Shuyuciyya Wa Insaniyya
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Genres
إن «ماركس» ينطوي على خليقتين ذميمتين: الغرور والغيرة، وما كان بعضه ل «برودون» إلا لأنه مشهور جدير بالشهرة، وما من مسبة يحجم عن صبها على رأسه؛ لأنه أناني يفرط في أنانيته لحد الجنون، وتسمعه يتحدث قائلا: أفكاري، آرائي، وينسى أن الأفكار والآراء ليست ملكا لأحد على التخصيص، وأن أصلح الآراء تلك التي تتمخض عنها البديهة العامة. •••
وتكاد هذه الصورة أن تبرز بجميع ملامحها للناظر العابر بعد جلسة أو جلستين مع «كارل ماركس»، كما تبرز للغرباء الذين تجمعهم به المصادفة حينا بعد حين، فليس يختص بها أولئك الأخصاء الذين طالت عشرتهم له وخبرتهم بأطواره وأعماله؛ لأنها صورة بينة تنعكس عن صفات متغلغلة متمكنة لا تخفيها المواربة، ولا تحتاج إلى إنعام النظر طويلا لإبراز طواياها.
وصفه «كارل شورز»
8
بعد التقائه في كولون سنة 1848 قال: «إنه قد استفاضت عنه شهرة واسعة بالاطلاع الغزير، ولم أكن على علم بكشوفه ونظرياته، فزادني ذلك شوقا إلى التقاط كلمات الحكمة من فم الرجل الشهير، فخاب أملي على نحو غريب، إذ كانت كلمات «ماركس» ولا شك مشبعة بالمعاني، ولكني لم أر قط في حياتي رجلا بلغ سلوكه من البغضة التي لا تطاق ما بلغ سلوك هذا الرجل، كان لا يعير التفاتة واحدة لفكرة تخالف فكرته أقل مخالفة، وكان يعامل كل من يخالفه معاملة ملؤها التحقير والازدراء، ويجيب على كل قول لا يعجبه إجابة قارضة تسخر من الغباء المطبق الذي يرمي به قائله أو تلوح له بالاتهام وسوء النية، ولا تزال لهجته في النطق بكلمة برجوازية عالقة بذهني إلى هذه الساعة، وهو سريع إلى إلصاق مسبة البرجوازية بكل من يخالفه على أسوأ ما تدل عليه من ضعة العقل والخلق.»
9
وقال «تيشو»
10
عنه مع إعجابه به وتسليمه بقدرته: «لو كان قلبه في عظمة فكره، وكان حبه في قوة حقده، لاقتحمت النار معه على الرغم من تصريحه غير مرة بهبوط منزلتي في نظره.»
لا جرم كان بهذا المسلك خليقا أن يغري بالمناقضة والمشاكسة، وكان يكفي - كما قال «شورز»: إن ينم على وجهة يختارها ليدفع بسامعيه إلى وجهة غيرها.
Unknown page