خفاك أن الذهب الذي جمعته يبلغ مقداره حمل أربعمائة جمل وأضعاف أضعاف ذلك من الفضة وأما عدد الأغنام والنوق والفصلان فلا يقدر أن يضبط عددها إلا الله . وأنا أسمح عن كل ما أوصلته إلي وأسلم إليك بكل هذه الأموال إذا أجبت سؤالي وأرسلت لي مهردكار لآخذها وأسير بها إلى مكة المطهرة ويكون الأمر بيننا باق على حاله وإلا إذا امتنعت فإني لا أسلم الأموال بل أعمل على الحرب والقتال وأنت تعرف أعمالي وأعمال أبطالي فلا تغتر بأقوال بختك وأعماله وتظن من نفسك أن هذه العساكر التي تجمعت تقدر أن تحمي المدائن من غضبي وتصونها من بطشي وقوة فرساني وهاك اخر ما أريده والسلام ) .
وما انتهى الوزير بزرجمهر من قراءة هذا الكتاب حتى همض بختك وهو يضطرب ويرجف وقال أني من مثل هذه الوقاحة كنت أخاف لأن العرب قوم أجلاف لا يكرمون وإذا أكرموا شمخوا وهاك أيها الملك العظيم البرهان الأكبر على صدق قولي فقد جمع الأموال وطمع بها وأراد أن يتهددك أنه لا يسلمهاإلا إذا سلمناه مهرد كار كان مهردكار الة تنتقل وثوب ليأخذها ويسير ولا زال بيختك على مثل هذا الكلام حتى أوغر صدر كسرى حنقا وقال لعمر إذهب إلى أخيك وقل له أن لا بئات عندنا له فإذا شاء سلمنا الأموال ورحل عنا إلا بلاده عفوت عنه وتركت تأديبه وإلا فإن أبى ربطته بالحبال وجازيته أقبح مجازاة وجعلته عبرة لغيره من أمثاله . فسار عمر إلى أن دخل على الأمير مزة وهو في صيوان الملك النعمان وعنده سائر الأبطال والفرسان فبلغه كلام كسرى وأنه مصر على العناد ومنقاد إلى أقوال بختك ابن الأوغاد . فقال سوف يعرف إل أين يوصله عناده ولا بد من خراب هذه الدولة وانقراضها . ثم أمر قومه أن يستعد كل واحد منهم إلى مباكرة الحرب ومفاجأة الأعداء بأقرب ان وبلغ مهردكار وصول الأمير حمزة بقومه سالما ففرحت الفرح الذي لا يوصف وسقط هم كبير عن قلبها غير أنها كانت حزيئة من عمل أبيها وعناده واصراره على حرب حبيبها وكانت تتمنى من كل قابها أن يتسهل لها طريق الخلاص من المدينة ومن الوصول إلى يد الأمير بأي طريقة كانت لتأمن على نفسها وتؤكد أنها صارت خصيصة به فإن عاش عاشت وإن مات ماتت معه وقاسمته الشقاء والطناء ولا سيهما وقد عرفت أن أباها قد وعد زوبين الغدار صاحب بلاد زوال وكموال بها وأنه وعده بقتل حمزة حبيبها . وقد رأث زوبين الغدار من شباك قصرها فوجدته شنيع الخلقة كبير الرأس قصير القامة ضخم الساقين كبير الأنف أحول العينين فضحكت من خلقته وشناعة منظره وقالت في نفسها الموت خخير من ترك الأمير حمزة . وأقامت مرة في حزن ومرة في أوهام واخرى في امال ورجاء تنتظر ما يكون في الغباية من أبيها وحبيبها إلى أن كان ثاني يوم من مجيء العرب نهض الأمير حمزة من رقاده وأمن أن يقدم اليه جواده الأصفران فركبه واعتل على ظهره كأنه قلة من القلل أو قطعة فصلت من جبل وركب من حواليه جماعته وركب اندهوق بن سعدون وقاهر الخيل وبشير ومباشر 545
Unknown page