ولا شك أن ذروة انتصارات الشريفين كانت استيلاء الفاضل على صعدة في رمضان عام 463ه/ يونيو 1071م حيث أقيمت الخطبة باسمه في جامع الهادي هناك، وأخذ زعيم أنصار الصليحيين بالمدينة أسيرا(1). ثم الاستيلاء على جبل مسور في رمضان عام 464ه/ مايو - يونيو 1072م(2) - وهو الانتصار الذي خلده ذو الشرفين بإنشاء دار لسك النقود بمسور(3). لكن لم تكن كل الغارات التي ذكرتها السيرة غارات على الصليحيين . فمع مضي السنوات صار ضروريا في كثير من الأحيان إخماد تمردات كانت تنشب ضدهم بين القبائل الموالية لهم. وكانت الضرائب الثقيلة التي يستصفيها الأميران السبب الرئيس لأحداث التمرد بين رعاياهم. أما الشريفان فكانا يبرران تلك الضرائب بضرورات ونفقات الجهاد ضد "الكفرة" من الصليحيين، الذين كانوا ينبزونهم باسم القرامطة. وتورد السيرة بالتفصيل أقوالا واقتباسات للأميرين من تراث الأئمة في تسويغ تلك الضرائب الاستثنائية لمجاهدة أولئك الملحدين القدامى. ومن جهة ثانية، فإن هذه الحملات ضد القبائل الثائرة كانت أقل شعبية لدى الجيش من الحرب مع الصليحيين، إذ كانت الغارات على أولئك تعد بمغانم أكبر. ولا تخفي السيرة تذمر الجيش من قرار أتخذه الفاضل في المحرم عام 467ه/ سبتمبر 1074م بالقضاء أولا على تمرد في ناحية مسور بدلا من غارة كان قد خطط لها ضد الصليحيين. وقد أطاع الجيش أوامر الفاضل بعد تردد، وانتهت تلك الحملة بالفشل، وبخسائر كبيرة للشريفين(1).
Page 30