وافا كتابك إذ وافا على أمل .... كل الحقوق وأغناني عن الطلب قال: وأما بعد أدام الله سوابغ نعمه المانعة من الحد والإحصاء وموالع حكمه الخارجة عن الحصر والاستقصاء للمقام الإمامي الفاضل المبجل العالم العامل طود الحلم، بحر العلم، مغرة أهل الدهر، قطب فلك الفخر، وجوهرة عقد المجد، وطلعة كوكب السعد، فرع مهبط النبوة والرسالة، وسلالة شرف الوحي والنبالة، شمس مشكلات المسائل ومفتاح معضلات النوازل، ثمال الفقراء والمساكين، وعماد الدنيا والدين، وأبقاه نعمة على المهتدين، ونقمة على المعتدين، ونشر راياته مرفوعة باليمين، ومكنوفة بالمجد والتمكين، وأعلاه أعلامه وألويته بالنصر المكين، وأظفره على الباغيين والمارقين، وأفاض عدله على مرور الأيام والسنين، فقد طلعت غرة كتابه الموتلف بالسداد، المكتنف بالرشاد، الموجب من الإعتداد أوفر الإعداد، فعجبت عند عيانه لمحاسن عنوانه، واهتززت لأساليب بيانه وقرائن برهانه، ورأيت وصوله من حصول النعم والنظر فيه من الحظ العظيم، وعددت وقته من مخول العمر، واعتدت طلعته من غرر الدهر. شعرا:
في نظام من البلاغة ما شك .... امرء أنه نظام فريد
ومعان لو فصلتها القوافي .... هجنت شعر جرول ولبيد
حزن استعمل الكلام اختبارا .... وتحنين ظلمة التعقيد
وقرآت الأبيات التي أسفر عنها طبع المجد، وطلعتها كوكب مقترنة بالسعد، فعلمت أن الله تعالى قد خصه من العقل الذي جعله حجة على الأنام، ومحجة فارقة بين الخاص والعام، والمناقب التي لو كانت عودا لتحلت بها ترائب الأيام، وعودا لشجر فوق الفلك بين الملائكة الكرام، ولم أشك أن مادحه لو استعار لباب الزمان وأقام الريح مقام الترجمان ليشيع فضله حق الإشاعة لقصرت بهما يد الاستطاعة، ولقد باعه علا مطاله الباع القصير، ولظهرت على صفحات وجوه كلمه محلة التقصير وكيف لا وأصله الصميم مطلع أنوار الفرح، وجنابه الكريم روضة الملح. شعرا:
Page 114