رأيت في مكة المشرفة، وبخط السيد الإمام أحمد بن أمير الجيلاني(2) أعاد الله من بركته زاهد اليمن الحسن بن سليمان(3) من وادي الجار قريبا من مدينة ذمار، وكان هذا السيد من العلماء المبرزين، الراسخين المجتهدين، العباد الزاهدين، الورعين المتقشفين، خرج من الجيل والديلم لزيارة مولانا المؤيد بالله يحيى بن حمزة(4) بن رسول الله فوصل وقد توفي عليه السلام، فزار الإمام المهدي لدين الله علي بن محمد بصعدة، وسار إلى اليمن لزيارة ولده الإمام الناصر، وهو سيد يقرأ في مصنعة بني قيس، ولزيارة هذا(1) القاضي حسن بن سليمان(2) نفع الله بهم الجميع.
ولهذا السيد تصانيف في العلوم، وفي الزهديات ما يشفي، رأيت له كتابا نفيسا في مكة المشرفة يسمى (الصفوة في زهد الصحابة) (3) رضي الله عنهم في علم المعاملة [فيه ما](4) يدل على فضله وكرم أصله، وقال: في آخره أبياتا قال قائلها أحمد بن أمير الحسني [استحسنها](5) وهي:
فلا بد أن تلزمي زاوية
سباع إذا فتشوا ضارية
وألسنة بالخنا جارية
قنوع له بلغة كافية
فلا إثم فيها ولا لاغية
تضجر في خفية خافية ... أيا نفس إن تطلبي عليه السلامافية
فأكثر أبناء هذا الزمان
أكف عن الخير محبوسة
فطوبى لمستجلس بيته
نداماه دون الورى كتبه
فإن ضاق يوما بها صدره
وأما رياضته في إذلال نفسه، [أعني إبراهيم الكينعي](6)، فكان لا يعد نفسه إلا من أعظم الأعداء عليه، قال رحمه الله: النفس أعدا الأعداء؛ لأن الشيطان يوسوس، وهي تقتل نفسها بنفسها [جهارا](7)، قلت له يوما: كيف [حال](8) سيدي ؟ قال: وما حال من هو هكذا ؟ وأنشد في(9) ما قاله بعضهم. قيل: إنها للشافعي رضي الله عنه:
إلا لعظم بليتي وعنائي
كيف السبيل وكلهم أعدائي ... إني بليت بأربع ما سلطوا
Page 96