Shaytan Bantaur
شيطان بنتاءور: أو لبد لقمان وهدهد سليمان
Genres
وما أحسن هذا الشعر وألطف هذا التصوير، لو لم يتجرد فيه الشاعر من رقة القلب ورحمة النفس وكرم الشيمة؛ فهو يبيح ممدوحه دماء العباد، ويملكه أعمارهم، وينوه بسفح الدماء وسفكها، ويتمنى له بعد ذلك الانفراد بالخلد الذي كرهه أبو العلاء لنفسه حيث قال:
ولو أني منحت الخلد وحدي
لما آثرت في الخلد انفرادا
فهلا هجر أبو الطيب الصناعة إلى الروحانية التي هي حقيقة الشعر ورجاحة الموزون والمراد من المنظوم، والروحانية لا تقوم على مثل هذه الجفوة والقسوة والغلظة، لكن تكون بمثل ما قال في مثل هذا المقام:
ترفق أيها المولى عليهم
فإن الرفق بالجاني عقاب
تأمل يا بني هذين البيتين، وانظر كيف هدمت الصناعة الأول، ورفعت الروحانية الثاني؛ وأقبح من بيت المتنبي في استباحة دم الأفراد، بيته في استباحة جماجم الملوك:
وجنبني قرب السلاطين مقتها
وما يقتضيني من جماجمها النسر
فما قتلة «كارنو» و«همبرنو» و«إليزابيث» و«مكنلي»، وما اقتضتهم الفوضوية من صدور الملوك والملكات وجنوبهم وأحشائهم، بأشنع ولا أفظع ولا أبغض إلى السموات وما أظللن، والأرضين وما أقللن، من نسر صاحبك؛ وإني لأعجب للفوضويين كيف لم يهتدوا لهذا البيت فيتخذوه شعارهم، أو يتخذوا فيه قرارهم!
Unknown page