والذين يرون هذه الأمور فى اليقظة منهم من يرى ذلك لشرف نفسه وقوتها وقوة متخيلته ومتذكرته فلا تشغلها المحسوسات عن أفعالها الخاصة، ومنهم من يرى ذلك لزوال تمييزه ولأن النفس التى له منصرفة عن التمييز، ولذلك فإن تخيله قوى، فهو قادر على تلقى الأمور الغيبية فى حال اليقظة، فإن النفس محتاجة فى تلقى فيض الغيب إلى القوى الباطنة من وجهين أحدهما ليتصور فيها المعنى الجزئى تصورا محفوظا، والثانى لتكون معينة لها متصرفة فى جهة إرادتها لا شاغلة إياها جاذبة لها إلى جهتها، فيحتاج إلى نسبة بين الغيب وبين النفس والقوة الباطنة المتخيلة ونسبة بين النفس والقوة الباطنة المتخيلة، فإن كان الحس يستعملها أو إلعقل يستعملها على النحو العقلى الذى ذكرناه لم تفرغ لأمور أخرى مثل المرآة إذا شغلت عن جهة وحركت نحو جهة فإن كثيرا من الأمور التى من شأنها أن ترتسم فى تلك المرآة مغافصة ومباغتة لنسبة ما بينهما لا ترتسم، وسواء كان هذا الشغل من الحس أو من ضبط العقل، فإذا فات أحدهما أوشك أن تتفق النسبة المحتاج إليها بين الغيب وبين النفس والقوة المتخيلة وبين النفس وبين القوة المتخيلة، فيلوح فيها اللائح على نحو ما يلوح،
Page 178