فصل دخول المعاني الخارجة عن الجنس على طبيعة الجنس في كيفية دخول المعاني الخارجة عن الجنس على طبيعة الجنس.
فلنتكلم الآن في الشياء التي يجوز اجتماعها في الجنس، ويكون التوقف في إثبات طبيعته وماهيته محصلة بالفعل إنما يقع لأجلها. فنقول: إن هذا المطلب ينقسم إلى قسمين: أحدهما، أنه أي الأشياء هي الأشياء التي يجب أن يحصرها الجنس في نفسه وتجتمع، فتكون تلك الأشياء جاعلة إياه نوعا. والثاني أنه أي الأشياء يكون واقعا في حصره مما ليس كذلك. وذلك أن الجسم إذا انحصر فيه البياض على النحو المذكور لم يجعله نوعا، والحيوان إذا قسم إلى ذكر وأنثى لم يتنوع بذلك، وهو مع ذلك يتنوع بأشياء أخرى. ثم الحيوان يجوز أن يقع على شخص فيه أعراض كثيرة تكون تلك الجملة حيوانا مشارا إليه. فنقول أولا: ليس يلزمنا أن نتكلف إثبات خاصية فصل كل جنس عند كل نوع ولا أيضا فصول أنواع جنس واحد، فإن ذلك ليس في مقدورنا، بل الذي في مقدورنا هو معرفة القانون في ذلك، وأنه كيف ينبغي أن يكون الأمر في نفسه. وأما إذا نظرنا في معنى من المعاني المعقولة الواقعة في تخصيص الجنس أنه هل هذا المعنى للجنس على شرط ذلك القانون أو ليس، فربما جهلناه في كثير من الأشياء، وربما علمناه في بعضها، فنقول: إن المعنى العام إذا انضافت إليه طبيعة فيجب أول شيء أن يكون انضيافها إليه على سبيل القسمة حتى ترده إلى النوعية، وان تكون القسمة مستحيلة أن تنقلب وذلك المشار إليه باقي الجوهر، حتى يصير مثلا المتحرك منهما غير متحرك وهو واحد بالشخص، وغير المتحرك متحركا وهو واحد بالشخص، وغير المتحرك والمتحرك قسما التقسيم الذاتي؛ بل يجب أن تكون القسمة لازمة فيكون المعنى الخاص لا يفارق قسطه الخاص من الجنس وبعد ذلك فيجب أن يكون الموجب من القسمين أو كلاهما ليسا عارضين له بسبب شيء قبلهما وتتضمن طبيعة الجنس أن يكون له ذلك المعنى أولا. فإنه إن كان ثانيا جاز أن لا يكون ذلك المعنى فصلا البتة، بل كان أمرا لازما للأمر الذي هو الفصل مثل أن يكون قاسم قد غير حكمه فلم يقسم الجوهر إلى جسم وغير جسم، بل يقسم إلى قابل الحركة وإلى غير قابل للحركة. فإن القابل للحركة لا يلحق الجوهر أول اللحوق، بل بعد أن يصير مكانيا جسمانيا. فقابل الحركة يلزم الجسم، ويلزم الجسم أشياء كثيرة كل واحد منها يذكر الجسم، لكنها ليست فصولا بل أمورا لزمت الفصول. لأن الجوهر يتوسط الجسمية ما تعرض له تلك المعاني، وانقسامه إلى أن يكون ذا جسمية أو غير ذي جسمية فهو لما هو جوهر لا لتوسط شيء آخر.
Page 110