ثم لنفرض أن الجص متكون فيه ذلك على الصورة المذكورة، فليس كل بياض يحدث على هذه الصفة، فإن البيض إذا سلق يصير بياضه الشفاف أبيض، وليس يمكن أن يقال إن النار زادته تخلخلا وتفريقا فإنها قد زادته تكاثفا على حال ولا أنه قد حدثت فيه هوائية وخالطته، فأول ذلكن أن بياض البيض يصير عند الطبخ أثقل وذلك لما يفارقه من الهوائية، وثانيا أنه لو كانت هوائبة داخلت رطوبته فبيضته لكانت خثورة لا انعقاد، وقد علمت هذا قبل، وأيضا فإن الدواء الذى يتخذه أهل الحيلة ويسمونه لبن العذراء يكون من خل طبخ فيه المرداسنج حتى انحل فيه ثم صفى حتى بقى الخل فى غاية الإشفاف والبياض، وخلط بماء طبخ فيه القلى وصفى غاية التصفية حتى صار كأنه دمعة، فإنه إن قصر فى هذا لم يلتئم منهما المزاج الذى يطلبونه، فكما يخلط هذان الماءان ينعقد فيه المنحل الشفاف من المرتك أبيض فى غاية البياض كاللبن الرائب، ثم يجف، فليس ذلك لأن هناك شفافا عرض له التفرق فإن ذلك كان متفرقا منحلا فى الخل ولا أجزاء مشفة صغارا جدا تدانت وتقاربت، بل إن كان ولا بد فقد ازدادت فى ماء القلى تفرقا، ولا أيضا خالطها هواء من خارج بوجه من الوجوه، بل ذلك على سبيل الاستحالة، فليس كل تولد بياض فيما أحسب على الصفة المذكورة،
Page 111