تركنا المحل وذهبنا إلى المتجر متعدد الأقسام حيث اشترت فستانا من الصوف وردي اللون له أكمام تغطي ثلاثة أرباع الذراع، وأزرار مغطاه بنفس القماش، وحزام، نفس الموديل الذي اعتادت لبسه والذي يظهر جسمها الطويل مسطح الصدر جافا، خجولا، أبيا. ثم ذهبنا إلى محل الكتب المستعملة وقررنا أن تشتري كل واحدة منا هدية للأخرى. اشتريت لها كتاب لالا روخ في حين اشترت لي نسخة من كتاب الأميرة، وروت كل واحدة من كتابها للأخرى ونحن نمشي بالشارع:
الدموع، دموع التماسيح، لا أعلم ماذا تعني ...
كنا دائما طائشتين كبنات المدارس الثانوية. عندما تنعم التفكير في ذلك، هل كان هذا شيئا طبيعيا؟ كنا نختلق القصص عن كل الناس الذين نراهم بالشارع. كنا نضحك بشدة من قلوبنا لدرجة أننا كنا نضطر إلى الجلوس على مقعد انتظار الحافلة، وعندما تأتي الحافلة نلوح لها ونحن ما زلنا نضحك. كنا على حافة الجنون بحق، كانت كل منا منجذبة للأخرى بسبب حبنا لنفس الرجل، أو كنا منجذبتين لنفس الرجل بسبب حب كل منا للأخرى. اعتدت على العودة يوميا مرهقة من كثرة الكلام والضحك، وأقول لهيو: «إنه أمر مضحك، لم يكن لي صديقة كهذه منذ سنين.» •••
ذات ليلة على العشاء كانت تجلس بمقعدها المعتاد وقالت إنها تريد منا أن نخاطبها منذ الحين بمارجريت وليس مارج. مارج هو الاسم الذي يناديها معظم الناس به، الاسم الذي يناديها زملاؤها المدرسون به، حيث كانت تعمل مدرسة للغة الإنجليزية والتربية البدنية بالمدرسة التي كان هيو مديرا لها. يقولون عن مارج هونكر إنها فتاة عظيمة عندما تعرفها جيدا، إنسانة رائعة بحق، وتستطيع أن تستشف من الطريقة التي يتحدثون بها أنها ليست جميلة. «مارج اسم أبله، في الواقع مثلي، أعتقد أن مارجريت ستجعلني أشعر أنني أجمل.» قالت ذلك أثناء العشاء وفاجأتني بأمنيتها البسيطة التي قالتها بنبرة مضحكة. كنت أنا مهتمة بها كاهتمام الأم بابنتها، وكنت دائما أتذكر أن أناديها بمارجريت كما طلبت، لكن هيو لم يهتم وكان يناديها مارج. «مارجريت لها ساقان جميلتان، عليها أن تلبس تنورات أقصر.» «جسمها رياضي وعضلاتها مفتولة أكثر مما ينبغي.» «يجب أن تترك شعرها ينمو ويسترسل.» «ثمة شعر ينمو بوجهها.» «يا له من شيء وضيع لتقوله.» «إني لا أصدر أحكاما عليها، لكني أقرر حقيقة واقعة.»
إنها حقيقة، فمارجريت لها زغب ناعم ينمو بمحاذاة أذنيها، وبحواف فمها، وجهها كوجه صبي في الثانية عشرة، أشقر ويعلو وجهه النمش. مارجريت حاضرة الذهن، متقدة الذكاء، نحيلة البدن برشاقة، ومعظم الوقت خجولة. كنت دائما أقول إن هناك شيئا جذابا بها، وهيو يوافقني الرأي، إنها من نوعية النساء اللاتي تقول عنها النساء الأخريات إن بها شيئا جذابا جدا، ويتساءل هيو لماذا تقول السيدات الأخريات عنها ذلك؟ لأنها لا تمثل تهديدا.
لا تمثل تهديدا.
لماذا نفاجأ عندما نكتشف أن هناك آخرين غيرنا قادرين على نسج الأكاذيب؟ •••
كنا نستضيف المدرسين الصغار؛ الشباب المرتدي الجينز، وأيضا الشابات المرتديات الجينز أو تنورات جلدية قصيرة، ذوي الشعر الطويل، والصوت الخفيض، سلبيين لكن حاسمين. تغير المدرسون عن أيامنا. ارتدت مارجريت فستانها الصوفي وردي اللون بطول الركبة، وساعدت بتحضير القهوة وهي جالسة على وسادة جعلت قدميها تبدوان طويلتين جدا، ولم تتفوه بما مجمله عشرون كلمة طيلة المساء. كنت أرتدي فستانا من فساتيني الطويلة، ألوانه متعددة كالطاووس، لبسته لأحاول خلق جو من الألفة. كنت أمتدح نفسي، ومرونتي، وذوقي العصري، نعم، ذوقي غير المنتمي للعصور الوسطى. كنت أشعر بالتباهي بنفسي أمام شخص ما، مارجريت؟ هيو؟ لكن سعادة هيو الحقيقية كان مصدرها مارجريت، عندما يذهب الجميع. «المشكلة أنني لا أعلم إن كان بالفعل لي علاقة بهذا، لا أعلم إن كان لي علاقة بكل تلك العلاقات بين الأشخاص، أعني أنني أحيانا أعتقد أن كل ما أمر به هو من نسج خيالي ...»
كانت مارجريت تضحكني أيضا، كنت فخورة بها بالطريقة غير الأخلاقية التي يسعد بها الآباء عندما يقلد طفلهم المهذب ضيفا مغرورا رحل لتوه، لكن كانت تلك الأجواء المنعشة بلا أدنى شك تسود بين هيو ومارجريت، حقيقة. أحبها هيو لإدراكها، واستخفافها، وخداعها؛ تلك الصفات التي تبدو لي الآن أدنى من أن تكون مرغوبة. كلاهما خجول، هيو ومارجريت، كلاهما غير بارع في المعاملات الاجتماعية، ويضطربان أمام الناس بسهولة، لكنهما باردان من الداخل، أبرد من أن يتباهيا بمفاتنهما ومغامراتهما مثلما نفعل. إنهما لا يكشفان عن أنفسهما. بالطبع لن يعترف أحدهما بهذا، ولن يتحدثا عن هذا. بإمكاني أن أغرس أظافري بجلدهما ومتأكدة من أن أصابعي هي التي ستنزف لا جسديهما، بإمكاني أن أصرخ بوجهيهما إلى أن ينفجر حلقي ولن يتغير شيء من هدوئهما، بل ولن يشيحا بوجهيهما المخادع بعيدا عني. كلاهما أشقر، كلاهما يخجل بسهولة، كلاهما يسخر من غيره بأعصاب باردة .
إنهما يحتقرانني.
Unknown page