والجميع لا يقال إلا للمنفصل، وتارة يقولون: إن الجميع يقال خاصة لما ليس لوضعه اختلاف والكل لما لوضعه اختلاف، ويقال: "كل" و"جميع" معا لما يكون له الحالان جميعا. وأنت تعلم هذه الألفاظ يجب أن تستعمل على ما يقع عليه الإصطلاح والأحرى من وجه أن يقال: "كل" لما كان فيه انفصال حتى يكون له جزء فإن الكل يقال بالقياس إلى الجزء، والجميع أيضا يجب أن يكون كذلك. فإن الجميع من جمع، والجمع إنما يكون لآحاد بالفعل أو وحدات بالفعل، لكن الاستعمال قد اطلقه على ما كان أيضا جزؤه وواحده بالقوة. فكأن الكل يعتبر فيه أن يكون في الأصل بإزاء الجزء، والجميع بإزاء الواحد، كأن الكل يعتبر فيه أن يكون له ما بعده، وإن لم يلتفت إلى وحدته، وكأن الجميع يعتبر فيه أن يكون فيه آحاد وإن لم يلتفت إلى عده. وكأن هذا القول كله من الفضل، فإن الإصطلاح أجراهما بعد ذلك مجرى واحدا حتى صار أيضا يقال الكل والجميع في غير ذوات الكمية، إذ كان لها أن تتكمم بالعرض كالبياض كله والسواد كله، أو كان لها أن تشتد وتضعف كالحرارة كلها والقوة كلها. ويقال للمركب من أشياء تختلف كالحيوان "كل" إذ هو من نفس وبدن. وأما الجزء فإنه تارة يقال لما يعد وتارة لما يكون شيئا من الشيء و له غيره معه وإن كان لا يعده، وربما خص هذا بإسم البعض. ومن الجزء ما ينقسم إليه الشيء لا في الكم، بل في الوجود، مثل النفس والبدن للحيوان، والهيولي والصورة للمركب؛ وبالجملة ما يتركب منه المركب لمختلف المبادئ.
Page 96