وعلى الجملة أنك تنقطع إلى مولاك بالكلية، فليس لك ولا لي سواه ، خزائنه ملآى من جميع الألوان، ولا تمنيك نفسك أنك تفيض على الأهل والبنات لتنال الدرجات، فإني أخشى عليك أن تقع في الدركات، والعياذ بالله، فأنت إن شاء الله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين(وحسن أولئك رفيقا)(1).
أقبل إليه يعطك من كل خير لديه ويؤيك إليه، ألجم نفسك بلجام الزهد، وحرفها بعنان التقوى، وأجرها في ميدان الورع، وسقها بسوط الصبر، وأدخلها إصطبل الخلوة، وأعلفها الجوع، واسقها ماء الدموع، وألبسها الذل والخضوع، واربطها إلى جدار التوكل. وهيهات، وهل يمكن هذا ومعنا العدو مكالب، والهوى غالب، (والقرير)(2) إلى الدنيا يجاذب، والنفس إلى الرفاهية تطالب، والواحد في نفسه مكاذب، فإلى الله المشتكى والالتجاء من هذه الأعداء.
وقلت: زهدوا فيك، ويالها من نعمة إن تمت، وخصلة شريفة إن(أقبلت)(3). وما كنت أشتهي أن تذكر ما ذكرت، من أهل الجهة، (لا يقال)(4): الإنسان محتقر. لما فعلوه، فمن أولاك معروفا قليلا أو كثيرا، فبفضل الله ليس لك على أحد منة، ولا فضل إلا بالتقوى، أو يمنيك الشيطان الغوي أنك ابن النبي، وأن لك الشرف العلي، فتسخط على الناس.
هذا وأنا استغفر الله مما ذكرت، فإن أخطأت فاغتفر، وإن أصبت (فأنجز)(5)، ومقصودي تذكيرك إياي لا تنساني من الدعاء خاصة في الخلوات، ووقت (العبرات) (6)، وأوقات الصلوات، وإلا فما أنا ممن يكاتب ولا يعاتب، ومن العجب أن صحيحا يداويه عليل، أو أعمى يهدي إلى سواء السبيل، ويكون إلى خير دليل.
Page 267