Sheikh Abdul Hay Yusuf's Lessons
دروس الشيخ عبد الحي يوسف
Genres
لابد للنصر من بذل وتضحية
ومن الدروس المستفادة من هذه الرحلة المباركة: أن دين الله ﷿ لا ينتصر إلا ببذل جهد، ولا ينتصر إلا بعناء، ولا ينتصر إلا ببذل المال والنفس والوقت، فهذا رسول الله ﷺ يخرج مع أبي بكر ﵁، ويسلك طريقًا غير الطريق، ويعاني ﵊ من الحر والقر والشمس وظلمة الليل، ويستغرق في الطريق خمسة عشر يومًا، وهو مع هذا كله مطارد، صلوات الله وسلامه عليه، فيطارده المشركون، ويعرضون العروض لمن يأتي به حيًا أو ميتًا، كل هذا والنبي ﷺ واثق بربه، فبذل هذا الجهد، وترك الأهل والمال والوطن، وترك بناته صلوات ربي وسلامه عليه في مكة، وخرج مهاجرًا إلى الله يريد أن ينتصر لدين الله، فهذه غايته، وهذا هدفه صلوات الله وسلامه عليه.
ولذلك لا يظنن ظان بأن الدين ينتصر والناس قعود، وهم في هجوع، والناس في كسل ونعاس، فلا يجتهد الواحد في أن يطلب علمًا، ولا أن يحصل عملًا، بل إن بعض الناس يمنّ على ربه أنه يصلي الفريضة في وقتها، وبعضهم يمن على ربه أنه يخرج الفريضة من ماله، وبعض الناس يمنّ على ربه أنه يأمر بالمعروف أو ينهى عن منكر، أو يدعو إلى هدى، أو يقيم أمر الله في بيته، فلا ينتصر الدين بمثل هذا، ورسول الله ﷺ يحقق أنواع الجهاد كلها، فيجاهد نفسه، ويجاهد الشيطان والهوى، ويجاهد بماله، ويجاهد الكفار والمنافقين، وكل هذه الأنواع من الجهاد مارسها رسول الله ﷺ، لذلك قرن الله ﷿ بين الهجرة والجهاد في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [الأنفال:٧٢]، فإيمان وهجرة وجهاد، ورسول الله ﷺ هو المثل الأعلى في هذه الأنواع كلها.
5 / 6