كان قد ضاق بوحدته فابتسم مرحبا، صفق الرجل طالبا النرد وهو يقول: محسوبك جبريل الصغير من رجال الأعمال. - تشرفنا، فؤاد صاوي، مزارع.
لعبا بمهارة وسماحة. في أثناء ذلك عرف الرجل على وجه التقريب أسباب وفود الفتى إلى القاهرة. ولما أزف موعد الغداء دعاه الفتى مجاملة، ولكن الرجل قبل الدعوة، ثم دعا الفتى إلى العشاء فلم يجد بدا من القبول. ذهب به الرجل إلى تافرنا. هكذا انزلق إلى صداقة جديدة بلا أسف. اعترف بأن ثمة تجاذبا قويا يدنيه من الرجل ويدني الرجل منه، هذه الأمور تحدث، لم لا؟ تناولا شاورمة وسلطة خضراء ونبيذا أحمر. بعث النبيذ الدفء والإلهام، في جو بارد ورذاذ متقطع تعلن عن حباته اللؤلؤية المنسابة فوق زجاج النافذة ... وثرثرا طويلا فيما يشبه الطرب. ثم زقزقت عصافير النشوة في القلب، فانسابت الأهواء من طرف اللسان كسلسبيل السماء. قال جبريل: إني رجل غني والحمد لله وكثير الذرية. - حالي رضا، أسوأ، ما فيها أني أعشق العجل وأنا أربيه فيبقى منه في القلب أسى بعد بيعه.
فقال جبريل ضاحكا: إنك من أهل الخطوة خطوة، أما البهجة الحقيقية ففي المغامرة والطفرة! - ما عملك على وجه التحديد؟ - المغامرة. - زدني إيضاحا. - صبرا، حتى متى تبقى في القاهرة؟ - لمدة ثلاثة أيام أخر. - ألم تسمع عن يوم بألف سنة؟
وتكلم عن رحلة تستغرق يومين يجني من ورائها ثروة صغيرة، فسأله فؤاد: ألا يعرضني ذلك لقبضة القانون؟ - لا خوف على صاحب السمعة الطيبة والصحيفة البيضاء من السوابق!
وحدثه عن سيدنا موسى وهجرته الأولى من مصر، ثم قال: لولا ذلك ما صار نبيا!
فضحك فؤاد وقال بتوتر وشى باهتمامه، وقال: ولكني سأصير مهربا! - لا تنخدع بالأسماء.
شجعه بمثال سيدنا يونس وجوف الحوت، فقال فؤاد بلسان متعثر من الشراب: إنه السجن وليس الحوت!
فعاد يذكره بسيدنا يوسف وكيف أفضى به السجن إلى الوزارة، ثم قال مداعبا: الدولة تستورد فتسمى ذلك تجارة خارجية، فإذا حاكاها فرد سمت ذلك تهريبا.
ومضى به إلى ملهى لوك الليلي ... شربا مزيدا من الخمر. شاهد رقصة شرقية من أفراح.
أعجب الفتى بالراقصة، طالبه جبريل بتأجيل ذلك إلى ما بعد الرحلة.
Unknown page