حتي نتقدم ونتعشي فجلسنا علي ذلك المرج امام النهر وتعشينا
~~عشوه مشبعه. اخيرا نهضنا وخسلنا ايادينا وشكرنا الله تعالي علي ما انعم علينا.
[11.140]
وبعده جانا ابريق قهوه من عند المذكور ايضا فبعدما شربنا القهوه فقلي ذلك
~~الجوخدار الذي جاب لنا ابريق القهوه بان الاغا بيسلم عليك وبيقلك تعطيني
~~الذي وعدته فيه فاجبته علي الراس والعين وفي الحال فتحت الخرج واخرجت خمسة
~~عشر حبه منقيه وكان معي مستحضر لاجل القروحه شب محروق فصريت في ورقه شويه
~~منه واعطيته لذلك الجوخدار واعلمته كيف يعمل فيه وهو انه بعد ما يكون اندهن
~~بذلك الماء يضع من هذا الضرور علي قروحه ويكبسهم حتي ينشفوا عليه والحب في
~~كل ليله عند النوم يبلع خمسة حبات واطلقته.
[11.141]
وبتنا تلك الليله في ذلك المكان ونصف الليل سافرنا وما بعرف كيف صار في
~~ذلك الاغا ولا زلنا سايرين حتي وصلنا الي ايلة ادنه تسما ايلة رمضان وهي في
~~صحن جبل وذلك الجبل مشحون من الاشجار وعيون الماء وهو مكان كانه فردوس ارضي
~~وقبل وصولنا لهذا الجبل كنا مرينا علي قصبه تسما اركلي وهذه القصبه ايضا
~~تشبه هذا المكان كانه بستان من كثرة الاشجار والمياه الموجود فيها.
[11.142]
فلما دخلنا الي تلك الايله نزلنا هناك فكنت تري كانها مدينه مسكونه لان
~~كل صاحب عيله عامل له بين الاشجار ستار ومجلس حريمه واولاده لان في فصل
~~الصيف من شده الحر والغم الذي بيصير في مدينة ادنه بيخرجوا كل اهلها الي
~~هذه الايله بيقضوا صيفيتهم هناك وكل من هو في كاره البياعين والشراين
~~والخياطين والنجارين وما يشبه ذلك من الاصناف حتي موجود سوق وفيه موجود كل
~~شي مثل ما موجود في المدينه عينها.
[11.143]
فبتنا تلك الليله في ذلك المكان ونصف الليل توجهنا الي مدينة ادنه وفي
~~دربنا وجدنا رجال ونساء واولاد متوجهين الي الايله في هذا الليل وشاعلين
~~فنارات كانهم في سيبانه. المراد ضحوة نهار دخلنا الي ادنه ونزلنا تحت الجسر
~~في احد القناطر الناشفات وهذا الجسر له اربعين قنطره وعمارته ما رايت مثلها
~~في كل دورتي لان اصغر حجر التي معمره فيه بقد قبر فرنجي شي بيفوق الوصف
~~وكانت اعتنت في عمارته الملكه هيلانه ام قصطنين الملك وعمرت غير جسوره ايضا
~~ورصيف حجر من اراضي اسطنبول الي ان وصلت الي مدينة القدس الشريف وعمرت
~~ابراج في المين وخبرها مستطيل نعدل عنه.
[11.144]
فلما نزلنا تحت تلك القناطر وبعد حصه اجا الينا رجل نصراني ومعه واحد
~~بكاسم جوخدار حتي يري انكان احد منا ما اعطا اسبنج في ذلك البوغاز المذكور
~~وصار يقلنا اروني اوراقكم فكل منهم ارواه ورقته وبعده اتقدم الي عندي وانا
~~كنت متكي حتي ارويه ورقتي فقالوا له جماعة القفل ارجع عنه هذا حكيم فرنجي
~~ما بيعطي اسبنج ولا اغة مصيص قدر ياخد منه بل وجبه واكرمه.
[11.145]
فرجع في الحال وما عاد قرب صوبي فاستقمنا ذلك اليوم في ذلك المكان وعند
~~غروب الشمس رادوا القاطرجيه يمشوا بنا فسالناهم لماذا بدكم تسافروا قبل
~~الوقت فاجابونا باننا مقبلين علي باب العتم يسما قرانق قبي وهذا المكان
~~ملطا حراميه بدنا نجوزه في هذا الليل ليلا يصدفنا احد منهم فطعنا امرهم وكل
~~منا ركب كديشه وسرنا في هذا الليل الي ان وصلنا الي هذا الباب المذكور وهو
~~معمر من حجر اسود وداخله مقتم عتم شديد والذي بيدخل اليه بيرتعب فهون الله
~~وخرجنا من ذلك الباب وصرنا ننزل في نزول ومن علي يميننا جبل شامخ وعرمان
~~اسجار ومن علي شمالنا هيش عظيم ووراه البحر.
[11.146]
فاستقمنا نمشي ونحن فزعانين الي قرب نصف الليل. حيند انحدرت البروده
~~والندا من رطوبة البحر حتي كنت تري الندي نازل علينا مثل الدبس ولا عدنا
~~نقدر نفتح اعيننا من ذلك الوخم الكتيف حتي ان الراكبين يقعوا من علي ضهور
~~خيلهم والفقير ما عدت اقدر اضاين من النعس الذي استولي علي فسقت جوادي
~~وسبقت القفل حكم ميل ونزلت من ضهر الجواد الي الارض وحت عن السكه قليلا
~~ودخلت في ذلك الارمان ولفيت رسن الكديش علي زندي وانتكيت نمت غير مبالي من
~~شي من شدة النعس.
[11.147]
ففي الحال غرقت في النوم فمر القفل وانا نايم اما الكديش لما راء رفقاه
~~الكدش مروا من عليه فصار يصحن وانا برا في منامي بان الكديش بيصحن وانا
~~غرقان في النوم فلما انقطع فاضج القفل وبعد عني فالكديش بيريد يلحق رفقاته
~~الكدش. حيند نتر رسنه حتي يمضي ولما نتر رسنه انتبهت واعطيت داني لعلي اسمع
~~جراس الكدش فما سمعت شي من هذا بل الكديش من كل قوته يجرني حتي يلحق رفقاته
~~وانا متبت في الرسن وما في مكان علوه حتي اعلي علي ظهره وهو لا زال يجرني
~~وانا مرعوب من ذلك المكان لاني سمعت بيقولوا بان لصوص هل مكان بيشلحوا
~~وبيقتلوا. المراد صرت استغيث في مريم العدري والقديسين وما بقا لي قوا اركد
~~مع هذا الكديش.
[11.148]
فخطر في بالي باني ادوس علي حياصته واركب فوقفت في وجهه حتي اهديه واركب
~~فما كان يمكنني بذلك بل كان يركد ويجرني معه فخارق قوتي ونويت ارخي رسنه من
~~يدي وامشي علي مهلي وكيف ما صار يصير لاني عفت حالي فما رايت الا هدي
~~الكديش وصار يمشي علي مهله وهذه كانت عجيبه من مريم العذري التي استغثت
~~فيها وملاكي الحارس فلما رايت الكديش هدي في مسيره حيند وضعت رجلي في
~~حياصته القداميه ونهضت فركبت فلما ركبت ما عاد الكديش يتضبط بل صار يركد
~~ضولي دزكين حصه فوصلني للقفل وما احد له خبر عني. حيند صحيت وطار نومي
~~وشكرت الله تعالي علي احسانه نحوي.
[11.149]
ولا زلنا سايرين حتي وصلنا الي مكان محجر فرايت في ذلك المكان شريك سهل
~~فسقت كديشي ومشيت في ذلك الشريك بعلمي باني اسبق القفل واخلص من ذلك المحجر
~~فلما انتهيت المكان وانا تابع الشريك فوصلت الي كهف جبل ... فسقت الكديش فما
~~عاد ووقف ... بالقبجه ضرب عنيف حتي يمشي فالتزم الحيوان ... ذلك الكهف وانا ما
~~داير بالي ... وانحصرنا في ذلك المكان وهو تحته ... نهر عظيم ومن جانب اليمين
~~فيه غير ... فقط باياس وكان دخولنا ضحوه من النهار ودخولنا من باب سوق باياس
~~لانه من دلك السوق منخرج برات باياس فلما تواسطنا في السوق فما رايت الا
~~رجل نزل من دكانه واعتنقني وصار يسلم علي سلام موده فاعتجبت من ذلك الرجل
~~علي هذه المحبه التي اظهرها لي من غير اني اعرفه فسالته من يكون ومنين هذه
~~المعرفه فاجابني اما بتعرفني يا اخي حنا انا ماني حنا ابن ميخاييل ميرو
~~محبك وصديقك في حلب فلما سمعت منه هل كلام فعرفته حق المعرفه ثم عانقته
~~واستعدرت منه في قلة معرفتي له وهذا كان يجي الي حلب مع والده وينزل في خان
~~العلابيه وهو خان الذي نحن قاطنين فيه وكان والده عقد شركيه مع اخي انطون
~~وكان يراسلوا الي بعضهم ومرات عديده عزمناه الي عندنا للبيت هو وابنه
~~المذكور وكان بيننا محبه عظيمه وهذا سبب معرفته في.
[11.150]
والنتيجه مسكني من يدي بعدما سلم كديشي الي واحد حتي يوصله لرفقاتي في
~~القفل الذي نزل برات ذلك السوق المذكور فلا زال ماسكي حتي وصلنا الي بيته
~~واصعدني في درج فانتهينا الي ديوان خانه وتحت تلك الديواخانه بستان علي ما
~~تمد عينك والنضر ومزروع جميعه كباد وليمون ورارنج شي بيفوق الوصف فجلسنا
~~هناك وفي الحال امر لخادمه بانه يتدارك في الغدا. حيند اتوسلت اليه بانه لا
~~يدعهم يطبخوا زفر لاني جزمت علي حالي باني ما عدت اكل زفر من دخولي الي
~~ادنه الي حين ما اصل الي حلب فزعا ليلا اتوخم فلما سمع مني هل كلام امر بان
~~يطبخوا صحن مجدره برز ويطبخوا سمك بحري وبتاريخ وما يشبه ذلك من الاكل الطيب.
[11.151]
وبعده امر بانهم يجيبوا فراغ عرق من عرق العتيق فلما احضروه فسكب وناولني
~~فنجان فلما شربته من شدة حديته انطبيت علي وجهي حصه زمانيه ونهضت وقلتله يا
~~اخي ما هذا العرق فاجابني بان هذا العرق بيدفع عنا الوخم ولو لاه كنا منقع
~~في الامراض الوخمه فاصطبرنا حصه فوضعوا المايده ووضعوا تلك الاكولات الطيبه
~~فراد حيند يسقيني فنجان اخر عرق فما شربت انما شربنا مع الغدا نبيد طيب
~~فبعد خلوصنا من الغدا فشربنا القهوه ونزلنا نتمشي في ذلك البستان الملوكي
~~فصار يقطعوا لنا من ذلك الكباد والليمون الحلو وبعض فواكي مثل رمان وخيار
~~وما يشبه ذلك.
[11.152]
فاستقمت عنده الي حكم العصر ثم ودعته ومضيت الي عند ارفاقي وبتنا تلك
~~الليله علي حفت البحر الي ان مضي من الليل نصفه ومن هناك ركبنا كدشنا وسرنا
~~الي ان وصلنا الي اسكندرونه وفتنا اسكندرونه ونزلنا عند العين واستقمنا ذلك
~~النهار هناك وبعدما قطعوا العليق الدواب مشينا ومرينا علي بيلان في الليل
~~ولا زلنا سايرين حتي وصلنا الي خان الجديد ومن هناك الي قرط قلاق ومن هناك
~~الي جسر الحديد ومن هناك الي مدينة انطاكيه نزلنا علي حفة العاصي وبتنا هناك.
[11.153]
وتاني يوم سافرنا ومرينا في سوق انطاكيه فنزلت من علي كديشي ووقفت علي
~~فرن صوصاني حتي اشتري خبز فبعدما زان لي الخبز اخرجت اعطيته حقه مصريات
~~ديواني فما قبل ياخدهم بل قالي بده جرقات وانا ما معي جرقات فانحصرت منه
~~وكمشته من زيقه واحضرته الي تحت وصرت اقله انا ماني راخيك الا قدام الحاكم
~~لانك ما رضيت تاخد من معاملة السلطان بل بتريد معاملة الفرنج فالتمت الناس
~~علينا وبالجهد حتي فلتوا يدي من زيقه واخدوا مني المصريات واعطوني الخبز
~~واطلقوني بسلام.
[11.154]
حيند ركبت كديشي وسرت وخرجت من باب بولص حتي الحق القفل فتهت عن السكه
~~ومشيت في غير سكه فما رايت حالي الا وانا بين البساتين وانقطعت السكه فسرت
~~ادور بين اشجار التوت وسواقي ماء وما عدت اعرف الدرب الذي جيت منه فحرت في
~~امري واستقمت حكم ساعه وانا بفتل بين الاشجار والقفل فاتي وبعد عني. حيند
~~داقة في الدنيا وانحصرت جدا ولكن عند الديق ياتي الله بالفرج فرايت مارر في
~~ذلك المكان رجل فلاح فاتوسلت اليه بانه يدلني علي الطريق فجاد علي وقلي
~~اتبعني فتبعته الي انه اخرجني من تلك البساتين الي امام باب بولص حيث كنت
~~وارواني سكت التي مشي فيها القفل ومضي وتركني وحدي.
[11.155]
وانا صرت افتكر ليلا في الطريق يصدفني احد اللصوص ويعريني من ثيابي وياخد
~~الكديش فاصطبرت حصه لعل اري رفقا فما احد فات فبقيت بين الخوف والرجا
~~فالتزمت بالمسير وحدي وسلمت لله الامر وسقت الكديش علي قدر ما امكنني. حيند
~~كشفت علي رجل جايي لطرفي وهذا كان اخو قاطرجينا لانهم استفقدوني في القفل
~~فما رووني فدقر قاطرجينا القفل وارسل اخوه بانه يعاود الي انطاكيه ويري ايش
~~صار في فلما قرب لعندي وراني فرح وصار يسالني ما هو السبب باني تخلفت عن
~~القفل فاحكيتله بالمجراويه كيف وقعت. وقتيد ركن قلبي واستبشرت بالسلامه
~~ومشيت معه الي ان وصلنا الي القفل واحكيت لهم سبب عوقتي.
[11.156]
وسرنا مسافرين الي ان وصلنا الي وادي بيسما وادي الجن والحق انه وادي
~~الجن لاننا قاسينا في المرور فيه مشقات عظيمه ومخاطر تلك الدروب العسر
~~المشي فيها. المراد استقمنا ذلك النهار الي ان جاز النهار حتي خرجنا من ذلك
~~الوادي واتينا الي حريم وهناك بتنا تلك الليله الي ان اصبح الصباح فسافرنا
~~من هناك ومرينا علي ضيع والاراضي شتي وبعد يومين وصلنا الي خان العسل فبتنا
~~هناك وتاني يوم دخلنا الي حلب وقبل دخولنا الي حلب صار زنزله عظيمه ما صار
~~متلها علي الحكي استقامة خمسة دقايق ونيف لكن نحن ما حسينا فيها لاجل اننا
~~كنا راكبين وفي دخولي قصدت بيت اخي الذي هو في زقاق الخل وكان ذلك في اواخر
~~شهر تموز سنه 1710 ليلا اصير فرجه.
[11.157]
اخيرا سمعوا اخوتي واخواتي حضروا لعندي وهنوني بالسلامه واحضروا لي حوايج
~~ومن هناك مضيت الي بيت اخي عبدالله وصاروا يجوا لعندي الاهل والقرايب
~~ويهنوني بالسلامه لان كان بلغهم خبر باني غرقت في البحر لاني كنت كتبت
~~مكتوب الي اخي انطون من مرسيليا باني نزلت في مركب وماضي الي ازمير ومن
~~ازمير الي حلب وبعده بلغهم خبر بان مركب اتي من ازمير الي اسكندرونه انكسر
~~وغرق كل كان فيه فتيقن اخي المذكور باني غرقت من الجمله وقدسوا علي روحي
~~لان ما عاد بين مني خبر لاني لما سافرت من ازيمر الي اسطنبول صحبة جوخدار
~~الالجي المذكور انفا ما كتبت الي اخي باني مضيت الي اسطنبول وهذا كان السبب
~~فرحهم في قدومي الي حلب بالسلامه.
[11.158]
اخيرا استقمت في بيت اخي ثلاث اربع ايام الي حين ما احضرولي حوايج حتي
~~لبست وحلقت شعر راسي ولفيت شاش وقاووق وارسلوا طيلعولي طسكره وبعده خرجت من
~~البيت ومضيت رديت السلام علي اهلي وعلي المحبين والاقارب. اخيرا نزلت الي
~~المدينه ومضيت الي عند اخي في المخزن وبعد كام يوم فتحلي اخي عبدالله دكان
~~جوخ وروس علي خالي شاهين غزاله الي مده حتي تعلمت طرايق بيع الجوخ واستقمت
~~تنين وعشرين سنه جوخجي.
[11.159]
وكان سببها كان اخي مرتاب ليلا اعود اسافر وكل هذا كان بتدبير الله تعالي
~~لان في هذه المده خطبوني وتزوجت وجالي بنين ومن المبين الواضح كان سبحانه
~~وتعالي داعيني للزيجه لان لما مضيت من حلب خفيتا كانت نيتي ارجع الي
~~الرهبنه فصدفني ذلك السايح المذكور وغير نيتي عن الرهبنه في ضيعة كفتين
~~وصار النصيب وسافرت معه الي تلك البلاد المر ذكرهم ونرجع الي ما كنا في صدده.
[11.160]
فاستقمت في دكان الجوخ وبعد سنه اجا الي حلب معلمي الذي كنت سافرت معه
~~خواجا بول لوكاز ونزل في بيت قنصر الفرنساويه فلما سمعت في قدومه مضيت الي
~~عنده وسلمت عليه وهو لما راني عانقني ثم بعده عاتبني قوي كثير لاجل خروجي
~~من عنده وما اعلمته في السبب وفي ذلك الوقت دخلوا لعنده خواجكيه فقطمنا
~~المصاحبه الي غير يوم وفيما بعد عت اختبرت سبب رجوعه الي السياحه وهو ان
~~لما اخد خبر بان الامير المذكور راسلني حتي اسوح سياحته فرفع من عقله
~~ارسالي واعطاه قرار بانه هو يمضي للسياحه علي خصيته عوضا عني وهذا كان سبب
~~مجيه الي حلب وكمالت السياحه علي خصيت ذلك الامير.
[11.161]
فبعد كام يوم عزمته حتي يزورنا ويتعشا عندنا فقبل وبعده عزمت اخوتي حتي
~~يتعشوا معه وفي تلك الايام كنت اعزب وفارشلي مربع علي خصيتي. حيند
~~اتداركتله في عشا مكلف وبعده كلفته للمجي فاجبته معي من المدينه الي البيت
~~وكانوا اخوتي حاضرين فاسترحبوا فيه في غاية ما يكون ولما صار الوقت جلسنا
~~علي المايده وبعدما فرغنا من العشا جلسنا نتصامر معه. حيند خطر في بالي
~~باني كنت احكيت له عن مرض والدتي وكيف ان عجزت الحكما عن شفاها ففي ذلك
~~الوقت دكرته عنها فامرني في حضورها امامه حتي يرا ما هو مرضها فاحضرناها
~~امامه فلما نضرها عرف ما كان فيها من المرض واطلقها وقلي ابقا ذكرني حتي
~~اعطيك شي وفيه بتستريح من مرضها.
[11.162]
اخيرا قضينا السهرانه معه الي ان صارت الساعه في العشره وكنت هيات له
~~فرشه علي قدر المراد فرقد الي ان اصبح الصباح وبعدما شربنا القهوه مضينا
~~جمله الي المدينه وكان كثير اوقات يجي لعندي لدكان الجوخ وكنت ادور معه بعد
~~الاحيان في البلد كعادته لاجل انه يفتش علي اشيا قديمه من فلوس وكتب وجواهر
~~ثمينه قليلة الوجود وما يشبه ذلك فتاني يوم لما اجا لعندي قلي خدني اليوم
~~الي سوق السياغه.
[11.163]
فلما وصلنا صار يتفرس في الاقفاص الموضوعين عند السياغ فراء في قفص واحد
~~من السياغ حجر مبخوشه يتشبه حجر العقيق فاشتراها من الصايغ بمصريتين
~~فاعتجبت منه وبعدما مرينا من تلك الدكان فسالته ما حاجتك في هذه الحجر
~~الدنيه فاجابني باني اشتريتها لاجل شفا والدتك وامرني باني اضم فيها خيط
~~واعلقها في عنق والدتي علي اللحم وهي بتشفا من مرضها فاتضحكت وقلت في بالي
~~بان عالجوها هل قدر اطبا وما شفيت كيف ان هل حجر بتشفيها .
[11.164]
المراد ما ردت اخالفه واخدت الحجر منه وفعلت كما امرني وما عدت افتكرت
~~فيها الي يوم من ذلك الاسبوع لما عاودت من المدينه احكولي بان والدتك اليوم
~~طلبت بانها تروح للحمام بعدما غيرت حوايجها وكان لها ثلاث سنوات ما راحت
~~للحمام ولا جلست معنا في المايده وما بتقدر تنام ولا تخاطب احد فذلك اليوم
~~جلست معهم علي المايده وتغدت مليح ولاقشتهم كعادتها ومضت معهم الي الحمام
~~فصاروا يتعجبوا منها كيف انها شفيت بالكليه ولما رجعت من الحمام جلست معنا
~~علي المايده واكلت بقابليه كانها ما كانت مريضه فاعتجبنا جميعنا من هذا الامر.
[11.165]
فقلت لهم لا تعجبوا هذا فعل خواص الحجر الذي علقته في عنقها فما صدقوا
~~حتي اني سالت معلمي واعلمته بانها استراحة حيند قلي وصيها بانها تدير بالها
~~ولا ترفع هذه الحجر من عنقها ليلا ترجع اليها بخار السوده وترجع كما كانت
~~لان هذا الحجر له خواص بيجدب البخار السوداويه وصار فيها كما قال بعد سنه
~~وقعت الحجر من عنقها في الحمام فرجعت كما كانت ودرت وفتشت حتي اري مثل تلك
~~الحجر فما رايت واستقام فيها ذلك الي الموت.
[11.166]
ويوم اخر اجا لعندي وصار يعاتبني بان كيف عندكم مكان يسما كناكيه وما
~~اخبرتني فيه فما فهمت كلامه وسالته ما هو المكان وكيف اخبروك عنه فاجابني
~~بان المكان هو سرداب بينفد الي مدينة عنتاب. حيند فهمت وهي الخناقيه اعني
~~مغارة العبد فقلتله وما لك في هذا المكان الخطر الموهم لان ما احد دخل وخرج
~~لان مكان مغر متسع وعتم والذي بيدخل اليه ما بيقدر يرجع لانه معوج الدرب
~~كثير ناس دخلوا وما خرجوا فقلي هل انك مضيت الي هذا المكان واختبرته هل انه
~~صحيح ام لا اجبته بان كل الناس بيخبروا عنه علي هذه الصفه ما بعرف انكان
~~صدق ام كذب.
[11.167]
حيند قلي انا بريد اختبره بالمعاينه حتي اعرف حقيقته ولكن بريد منك بان
~~ترا لي رجل اختيار يكون يعرف هل مكان ويدلنا عليه وانا بعطيه اجرته بالوافر
~~ويوم الخميس انا بمضي الي هناك تكون تجيب هل رجل معك من كل بد وسبب فاجبته
~~علي الراس والعين ومضي من عندي وانا ما اعتبرت كلامه وقلت في بالي يوم
~~الخميس بمضي الي عنده وبرفع من عقله هذا الامر.
[11.168]
ولما كان يوم الخميس باكر وانا ماضي الي المدينه كعادتي فصدفت رجل اختيار
~~نصراني كان يسما ابو زيت وهذا الرجل قديم الايام وكان في كل مدة حياته في
~~البراري كان اوقات يقدم عنب للمسيحيه لاجل الكبس وفي خلوص العنب كان صاير
~~مطرباز حطب يلاقي الي جمال الحطب من بعد وياتي فيهم الي حلب ويبيعهم فلما
~~صدفته وهو واقف علي التله في استندار جمال الحطب حيند خطر في بالي بان هذا
~~الرجل بيعرف حقيقة هذا المكان.
[11.169]
فاتقدمت اليه وحييته بالسلام وسالته هل له معرفة في مغارة العبد التي هي
~~في الخناقيه فاجابني علي الفور انا دخلتها مرار عده وبعرف مكانها لكن ما
~~انتهيت الي اخرها فلما سمعت منه هذا الكلام فرحت واحكيت له بان واحد فرنجي
~~بيريد يمضي اليها ويختبرها امضي معي الي عنده وهو بيعطيك بخشيش بالوافر اذا
~~اريته تلك المغاره فاجابني حبا وكرامه امضي بنا.
[11.170]
فمضينا جمله وكان معه رجل اخر فلما انتهينا الي الخناقيه وبعد هنيهه وصل
~~الخواجه ومعه جمله من الفرنج والخدام وكلهم مسلحين ومحملين حمل زخيره وخيشة
~~تبن فلما وصلوا الي عندنا وسالني معلمي هل رايت احد بيعرف المكان فاجبته
~~نعم ودليته عليه فانبصط قوي كثير واستكتر بخيري وقلنا لذلك الاختيار بانه
~~يروينا المكان فقال لنا اتبعوني فتبعناه الي ان دخلنا الي مغاره وسيعه
~~ومكان عالي نقر حوار بيسما قصر التماتين مكان العبد الذي كان عصي فيه.
[11.171]
اخيرا دخلنا من هناك الي ان وصلنا الي منتها المغاره فراينا باب زغير
~~منقور من جبل الحوار وداخله مغارة العبد علي ما قال لنا ذلك الاختيار فلما
~~رايناه انوهمنا وابينا في الدخول فصار يجرعنا الخواجه وامر الخدام بانهم
~~يخرجوا فنودة الشمع وكان ساكب ستة فنود شمع عسلي. اخيرا جلسنا في ذلك
~~المكان واخرجوا لنا ماكل ومشرب فبعدما اكلنا وشربنا حيند امر الخدام بانهم
~~يشعلوا فندين شمع ويعبوا كيس تبن من الخيشه فبعدما انتهوا من الذي امرهم به
~~فتقدم الي عند ذلك الباب وفرغ تبنجليه مدكوكه رصاص فكنت سمع حس دوي عظيم
~~استقام حكم ثلاث دقايق.
[11.172]
حيند جزمنا جميعنا بان ما ندخل فلما راء الخواجه ما منريد ندخل فدخل هو
~~واثنين من الخدام الواحد ماسك فند الشمع والاخر حمل كيس التبن حتي يرش تبن
~~وهو ماشي ليلا يضيع الدرب عنه فلما دخل وحده عاد صار لنا جرعه فدخلنا
~~جميعنا ما عدا ابقينا اتنين من الخدام ليحرسوا الحوايج والباب ليلا يمسكه
~~احد علينا.
[11.173]
فلما انتهينا داخل المغاره ونحن في غاية الرعب فمشيوا اتنين امامنا
~~بالفنود الموقوده وواحد اخر بيرش التبن في اثرنا ليلا نضيع عن الطريق. حيند
~~كل شي الذي قالوه لنا رايناه كذب لان الطريق ما فيه ولا عوجه بل ساوي سهل
~~وعالي وعريض عرض مايتين قدم وما راينا فيه غير عظام دواب وهو منقور من حوار
~~فاستقمنا ماشيين حكم ربع ساعه فما راينا الا الفنود اعتمت وانقطع النفس وما
~~عدنا نقدر ناخد نفس لان غم علينا المكان بسبب ما له منفس. وقتيد ارتعبنا
~~وردنا نرجع ليلا نهلك جميعنا داخل هل مكان. حيند الخواجه جرعنا وقال لنا لا
~~تخافوا المكان وسيع ما بيغم اصبروا حتي نمشي كام خطوة اخر ومنعود نرجع
~~فتبعنا كلامه ومشينا معه مقدار ماية قدم فراينا امامنا سد انما في علوه
~~منقوره من الجبل مثل مسطبه.
[11.174]
حيند الخواجه سال ذلك الاختيار لماذا بتقولوا بان هل سرداب بينفد من
~~عنتاب وها قد وصلنا الي منتهاه فقال ذلك الاختيار بان باب السرداب هو في
~~هذه العلوه فردموه بالتراب ليلا يدخل احد فيه ويهلك فلما سمع الخواجه منه
~~هذا الكلام فركب علي الكتاف واحد من الخدام وصعد الي تلك العلوه واخرج
~~بنياره ونكش ارض تلك العلوه فراها سد وهي نقر جبل. حيند تحقق بان وصلنا الي
~~منتها تلك المغاره وان الذي قالوه عنها هو كذب وانحدر وخجل ذلك الاختيار
~~وبان كذب القاياين بانها بتنفد من عنتاب.
[11.175]
اخيرا عدنا راجعين الي ان خرجنا من ذلك الباب وصرنا ندور في الخناقيه
~~مكان بمكان فسالونا الذين هم هناك بيقطعوا الحواره فاحكينا لهم عن مطلوبنا
~~فدلونا عن رجل اختيار عمره قرب تسعين سنه وقالوا لنا بان هذا الاختيار
~~بيدلكم علي باب السرداب الذي بينفد الي عنتاب لانه قديم هجره وبيعرف جميع
~~هذه الاماكن فقصدناهم بانهم يحضروا لنا ذلك الاختيار فلما حضر فاعطاه
~~الخواجه تلت غرش وقله ارويني باب السرداب الذي بينفد من عنتاب فقال
~~اتبعوني.
[11.176]
فتبعناه الي ان وصل الي مغاره من تلك المغاير الموجوده هناك واروانا مكان
~~في نزله غميقه لكنها مردومه الي فوق وقال لنا انا كنت ولد اجي مع ابي الي
~~هاهنا ورايت المدخل لهذا السرداب لكن فيما بعد امر حاكم البلد بان يردموا
~~هذا المدخل ليلا يدخل احد ويهلك وبيقول من الجمله بان جملة شباب في عرس
~~والعريس معهم اجوا يتفرجوا علي هذا المنفد فجرعوا بعضهم البعض ودخلوا في
~~هذا المنفد وما عاد خرج منهم احد فهلكوا جميعهم لانهم ضيعوا الدرب وما
~~اهتدوا ياخدوا معهم حبل طويل يربطوا طرفه الواحد في باب السرداب وطرف الاخر
~~يمسكوه معهم ويرجعوا فلما تم كلامه ساله الخواجه عن المكان الذي دخلناه ما هو.
[11.177]
فقال هل مكان في اول عماره مدينة حلب كانوا يقطعوا منه الحواره ويبنوا
~~والشاهد هو ان له قوافع ما بين كل ماية قدم قافعه يسحبوا منها قطع الحوار
~~وهذا صحيح لاننا لما كنا داخل هذا السرداب راينا قوافع مسدودات فاثني
~~الخواجه عليه الكلام بان هل مكان جميعه جبل حوار لماذا دخلوا في هل مدايقه
~~حتي يقطعوا الحوار فقال ذلك الاختيار لهذا سببين السبب الاول هو ان حوار
~~هذا المكان صلب بيضاين في العمار مثل السلب والسبب الثاني وهو الاصح بان
~~ملوك اول كانوا يستعنوا هل سراديب حتي يمشوا العسكر من تحت الارض حتي لا
~~احد يشعر بهم وكانوا يظهروا في الظاهر بانهم يقطعوا هل حواره لاجل البنا
~~وفي الباطن كانت لاجل انهم يمشوا العسكر من تحت الارض.
[11.178]
فقطع لقش هذا الاختيار عقل الخواجه وسدق كلامه ايضا بان ذاك السرداب
~~المردوم بينفد الي عنتاب. حيند تركناه ورجعنا وسعدنا الي كرم يسمي كرم
~~القليعه وهناك اتغدينا واستقمنا الي المسا وكل من راح الي حال سبيله وهذا
~~منتها خبرنا والسياحه ونستغفر الله من الزياده والنقصان.
PARATEXT|
تم ذلك في اليوم الثالث من شهر ادار سنه 1764 مسيحيه.
تم
Unknown page