Sheikh Abdul Hay Yusuf's Lessons
دروس الشيخ عبد الحي يوسف
Genres
الاستدلال بالماضي على الحاضر من خلال القصص القرآني
الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
اللهم علمنا علمًا نافعًا، وارزقنا عملًا صالحًا، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى.
أما بعد: أيها الفضلاء! أحمد الله الذي هيأ لنا هذا اللقاء، وجمعنا هذا المساء في هذا المسجد المبارك، وأسأل الله سبحانه كما جمعنا فيه أن يجمعنا في جنات النعيم، وأن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم، وأن يجعلنا ﴿إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر:٤٧].
وفي بداية هذه الكلمة أقول: إن في القرآن الكريم قصصًا وعبرًا، وعندما قص الله ﷻ علينا شيئًا من أخبار الأولين قال سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى﴾ [يوسف:١١١]، وهذه العبر لا تقتصر على ما مضى، بل لو نظر المسلم المتدبر للقرآن الكريم في تلك القصص وقاسها بواقعه الذي يعيشه فإنه يستطيع أن يستدل بماضيه على حاضره، ولو أن مسلمًا شك في أن فئة قليلة مستضعفة يمكن أن تنتصر على فئة كثيرة مستعلية، فليقرأ قول ربنا ﷻ: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ﴾ [آل عمران:١٣]، ولو أن مسلمًا نظر إلى بعض المتألهين المتجبرين، وإلى بعض الطغاة المستكبرين، فليقرأ في القرآن الكريم قول الله ﷻ عن فرعون اللئيم: ﴿فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [النازعات:٢١ - ٢٦]، ولو أن مسلمًا نظر إلى دولة كافرة متكبرة عاتية تريد أن تفرض على الدنيا ثقافتها ورؤاها وحضارتها، فليقرأ في القرآن الكريم: ﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج:٤٥ - ٤٦]، وليقرأ قول الله ﷿: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [هود:١٠٢ - ١٠٣].
1 / 2