Shifa Gharam
شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى ١٤٢١هـ
Publication Year
٢٠٠٠م
Genres
History
وجعل فيها ثلاث دعائم في صف واحد، وجعل لها درجة في ركنها الشامي يصعد منها إلى سطحها، وجعل فيها ميزابا يصب في الحجر، وجعل فيها روازن للضوء، هذا ملحق بالمعنى مختصر مما ذكره الأزرقي في خبر بناء ابن الزبير ﵄ للكعبة١ وما ذكره من أن زيادة ابن الزبير تسعة أذرع في طول الكعبة هو المشهور.
وروينا في صحيح مسلم من حديث عطاء بن أبي رباح قال: إن ابن الزبير ﵄ زاد في طول الكعبة عشرة أذرع، وفيه ما يقتضي أنه لم يهدم الكعبة في الوقت الذي ذكره الأزرقي.
وصرح ابن الأثير في "كامله" بأن عمارة ابن الزبير ﵄ للكعبة كانت سنة خمس وستين، ثم قال: وقيل: كانت عمارتها في سنة أربع وستين٢.
وهذا يوافق ما ذكره الأزرقي، والقول الأول موافق لما في مسلم، لأن فيه من حديث عطاء بن أبي رباح قال: لما احترق البيت زمان يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام، وكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير حتى قدم الناس في الموسم، فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة: أنقضها ثم أبنيها، أو أصلح ما وَهَى منها؟
فقال له ابن عباس ﵄: إني أرى أن تصلح ما وَهَى منها، وتدع بيتا أسلم الناس عليه، وحجارة أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبي ﷺ، فقال ابن الزبير: لو أن أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجدده، فكيف ببيت ربكم؟ إني مستخير ربي ثلاثا، ثم عزم على أمر، فلما مضت الثلاثة أجمع رأيه أن ينقضها، فتحاماه الناس أن ينزل بأول الناس يصعد عليه أمر من السماء، حتى صعد رجل فألقى منه حجارة، فلما لم ير الناس أصابه شيء تتابعوا، فنقضوه حتى بلغ به الأرض ... انتهى باختصار.
ووجه مخالفة هذا لما ذكره الأزرقي: أنه يقتضي أن ابن الزبير ﵄ لم يهدم البيت حتى صدر الناس من الموسم، وصدورهم منه كان بعد حجهم، وزمن الحج غير الزمن الذي ذكر الأزرقي أن ابن الزبير رضي لله عنهما هدم فيه البيت، وقد سبق ذلك قريبا، والله أعلم بالصواب.
وتكون عمارة ابن الزبير ﵄ للبيت على مقتضى حديث عطاء في آخر ذي الحجة من سنة أربع وستين، وفي سنة خمس وستين، وذلك يوافق ما جزم به ابن الأثير في عمارة الكعبة، والله أعلم.
١ أخبار مكة للأزرقي ١/ ٢٠١ وما بعدها. ٢ الكامل لابن الأثير ٤/ ٢٠٧.
1 / 133