Shuhada Cilm Wa Ghurba
ذكرى شهداء العلم والغربة
Genres
ولد الفقيد في بلدة «الشيخ زين الدين» من مركز طهطا.
ولما بلغ فريد أشده دخل مدرسة الأقباط بطهطا إلى أن صار في الحادية عشرة من عمره، وما زال منكبا على الدرس حتى حصل على شهادة الدراسة الابتدائية من المدرسة الإنجيلية بطهطا عام 1914، ثم التحق بمدرسة الأقباط الكبرى بالقاهرة واستمر فيها حتى حصل منها على شهادة الكفاءة. وبعد ذلك التحق بالمدرسة السعيدية، وكان أثناء وجوده بها يشكو دائما ألم الصداع لذلك حال ضعف صحته دون نجاحه في البكالوريا سنة 1918، فأعاد الكرة سنة 1919 ولكنه لم يتقدم للامتحان لأنه كان قد عقد النية على السفر. (10-2) عزمه على السفر
وفي سنة 1919 كثرت الاضطرابات بين الطلبة وتعطل العمل في كثير من المدارس، فعزم فريد على السفر إلى الخارج لتتميم دراسته، فحالت والدته دون ما كانت نفسه طامحة فيه، فكانت كلما ذكر أمامها رغبته في الهجرة لنيل العلم تقابل ذلك بالبكاء والنحيب، ولا غبار عليها في ذلك فلم يكن لها بعل يهتم بأمرها ولا ولد ثان تطيب به نفسها. وهنا تجلت في فريد روح وطنية سامية، روح يندر وجودها اللهم إلا في نفر قليل من الشبان، كتب إلى أحد أصدقائه يقول: «أنا بين عاملين، كلما ذكرت أمام والدتي أنني سأسافر للخارج تمرض وتذوب حزنا فتكاد تثني عزمي وتثبط همتي، وإذا بي في النزع الأخير أسمع صوت أمي العزيزة مصر تناديني إلى الواجب فأمتلئ أملا وحياة وقوة ونشاطا. وعندي أن والدتي لو قضت حسرة على وفاتي وقضيت أنا حزنا عليها لطابت نفسي أن نقدم أرواحنا عن طيب خاطر تضحية للواجب نحو الوطن، فهل رأيت أو سمعت قبل اليوم عن ابن أمين رضع من ثديين تتنازعه العوامل كما تتنازعن؟»
المرحوم فريد أفندي فتحي رزق الله من طهطا.
ثم طلب مني ذات يوم أن أصحبه إلى منزل أحد المرسلين الأمريكان لنستعلم منه عن أنظمة الدراسة بأمريكا وتكاليف المعيشة فيها، ولما لم يكن صديقنا على شيء من المعلومات اللازمة أرشدنا على الفور إلى جناب الدكتور جورج ف. فريمين القائم بأعمال الجمعية الزراعية السلطانية، فأكرم الرجل وفادتنا وحبذ الفكرة من فريد وأثنى ثناء مستطيبا على نصحه العالي ولا سيما لأنه هو بنفسه قد سبق فريدا في تعشق هذا الفن الجميل. ثم أخذ الرجل على عاتقه مخابرة جامعة
Guscoa
في الموضوع، وهذه الجامعة موجودة بولاية أريزونا في جنوب ولايات أمريكا المتحدة، فلبت الجامعة بسرعة طلب الدكتور وأرسلت إلى فريد مجلدا ضخما شاملا لجميع البيانات اللازمة فيما يختص بأنظمة الدراسة المختلفة وتكاليف المعيشة من مأكل وملبس ومسكن. فلما اطلع عليه مال بكليته إلى الجامعة وصبت نفسه إليها، وكان يفضلها على غيرها لفكرتين جوهريتين:
الأولى:
أن هذه الجهة من أمريكا هي بلاد زراعية محضة مشهورة بمحاصيلها القطنية والقمحية وما شاكل، ذلك لهذا أنشئت فيها الجامعة المذكورة. وكان فن الزراعة في المدرسة الأولى من فروع الدراسة بها، ويوجه إليه اهتمام خاص من الحكومة والشعب على السواء.
والثانية:
Unknown page