243

Sīrat Abī Ṭayr

سيرة أبي طير

(قصة لزم عدو الله حارث الباطني وضرب عنقه) والسبب في ذلك أن عدو الله لما رأى أن أمير المؤمنين استظهر على البلاد صدر على رأسه ومعه ولد له كامل الخلقة فلما بلغ إلى حازة من حواز الشرف الأسفل وذكر أنه كان قاصدا تهامة وما يتصل منها ببلاد يام في جهة الشام. والله أعلم.

فظفر به قوم من أنصار أمير المؤمنين فعرفوه فكتفوه من ساعته وكذلك ولده فساروا به حتى قرب من شاهق فرمى ولده بنفسه من شاهق عظيم.

فأخبرني الثقة أن عدو الله تقطع آرابا وعجل الله بروحه إلى النار وعند ذلك احتفظو بوالده شيبة الطغيان وقرين الشيطان، فلما بلغ العلم إلى أمير المؤمنين شدد في اتصاله إليه فعند ذلك سددوا في حفظه حتى وصل الحصن المحروس جبل الحرام ثم أمر به إلى بين يدي أمير المؤمنين وكان بلاده بلاد حملان ومسور.

قال السيد شرف الدين يحيى بن القاسم رضي الله عنه: كنت مقيما في حصن وعلان في ذلك الأوان في عسكر فلما وصل عدو الله حارث بن سلمة الباطني أمرت بإحضاره لأتحقق أموره وراجعته في مقالاتهم إذ كنت قد فتشت في أصولهم وكيفية مداخلهم على أهل الإسلام ووصنعت في ذلك موضوعا كشفت فيه أسرارهم وهتكت فيه أستارهم وسميته بكتاب (الكشف والهتك) فلما حضر إلي راجعته أولا [80ب-أ] وألنت له الكلام فرأيته ذا بأس وشدة غير حصر في الكلام ولا متلجلج في الجدال فعجبت من حالته تلك مع معرفته أنه لا تقال له العثرة ولا تقبل منه التوبة، فراجعته أولا في المعنى الباطن فتبين للحاضرين فلجه بعد أن رأيته متفرسا في مذهبهم وعلمهم ثم راجعني في الأرواح وتنقلها مع كونه قاطعا بثبوت تنقلها في الأشباح أخر فثبت له خلل مقاله، ثم راجعته في أصول أهل التوحيد والإقرار بالصانع الحق فتغير وغالط في الكلام فأخبرته بتفصيل جمل مقالتهم في ذلك وأوضحت له الدلالة على فساد عقيدتهم وكشفت له عين الكفر الصراح والإلحاد البين من مذهبهم، فلما رآني غير جاهل بمعرفة مقالتهم استعفا في المراجعة وأقسم ما راجعني أحد مثلك.

Page 254