فإذا قيل مثلا إن دواء كذا يفعل بجوهره، فيعني أنه يفعل بهذه الصورة التى تنوع بها. وإذا قيل إنه يفعل بكيفيته، فيعني أنه يفعل بما استفاده من العناصر، أو بمزاجه. فالسقمونيا يسخن بما فيه من الجوهر النارى. لكنه ليس يسهل الصفراء بذلك؛ بل بالقوة المستفادة التى له فى نوعيته التى استعد لقبولها بالمزاج.
وكثيرا ما تكون هذه القوة فصلا للنوع، وكثيرا ما تكون خاصة. ويعسر علينا إعطاء علامة نميز بها بين ذينك، ولكن لفظة الخاصة فى هذا الموضع، فى استعمال الطبيعيين، تطلق على الشىء الذى يدعى فى المنطق فصلا، وعلى الشىء الذى يدعى خاصة.
وكثير من القوى التى تكون فى المركبات لا تفعل فعلها ما لم يرد بدن حيوان أو نبات، فتنفعل عن البدن، وتنهض فيه القوة الغالبة فيه. فكثيرا ما يكون الشىء هنالك قد سخن تسخينا، والغالب فى جوهره الشىء البارد. وذلك إذا كان الجوهر البارد فيه لا ينفعل عن الحار الغريزي انفعال الجوهر الحار؛ لأن ذلك غليظ كثيف، فلا يستحيل، أو لا ينفذ فى المسام. ويفعل الجوهر الحار فعله، فيكون ذلك الشىء حارا بالقياس إلى فعله فى البدن، ويكون باردا فى أغلب جوهره. وربما كان الأمر بالعكس. فكثيرا ما يكون الحار غالبا عليه، لكنه يكون شديد الامتزاج باليابس الغليظ الذى فيه، ويكون البارد أسلس مزاجا، ويسرع إلى الانفصال.
وربما كان أحد هذين من طبيعته أن لا ينفعل عن الحار الغريزي، وكان الآخر بحيث ينفعل عنه. وربما كان الشىء حارا فى الغالب، ولم يسخن تسخين شىء آخر فى حكمه، إذا كان سريع الانفشاش، أو الانحلال كدهن البلسان إذا استعمل فى المروخات.
Page 262