طرق السيد لوهيد باب يوجين الذي كان في الجهة المقابلة من بابه عبر الردهة، فرد يوجين بصوت خفيض وإن حمل نبرة تحذيرية: «ادخل.»
فتح السيد لوهيد الباب، فلفحت وجهه رياح باردة قادمة من المحيط مباشرة إلى نافذة يوجين التي كانت مفتوحة تماما.
كان يوجين أمام النافذة، جالسا على الأرضية الجرداء، عاقدا ساقيه بطريقة تبدو غير طبيعية، قال بعد ذلك إنها طبيعية تماما بالنسبة له. لم يكن يرتدي سوى بنطلون من الجينز. تأمل السيد لوهيد نحول الجزء العلوي من جسم هذا الشاب ورقته. أي عمل يمكنه القيام به؟ وكم رطلا يمكنه رفعه؟ يمكنه فعل كل تلك الحركات والالتواءات، وثني ومد جسمه في أشد الأوضاع إيلاما، تلك الأوضاع التي كان يدعي أنها ممتعة، بالطبع. كان يفخر بذلك.
قال يوجين: «اجلس، فأنا في سبيلي إلى الخروج.»
قصد أنه في سبيله إلى الخروج من حالة التأمل التي ينهي بها تمارينه. في بعض الأحيان كان يجلس ويتأمل دون أن يكلف نفسه عناء غلق بابه. وحينما يمر أمامه السيد لوهيد، دائما ما كان يحول عينيه بعيدا حتى لا يرى التعبير المرتسم على وجه يوجين. سابح في عالم آخر! هل تلك هي الحالة التي يفترض أن يكون عليها؟ كان يبدو مشدوها ومروعا في قرارة نفسه كما لو كان يشاهد شخصا يمارس الحب.
وقد حدث هذا أيضا.
ففي الطابق السفلي بالمنزل كان يعيش ثلاثة شبان، أسماؤهم: كالا وريكس وروفر. كان من الواضح أن اسم روفر قد أطلق على سبيل المزاح على فتى نحيل وعليل الجسم في الثانية عشرة من عمره، وإن كان في بعض الأيام يبدو بوجه كهل في الخمسين من عمره. رآه السيد لوهيد نائما على سجاد الصالة، ككلب. لكن ريكس وكالا كانا اسمين غريبين أيضا، يطلقان في العادة على حيوان وزهرة؛ فهل يعقل أن يسميهم آباؤهم تلك الأسماء؟ فوجئ السيد لوهيد بوصولهم هنا دون آباء، دون أي خبرة بالمقاعد المرتفعة أو الدراجات ثلاثية العجلات أو العربات؛ بدوا وكأنهم نبتوا فجأة من جوف الأرض، ولا شك أن هذا كان ظنهم بأنفسهم.
ذات يوم، دخل البيت فوجد باب شقة الدور السفلي مفتوحا، ويبدو أن أحدهم قد خرج منه مهرولا للتو. وفي مؤخرة الردهة - في مكان مكشوف منها وليس تحت السلم - وجد خيال شخصين متشابكين معا. كانا ريكس وكالا. كانت الفتاة ترتدي تنورة طويلة كالعادة وبدت راقدة على أربع وهي تصرخ وتقاوم وكأنها دفعت دفعا. كانت التنورة ملقاة لأعلى على وجهها، لتجعلها شبه مقيدة ومكتوفة بملابسها. لم ير السيد لوهيد أكثر من جزء صغير من مؤخرة الفتاة البضة التي سرعان ما كان جسم الفتى الذي يعتليها يغطيه. ولعل ملاحظته لوجود السيد لوهيد هو ما تسبب في أن تند عنه آهة - تنم عن المتعة الممزوجة بالدهشة - والوقوع إلى الأمام بحيث انبطح هو والفتاة أرضا وقد انفض اتصالهما في الوقت الحاضر؛ بيد أنهما راحا يضحكان معا بطريقة بدت للسيد لوهيد ليست خالية من الحياء وحسب، بل ومشبعة بالسخرية أيضا. كان من الواضح أنه الطرف الذي توجه له السخرية؛ نظرا لأنه شهد جماعهما وصدم لرؤيته.
تمنى السيد لوهيد أن يخبرهما أنه لم يصدم بذلك؛ فعندما كان صبيا يرتاد مدرسة كان يطلق عليها «ستون سكول» بجادة فيفث لاين في كيلوب تاونشيب، كان واحدا من جمهور المتفرجين الذين يدفعون أموالا من أجل مشاهدة عرض أحد فتية آل بروير وأخته الصغرى. كان ذلك العرض يقام في مدخل مرحاض البنين، ذلك المكان الكريه. لم يكن الأمر محض محاكاة، وما من أحد كان بحاجة إلى الاعتقاد بأنهما اخترعا هذا العمل.
ولكن إن لم يكن مصدوما، فبم كان يشعر إذن؟ كان قلبه يخفق بشدة، وشعر بالدماء تحتقن بشدة في رأسه، مما اضطره إلى الجلوس في غرفته. أخذت ضحكاتهما تتناهى إلى مسامعه بعض الوقت. تخيل أعضاءهما المشعرة يحتك أحدها بالآخر بقوة تؤدي لتورمها مع صدور أصوات بفعل احتكاك جسميهما، تنتهي بالضحك. كالحيوانات. كلا، تراجع عن تلك الفكرة؛ فالحيوانات تمارس حياتها الجنسية بوقار ودون محاولة جذب الانتباه. قال ليوجين إن ما يعترض عليه في هذا الجيل هو أنهم لا يستطيعون فعل شيء دون استعراض؛ لا يستطيعون زرع جزرة دون أن يهنئوا أنفسهم عليها.
Unknown page