362

Al-Sīra al-nabawiyya wa-akhbār al-khulafāʾ

السيرة النبوية وأخبار الخلفاء

Publisher

الكتب الثقافية

Edition

الثالثة

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله ورغبهم في ذلك، وحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا «١»، وأنفق عثمان بن عفان في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد أعظم من نفقته، ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله ﷺ وهم البكاؤن [وهم] «٢» سبعة نفر، فاستحملوا رسول الله ﷺ وكانوا أهل حاجة، فقال: لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم فاعتذروا إلى رسول الله ﷺ بعذرهم وهم بنو غفار، وقد كان نفر من المسلمين أبطأبهم النية عن رسول الله ﷺ حتى تخلفوا عنه من غير شك ولا ارتياب، منهم كعب بن مالك أخو بني سلمة مرارة بن الربيع أخو بني عمرو بن عوف وهلال بن أمية أخو بني «٣» واقف وأبو خيثمة أخو «٣» بني سالم، وكانوا نفر صدق ولا يتهمون في إسلامهم، فخرج رسول الله ﷺ من المدينة وضرب معسكره على ثنية الوداع، وضرب عبد الله بن أبي بن سلول معسكره أسفل منه، وخلف رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة أخا بني غفار، فقال المنافقون: والله ما خلفه «٤» علينا إلا استثقالا له، فلما سمع ذلك عليّ أخذ سلاحة ثم خرج حتى لحق رسول الله ﷺ وهو نازل بالجرف وقال: يا نبي الله! زعم المنافقون أنك إنما خلقتني استثقالا؟
فقال: «كذبوا، ولكني خلفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك! ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» ! فرجع عليّ إلى المدينة ومضى رسول الله ﷺ، وتخلف عنه عبد الله بن أبي فيمن تخلف من المنافقين، فلما نزل رسول الله ﷺ بالحجر استقى الناس من بئرها، فلما راحوا منها قال رسول الله ﷺ: «لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضأوا منه للصلاة،

(١) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: جلسوا.
(٢) زيد من الطبري والسيرة.
(٣- ٣) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: واقد وأبو حشمة أحد- كذا.
(٤) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: اخلف- كذا.

1 / 367