الدعاوة
يحق لكل ذي مذهب أو رأي أن يدعو له ويبينه، ويدافع عنه، ويفضله على غيره بالحق والعدل.
ولكل مؤلف أو كاتب أو شاعر أن يبين مزايا عمله، ويجلو مواضع الإعجاب فيه غير متزيد ولا معتد.
ولكل صانع أو تاجر أن يشيد بصناعته وبضاعته في غير غش ولا تضليل، ودون بخس لصناعة غيره وتجارته.
لكل إنسان الحق في أن يعرض على الناس ما عنده في أحسن صوره وأجمل أشكاله غير كاذب ولا خادع، ولا باغ ولا عاد.
وعصرنا هذا عصر الدعوى والإذاعة، والنشر والصقل والعرض. ولا بأس بهذا في تنافس الحياة وتغالبها، ولكن إلى هذا تزييف وتمويه، وغش وخداع وافتراء وبغي وتلبيس وتضليل. فالدول لا تبالي أن تتزيد فيما لها وتبخس ما لغيرها، وكذلك الأحزاب والصحف. كذلك بعض المؤلفين والناشرين وأكثر الصناع والتجار. وضل الناس بين الدعاوى المتصادمة وبين الأضواء والأبواق والصور والتهاويل.
وحسب القارئ أن يقرأ صحيفتين متنازعتين، أو يتتبع جدال حزبين على الحكم متنافسين، أو يستقرئ أقوال رجلين عظيمين يتسابقان إلى رياسة دولة عظيمة كالولايات الأمريكية. إنه يرى الدعاوى تتهاتر، والتهم تتناثر، والحقائق تضل في غبار المعترك، كل خصم يشيد بحسناته ليس معها سيئات، ويسمع بسيئات خصمه ليس معها حسنات.
وقس على هؤلاء المتنافسين في كل مجال؛ تجد الناس يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، وتجدهم كلفين بذم خصمهم بما لم يقترفوا. من لنا بأدب القرآن الكريم:
ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين .
الجمعة 8 محرم/20 أكتوبر
Unknown page