فقلت برقة: أوافقك تماما، ولكن من العريس؟
فأجابت أفكار: شاب، مهندس، أبوه مستشار. - من النادي؟ - نعم. - مواصفات مقبولة ولكننا لم نسمع رأي المتهمة؟
فقالت نبيلة: لا يعجبني وكفى.
فتساءلت أفكار: ترى من يحوز إعجابك؟
فقلت بهدوء: سنعرفه في حينه. - إنها لم تعد صغيرة.
فقلت: بنت عشرين صغيرة في هذا الزمن، وهل يخشى على ابنة مليونير من البوار؟!
أفكار رغم تطبعها بالحياة العصرية ما زالت أسيرة الرواسب الماضية. تزوجتها وهي في المرحلة الثانوية، فعشنا ما لا يقل عن عشرة أعوام حياة كاتب حسابات بالأشغال بين الثامنة والسابعة. ست بيت ممتازة كانت. مخلصة مدبرة ممن خلقن ليسندن الرجال. المرأة الجديدة من صنع يدي. العصرية المولعة بالأضواء والاقتناء والقمار. أردت أن أجعل منها امرأة ثانية فأفلتت من يدي وخلقت من نفسها امرأة ثالثة. ثم تولت بنفسها صنع نبيلة. القصر يضيق بمشترياتهما على سعته. يعيشان في النادي وقد ترجع نبيلة بسيارتها بعد منتصف الليل. إني واثق فيها ثم إن يد الزمان تغمض عيني. تبدى جنون نبيلة في مساعدتها لصديقاتها الفقيرات على عهد دراستها الجامعية التي لم تتمها. لم أرفض الفكرة ولكني حرصي الطبيعي راقبها بقلق. يوما قالت لي: بابا، صديقة في حاجة ماسة إلى خمسمائة جنيه.
فزعت وقلت: الناس تحتاج إلى جنيه أو اثنين لا إلى خمسمائة، إنك بسذاجتك تجعلين من نفسك هدفا للجشع، يوجد فارق بين الشعور الإنساني وبين الكفر بقيمة المال.
فقالت بإصرار: أسرتها في حاجة ملحة؛ إذ إنها مضطرة إلى إخلاء شقة في عمارة قديمة آيلة للسقوط، وقد وعدتها بالمساعدة.
هكذا دفعت بالمشكلة في منطقة الكرامة فغلى دمي وقلت: لا تعدي بشي ليس في يدك الوفاء به، أو ارجعي إلي أولا، وتذكري أن أباك رجل لا دولة ...
Unknown page