Shuyuciyya Wa Insaniyya
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Genres
وموضع الصعوبة على العقل في التقيد بهذا المذهب أنه لا ينكر الثبات في تكوين الأحياء ولا يقول: إنها تتبدل في كل لحظة كل التبدل، فإذا جاز أن يدان العالم؛ لأنه يقرر الثبات في خصائص الوراثة، فيجوز أن يدان كذلك؛ لأنه ينكر الثبات على حسب المصادفات، لأن المسألة تتعلق بالوقت الذي يطول فيه الثبات أو يقصر، ولا يوجد المقياس الذي يقدر طول زمنه تقديرا محكما في كل بنية حية، أو في النباتات التي تأتي فيها التجربة بأسرع النتائج بالنسبة إلى الحيوان.
وأنكأ ما في الأمر أن الكلمة الفاصلة في العلم على لسان رجل لا يفقه كثيرا ولا قليلا في علم الناسلات. قال الدكتور «هارلاند» العالم البيولوجي الكبير: «ذهبنا في أوديسه لمقابلة شاب يسمى «تروفيم ليسنكو» قال لنا الدكتور «فافيلوف»: إنه يجري التجارب في الحبوب لتعجيل نموها وتوفير محصولها، فحادثته ساعات ثلاثا فوجدته على جهل مطبق بأبسط مبادئ الناسلات وتشريح النبات.»
18
ولا يطعن في الدكتور «هارلاند» بعداوة الشيوعية؛ لأنه هو والأستاذ «هلدان» معدودان من علماء الإنجليز المتعاونين مع المراجع الروسية.
ولقد دامت هذه المعركة - التي لا موجب فيها للعراك - زهاء عشرين سنة، ذهب فيها من ذهب من العلماء ضحية للخلاف على معاني الألغاز والرموز، ثم ثبت أن النظريات التي يقال: إن الفرق بينها وبين العلم البرجوازي - كالفرق بين الأمانة والخيانة وبين صدق النية والتدليس - لم تأت بثمرة واحدة لا تستفاد من التجارب البرجوازية، وأن العلماء المجندين للحملة على العلم البرجوازي لم يجسروا على مخالفة قاعدة واحدة من القواعد التي يجري عليها ذلك العلم البرجوازي في الصناعات الآلية، أو صناعات البناء والملاحة والكيمياء وفنون النسيج والتعدين وما إليها؛ لأن التهريج في هذه القواعد غير مأمون العاقبة على المهرجين وغير المهرجين في حل الرموز وتفسير الألغاز.
ونرجع إلى مصدر العلوم جميعا في المذهب المادي، وهو الحاجة على حسب اختلاف المجتمعات، فنلمس الأكذوبة كأضخم ما تكون الأكاذيب الملموسة، إذ نعلم أن الحاجة في المجتمع الشيوعي لم تعطه شيئا من العلوم يناقض ما أعطت في المجتمعات البرجوازية، وأن اختلاس الأسرار العلمية من المجتمع المغضوب عليه هو السر الأكبر الذي أسفر عنه تطبيق المذهب في المجتمع المثالي ثلاثين سنة.
الأوطان والديانات
والوطنية والدين أحبولة أخرى من أحابيل الاستغلال، ولا مصدر لهما غير الوسائل الاقتصادية - أو وسائل الإنتاج - التي تستولي عليها طبقة بعد طبقة، ثم تزولان بعد زوال الطبقات، ففي البيان المشترك يقول الصاحبان: إن الشيوعيين يخالفون هيئات العمال الأخرى بما يأتي فقط:
أولا:
أنهم في المعارك الوطنية التي يشترك فيها الصعاليك - البرولتارية - بين البلاد المختلفة يبرزون علانية، وينبهون إلى مصلحة الصعاليك العامة جملة واحدة بمعزل عن القوميات جميعا.
Unknown page