Sharh Thalathat al-Usul by Khalid al-Muslih

Khaled Al-Musleh d. Unknown
84

Sharh Thalathat al-Usul by Khalid al-Muslih

شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح

Genres

مصير الناس بعد الموت قال ﵀: [وَالنَّاسُ إِذَا مَاتُواْ يُبْعَثُونَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه:٥٥] وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾ [نوح:١٧-١٨]، وَبَعْدَ الْبَعْثِ مُحَاسَبُونَ وَمَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ [النجم:٣١] . وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [التغابن:٧]] . هذا المقطع فيه تقرير ما أجمعت عليه الرسل، وهو الإيمان باليوم الآخر. انتهى المؤلف من ذكر الأصول الثلاثة التي يجب على كل مسلم تعلمها، وختم الرسالة ﵀ بذكر الأصول الثلاثة التي أجمعت الرسل على الدعوة إليها، وهي التوحيد، والإيمان بالله ﷿، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالرسل، ويضاف إلى هذه الثلاثة رابع، وهو العمل الصالح؛ فإن الرسل جاءت بالدعوة إلى الإيمان بالله وإلى الإيمان باليوم الآخر وإلى العمل الصالح، ومن لازم مجيئها الإيمان بالرسل أيضًا. يقول ﵀: [والناس إذا ماتوا يبعثون] والبعث: هو الخروج من القبور ليوم البعث والنشور. وذلك أن الناس إذا ماتوا بعثهم الله ﷿ من قبورهم، ليوافوا بأعمالهم، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه:٥٥]، وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾ [نوح:١٧-١٨]، وهذا أمر مجمع عليه، ولا خلاف فيه بين أهل الإيمان قديمهم وحديثهم، فهذا أمر أجمعت عليه الرسل، فمن كذب به أو أنكره فإنه كافر، كما سيأتي في كلام المؤلف ﵀، والبعث الذي آمن به الرسل ودعوا أقوامهم إلى الإيمان به هو بعث الأرواح والأجساد، خلافًا لما قالته الفلاسفة بأن البعث إنما هو للأرواح فقط، فإن من قال: إن البعث للأرواح فقط فقد كفر بما أنزله الله على رسله؛ لأن الذي أنزله على رسله أن البعث للأرواح والأجساد معًا. قال: [وبعد البعث محاسبون ومجزيون بأعمالهم] البعث ليس لمجرد البعث، إنما ليوافوا بأعمالهم كما تقدم، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ [النجم:٣١]، ومن كذب بالبعث كفر، ولا إشكال في هذا؛ لمخالفته ما هو قطعيّ في كتاب الله ﷿ وفي سنة النبي ﷺ، وأجمعت عليه الأمة، والدليل على كفر من كذب بالبعث قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [التغابن:٧]، والشاهد من الآية قوله ﷾: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ حيث وصفهم بالكفر، ﴿أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ﴾، والقائل هو الله ﷿، أمر رسوله ﷺ بأن يقسم على البعث، وذلك لأهميته وجلالة قدره، وأنه من الأمور التي تحتاج إلى تأكيد بالقسم حتى تقرّ قلوب هؤلاء الكفار بالبعث: ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾، وهو في أذهانهم وتصوراتهم عسير، ومن هذا نفهم أنه إنما أنكر من أنكر البعث بسبب طعنه في قدرة الله ﷿، فلو أنه آمن بكمال قدرته جل وعلا لما أنكر البعث، ولذلك يذكر الله جلّ وعلا في الحجج التي يقيمها على من كذب بالبعث قدرته وكمالها، وهذا هو أحد البواعث على الإنكار بالبعث، فأحد أسباب الإنكار بالبعث هو ضعف الإيمان بقدرة الله ﷿، والله ﷿ يقرر البعث ببيان كمال قدرته، وكمال علمه، وكمال حكمته، فمن آمن بكمال قدرة الله وكمال علمه جل وعلا وكمال حكمته لا يمكن أن يقع في قلبه إنكار البعث، ولذلك قال هنا في تقرير البعث: ﴿وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ فهو جلّ وعلا على كل شي قدير.

8 / 10