لا بد أن يسارع إلى توسيع الحرم حتى يسع من يؤمه من الحجيج ولو اجمتعوا فيه كلهم، ولا بد لهذه التوسعة من زحزحة هذه الدور المطلة عليه، ولا بد من إحاطته بشوارع فسيحة. ولا بد من إغناء الحجاج عن النوم فيه بأماكن أخرى، ثم لا بد - حين تتيسر هذه الأماكن - أن يؤخذ الناس بالشدة فلا يرى فيه إلا مصل أو طائف أو قارئ أو ذاكر.
وهذا كله لا يتسنى إلا بجماعة من المسلمين يوكل إليها الإشراف على الحرمين، وتوفر لها الحكومات الإسلامية الأموال فتعمل على مر الزمان لحفظ الحرم وتجميله، وتبني الدور والمستشفيات والمدارس وتمهد الطرق، وتمد الحرمين بالماء والكهرباء، وتجعل مكة والمدينة كما يجدر بهما، وكالبلاد المقدسة عند سائر الأمم.
ليت شعري! متى تتحقق هذه الآمال فيمحى عن المسلمين هذا العار؟
الخميس 28 رمضان/13 يوليو
العقل والعشق
يكثر كلام الصوفية في العقل والعشق، الأول عندهم ضعيف جبان تشغله الصغائر والجزئيات، والثاني قوي مقدام يهجم على الحقائق الكبرى والكليات.
صور الصوفية هذا في صور مختلفة، وأبانوا عنه بعبارات شتى، من الشعراء الكبار: سنافي والعطار وجلال الدين الرومي، إلى شاعرنا العظيم: محمد إقبال.
ولا أريد أن أحد العقل والعشق كما يؤخذ من أقوالهم، ولكني أذكر كلمات متفرقات تميز بينهما وتهدي القارئ سبيلهما.
العقل يرى أن من الخطل أن يموت الإنسان في سبيل شيء، فكل ما على الأرض يقوم عند الإنسان بمنفعة، فمن التناقض أن يقتل نفسه في طلب شيء فيفوت كل شيء! فما الذي يهجم بالإنسان على الموت غير هياب؛ دفعا عن عقيدته أو حريته أو كرامته؟
والعقل يقبل أن يترك الإنسان الكدح إن وجد طعاما هنيئا ورزقا ميسورا عند أمير أو كبير، يسير وراءه ويأتمر بأمره فيجد راحة جسمه ونفسه. فما الذي يربأ ببعض الناس عن الاتباع، ويجعلهم يؤثرون الخبز القفار أو الجوع على مذلة الخضوع والائتمار؟
Unknown page