[فَضْلُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ عَلَى الْأُمَّةِ]
فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ تُعُهِّدَتْ بِنَقْلِهِمُ الشَّرِيعَةُ، وَانْحَفَظَتْ بِهِمْ أُصُولُ السُّنَّةِ، فَوَجَبَتْ لَهُمْ بِذَلِكَ الْمِنَّةُ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَالدَّعْوَةُ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ بِالْمَغْفِرَةِ؛ فَهُمْ حَمَلَةُ عِلْمِهِ، وَنَقَلَةُ دِينِهِ، وَسَفَرَتُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمَّتِهِ، وَأُمَنَاؤُهُ فِي تَبْلِيغِ الْوَحْيِ عَنْهُ، فَحَرِيٌّ أَنْ يَكُونُوا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَوَفَاتِهِ.
وَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ الْأُمَمِ مَرْجِعُهَا إِلَيْهِمْ فِي صِحَّةِ حَدِيثِهِ وَسَقِيمِهِ، وَمُعَوَّلُهَا عَلَيْهِمْ فِيمَا يُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْ أُمُورِهِ.
[انْتِسَابُ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ]
ثُمَّ كُلُّ مَنِ اعْتَقَدَ مَذْهَبًا فَإِلَى صَاحِبِ مَقَالَتِهِ الَّتِي أَحْدَثَهَا يُنْسَبُ، وَإِلَى رَأْيِهِ يَسْتَنِدُ، إِلَّا أَصْحَابَ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ صَاحِبَ مَقَالَتِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَهُمْ إِلَيْهِ يَنْتَسِبُونَ، وَإِلَى عِلْمِهِ يَسْتَنِدُونَ، وَبِهِ يَسْتَدِلُّونَ، وَإِلَيْهِ يَفْزَعُونَ، وَبِرَأْيِهِ يَقْتَدُونَ، وَبِذَلِكَ يَفْتَخِرُونَ، وَعَلَى أَعْدَاءِ سُنَّتِهِ بِقُرْبِهِمْ مِنْهُ يَصُولُونَ، فَمَنْ يُوَازِيهِمْ فِي شَرَفِ الذِّكْرِ، وَيُبَاهِيهِمْ فِي سَاحَةِ الْفَخْرِ وَعُلُوِّ الِاسْمِ؟ .
[وَجْهُ تَسْمِيَتِهِمْ بِأَهْلِ الْحَدِيثِ]
إِذِ اسْمُهُمْ مَأْخُودٌ مِنْ مَعَانِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِمَا؛ لِتَحَقُّقِهِمْ بِهِمَا أَوْ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِأَخْذِهِمَا، فَهُمْ مُتَرَدِّدُونَ فِي انْتِسَابِهِمْ
1 / 24