بغير ما ينبغي لها من القبول والإكرام. وتلَقوْها من بعيد، ولكن بالدفع في الصدُور منها والأعجاز. وقالوا: مالك عندنا من عبور- وإن كان لا بد - فعلى سبيل الاجتياز. أعدوا لدفعها أصناف العُدد وضروب القوانين، وقالوا- لما حلت بساحتهم-: ما لنا ولظواهر لفظية لا تفيدنا شيئا من اليقين. وعوامهم قالوا: حسبنا ما وجدنا عليه خلفَنا من المتأخرين، فإنهم أعلمُ بها من السلف الماضين، وأقومُ بطرائق الحُجَج والبراهين.
وأولئك غلبت عليهم السذاجةُ وسلامةُ الصدور. ولم يتفرغوا لتمهيد قواعد النظر، ولكن صرفوا هِمَمهم إلى فعل المأمور وترك المحظور، فطريقة المتأخرين: أعلم وأحكم، وطريقة السلف الماضين: أجهل، لكنها أسلم.
أنزلوا نصوص السنة والقرآن منزلة الخليفة في هذا الزمان، اسمه على السكة وفي الخطبة فوق المنابر مرفوع. والحكْمُ النافذ لغيره، فحكمه غير مقبول ولا مسموع. لبسوا ثياب أهل الإيمان على قلوب أهل الزيغ والخسران، والغل والكفران، فالظواهر ظواهر الأنصار، والبواطن قد تحيزت إلى الكفار، فألسنتهُم ألسنة المسالمين، وقلوبهُم قلوبُ المحاربين، ويقولون: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٨]
1 / 6