اسمع ما يقول: «... كان كل شي بالطبيعا عميوعد بنجمي جديدي، ما بعرف، ما بعرف أنا كنت متأكد انو راح يخلق ميشال طراد، التصوير كان من خمسين سني بلش لعبتو. داوود القرم مش شي عادي، والفلسفي ما كان بقا إلا تطل، ومتل ما اليوم نحنا بلهفي وعينين مجروحا - سلامتها يا حبيبي - ناطرين تبليشة العلم، مأكد واحد مثل فؤاد البستاني عندو لفتي شاملي ع تاريخ الفكر، ولأنو ع قد هالمعرفي بيقدر يحب ما كان مستغرب إنو يحسب للنجوم الطالعا.»
ألا تقول معي حين تقرأ ديوان «جلنار» ومقدمته: إننا حين ننتقل من مقدمة سعيد عقل العامية إلى زجل ميشال طراد نكون كمن ينتقل من قطعة حرش فيها السنديان والبطم والقندول والعليق والطيون، إلى حديقة حديثة أحكم ترتيبها وتنظيمها، وهي حافلة بالخضرة الدائمة والعطر الأبدي؟
فصاحبنا سعيد، بدلا من أن يقدم ميشال طراد قدم سعيد عقل وحلمه بمارتوما جديد ... وجعل من الأستاذ فؤاد أفرام البستاني، أبا معشر الفلكي الذي «يحسب للنجوم الطالعا .»
إن النجوم متى طلعت لا تحتاج إلى من يحسب لطلوعها، أما قلت لك: إن اللغة العامية لا تؤدي الفكرة تأدية أنيقة؟ قلت وأكرر القول: أنا خائف جدا على سعيد عقل الشاعر، من سعيد عقل المتفلسف، وسعيد عقل الزجال، وسعيد عقل الشاعر الفرنسي.
إنها ثلاث بطيخات لا بطيختان، اللهم نج سعيد عقل من سعيد عقل!
أما تلميذي ميشال طراد فشاعر فنان، والفن عادة يكون ظاهر التكلف، ولكن طبيعة ميشال طراد، وتأنقه يمحوان آثار تكلفه، فتخال أن ما يقوله قد جاءه عفو الطبع، مع أنه يفتش عن الكلمة شهرا وشهرين، ويظل يركض مشمرا خلفها.
وبعد، فماذا في ديوان «جلنار» من عصارة قلب ميشال طراد وخلاصة شبابه؟
الجواب: كل شيء! ولا عيب في شعره إلا أنه لا يستطيع قراءته على حقها كل من يحسن القراءة، فهناك أبيات «قولبتها» مرارا في حنكي حتى استقامت، ولكني أعييت عن بعضها فتركتها وما «كسرت كعوبها أو تستقيما»، كما قال الشاعر.
هذا هو الإجمال، أما التفصيل فإليك به: في مطلع الديوان يعتذر الشاعر إلى ربه بأسلوب «أفرامي»؛ لأن اسم «جلنار» يسبق إلى فم ميشال قبل اسم الله، ولا شك في أن الله الغفور الرحيم سيغفر لميشال كما غفر لمار أفرام.
وشاعرنا يعتقد - كبعض أصحابنا - أن بين الزهرة والنحلة والفراشة حبا جما، وفي ذلك قال قصيدة رائعة جدا بعنوان «نغمشي» يزينها هذا الحوار البديع:
Unknown page