185

Ṣifat al-janna li-Ibn Abīʾl-Dunyā

صفة الجنة لابن أبي الدنيا

Editor

عمرو عبد المنعم سليم

Publisher

مكتبة ابن تيمية،القاهرة- مصر،مكتبة العلم

Publisher Location

جدة - السعودية

قِبَابِهَا وَنَجَّدَهَا بِالزَّرَابِيِّ مِنْ خِيَامِهَا وَبَسَطَ الْعَبْقَرِيَّ فِي بَطْنِ رِحَابِهَا وَزَيَّنَهَا بِرِقَاقِ إِسْتَبْرَقِهَا بِالدِّيبَاجِ بِنَمَارِقِهَا وَكَسَاهَا جِلْبَابًا مِنْ نُورِ عَرْشِهِ فَأَزْهَرَتْ وَمَا فِيهَا فَلَوْ يُسْفِرُ الشَّمْسُ طَسْتَ تَلَأْلُئِهَا وَلَوْ بَرَزَتْ هَذِهِ تَبْغِي أَنْ تُبَاهِيَهَا لَانْكَدَرَتْ وَأَظْلَمَتْ فِي نُورِ عَلَالِيهَا وَصُفِّقَتْ فِي صُدُورِ تِلْكَ الْخِيَامِ أَسْرُرٌ مُكَلَّلَةٌ بِالْجَوْهَرِ مُوَصَّلَةٌ بِقُضْبَانِ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ تَسِيرُ بِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ ﷿ مَعَ الْخَفِرَاتِ الْأَوَانِسِ فِي أَرْوِقَةِ اللُّؤْلُؤِ بَيْنَ تِلْكَ الْحُلَلِ
عَلَى فُرُشِ الإِسْتَبْرَقِ وَطَرَائِفِ الْمَجَالِسِ، مَعَ اللَّوَاتِي يَكَادُ يَنْحَسِرُ عَنْ مَاءِ وِجَانِهِنَّ نَوَاظِرُ الْعُيُونِ، وَيَدُلُّهُ الْفِكْرُ دُونَ الظَّفَرُ بِصِفَةِ وِلْدَانِ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ، فَكَيْفَ بِالْبَيْضَاءِ الْمَكْنُونَةِ فِي قِبَابِهَا، وَالْقَاصِرَةِ الطَّرْفِ الْمَحْبُوسَةِ فِي خِبَائِهَا، وَالآنِسَةِ الْمَلِكَةِ فِي قَصْرِهَا؟ فَأَيْنَ مُشْتَاقٌ إِلَى نُزُولِ دَارِهَا، فَيَبْذُلَ الْجَهْدَ لِيَسْكُنَ الْجَنَّةَ مَعَ حُورِهَا، وَيَنْعَمُ فِي غُرُفَاتِهَا وَمَنَازِلِ فِي مَقَاصِيرِهَا، وَتَحِيَّةُ الْمَلَائِكَةِ بِالْبِشَارَةِ مِنْ رَبِّهِ حِينَ يَفِدُ عَلَيْهَا، وَتَبْدُرُهُ إِلَى زَوْجَتِهِ لِيَسُرَّهَا بِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا، فَيُلْبِسْنَهَا الْوَصَائِفُ حُلَلًا حسب مِنْ أَكْمَامِ شَجَرِهَا، وَيُحَلِّينَهَا بِمَرَاسِلَ مِنْ نَفِيسِ جَوْهَرِهَا فِي سُلُوكِ اللُّؤْلُؤِ الرَّطِبِ، يَسْطَعُ نُورُهُ فِي نَحْرِهَا وَيُشْرِقُ، يَتَلَأْلَأُ لِحُسْنِ جِيدِهَا، وَيَنْظِمُ الْيَاقُوتَ مَعَ فَاخِرِ زَبَرْجَدِهَا، وَيُسْبِلُ سُتُورَ الدُّرِّ عَلَى ضَوْءِ خَدِّهَا، وَالْوِشَاحُ قَدْ أُرْسِلَ عَلَى لِينِ صَدْرِهَا، وَعَيْنُهَا تُبَارِي صَفَاءَ حُسْنِ دُرِّهَا، وَكَأَنَّمَا النُّورُ أُسْكِنَ بَيْنَ مَفَارِقِ شَعْرِهَا، إِذَا خَطَتْ خِلْتَ الْمِسْكَ يَفُورُ مِنْ أَذْيَالِهَا، وَالْعَنْبَرَ الْأَشْهَبَ كَمُنَ بَيْنَ حُلَلِهَا، فَمَنْ يَصِفُهَا مُلْتَحِفَةً فَوْقَ أَكَالِيلِهَا، إِذَا اعْتَجَزَتْ بِالْأَرْدِيَةِ، وَرِبَاطِ نُورِهَا، وَرَفَلَتْ بَيْنَهُنَّ لِتَرْقَى عَلَى سَرِيرِهَا تَتَهَادَى، وَتَتَثَنَّى، وَتَسْحَبُ أَطْرَافَ ذَوَائِبِهَا، وَتَمِيلُ وَتَرْنَحُ بَيْنَ كِرَامِ وُصَائِفِهَا، وَتَصْعَدُ إِلَى الْمَحْبُورِ فَوْقَ سَرِيرِ مُلْكِهَا، فَتُعَانِقُهُ، وَيُعَانِقُهَا عُمْرَ الدُّنْيَا، لَا

1 / 239