Sicaya
السعاية في كشف ما في شرح الوقاية
Genres
قوله ولما كان الانقطاع سببا للغسل فاذا انقطع دم ثم اسلمت لايلزمها الغسل اذ وقت الانقطاع كانت كافرة هذا ابتداء مسالة فرعها على كون السبب هو الانقطاع وبنى عليه الفرق بينها وبين مسألة اخرى ولابد علينا ان نبسط الكلام اولا في ما اشار اليه اجمالا من ان الكفار غير مخاطبين بالشرائع عندنا ثم نقرر الكلام مع ايضاح المرام ثم نعقبه بما يليق من النقض والابرام فاعلم انهم اختلفوا في كون الكفار مخاطبين بالفروع كالصلوة والصيام والطهارة وامثالها فذهب بعض المشايخ ماوراء النهران الكفار غير مخاطبين بها لا بالمحرمات ولا بالعبادات الا ما قام عليه دليل شرعي تنصيصا او استثناء في عهود الذمة من حرمة الربو او وجوب الحدود والقصاص وغيرها وذهب اهل التحقيق من مشائخ ماوراء النهر انهم غير مخاطبين بالطاعات ومخاطبون بالحرمات كالزنا والسرقة وكذا بالمعاملات وقالت الشاقعية ومن وافقهم انهم مخاطبون بالكل كذا اذكره الاتقاني في التبيين شرح المنتخب الحسامي وذكر ابن الهمام في تحرير الاصول ان عدم كون الكفار مكلفين بالفروع مذهب مشائخ سمرقندي ومن عداهم متفقون على التكليف بها وانما اختلفوا في انه في حق الاعتقاد فقط او الاعتقاد والاداء كليهما فقال البخاريون بالاول فعندهم يعاقب الكفار على ترك الاعتقاد بها وعلى ترك الاعتقاد بالايمان وترك ادائه وقال العراقيون بالثاني كالشافعية فعندهم يعاقبون على ترك الاعتقاد والاداء كليهما كالايمان وهذا الخلاف انما هو في العبادات واما في العقوبات والمعاملات فاتفاق بتكليفهم بها لعقد الذمة وهذه المسألة ليست بخصوصها مروية عن ابي حنيفة واصحابه وانما استنبطوها من مسائل ذكرها محمد في كتبه اما القائلون بتكليفهم بالفروع فاستدلوا بظواهر النصوص كقوله تعالى ولله على الناس حج البيت فان الناس عام وكقوله تعالى ياايها الناس اعبدو ربكم الذي خلقكم وكقوله تعالى يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا الم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين فانه يدل على انهم يعاقبون على ترك هذه الطاعات والتاويل في الاول والثاني بان المراد بالناس المسلمون وفي الثالث بان المراد بالمصلين المسلمون بعيد كل البعد واما القائلون بالتكليف بحسب الاعتقاد فاستند وابان الاداء موقوف على الايمان اذ الايمان شرط الاداء كل العبادات فمع وجود الكفر كيف يخاطبون بادائها واجيب عنه بانه يمكن مخاطبتهم باداءها في زمان الكفر بان يومنوا او لا ثم يودوا الطاعات والممتنع انما هو مخاطبيتهم بالاداء بشرط الكفر والنافون مطلقا بظاهر حديث معاذ انه قال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين بعثه الى اليمن انك تاتى اقواما من اهل كتاب فادعهم الى شهادة لا اله الا الله وان محمد رسول الله فان هم اطاعوك فاعلمهم ان الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم واليللة فان هم اطاعوا لذلك فاعلمهم ان الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم ترد الى فقرائهم الحديث اخرجه البخاري ومسلم وغيرهما هذا خلاصة ما اورده في هذه المسألة والتفصيل في كتب الاصول اذا عرفت هذا كله فاعرف ان حاصل كلام الشارح ههنا انه اذا انقطع دم امراة كافرة ثم اسلمت بعد الانقطاع لايلزمها الغسل لان موجب الغسل هو نفس الانقطاع وهو امرغير مستمر قد يوجد انا فيعدم وفي ذلك الان كانت المراة كافرة والكفار غير مامور بن بالفروع عند ناقلا تومن الغسل في ذلك الوقت وبعد ما اسلمت لم يوجد السبب وهو الانقطاع لانه قد وجد فانعدم ولم يبق لداثر فلو قلنا بوجوب الغسل عليها بعد الاسلام لقلنا بوجوبه بلا سبب وهو محال وهذا بخلاف ما اذا اجنبت الكافرة بان احتلمت او وطيت ثم اسلمت حيث يجب عليها غسل الجنابة عند الاسلام لان موجب الغسل ههنا هو الجنابة وهو وصف مستمرة دائم مالم يوجد ما يزيله فان من اجنب يبقى جنبا مالم يغتسل وان كان حدوثه ايضا آنيا فتكون مجنبة بعد الاسلام ايضا وان لم توجد حدوث الجنابة فانه يقال لها من حين اجنبت الى ان تغسيل انها مجنبة فوجد هذا الوصف الذي هو السبب بعد الاسلام ايضا فيجب عليها الغسل عند ذلك فافترق انقطاع الدم قبل الاسلام والجنابة من حيث ان الاول لايوجب لاقبله لعدم مخاطبة الكفارة ولا بعده لانتفائه والثاني يوجب بعده لبقائه وان كان لايوجب قبله لعدم المخاطبة هذا غاية التوضيح لكلام الشارح وهو ماخوذ من الذخيرة وعبارتها قال محمد في السير الكبير فينبغي للرجل اذا اسلم ان يغتسل غسل الجنابة لان المشركين لايغتسلوا من الجنابة ولا يدرون كيف الغسل من ذلك وانما اراد محمد والله اعلم بما قال ان من المشركين من لايتدين الاغتسال من الجنابة ومنهم من يتدين كقريش وبنى هاشم فانهم توارثوا ذلك من اسمعيل على نبينا وعليه الصلوة والسلام الا الهم لايدورن كيفيته فحال الكفار على ما اشار اليه في الكتاب لايخلو من وجهين اما لايغتسلون من الجنابة ويغتسلون عنها ولا يدرون كيفيته وايا كان يومرون بالاغتسال بعد الاسلام لبقاء حلم الجنابة بعد الاغتسال ثم في ما ذكر محمد بيان ان صفة الجنابة يتحقق في حق الكفار عند وجود سبها وبه يتبين ان ماذكره بعض مشائخنا ان الغسل بعد الاسلام مستحب فذلك في حق من لم يكن قبل ذلك اجنب وبه ظهران من قال بان الجنابة في حق الكفار لايوجب الاغتسال بعد الاسلام لان الكفار غير مخاطبين بالشرائع غير سديد وهذا فصل اختلف المشائخ فيه فن قال يخاطبون بها يقول الغسل عليه يجب حال كفره ولهذا لواتي به يصحح وهذا ظاهر ومن قال بالهم لايخاطبون بها ينبغي ان يقول بوجوب الغسل بعد الاسلام ولذلك وجهان احدهما ان الاغتسال لايجب بالجنابة ليقال انه وقت وجوب الاغتسال غير مخاطب بالشرائع وانما وجوبه بارادة الصلوة وهو جنب كما ان الوضوء لايجب بالحدث وانما يجب بارادة الصلوة وهو محدث فههنا هو عند ارادة الصلوة جنب مسلم فلذلك يلزمه الاغتسال والثاني ان صفة الجنابة مستدامة الى ما بعد الاسلام واستدامها بعد الاسلام كانشائها ولهذا قلنا انه لو انقطع دم الحيض قبل ان يسلم ثم اسلمت لايلزمها الاغتسال لانه لاستدامة للانقطاع حتى يجعل دوامه كابتدائه فلو يوجد سبب وجوب الاغتسال في حقها بعد الاسلام لا حقيقة ولاحكما فلا يلزمها الاغتسال انتهت عبارة الذخيرة وبمثله صرح شمس الايمة السرخسي في شرح السير الكبير حيث قال في شرح قوله محمد المذكور في هذا البيان ان الجنابة تتحقق في الكفار بمنزلة الحدث اذا وجد سببه ولكن اختلف مشائخنا في ان الغسل متى يلزم فمن يقول يخاطبون بالشرئاع يقول الغسل واجب عليه حال كفره ولهذا الواتي به صحح ومن يقول لايخاطبون بالشرائع يقول انما يلزمه الاغتسال بعد الاسلام لان صفة الجنابة مستدامة بعد الاسلام كانشائه وصحة الاغتسال منه قبل الاسلام لوجود سببه وهذا بخلاف ما لو انقطع دم الحائض قبل ان تسلم ثم اسلمت لايلزمها الاغتسال لانه لاستدامة للانقطاع فاذا لم يوجد السبب بعد الاسلام حقيقة وحلما لايلزمها الاغتسال انتهى ومثله في فتاوى قاضيخان ومختارات النوازل وغيرهما واعترض الفاضل التفتازاني على الشارح بان ماذكره خلاف الجمهور فانهم صرحوا ان السبب للغسل مطلق ارادة الصلوة على مافي شرح الهداية العصامي ويؤيده ان الطهارة ليس عبادة مقصودة بل المقصود من شرعها التوسل بها الى الصلوة وما في معناها ولو سلم فكون الكفار غير مخاطبين بالشرائع ليس باتفاق المشائخ بل فيه خلاف على ما ذكر في المحيط والذخيرة من غير ترجيح ولو سلم فللانقطاع بقاء حكما وله لازم باق فلو اعتبر في الجنابة بقاءها دون حدوثها ولم يعتبر في انقطاع الحيض بقاءه ولايبعد اعتبار البقاء في الانقطاع كما في الردة التي هي زوال الاسلام انتهى اقول هذه ايرادات جيدة لاسيما الاخير ولم يظهر لي الى الان سر الفرق الذي ذكره الشارح وصاحب الذخيرة كما ينبغي قال لاوطئ بهيمة بلا انزال اي لايوجب الغسل وطئ بهيمة اذا لم ينزل فان انزل وجب الغسل وفيه خلاف الايمة الثلثة فانهم قالوا لا فرق بين وطئ المراة ووطئ للبهيمة في وجوب الغسل وان لم ينزل ونحن نقول انما وجب الغسل بالايلاج لانه سبب الانزال وهو قد يخفى عن الحس فاقيم السبب مقامه وهذه السببية انما تتحقق في ما تتكامل فيه الشهوة وفرج البهائم ليس كذلك بخلاف القبل والدبر تكميل ذكر الشر نبلالى في مراقي الفلاح ان عشرة اشياء لاتوجب الغسل المذى والودى واحتلام بلا بلل ولادة من غير روية دم على الصحيح وهو قولهما لعدم النفاس وقال ابو حنيفة عليها الغسل وايلاج بخرقة مانعة من وجود اللذة وحقنة لانها الاخراج الفضلات لاقضاء الشهوة وادخال اصبع ونحوه كشبه ذكر مصنوع من نحو جلد في احد السبيلين على المختار لقصور الشهوة ووطئ بهيمة وامراة ميتة من غير انزال واصابه لكر لم تزل بكارتها من غير انزال لان البكارة تمنع القتاء الختانين انتهى ملخصا ويزاد عليه سيلان المنى في القبل بدون الايلاح والايلاح في السرة ونحوها والايلاج في فرج خنثى على ما قيل وايلاج ذكر البهائم وايلاج حشفة ميت والايلاج في دبر نفسه وانقطاع الحيض والنفاس حالة الكفر على ما قيل وخروج المني تغير شهوة والايلاج في فرج الصغيرة والتبطين ونحو ذلك وقد ذكرنا كل هذا سابقا قال وسن للجمعة والعيدين لما فرغ عن الغسل المفروض وما يوجبه شرع في عد الغسل المسنون وذكر منه الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والاحرام ولم يذكر المندوب ولابد علينا ان نفصل في التقسيم تفصيلا فنقول الغسل منه ماهو فرض ومنه ماهو مسنون ومنه ماهو مندوب اما القسم الاول فمنه الغسل بعد الانزال وعند الاحتلام وبعد غيبة الحشفة في قبل او دبر عند روية المستيقظ المذى وان لم يذكر الاحتلام وعند انقطاع الحيض والنفاس وقد مر ذكر هذه مع دلائلها ومنه الغسل بعد الاسلام لو حصلت شيء من موجباته قبل ذلك لم يغتسل غسلا شرعيا على الاصح كما كما في البرهان والايضاح ومراقي الفلاح وغيره خلافا لما ذكره الشارح في الانقطاع وقد مر ما عليه ويجب الغسل اذا بلغ لا بالسن بان احتلم الصبي او الصبية وانزلا على وجه الدفق اول مرة او حاضت المراة اول مرة او نفست وقال بعضهم لايجب الغسل لان الخطاب انما بتوجه عقيب البلوغ فهو سابق على الخطاب والاحوط هو الوجوب قاله قاضيخان وغيره كذا في الغنية واما القسم الثاني فمنه الغسل للجمعة وقد وردت احاديث بفضله بعضها تدل على وجوبه وبعضها على استنانه وبعضها على استحبابه فروى الطبراني في الاوسط قال المنذري اسناده قريب الى الحسن عن عبد الله بن ابي قتادة قال دخل على ابي وانا اغتسل يوم الجمعة فقال غسلك هذا من جنابة وللجمعة قلت من جنابة قال اعد غسلا آخر قاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة الى الجمعة الاخرى ورواة ابن خزيمة في صحيحه وقال هذا حديث غريب لم يروه غير هارون يعني ابن مسلم ورواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ من اغتسل يوم الجمعة لم يزل طاهر الى الجمعة الاخرى وروى ابن خزيمة في صحيحه عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اذا كان يوم الجمعة فاغتسل الرجل وغسل راسه ثم تطيب من اطيب طيبة وليس من صالح ثيابه ثم خرج الى الصلوة ولم يفرق بين اثنين ثم استمع الامام غفر له من الجمعة وزيادة ثلثة ايام وروى احمد والطبراني وابن خزيمة عن ابي ايوب الانصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب ان كان عنده وليس من احسن ثيابه ثم خرج حتى ياتي المسجد فيركع ما بدأ له ولم يوذ احد ثم انصت حتى يصلى كان كفارة لما بينها وبين الجمعة الاخرى وروى احمد والطبراني عن ابي الدراء مروعا من اغتسل يوم الجمعة ثم لبس من احسن ثيابه ومس طيبا ان كان عنده ثم مشى الى الجمعة وعليه السكينة ولم يتخط احد ولم يوذه ثم ركع ماقضى له انتظر حتى ينصرف الامام غفر مابين الجمعتين وروى احمد عن عطاء الخراساني قال كان نبيشة الهذلي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انه قال ان المسلم اذا اغتسل يوم الجمعة ثم اقبل الى المسجد لايؤذى احد فان لم يجد الامام خرج صلى ما بدأ له وان وجد الامام قد خرج جلس واستمع وانصت حتى يقضي الامام جمعة ان لم يغفر له في جمعته تلك ذنوبه كلها ان تكون كفارة الجمعة الى تليها وروى الطبراني في الكبير والاوسط عن ابي بكر الصديق وعمران بن حصين قالا قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من اغتسل يوم الجمعة كفرت عنه ذنوبه وخطاياه فاذا اخذ في المشي كتب له بكل خطوة عشرون حسنة وروى احمد قال المنذري ورجاله رجال الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا من غسل واغتسل دنى اقترب واستمع كان بكل خطوة يخطوها قيام سنة وصبامها وروى احمد وابو داود والترمذي وقال حديث حسن والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والحالم عن اوس بن اوس القفي سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول من غسل واغتسل وبكر ابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الامام فاستمع ولم بلغ كان له بكل خطوة عمل سنة اجر صيامها وقيامها فهذه الاخبار وامثالها وهي كثيرة شهيرة تدل على فضل الغسل يوم الجمعة وقد اجمع العلماء على ذلك لاخلاف بينهم في ذلك واختلفوا في انه واجب او سنة مؤكدة او مستحب فطائفة ذهبوا الى انه واجب وهم الظاهرية وبه قال الحسن البصري وعطاء بن ابي رباح والمسيب بن رافع كذا قال العيني في البناية وهو المحكى عن جماعة من السلف منهم ابو هريرة وعمار بن ياسر والمروى عن احمد الروايتن عنه كذا في ارشاد السارق وتنسب صاحب الهداية الوجوب الى مالك ونسبة غير مطابقة لما في الاستذكار لا اعلم احد اوجب الغسل للجمعة الا اهل الظاهر فانهم اوجبوه وروى ابن وهب عن مالك انه سئل عن غسل يوم الجمعة اواجب هو قال هو سنة قيل له في الحديث انه واجب قال ليس كلما جاء في الحديث يكون كذلك وروى اشهب عن مالك انه سئل عن غسل يوم الجمعة اواجب هو قال حسن وليس بواجب انتهى ملخصا لكن ذكر النووي في شرح صحيح مسلم ان ابن المنذر قد حكى الوجوب عن مالك وطائفة ذهبوا الى انه سنة مؤكدة وهم الاكثرون فمن اصحابنا القدورى نص على سنية الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والاحرام في مختصرة والمصنف والشارح في النقاية وصاحب المنية وشارحها ابن امير حاج حيث قال الذي يظهر واستنان غسل الجمعة لما روى عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يغتسل من اربع من جنابة ويوم الجمعة وغسل الميت ومن الحجامة رواه ابو داود وصححه ابن خزيمة والحاكم وقال على شرط الشيخين وقال البيهقي رواته كلهم ثقات فان هذا الحديث ظاهرا تقييد المواظبة انتهى وصاحب الكنز وصاحب خزانة المفتين وصاحب تحفة الملوك وقاضيخان في فتاواه وصاحب الخلاصة وصاحب التاتار خانية نقلا عن المحيط وصاحب الهداية في مختارات النوازل وصاحب الدرة المنيفة وصاحب الدرر وصاحب النهر وصاحب مراقي الفلاح وصاحب التنوير وغيرهم من المتقدمين والمتاخرين ومن الشافعية النووي والقسطلاني وابن ارسلان في صفوة الزبد وزين الدين المليباري في قرة العين وغيرهم ومن المالكية ابن ابي زيد حيث قال في رسالته الغسل للجمعة واجب اي وجوب السنن وقال ايضا الغسل للعيدين حسن وليس بلازم وخليل بن اسحق في مختصره وابن عبد البر والزرقاني وغيرهم وطائفة ذهبوا الى انه مستحب وهم شرذمة قليلة من اصحابنا آخذين ذلك من قول محمد في الاصل انه حسن واختاره ابن الهمام وقال النظر يوجب الاستحباب والحلبي فقال في شرح المنية الصغير الاصح انه مندوب اما الطائفة الاولى فاستندت بظواهر بعض الاخبار التي تدل على الوجوب منها حديث ابن عراخرجه مالك في الموطأ ومن طريقة البخاري والنسائي في صححيهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اذا جاء احدكم الجمعة فليغتسل ورواه الترمذي بلفظ من اتى الجمعة فليغتسل وقال حديث ابن عمر حديث حسن غريب ورواه ابن ماجة عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول على المنبر من اتى الجمعة فليغتسل واخرج الطحاوي في شرح معاني الاثار عن يحيى قال سمعت رجلا يسأل ابن عمر عن الغسل يوم الجمعة فقال امر نابه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومنها حديث ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم اخرجه مالك والبخاري وابن ماجة والنسائي ومسلم والطحطاوي وغيرهم واخرجه النسائي ومسلم ايضا بلفظ الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم والسواك ويمس من الطيب ماقدر عليه ومنها حديث عمر اخرجه مالك والبخاري ومسلم عن ابن عمر ان عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة اذ دخل رجل من المهاجرين الاولين من اصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فناداه عمراية ساعة هذه قال اني شغلت فلو انقلب الى اهلي حتى سمعت التاذين فلم ازد ان توضأت فقال والوضوء ايضا وقد علمت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يامر بالغسل وروى مسلم عن ابي هريرة قال بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة اذ دخل عثمان بن عفان فعرض به عمر فقال ما بال رجال يتاخرون بعد النداء فقال عثمان ياامير المؤمنين مازدت حين سمعت النداء الا ان توضأت ثم اقبلت فقال عمرو الوضوء ايضا الم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول اذا جاء احدكم الى الجمعة فليغتسل وروى الطحاوي عن ابن عباس بينما عمر يخطب الجمعة اذا قبل رجل فدخل المسجد فقال له عمر الان فقال ما زدت حين سمعت النداء على ان توضأت ثم جئت فلما ادخل امير المؤمنين عم ذكرته فقلت ما سمعت ما قال قال حدثنا قلت قال مازدت على ان توضأت حين سمعت النداء فقال اما انه قد علم انه امرنا بغير ذلك قلت وماهو قال الغسل قلت انتم ايها المهاجرون الاولون ام الناس جميعا قال لا ادري ومنها حديث ابي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حق الله على كل مسلم ان يغتسل في كل سبعة ايام اخرجه البخاري ومسلم زاد البزار والطحاوي وذلك يوم الجمعة ومنها حديث جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على كل رجل مسلم في كل سبعة ايام غسل يوم هو يوم الجمعة اخرجه النسائي واخرجه الطحاوي بلفظ الغسل واجب على كل مسلم في كل اسبوع يوما يوم الجمعة ومنها حديث البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان من الحق على المسلم ان يغتسل يوم الجمعة وان يمس طيبا ان كان عند اهله اخرجه الطحاوي ومنها حديث حفصة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على كل محتلم الرواج الى الجمعة وعلى من راح الى المسجد الغسل اخرجه الطحاوي ومنها حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يامرنا بالغسل اخرجه الطحاوي واخرج الطحاوي ايضا اثارا موقوفة على سعيد وابي قتادة وابي هريرة وعن عبد الله قال كنت قاعدا مع سعد فذكر الغسل يوم الجمعة فقال سعد ما كنت ارى مسلما يدع الجمعة وروى عن طاوس قال سمعت ابا هريرة يقول حق الله واجب على كل مسلم في سبعة ايام يغتسل ويمس طيبا ان كان لاهله وروى عن ثابت ابن ابي قتادة ان اباه قال له اغتسلت للجمعة فقلت له اغتسلت من جنابة فقال اغتسل للجمعة فانك انما اغتسلت للجنابة فهذه وامثالها اخبار مرفوعة وموقوفة دالة على الوجوب وللجمهور في الجواب عنها طرق ثلثة الطريق الاول المعارضة باحاديث تدل على عدم الوجوب منها حديث من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فهو افضل اخرجه ابو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه ايضا احمد في مسنده والبيهقي في سننه وابن ابي سيبة في مصنفه والدارمي في سننه وغيرهم فان قلت الحديث معلول بان الحسن لم يسمع من سمرة كما قاله ابن حبان في النوع الرابع من القسم الخامس من صحيحه وقال النسائي والدار قطني لم يسمع منه الا حديث العقيقة قلت قد ذكر البخاري في تاريخه الوسط عن علي بن المديني سماعه منه ونقله الترمذي عن البخاري في جامعه وسكت عليه واختاره الحالم في المستدرك وقد نقل الزيلعي في نصب الراية عبارتهم فارجع اليه واخرج ابن ماجة بسند ضعيف عن انس مرفوعا من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت تجزى عنه الفريضة ومن اغتسل فالغسل فضل واخرجه الطحاوي والبزار بسند فيه الضحاك بن حمزة وهو ضعيف واخرجه الطبراني في معجمه الوسط من طريق اخرون البيهقي والبزار عن اب سعيد الخدري مرفوعا مثله وفي سنده لسيد ابن زيد وهو كذاب قاله ابن معين واخرج البزار في مسنده عن ابي هريرة مرفوعا مثله ابن عدي في الكامل واعله بابي بكر الهذلي واخرج عبد بن حميد في مسنده وعبد الرزاق والبزار عن جابر مرفوعا نحوه وروى نحوه الطبراني العقيلي في التاب الضعفاء عن جابر مرفوعا بسند ضعيف ورواه البيهقي في سننه بسند غريب من حديث ابن عباس فان قلت كيف يكون هذا الحديث معارضا لاحاديث الوجوب وهي قوية منه قلت هذا الحديث بكثرة طرقه تفيد قوة وثاقه كما تقرر في محله فيصلح معارضا ومنها حديث ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من توضأ واحسن الوضوء ثم اتى الجمعة فدنى واستمع وانصت غفر له مابينه وبين الجمعة وزيادة ثلثة ايام ومن مس الحصى فقد لغا اخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وابن ماجة في باب الرخصة في ترك الغسل ومنها ما اخرجه الطحاوي في شرح معاني الاثار عن انس مرفوعا توضأ يوم الجمعة ومن اغتسل فالغسل حسن واخرج طريق اخر عنه مرفوعا من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت وقد ادى الفرض ومن اغتسل فالغسل افضل ثم قال قد بين رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث ان الفرض هو الضوء وان الغسل افضل والطريق الثاني ادعاء نسخ الوجوب فقال طائفة بحديث سمرة المذكور سابقا ورده ابن الجوزي في التحقيق في هذا بعد اذ لاتاريخ معهم وايضا فاحاديث الوجوب اقوى والضعيف لاينسخ القوي انتهى وقال طائفة بحديث ابن عباس وعائشة فالهما يدلان على ان الوجوب كانت لعلة فبارتفاعها يرتفع الوجوب فقد روى ابو داود عن عائشة قالت كان الناس مهان انفسهم فيروحون الى الجمعة بهيأتهم فقيل لهم لو اغتسلتم وروى عن عكرمة ان اناسا من اهل العراق جاؤا الى ابن عباس فقالوا ترى الغسل يوم الجمعة واجبا قال ولكنه اطهر وخير لمن اغتسل ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب وسأخبر كم كيف بدؤا الغسل كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف فخرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في يوم حار وعرق الناس في ذلك الصوف حتى ثارت منهم رياح اذى لك بعضهم بعضا فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تلك الريح قال ايها الناس اذا كان هذا اليوم فاغتسلوا وليمس احدكم افضل ما يجد من دهنه وطيبة وقال ابن عباس ثم جاء الله تعالى ذكره بالخبر ولبسوا غير الصوف وكفوا العمل ووسع مسجدهم وذهب بعض الذي كان يؤذى بعضهم بعضا من العرق وروى النسائي عن القاسم بن محمد اابي بكر انه قال ذكروا غسل يوم الجمعة عند عائشة فقالت انما كان الناس يسكنون العالية فيحضرون الجمعة ولهم وسخ فاذا اصابهم الريح سطعت ارواحهم فيتاذى به الناس فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال او لايغتسلون وروى مسلم عن عمرة عن عائشة قالت كان الناس اهل عمل ولم تكن لهم كفاة فكانوا يكون لهم تفل فقيل لهم لو اغتسلتم وروى عن عروة عنها قالت كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم ومن العوالي فيأتون في العباء ويصيبهم الغبار فيخرج منهم الريح فاتى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انسان منهم وهو عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لو انكم تطهرتم ليومكم هذا وروى البخاري عن عمرة عن عائشة نحوه وروى الطحاوي في شرح معاني الاثار عن ابن عباس مثل رواية ابي داود وقال فهذا ابن عباس يخبران الامر الذي امر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن للوجوب عليهم وانما كان لعلة ثم ذهبت تلك العلة فذهب الغسل وهو احد من روى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انه كان يامر بالغسل انتهى ثم روى عن عائشة مثل رواية ابي داود ايضا وقال فهذه عائشة تخبر بان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انما كان ندبهم الى الغسل للعلة كما اخبر بها ابن عباس وانه لم يجعل ذلك عليهم حتما وهي احد من روينا عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يامر بالغسل انتهى وفي نصب الراية مما يدل على النسخ ماروده ابن عدي في الكامل من حديث الفضل ابن المختار عن ابان بن ابي عياش عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جاء منكم للجمعة فليغتسل فلما كان الشتاء قلنا يارسول الله امرتنا بالغسل للجمعة وقد جاء الشتاء ونحن نجد البرد فقال من اغتسل فبها ونعمت ومن لم يغتسل فلا حرج الا ان هذا سند ضعيف يشد بغيره انتهى الطريق الثالث عدم تسليم دلالة ماذكره القائلون بالوجوب من الاحاديث على الوجوب اما حديث ابن عمر فلان الامر فيه محمول على الاستحباب توفيقا بينه وبين حديث من توضأ فبها فأن قلت هذا الحديث ضعيف وحديث ابن عمر صحيح فكيف التوفيق بين الصحيح والضعيف قلت قد روى هذا الحديث عن سبعة انفس من الصحابة فحديث سمرة صحيح كما نص عليه الترمذي وحديث انس انما ضعيف لاجل زيد الرقاشي قال ابن عدي ارجو انه لاباس به لرواية الثقات عنه مع ان الاحاديث الضعيفة اذا ضم بعضها الى بعض اخذت قوة كما قاله البيهقي وغيره كذا في البناية واما حديث ابي سعيد الخدري فلان معنى قوله واجب اي متأكد في حقه كما يقال حقك واجب اي متأكد لان المراد بالواجب المتحتم المعاقب عليه كذا قال النووي في شرح صحيح مسلم وقال القرطبي ظاهر حديث ابي سعيد وجوب الاستنان والطيب لذكرهما بالعاطف والتقدير الغسل واجب والاستناد والطيب كذلك وليسا واجبين اتفاقا فدل على ان الغسل ليس بواجب اذ لايصح تشريك ماليس بواجب مع الواجب بلفظ واحد انتهى وفيه نظر اما اولا فلان دعوى الاجماع في الطيب مردوده فقد روى سفيان بن عينينة في جامعه باسنا حسن عن ابي هريرة انه كان يوجب الطيب يوم الجمعة وبه قال بعض اهل الظاهر واما ثانيا فلانه يمكن خروج الطيب والاستنان عن الوجوب بدليل اخر فيبقى ماعداه على الاصل كذا اذكره ابن المنير واما ثالثا فلانه لايمتنع عطف ماليس بواجب على ماهو واجب لاسيما اذا لم يقع التصريح بحكم المعطوف كذا قال الطيبي في شرح المشكوة واما حديث عمر فلما قال الطحاوي في شرح معاني الاثار من ان عثمان لم يغتسل واكتفى بالوضوء وقد قال له عمر قد علمت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يامر بالغسل ولم يامره عمر ايضا بالرجوع للامر ففي ذلك دليل على ان الغسل الذي امر به لم يكن عندهما للوجوب وانما كان لعلة على ما قال ابن عباس او لغير ذلك ولو ذلك ماتركه عثمان ولما سكت عمر عن امره اياه بالرجوع حتى يغتسل وذلك بحضرة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما سمعه عمر وعلموا معناه ولم ينكروا من ذلك شيئا ولم يامروا بخلافه ففي هذا اجماع منهم على نفي الغسل انتهى وسبقه الى ذلك الامام الشافعي فقال في الرسالة بعد ان اورد حديث ابن عمر وحديث الخدري احتمل قوله واجب معنين احدهما انه واجب فلا يجزي الطهارة لعبادة الجمعة الا بالغسل واحتمل انه واجب بالاختيار وكرم الاخلاق والنظافة ثم استدل الشافعي على الاحتمال الثاني بقصة عثمان مع عمر قال فلما يترك عثمان الصلوة للغسل ولم يامره عمر بالخروج للغسل دل ذلك على انهما قد علما ان الامر بالغسل للاختيار كذا نقله الحافظ ابن حجر في فتح الباري ثم قال وعلى هذا الجواب قول اكثر المصنفين في هذه المسألة كابن خزيمة والطبري والطحاوي وابن حبان وابن عبد البر وهلم جرا وزاد بعضهم فيه ان من حضره من الصحابة واتفقوا على ذلك فكان اجماعا منهم على ان الغسل ليس شرطا في صحة الصلوة وهو استدلال قوي وقد نقل الخطابي وغيره اجماع اهل الظاهر على ان صلوة الجمعة بدون الغسل محرمة لكن حكى الطبري عن قوم انهم قالوا بوجوبه ولم يقولوا انه شرط بل هو واجب مستقل يصح الصلوة بدونه انتهى كلامه قلت ماذكره الشافعي والطحاوي وغيرهما انما ينهض رد اعلى من قال بكون الغسل شرطا للصلوة واما من يقول بوجوبه مستقلا فلا لان له ان يقول الغسل وان كان واجبا لكن لما شغل عثمان بامر وضاق الوقت ترك الغسل لوجوب السعي عند سماع الاذان فهو معذورة في تركه ولا يلزم من تركه ان لايكون واجبا نعم لو تركه اختيار مع سعة الوقت لكان فيه دلالة على عدم الوجوب وانما لم يامره عمر بالرجوع الى الغسل لانه قد واجب اخر وهو سماع الخطبة فوق الغسل فلو امره بالرجوع لزم اختيار الادنى وترك الاعلى فلا يلزم من عدم امره للرجوع ايضا عدم الوجوب وبالجملة وجوب الغسل مقيد بسعة الوقت وعند ضيقه وخوف فوت واجب اخر فوقه يسقط وجوبه فاذن الاولى ان يجاب بان قصة عمر لادلالة على الوجوب اصلا لان زجرة عثمان على ترك الغسل وترك الخطبة لاجل يحتمل ان يكون لترك سنة مؤكدة فان الصحابة رضى الله عنهم كانوا مبالغين في لام بالسنن نحو اهتمامهم بالواجبات فلا ينهض هذه القصة دليلا على القائلين بالسنية نعم تنهض على القائلين بمجرد الاستحباب البته واما حديث ابي هريرة وحديث البراء فلان كون الغسل حقا لله على عبادة لايستلزم وجوبه بل يشمل السنية ايضا واما حديث جابر وحفصة فلان كلمة على تدل على اللزوم وهو موجود في السنية واما حديث عائشة فلان الامر مستعمل في الندب ايضا واما اثر سعد فلما ذكره الطحاوي من ان معناه ماكنت ارى مسلما يدع الغسل يوم الجمعة لما فيه من الفضل مع خفة مؤقتة واما اثر ابي هريرة فلانه ورد فيه ويمس طيبا فلم يكن مس الطيب على الفرض فذكلك الغسل كذا قال الطحاوي وفيه نظر لما مر من ان مذهب ابي هريرة وجوب الطيب والغسل فلا حاجة الى تأويله وفي فتح الباري حكى ابن حزم الوجوب عن عمرو جم غفير من الصحابة ومن بعدهم ثم ساق الرواية عنهم لكن ليس فيها عن احد منهم التصريح بذلك الا نادرا وانما اعتمد في ذلك على اشياء محتملة كقول سعد ما كنت اظن مسلما يدع غسل يوم الجمعة انتهى واما اثر ابي قتادة فقال الطحاوي هو ارادة منه للقصد بالغسل للجمعة لاصابة الفصل هذا كله كان كلاما في استدلالات الطائفة الاولى مع ما لهم وما عليهم واما الطائفة الثانية القائلة بالسنية فاستدلت بالمواظبة الثابتة من حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يغتسل من اربع من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة ومن غسل الميت كما نقله من حلية المحلى وفيه نظر لانه لم يثبت انه عليه الصلوة السلام وغسل ميتا فكيف يصح نسبة الغسل منه اليه فلابد ان يصار الى ان معنى يغتسل يامر بالغسل فلا دلالة له على المواظبة الفعلية فالاولى ان يستدل بما رواه احمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير عن الفاكه قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يغتسل يوم الجمعة ويوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة وذكر صاحب البحر وغيره لاثبات السنية حديث سمرة ومن اغتسل فهو افضل وانت تعلم انه لايدل الا على الفضل والاستحباب دون الاستنان واما الطائفة الثالثة فقالت ان غسل الجمعة لامرد لشرعيته وكان واجبا على ما تفيده رواية مالك عن ابن عمر فان عول في الجواب على النسخ مع مادفع به ان الناسخ وان صححه الترمذي لايقوى قوة حديث الوجوب وليس فيه تاريخ ايضا فعند التعارض يقدم الموجب فاذا انسخ الوجوب لايبقى حكم بخصوصه الا بدليل والدليل يفيد الاستحباب وهو حديث سمرة وكذا ان عول على انه من قبيل انتهاء علته كما يفيده ما ارخجه ابو داود عن عكرمة وان عول على ان المراد بالامر في حديث ابن عمر الندب وبالوجوب في حديث الخدري الثبوت شرعا على وجه الندب بالقرينة المنفصلة اعني قوله عليه السلام ومن اغتسل فهو افضل فدليل الندب يثبت الاستحباب اذ لاسنة بدون المواظبة عليه السلام وليس ذلك بلازم كذا ذكره ابن الهمام في فتح القدير وفيه نظر لما مر من حديث المواظبة ومنه الغسل للعيدين وفيه قولان احدهما انه سنة مؤكدة وهو قول الجمهور فكل من صرح بسنية غسل الجمعة صرح بهذا وبسنية غسل الاحرام وعرفة ويدل عليه ما رواه ابن ماجة عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الاضحى وروى ايضا عن الفاله بن سعد ان رسول الله عليه الصلوة والسلام كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة وذكر الحافظ ابن حجر في تخريج شرح الوجيز للرافعي انه رواه البزار والبغوي وابن قانع وعبد الله بن احمد في زيادات المسند من حديث الفاكه واسناده ضعيف ورواه البزاز من حديث ابي رافع واسناده ضعيف ايضا وفي الباب من الموقوف عن على رواه الشافعي وعن ابن عمر رواه مالك وروى البيهقي عن عروة بن الزبير انه اغتسل للعيد وقال انه السنة انتهى وثانيهما انه مستحب وهو قول من قال باستحباب غسل الجمعة وقد اختلفوا في ان غسل الجمعة لليوم او للصلوة كما سياتي وتقريره في شرح الشرح ولم يذكروا ان غسل العيدين هل هو لليوم او للصوة ولذا قال صاحب المنبع شرح المجمع فان قلت هل يتاتي هذا الاختلاف في غسل العيدين قلت يحتمل ذلك ولكني ماظفرت به انتهى وقال صاحب البحر الظاهر انه للصلوة ايضا ويشهد له ماصح في موطأ مالك عن نافع عن ابن عمر انه كان يغتسل يوم الفطر قبل ان يغدو انتهى وتعقبه صاحب النهر بانه قال فلا خسروا في الغرر مالفظه ويس لصلوة جمعة ولعيد وقال في شرحه الدرر اعاد اللام لئلا يفهم كونه سنة لصلوة العيد وهذا صريح في انه لليوم فقط وذلك لانه يوم سرور والسرور فيه عام فيندب فيه التنظيف لكل قادر عليه صلى ام لا انتهى وفي شرح النقاية لا لياس زاده لم ينقل في هذا الغسل انه لليوم او للصلوة وينبغي ان يكون مثل الجمعة لان العيدين ايضا الاجتماع فيستحب الاغتسال دفعا للرائحة انتهى ومنه الغسل اللاحرام وهو له لليوم قاله صاحب النهر ودليله ماروى من طرق انه عليه الصلوة والسلام كان يغتسل لاحرامه فروى الترمذي والدارمي في سننه من طريق ابن ابي الزناد عن ابيه عن خارجه بن زيد بن ثابت عن ابيه انه رأى النبي عليه الصلوة والسلام تجرد لا هلاله واغتسل قال الترمذي هذا حديث غريب حسن واخرجه الطبراني والدار قطني بلفظ اغتسل لاحرامه واخرجه العقيلي بسند الدار قطني واعله بابي عذبة قال عنه مناكير ولا يتابع عليه الا من طريق فيه ضعف انتهى واخرج الطبراني في معجمه الوسط حدثنا عيسى بن محمد الواسطي حدثنا محمد بن عمرو الهروي حدثنا عبيد الله بن المجيد الحنفي حدثنا بن الياس عن صالح بن ابي حسان عن عبد الملك ابن مروان عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان اذا خرج مكة اغتسل حين يريد ان يحرم وروى الحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه عن يعقوب بن عطاء بن ابي رباح عن ابيه عن ابن عباس قال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم لبس ثيابه فلما اتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيرة فلما استوى احرام روى ابن ابي شيبه في مصنفه عن سهل بن يوسف عن حميد عن بكر بن عبيد الله المزني عن ابن عمر قال من السنة ان يغتسل اذا اراد ان يحرم واخرجه البزاز في مسنده والدار قطني في سننه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا وروى الدارمي في سننه ومسلم عن عائشة قالت نفست اسماء محمد بن ابي بكر بالشجرة فامر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ابا بكر ان يامرها بان تغتسل وتهل واخرجه النسائي مطولا قاله النووي في شرح صحيح مسلم فيه استحباب اغتسال الحائض والنفساء للاحرام وهو مجمع عليه لكن مذهبنا ومذهب مالك وابي حنيفة والجمهور انه مستحب وقال الحسن واهل الظاهر هو واجب انتهى وقال ابن الهمام ان الغسل للاحرام مستحب اي ليس بسنة ايضا وقال اماما روى الترمذي عن خارجة بن زيدي ثابت عن زيد بن ثابت انه عليه السلام تجرد لاهلاله واغتسل فوافقه حال لاتستلزم المواظبة فاللازم الاستحباب الا ان يقال الاهلال جنس مضاف فيعم اللفظ كل اهلال صدر منه فيثبت سنيه هذا الغسل انتهى وانت تعلم انه لاحاجة الى هذا التكلف لثبوت السنية باخبار اخر ومن الغسل يوم عرفة واختار ابن الهمام ومن تبعه انه مستحب ليس بينة وقد مر مايدفعه سابقا وفي البدائع يجوز ان يكون غسل عرفة صلى الخلاف السابق في الجمعة انتهى وقال ابن امير حاج في الحلية الظاهر انه للوقوف وما اظن احد ذهب الى استانة ليوم عرفة من غير حضور عرفات انتهى وفي رد المحتار عن شرح نظم الكنز للمقدسي اقول لايستبعد ان يقول احد بسنيته لليوم لفضيلته حق لو حلف لطلاق امراته في افضل ايام العام تطلق يوم عرفة ذكره ابن مالك في شرح المشارق وقد وقع السؤال عن هذا في هذه الايام وداريين الاقوم وكتب بعضهم بافضلية يوم الجمعة والنقل بخلافه انتهى واما القسم الثالث فمنه الاغتسال لدخول مكة والوقوف بمزدلقة ودخول مدينة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن اغتسل الميت والحجامة لشبهة الخلاف وليلة القدر اذا راها وللجنون اذا افاق والصبي اذا بلغ بالسن كذا في فتح القدير وذكر صاحب الحلية ان الظاهر ان الغسل لدخول مكة سنة للمواظبة كما يدل عليه مارواه البخاري وغيره عن نافع قال كان ابن عمر اذا ادخل ادنى الحرام وامسك ثم يبيت بذي طوى ثم يصلى به الصبح ويغتسل ويحدث ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يفعل ذلك ومنه غسل الكافر اذا اسلم بذلك امر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جاء يريد الاسلام كذا في التجنيس وهو ما اخرج احمد في مسنده عن ابي هريرة ان ثامة ابن اثال اسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اذدهبوا به الى حائط بني فلان ومروه ان يغتسل واخرج ابو نعيم في حلية الاولياء في ترجمة منصور بن عمار حدثنا سليمان بن احمد حدثنا محمد بن ادريس بن مطيب المصيصي ثنا سليم ابن منصور بن عمار حدثنا ابي ثنا معروف ابو الخطاب عن واثلة بن الاسقع قال لما اسلمت اتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال اغتسل بماء سدر واحلق عنك شعر الكفر وفي شرح السير الكبير لشمس الايمة السرخسي عن كليب انه قدم على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبايعه وقال احلق عنك شعر الكفر فحلق راسه قال محمد ولا يرى هذا من الواجب على الناس الا ترى انه لم يامر به اكثر الصحابة ولعلع راى كليبا معجبا بشعره فامره ان يزيل عنه او استحب له زيادة التطهير بخلاف ماتقدم من الاغتسال فان الامر به كان على سبيل الايجاب انتهى قلت هذا ما مر في بحث الغسل يفيدك ان غسل الكافر اذا اسلم واجب لان الكفارة لايدرون كيفية الغسل يغتسلون على وجه يطهرون به وحكم الاستحباب في ماعدا ذلك ومنه الغسل في ليلة البراءة اي ليلة النصف من شعبان وليلة عرفة كذا في التاتار خانية نقلا عن خزانة الفقه ومن الغسل في كل يوم من ايام التشريق والغسل لطواف الوداع وعند دخوله في منى يوم النحر كذا في مفاتيح الجنان شرح شرعة الاسلام ومنه الغسل لصلوة الكسوف وصلوة الخسوف وصلوة الاستسقاء كذا في الدرة المنيفة والدرر شرح الغرور ومنه الغسل للتائب من الذنب وللقادم من سفر ولمن يراد قتله وللمستحاضة اذا انقطع دمها كذا في حلية المحلى نقلا عن خزانة انهالاكمل ومنه الغسل لطواف الزيادة ولصلوة من فزع من مخوف ومن ظلمة حصلت نهارا من ريح شديد في ليل او نهار كذا في راقي الفلاح ومنه الغسل لحضور مجمع الناس كذا في شرح المهذب للنووي قال صاحب البحر لم اجده لايمتنا اقو هو مصرح في البناية شرح الهداية للعيني ومعراج الدراية ومنه الغسل لمن لبس ثوبا جديد كذا في خزائن الاسرار شرح تنوير الابصار نقلا عن النتف ومنه الغسل للرمي يوم البحر الاغتسال يوم النحر خمسة للوقوف بمزدلفة بعد طلوع الفجر ودخول منه ورمى الجمار ودخول مكة والطواف الظاهر انه ينوب غسل واحد عنها كذا في رد المحتار ومنه الغسل لمحتلم اراد معاودة اهله لحديث ورد بذاك ومنه غسل من اصابته نجاسة وخفى مكانها فيغتسل جميع بدنه وجميع ثوبه احتياطا كذا في مراقي الفلاح قال الطحاوي في حواشيه عده في البحر من الغسل المقروض وهو الذي تفيده عبارة السيد وهو الصحيح خلافا لمن قال انه يطهر يغسل طرف منه انتهى وليعلم انه ذكر صاحب المنية وغيره قسم رابعا للغسل وهو الواجب ومثلوه بغسل الميت مع كالاجنبي من المبحث لانه غسل خارج من ذات من كلف به فكان كغسل الثوب مع ان الظاهر من الادلة ان غسل الميت فرض كفاية اذا قام به البعض سقط عن الكل كذا في الغنية قوله فغسل الجمعة سن الصلوة الجمعة وهو الصحيح لايدر ماهذه الفاء وقدمنا ان الشارح شديد المحبة بحرف الفاء حيك في الشيء يعمر ويصم وبيان الاختلاف في غسل الجمعة انهم اختلفوا في ذلك على قولين الاول انه لليوم وهو قول الحسن بن كما حيك في الهداية وغيرها وبه قال محمد وداود الظاهري وهو رواية عن ابي يوسف كما في البناية والدليل اما عقلا فهو يوم الجمعة سيد الايام واشرفها فيسن فيه الغسل اظهار للفضيلة واما نقلا فحديث غسل يوم الجمعة واجب على كل محتار غير ذلك من الاحاديث الدالة على اضافة الغسل الى اليوم الجواب عنه انه قدم من حديث ابن عباس وعائشة ان شرعية في الغسل انما هو لازالة الرائحة لئلا يتاذى به الناس واضافته الى اليوم لايدل على انه مع قطع النظر عن الصلوة الثاني وهو الصحيح عند الجمهور وهو قول ابي يوسف على مافي الهداية وغيرها انه للصلوة لالليوم والدليل عليه حديث ابن عباس عائشة وحديث اذا جاء احدكم الجمعة فليغتسل وغيره ذلك من الاحاديث المارة وثمرة هذا الاختلاف تظهر في مسائل انها مافي البناية ومختارات النوازل وغيرهما ان من لاتجب عليه صلوة الجمعة كالمرآة والعبد والمسافرين لهم الغسل على قول حسن عند ابي يوسف ومنها مافي الخلاصة والبناية وغيرهما انه لو اغتسل يوم الجمعة ثم احدث وصلى بوضوء مستحدث لا ينال اب غسل الجمعة عند ابي يوسف وعند الحسن ينال وفيه ما اورده عبد الغني النابلسي في شرح هدية ابن العماد من انهم رحوا ان هذه الاغسال الاربعة للنظافة لا للطهارة مع انه لو تخلل الحدث تزداد النظافة بالضوء ثانيا ولئن كان للطهارة ضافهى حاصلة بالوضوء ثانيا مع بقاء النظافة فالاولى عندي الاجزاء وان تخلل الحدث لانه مقتضى الاحاديث الوادرة في ذلك لب حصول النظافة كذا نقل عنه ابن عابدين في رد المحتار وفي فتح الباري استدل بالحديث مالك في انه يعتبر ان يكون الغسل متصلا بالذهاب ووافقه الاوزاعي ولليث والجمهور قالوا يجزى من بعد الفجر وقال الاثرم سمعت احمد بن حنبل سئل عن من اغتسل ثم احدث هل يكفيه الوضوء فقال نعم ولم ار فيه اعلى من حديث ابن ابزي يشير الى ما اخرجه ابن ابي شيبة باسناد صحيح من سعيد بن عبد الرحمن بن ابوي عن ابيه وله صحبة انه كان يغتسل يوم الجمعة ثم يحدث فيتوضأ ولا يعيد الغسل انتهى ومنها في الخلاصة وغيرها انه لو اغتسل قبل الصبح ودام على ذلك حتى صلى الجمعة ينال فضل الغسل عند ابي يوسف وعند الحسن لا فيه مااورده الزيلعي في شرح الكنز من انه لايشترط وجود الاغتسال في ما سن الاغتسال لاجله وانما يشترط ان يكون متطهرا لاغتسال الا ترى لايشترط الاغتسال في الصلوة وانما يشترط ان يصلي بطهارة الاغتسال فكذا ينبغي ان يكون متطهر بطهارة الى ساعة من اليوم عند الحسن لا ان ينشي الغسل فيه انتهى ويؤيد هذا الايراد مافي فتاوى قاضيخان من انه ان اغتسل قبل الصبح وصلى بذلك كانت الصلوة بغسل عند الحسن انتهى وذكر في البناية نقلا عن صلوة الجلابي انه لو اغتسل يوم الخميس او ليلة اخذ بالسنة لحصول المقصود وهو قطع الرائحة وقال صاحب البحر بعد نقله عن معراج الدراية ينبغي ان لاتحصل السنة عند ابي يوسف لاشتراطه ان لايتخلل بين الغسل والصلوة حدث والغالب في مثل هذا القدر من الزمان حصول حدث بينهما ولا تحصل السنة ايضا عند الحسن لانه يشترطان ان يكون متطهر بطهارة الاغتسال في اليوم ولا قبلة انتهى ومنها انه لو اغتسل بعد الصلوة قبل الغروب يكون اتيا بالسنة عند الحسن لا عند ابي يوسف كذا في البناية وغيرها وفيه ان المذكور في مختارات النوازل والمحيط وفتاوى قاضيخان انه لو اغتسل بعد الصلوة لايعتبر بالاجماع لايعتبر وقال صاحب البحر هو الاولى في ما يظهر لي لان سبب مشروعية هذا الغسل الاوساخ من بدن الانسان اللازم منها لدى الناس وهذا المعنى لايحصل بالغسل بعد الصلوة انتهى وقال الجونفور في حواشي الهداية ان قلت اذا اغتسل بعد الصوة لايكون مقيما للسنة بالانفاق ويجب ان يكون مقيما لها غند من يقول بأنه لليوم أجيب بان فضل اليوم للصلوة فأذا أديت الصلوة خرج يوم الجمعة حكما انتهى وفي فتح الباري قال ابن دقيق العيد لقد ابعد الظاهرى حيث ام يشترط تقدم الغسل على اقامة صلوة الجمعة حتى لو اغتسل قبل الغروب كفى عنده تعلقا باضافة الغسل الى اليوم وقد تبين من بعض الرويات ان الغسل لا زالة الروائح الكراهية وفهم منه المقصود عدم اذى الحاضرين وذلك لاينال بعد اقامة الجمعة ولذلكاقةل لو قدمه بحيث لا يحصل منه المقصود لم يعتد به والعنى اذا كان معلوما كانص قطعا أو ظنا مقارنا للقطع فاتباعه وتعليق الحكم به اولى من اتباع مجرد اللفظ قلت وقد حكى ابن عبد البر الاجماع على ان من اغتسل بعد الصلوة لم يغتسل للجمعة ولا فعل ما امر به وادعى ابن حزم انه قول جماعة من الصحابة والتبعين واطال في تقرير ذلك بما جله بصدد المنع والرد ولم يورد عن احد التصريح بتاخير الاغتسال بعد الصلوة وانما اورد عنهم مايدل على انه لايشترط اتصال الغسل بالذهاب الى الجمعة فاخذ به هو انه لافرق بين ماقبل الزوال وبعده والفرق بينهما ظاهر كالشمس انتهى فرع اذا اجتمع يوم عيد وجمعة او يوم عرفة وجمعة يكتفي غسل واحد لهما كذا في معراج الدراية هذا اخر شرح بحث الغسل ولله الحمد على اتمامه وكما فرغ المصنف عن بحث الوضوء والغسل شرع في بحث المياه التي تجوز به الطهارة وما لاتجوز به فنشرع الان في شرحه مستعينا بواهب الجود انه مفيض كل خير ومقصود قال ويجوز الوضوء انما خص الوضوء بالذكر مع ان الاولى ان يقوم الطهارة ليشمل الوضوء والغسل والتطهير عن النجاسات من الثوب والبدن لانه اكثر وقوعا فكان الاهتمام به اكثر قال بماء السماء والارض كالمطر والعين ذكر من المياء مائين ماء السماء الذي مبدأه السماء ومثله بالمطر وماء الارض اي الذي منبعه الارض ومثله بالعين ولم يدكم ماء البحار والاودية والابار ونحوها لدخولهما في ماذكره وتفصيل المقام ان المياه على ما يشاهد انواع يشملها جنسان ماء السماء والارض احدها المطر الذي ينزل من السحاب وهو داخل تحت جنس ماء السماء لانه مبدأه في الغالب والذي يدل عليه قوله تعالى او كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق وقوله وانزلنا من السماء ماء وقوله تعالى انزل من السماء وقوله تعالى وينزل من السماء من جبال فيها برد وقوله تعالى في السماء رزقكم الى غير ذلك من الايات الدالة على ان مبدأ المطر هو السماء واخرج ابو الشيخ بن حيان في كتاب العظمة انه سئل الحسن عن المطر امن السماء ام من السحاب قال من السماء انما السحاب علم ينزل الله عليه الماء من السماء واخرج ابن ابي حاتم وابو الشيخ عن خالد بن معدان قال المطر ماء يخرج من تحت العرش فينزل من سماء الى سماء حتى يجمتمع في السماء الددنيا في موضع يقال له الابزم فيجيئ السحاب السود فتدخله فتشربه فيسوقها الله حيث شاء واخرج ابن ابي حاتم وابو الشيخ عن عكرمة قال ينزل الماء من السماء السباعة فتقع القطرة على السحاب مثل البعير واخرج ابن ابي حاتم وابو الشيخ عن خالد بن يزيد قال المطر منه من السماء ومنه مايسقيه الغيم من البحر فلما ماكان من البحر فلايكون له نبات واما النبات فيما كان من السماء واخرج الشافعي في الام وابن ابي الدنيا في كتاب المطر وابو الشيخ في كتاب العظمة عن المطلب بن حنطب ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ما من ساعة من ليل ولا نهار الا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء واخرج ابن ابي الدنيا وابو الشيخ عن ابن عباس انه قال المطر مزاجه من الجنة فاذا اكثر المزاج عظمت البركة وان قل المطر واذا قل المزاج قلت البركة وان كثر المطر والدليل على طهارة ماء السماء وانه يجوز الطهارة به قوله تعالى وينزل من السماء ماء ليطهر كعبه ويذهب عنكم رجي الشيطان قال ابن عباس ان المشركين غلبوا المسلمين يوم بدر في اول امرهم على الماء فظى المسلمون وصلوا مجنبين محدثين وكانت بينهم رمال فالقى الشيطان في قلوبهم الحزن وقال تزعمون ان فيكم نبيا وانكم اولياء الله وتصلون مجنبين محدثين فانزل الله من السماء ماء فسال عليهم وادى ماء فشرب المسلمون وتطهروا كذا اخرجه عنه ابن المنذر وابو الشيخ وقد نستدل على المدعى بقوله تعالى وانزلنا من السماء ماء طهورا فان الطهور بالفتح بمعنى المطهر لقوله تعالى ليطهركم به وهو اسم لما يتطهر به كالوضوء والوقود لما يتوضأ ويوقد به قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التراب طهور المؤمن وقال طهورا اناء احدكم اذا ولغ فيه الكلب ان يغسل سبعا كذا في تفسير البيضاوي في تفسير الامام الرازي واختلفوا في ان الطهور ماهو قال كثير من العلماء الطهور مايتطهر به كالسحور اسم لما يتسحر وهو مروى ايضا عن ثعلب وانكر صاحب الكشاف ذلك وقال ليس فعول من التفعيل في شيء والطهور في العربية على وجهين صفة واسم غير صفة فالصفه كقولك ماء طهور كقولك طاهر والاسم قولك طهور لما يتطهر حجة القول الاول قوله عليه السلام التراب طهور المسلم ولو لم يجد الماء عشر حجج ولو كان معنى الطهور الطاهر لكان معناه التراب طاهر للسلم وح لاينتظم الكلام وكذا قوله عليه السلام طهور اناء احدكم اذا ولغ فيه الكلب ان يغسله سبعا ولانه تعالى قال وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به فبين ان المقصود من الماء انما هو التطهير به فوجب ان يكون المراد من كونه طهورا انه هو المطهر به لانه تعالى ذكره في معرض الانعام فوجب حمله على الوصف الاكمل ولا شك ان المطهر اكمل من الطاهر انتهى وفي حواشي الخفاجي على تفسير البيضاوي الطهور بمعنى المطهر عند اهل اللغة كما ذكره الازهري وغيره من الثقات لا لانه من التفعيل كما ظنه الزمخشري بل لانه اله للطهارة كالفطور لما يفطر به والة الطهارة هي المطهرة فلاحاجة الى ما تكلفوا لتوجيهه انتهى وفي البحر الرائق اورد ان التمسك بالاية لايصح الا اذا كان الطهور بمعنى المطهر كما هو مذهب الشافعي ومالك واما اذا كان بمعنى الطاهر كما هو مذهبنا فلا يمكن الاستدلال والدليل على انه بمعنى الطاهر قوله تعالى وسقاهم ربهم شرابا طهورا وصفة بانه طهور وان لم يكن هناك مايتطهر به وقال جرير عذاب الثنايا يقهن طهور ومعناه طاهر واهل العربية على ان الطهور فعول من طهر وهو لازم والفعل اذا لم يكن متعديا لم يكن المفعول منه متعديا كقولهم ضحوك من ضحك قلنا انما تفيد هذه الصيغة التطهير من طريق المعنى وهو ان هذه الطيغة للمبالغة فان في الشكور والغفور من المبالغة ماليس في الغافل والشاكر فلا بد ان يكون في الطهور معنى زائد ليس في الطاهر ولايكون المبالغة في طهارة الماء الا باعتبار التطهير كذا قرره بعض الشارحين وفيه بحث من وجوه الاول انه تعالى وصف شراب اهل الجنة باعلى الصفاء وهو التطهير الثاني ان جريرا قصد تفضيلهن على سائر النساء فوصف ريقهن بانه مطهر يتطهر به لكما لهن وطيب ريقهن والثالث ان قوله ولاتكون المبالغة الخ قد يمنع بان المبالغة فيه باعتبار كثرته وجودته في نفسه لا باعتبار التطهير انتهى اقول هذا البحث الاخير مكابرة فان كثرة الماء وجودته في نفسه لاتفيد مبالغة في صفة الطهارة بل في صفاء الماء ونفسه والمبالغة في وصف الطهارة انما يكون بالتطهير وخلاصة المرام انه ان ثبت ان الطهور يجيء من المطهر فلا شبهة في تمام الاستدلال بالطهور والا فلا شبهة في مجيئه بمعنى مايتطهر به ان لم يكن ذاك ولا هذا يستفاد التطهير من المبالغة فالاستدلال تام على كل تقدير وثانيها ماء البرد وهو ايضا من جنس ماء السماء لقوله تعالى وينزل من السماء من جبال فيها من برد فان من الاولى الابتداء الغاية والثانية للتبعيض والثالة البيان او الاوليان للابتداء والآخرة للتبعيض ومعناه انه ينزل البرد من السماء من جبال فيها وعلى الاول مفعول ينزل من جبال كذا في الكشاف وفيه ايضا فان قلت مامعنى من جبال فيها من برد قلت فيه معنيان احدهما ان يخلق الله في السماء جبال برد كما خلق في الارض جبال حجر والثاني ان يريد به الكثرة بذكر الجبال انتهى وثالثها ماء الثلج وايضا من جنس ماء السماء كما في البناية وغيره اذ هو متحد مع البئر مختلف من وجه ورابعها ماء الطل وهو ايضا من ماء السماء كما هو المشاهد والدليل على جواز الطهارة بهذه الثلثة انها من ماء السماء وكل ماء السماء يجوز الطهارة به لما مر وقد يستدل على جواز الطهارة بالثلج والبرد بما اخرجه البخاري ومسلم وابو داود والترمذي والنسائي عن ابي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسكت بين التكبير والقراءة اسكاته فقلت بابي امي يارسول الله اسكاتك بين التكبير وبين القراءة ماتقول قال اقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والغرب اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد فان هذا الحديث يدل على ان الثلج والبرد قابلان لان تغسل به الخطايا كالماء فبالضرورة يجوز الوضوء ونحوه به قال الطيبي في حواشي المشكوة نقلا عن التوريشتي ذكر انواع المطهرات المنزلة من السماء التي لايمكن حصول الطهارة الا باحدها تبيانا لانواع المغفرة التي في تحيص الذنوب بمثابة هذه الانواع الثلثة في ازالة الارجلس انتهى وهذا الاستدلال مذكور في البحر وغيره وقال الحافظ ابن حجر في فتح الابري استدل به بعض الشافعية واستبعد ابن عبد السلام وخامسها ماء الاودية وهو ايضا من ماء السماء لقوله تعالى انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدر الاية فيجوز الطهارة به لما مر وسادسها ماء العيون وسابعها ماء البحار وثامنها ماء الانهار وتاسها ماء الابار وهذه المياه فيها احتمالان الاول ان يكون اصلها السماء على ما قال البغوي كل ماء في الارض فمن السماء نزل اخذ من قوله تعالى الم تران الله من السماء عماء فسلكه ينابيع في الارض وفي الكشاف قيل كل ماء في الارض فهو من السماء ينزل منها الى الصخرة ثم يقسمه الله سلكه فادخله ونظهر ينابيع عيونا ومسالك ومجاري كالعروق في الاجساد وقد ورد في بعض احاديث المعراج ان اصل بعض الانهار منها النيل من الجنة وح فوجه جواز الطهارة بها ما مر والثاني ان لم يجعل اصلها السماء بل جعلت مياه الارض والجبال كما يدل عليه ظاهر قوله تعالى وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وقوله تعالى في قصة طوفان نوح وقيل ياارض ابلعي ماءك وياسماء اقلعي الاية وعليه يدل كلام الامام الرازي حيث قال في تفسير سورة النمل اعلم ان اقسام المياه المنبعثة من الارض اربعة الاول مياه العيون السيالية وهي تنبعث من ابخرة كثيرة المادة قوية الاندفاع تفجر الارض بقوة ثم لايزال يستتبع جزء الثاني ماء العيون الراكدة وهي تحدث من ابخرة بلغت من قوتها ان اندفعت ولم تبلغ من قوتها وكثرة مادتها ان يطرد تاليها سابقها الثالث مياه القنى والانهار وهي متولدة عن ابخرة ناقصة القوة عن ان تشق الارض فاذا ازيل عن وجهها ثقل التراب صادفت تلك الابخرة منفذ اتندفع اليه بادنى حركة الرابع مياه الابار وهي كمياه الانهار الا انه لم يجعل له ميل الى موضع يسيل اليه انتهى وح فوجه طهوريتها عموما والاحاديث الدالة على ان الماء مطلقا خلق طهورا لايتجنس الا بما غير طعمه اولونه او ريحة فروى ابن ماجة من حديث رشد بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن ابي امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان الماء طهور لاينجسه لا ماغلب عل ريحه وطعمه ولونه ورواه الطبراني في معجمه والبيهقي والدار قطني ولم يذكروا اللون وروى الدار قطني في سننه من حديث معاوية عن راشد عن ثوبان قال قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الماء طهور الا ماغلب على ريحه او طعمه فان قلت هذا معلول عن راشد بن سعد فانه ضعيف قلت الراجح عند النقاد توثيقه لما في ميزان الاعتدال وثقه ابن معين وابو حاتم وابن سعد رشد ابن حزم فقال ضعيف وقال الدار قطني لاباس به انتهى نعم رشدين بن سعد ضعيف عند الاكثر والبعض وثقة كما في تهذيب التهذيب قال حرب سئلت احمد عنه فضعفه وقدم ابن اميمة عليه وقال البغوي سئل احمد عنه فقال صالح الحديث وقال ابن ابي خثيمة عن ابن معين لايكتب حديثه وقال ابن سعد كان ضعيف الحديث قال ابنقانع والدار قطني ضعيف الحديث انتهى ملخصا لكن هذا لايضر فانه قد روى هذا الحديث بطريقيين اخرين ليس فيهما شدين كما صرح به ابن دقيق العبيد في الامام وقد ورد في طهور به ماء البحر حديث صحيح قد رواه جمع من الصحابة فمنهم ابو هريرة خرج حديثه النسائي والترمذي وابو داود وابن ماجة في الموطأ سأل رجل رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال يارسول الله انا نكب البحر معنا القليل من الماء فان توضأ نأبه عطشنا أفنتوضأ من البحر فقال هو الطهور ماء الحل ميتت قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وسألت محمد بن اسمعيل عن هذا فقال حديث صحيح انتهى واخرجه ابن حبان النوع الثالث والثلثين من القسم الرابع من صحيحه والحاكم في مستدركه وابن ابي شيبة في مصنفه وغيرهم وقال الحافظ بن حجر في الاصابة عبد بسكون الموحدة بغير اضافة العركي بفتح العين المهملة والراء بعدها كان هو والملاح قيل هو اسم الذي سأل عن ماء البحر وحكى ابن بشكوال ان اسمه عبد الله المدلجي وقال الطبراني اسمه عبيد بالتصفير وقال البغوي اسمه حميد بن صخر وبلغني ان اسمه عبد ود انتهى وفي شرح الموطأ للزرقاني هذا الحديث اصل من اصول الاسلام تلقته الايمة بالقبول وتداولته فقهاء الامصار في سائر الاعصار ورواه الايمة الكبار ومالك والشافعي واصحاب السنن الاربعة والدار قطني والبيهقي وغيرهم من عدة طرق وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن مندة وغيرهم انتهى واخرجه الدارمي في سننه عن ابي هريرة بلفظ اتى رجال من بني مدلج الى رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالوا يارسول الله انا اصحاب هذا البحر نعالج الصيد على رمث فنعرب فيه الليلة والليلتين والثلث والاربع ونحمل معنا من العذاب لشفاهنا فان نحن توضأنا به خشينا على انفسنا وان نحن اثرنا بأنفسنا وتؤضأنا من البحر وجدنا في انفسنا من ذلك فخشينا ان لايكون طهور فقال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم توضؤا منه فانه الطاهر منه الحلال ميتته ومنهم جابر اخرج حديثه ابن ماجة وابن حبان والحاكم والدار قطني واحمد في مسنده ومن طريقه ابو نعيم في حلية الاولياء في ترجمة احمد بن حنبل قال سئل النبي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ماء البحر فقال هو الطهور ماءه الحل ميتته ومنهم علي بن ابي طالب اخرج حديثه الحاكم والدار قطني نحوه ومنهم انس اخرج حديثه عبد الرزاق في مصنفه والدار قطني في سننه ومنهم ابن عباس اخرج حديثه الدار قطني والحاكم ومنهم عبد الله بن عمرو واخرج حديثه الدار قطني والحاكم ايضا من جهة عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ومنهم ابو بكر الصدي اخرج حديثه الدار قطني وابن حبان في كتاب الضعفاء بسند ضعيف ومنهم الفراسي اخرجه ابن عبد البر في التمهيد بسنده عنه انه قال كنت اصيد في البحر على ارماث وكنت احمل قربة فيها ماء فجئت رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقصصت عليه القصة فقال هو الطهور ماء الحل ميتته وقال ابن عبد البر في الاستيعاب في احوال والاصحاب الفراسي ويقال فراس من بني فراس بن مالك بن كنانة حديثه عند اهل مصران رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ان كنت لابد سائلا فسل الصالحين وله حديث آخر مثل حديث ابي هريرة في البحر هو الطهور ماءه الحل ميتته كلاهما يرويه الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم عن ابن الفراسي عن ابيه انتهى واخرج ابن ماجة بسنده عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي قال كنت اصيد وكانت لي قربة اجعل فيها ماء واتى توضأت من ماء البحر فذكرت ذلك لرسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال هو الطهور ماءه الحل ميتته وقال الترمذي في علله على مانقل عنه الزيلعي سألت محمد ايعني البخاري عن حديث ابن الفراسي في ماء البحر فقال حديث مرسل لم يدرك ابن الفراسي رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والفراسي له صحبة انتهى فهذا الحديث صريح في كون ماء البحار طاهر مطهر وانما ارتابوا في ماء البحر لما راؤا تغيره في اللون وملوحة الطعم وكان من المعقول عندهم من الطهور انه الماء المقصود على خلقته السليم نفسه الخالي من الاغراض المؤثرة فلذلك سألوا عن ماء البحر فاجابهم رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بانه طاهر مطهر ولما كان قد علم ان في البحر حيوانا يموت فيه والميتة نجس احتاج الى ان يعلمهم ان حكم هذا النوع من الميتة خلاف حكم سائر الميتات لئلا يتوهمون ان ماء ينجس بها فاضاف على جواب سوالهم قوله الحل ميتته كذا في شرح سنن ابي داود للخطابي وغيره قلت يمكن ان يكون منشأ اريتا بهم فتيا بعض الصحابة بكراهة التوضى من ماء البحر فلعلهم وسمعوها فسألوا رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك قال الترمذي بعد اخراج الحديث المذكور هو قول اكثر الفقهاء من اصحاب رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم منهم ابو بكر وعمرو وابن عباس لم يروا باسا بماء البحر وقد كره بعض اصحاب النبي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوضوء بماء البحر منهم ابن عمرو عبد الله بن عمرو بن العاص انتهى وفي البدور السافرة في احوال الاخرة للسيوطي اخرج البيهقي عن ابن عمر مرفوعا لايركب البحر الا غازا وحاج او معتمر فان تحت البحر نارا واخرج ابن عبد البر عن ابن عمر قال لاتتوضأ بماء البحر لانه طبق واخرج احمد في الزهد عن سعيد بن ابي الحسن قال البحر طبق جهنم انتهى وفي كتاب المواقيت والجواهر في بيان عقائد الا كابر لعبد الوهاب الشعراني حد جهنم بعد الفراغ من الحساب من مقعر فلك الكواكب الثابتة الى اسفل السافلين وذلك كله يزيد في جهنم اتساعا عما هي عليه الان حيث لا مخلوق فيها وكل مكان لم يذكر الشارع انه يعود الى الجنة فانه يعود كله نارا قال تعالى واذا البحار سجرت اي احجبت نارا ومن ههنا كره ابن عمرو غيره الوضوء بماء البحر مع قولهم بجواز الطهارة منه وكان بعضهم يقول التيمم احب الى من البحر انتهى وهذا يكشف لك ان من كره التوضى بماء البحر انما كرهه لان تحته نارا فالاجتناب منه اولى لا لشك في طهوريته فاذن كونه طاهر مطهر مجمع عليه وكما ثبت كون ماء البحر كذلك بالحديث ثبت طهورية مياه الابار والعيون ونحوها بالطريق الاولى لما كان ماء البحر مع كونه متغير اللون والطعم ومعدنا للميتة طاهرا مطهرا كان ماعداه مما ليس فيه مافيه طاهرا مطهرا بالضرورة وليعلم ان مياه الابار كلها متساوية في جواز الطهارة بها بلا كراهة حتى بين زمزم ايضا عند الجمهور فانه يجوز الوضوء والغسل بمائة بلا كراهة عندنا وعليه يتفرع انه حمل ماء زمزم من مكة لهدية الاحباب ورصص راس القمقمة كما هو العادة وفقد الماء في الطريق لايجوز له التيمم بل يتوضأ من ماء زمزم الا ان يخاف العطش ونحوه وذكر جمع من اصحابنا منهم صاحب الهداية في التجنيس ان الحيلة فيه ان يهبه من غيره ثم يستودعه منه وقال قاضيخان في فتاواه قال مولانا هذا ليس بصحيح عندي فانه لو راى مع غيره ما عربييعه بمثل او بغين يسير يلزمه الشراء ولايجوز لان يتمم فاذا تمكن من الرجوع في الهبة كيف يجوز له التيمم انتهى وقال ابن الهمام في فتح القدير يمكن ان يفرق بان بالرجوع يملك بسبب مكروه وهو مطلوب العدم شرعا فيجوز ان يعتبر الماء معدما في حقه لذلك وان قدر عليه حقيقة بخلاف البيع انتهى اقول لايخفى انه لو وهبه احتياطا لايهبه الا من يستوهبه منه كلما اراد وح فلايجوز التيمم بهذه الحيلة لما سياتى انه لو كان عند رفيقة ماء وغلب على ظنه انه يعطيه عند السوال لايجوز له التيمم مالم يظهر العجز عنه واحسن الحيل في هذا المقام ما ذكر في البزازية انه يخلطه بماء ورد غالب حتى يكون ماء مقيد او الحق ان الاحتيال في امثال هذا الموضع مما يواخذ به لان الله تعالى عالم بالخفيات وانما لكل ارء مانوي قوله واما بماء الثلج فان كان ذاثبا بحيث يتقاط يجوز والا لا يعني ان الثلج انما يجوز الوضوء به اذا كان ذائبا سائلا بحيث يحصل منه التقاطر على الاعضاء والا لايجوز وكذا البرد ولو وقع الثلج في الماء وصار ثخينا لايجوز به التوضى لانه بمنزلة الجمد وان لم يصر ثخينا جاز ولو توضأ في حوض انجمد ماءه الا انه رقيق ينكسر تحريك الماء جاز وضوءه وان كان الجمد على وجه الماء قطعا قطعا ان كان كثيرا لابتحريك الماء لايجوز الوضوء به والا يجوز ولو توضأ بماء السيل يجوز ان خالطه التراب اذا كان الماء غالبا رقيقا فراتا كان او اجاجا وان كان ثخينا كالطين لايجوز التوضى به هذا له في فتاوى قاضيخان والوجه في هذه المسائل وامثالها ان المعتبر في الطهارة الغسل لا البل والغسل لايكون لا بما يكون متقاطر كما تحقيقه فكل لم يكن متقاطر سائلا لايجوز به الوضوء والغسل وقدم ايضا ان عند ابي يوسف اكتفى بالبل ولا يشترط التقاطر فعنده لايجوز التوضى بكل مايحصل به بل الاعضاء ذائبا كان او جامدا وان لم يتقاطر منه قطرة واحدة ايضا قال وان تغير بطول المكث اعلم ان الماء لايخلو ان يكون جاريا او غير جار فان كان جاريا يجوز به طهارة مطلقا وان لم يكن جاريا فان اختلط به نجاسة او صار مستعملا لايجوز الطهارة به ان يكون عشرا في عشر فانه حكم الجاري وان لم يكن نجسا ولا مستعملا فان كان ماء مقيدا كماء الشجر لاتجوز به والا فلا يخلو ما ان يزول طبعه بغلبة غيره او نحو ذلك ولا فعلى الاول لا تجوز به وعلى الثاني لايخلو ما ان يكون متغيرا ولا يكون متغيرا فان كان متغيرا فهو الذي كره المصنف ههنا وان لم يكن متغير تجوز به الطهارة مطلقا الا يكون مسخنا بالشمس فانه ح تكره به الطهارة ولا تكون المسخن بالنار كما في القنية وغيرها اما الكراهة في الماء المشمس فالاصل فيه ماورد عن عائشة قالت اسخنت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ماء في الشمس ليغتسل به فقال لي ياحميراء لاتفعلي فانه يورث البرص وله ست طرق لها ضعيفة مقدومة على مابسطه ابن الجوزي والزيلعي وغيرهما الاول عند الدار قطني والبيهقي في سننهما عن خالد بن اسمعيل عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة قال الدار قطني خالد بن اسمعيل متروك انتهى وفي ميزان الاعتدال خالد بن اسمعيل المخزومي المدني ابو الوليد عن هشام بن عروة قال ابن عدي كان يضع الحديث على الثقات وقال ابن حبان لايجوز لاحتجاج به بحال قلت ومن اباطيله عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة في قوله تعالى اذا سر النبي الى بعض ازواجه حديثا قالت اسر ان ابا بكر خليفتي من بعدي انتهى الثاني عند ابن حبان في كتاب الضعفاء عن ابي البختري وهب بن وهب عن هشام به قال ابن عدي هو شر من خالد انتهى الثالث عند الدار قطني عن الهيثم بن عدي عن هشام قال ابن الجوزي في كتاب الموضوعات نقلا عن ابن معين انه كان يكذب الرابع عند الدار قطني ايضا عن عمرو بن محمد الاعثم فليح عن عروة عن عائشة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان يتوضأ بالماء المشمس او يغتسل به وقال انه يورث البرص قال الدار قطني عمرو بن محمد منكر الحديث ولم يروه عن فليح غيره الخامس عند الدار قطني في كتاب غرائب مالك من حديث اسمعيل بن عمرو الكوفي عن ابن وهب عن مالك عن هشام عن ابيه عن عائشة قال الدار قطني هذا باطل عن مالك وعن ابن وهب ومن دون بن وهب ضعفاء السادس عند الطبراني في الاوسط عن محمد بن مروان السدي عن هشام بن عروة به قال الطبراني لم يروه عن هشام الا محمد بن مروان ولا يروى الا بهذا الاسناد انتهى وروى العقيلي في كتاب الضعفاء من حديث علي بن هشام الكوفي عن سواده عن انس انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لاتغتسلوا بالماء الذي يسخن في الشمس قال العقيلي سواده عن انس مجهول وحديثه محفوظ ولا يصح في الماء حديث مسند انما هو شيء يروى من قول عمر انتهى وروى الشافعي اخبرنا ابراهيم بن محمد الا سلمى اخبرني صدقة بن عبد الله عن ابي الزبير عن جابر ان عمر يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال انه يورث البرص وفي مسنده ابراهيم وصدقة وهما ممن تكلم فيه قال الذهبي في ميزان الاعتدال ابراهيم بن ابي يحيى محمد الا سلمى المدني احد ا العلماء الضعفاء قال ابراهيم سمعت يحيى بن سعيد يقول سألت مالكا عنه فقال اثقة في الحديث فقال لا ولا في دينه وقال يحيى بن معين سمعت القطان يقول ابراهيم بن ابي يحيى كذاب وروى ابو طالب عن احمد قال تركوا حديثه قدرى معتزل يروى احاديث ليس لها اصل وروى عباس عن ابن معين كذاب رافقني وقال النسائي والدار قطني متروك وقال الربيع سمعت الشافعي يقول كان قدريا وقال يحيى بن زكريا فقلت للربيع فما حمل الشافعي على الرواية عنه قال كان يقول انه ثقة في الحديث وقال الربيع كان الشافعي اذا قال نبأني من لا اتهم يد ابراهيم بن ابي يحيى وقد ساق ابن عدي لابراهيم ترجمة طويلة الى ان قال قد وثقة الشافعي وابن الاصبهاني قلت الجرح مقدم انتهى ملخصا وفي الميزان ايضا صدقة بن عبد الله السمين ابو معاوية الدمشقي ضعفه احمد والبخاري وقال ابو زرعة كان قد ريالينا وقال ابو حاتم محله الصدق انكر عليه الغدر فقط وضعفه النسائي والدار قطني انتهى وقال الحافظ ابن حجر في تخريج احاديث شرح الوجيز للرافعي اكثر اهل الحديث على تضعيف ابن ابي يحيى لكن الشافعي كان يقول انه صدوق وان كان مبتدعا واطلق النسائي انه كان يضع الحديث وقال الساجي لم يخرج الشافعي عنه حديثا في فرض وانما جعله شاهدا قلت في هذا نظر والظاهر من حال الشافعي انه كان يحتج به مطلقا وكم من اصل الشافعي لا يؤخذ الا من رواية ابراهيم وفي الجملة فان اشلافعي لم يثبت عنده الجرح فيه فلذلك اعتمده انتهى ملخصا وروى الدار قطني والبيهقي عن اسمعيل بن عياش عن صفوان بن عمر وعن حسان بن ازهر قال قال عمر لاتغستلوا بالماء المشمس فانه يورث البرص قال الزيلعي صفوان بن عمرو حمصي ورواية اسمعيل عن الشاميين صحيحه وقد تابعه المغيرة بن عبد القدوس فرواه عن صفوان به ورواه ابن حبان في كتاب الثقات في ترجمة حسان بن الازهر انتهى فهذا الحديث بطرقيه ضعيف جدا حتى قيل انه موضوع مرفوعا ولذا اختار بعض اصحابنا عدم الكراهة ومنهم صاحب تنوير الابصار لكن المختار عند جمع منهم صاحب الفتح البحر الكراهة وبه صرح الحلبي في الحلية مستند بما صح عن عمر وذكر ابن حجر والرملي الشافعيان في شرحي المنهاج ان الكراهة تنزيهية الاطبية واستعماله يخشى منه البرص كما صح عن عمر انتهى وفي معراج الدراية في القنية تكره الطهارة بالماء المشمس لقوله عليه السلام لعائشة لاتفعلي ياحميراء فانه يورث البرص وعن عمر مثله وفي رواية لاتكره وبه قال مالك واحمد وعند الشافعي يكره ان قصد تشميسه وفي الغاية وكره بالمشمس في قطر حار في اوان منطبعه واعتبار القصد ضعيف وعدمه غير موثر انتهى واما عدم الكراهة بالماء المسخن بالنار فلما اخرجه الدار قطني والبيهقي عن علي بن عراب عن هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن ابيه عن عمر انه كان يسخن له الماء في قمقمة فيغتسل به قال الدار قطني اسناد صحيح انتهى وقال الزيلعي فيه رجلان تكلم فيهما احدهما على فمن وثقه الدار قطني ابن معين وممن ضعفه ابو داود والاخر هشام فهو وان اخرج له مسلم فقد ضعفه النسائي انتهى وقال الحافظ ابن حجر في تخريج احاديث شرح الوجيز للرافعي قد روى عن جماعة من الصحابة فعل ذلك فمن ذلك عن عمر ورواه ابو بكر بن ابي شيبة في مصنفه عن الدروردى عن زيد بن اسلم عن ابيه ان عمر كانت له قمقمة يستخن فيها الماء ورواه عبد الرزاق عن معمر عن زيد زيد بن اسلم عن ابيه ان عمر كان يغتسل بالحميم وعلقه البخاري ورواه ايضا الدار قطني وصححه وعن ابن عمر رواه عبد الرزاق عن معمر عن ايوب عن نافع ان ابن عمر كان يتوضأ بالماء الحميم وعن ابن عباس رواه ابو بكر بن ابي شيبة في مصنفه عن محمد بن بشير عن محمد بن عمر حدثنا ابو سلمة قال قال ابن عباس انانتوضأ بالحميم وقد اغلى على النار وروى عبد الرزاق بسند صحيح عنه قال لاباس ان يغتسل بالحميم ويتوضأ منه وروى ابن ابي شيبة وابو عبيد عن سلمة بن الاكوع انه كان يستخن الماء يتوضأ به واسناده صحيح انتهى وروى الطبراني من طريق الهيثم بن زيق عن ابيه عن الا سلع ابن شريك قال كنت ارحل ناقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاصابتني جنابة في ليلة باردة واراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرحلة فكرهت ان ارحل ناقته وانا جنب وخثيتان اغتسل بالماء البارد فاموت او امرض فامرت رجلا من الانصار فرحلها ووضعت الحجارة اسخنت ماء فاغتسلت ثم الحقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واصحابه فقال يا اسلع مالي راحلتك تغيرت فقلت رسول الله لم ارحلها رحلها رجل من الانصار قال ولم قلت اصابتني جنابة فخشيت على نفسي فامرته فرحلها ووضعت احجارا فاسخنت فاغتسلت به فانزل الله تعالى ياياها الذين امنوا لاتقربوا الصلوة وانتم سكارى الى قوم عفوا غفورا وروى الطبراني قبيل هذه الرواية من طريق الربيع بن بدر حدثني ابيه عن رجل يقال الاسلع قال كنت اخدم النبي عليه السلام وارحل معه فقال لي ذات يوم يا اسلع قم فارحل فقلت يارسول الله اصابتني جنابة فسكت واتاه جبرايل باية الصعيد فقال قم يا اسلع فعيمم فقمت فتيممت ثم رحلت له فسار حتى مر بماء فقال لي يا اسلع من هذا جلدك قال الحافظ ابن حجر في الاصابة بينهما مغايرة ظاهرة فحمل الطبراني وجماعة على ان ذلك كله وقع للاسلع واما ابن عبد البر ففرق بين القصتين وجعلهما لرجلين يقال لهما الاسلع فالاول قال انه الاسلع بن الاسقع روى حديثه الربيع بن بدر والثاني الاسلع بن شريك الاعرجي التميمي ونسبة الثاني الى الاعرج تدل انه الاول فان الاول ثبت انه اعرجي وما ادرى من ابن له ان اسم ابيه الاسقع انتهى ملخصا وفي كل من روايتي الطبراني ضعف اما في الرواية الاولى فلان الراوي عن ابن زريق هو العلاء بن الفضل بن موسى وهو ليس بحجة كما قال الذهبي في مختصر سنن البيهقي واما في الثانية فلان الربيع بن بدر قال ابن معين ليس بشيء وقال ابو داود ضعيف وقال النسائي متروك كما في الميزان ولنرجع الآن الى شرح المتن فنقول التغير لايخلو اما ان يكون باختلاط شيء نجس او بغيره فان كان الاول فلا تجوز الطهارة به لانعدام وصف الطهورية وان كان الثاني فلا يخلو اما ان يكون التغير بمجرد طول المكث من دون اختلاط شيء فان الماء اذا لبث مدة مديدة يحصل فيه تغير في الريح او اللون واما ان يكون بمخالطة شيء ظاهر من دون ان يكون غالبا وايا ما كان تجوز به الطهارة لان هذا التغير لايخرجه عن طبع المائية الذي هو مدار الطهورية ولا يدخله في حيز النجاسة والاصل في الماء الطهورية كما مر وهذا مما اتفق عليه الايمة خلافا المح بن سيرين فانه منع الطهارة بالماء المتغير بالمكث مستندا بانه كالطعام المتن فانه قذر شرعا وعرفا فلا ينبغي التطهير به ذكره عبد الوهاب الشعراني في الميزان وفي قوله احد اوصافه رمزا الى انه لو غير المختلط الوصفين او الثلة لايجوز الوضوء وقد تبع فيه القدوري وصاحب الهداية حيث زاد لفظ الاحد ايضا وهذا مذهب بعض مشائخنا ومذهب الاكثر هو الجواز وهو الصحيح قال في جامع المضمرات ان غير الاثنين فعلى اشارة الكتاب لايجوز الوضوء به لكن الرواية الصحيحة بخلاف هذا انتهى وفي النهاية فيه اشارة الى انه ان غير الاثنين او الثلثة لا يجوز لكن المنقول من الاساتذة انه يجوز حتى ان اوراق الشجرة وقت الخريف يقع في الحياض فتغير ماءها من حيث الطعم واللون والريح ثم انهم يتضئون منها من غير نكير انتهى وفي المجتبى قول المصنف احد اوصافه لايفيد التقييد به حتى لو غير الاوصاف الثلثة الاشنان او الصابون او الزعفران او الاوراق او المكث ولم يسلب عنه اسم الماء ولا معناه فانه يجوز التوضى به انتهى وفي البناية فيه اشارة الى انه لايجوز التوضى به اذا غير الوصفين ولكن الرواية الصحيحة بخلافها الا ترى الى ما قال في شرح الطحاوي واما الحوض والبير اذا تغير لونه او طعمه او ريحه اما بمرور الزمان او بوقوع الاوراق كان حكمه حكم الماء المطلق ولا شك ان الماء اذا تغير لونه طعمه ايضا لكن يشترط ان يكون باقيا على رقته اما اذا غلب عليه وغيره وصاربه ثخينا فلا يجوز وسئل الميداني عن الماء الذي يتغير لونه بكثرتها الاوراق في الكف اذا رفع منه هل يجوز التوضى به قال لا ولكن يجوز شربه انتهى ولعلك تفطنت من هذه العبارات ان جواز الطهارة بما اختلط به شيء طاهر وغيره مقيد بما اذا لم يغلب عليه ولم يخرجه عن طبع المائية ويؤديه مافي الخلاصة رجل توضأ بماء الزردج او العصفر او ياء الصابون ان كان رفيقا يستبين منه الماء يجوز وان غلبت الحمرة لايجوز وكذا ماء الصابون اذا كان ثخينا قد غلب عليه الصابون لايجوز وكذا ان اغلى باشنان اواس انتهى وفي البحر عن القنية ماء الزعفران امكن به الصيغ لم يجز انتهى قال والاشنان والصابون والزعفران والاشنان بالضم والكسر حكاهما الجواليقي وابو عبيدة وهو الحرض بضم الحاء المهملة وسكون الراء المهملة بعدها ضاد معجمة كذا في البناية قوله انما عد هذه الاشياء ليعلم ان الحكم لايختلف بان كان المخلوط من جنس الارض كالتراب او شيئا يقصد بخلطه التطهير كالاشنان والصابون وشيئا آخر كالزعفران يعنى انما ذكر المصنف هذه الاشياء الاربعة مع ان واحدا منها كاف في التمثيل ليعلم ان الحكم اي جواز الطهارة لايختلف بان كان المخلوط من جنس الارض كالتراب ومن جنس مايقصد التطهير به كالاشنان والصابون او غير ذلك كالزعفران وغيره فالحكم واحد وهو الجواز في كل مختلط طاهر والدليل على هذه المسألة على مافي البحر قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم اغسلوا بماء وسدر قاله لمحرم وقصته ناقته فمات اخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس وقوله صلى الله عليه وآله وسلم حين توفيت ابنته اغسلتها بماء وسدر رواه مالك في الموطأ من حديث ام عطية والميت لايغسل الا بما يجوز للحي ان يغتسل به والغسل بالماء والسدر لايتصور الا بخلط السدر بالماء او بوضعه على الجسد وصب الماء عليه وكيف ما كان فلا بد من الاختلاط والتغيير وامره صلى الله عليه وآله وسلم قيس بن عاصم ان يغتسل بماء وسدر اخرجه ابو داود اغتساله صلى الله عليه وآله وسلم من صعة فيها اثر عجين ارخجه النسائي والماء بذلك يتغير ولم يعتبر بذلك يتغير ولم يعتبر بذلك للمغلوبية واورد ههنا ان حديث الماء طهور لاينجسه شيء الا ما غير طعمه او لونه او ريحه بعمومه يقتضي عدم التوضى عند تغير احد الاوصاف ولو بشيء طاهر واجيب عنه بوجهين الاول ماذكره صاحب غاية البيان من ان هذا الاستثناء ليس بصحيح ورده العيني بانه وان لم يصح مسند لكنه صح مرسلا فقد اخرجه الدار قطني والطحاوي من طريق راشد بن سعد مرسلا الماء لاينجسه شيء الا ماغلب على ريحه او طعمه وزاد الطحاوي او لونه وصحح ابو حاتم ارساله والمرسل حجة عندنا انتهى الثاني ماذكره تاج الشريعة والاكمل وغيرهما من شراح الهداية ان معنى الا ما غير الا شيء نجس غير طعمه او لونه او ريحه وكلامنا في المختلط الطاهر ورده العيني بان الحديث عام والتخصيص من غير مخصص غير جائز انتهى اقول من البين ان وصف الشيء لايزول الا بورد ضده كالبرودة لايزول الا باتيان الحرارة وبالعكس لاسيما اذا كان الوصف اصليا للشيء فوصف الطهورية وصف اصلى للماء لانه خلق طاهرا طهور فلا يرول ذلك الوصف الا بضده وهو النجاسة والشيء طاهر لاينجس طاهر بالضرورة فبالضرورة يكون المراد بالحديث هو الشيء النجس فيكون تخصيصه ح بشهادة الاجماع والقواعد الضرورية المعلومة فان قلت قد صرحوا بان الطعام اذا تغيروا انتن لايجوز كله فكذلك الماء اذا انتن ينبغي ان لايجوز كله فكذلك الماء اذا انتن ان لايجوز استعماله قلت الحكم بعدم جواز كل الطعام المنتن ليس انجاسته بل لكونه مضرا للآكل فكذلك الماء لو صار بحال يضر للشارب لايجوز شربه ولا يلزم منه نجاسته كما لايخفى فروع يجوز التوضى بالماء الذي القى فيه الحمص والباقلي المبتل وتغير طعمه ولونه لكن لم يذهب رقته ولو طبخ فيه الباقلي وريح الباقلي يوجد منه لايجوز به الوضوء ولو بل الخبز بالماء وبقى رقيقا جاز به الوضوء وان صار ثخينا لايجوز ولو القى الزاج في الماء حتى اسود لكن لم يذهب رقته جاز به الوضوء واذا اختلط الماء بالمخلط والبزاز جاز به التوضى يكره كذا في فتاوى قاضيخان قوله وعند ابي يوسف كان المخلوط شيئا يقصد به التطهير يجوز به الوضوء حاصل مذهب ابي يوسف ان كل ما اختلط به شيء يناسب الماء في مايقصد من الماء وهو التطهير فالتوضى به جائز يشترط ان لايغلب ذلك الشيء على الماء حتى لايزول به الصفة الاصلية وهي لو قاموا ذلك مثل الصابون والاشنان وان كان ذلك المخلوط لايناسب الماء في مايقصد من استعمال الماء ففي بعض الروايات عنه يشترط المنع جواز التوضى به غلبة ذلك الشيء للماء وفي بعض الاوليات لايشترط بل لايجوز الوضوء به مطلقا ومحمد اعتبر في جنس هذه المسائل لمنع جواز التوضى به غلبة المخلوط بالماء لكن في بعضها اشار الى الغلبة من حيث اللون وفي بعضها الى الغلبة من حيث الاجزاء كذا في الذخيرة قوله الا ان يغلب على الماء في روايته لايشترط هذا بظاهره مشعر بان هذا الاستثناء انما هو على رأي ابي يوسف ومحمد يجوز الوضوء مطلقا وليس كذلك كما عرفت من المسائل السابقة وفيه اشارة الى ان المعتبر عند ابي يوسف الغلبة من حيث الاجزاء بحيث تذهب برقة الماء وسيلانه لالغلبة اللون وهو الصحيح كما انى الهدايتونى فتاوى قاضيخان عند ابي يوسف يعتبر من حيث الاجزاء لا من حيث اللون وهو الصحيح وعند ممد يعتبر الغلبة بتغير اللون والطعم والريح انتهى وفي فتح القدير صرح المصنف بأن الغلبة بالاجزاء ونقل بعضهم فيه خلافا بين الصاحبين وهو ان محمد يعتبر باللون وابو يوسف بالاجزاء وفي المحيط عكسه والاول اثبت فأن صاحب الاجناس نقل عن محمد نصا بمعناه حيث قال قال محمد ماء بطيخ فيه الريحان والاشنان اذا لم يتغير لونه حتى يحمر بالاشنان ويسود بالريحان وكان الغالب عليه الماء فلاباس بالوضوع فمحمد يراعى لون الماء وابو يوسف غلبة الاجزاء انتهى وذكر الاسبيجابى ان الغلبة تعتبر اولا من حيث اللون ثم من حيث الطعم البحر مراده ان المخالط المائع للماء ان كان لونه مخالفا للون الماء فالمعتبر اللون وان كان لونه مثل لون الماء فالعبرة للطعم ان غلب طعمه على الماء لايجوز للوضوء به وان كان لايحالفه في الطعم واللون والريح فالغلبة بالاجزاء الوضوء اذا غلبت اجزاءه انتهى كلامه قوله ففي رواية الخ يغنى اذا كان المخلوط بالماء شيئا لايكون به التطهير كالطين والزاب والبأقلى والزعفران وغير ذلك ففي رواية عن ابي يوسف يجوز به الوضوء مالم يغلب على الماء واذا غلب لايجوز الوضوء به وفي رواية اخرى عنه لايجوز الوضوء به مطلقا سواء غلب او لم يغلب فكان بناء هذه الرواية على انه اذا اختلط شيء ليس من جنسه لم يبق الماءمطلقا بل صار مقيده او المقيد لايجوز الوضوء به اتفاقا وبناء الرواية الاولى على ان مجرد اختلاط لايجعله مقيدا مالم يغلب عليه فعلى الرواية الثانية يفترق الشيء الذي من جنس التطهير والذي ليس من جنسه بان اختلاط الاول لايمنع التوضى الا اذا غلب والثاني يمنعه مطلقا وعلى الرواية الاولى يتحدان في ان انه لايمنع التوضى مالم يغلب قوله وماليس من جنس الارض الخ توضيح مذهب الشافعي انه لو اختلط بالماء شيء هو من جنس وما في مقره وممرة كالطين والكبريت والزرنيخ والنورة يجوز الوضوء به وان فحش التغير كما الوفحش التغير بالمكث او بتناثر الاوراق لانه مما يتعذر رصون الماء عنه ولو طرحت فيه الاوراق او اخراج منه الطحلب او الزرنيخ ودق ناعما والقى فيه فغيره او تغير بالثمار الساقطة فيه لايجوز الوضوء به بالامكان التحرز عنه غالبا ولو اختلط به شيء ظاهر ليس من جنس الارض فغيره او تغير بالثمار الساقطة فيه لايجوز الوضوء به لامكان التحرز عنه غالبا ولو اختلط به شيء ظاهر ليس من جنس الارض فغير طعمه او لونه اوريحه كمسك وزعفران وملح جبلي وغير ذلك مما يمنع اطلاق اسم الماء عليه سواء كان الماء قليلا او كثير الا يجوز التوضى منه لانه لايسمى ماء مطلقا قابل بل مقيد او كذا لوحلف لايشرب ماء ووكل في شر انه فشرب ذلك او اشتراه له وكيله لم يحنث ولم يقع الشراء له والتغير اعم من ان يكون تحقيقا حسيا او تقدير ياحتى لو وقع في الماء مائع يوافقه في الصفات كما الورد المنقطع الرائحة فلم يتغير ايضا لايجوز الوضوء كذا في الاقناع في حل الفلظ ابي شجاع وغيره من كثب الشافعية وذكر ابن الهمام في فتح القدير انهم اتفقوا على ان الماء المقيد لايزيل الاحداث والحكم عند فقد المطلق منصرف الى التيمم والخلاف في الماء الذي خالطه الزعفران وغيره مبنى على انه مقيد عند الشافعي ونحن لاننكر انه يقال ماء الزعفران ولكنا نقول لايمتنع مع ذلك مادام المخالط مغلوبا ان يقال انه ماء من غير زيادة وقد اغتسل رسول الهه صلى الله عليه وعلى آاله وسلم يوم الفتح من قصعة فيها اثر عجين والاضافة الى الزعفران لاتمنع الاطلاق كالاضافة الى البير والعين وغيرهما قال وبماء جار عطف على قوله بماء السماء اي يجوز الوضوء بالماء الجاري وكذا الغسل وغسل النجاسات لانه طاهر طهور وقوله فيه نجس صفة لماء جار وهو بفتح الجيم اي النجاسة وقوله لم ير اثره صفة لنجس ومعنى لم يرلم يعلم لان المرئى ليس الا اللون واما الطعم والريح فلا يتعلق بهما الروية وفي كلامه هذا اشارات الاولى الجاري الذي ليس فيه نجس يجوز الوضوء منه ظاهر الثانية ان الجريان اعم من ان يكون قويا او ضعيفا واعم من ان يكون بمددا او بغير مدد فاذا انقطع ماء النهر من اعلاه لايغير حكم جريه بانقطاع الاعلى ويجوز التوضى مايجرى ولو كان سطح عليه نجاسه جرى عليه الماء ان كان اكثر الماء على النجاسة فالماء نجس وقال محمد ان كانت النجاسة في جانب واحد وفي جانبين فالماء الذي يجري على السطح طاهر وان كانت في جوانبه الثلثة فالماء الذي يجرى على السطح طاهر وان كانت في جوانبه الثلثة فالماء نجس وان كانت عند الميزاب او فيه فالماء نجس مادامت النجاسة فيه فان زالت النجاسة بجريان الماء عليها فما بعدها من الماء طاهر يجوز الوضوء به كذا فتاوى قاضيخان وذكر في مختارات النوازل المطر وماء الثلج اذا جرى في الطريق وفيه نجاسة متفرقة بحيث لايرى لونها اولا ولا اثرها يجوز التوضى فيه انتهى وفي الخلاصة انا ان ماء احدهما نجس والاخر طاهر فصب ماء الانائين معا حتى امتزجا في الهواء او اجرى ماء الانائين على الاراضي صار بمنزلة ماء جا ولو استنجى رجل من القمقمة فلما صب الماء من القمقمة على يده لا في الماء الذي يسيل من القمقمة البول قبل ان يقع على يده بعد ماخرج من القمقمة فهو طاهر انتهى وفي الذ خيرة لو اصابت الارض نجاسة فصب عليها الماء فجرى على قد الزراع طهرت الارض والماء طاهر بمنزلة الماء الجاري ولو اصابها المطر وجرى عليها طهرت ولو كان قليلا لم يجر فلا انتهى وفي التأتارخانية اما قدر طول الماء الجاري فقلل ابو سهل مقدار ذراع وقال الفقيه ابو جعفر قلت لابي بكر الاسكاف رأيت اذا اصابته نجاسة فصب عليه الماء فسأل من جانب الى جانب هل يطهر فقال اما على قول شاذان بن ابراهيم فيطهر لانه قال في قوم مسافرين معهم كوز ماء فصب الماء على يدى رجل ثم سال من يدي ذلك الرجل على يدي اخر وهكذا حتى توضوء جميعا جاز وضوؤهم كما عرف في الماء الجاري وفيه ايضا المطر مادام يمطر فله حكم الجريان حتى لو اصاب العذرات على السطح ثم اصاب الثوب لايتجنس الا ان يتغير وفي الظهيرية اذا من الماء بالعذرات واجتمع في موضع يكون طاهر مالم يشاهد فيه النجاسة وفي الغياثية ان كان ممر الماء كله على العذرات او اكثر او نصفه فالماء نجس وهو الصحيح انتهى وفيه عن العتابية ماء المطر يجري في سكك وفي السكك نجاسات ثم يجري الماء في النهر وليس في النهر ماء غيره لابأس به اذا لم يرلون النجاسة انتهى فهذه الفروع ونظائرها مما هو مبسوطة في الفتاوي تنادى بالنداء العالي بأن الجريان بلا مددكالجريان بالمدد وذكر ابن الهمام في فتح القديرانه لابد من كون جريانه لمددلة كما في العين والنهر هو المختار وانتهى لكن نقل صاحب البحر عن السراج الوهاج لايشترط في الماء الجاري المدد هو الصحيح ثم نقل عن السراج الهندي انه قال في شرح الهداية من المشائخ من المشائخ من قال الماء الجاري انما لايصير مستعملا اذا كان له مدد كالعين والنهر واما اذا لم يكن له مدد فيصير مستعملا والصحيح القول بدليل مسألة واقعات الناطقي ان النهر اذا سد من فوق فتوضأ انسان بما يجري فأنه يجوز انتهى ومما يتفرع على اعتبار الجريان بمدد ايضا انه لو كانت قصعة فيها ماء نجس ثم دخل فيها ماء جار حتى سأل من جوانبها تطهر كما قال في الظهيرية في مسألة الحوض والنجس لو خرج ماؤه من جانب اخر لايطهر لم تخرج مثل مافيه لكن في خزانة الفتاوى اذا فسد ماء الحوض فاخذ منه بالقصعة وامسكها تحت الانبوب فدخل الماء وسال ماء القصعة تتوضأ به لايجوز وقال ابن عابدين في المحتار الظاهر ان مافي الخزانة مبنى على غير الصحيح ويؤيده مافي البدائع بعد حكاية الاقوال في جريان الحوض مانصه وعلى هذا حوض الحمام والاواني اذا تنجس ومقتضاه انه على القول الصحيح تطهر الاواني ايضا مجرد الجريان وفي رد المحتار ايضا ولو تنجس فافرغ فيه رجل ماء حتى امتلأ وسال من جوانبه هل يطهر ومجرد ذلك ام والذي يظهر لي الطهارة اخذ مما ذكرنا ومما مر انه لايشترط ان يكون الجريان بمدد انتهى الثالثة انه لافرق بين النجاسة المرئية وغير المرئية والجيفة وغيرها في انه اذا لم يراثره في الماء جاز الوضوء منه وفي البحر ظاهر مافي المتون ان الجاري اذا وقعت نجاسة فيه لم ير اثرها يجوز الوضوء به سواء كان النجس جيفة وغيرها فاذا بال انسان فيه فتوضأ أخر من اسفله جاز مالم يظهر في الجرية اثره وقال محمد في كتاب الاشربة لو كسرت خابية خمر في الفرات ورجل يتوضأ اسفل منه فما لم يجد في الماء طعم الخمر وريحه او لونه يجوز الوضوء به وكذا لو استقرت المرئية يه بان كانت الجيفة ان ظهرت اثر النجاسة لايجوز والاجاز سواء اخذت الجيفة كل الجرية او نصفها ويوافقه مافي الينابيع قال ابو يوسف في ساقية صغيرة فيها كلب ميت سد عرضها ويجرى الماء فوقه وتحته انه لاباس بالوضوء من اسفل منه مالم يتغير طعمه او لونه او ريحه وقيل ينبغي ان يكون هذا قول ابي يوسف خاصة واما عندهما لايجوز الوضوء اسفل من الكلب انتهى مافي الينابيع لكن المذكور في الفتاوى كفتاوى قاضيخان والتجنيس والوالجي والخلاصة والبدائع وكثير ايمتنا ان إلاثر انما يعتبر في غير الجيفة اما في الجيفة فانه ينظر ان كان كله او اكثره ملاقيا للماء لايجوز الوضوء به وان كان الاقل يجوز وان كان النصف فالقياس الجواز وفي الاستحسان لايجوز وهو الاحوط ونظير هذا ماء المطر اذ جرى في ميزاب من السطح وكان على السطح عذر ورجح في فتح القدير ان العبرة لظهور الاثر مطلقا لان الحديث وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم الماء طهور ولا ينجسه شيء لما حمل على الماء الجاري كان مقتضاه جواز التوضى من اسفله وان اخذت الجيفة اكثر الماء ولم يتغير فقولهم اذا اخذ الجيفة اكثر الماء او نصفه لايجوز يحتاج الى مخصص قال ويوافقه عن ابي يوسف وقد نقلناه عن الينابيع وقال تلميذه العلامه قاسم في رسالته المختار اعتبار ما عن ابي يوسف لكن لقائل ان يقول المختار مافي اكثر الكتب وقد صححه صاحب الهداية في التنجيس لان العلماء انما قالوا بان الجاري اذا وقعت نجاسة فيه يجوز الوضوء به اذا لم ير اثرها لان النجاسة لاتستقر مع جريان الماء فلما لم يظهر اثرها علم ان الماء ذهب بعينها فجاز استعمال الماء اما اذا كانت النجاسة جيفة وكان الماء يجري على اكثرها او نصفها تيقنا بوجود النجاسة فيه وقد تقدم ان كل ماتيقنا وجود النجاسة فيه او غلب على ظننا وجودها فيه لايجوز استعماله فكان هذا ماخوذ بدلالة الاجماع لان الحديث لما حمل الاجماع على الماء الذي لم يتغير لاجل انه عند التغير يتيقن بوجود النجاسة كان التغير دليل وجود النجاسة في مايمكن فيه ذلك اما الجيفة فقد تيقنا بوجودها فلا يجوز استعمال الماء لا في اكثرها او نصفها من غير اعتبار التغير لان التغير لما كان علامة على وجود النجاسة لايلزم من انتفائه انتفاؤها فكان الاجماع مخصصا للحديث فان ما قلنا ماخوذ بدلالة الاجماع هذا ماظهر للعبد الضعيف انتهى كلامه وتعقبه صاحب النهي بانه قد تقرر ان الجاري وما في حكمه لايتاثر بوقوع النجاسة فيه مالم يغلب عليه بان يظهر اثرها فيه فمجرد التيقن بوجود النجاسة لا اثر له والا لاستوى الحال بين جريه على الاكثر والاقل فما في الفتح اوجه انتهى اقول هذا تعقب جيد فان قوله عليه الصلوة والسلام الماء طهور لايبخسه شيء الا ما غير طعمه او لونه او ريحه بعد حمله على الماء الجاري كما ذكره ايمتنا على ماسياتي ذكره نص على ان مناط تنس الماء هو تغير اثر النجاسة لانه ح تكون النجاسة غالبة والحكم للغالب لا لقطع وقوع النجاسة وعدم القطع به واما قول الحلبي في الغنية في الجواب عن اشكال ابن الهمام الصحيح من الرواية الماء طهور ولا ينجسه شيء من غير استثناء على ما سياتي وح قد خص بالاجماع ما اذا تغير بالنجاسة فيجوز تخصيصه بعد ذلك بالقياس على تنجس الماء الراكد بجامع انه عين الماء الذي قد خالط النجاسة واتصل بها بخلاف ما اذا كان الاكثر غير المخالط فانه لايتيقن مع الجريان باستعمال المخالط انتهى فمنجد وشرح عندي اما او فلان الاستثناء قد صح من طريقين مسند مرفوعامن طريق واحد مرسلا كما مر فلاوجه لانكاره واما ثانيا فلان كونه مخصاا بالاجماع بما اذا تغير بالنجاسة ممنوع فقد ذهب كثير من العلماء الى عدم تنجس الماء مطلقا بالنجاسة كما سياتي وبالجملة فالفرق بين الجيفة وغيرها غير جيد لاسيما اذا نطقت به المتون والعبرة بما نطقت به لابما نطقت به الفتاوى لاسيما اذا لم يكن مافي الفتاوى مستند الى دليل قوي وكذا اختار عدم الفرق جمع منهم ابن الهمام كما مر وتلميذه ابن امير حاج كما بسطه في الحلية والغزى صاحب تنوير الابصار وصاحب الطريقة المحمدية وقال عليه الفتوى وعبد الغني النابلسي مستندا بما في عمدة المفتى من ان الماء الجاري يطهر بعضه بعضا وبما في الفتح وغيره من ان الماء النجس اذا دخل على ماء الحوض اللبير ولا ننجسه وان كان غالبا وصاحب جامع الفتاوى فقد نقل صاحب خزانة الرواية عن حاشية السراجية عنه انه قال بعد ذكر مسالة ابي يوسف عليه الفتوى والقهستاني حيث قال في جامع الرموز لوسد جيفة نهر وجرى الماء تحتها فوقها لم ينجس الا اذا غير اثره وعليه الفتوى كما في المضمرات عن التصاب انتهى لكنه اخطأ في نسبة هذا القول الى المضمرات فان صاحب المضمراث نقل عن النصاب الفتوى على ان الماء الجاري لايتنجس مالم يتغير لونه او ربحه او طعمه من النجاسة انتهى وكيس فيه تعميم النجاسة ثم قال صاحب المضمرات عند قول القدوري ولم ير لها اثر يريد به نجاسة يذهب عينها بجريان الماء فان كان مما لايذهب بان وقعت فيه ميتة فاستقرت فانه ينظران كان كله يجرى عليها او نصفه لم يجز الوضوء اسفل منها انتهى فدل ذلك على ان مختار صاحب المضمرات هو مافي امثر الفتاوى لا مازعمه القهستاني وخلاصة المرام ان ههنا قولين مصححين احدهما انه لافرق بين الجيفة وغيرها في ان المدار على التغير فيهما وعليه المتون وجمع من اصحابنا المتأخرين وثانيهما ان بينهما فرقا وتسب البرجندي الاول ابي يوسف والثاني الى محمد وابي حنيفة فعليك باخذها اقتضاه الدليل قوله واختلفوا في حد الجاري اي اختلف الفقهاء في تعريف الماء الجاري وما يقدر به جريه على اقوال احدها انه الذي يذهب بالنجاسة قبل اغتراف الغرفة الثانية وثانيها انه اذا كان بحيث لو وضع انسان يده عليه عرضا لم ينقطع فهو جارف وثالثها انه لو كان بحيث لو اغترف المتوضى في اعمق المواضع من الجداول انقطع جريانه ثم امتلأ حتى جرى فليس بجار وان لم ينقطع فهو جار وربعها انه مايعده الناس في العرف وخامسها انه اذا كان بحال لو القى فيه بتبنه او ورق فهو جار والا فهو ليس بجار هكذا اورد صاحب التاتارخانية ثم نقل عن الزدان القول الرابع هو الصحيح واختاره صاحب البحر ايضا حيث قال صححها انه مايعده الناس جاريا ذكره في البدائع والتبيين وكثير من الكتب انتهى وفي البناية هو الاصح ذكره في البدائع والتحفة وغيرهما انتهى وفي غاية البيان الاصح ان الجاري ما يعده الناس جاريا واختار الشارح القول الخامس ووصفه بانه ليس في دركة بفتح الدار المهملة وسكون الراء المهملة ادركه حرج لكونه ظاهر على العامي والخاصي بادنى نظر اورده عليه بان الحدود كلها متساوية في انه لاحرج في دركها اذ لاحرج في درك شيء من المفهومات واجيب عنه بان المعنى ليس في درك الماء الجاري به حرج وتعميمه الفاضل الهروي بان الجرح في مرك الحد يوجب الحرج في درك المحدود ودو بالعكس فاذا لم يكن حرج في درك لم يكن حرج في درك المحدود به انتهى اقول ليس غرض المجيب انتفاء الحرج في درك المحدود حتى يرد عليه انه موجود في جميع الصور بل غرضه ان هذا الحد ليس في تعيين مصداقه ودرك صدق هذا المفهوم عليه حرج بخلاف الحدود الباقية وهذا واضح قوله مايذهب من الاذهاب اي الذي يذهب من موضع الوقوع الى آخر بتبنة بكسر التاء وسكون الباء وفتح النون او ورق بفتح الواو والراء المهملة وهو يطلق على ورق الشجر وعلى ورقة الكتاب كليهما وكل منهما مستقيم ههنا وقد اختار صاحب الكنز ايضا هذا التعريف وقال ابن نجيم في البحر قد توهم بعض المشتغلين ان هذا الحد فاسد لانه عليه الجمل السفينة فانهما يذهبان بتين كثير ومنشأ التوهم ان ماموصولة في كلامه وقد وقع مثلها في عبارة ابن الحاجب فانه قال الكلام ما يتضمن كلمتين بالاسناذ فقيل يرد عليه الورقة والحجر المكتوب عليه كلمتان فاكثر لان ماموصولة بمعنى الذي لكن الجواب عنهما ان ما ليست بموصلولة وانما هي نكرة موصوفة فالمعنى الجاري ماء يذهب بتبنة والكلام لفظ يتضمن كلمتين انتهى اقول لاحاجة الى جعل ما موصولة بل يمكن الجواب عن الايراد على كلا العبارتين بجعل ما موصولة ايضا بان يجعل الموصول عهديا ويراد به الماء واللفظ فان الموصول كاللام باتى لما ياتى له اللام من الاستغراق والعهد وغيرهما كما صرح به التفتازاني في شرح التلخيص قوله فاذا سداي منع جريان الماء في النهر من فوقه بوضع خشبة ونحوها وهذا تفريع على الحد الذي ذكره فان ماء النهر المسدود من يذهب بتبنة ونحوها فيكون جاريا فيجوز الوضوء به قوله اذا توضأ به وكذا اذا اغتسل قوله يجب قال اخر حلبي اخذ لوجوب بناء على نجاسة الماء المستعمل على ما هو مختار الامام الاعظم انتهى وقال الفاضل الهروي لا وجه للتخصيص بقول امامنا الاعظم لان الماء المستعمل عنده نجس نجاسة غليظة وعند ابي يوسف نجاسة خفيفة وعند محمد طاهر غير مطهر فعند الكل غير مطهر فيجب ان يجلس عند الكل بحيث لايستعمل غسالته حتى يحصل التطهير بيقين لان الماء المستعمل اذا كان اقل من غير المستعمل يحصل التطهير به اذا كان طاهر لكن يحتمل ان يكون اكثر منه فالاحتياط في القول بالوجوب انتهى اقول قد ذكرها الحكم في كثير من الكتب بلفظ اخر المجتبة اذا توضأ في الماء الضعيف جريه ووجهه الى مورد الماء يجوز والا فلا حتى يمكث بين كل غرفتين قد ما يذهب الغسالة انتهى وفي فتاوى قاضيخان الماء الذي جريه ضعيف لا يستبين فيه الحركة قال بعضهم ان كان بحال لو القى فيه تبنه لاتذهب من ساعتها لايجوز فيه التوضى الا ان يمكث بين كل غرفيت مقدار ما يغلب على ظنه ذهاب ماوقع فيه من الماء المستعمل وقال بعضهم ان كان بحيث لو رفع الماء لغسل عضو ينقطع جريه ثم يتصل قبل ان يعود غسالته اليه يجوز فيه التوضى وان كان ينقطع ولا يتصل قبل ان يعود غسالته اليه لايتوضأ فيه الا ان يمكث بين غرفتين مقدار ماقلنا انتهى وفي خزانة المفتين الماء اذا كان جاريا ضعيفا واراد انسان ان يتوضأ فيه فان كان وجهه الى مورد الماء يجوز وان كان الى ميل الماء لايجوز الا اذا مكث بين غرفتين مقدار ما يذهب الماء بغسالته انتهى والظاهر ان حلم عدم الجواز بدون المكث المذكور في هذه العبارات وامثالها وحكم الوجوب المذكور في كلام الشارح مبنى على رواية نجاسة الماء فان على رواية الطهارة لايصحح حلم الوجوب باطلاقه بل هو مقيد بما اذا ظن غلبة الماء المستعمل فالهم صرحوا ان الماء المستعمل على رواية طهارته اذا اختلط بالطهور ان كان الماء الطهور غالبا يجوز فيه الوضوء والا لا كما في فتح القدير وغيره ومن ههنا علمت جواز الوضوء في الفساقي الموضوعة في المدارس عند عدم غلبة الظن بغلبة المستعمل او ماواته او وقوع نجاسة في الصغار منها لان الماء المستعمل هو ما لاقى العضو وانفصل عنه ولاشك انه قليل بالنسبة الى مالم يستعمل الا اذا تكرر الاستعمال زمانا وغلب على الظن ان الطهور قليل لايجوز التطهير به كذا ذكره صاحب البحر في رسالته المسماة بالخير الباقي في جواز الوضوء من الفساقي وقال ايضا فيها فان قلت قد وجدنا فروعا كثيرة تخالف هذا فقد صرح قاضيخان في فتاواه انه لو صب الوضوء في بير عند ابي حنيفة ينزح كل الماء وعند صاحبيه اذا كان استنجى فذلك وان لم يكن استنجى به قول محمد لايكون نجسا لكن ينزح منها عشرون لبصير الماء طهور فهذا ظاهر في استعمال الماء بوقوع قليل من الماء المستعمل على قول محمد وكذلك مسالة البير جحط المذكورة في المتون والشروح دالة على ان الماء يصير مستعملا عند محمد بالاغتسال فيه وصورتها رجل نزل لطلب الدلو وليس على بدنه نجاسة حقيقية فعند ابي حنيفة الرجل والماء نجسان وعند ابي يوسف على حالهما وعند محمد الماء طاهر غير طهور والرجل طاهر ان الماء الذي لاقى بدنه في البير اقل من غيره وقد جعله مستعملا الانعدام اضلرورة وفي المبتغى لو ادخل الكف صار الماء مستعملا وفي الخلاصة توضأ في طست ثم صب ذلك الماء في البير ينزح منه اكثر من عشرين دلو ومن ماء صب فيه عند محمد وعند ابي يوسف وابي حنيفة ينزح ماء البير كله لانخ نجس عندهما وفي منية المصلى عن الفقيه ابي جعفر لو توضأ في اجمة قصب فان كان لايخلص بعضه الى بعض فانه لايجوز التوضى فيه قلت اماما ذكرته من عبارة قاضيخان ومن مسالة البير فكله مبنى على رواية ضعيفة عن محمد قائلة بان الماء يصير مستعملا بوقوع القليل فيه من الماء المستعمل لاعلى الصحيح من مذهبه واما مسالة الاجمعة ففرع ايضا على القول بنجاسة الماء المستعمل وقد صرح به بدون المكث المذكور في هذه العبارات وامثالها وحكم الوجوب المذكور في كلام الشارح مبنى على رواية نجاسة الماء فان على رواية الطهارة لايصح حكم الوجوب باطلاقه بل هو مقيد بما اذا ظن غلبة الماء المستعمل فانهم صرحوا ان الماء المستعمل على رواية طهارته اذا اختلط بالطهور ان كان الماء الطهور غالبا يجوز فيه الوضوء والا لا كما في فتح القدير وغيره ومن ههنا علمت جواز الوضوء في الفساقي الموضوعة في المدارس عند عدم الظن بغلبة المستعمل أو مساواته اووقوع نجاسة في الصغار منها لان الماء المستعمل هو ما لاقى العضو وانفصل عنه ولاشك انه قليل بالنسبة الى مالم يستعمل الا اذا تكرر الاستعمال زمانا وغلب على الظن ان الطهور قليل فح لايجوز التطهير به كذا ذكره صاحب البحر في سرالته المسماة بالخير الباقي في جواز الوضوء من الفساقي وقال ايضا فيها فان قلت قد وجدنا فروعا كثيرة نخالف هذا فقد صرح قاضيخان في فتاواه انه لوصب الوضوء في بير عند ابي حنيفة ينزح كل الماء وعند صاحبيه اذا كان استنجى بذلك فكذلك وان لم يكن استنجى به قول محمد لايكون نجسا لكن ينزح منها عشرون ليصير طهورا فهذا ظاهر في استعمال الماء بوقوع قليل من الماء المستعمل على قول محمد وكذلك مسألة البير جحط المذكورة في المتون والشروح دالة على ان الماء يصير مستعملا عن محمد بالاغتسال فيه وصرتها رجل نزل لطلب الدلو وليس على بدنه نجاسة حقيقية فعند ابي حنيفة الرجل والماء نجسان وعند ابي يوسف على حالهما وعند محمد طاهر غير طهور والرجل طاهر مع ان الماء الذي لاقى بدنه في البير اقل من غيره وقد جعله مستعملا لانعدام الضرورة وفي المبتغى لوادخل الكق صار الماء مستعملا وفي الخلاصة رجل توضأ في طست ثم صب ذلك الماء في البير ينزح منه اكثر من عشرين دلوا ومن ماء صب فيه عند محمد وعند ابي يوسف وابي حنيفة ينزح ماء البير كله لانه نجس عندهما وفي منية المصلى عن الفقيه اي جعفر لو توضأ في اجمة قصب فان كان لايخلص بعضه الى بعض فانه لايجوز التوضئ فيه قلت اماما ذكرته من عبارة قاضيخان ومن مسألة البير فكله مبنى على رواية ضعيفة عن محمد قائلة بان الماء يصير مستعملا بوقوع القليل فيه من الماء المستعمل لاعلى الصحيح من مذهبه واما مسألة الاجمة ففزع ايضا على القول بنجاسة الماء المستعمل وقد صرح به شارح المنية العلامة محمد الشهير بابن امير حاج تلميذ المحقق ابن الهمام انتهى كلامه ملخصا قوله بحيث لايستعمل غسالته او يمكث بين الغرفتين مقدار مايذهب غسالته كلمة حيث حقيقة في المكان يقال قمت حيث قام زيد وتستعار للزمان وقيل على العكس والغسالة بالضم فاغتسلت به الشيء كذا في المصباح المنير والمعنى يجب ان يجلس المتوضئ بموضع لايستعمل مانعا طر من اعضائه واختلط بذلك الماء الضعيف جريانه بان يجلس على مورد الماء فانه اذا جلس هناك لايتأتى ما تقاطر منه في غرفاته لسيلانه الى جانب المسيل قيل اخذ الغرفة الثانية بخلاف ما اذا جلس الى جهة ميل الماء فانه يلزمه ح استعمال المتقاطر فيجب عليه ح ان يمكث بين الغرفتين مقدار مايسيل المتقاطر منه قوله واذا كان الحوض صغيرا يدخله فيه الماء من جانب ويخرج اذا كان الحوض صغير اي اقل من عشر في عشر ويدخل فيه الماء من جانب ويخرج من جانب اخر ذكر في مجموع النوازل عن الشيخ الفقيه ابي الحسن انه ان كان اربعا في اربع فمادونه يجوز التوضى به وان كان اكثر من ذلك لايجوز الا في موضع دخول الماء وخروجه لان في الوجه الاول مايقع فيه من الماء المستعمل يخرج من ساعته ولا يستقر فيه ولا كذلك في الوجه الثاني وكذا قالوا في عين ماء هي تسع ينبع الماء من اسفلها ويخرج من منفذها لايجوز فيها التوضئ الا في موضع خروج الماء منها والاصح ان هذا التقدير غير لازم بل الاعتماد على المعنى فينظر ان كان مايقع فيه من الماء المستعمل يخرج من ساعته لكثرة الماء فوقه يجوز التوضى والا فلا وحكى عن الشيخ شمس الايمة الحلوائي انه سئل عن عين الماء اذا كان خمسا في خمس وكان يخرج الماء منه قال ان كان يتحرك الماء من جريانه يجوز والا فلا وسئل القاضي ركن الاسلام على السعدي عن هذا فاجاب بالجواز مطلقا ففي الحوض الصغير اذا كان يدخل الماء من جانب ويخرج من جانب آخر يجوز الوضوء على هذا القول مطلقا لكونه ماء جاريا والجاري يجوز التوضئ به وعليه الفتوى كذا في التاتار خانية وذكر الحلية ان هذا كلع مبني على القول بنجاسة الماء المستعمل واما على الاصح المختار فيجوز الوضوء مالم يغلب على ظنه ان مايغترنه او نصفه فصاعدا مستعمل انتهى قوله في جميع جوانبه سواء كان جانب الخروج او جانب الدخول او غير ذلك قوله وعليه الفتوى لانه ماء جاري والجاري يجوز التوضئ مطلقا من غير تفصيل بين ان يكون اربعا في اربع او اقل فيجوز او اكثر فلا يجوز ومن غير تفصيل بين ان يكون الخروج بين ان يكون الخروج لابمدد فانه لو كان يدخله الماء من جانب ولا يخرج منه لكن فيه انسان يغتسل ويخرج باغتسال من الجانب الاخر متداركا يجوز الوضوء ايضا كما في التاتار خانية ومن غير تفصيل بين ان يكون الدخول والخروج بعد تنجس او قبل تنجسه فانه لو تجنس ماء حوض صغير فدخل فيه الماء من جانب وخرج من جانب اخر قال ابو بكر الاعمش لايطهر مالم يخرج مثل ما كان فيه ثلث مرات وقيل لايطهر مالم يخرج مثل ماكان فيه مرة واحدة وقال ابو جعفر الهند واتي يطهر بمجرد الدخول والخروج وان لم يخرج مثل ما كان في الحوص وهو اختيار الصدر الشهبد لانه ح يصير جاريا والجاري لايتنجس مالم يتغير بالنجاسة كذا في المنية والصحيح هو مختار الصدر كما في الظهيرية فرع حوض صغير كري منه نهرواجرى الماء من الحوض فيه فتوضأ من ذلك النهر جازوا وان اجتمع ذلك الماء في موضع وكري منه اخر نهر فاجرى الماء فيه فتوضأ فيه وثم جاز وضوء الكل اذا كان بين المكانين مسافة وان قلت كذا في المنية عن المحيط وحد ذلك ان لايسقط الماء المستعمل من الاعضاء الا في موضع جريان الماء فيكون تابعا للجاري فانه اذا كان بين المكانين مسافة فالماء الذي استعمله الاول قبل ان يرد عليه ماء جاز قبل اجتماعه في الموضع الثاني فلا يظهر حكم الاستعمال بخلاف ما اذا لم تكن بينهما مسافة وهذه المسألة ايضا مبينة على رواية نجاسة الماء المستعمل كذا في الغنية قوله واعلم انه هذه المسألة من فروع قاعدة ابقاء ماكان على ما كان اوردها توضيحا لقول المصنف لم يراثره وقد ذكرها بن نجيم في الاشباه والنظائر اورد لها فروعا مختلفة من ابواب مفترقة وقد مر منا ذكر بعض الفروع المتعلقة بباب الطهارة في شرح قوله وبماء جار ونذكر بعضا اخر ههنا فمنها ان من تيقن الطهارة وشك في الحدث فهو متطهر ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو محدث كما في السراجية وغيرها ومنها ماذكره محمد انه لو كان حوض تملأ منه الصغار والعبيد بالايدي الدنسة والجارا الوسخة يجوز الوضوء منه مالم يعلم به نجاسة ولذا افتوابطهارة طين الطرقات ومنها مافي الملتقط ان فارة وجدت في الكوز لايدري انها كانت في الجرة لايقتضى بفساد ماء الجرة بالشك ومنها مافي فتاوى قاضيخان انه اذا نام الكلب على حصير المسجد فان كان يابسا لايتنجس وان كان رطبا ولم يظهر اثر النجاسة فيه كذلك ايضا ومنها مافيه ايضا اذا غسل رجله ومشى على ارض نجسة بغير مكعب فابتلت الارض من بلل رجله واسود وجه الارض لكن لم يظهر اثر بلل الارض في رجله فصلى جازت صلاته ومنها ان الابار والحياض التي يستقى منها الصغار واللبار المسلمون والكفار طاهرة وكذلك السمن والجبن والاطعمة التي يتخذوها اهل الشرك وكذلك الثياب التي تنسجها اهل الشرك والجهلة من اهل الاسلام وكذلك الجبياب الموضوعة والمركبة في الطرقات والسقايات التي يتوهم فيها اصابة النجاسة كلها طاهرة مالم يتقن بنجاستها كذا في التاتار خانية ومنها مافي التاتار خانية نقلا عن المحيط البرهاني انه قد وقع عند بعض الناس ان الصابون نجس لانه يتخذ من دهن الكتان ودهن الكتان نجس لان اوعيد تكون مفتوحة الراس عادة والفارة تقصد شربها وتقع فيها غالبا ولكنا لانفتى بنجاسة الصابون ولا بنجاسة الدهن بالشك ومنها مافي القنية الجلود التي تدبغ في بلادنا ولايغسل مذبحها ولا تتوقى النجاسة في دبغها ويلقونها على الاراضي النجسة ولا يغسلونها بعد تمام الدبغ فهي طاهرة يجوز اتخاذ الخفاف وغلاف الكتب والدلاء منها مالم يظهر اثر النجاسة ومنها ما في القنية عن ابي نصر الدبوسي طين الشوارع ومواطئ الكلاب فيها طاهر وكذا الطين المسروقن الا اذا راى عين النجاسات والاصل في هذا كله ماورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم انه قال بعثت بالحنيفية السمحة البيضاء ولم ابعث بالرهبانية الصعبة وورد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واصحابه كانوا يستعملون انية المشركين وثيابهم المنسوجة والمياه الراكدة في الحياض والابار من غير استفسار وتدقيق فاخرج البخاري في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اكل في بيت اليهودية وتوضأ من مزاده المشركة وروى ايضا عن ابن عمر انه قال كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك وقال الفاضل البركلي في الطريقة المحمدية وجوب الاحتراز عن النجاسة ليس لذاتها لوصفها المنفر من الريح المنتن والطعم البشيع واللون القبيح فاذا لم يوجد ولم يتيقن بوجوده فلا يجب ومع التيقن به يعفى عن القليل في مواضع الضرورة والحاجة انتهى ومن ههنا يعلم ان الاصل في الاشياء شرعا هو الطهارة لاسيما الماء فانه موصوف بالطاهرية والطهورية مالم يعرض ما يزوله كما نبهنا سابقا قوله اذا اتتن الماء سواء كان جاريا وراكدا وكذا اذا تغير طعمه ولونه فان اذا تغير الطعم او اللون فان علم ان تغيره للنجاسة لايجوز الوضوء به ولا يجوز فتخصيص النتن بالذكر على سبيل التمثيل قوله فان علم الظاهر انه اراد بالعلم اعم من اليقين والظن الراجح فان للظن في امثال هذا الموضع حكم اليقين وهذا العلم اما باخبار رجل مسلم عدل فانه اذا اخبر رجل كذلك بنجاسة الماء لايجوز له ان يتوضأ فان كان فاسقا لايصدق وفي المستور روايتان ففي رواية هو بمنزلة الفاسق وفي رواية بمنزلة العدل كذا في فتاوى قاضيخان وذكر العيني في رمز الحقائق شرح كنز الدقائق لايقبل قول الكافر في الديانات كالاخبار بنجاسة الماء حتى اذا اخبره عدل انه نجس تيمم واذا اخبر فاسق تجرى فيه وكذا اذا كان مستورا على الصحيح فان غلب على ظنه انه صادق تيمم ولا يتوضأ به وان اراقه ثم تيمم كان احوط وان كان اكبر رائه انه كاذب يتوضأ انتهى واما بعلامات دالة على النجاسة كما قال في جامع الفتاوى لو راى اقدام الوحوش عند الماء القليل لايتوضأ به انتهى قال النابلسي في الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية ينبغي تقييد ذلك بما اذا علم واغلب على ظنه انها اقدام الوحوش والا فيحتمل انها اقدام ماكول اللحم فلا يحكم بالنجاسة بالشك ويقيد ايضا بانه رآى رشاش الماء حول ذلك الماء ونحو ذلك من القرائن الدالة على ان الوحوش شربت منه والا فلا نجاسة بالشك قوله للنجاسة والاختلاط النجاسة اذلوعلم انه لمجاورة النجاسة يجوز كما يخفى قوله والا اي وان لم يعلم نتنه للنجاسة تردد فيه يجوز الوضوء حملا على ان تغير بطول المكث او غيره كاختلاط الاشياء الطاهرة المغيرة لان الاصل في الماء هو الطهارة والاصل ولا ينزول بالشك وفيه اشارة الى انه لايجب السوال عن حاله بل حمل على صلة قال في الخلاصة يتوضأ بماء الحوض الذي يخاف فيه قذرا ولا يستيقنه وليس عليه ان يسال ولا يديه حتى يستيقن انه قذر وعلى هذا اذا قدم له بطعام ليس للضيف ان يسال من اين لك هذا الطعام من الغصب او السرفة انتهى واصل مرواه مالك في الموطأ عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن ابي بلتعة ان عمر ابن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى ورد احوضا فقال عمرو لصاحب الحوض هل ترد حوضك السباع فقال عمر بن الخطاب ياصاحب الحوض تخبرنا فانا نرد على السباع وترد علينا واخرجه زين في مسنده وزاد في قول عمر فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لها ما اخذت في بطونها وما بقى فهو لنا طهور وشراب قال على القارئ في مرقاة المفاتيح الاظهر ان يحمل قوله تخبرنا على ارادة عدم التنجيس في بقاء الماء على طهارته الاصلية ويدل عليه سوال الصحابي والا فيكون عبثا ثم تعليله بقوله فانا الخ اشارة الى ان هذا الحال من ضرورات السفر وما كلفنا بالتحقيق فلو فتحنا هذا الباب على انفسنا لوقعنا في مشقة عظيمة انتهى وقال عبد الغني النابلسي في الحديقة الندية قوله هل يرد حوضك السباع اي هل تاتى اليه فتشرب منه سباع البهائم كالذئب والضبع والثعلب في نحوها فان سورها نجس عند ناكسور الكلب لاختلاطه بلعاب نجس متولد من لحم حرام اكله ولعله كان حوضا صغير يتنجس بملاقات النجاسة والا فلو كان كبير لما سئل وقوله لاتخبرنا ابي ولو كنت تعلم انه ترده السابع لانا نحن لانعلم ذلك فالماء طاهر عندنا فلو استعملنا لاستعملنا ماء طاهر واما صاحب الحوض فلو كان يعلم ان السباع ترده وراهم ان يستعملوه لزمه اخبارهم بذلك لانه من قبيل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وعمر بن الخطاب لايعلم ان صاحب الحوض يعلم ان السباع ترده حتى يكون قوله كفا ومنعا من الامر بالمعروف انتهى قوله واذا سد كلب اي ميت ان لم يكن الكلب نجس العين كما هو الاشهر اوحى ايضا ان كان نجس العين وفي ايراد هذه المسألة ههنا تنبيه على ان قول المصنف لم يراثره انما هو غير الجيفة وامثالها واما فيها فالمعتبر هو عين النجاسة فان كان مايلاقيها من الماء اقل مما لايلاقيه جاز الوضوء اعتبار للغالب وان كان اكثر لايجوز وان كان يجوز ولكن الاحوط ان لايتوضأ به كذا نقله ابن كمال في الايضاح عن التحفة والبدائع وعرض على الشارح بان عبارته قاصرة وقد مرمنا تحقيق هذه المسألة في شرح قوله وبماء جار فتذكرة قوله قال الفقيه ابو جعفر كذا نقله الناطفي في واقعاته عن الطحاوي والنوازل قوله وعن ابي يوسف الخ قد عرفت سابقا ان قول ابي يوسف هو المصحح رواية ودراية فرع مهم قد اعتيد في بلاد الدكن القاء ارواث الافيال في مجاري الماء من النهر الكبار الى الحياض والبيوت وسد مرج تلك المجاري بها والماء يجري عليها ويصل تارة باثرها وتارة بعينها الى الحياض وكثيرا مايصل الماء من غير تغير وقد دارت هذه الواقعة في ما بيننا في سنة اثنين وثمانين او ثلث وثمانين بعد الالف والماتين في بلدة حيدر آباد صانها الله عن البدع والفساد حين تعمير الحوض في مسجد مولانا محمد حيدر للكنوي وطنا الحيدر ابادي مدفنا وهو ابواب امي نور الله مرقده فاستفسر ابناه وهما المولوى محمد نور الحسنين والمولوي محمد نور الصديق عن حكم ماء هذا شانه هل هو طاهر ان نجس فامرنا والدنا العلام واستاذنا القمقام نور الله مرقده عن تصفح الكتب لاستخراج الجزئية ففتشنا الكتب المتداولة وتجسنا في الدفاتر التطاولة الى ان وقع نظرنا على رد المحتار فاذا هو موجود فيه وعبارته هكذا قد اعتيد في بلادنا القاء زبل الدواب في مجاري الماء الى البيوت لسد خلل تلك المجاري المسماة بالقساطل فيرسب فيها الزبل ويجري الماء فوقها فهو مثل مسألة الجيفة في ذلك حرج عظيم اذا قلنا بالنجاسة والحرج مدفوعا بالنص وقد تعرض لهذه العلامة عبد الرحمن العمادي مفتي دمشق في كتابه هدية ابن العماد واستأنس لها ببعض الفروع وبالقاعدة المشهورة من ان المشقة تجلب التيسير وقد اطال الكلام عليها سيدي عبد الغني النابلسي في شرحه على هذه المسألأة بما حاصل ان اذا رسب الزبل في القساطل ولم يظهر اثره فالماء طاهر واذا وصل الى الحياض متغير او نزل في حوض صغير او كبير فهو نجس وان زال تغيره بنفسه الا اذا جرى ذلك بماء صاف فانه ح يطهر فاذا انقطع الجريان فان كان الحوض صغير از الزبل راسب في اسفله تنجس مالم يصر الزبل جمأة وهذا كله بناء على نجاسة الزبل عندنا وفي شرح العباب لابن حجر بناء على قول الشافعي اذا ضاق الامر اتسع انه لايضر تغير انهم الشام بما فيها من الزبل ولو قليلة لانه لايمكن جريها المضطر اليه الناس الا به زظاهره ان المعفو عنه اثره لاعينه انتهى مافي شرح الهداية اقول ولا يخفى ان الضرورة داعية الى العفو عن العين ايضا فان كثيرا من المحلات البعيدة عن الماء في بلادنا ماؤها قليلا وفي اغلب الاوقات يستصحب الماء عين الزبل ويرسب في اسفل الحياض انتهت عبارته ملخصة فبعد ماوجدنا هذه العبارة عرضنا ماعلى الوالد المرحوم والمستفسرين ففرحوا بذلك فرحا شديدا والله الحمد على ذلك قال وبماء مات فيه اي ويجوز الوضوء بماء الميت فيه حيوان يتولد في الماء وهو بفتح الحاء المهملة والياء يطلق على ذي روح وفي الاصل مصدر بمعنى الحيوة ولذا يستوى فيه الواحد والجمع وقيل هو مبالغة في اليوة كما قيل للموت الكثير موتان بفتح الميم والواو به فسر قوله تعالى وان دار الآخرة لهي الحيوة الدائمة التي لايعقبها موت كذا في الصحاح والمصباح وقد اختلف في هذه المسألة على اقوال احدها ماذهب اليه اصحابنا وهو مذهب المالكية ففي المنح الوفية شرح المقدمة العزية ومن الطاهر ميتة الطاهر ميتة البحر ولو طالت حياته بالبر لقوله عليه السلام هو الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى وفي مختصر الخليل الطاهر ميت مالادم له والبحر وان طالت حياته انتهى وثانيها ان السمك والجراد لايفسد الماء وما ساهما يفسد نسبة صاحب رحمه الامة في اختلاف الايمة الى مالك والشافعي واحمد حيث قال ما يعيش في الماء كالضفدع اذا مات في ماء يسير نجسه عند الثلثة خلافا لابي يوسف والسمك والجراد طاهران اتفاقا انتهى وهكذا نسبه صاحب الهداية الى الشافعي حيث قال وموت ما يعيش في الماء فيه لايفسده كالسمك والضفدع والسرطان وقال الشافعي يفسده الا السمك انتهى وقال لاتقاني في غاية البيان كان ينبغي ان يقول الا السمك والجراد لان حكمهما واحد عنده كذا في وجيزهم انتهى وثالثها ان ميتة مايؤكل من حيوانات البحر لايفسد وما لايؤكل يفسد وهو مختارات الشافعية قال النووي ما يعيش في الماء كان ماكو فميتته طاهرة لاشك انه لاينجس الماء وما يؤكل كالضفدع اذا قلنا انه لايؤكل اذا مات في الماء القليل او مائع قليل او كثير نجسه صريح به اصحابنا ولا خلاف فيه الا لصاحب الحاوي فانه قال في نجاسته قولان وذكر الروياني في الضفدع وجهين انه لانفس له سائلة والثاني لها نفس سائلة فتنسه قطعا وهذا الثاني هو المشهور في كتب الاصحاب انتهى كذا نقله العيني في البناية وقال الدميري في حيوة الحيوان في فصل الضفدع من احكامه انه ينجس بالموت كغيره من الحيوان الذي لايؤكل ونقل في الكفاية عن الماوردي حكاية وجه انه لاينجس بالموت وغلطه شيخنا في النقل عنه وقال لاذكر لهذا الوجه في الحاوي ولا في غيره من كتبه واذا ماتت في ماء قليل قال النووي ان قلنا انه لاتؤكل نجسته بلا خلاف وحكى الماوردي في نجاسته قولين احدهما ينجس كما ينجس بسائر النجاسات والثاني يعفى عنه كدم البراغيث والاصح الاول انتهى وقال الدميري ايضا في فصل السمك اختلف العلماء في الحيوان الذي في البحر سوى الحوت فقال بعضهم يؤكل جميع مافي البحر سوى الضفدع ولو كان على صورة انسان والى هذا ذهب ابو علي على الطيبي من قدماء اصحابنا قال في شرح القنية قيل له أرأيت لو كان على صورة بني ادم قال وان تكلم بالعربية وققال انا فلان وهذا ضعيف شاذ وقال آحرون يوكل الجميع الا ما كان على صورة الكلب والخنزير والضفدع وقيل كل ما اكل في البر مذبوحا يوكل مثله في البحر مذبوحا وغير مذبوحا على الاصح وقيل لابد من ذبحه واختاره الصيد لالىفعلى هذا لايحل كلب الماء وخنزيره ولا حمار البحر لانه له شبها في البر حراما وهو الحمار الاهلي قلت المذهب المفتي حل الجميع الا السرطان والضفدع والتمساح سواء كان على صورة كلب او خنزير او انسان ام لا انتهى كلامه فعلى هذا يفسد الماء عندهم ميتى السرطان والضفدع والتمساح وماسواه لايفسد هذا تحرير المذاهب الواقعة في المسألة واما الدلائل فأستدل اصحاب القول الثالث بان ما يوكل من حيوانات البحر سمكا كان او غيره فميتته حلال لعموم وحديث هو الطهور ماؤه الحل ميتته ولعموم قوله تعالى احل لكم صيد البحر بطعامه متاعا لكم وللسيارة فانه ليس في الحديث ولا في الاية تقييد بالسمك والجراد وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن ابي حاتم وابو الشيخ عن عكرمه ابا بكر الصديق قال في تفسير الآية صيد البحر يصطاد ايدينا وطعامه ما لاثه البحر واذا كانت ميت مايوكل حلاللا كان طاهر فلا يفسد الماء للوقوعه فيه واما ما لايوكل فميتته نجسة لان التحريم لا بطريق الكرامة كما في الآدمي اية النجاسة فيفسد بوقوعه الماء واما اصحاب القول الثاني فاستدلوا بان الحديث ورد بحل ميتة السمك والجراد وهو قوله عليه الصلوة والسلام احلت لنا ميتتان ودمان اما الميتتان فالسمك والجراد واما الدمان فالكبد والطحال اخرجه ابن ماجه واحمد والشافعي وغيرهم وماسواهما يكون ميتتهما حراما فيكون نجسا فيفسد الماء بوقوعه فيه وااب اصحابنا عنهما بانه ليس من ضرورة الحرمة النجاسة كالطين فانه حرام كله وليس بنجس وذلك لان الحرمة تكون لاحد من امور ثلثة احدها النجاسة كحرمة الخمر والخنزير والابوال والارواث وغيرها وثانيها الكرامة كحرمة اكل الانسان فانه محرم وكرامة لانجاسة وثالثها الخباثة كحرمة الطين وحشرات الارض كما مر تفصيل ذلك في بحث الدم السفوح في بحث نواقض الوضوء وقد اقر بهذا التفصيل الشافعية ايضا فانهم قالوا بحرمة ماليس له دم سائلة من الحيوانات وعللوها باستقذارها ولم يحكموا بنجاستها ففي حيوة الحيوان في بحث نبات ورد ان حكمها تحريم الاكل لاستقذارها ولايصح بيعها كسائر الحشرات التي لاينتفع بها لكنها اذا وقعت في الماء الطهور ولا تنجسه ويعفى عن ذلك وكذا كل ماليست له نفس سائلة اي دم يسيل عند قتله انتهى وقال يضا في بحث الذباب بعد ماذكر حديث غمسه في الاناء قد استفيد من هذا الحديث ان الذباب اذا وقع في الماء لاينجسه لانه ليس له نفس سائلة وهو للشهور وفي قول ينجسه كسائر الميتات النجسة وفي ثالث مخرج ان يعمم وقوعه كالذباب والبعوض لاينجس ومالايعمم كالخنفافس والعقارب ينجس وهو متجه لامحيد عنه ومحل الخلاف في ميته اجنبية اما الناشء منه كدود الفواكة والجبن والخل فلا ينجس فأمات فيه بلا خلاف انتهى وكذا قالوا بحرمة الانسان الميت مع طهارته عندهم كما في الاقناع قضية التكريم ان لايحكم بنجاسة الانسان بالموت وساء المسلم وغيره انتهى واذا ثبت ان النجاسة ليست بلازمة للحرمة بلازمة للحرمة فلا يصح استدلالهم بحرمة غير السمك والجراد او بحرمة التمساح والضفدع وغيرهما مما لايوكل من حيوانات البحر على نجاسة ميتتها وفساد الماء بوقوعها نعم لو ثبت نجاستها من وجه آخر لثبت مطلوبهم واذا ليس فليس واما اصحابنا ومن تبعهم من اصحاب القول الاول فاستدلوا على مذهبهم بوجهين بين الاول ان مايعيش في الماء اذا مات فيه مات في معدنه فلايعطي لحكم النجاسة كبيضة انقلبت صفرتها فلو صلى وفي كمه تلك البيضة تجرد الصلوة لان النجاسة في معدتها ولذلك يحكم بطهارة الانسان مع كون باطنه مملوا من الدم والنجاساست ولا يخفى عليك ضعف هذا التعليل بوجود احدها انه يقتضي ان لايعطي للطيور والوحوش حكم النجاسة اذا ماتت على الارض او في البير لانها معدنها واجيب عنه بان المعدن عبارة عما يكون محيطا به كما يفهم من تمثيلهم بالدم في العروق وصفرة البيضة والبير ليس كذلك كذا في العناية وقد يجاب عنه بان الارض وان كانت معدن البريات فهي لاتموت في الارض بل على الارض واما البحرى فيموت في الماء كذا في حواشي لهداية للجو نفورى اقول هذا مخدوش بانه يقتضي انه لو مات برى في الارض لايحكم ستة ولو مات بحرى على البحر سبخا ستة وليس كذلك وثانيهما انه يقتضى انه لو مات سمك في البحر وطفى على الماء حلم بنجاسته تخروجه من معدنه كما لو خرج دم من معدته وهذا وان ذكره الطحاوى ان الطافى من السمك في الماء يفسده ثلثه غير مختار عند المحققين فقد قال في النهاية هذا غلط من الطحاوى فليس في الطافي اكثر فسادا من انه غير ماكول كالضفدع والسرطان انتهى وثالثها يقتضى انه لو مات مجرى خارج الماء فسد الماء بوقوعه فيه مع انه ليس كذلك قال في فتح القدير لافرق بين ان يموت في الماء وخارجه ثم ينتقل اليه في الصحيح انتهى ومثله في البحر وغيره ورابعها انه يقتضي انه لو مات مائى المولود في مائع غير ماء نجسه لعدم المعدن وهو وان ذهب اليه بعض المشائخ لكن الصحيح خلافه قال في الهداية في غير الماء قيل غير السمك يفسده لانعدام المعدن وقيل لايفسده لعدم الدم وهو الاصح انتهى وقال في العناية قائل الاول نصير بن يحيى ومحمد بن سلمة وهو رواية عن ابي يوسف وقائل الثاني محمد بن مقاتل وهو رواية الحسن عن ابي حنيفة وهشام عن محمد انتهى وذكر العينى من اصحاب القول الاول ابا معاذ البلخي وابا مطيع ومن اصحاب القول الثاني ابا عبد الله البلخي الوجه الثاني ماصححه شمس الايمة السرخس وحكم عليها صاحب الهداية وشراحها بانه الاصح ان مايعيش في الماء ليس لدم مسفوح وكل ماليس له دم مسفوح فميتن طاهرة فينتج ان مايعيش في الماء ميته طاهر فلا يفسد الماء ولا المائع بوقوعه فيه سواء مات فيه او خارجه اما الصغرى فلان الدموى لايسكن الماء لمنافاة بين طبع الماء والدم ومايرى في بعض الحيوانات البحرية كالسمك وغيره رطوبة كلون الدم فهو ليس بدم حقيقة لان الدم اذا القى في الشمس اسود وهذه الرطوبة اذا القيت في الشمس تبيض واما الكبرى فلان الموت ليس بمنجس في نفسه وانما يحكم بنجاسة الميتة لان الدم النجس السائل في العروق يختلط بعد الموت في جميع الاجزاء وينتشر فيها ولذا لو فصد عرق ميت لايخرج منه دم الا نادرا والنجس انما هو الدم المسفوح لا غير المسفوح كما مر تحقيقه في بحث نواقض الوضوء واذ لادم مسفوحا في هذه الحيوانات فلا تنجس ميتتها فلا يفسد الماء ومثله بوقوعه وموته فيها وقد تأيد ماذكرناه من ان ما لادم له لاينجس ولايفسد بحديث الذباب كما سيجيء ذكره عن قريب ان شاء الله تعالى وبما اخرجه الدار قطنى في سننه من حديث بقية سعيد بن ابي سعيد عن نصرين منصور عن علي بن زيد عند سعيد بن المسيب عن سلمان ان قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ياسلمان كل طعام وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال اكله وشربه ووضوء وذكر الاتقاني في غاية البيان انه روى هذا الحديث ايضا ابو بكر الجصاص الرازي في شرح مختصر الطحاوى وبما اخرجه او عبيد في كتاب الطهور على مانقله العينى من حديث ميمونة ام المؤمنين انها كانت تمر بالغدير وفيه الجعلان فيسقى لها وتشرب منه وتتوضأ فأن قلت حديث سلمان ضعيف سندا لما قال الدار قطني عقيب اخراجه لم يروه غير بقية عن سعيد وهو ضعيف انتهى واخرجه ابن عدي في الكامل واعله بسعيد بن ابي سعيد الزبيدي وقال هو شيخ مجهول وحديثه غير محفوظ انتهى قلت بقية هذا هو ابن الوليد روى عنه الايمة مثل الحمادين المبارك ويزيد بن هارون وابن عيينه ووكيع والاوزاعي واسحق بن راهيية وشعية وتاهيك بشعبة واحتياطه واما سعيد هذا فقد ذكرة الخطيب وقال اسم ابيه عبد الجبار وكان تقة فانتقت الجهالة والحديث مع هذا الاينزل عن درجتا الحسن كذا في فتح القدير بقى ههنا امور لابد من الاطلاع الاول انه قديعترض ههنا بانه لما كان الوجه الصحيح للمسألة التي نحن فيها فقد المسفوح فما بالهم يذكرون جواز الوضوء بماء مات فيه قال المولود على حدة وجوازه بماء مات فيه ملادم على حدة كما فعله صاحب الهداية والمصنف وغيرهما وهلا اكتفوا بالمسألةالثانية والجواب عنه انه قد اكتفى بالثانية كصاحب الكنز نظرا الى هذا الوجه ومن فصل انما فصل لان منهم من ذكره لهذه المسألة وجها اخر ايضا غير مايوجه به المسألة الثانية كما مر فاحب ان تذكر على حدة ولان فيه خلاف الشافعية ايضا فالنص عليه اليق والثاني ان الوجه الثاني وان اعتمل عليه الاعلام واستند به الكرام لكن فيه خدشة ابدعها الفاضل الهروي في حواشيه بالانسلم ان الدموي لايسكن الماء اذ لا استبعاد في قدرة الله تعالى وقد جاء في الدعوات يامن الف بين الثلج والنار والله ملك نصفه من الثلج ونصفه من النار وقال تعالى وجعل لكم من الشجر الاخضر نارا فاذا انتم منه توقدون وايضا لانسلم ان الاسواد في الشمس لازم لطلق الدم بل هو لازم لدم البريات انتهى وهذه خدشة قوية لم اطلع من توجه الى ازالتها ولم امض في خاطري مايدفعها فتأمل لعل الله يحدث بعد ذلك امر والثالث ان قول المصنف بماء ليس احترازا عن مائع اخر فان حكمه كحلمه كما مريل التخصيص بذكره لمناسبة البحث فان البحث انما هو بحث المياه وقوله مات فيه ايضا ليس احترازيا فانه لو بات خارجه ووقع فيه لاينجس ايضا كما مر وانما خصصه بالذكر لتكون المسألة اتفاقية فافهم قال كالسمك بفتح السين والميم جنس من حيوانات البحر يقال للواحد سمكة ويجمع على اسماك وعموك ومن اسمائه حوت بضم الحاء المهملة وجمعه احوات وحيتان ومن اسمائه النون وجمعه نينان وانوان وحكمه انه حلال بجميع انواعه لحديث احلت لنا ميتتان السمك والجراد وانواعه كثيرة منها الفاطوس ويقال له حوت الحيض وهو سمك هظيم يكسر السفن والملاحون يعرفونها فيتخذون خرق الحيض ويعلقونها على السفينة فتهرب ومنها العنبرة ومنها نوع يطير علىالهواء على وجه البحر مسافة طويلة ثم ينزل من البحر ومنها المنشار وهو سمك في بحر الزيخ كالجبل العظيم من رساها الى ذنبها من اسنان المنشار من عظام سود كل سن منها لذارعين وعند رساها عظمان طويلان كل عظم مقدار عشرة اذرع ومنها سمك على شكل الحية يقال له المار وماهي ومنها سمك تحيض كحيض النساء اذكره كمال الدين الدميري في حيوتها الحيوان وذكر ايضا وينا بالمسند الصحيح عن سعيد بن جبير انه قال لما اهبط الله ادم الى الارض لم يكن فيها غير النسر في البر والحوت في البحر كان النسرياوي الى الحوت فيبيت عنده فلما رأى النسر آدم عليه الصلوة والسلام اتى الحوت وقال لقد اهبط اليوم على الارض من يمشى على رجليه ويبطش بيديه فقال الحوت لئن كنت صادقا فمالئ منجأمنه في البحر ومالك منه مخلص في البحر وذكر ايضا ان من انواعه السمكة الرعادة وهي صغيرة اذا وقعت في الشبكة والصياد ممسك حبلها ارتعدت يد الصياد والصيادون يعرفون ذلك فأذا احسوا بها شدوا حبل الشبكة وتد او شجر حتى تموت وذكر ايضا من انواعه الشيخ اليهودي وهو سمك وجهه كوجه الانسان كوجه الانسان وله لحية بيضاء بدنه كبدن الضفدع وشعره كشعر البقر يخرج من البحر ليلة السبت فيستمر حتى تغيب ليلة الاحد فيثب كما يثب الضفدع ويدخل الماء فلاتلحقه السفت قوله بئسر الدال نبه على ذلك لانه الاصح والمشهور الفتح قال الدميري هو بكسر الضاد وسكون افلاء والعين المهملة بينما دال مهملة مثل الخنصر واحد الضفادع والانثى ضفدعة وتأس يقولون ضفدع بفتح الدال وقال الخليل ليس في الكلام فعلل الا اربعة احرف درهم وهجرع وهو الطويل وهبلع وهو الاكول وبلعم وهو اسم وقال ابن الصلاح الاشهر فيه من حيث اللغة كسر الدال وفتحها اشهر في السنة العامة واشباه العامة من الخاصة وقد انكره بعض ايمة اللغة وقال البطليوسي في شرح ادب الكاتب حكى ايضا ضفدع بضم الضاد وفتح الدال وهو نادر وحكاه المطرزى ايضا ويقال للضفدع ابو المسيح وابو سبيرة وابو معبدو ام المنبرة والضفادع فادع انواع كثيرة تكون من سفاد وتتولد من مياه قائمة ضعيفة الجرى ومن العفونات وعقب الامطار حتى يظن انها تقع من السحاب انتهى ملخصا وذكر صاحب القاموس ان ضفدع كزيرج وجعفر وجندب ودرهم وهذا قل او مردود شروع اذا مات كلب الماء في الماء اختلف لمشائخ فيه كذا في المجتبى وفي الخلاصة الكلب والخنزير المائي اجمعوا على انه اذا مات في الماء لايفسده وفي غيره الماء من المائعات اختلف المشائخ فيه سواء تقطع في الماء او لم يتقطع وعن محمد انه اذا انفتت في الماء كره شربه انتهى وفي المجتبى عن ابي يوسف اذا مات حية عظيمة مائية او سمكة في الماء فسده لان لو مادما سائلا ولنا ان ذلك ليس بدم سائل لان السمك يوكل كما هو ولو كان دما لحرم اكله قيل اراقته بالنص ولانه يبيض بالتشميس والدم يسود والثاني ان الماء معدنهما فلا يظهر فيه حلم النجاسة وفي التمر تاشى واو ماتت هي في الخل والعصير والمرق ونحوهما فمن اعتبر الدم لايفسده وهو رواية الحسن عن ابي حنيفة وهشام عن محمد ومن اعتبر المعجن ينجسه وهو رواية عن ابي يوسف وفي صلوة البقالي شارة الى ان ابا حنيفة اعتبر المعدن وهما اعتبر الدم السائل وعن الحسن اما الضفدع والسرطان والسمك والسلحفاة مما يعيش في الماء فموته فيه لايفسده وان سال من دمه لاينسجه وهو قول ابي جنيفة وزفر وابي يوسف ايضا الا في دمه انتهى وفي الهداية والنهاية الضفدع البحري والبري سواء في عدم فساد الماء بوقوعه فيه والفرق بينهما ان البحري مايكون بين اصابعه سترة دون البري وقيل البري يفسد لوجود الدم وعدم المعدن قال في فتح القدير ان ثبت هذا فينبغي ان لايتردد في انه مفسد وفي التجنيس لو كان للضفدع دم سائل يفسد ايضا ومثله لو ماتت حية لادم فيها لاينجس وان كان فيها دم ينجس انتهى وفي فتاوى قاضيخان موت مالادم له كالسمك والسرطان والحية وكل مايعيش في الماء لايفسد ماء الاواني وغيره وموت مالادم له كما لايفسد الماء لايفسد غيره كالعصير ونحوه نحوه وكذا الضفدع برية كانت او بحرية فان كانت الحية او الضفدع عظيمة لها دم سائل تفسد الماء وكذا لوزعة الكبيرة في رواية ابي يوسف انتهى وفي المنية ما الحية التي لاتعيش في الماء فانها تفسده انتهى قال شارحه في الغنية هذا على القول بان الضفدع البري تفسده والظاهر انه مختار صاحب لهداية حيث اخر دليله وما اخر دليله فهو المختار عنده وفي المنية ايضا وكذا الحية المائية اذا كانت كبيرة ولها دم سائل انتهى قال شارحه هذا مبنى على غير الاصح الذي ذكره في الهداية واما على الاصح فلا يتنجس لان الدموي لايعيش داخل الماء والدم الذي فيها غير حقيقي انتهى اقول هذه الفروع ونحوها المذكورة في الفتاوى مما يوقع القلب في الحيرة فان بعضها يدل على ان مايعيش في الماء لادم له حقيقة وبه صرح المحققون منهم صاحب الهداية وشراحها وغيرهم وقد مر ماله وما عليه وبعضها يدل على ان لبعض ما يعيش في الماء ايضا دم سائل وبه صرح في السراج الوهاج حيث قال الذي يعيش في الماء هو الذي يكون توالد ومثواه فيه سواء لها نفس سائلة او لم تكن في ظاهر الرواية وروى عن ابي يوسف انه اذا كان لها دم سائل اوجب التنجيس انتهى واليه يشير كلام الزاهدي في المجتبى على مانقلناه والذي يظهر بالنظر الصحيح ان القول بعدم افساد كل مايعيش في الماء وان كان له دم سائل مما لاوجه له لان الحديث انما ورده في مالادم له وفي السمك والجراد خاصة وكذا القول بان كل مايعيش في الماء لادم له حقيقة ومايرى منه شبيه به فان العلامة التي ذكروها للدم من انه يسود عند التشميس ليست بمنصوصة حتى يعتمد عليه وانما هي استقرائية والاستقراء الناقص لايفيد حكما كليا قطعيا فالحق هو الحكم بعد افساد ميت السمك مطلقا سواء قيل ان له دما سائلا او لم يقل به لورود النص الدال على طهارته وفي ماعداه من حيوانات البحر يناط الحكم على الدم السائل كما في حيوانات البر فما كان له دم سائل يحكم يفساد الماء بوقوعه فيه ومالم يكن له يحلم بعدمه به اخذ من حديث مالادم له ولم يرد نص بطهارة ميت كل بحري حتى يحكم الاطلاق فاحفظه قوله وانما قال مائي المولد حتى لو كان مولده في غير الماء وهو يعيش في الماء بيان لوجه اختيار المصنف هذه العبارة على عبارة مايعيش في الماء وقع في مختصر القدوري والهداية وعلى لفظة المائي كما وقع في عبارات بعضهم بان بعض الحيوانات يتولد خارج الماء ويتعيش في الماء كالبط والاوز وغيرهما ووقوعه في الماء القليل يفسده لوجود الدم السائل ولعدم المعدن ولعدم المعدن مع ان مايعيش في الماء والمائي صادق عليه فلذا اختار المصنف مائي المولود ليختص بما يكون توالده في الماء فقط دون مايتعيش في الماء فقط وقد اختلف عباراتهم في تفسير المائي الذي لايفسد الماء بوقوعه فيه فذكر صاحب الهداية انه مايكون توالده ومثواه في الماء فعلى هذا لايكون مايعيش في الماء ويتولد في البرمائيات وكذا مايتولد في البحر لكن ليس مثواه في الماء بل في البر كالجراد فانه مائي المولد على ماذلت عليه الاخبار وان جعله من صيود البر جمع من الاخيار فاخرج عن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا على الجراد فقال اللهم اهلك كبارة وافسد صفارة واقطع دابرة وخذ بافواهه عن معايشنا واولاقنا انك سميع الدعاء فقال رجل يارسول الله كيف تدعو على جند من اجناد الله بقطع دابرة فقال صلى الله عليه وسلم ان الجرد نثرة الحوت من البحر عطسته واخرج ابو داود الترمذي وغيرهما عن ابي هريرة قال اصبنا رجلا من جراد فكان الرجل منا يضربه بسوطة وهو محرم فقيل ان هذل لايصلح فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال انما هو من صيد البحر واخرج ابن ماجة عن ابي هريرة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حج او عمرة فاستقبلنا رجل من جراد فجعلنا تضربهن بنعالنا واسواطنا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلوة فانه من صيد البحر في المجتبى ان المائى مالايعيش الا في الماء وعلى هذا يلزم ان لايكون الشيخ اليهودي مائيا لانه يعيش في البرايضا في بعض الايام كما وذكر صاحب الخلاصة ان المائي ما لو استخرج من الماء يموت من ساعته وان كان يعيش فهو مائي وبري وفيه ايضا ما في اسبقه وقال في الغنية جعل صاحب الخلاصة بين المائي والبري قسما اخر وهو مايكون مائيا وبريا ولم يذكر حكما على حدة والصحيح انه ملحق بالمائي لعدم الدموية وعلى ماعلم انتهى ومن ههنا ظهر ان الحيوانات على اربعة انواع مائي المولد والمثوي كالسمك ومائي المولد بري كالجراد وبري المولد بري المثوى كالنسر والفأرة والعقرب والذباب والبق وغيرها وبري المولد مائي المثوى كالبط فميته الاول لاتفسد الماء وكذا الثاني لورود النص وميته الاخيرين وتفسد ان كان لهادم سائل والا فلا قوله يفسد الماء بموته فيه هذا هو الصحيح المختار عند المحققين وفي البحر اختلف في طير الماء كالبط ففي السراج الوهاج انه ينجس وفي شرح الجامع الصغير لقاضيخان طير الماء اذا مات في الماءالقليل يفسده هو الصحيح من الرواية عن ابي حنيفة وان مات في غير الماء يفسد باتفاق الروايات لان له دما سائلا وهو بري الاصل مائي المعاش والمائي ما كان توالده ومعاشه في الماء وفي المجتبي الصحيح في موت طير الماء انه لاينجسه وقيل ان كان يفرخ في الماء لايفسده والا فيفسد فقد اختلف التصحيح في طير الماء كما ترى والاوجه ما في شرح الجامع الصغير كما لايخفي قال وما ليس له دم سائل عطف على قوله مائي المولد قال كالبق بفتح الباء وتشديد القاف قال الجوهري هو البعوضة وهو وهم والحق انه صنفان فصنف يقال له البعوض على هيأة الفيل بل اكثر اعضاء منه مع صغره فان للفيل اربع ارجل وخرطوما وذنبا وله مه هذه رجلان زائدان واربعة اجنحة وخرطوم الفيل مصمت وخرطومه مجوف نافذ للجوف فاذا طعن به جسد الانسان استقى الدم وقذف به الى جوفه ومما الهمه الله تعالى انه اذا جلس على عضو من اعضاء الانسان لايزال يتوخى بخرطوم المسام الذي يخرج منه العرق فاذا وجدها وضع خرطومه بمص الدم الى ان ينشق ويموت والى ان يعجز عن الطيران فيهلك وصنف على صورة القراد شديد النتن ويقال له الغسافس والبق ويقال انه يتولد من النفس الحا ولشدة رغبته في الانسان لايتملك اذا شم رائحة الادعى الا وقع عليه وهو كثير بمصر مما شاكلها من البلاد وحكم من الصنفين التحريم للاستقذار وهو من الحيوان الذي لانفس له سائلة اصلا ووقع في كلام النووي وغيره تمثيل مالانفس بالبعوض والبق وتعقبه بعضهم بأن ذكر البق المعروف في بلادنا الذي يقال له الفسافس في ما لانفس له سائله نظر وقد رأيت بعض الناس يذكر انه في كثير من البلاد اسم للبعوض فلعل من اطلقه اراد به ذلك هذا كله في حيوة الحيوان في باب الباء والفاء وزيادة التفصيل وفي القاموس البقة البعوضة ودويبة مفرطحة اي عريضة حمراء منتنة انتهى وفي البناية البق جمع بقة هي البعوضة قاله الجوهري واهل مصر يقولون الدويبة تنشأ في الاخشاب وغير ذلك له رائحة كريهة قال والذباب بضم الذال العجمة دابة متولدة من العفونة جمعه اذابة وذباب بكسر الذال وتشديد الياء كغراب واغربه وغربان وسمى ذبابا بالكثرة حركته واضطرابه وقيل لانه كلما ذب آب واخرج ابو يعلى الموصلي في مسنده من حديث انس ان النبي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال عمر الذباب اربعون ليلة والذباب كله في النار الا النحل واخرج ابن عدي في الكامل في ترجمة عمرو بن شقيق عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا الذباب كله في النار الا النحل وكونه في النار ليس بعذاب له وانما ليعذب به اهل النار بوقوعه عليهم وحكى ان ابا جعفر المنصور كان جالسا فالح على وجهه ذباب حتى اضجره فقال انظروا من في الباب فقالوا مقاتل بن سليمان فقال على به فلما دخل عليه قال هل تعلم لماذا اخلق الله الذباب قال نعم ليذل به الجبايرة فسكت المنصور وفي مناقب الامام الشافعي ان المأمون سئل عنه لاي شيء خلق الله الذباب فقال مذلة للملوك فضحك المامون وقال رايته وقد وقع على جسد فقال نعم ولقد سألتني وماعندي جواب فلما رأيته قد سقط منك بموضع لايناله منك احد فتح الله بالجواب فقال المأمون لله درك وله اصناف كثيرة منها القمعة بالتحريك وهو ذباب يركب الابل والظباء اذا اشتد الحرو منها النعرة بضم النون وفتح العين المرسلة ذباب ضخم ازرق العينين له ابرة في طرف ذنبه يلسع بها ذوات الحوافر خاصة سميت به لنعيرها اي صوتها ومنها الخازباز ذباب يطير في الربيع يدل على الخصب وقال الاصمعي الخازباز حكاية لصوت الذباب سمى به ومنها الشعراء بفتح الشين المعجمة وكسرها وسكون العين المهملة ذباب ازرق او احمر يقع على الابل وعلى الحمير والكلاب فيؤذيها اذى شديدا ومنها ذباب الكلاب وذباب الرياض وذباب الكلاب وغير ذلك والذباب الذي يخالط الناس يخلق من السفا وقد يخلق من الاجسام هذا اكله في حياة الحيوان في باب الذال والقاف والشين والنون والتفصيل فيه فليرجع اليه فان كتاب نفيس مشتمل على فوائد لطيفة وفرائد عجيبة فروع من الحيوانات التي لادم فيها سائلا الزنبور بضم الزاي المعجمة والعقرب والجراد والنحل والنملةوالجعلان بضم الجيم دويبة تكون في الزبل وبنات وردان والرغوث والقمل والخنفساء وحمار قبان والصرصر والقراد فهذه الحيوانات طاهرة لاتنجس بالموت ولايفسد بوقوعه الماء كذا في البناية وفي الخلاصة على ان دود الخل وسوس الثمار لايفسده واصله موت ماليس له دم سائل في المائعات لاينجس عندنا انتهى وفي المجتبي في البق في صلوة البقالي تفصيل حسن وهو انه ان كان مص الدم لم ينجس عند ابي يوسف لانه دم مستعار وعند محمد ينجسه والخلاف في جمع التفاريق بالعكس ةالاصح في العلق اذا مص الدم انه يفسد الماء قلت ومن هذا يعرف حلم القراد والحلم انتهى وقال صاحب النهر الفائق الترجيح في العلق ترجيح في البق اذ الدم فيهما مستعار وفي المحيط والحلمة نجس وهي ثلثة انواعقراد وحتانة وحلم فالقراج اصغرها والحنانة اوسطها والحلمة اكبرها ولها دم سائل انتهى وفي القنية عن القاضي بديع الدين ماء دود القز وعينه وخرؤه طاهر وعن العلاء الحمامي ويوسف الترجماني مثله وعن مجد الايمه الترجماني عن عبد الكريم ان خرءه نجس انتهى وفي البزازية الدودة المتولدة من النجاسة ستطاهرة حتى اذا وقعت في الماء بعد غسلها لاينجس وكذا دودة كل حيوان قوله لان النجس بفتح الجيموهذا القليل لعدم فساد الماء بوقوع ماليس له دم سائل ويمكن ان يكون تعليلا للمسالة الاولى ايضا بناء على ان الاصح في تعليلها ايضا هو فقد الدم المسفوح وحاصله ان النجس من الدماء انما هو الدم المسفوح لامطلقا كما مر ذكره في بحث نواقض الوضوء فما يكون فيه دم مسفوح يكون ميته نجسا لاختلاطه وتشربه باجزائه وما ليس لدم مسفوح كحيوان البحر وبعض حيوانات البر لايوجد فيه المنجس فلايكون ميته نجسا فلايكون مايقع فيه فاسدا واورد ههنا بانه لو كان المنجس هو الدم المسفوح لاغير لزم ان تطهر ذبيحة المجوس وتارك التسمية عامدا الخروج الدم المسفوح وليس كذلك وآجيب عنه على مافي العناية وغيرها ان القياس هو الطهارة الا ان الشرع اخرجه عن الاهلية وقد يجاب عنه بانالانسلم عدم الطهارة فقد صرح بالطهارة الزاهدي في المجتبى حيث قال في تعليل المسألة لان الحيوان انما يتجنس بالموت لما فيه من الدماء بدليل ان الانعام اذا ذبحها المجوس او الوثنى او ترك المسلم التسمية عمدا تطهر في الاصح وان المتوكل انتهى قوله ولحديث وقوع الذباب في الطعام وجه الاستدلال به ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بغمس الذباب في الطعام عند وقوعه فيه وقد يكون الطعام حار فيموت الذباب فيه فلو كان يفسده لما امر به واذا ثبت الحكم في الذباب ثبت في غيره مما هو بمعناه اما بدلالة النص او الاجماع كذا في البحر الرائق وهذا الحديث قد اخرجه البخاري وابو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم ان النبي عليه الصلوة والسلام قال اذا وقع الذباب في اناء احدكم فلميقله فان في احد جناحية داء وفي الاخر دواء وانه يتقي بجناحه الذي فيه الداء وفي رواية النسائي وابن ماجة احد جناحي الذباب يم والاخر شفاء فاذا وقع في الطعام فامقلوه فانه يقدم السم ويؤخر الشفاء وقال الدميري في حيوة الحيوان قد تأملت الذباب فوجدته يتقي بجناحه الايسر وهو مناسب للداء كما ان الايمن مناسب للدواء انتهى وفي معالم السنن شرح سنن ابي داود للخطابي قد تكلم على هذا الحديث بعض من لاخلاق له وقال كيف يكون هذا وكيف يجتمع الداء والشفاء في جناحي ذبابه وكيف تعلم ذلك من نفسها حتى تقدم جناح الداء وهذا سوال جاهل او متجاهل فان الذي يجد نفسه ونفوس سائر الحيوانات انه قد جمع في النفس بين الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وهي اشياء متضادة واذا تلاقت تفاسدت ثم يرى ان الله تعالى الف بينها وقهرها على الاجتماع وجعل منها قوى الحيوان التي منها بقاؤه وصلاحه لجديران لاينكر اجتماع الداء والدواء في جرئبن من حيوان وان الذي المهم النحلة ان تتخذ البيت العجيب الصنعة وتعسل فيه والذي الهم الذيرة ان تكتسب قوتها وتدخره لا وان حاجتها اليه هو الذي خلق بالذبابة وجعل لها الهداية الى ان تقدم جناحا وتؤخرها حالما ارادة من الابتلاء الذي هو مدرجة التعبد والامتحان الذي هو مضمار التكليف وله في كل شيء حكمة ومايذكر الا اولو الالباب قوله وفيه خلاف الشافعي الظاهر انه راجع الى المسألة الثانية ويحتمل ان يكون راجعا الى كل من المسألتين وقد ذكر صاحب الهداية خلافه فيهما والذي يظهر من كتب اصحابه ان خلافه ثابت في مائي المولد واما في مالا دولة فقوله كقولنا كما مر نقله من جيوة الحيوان وقال العيني في البناية عند ذكر صاحب الهداية اية خلافة في المسألة الثانية هذا احد قوليه والقول الاخر كمذهبنا وهو الذي صححه جمهور اصحابه وشذا المحامل في المقنع والروياني في البحر فرجح النجاسة وقال النووي هذا ليس بشيء والصواب الطهارة وهو قول جمهور العلماء ونقل الخطابي وغيره عن يحيى بن ابي كثير انه قال ينجس الماء بموت العقرب فيه ونقل ذلك عن محمد بن المنكدر وهما امامان من التابعين انتهى وفي البحر الصحيح من مذهب الشافعي انه كقولنا كما صرح به النووي في شرح المهذب وفي غاية البيان قال ابو الحسن الكرخي في شرح الجامع الصغير لا اعلم ان فيه خلافا بين الفقهاء ممن تقدم الشافعي واذا حصل الاجماع في الصدر الاول يكون حجة على مابعده وقد علمت انه موافق لغيره وعلى تقدم مخالفه لايكون خارقا للاجماع فقد قال بقوله يحيى بن ابي كثير التباعي الجليل كما نقله الخطابي ومحمد بن المنكدر الامام والتابعي كما نقله النووي انتهى وفي رحمه الامة في اختلاف الايمة مالانفس له سائلة كالنحل والنمل والخنفساء والعقرب اذا مات في شيء من المائعات لاينجسه ولايفسده عند ابي حنيفة ومالك وانه طاهر في نفسه والراجح من مذهب الشافعي انه لاينجس المائع للنه نجس في نفسه وهذا مذهب احمد قال بما اتعصر لا بما اعتصر اي لايجوز الوضوء بماء اعتصر من شجر سواء كان ساق اولا ثمر لانه ليس بماء مطلق والحلم عند فقده منقول الى التيمم والوظيفة في هذه الاعضاء تعبدية فلاتتعدى الى غير المنصوص عليه كذا في الهداية وتوضيحه على مافي البناية والنهاية وغيرها ان مايقطر من الشجر ونحوه ليس بماء مطلق لان الماء المطلق ما يتبادر الذهن عتد اطلاق الماء اليه وما يقطر ليس كذلك فانه اذا كان في بيت رجل ماء بير او بحر اوعين وماء اعتصر من شجر فقال لاحدهات ماء لاينتقل ذهن المخاطب الا الى الاول ولو كان في بيت رجل ماء شجر فقط فساله انسان هل عندكم ماء اسربه يقول ليس عندي ماء نعم لو سأله احد مقيدا اجاب بنعم وبه بفارق ماء البير ونحوه فانه وان كان ايضا مضافا لكن الاضافة هناك لاتفيد تقييدا يمنع تبادر الذهن عند الاطلاق اليه واذا ثبت انه ماء مقيد ثبت انه لايجوز الوضوء لانه ورد النص بالتيمم عند فقد الماء المطبق وهو قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا اذ الالفاظ الواردة في نصوص الشرع لاتحمل الاعلى مايتبادر الذهن اليه فدلت الاية على ان فقد الماء المطلق مبيح للتيمم ولا يكفي الماء المقيد ولما كان يرد عليه ان الماء المعتصر وان لم يكن ماء مطلقا للنه في معناه لازالة فينبغي ان يلحق بالمطلق كما الحقه ابو حنيفة وابو يوسف به في ازالة النجاسة الحقيقية ازالة صاحب الهداية بقوله والوظيفة الخ يعني ان الوظيفة في اعضاء الوضوء تعتبر غير معقولة المعنى اذ هي غير متنجسة حقيقة ولذا يجوز الصلوة حاملا للجنب والمحدث والتنجس الحكمي سار في البدن كله فحصول الطهارة عنه بغسل الاعضاء المعدودة امر شرعي لايعقل معناه وقد قيد بالماء المطلق فلايتعدى الى غير المنصوص عليه بخلاف ازالة النجاسة الحقيقية بالماء فانها معقولة المعنى لكون الماء مزيلا بطبعه فيتعدى القياس الى ما يشابهه من المائعات الاخر والمياه المقيدة فان قلت ان لم تمكن التعدية ههنا بطريق القياس تمكن بطريق الدلالة قلت سائر المائعات ليس في معنى الماء من كل وجه لان الماء مبذول عادة وسائر المعائعات ليس كذلك الايراد عليه بان من شرط الدلالة ان يكون الملحق به في معنى الاصل في الوصف الذي هو مناط الحكم من كل وجه لاغير والوصف في مانحن فيه وهو ازالة النجاسة في الماء المطلق وغيره سيان وكون الماء مبذولا دون غيره مما لادخل له في ذلك مدفوع بان اشتراكهما في ازالة النجاسة الحقيقية مسلم وفي ازالة النجاسة الحكيمة ممنوع فان قلت لوكان حصول الطهارة بالماء غير معقول لوجب ان يشترط النية في الوضوء وليس كذلك قلت نفس الازالة معقول المعنى والاقتصار على الاربعة غير معقول المعنى كما مر تفه ببله في بحث نواقض الوضوء واعلم ان العلماء اتفقوا على جواز الوضوء بالماء المطلق وعدم جوازه بالماء المقيد وتقيده انما يكون بامتزاج شيء طاهر او بغلبة شيء طاهر لايقصد به التنظيف واختلف عباراتهم في مايحلم به بالغلبة وقد وضع الزيلعي في تبيين الحقائق شح كنز الدقائق ههنا ضابطا حسنا قد رضى به من جاء بعده من المحققين منهم ابن الهمام وتلميذه ابن امير حاج والعيني وابن نجيم وغيرهم به يحصل التوفيق بين عبارتهم وهو ان الماء بقى على اصل خلقته ولم يزل عنه اسم الماء جاز الوضوء به وان زال عنه وصار مقيدا لم يجز التقييد باحد امرين بكما الامتزاج او غلبة الممتزج فكمال الامتزاج باحد امرين اما بالطبخ بما لايقصد به التنظيف او بتشرب بحيث لايخرج منه الابعلاج واما اذا طبخ بما يقصد به التنظيف كالاشنان يجوز الوضوء مالم يغلب عليه وكذا اذا اخرج ماتشرب بغير علاج فلايجوز الوضوء به لانه لم يكمل امتزاجه كالماء الذي يقطر من الكرم وغلبة الممتزج يكون بالاختلاط من غير طبخ ولا تشرب ثم هذه المخالط به لابخلو اما ان يكون جامدا او مائعا فان كان جامدا فمادام يجري على الاعضاء فالغالب هو الماء وان كان مائعا فلا يخلو اما ان يكون مخالفا للماء في الاوصاف كلها من اللون والطعم والرائحة وفي بعضها اولايكون فان لم يكن مخالفا له في شيء منها كالماء المستعمل على قول من يقول انه طاهر على ما هو الصحيح وغيره من المائعات التي لايخالف الماء في الوصف فالغلبة بالاجزاء وان كان مخالفا فيها فالغلبة بتغييره اكثرها وان خالفه في وصف او وصفين فالمعتبر الغلبة من ذلك الوجه كاللبن مثلا فانه يخالفه في اللون والطعم فان كان اللبن او طعمه هو الغالب فيه لم يجز الوضوء والاجاز وكذا ماء البطيخ يخالفه في الطعم فتعتبر الغلبة فيه من حيث الطعم فعلى هذا ينبغي ان يحمل التفريعات الواقعة في كلامهم ويوفق بين ماوقع فيه التخالف من مرامهم وقد مر منا ذكر بعض الفروع المتعلقة بهذا المبحث في مفتح هذا المبحث فعليك تطبيقها على هذه الضابطة قوله الراوية بقصر ما م من شجر او تمر ش اي المنقول عن المصنف او عن اساتذة الفقهاء في هذا المقام هو ما المقصورة الموصولة الا الماء الممدودة ويؤيده انه لو كان ههنا ممدود لما احتيج الى اعادة الماء في قوله ولا بماء زال طبعه وقد اختار القصر في هذا المقام شراح الهداية ايضا فمنهم من اقتصر على كونه مسموعا ومنهم من توجه الى توجيهه فقال صاحب العناية ما اعتصر بالقصر هكذا المسموع انتهى وقال تاج الشريعة مااعتصر غير ممدود انتهى وقال صاحب الكفاية ما بالقصر لا بالمد انتهى وقال صاحب النهاية بالقصر لانها موصولة وان كان يصح معنى الممدود لكن النقول هو الموصوله ولان في الممدودة يتوهم جواز التوضئ بماء انعصر هو بنفسه وليس كذلك وتعقبه الاتقاني بانا لانسلم هذا التوهم ولئن سلمنا الوهم لكن يجوز التوضئ بماء انعصر بنفسه من غير اعتصاره لانه خارج بغير علاج كما ذكره صاحب الهداية وقال بعضهم اذا قيل بالمد وقع في الوهم ان المراد الماء المطلق وتعقبه الاتقاني بانا لانسلم لانه قيده بصفة الاعتصار فكيف يقع وهو الاطلاق قوله اما ما يقطر من الشجر تبع الشارح فيه صاحب الهداية فانه قال اما الذي يقطر من الكرم فيجوز التوضئ به لانه ماء خرج من غير علاج ذكره في جوامع ابي يوسف وفي الكتاب اشارة اليه حيث شرط الاعتصار انتهى وقال الجونفري في حواشيه اي اشارة اقناعية لا الزامية فلا يردان ان التنصيص بالشيء لايدل على نفي ماعداه انتهى اقول بل اشارة الزامية لان التنصيص على الشيء في عبارات الفقهاء يدل على المنفى اتفاقا وانما الممنوع عندنا في النصوص وخالف الشارح صاحب الهداية في تبديل لفظة الكرم بالشجر بوجهين احدهما الاشارة الى ان الحكم غير مختص بما ينعصر من شجر العنب بل هو عام لكل ما ينعصر من الشجر مطلقا سواء كان شجر العنب او غيره وثانيهما انه قد ورد النهي عن تسمية العنب بالكرم فاخرج ابو داود مسلم وغيرهما لاتسموا العنب الكرم وفي رواية لايقولن احدكم لعنب الكرم فان الكرم الرجل المسلم وفي رواية فان الكرم قلب المومن وفي رواية لاتقولوا الكرم ولكن قولوا العنب والحبلة بفتح الحاء المهملة وفتح الباء واسكانها شجرة العنب وسبب كراهة ذلك ان لفظة الكرم كانت العرب تطلقها على شجر العنب وعلى العنب وعلى الخمر المتخذ منه فكرة الشارع اطلاق هذه اللفظة على العنب وشجرة لاهم اذا سمعوا اللفظة وبما تذكروا الخمر وهيجت نفوسهم اليها وقال انما يستحق هذا الاسم الرجل المسلم او قلب المؤمن كذا في السراج المنير شرح الجامع الصغير للعزيزي وفي مرقاة الصعود قال ابن الجوذي في جامع المتانيد انما نهي عن ذلك لان العرب كانوا سمونها كرما لما يدعون من احداثها في قلوب شاربيها من الكرم فنهى عن تسميتها التوكيد ومنها وتحريمها انتهى قوله فيجوز به الوضوء هذا هو مختار النسفى في المستصفى شرح الفقه النافع حيث قال يجوز بالماء الذي يقطر من الكرم لانه يخرج من الكرم انتهى وصاحب جامع المضمرات حيث قال فيه اشارة الى انه لو قطر من الكرم او غيره من غير ان يكون معتصرا فأنه يجوز الوضوء به انتهى وصاحب المجتبي حيث قال يجوز الوضوء بماء يتقاطر من الكرم انتهى وصاحب لهدايةفي مختارات النوازل حيث قال ما الماء الذي يقطر من الكرم قيل لايجوز التوضى به وقال ابو يوسف يجوز لانه ليس بمعتصر انتهى والياس زاده في شرح النفايت والزيكعي في شرح الكنز وغيرهم ومختار جماعة من الفقهاء انه لايجوز التوضى به كما لايجوز بالمعتصر كالقهستاني حيث قال في جامع الرموز الاعتصار اعم من الحقيقي والحكمى فيدخل فيه مايقطر في الربيع من الكرم انتهى وقاضيخان حيث قال في فتاواة لايجوز التوضى بماء الفواكه وتفسيره ان يدق التفاح او السفرجل دقا ناعما ثم يعصر فيستخرج منه الماء وقال بعضهم تفسيره ان يدق ويطبخ بالماء ثم يعصر فيستخرج منه الماء وفي الوجهين التوضى لانه ليس بماء مطلق ولايجوز التوضى بماء البطيخ والقثاء والقثدو ولابالماء الذي يسيل من الكرم كذا اذكره شمس الايمة الحلوائي ولا بماء الورد ولا بماء الصابون والحرض اذا ذهبت رقته وصار ثخينا انتهى وصاحب المحيط وابراهيم الحلبي حيث قال في الغنية اما الماء الذي يفطر من الكرم ففي المحيط لايتوضأ به لكمال الامتزاج وقيل يجوز لانه من غير علاج والاول اختيار الحلوائي وهو الاحوط انتهى وابن امير حاج حيث قال في الحلية انه الاوجه لكمال الامتزاج والشر نبلالى حيث قال في نور تلايضاح ولايجوز بماء شجر وثمر ولو خرج بنفسه من غير عصر في الا ظهروا والرفل حيث قال في حاشية منح الغفار من راجع كتب المذهب وجد اكثرهم على عدم الجواز فيكون المعول عليه فما في المتن اي تنوير والابصار من الجواذ من جوح بالنسبة اليه والحصكفى في المختار وابن نجيم في البحر واخوه في النهر وصاحب التاتا خانية وغيرهم قال ولا بما زال الخ عطف على قوله لابماء اعتصر اي لايجوز الوضوء وبماء زال طبعه بسبب غلبة غير الماء عليه من حيث الاجزاءبأن تكون اجزاء ذلك الغير زائدة على اجزاء الماء فتخرجه عن الرق والسيلان وتصيره ثخينا جامدا فانه ليس بماء مطلق بل ما مخلوط مغلوب قال اجزاء تمييز من اضافة الغلبة الى الاجزاء واشارة الى ان المعتبر هو غلبتا جزاء المخالط لانها المخرجة عن طبع الماء وهذا هو ابي يوسف وهو الصحيح كما في الهداية وغيره وعند محمد يعتبر الغلبة بحسب اللون وقد مر غير مرة ان الاول هو التفصيل بان المخالط ان كان جامدا فالمعتبر غلبة الاجزاء وحدوث الثخانة وان كان مائعا موافقا للماء في الاوصاف الثلثة فالغلبة فيه بالقدر وذكر بعضهم ان الغلبة في الجامد يكون بالثلث وفي المائع بالنصف وان كان مخالفا للماء في الاوصاف كلها فان غيرها او اكثرها لايجوز الوضوء به وان خالفه في وصف واحد او وصفين فالعبرة لغلبة مآبه الخلاف فان مقتضى اعتبار غلبة الاجزاء في الجامد يقتضي ان يجوز الوضوء بنبيذ التمر والزبيب ولو غير الاوصاف الثلثة الى حد الثخانة مع انهم مصرحون بخلافه وايضا يلزم ان يجوز بماء خالطه الزعفران مادام رقيقا مهيأة ولو غير الاوصاف كلها مع انه نقل صاحب معراج الدراية عن القنية ان الزعفران اذا وقع في الماء وامكن الصبغ به فليس بماء مطلق من غير نظر الى الثخونة قلت الحكم المذكور مشوط اذا ص359
Page 341