============================================================
السيرة المؤيدية فلما ترتب الأمر ، قال الوزير متداهيا على - وقد أوجد له الزمانفى قلعى حجة ، وأراه الى حاجة فى نفسه قديمة يقضيها به محجة- : يافلان قد ترتب الأمر فى المحمول ، فمن يكون الحامل ، والقائم بهذا الخطب العظيم والكافل ، يجب أن يفكر فى هذا الباب فانه المركز الذى يدور عليه الدائر ، وإليه يفضى الأول والآخر . وكنت قد سمعت قبل هذه المكاتية بنحو شهرين أنه يدبر الرأى على أن يقلعنى بمقلاع هذه الحجة ، ويرميى من بجر غمراتها فى اللجة ، فقلت مجيبا من أسمعنى ذلك : ومن الذى يشد على خيل طاعته فى ذلك حزاما ، ويحل لقبول إرادته حلا ويحرم حراسا . قلما فاتحتى بقوله : من الذى يتوجه هذا الباب المهم . قلت . ها هو قد طلع رأسه وجاءت أوائله ، وقلت : الوزير أعرف بخدامه ومن يصلح هذا الأسر ومن لا يصلح ، وبيان المعرفة يحضرته بالمقصر والمجتهد أوضح ، ولسان نطقه بمدح الممدوح فيهم وذم المنموم أفصح . وجعل يعاودتى فكرر فى هذا الباب د فعة وتكرارا ، وأنا لاأزيده على الحجواب شيئا ، حتى قال لما امتد الشوط : مالى أكلمك سن وراء الحجاب ، وأن سولانا خلد الله سلكه قال : ولم لا يكون فلان -يعنيك المنتدب لهذا الأمر، المنحسب له والمتوجه فيه ، وله الوجاهذوالخبرة . فقلت : ومولانا خلد الله ملكه عتده خبر منى أو مختبر لأحوال صلاحى وفسادى ، لقد فرحتنى أيها الوزير بهذا القول ، فا ظننتتى قبل هذا اليوم أخطر منه يبال ، ولا أن ذكرى مما يجرى على لسانه فى حال ، وما ياله إلى اليوم (1) لم يذكرنى فى الذاكرين ، ولم ينظر إلى فى الناظرين ، لحين دهم هذا الأمر تنفص لى بعنقود حصرمه الحامض ، ووقع الاهتمام بتأديتى إلى معاناة يومه الرافع الخافض ، ومقاساة قومه الذين طالما رأيت الكفاة من الوزراء الذين يكل حد المشرفيات دون شبا أقلامهم يستقيلون سن مقاساتهم ومقاساة أيامهم . فقال : أغرب عنك هذا القول، يركب غيرك صعب هذا الأمر وذلوله ، ولا يذرع سوى ذراعك عرضه وطوله ، فقلت : ليس ذلك مما أعيره طرفا ولا الكلام فيه مما أرعيه سمعا ، فما هو من شغلى ولا صتاعتى .
ونقضت أيام على هذا بين اجتهاده وإبانى ، وشفاعته وردى ، فاتفق يوم ركوب والسقيفة بتزاحم الناس عليها تنشق ، والدواب على الباب بعضها على بعض تندق ، وقد تعلق بذيلى وهو يقول : افتقرنا إليك وافتقرت الدولة والاسلام والمسلمون ، وديانتك قتضى أن تصرخ صريخهم ، وتجير مستجيرهم . فقلت : سيحانى سبحانى إن كنت بهذه المثابة ومحلا لهذه المخاطبة . فقال : الأسر على ذلك وفوقه ، ولن أبرح الأرض حى تنعم بلسانك .
(1) في ك : الآن .
السيره المؤيدية
Page 129