Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genres
ضاحكها وهما يتحدثان متسامرين في آخر الليل. - أقصد صفي أبي العجوز، يثرب.
وبالفعل عجل الملك سيف بإنهاء واجباته بمصر، وأهمها بالطبع مواصلة تدريباته لجيشه بجبله، الذي يحمل اسمه إلى اليوم، «الجيوشي»، وكان قد ترامت إليه الأخبار عن الحملة الانتقامية التي يقوم الفرس بإعدادها لغزو مصر من جديد.
لذا آثر الملك سيف إجراء مراسيم زيارته لسورية العليا وبانياس سرا ودون أن تصل تفاصيلها إلى أقرب مقربيه.
إلا أن خطته لم يقدر لها النجاح هذه المرة، فما إن انتهت على عجل زيارته مع شامة، لبكريهما دمر، وعرجا إلى مكة المكرمة ويثرب، حتى نزلت عليه الأخبار نزول الصواعق. - ملك الفرس ينزل على الأهرام بجيشه الجرار في غيبة عن التبع سيف بن ذي يزن.
وهكذا أسرع الملك سيف عائدا إلى عاصمته، إلا أنه وقع في أسر أحد أمراء الفرس واسمه «بلامه»، ولقبه «الهدهاد».
هنا حلت الكوارث الثقيلة من جديد على ديار مصر والشام معا.
إلا أن بصيص الأمل جاء هذه المرة من جانب «شامة» التي استطاعت الإفلات من كمين «بلامة الفارسي» وخلعت من فورها لباس الملكة الأم، مرتدية عدة حربها، مجمعة مع ابنها دمر نواة جيش استقدمت معظمه من بلادها ومن جيش دمر السوري، ونجحت في اقتحام مخبأ الملك سيف وفك أسره، وهو على شفا الصلب المحقق على أيدي الفرس، فقتل الملك سيف بلامه الفارسي، وواصل تجميع جيشه من اليمن ويثرب وأفريقيا متخذا طريقه إلى مصر لفرض الحصار على الفرس الغزاة عابرا النيل، مواصلا تقدمه إلى أن واجههم موقعا الذعر في صفوفهم حتى واحة سيوة وبرزخ السويس.
وكان الإرهاق الواضح القسمات قد استبد بجسد الملك سيف، عشية تنفسه الصعداء بعد الانتهاء من مطاردة آخر فلول الفرس عن مصر؛ نتيجة لما عاناه حين وقوعه في أسرهم الغادر ولضراوة المعارك التي خاضها ضدهم على طول مصر الوسطى والدلتا، رغم عدم التكافؤ بين نواة جيشه الذي جمعه على عجل، وبين جيشه الحقيقي بجبل الجيوشي.
حتى إذا ما عاد إلى حصونه تدافعت فيالق وكتائب زوجته «شامة» التي استطاعت استجلابها من بلدها وبقية البلدان والأقوام الموالية في أفريقيا واليمن.
مما عضد من ساعد الملك سيف، الذي كر راجعا باتجاه «مسبوتاميا» أو «بلاد الرافدين» مطاردا وموقعا الهزائم في صفوف الفرس إلى أن دخل «المدائن» أو «السبع مدائن» بعدما طال حصاره لها فترة من الزمن.
Unknown page