والآثار في ذلك أكثر من أن تحصى، فلنتجاوز من البسط كيلا يكون كمهدي التمر إلى هجر، وجالب اللبن إلى أهل الوبر، ومعلم العوان الحمر، محيي هذا رحمكم الله بالانتظام في سلك إمامكم، منوهين باسمه، معلنين على رؤوس الأشهاد بفضله، ناصحين لملوك تلك الديار في الإعلان والإسرار بأن يتأهبوا لنقم الثأر وشب النار إزاء الدار، ونصرة إمامهم حيث كانوا واستطاعوا بعروب الصفاح، وأطراف الرماح فإن الله تعالى قد ملكه رقاب العباد، وأوعز إليه في كتابه الكريم بتطهير البلاد، ورحض أديم البسيطة[24أ-أ] عن الفساد، فالجهاد رحمكم الله الجهاد، والجلاد عن دينكم الجلاد، فإن الله تعالى يقول: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} (1)وقال: {فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا}(2)، وقال: {ولاتهنواولاتحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}(3).
وقد تحمل هذه الدعوة الكريمة المهدية أخونا الواصل من دياركم رحيم داذ بن يحيى أحسن الله كلايته، فقابلوها بقبول مثلها، وتفيئوا في سجسج ظلها، قد جاءتكم داخلة في مروط البيان، كاسية أردان القرآن، يشهد بشجونها قرطاسها على بعد مزارها، وبكرم نجارها على نجدة أنصارها، تطمس مخارم السوق وترقى معاقل الأنوق، وتسري حيث يهديها النسر والعنوق، خذوها بقوة، وانهضوا لها بهمة فليس أمرها بالهون على المتكلمين: {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}(4)، لا كما قال الأول في تخفيف مطلبه، وتهوين أربه:
أسكان رامة هل من قرى .... فقد دفع الليل ضيفا قنوعا
كفاه من الزاد أن تمهدوا .... له نظرا وكلاما وسيعا
لا والله ولكنه بذل المصون من النفوس والأموال، وارتباع الرجل والترحال حتى تقوم الحرب على ساق، وسول عن إبراق، أخذ الله بنواصي الكل إلى السداد، وعصمنا جميعا عن سدف الريب ومهاوي العناد، والسلام على تلك الوجوه الوسيمة، واللمم الكريمة أولا وآخرا ورحمة الله وبركاته.
Page 75