وكان النبي ﷺ إذا سلم من الصلاة استغفر الله ثلاثًا.
وقال تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات: ١٧، ١٨]، فأخبر عن استغفارهم عقيب صلاة الليل. قال الحسن: مدّوا الصلاة إلى السحر ثمَّ جلسوا يستغفرون ربهم.
وقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩)﴾، فأمر سبحانه بالاستغفار بعد الوقوف بعرفة والمزدلفة.
وشرع للمتوضِّئ أن يقول بعد وضوئه: "اللهُمَّ اجعلني من التَّوَّابين واجعلني من المُتَطَهِّرين" (١).
فهذه توبة بعد الوضوء، وتوبة بعد الحَجِّ، وتوبة بعد الصلاة، وتوبة بعد قيام الليل؛ فصاحب هذا المقام مضطر إلى التوبة والاستغفار كما تبين، فهو لايزال مُستغفرًا تائبًا، وكلَّما كثرت طاعاته كثرت توبته واستغفاره". انتهى (٢).
وقال رحمه الله تعالى أيضًا بعد ذلك بكراريس: "فإن قيل: فما وجه خوف الملائكة وهم معصومون من الذنوب التي هي أسباب المخافة، وشدة خوف النبي ﷺ مع علمه بأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأنَّه أقرب الخلق إلى الله؟!
_________
(١) أخرجه الترمذي (٥٥) من حديث عمر بن الخطاب بإسناد صحيح.
(٢) "طريق الهجرتين وباب السعادتين" لابن قيم الجوزية (ص ٢٢٠، ط دار البيان بدمشق).
1 / 29