وقدام هذا الجدار مؤخر العظم الوتدي، وهو عظم اسطوا ني الشكل، وطرفاه مؤخرهما يتصل بهذا الجدار الرابع بدرز ينتهي من الجانبين إلى الدرز اللامي، ومقدمهما يتصل بالفك الأعلى بدرز وسنذكره. وفائدة هذا العظم أمور: أحدها: أن يكون حاملًا لعظام الرأس كلها لأنها كلها تتصل به كالمبنية عليه.
وثانيها: أن تسد الخلل الواقع بين أطراف العظام، فلا يعرض لشيء منها تقلقل.
وثالثها: أن تكون كالخشبة التي يدعم بها الجدران التي خيف عليها السقوط إلى جانب فتعمل مستندة إلى الجدار من ذلك الجانب ليمنع سقوطه إليه. وكذلك يفعل بالأشجار ونحوها، وتسمى هذه الخشبة في العرف العامي: بالداقور.
وهذا العظم هو كذلك للفك الأعلى لأنه يحفظه عن الميل إلى خلف وخصوصًا عند ضربة تتفق عليه، أو سقطة، ونحوهما.
ورابعها: أن يتصل به الفك الأعلى، وعظام القحف بمفاصل موثقة، فيكون بذلك اتصال الفك بتلك العظام اتصالًا محكمًا. ولهذه المنافع، ولأجل أن هذا العظم موضوع حيث تكثر الفضول الرطبة نازلة من الرأس، وصاعدة من البدن بخارًا جعل هذا العظم شديد الصلابة.
قال جالينوس: وفي هذا العظم زائدتان شبيهتان بالحاجبين وعن جنبيهما حفرتان. وأما الجداران اللذان يمنة ويسرة فيتخذ كل واحد منهما من فوق الدرز القشري الذي في ذلك الجانب، وأما من خلف فاعلم أن الدرز اللامي بعد اعتراض الدرز الذي بين الجدار الرابع، وبين مؤخر الوتدي، وهو الذي تقدم ذكره، يأخذ منحدرًا من الجانبين ويمر بمفصل الرأس من الفقرة الأولى، فإذا انتهى إلى الزاوية التي يوترها الدرز القشري من العظم الحجري صعد مشتركًا بين مقدم العظم الحجري وبين العظم الوتدي. فإذا اتصل بطرف الإكليلي، وذلك عند الموضعين العميقين اللذين في الصدغين رجع منحدرًا إلى أسفل وسنذكر بعد هذا إلى ماذا ينتهي، والقدر من هذا الدرز الذي بين هذين الموضعين، أعني من التقاطع الواقع بين الإكليلي، والدرز المشترك بين الرأس وعظم الجبهة إلى التقاطع الواقع بين اللامي والدرز المعترض. وهو المشترك بين الجدار الرابع والوتدي لك أن تجعله جزءًا من الدرز اللامي كما قال جالينوس حين عرف هيئة الدرز اللامي. ولك أن تجعله درزًا آخر متصلًا بطرفي اللامي من خلف وبطرفي الإكليلي من قدام كما هو ظاهر كلام الشيخ ها هنا. ولك أن تجعله جزءًا من الإكليلي بأن يكون الإكليلي يمتد إلى طرفي اللامي من خلف، ولا تختلف في ذلك إلا الأسماء فقط. وكل واحد من العظمين الحجريين فإنه يحده من خلف الجزء الخلفي من هذا الدرز ويكون مشتركًا بينه وبين العظم الوتدي آخذًا في طول الوتدي.
ويحده من قدام تمام هذا الدرز، وهو القدر الذي يصعد منه إلى طرف الإكليلي مشتركًا بين هذا الجدار وبين هذا العظم الوتدي في طول ذلك العظم الحجري، وهيئة العظم الحجري هيئة مثلث قاعدته الدرز القشري. وزاويته عند العظم الوتدي، والضلعان المحيطان بهذه الزاوية هما قسما ذلك الدرز الذي تقدم ذكره، وكل واحد من هذين العظمين أعني الحجريين قد قسمه المشرحون إلى ثلاثة أجزاء: أحدها: الجزء الذي فيه ثقب الأذن وهو شديد الصلابة يشبه الحجر ولذلك يسمى العظم الحجري وتسمى جملة هذا الجدار بذلك لأن فيه هذا الجزء وإنما زيد في صلابة هذا الجزء ليتدارك بها ما يوجبه ثقب السمع من ضعف الجرم.
فإن قيل: كان ينبغي أن يسمى الجدار الرابع بالحجري أيضًا بل هو أولى بهذا الاسم لأنه أشد صلابة من هذا الجدار، قلنا: ليس كذلك لأنه أكثر صلابة من جملة هذا الجدار أعني: الأيمن والأيسر. وليس أزيد صلابة من هذا الجزء منه فيما أظن. وفي هذا الجزء الزائد الذي يسمى بالميل ويسميها جالينوس بالإبرة.
وقال جالينوس: إن هذا الجزء تحده زائدة الدرز اللامي، ويريد بذلك أن هذه الزائدة تحده من قدام وخلف.
وثانيها: الجزء الذي يلي هذا الجزء، وهو عند الزائدتين الشبيهة إحداهما بحلمة الثدي، والأخرى زائدة العظم الذي يسمى الزوج. وفائدة الزائدة الحلمية أن تمنع مفصل الفك الأسفل من الانخلاع وهي غير موضوعة خلف ذلك المفصل.
1 / 18