غَيْرِ مَعْرُوفٍ، وَكَلَامٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ فِي أَوَّلِ إِمَارَةِ الْمَرْوَانِيَّةِ فِي الْقَدَرِ وَتَتَكَلَّمُ فِيهِ، حَتَّى سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَرَوَى لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْخَبَرَ بِإِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَالْإِيمَانِ بِهِ، وَحَذَّرَ مِنْ خِلَافِهِ، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ بِهَذَا أَوِ اعْتَقَدَهُ بَرِيءٌ مِنْهُ وَهُمْ بُرَءَاءُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ عُرِضَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا، فَقَالَا لَهُ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْأَقَاوِيلَ بِأَسَانِيدِهَا وَأَلْفَاظِهَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَقْتَضِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
[مَا تَعَرَّضَتْ لَهُ الْقَدَرِيَّةُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْحُكَّامِ]
ثُمَّ انْطَمَرَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ، وَانْجَحَرَ مَنْ أَظْهَرَهَا فِي جُحْرِهِ، وَصَارَ مَنِ اعْتَقَدَهَا جَلِيسَ مَنْزِلِهِ، وَخَبَّأَ نَفْسَهُ فِي السِّرْدَابِ كَالْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ؛ خَوْفًا مِنَ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ وَالنَّكَالِ وَالسَّلْبِ مِنْ طَلَبِ الْأَئِمَّةِ لَهُمْ؛ لِإِقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ ﷿ فِيهِمْ، وَقَدْ أَقَامُوا فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَنَذْكُرُ فِي مَوَاضِعِهِ أَسَامِيَهُمْ، وَحَثَّ الْعُلَمَاءِ عَلَى طَلَبِهِمْ، وَأَمَرُوا الْمُسْلِمِينَ بِمُجَانَبَتِهِمْ، وَنَهَوْهُمْ عَنْ مُكَالَمَتِهِمْ وَالِاسْتِمَاعِ إِلَيْهِمْ وَالِاخْتِلَاطِ بِهِمْ؛ لِسَلَامَةِ أَدْيَانِهِمْ، وَشَهَّرُوهُمْ عِنْدَهُمْ بِمَا انْتَحَلُوا مِنْ آرَائِهِمُ الْحَدِيثَةِ، وَمَذَاهِبِهِمُ الْخَبِيثَةِ؛ خَوْفًا مِنْ مَكْرِهِمْ أَنْ يُضِلُّوا مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ بِشُبْهَةٍ وَامْتِحَانٍ، أَوْ بِزُخْرُفِ قَوْلٍ مِنْ لِسَانٍ، وَكَانَتْ حَيَاتُهُمْ كَوَفَاةٍ،
1 / 16