وبممارسته الحزبية ومرانه السياسي تظاهر بأنه صدق كل الذين انضموا إلى حزبه، وأظهر الفرح الشديد بهذا الكسب الحزبي الكبير، والله يعلم بل أحسب أن جميع الحاضرين بلا استثناء كانوا يعلمون ويعملون دستور النفاق هذا الذي يسود الانضمام والقبول في وقت معا.
وربما كان هذا اليوم هو ميلاد أو تمكن الخاطر الذي يهفو له مراد.
وما البأس وها هو ذا في سنه هذه الباكرة يتمكن من إقامة هذا الاستقبال الضخم للوزير الوفدي، الأمر الذي يعجز عنه كثير من عتاولة العمد وعتاتهم.
وما البأس عليه أن يتوق إلى هذا الذي يأمله لنفسه، وما البأس عليه أن يذكر البيت القديم:
منى إن تكن حقا أعذب المنى
وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا
3
قال الحاج دياب لولده مراد: لقد قاربت السن التي ينبغي فيها أن تعين عمدة، وأنا أريد أن أراك عمدة على حياة عيني. - أطال الله عمرك يا أباه وأعطاك الصحة والعافية. - فليطل عمري ما شاء الله أن يطول وأنت عمدة. - أنا لم أعص لك أمرا في حياتي. ولكن لي رأيا آخر. - نهارك أسود، رأيا آخر فيهم. - لا تخف. سيرضيك هذا الرأي ولكن أوانه لم يأت بعد. - ما هو؟ - سوف أقوله لك في الوقت المناسب. - وما المانع أن تقوله الآن. - من ناحية المانع لا مانع، ولكن لكل كلام حينه. - ما هذه الفلسفة لماذا لا تقول ما تفكر فيه؟ - لو قلته الآن سيبوخ لك على أن نفرح أنا وأنت فرحا لا مثيل له. - افرح كما شئت، ولكن لا ترفض العمودية. - يا أبي أنا تحت أمرك، ولك أن تتأكد أني لن أخرج عن طاعتك طول عمري، والله على ما أقول شهيد. - إذن فافعل ما تحب، ولا تنس أن التليفون لم ينتقل من دوار آل طلبة منذ قرابة سبعين عاما. - ولن ينتقل، لا تخف، التليفون قاعد في مكانه.
وضحك الأب والابن معا وقال مراد: أنا تحت أمرك.
وقال الحاج دياب وهو يبتسم: ومن وجاهة العمودية أن تكون رب أسرة.
Unknown page