Fann al-Afʿal wa-l-infiʿalat min Kitab al-Sifaʾ
فن الأفعال والانفعالات من كتاب الشفاء
Genres
الفصل الثانى فصل فى أحوال كلية من أحوال البحر
ماء البحر ليس حكمه حكم سائر العناصر فى أن له طبقات مختلفة ظاهرة الاختلاف فى ترتيب العلو والسفل. وذلك لأن الماء سريع الاختلاط بما يخالطه؛ لأنه ليس عمقه وثخنه مثل عمق الهواء وثخنه. فلذلك يشتد اختلاط الآثار بكليته وتنفذ فيه. وجذب الشمس لما فى باطن الأرض وتحريكها إياه يفى بتبليغه وجه البحر وإخراجه عنه. ولولا ذلك لكان ظاهر البحر، وما يلى وجهه، أقرب ماء إلى طبيعة الهواء، وكان لا كثير تأثير فيه للأرضية. وليس كذلك؛ بل ماء البحر كله مالح أو زعاق.
والماء لا يتغير التغيرات التى بعد الكيفيات الأول، بنفسه، إنما يتغير لمخالطة شىء آخر. والهواء إذا خالطه جعله أرق وأعذب، ولم يجعله ملحا. إنما يصير ملحا بسبب الأرضية المحترقة المرة إذا خالطته. فلم يخطىء من زعم أن ملوحة ماء البحر لأرضية خالطته، إذا اعتقد، مع ذلك، شرط الاحتراق والمرارة.
Page 205