عندما قالت جانيت آخر جملة كان صوتها ينغمر بالخجل، وهو ما لم يحدث بأي جزء آخر خلال قصتها. «كان يأمل في أن أكون فرصته للخروج من البلد أو شيئا من هذا القبيل، أو ربما يكون هذا من سمات اللطف المبالغ فيه لدى العرب. كان يأتي لزيارتي يوميا إلى أن رحلت، وطلب مني الزواج ثانية، وقال إنه أحبني.»
جعلت دوروثي تفكر ما الذي لم تذكره جانيت بقصتها؟ فهي لديها خبرة كبيرة بسماع أصوات الأطفال وتستطيع أن تستشف الأشياء التي لم يكونوا صرحاء فيها. ربما تكون قد مارست الحب مع ذي العينين الزرقاوين عندما ذهب لها إلى الفندق، ربما مارست الحب مع الاثنين عندما كانوا بالمنزل، ربما أكثر من ذلك، ربما تكون أحبته، ربما تكون القصة برمتها من نسج خيالها.
قالت جانيت بلهجة اعتذارية: «أعتقد، أعتقد أني أحببته قليلا، أشياء غريبة تحدث لمشاعرك في هذه البلاد، خاصة عندما تكونين وحدك.»
وافقها بلير كينج، قائلا: «أشياء غريبة تحدث.» «بالطبع من المستحيل الجزم بما يشعر به الناس تجاهك، مستحيل.»
وخلال تلك الأمسية شربت جانيت وبلير كينج زجاجة الجين وحدهما بالكامل تقريبا. •••
استعدت دوروثي للنوم، كانت تشعر بالأرق ولكنها غير متعبة إطلاقا، مع أن ميعاد نومها قد فات من وقت طويل. وقالت بداخلها: إذا كان الشراب هو ما فعل بي ذلك، فمن الأفضل ألا أعتاد عليه. سمعت فايولا ذاهبة إلى الحمام ثم عادت إلى غرفتها وأغلقت الباب، سمعتها وهي تطفئ أضواء غرفتها، فأنارت هي غرفتها، وكانت جانيت تنام بالأسفل. كان الصمت المطبق يخيم على المكان.
جلست دوروثي على السرير مرتدية منامتها الطويلة، وقد حلت شعرها الذي ما زال محتفظا بشيء من كثافته، والذي تعقده أثناء النهار، فوصل إلى كتفيها. كان بمقدورها رؤية انعكاس وجهها على الزجاج . كان القمر بدرا، وبدت هي كالشخصية التي تخيف الأطفال، الساحرة الشريرة، كان المنظر مشجعا لها كي تقرر النزول وتعد لنفسها كوبا من الحليب أو فنجانا من الشاي لينعشها.
نزلت حافية القدمين ترتدي روبها القرمزي القديم فوق منامتها، لم تشعل أي أضواء، فكانت تستطيع الرؤية بضي القمر والأضواء الخارجية بالشارع. فتحت الباب الأمامي ونزلت السلالم.
وقفت على الرصيف بالروب، وذيل منامتها باد أسفله. وراحت تفكر: ماذا لو رآها أحدهم هكذا؟ مشت على العشب حول المنزل، كان العشب مبتلا جدا، إنه ندى أغسطس، مشت بجانب أجمات السبيريا، ووقفت أمام صف الأزهار الذي اقتطعت منه كافة نباتات العائق. لا يوجد سور أو حاجز بين حديقتهم وحديقة آل كينج، فعلى الجانب الآخر من صف الأزهار يبدأ العشب المهمل لآل كينج.
كان لآل كينج شرفة زجاجية بمؤخر منزلهم. كانت مضاءة حينها. كانت الحديقة مجددة منذ سنوات قليلة، وصارت نوافذها الآن تبلغ الأرض.
Unknown page