فَصْلٌ
* فَأَمَّا الْفَقِيهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَهُوَ: "مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةٌ تَامَّةٌ، يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْرِفَ الْحُكْمَ بِهَا إِذَا شَاءَ، مَعَ مَعْرِفَتِهِ جُمْلَةً كَثِيرَة عُرْفًا مِنْ أُمَّهَاتِ مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفُرُوعِيَّةِ (١) الْعَمَلِيَّةِ، بِالاِجْتِهَادِ وَالتَّأَمُّلِ، وَحُضُورِهَا عِنْدَهُ".
* فَكُلُّ (٢) فَقِيهٍ حَقِيقَةً مُجْتَهِدٌ قَاضٍ (٣)؛ لِأَنَّ (٤) الاجْتِهَادَ: بَذْلُ الْجَهْدِ وَالطَّاقَةِ فِي طَلَبِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِدَلِيلِهِ (٥)، وَكُلُّ مُجْتَهِدٍ أُصُوليٌّ (٦)؛ فَلِهَذَا (٧) كَانَ عِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ فَرْضًا عَلَى الْفُقَهَاءِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: "أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ" (٨).
* وَقَال الْعَالِمِيُّ الْحَنَفِيُّ (٩): "إِنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ أَرَادَ الاِجْتِهَادَ وَالْفَتْوَى
(١) من (أ) و(ج) و(غ)، وفي (ب) و(ف) و(ض غ): الفرعية.
(٢) من (أ) و(ج) و(غ) و(ف) و(ص غ)، وفي (ب): وكل.
(٣) من (أ) و(ص غ)، وفي (ب): خاصٌّ.
(٤) من (أ)، وفي (ب): فإن.
(٥) يُنظر: (التَّحبير): ٨/ ٣٨٦٥.
(٦) قال المؤلف في (الجامع المتصل) ٦/ ب: "فكل فقيه حقيقة مجتهد، وكل مجتهد أصولي، فكل فقيه حقيقةً أصولي".
(٧) من (أ) و(غ) و(ج) و(ف) و(ص غ)، وفي (ب): ولهذا.
(٨) يُنظر: (الواضح): ١/ ٢٧٢.
(٩) هو: محمد بن عبد الحميد بن الحسن بن الحسين الأسمندي الحنفي، المعروف بـ العلاء العالم، توفي سنة ٥٥٢ هـ. تُنظر ترجمته في (تاريخ الإسلام) رقم: ٧٢، ١٢/ ٥٣.