205

Al-Sirr al-maktūm fī al-farq bayn al-mālīn al-maḥmūd waʾl-madhmūm wa-yalīhi jawāb fī al-jamʿ bayn ḥadīthayn, humā: duʿāʾuhu ṣallā Allāh ʿalayhi wa-sallam li-Anas b. Mālik bi-kathrat al-māl waʾl-walad, wa-ḥadīth duʿāʾihi bi-dhālik ʿalā man lam yuʾmin bihi wa-yuṣaddiquhu

السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم ويليه جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه

Publisher

مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Publisher Location

الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
برزت الإشارة بالإيماءات مع صريح العبارة من علاّمة مطيق منطيق، وفهّامة متحقق بالتدقيق والتحقيق، مارس كثيرًا من العلوم، ونافس بفكره الصافي في فنَّيِّ المنطوق والمفهوم، وظهرت سيادتُه وانتشرت رئاسته، واغتبط الملوك ببهجته ونضارته، وارتبط الغنيُّ فضلًا عن الصعلوك بساحته -زاده الله -تعالى- من فضله، وأبقاه لنشر العلم والتنويه بأهله، وختم له بالحسنى، ورفعه إلى المحل الأسنى- إلى استشكال الجمع بين دعائه ﷺ لخادمه سيدنا أنس بن مالك ﵁، حسبما اتفق عليه الشيخان بكثرة المال والولد مع كونه -كما روي من أوجه يرتقي بها إلى الحُسن- دعا بذلك على من لم يُؤمن به ولم يُصدّقه، والتُمس من المملوك الجواب فكتب ذلك باختصار لكونه فهم أن الغرض حين سمى القاصد إنما هو بيان مرتبة الحديث الثاني ومَنْ أخرجه، ثم تبين له حقيقة المراد.
فقال على سبيل الغرض على المشار إليه، لا قصدًا للتطويل لديه، غير متعرضٍ لما كتبه أولًا في تخريج الحديث:
الجواب كما ظهر لي أنه يقال: ليس المالان في الموضعين على حدٍّ سواء، فالذي دعا لخادمه بالكثرةِ منه هو الذي قال فيه ﷺ: «لا خير فيمن لا يُحبُّ المال ليصلَ به رحمه، أو يؤدّي به عن أمانته ويستغني به عن خلق ربه» (١) .
والمعنى في هذا كما قال العسكري: إنه لا خير فيمن يُحبُّ المال لغير هذه الخصال، وإنما يحبُّ المؤمنُ -يعني: الكامل- المالَ لهذه الأشياء (٢)، ونحوه قول سعيد بن المسيّب ﵀: «لا خير فيمن لا يجمع المالَ فيقضي دينَه

(١) مضى تخريجه (ص ٨٣) .
(٢) نقله عنه السخاوي في «الأجوبة المرضية» -أيضًا- (٢/٧٤٤) .

1 / 218