أسروا سرائر النفاق. فأظهرها الله على صفحات الوجوه منهم: وفلتات اللسان. ووسمهم لأجلها بسيماء لا يخفون بها على أهل البصائر والإيمان. وظنوا أنهم إذ كتموا كفرهم وأظهروا إيمانهم راجوا على الصيارف والنقاد. كيف؟ والناقد البصير قد كشفها لكم ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ - وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٢٩ - ٣٠]
فكيف إذا جمعوا ليوم التلاق، وتجلى الله- ﷻ للعباد وقد كشف عن ساق؟ وَدُعوا إلى السجود فلا يستطيعون ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾ [القلم: ٤٣] أم كيف بهم إِذا حُشروا إلى جسر جهنم؟ وهو أدق من الشعرة، وأحدّ من الحسام. وهو دحض مزلة، مظلم، لا يقطعه أحد إلا بنور يبصر به مواطئ الأقدام. فقسّمت بين الناس الأنوار. وهم على قدر تفاوتها في المرور والذهاب. وأعطوا نورا ظاهرا مع أهل الإسلام. كما كانوا بينهم في هذه الدار يأتون بالصلاة والزكاة والحج والصيام. فلما توسطوا الجسر عصفت على أنوارهم أهوية النفاق. فأطفأت ما بأيديهم من
1 / 18