253

Sīrat Abī Ṭayr

سيرة أبي طير

قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: سألت مولانا أمير المؤمنين عن كمية الخيل معه يوم فتح مأرب فقال عليه السلام: لعلها ألف فارس [84أ-أ] وأربعمائة فارس أكثرها لابسة وتضرع أهل مأرب إلى أمير المؤمنين واستعطفوه وطلبوه العفو فعفى عنهم وكانت هذه طريقته عليه سلام الله عليه ورضوانه ورحمته الصفح والعفو لمن طلب ذلك منه فدفعوا أموالا جليلة ودخلوا في مراسمه وامتثلوا له أحكامه وقطعوا ذكر الخلفاء من بني العباس في الخطبة وامتثلوا والتزموا بمذاهب العدلية أذنوا بحي على خير العمل ورهنوا رهائن من أبناء شيوخهم ورؤساهم وأقام أمير المؤمنين عليه السلام في مأرب ثمان ليالي وسار في جوانبها وطاف مآثرها وتعجب من عجائبها وأمر فيها بالمعروف ونهى عن المنكر، ومن جملة ما ظهر من بركات أمير المؤمنين وفضائله عليه السلام أنه لما استقرت محطته في مأرب وأشفق الناس من بعد الماء، وكانت في مأرب مياه أنزفها العسكر فلم يشعروا عند طلوع الفجر إلا والسائلة المعروفة تنبعث ماء، فأقام الماء حتى نهض أمير المؤمنين ولقد سمع كثير من أهل الجهات يقولون ما نزل في أودية المشرق في ذلك الصيف سوى ذلك السيل، وتحقق الناس أنها رحمة من الله ونعمة على أمير المؤمنين وفضيلة له عليه السلام.

ومما قيل في غزاة مأرب من الأشعار ما قاله الفقيه الأجل اللسان زيد بن جعفر الباقري ثم الصعدي، قال في شهر جمادى الأولى من شهور سنة خمسين وستمائة سنة:

هاب بمسلوب الحشاشة مسبوت

فلبيتها مستمطيا ظهر لوعة

فجئنا نجوب البيد ليس يهولني

دليلاي طيف لا يزال مسايري

أرى أن إلمامي بها أعظم المنى

بقاع إذا اهتزت بوصل فبينها

بسنة جمع القدود وضمها

ويفعل أعيان لعين تحلها

فحبل سلوى دونها قد بتته

أمامي وخلفي حاديان تحالفا

سوى العرصات الزاكيات التي سمت

وأعلى الورى كعبا وأفضلهم أبا

إمام رآه الله أهلا فخصه

هداية مرتاب وفيه سكينة

وأصبح نور للخلافة صادع به الفجر للبطحاء به الفخر للصفاء

Page 266