والسبب في ذلك أن أمير صنعاء نهض يوما في شهر رمضان من السنة المذكورة في عسكره لمضرة من قد صنع إلى الإمام عليه السلام حتى بلغ فوق حاقد إلى موضع هنالك وقد كان الإمام عليه السلام لما بلغه العلم بنهوضه جهز الأمير الكبير أسد الدين محمد بن سليمان بن موسى في خيل ممن هنالك من الأشراف الحمزيين وغيرهم من آل الهادي عليه السلام كالشريفين السيدين المجاهدين: شهاب الدين، وجمال الدين محمد والحسن ابني علي بن يحيى بن محمد بن يوسف بن القاسم بن ثوران الأشل يحيى بن أحمد الناصر بن يحيى الهادي إلى الحق عليهم السلام، والسلاطين الأجلاء الوشاح بن عمران وبني عمه وغير من ذكرنا من المشائخ بني وهيب، فاتفقوا بعادية عسكر أسد الدين في موضع يقال له أرتل، فوقع قتال عظيم أصيب رجل من بني حوال الحمزيين لشمر الحوالي يقال له: المكش، وعثر فاحتز رأسه ومضى شهيدا إلى رحمة الله، ثم أصيب الشريف الأمير السيد الحسيب الطاهر المجاهد أحمد بن محمد بن القاسم بن محمد بن القاسم بن يحيى بن حمزة بن أبي هاشم بسهم تحت ثديه الأيمن فلما نزعه سقط ميتا شهيدا إلى رحمة الله تعالى وقام عليه السيد المقدام محمد بن سليمان في موضع تختلس فيه الأرواح والرماح فيه متشاجرة المذاكي متصادمة، وجعل نفسه وفرسه من دونه وقام معه في ذلك المقام الهائل الشريف الحسيب عبدالله بن هيجان والشريف المجاهد منصور بن علاء السراجي، والشيخ الطاهر مالك بن أسعد الحريف الرودي الهمداني، وأصيب الأمير[50ب-أ] محمد بن سليمان بسهم نشاب نفذ في كفه على رمحه وسهم في رجله وأصيب فرسه بأسهم منها سهم نصل في بطنها، وأبلى في ذلك اليوم مع غيره من الأيام التي كان فيها علما حتى لم يدعوا لقوم إلى وصوله سبيلا، ثم حمل ميتا من المعركة، ووقع في المجاهدين هزيمة إلى بعض الجبل لكثرة العدو وعدم الفئة، فلما وصلوا إلى أمير المؤمنين وبلغ إليه ما كان من استشهاد الأمير السيد والرجل الآخر بلغ معه مبلغا عظيما واسترجع وخرج بنفسه إلى الشرفاء الأمراء الكبراء الأمير الكبير صلاح الدين الحسين بن القاسم بن محمد بن القاسم بن يحيى بن حمزة؛ إذ هذا الأمير المستشهد في سبيل الله ولد أخيه ولهم السابقة مع أمير المؤمنين والصهارة والمحبة التي لم يدل بمثلها أحد ممن قرب نسبه، ثم أقبل السلاطين الأجلاء بنو شهاب وغيرهم من المجاهدين الذين هنالك فعزوا أمير المؤمنين والأمراء آل يحيى بن حمزة وكان ذلك وجه عشي فرأى أمير المؤمنين عليه السلام قبره بكرة العارض، فلما كان من الغد حمل جنازتهما وسار عليه السلام راجلا مع الجنازة حتى قبرا في الهضب يماني هجرة سناع، وفي خلال ذلك بلغ أمير المؤمنين أن السلطان الليث بن عمران قد سعى سرا في الإفساد عليه وحالف العدو فلم ير أمير المؤمنين إلا التعمد والصبر ولين الجانب، وأمر له بشيء من الصلة النفيسة ليتألف قلبه.
Page 160