وخصّ ابن يونس بالترجيح؛ لأن أكثر اجتهاده في الميل مع بعض أقوال من سبقه، وما يختاره لنفسه قليل.
وخصّ ابن رشد بالظهور لاعتماده كثيرًا على ظاهر الروايات فيقول: يأتي على رواية كذا وكذا، وظاهر ما في سماع كذا وكذا (١).
وخصّ المازري بالقول؛ لأنه لما قويت عارضته في العلوم، وتصرّف فيها تصرف المجتهدين كان صاحب قول يعتمد عليه:
إذا قَالت حَذامِ فصدّقوها ... فإنّ القَوْلَ مَا قَالَتْ حَذامِ (٢)
ولا حجر فى اصطلاح ولا تسمية (٣).
توفي أبو الحسن اللخمي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وأبو بكر بن يونس سنة واحد وخمسين وأربعمائة، وأبو الوليد بن رشد سنة عشرين وخمسمائة، وأبو عبد الله المازري سنة ست وثلاثين وخمسمائة، وقد نيّف على الثمانين سنة.
_________
(١) مما يوضح ذلك ما قاله ابن رشد في كتاب الوضوء الأول، من سماع أشهب وابن نافع، من رسم النذور والجنائز والذبائح: هاهنا في الخبز الذي عجن واللحم. . . وقال في رسم سلف من سماع ابن القاسم. . . وهو نحو ما في سماع يحيى من كتاب الصيد. . . وخلاف لما في سماع موسى بن معاوية. . . . وليس بخلاف لما في آخر السماع. . . والمسألة التي في آخر السماع. . . إلخ، وهذا في شرح سماع واحد. والأمر يطول على المتتبع له، فانظره إن شئت في البيان والتحصيل، وراجع ما سقناه عنه في نفس المصدر: ١/ ١٠٦.
(٢) البيت نسبه الزمخشري لدميس بن ظالم الأعصري، وقال ابن منظور: وأَنشد أَبو علي لوُشَيمِ بن طارقٍ، ويقال للُجَيمِ ابن صَعبٍ، وفي موضع آخر نسبه للجيم فقط، ونسبه السيوطي لزهير بن جَنَاب الكلبي، ونُسب أيضا لديسم بن طارق من شعراء الجاهلية، ونسب لعجل بن لجيم، وهو في تاج العروس للجيم. وهو من بحر الوافر، وحذام هي حذام بنت الريان، وهو من أمثال العرب المشهورة المستدل بها في اللغة، وله بدل صدقوها أنصتوها. انظر: لسان العرب، لابن منظور: ٢/ ٩٩، ٦/ ٣٠٦، المزهر، للسيوطي: ٢/ ٤٠٣.
(٣) انفرد المؤلف هنا من بين شراح المختصر ببيان السبب الذي لأجله خصّ المصنف هؤلاء الأربعة بتلك المصطلحات، وعنه نقلها الحطاب في شرحه.
1 / 118