بيروح بيخفي حالو
أرأيت هذا الجناس؟ إن الجناس قوام نوع آخر من هذا الشعر يعرف بالعتابا، وهو يستحق درسا على حدة. ثم يظهر ديوان شاعر اسمه نعمان فارس من إدة البترون، افتخر نعمان هذا في ديوانه فقال موريا في ختام إحدى قصائده:
نعمان فارس والجميع بيشهدوا
فرد عليه شاعر آخر كان يقف له دائما بالمرصاد فقال له:
تسماية بيك فارس كانت صدفة
وخوري اللي عمد بيك فاقع خرفه
وظهرت دواوين أخرى أشهرها ديوان خليل سمعان، وديوان شاهين الغريب، فطفر الشعر العامي طفرة رائعة. ونشرت قصة الدست والكيس لحنا إلياس، فكان القول القصصي. وسمع صوت حلو هو صوت المرحوم رشيد نخلة الذي انصرف عن الشعر الفصيح إلى قول الزجل، فكان أميره بحق، وعلى ألسنة اللبنانيين تدور له أبيات عائرة ومقطعات رائعة. أما أتباع مدرسته الكلاسيكية فمشهورون يعرفهم القارئ، وله أولى الملاحم في القول، وهي محسن الهزان.
وتطور هذا الشعر تطور الشعر الفصيح فظهرت مدرسة جديدة مع ميشال طراد، ثم أسعد سابا. وهكذا نحا شعرنا العامي نحو الشعر الفصيح وظهرت له جرائد ومجلات، وطبعت دواوين، وعنيت به الصحف في الوطن والمهجر. وقد أهدي إلي من هذا الشعر المحبوب ديوان للشاعر أسعد السبعلي واسمه «عطور من لبنان».
أهداه إلي منذ سنوات المرحوم شكري الخوري صاحب جريدة «أبو الهول» البرازيلية، فرأيت فيه صورة أولئك الشعراء الذين سمعت شعرهم من ألسن الرواة؛ رأيت السبعلي طافح القلب بالحنين إلى وطنه، فيصوره لك حتى تكاد تراه، وكل ذلك بزجل كلاسيكي، أما في ديوانه الذي صدر بعدئذ، فرأيته متأثرا بالمدرسة الجديدة، ولكن بمقدار لا يخرجه من المنطقة الكلاسيكية، وإن كثرت فيه الألوان؛ ففي هذا الديوان تصاوير محلية ذات ألوان كأنها الواقع المغذى بمخيلة الشاعر الملهم، كقوله في مطلع ديوانه يناجي الضيعة في قصيدة عنوانها «عطور من لبنان»:
وضيعة بجبل لبنان قلبي ودها
Unknown page