نَاسِيَةٍ، يُعَرِّفُ اللَّهُ إِلَى الْقُلُوبِ مَحَبَّتَهُمْ، وَيَبْعَثُهُمْ عَلَى حِفْظِ مَوَدَّتِهِمْ، يُزَارُونَ فِي قُبُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي بُيُوتِهِمْ، لِيَنْشُرَ اللَّهُ لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمُ الْأَعْلَامَ حَتَّى لَا تَنْدَرِسَ أَذْكَارُهُمْ عَلَى الْأَعْوَامِ، وَلَا تَبْلَى أَسَامِيهِمْ عَلَى مَرِّ الْأَيَّامِ. فَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَرِضْوَانُهُ، وَجَمَعَنَا وَإِيَّاهُمْ فِي دَارِ السَّلَامِ.
[حِفْظُ عَقِيدَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ]
ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ إِمَامٌ مِنْ سَلَفٍ، أَوْ عَالِمٌ مِنْ خَلَفٍ، قَايِمٌ لِلَّهِ بِحَقِّهِ، وَنَاصِحٌ لِدِينِهِ فِيهَا، يَصْرِفُ هِمَّتَهُ إِلَى جَمْعِ اعْتِقَادِ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى سُنَنِ كِتَابِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَآثَارِ صَحَابَتِهِ، وَيَجْتَهِدُ فِي تَصْنِيفِهِ، وَيُتْعِبُ نَفْسَهُ فِي تَهْذِيبِهِ؛ رَغْبَةً مِنْهُ فِي إِحْيَاءِ سُنَّتِهِ، وَتَجْدِيدِ شَرِيعَتِهِ، وَتَطْرِيَةِ ذِكْرِهِمَا عَلَى أَسْمَاعِ الْمُتَمَسِّكِينَ بِهِمَا مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِ، أَوْ لِزَجْرِ غَالٍ فِي بِدْعَتِهِ، أَوْ مُسْتَغْرِقٍ يَدْعُو إِلَى ضَلَالَتِهِ، أَوْ مُفْتَتِنٍ بِجَهَالَتِهِ لِقِلَّةِ بَصِيرَتِهِ.
(بَذْلُ الْمُؤَلِّفِ جَهْدَهُ لِلتَّصْنِيفِ)
فَأَفْرَغْتُ فِي ذَلِكَ جَهْدِي، وَأَتْعَبْتُ فِيهِ نَفْسِي؛ رَجَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ وَاسْتِنْجَازِ مَوْعُودِهِ فِي اسْتِبْصَارِ جَاهِلٍ، وَاسْتِنْقَاذِ ضَالٍّ، وَتَقْوِيمِ عَادِلٍ، وَهِدَايَةِ حَائِرٍ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ فِيمَا أَرْوِيهِ، وَالْإِقَالَةَ مِنَ الْخَطَأِ فِيمَا أَنْحُوهُ وَأَقْصِدُهُ.
1 / 27