Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genres
قوله: "المراد بالنظم هاهنا اللفظ" لا يقال النظم على ما فسره المحققون هو ترتيب الألفاظ مترتبة المعاني متناسقة الدلالات على وفق ما يقتضيه العقل لا تواليها في النطق ، وضم بعضها إلى بعض كيفما اتفق، أو هو الألفاظ المترتبة بهذا الاعتبار حتى لو قيل في، قفا نبك من ذكرى حبيب نبك قفا من حبيب ذكرى كان لفظا لا نظما؛ لأنا نقول هو يطلق في هذا المقام على المفرد حيث القرآن نظما دالا على المعنى قسم اللفظ بالنسبة إلى المعنى أربع تقسيمات" المراد بالنظم هاهنا اللفظ إلا أن في إطلاق اللفظ على القرآن نوع سوء أدب؛ لأن اللفظ في الأصل إسقاط شيء من الفم فلهذا اختار النظم مقام اللفظ، وقد روي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لم يجعل النظم ركنا لازما في حق جواز الصلاة خاصة، بل اعتبر المعنى فقط حتى لو قرأ بغير العربية في الصلاة من غير عذر جازت الصلاة عنده وإنما قال خاصة؛ لأنه جعله لازما في غير جواز الصلاة كقراءة الجنب والحائض حتى لو قرأ آية من القرآن بالفارسية يجوز؛ لأنه ليس بقرآن لعدم النظم.
...................................................................... ..........................
ينقسم إلى الخاص، والعام والمشترك ونحو ذلك فالمراد به اللفظ لا غير. اللهم إلا أن يقال المراد بأقسام النظم الأقسام المتعلقة بالنظم بأن تقع صفة لمفرداته، والألفاظ الواقعة فيه لا صفة للنظم نفسه، إذ الموصوف بالخاص والعام والمشترك ونحو ذلك عرفا هو اللفظ دون النظم، فإن قيل كما أن اللفظ يطلق على الرمي فكذا النظم على الشعر فينبغي أن يحترز عن إطلاقه. قلنا النظم حقيقة في جمع اللؤلؤ في السلك ومنه نظم الشعر واللفظ حقيقة في الرمي، ومنه اللفظ بمعنى التكلم فأوثر النظم رعاية للأدب وإشارة إلى تشبيه الكلمات بالدرر.
قوله: "بل اعتبر المعنى" لأن مبنى النظم على التوسعة، والمعنى هو المقصود لا سيما في حالة المناجاة فرخص في إسقاط لزوم النظم ورخصة الإسقاط لا تختص بالعذر وذلك فيمن لا يتهم بشيء من البدع، وقد تكلم بكلمة أو أكثر غير مؤولة ولا محتملة للمعاني، وقيل من غير اختلال النظم حتى تبطل الصلاة بقراءة التفسير فيها اتفاقا وقيل من غير تعمد وإلا لكان مجنونا فيداوى أو زنديقا فيقتل. وأما الكلام في أن ركن الشيء كيف لا يكون لازما فسيجيء، فإن قيل إن كان المعنى قرآنا يلزم عدم اعتبار النظم في القرآن، وعدم صدق الحد أعني المنقول بين دفتي المصاحف تواترا عليه، وإن لم يكن قرآنا يلزم عدم فريضة قراءة القرآن في الصلاة. قلنا أقام العبارة الفارسية مقام النظم المنقول فجعل النظم مرعيا منقولا في المصاحف تقديرا، أو إن لم يكن تحقيقا أو حمل قوله تعالى: {فاقرأوا ما تيسر من القرآن} [المزمل:20] على وجوب رعاية المعنى دون اللفظ بدليل لاح له، فإن قيل فعلى الأول يلزم في الآية الجمع بين الحقيقة والمجاز وذا لا يجوز، إذ القرآن حقيقة في النظم العربي المنقول مجاز في غيره قلنا ممنوع لجواز أن تراد الحقيقة، ويثبت الحكم في المجاز بالقياس أو دلالة النص نظرا إلى المعتبر هو المعنى على ما سبق.
قوله: "بغير العربية" إشارة إلى أن الفارسية وغيرها سواء في ذلك الحكم وقيل الخلاف في الفارسية لا غير.
قوله: "حتى لو قرأ آية" إشارة إلى أنه لا يجوز الاعتياد والمداومة على القراءة بالفارسية للجنب والحائض بل للمتطهر أيضا، فإن قيل المتأخرون على أنه تجب سجدة التلاوة بالقراءة بالفارسية ويحرم لغير المتطهر مس مصحف كتب بالفارسية فقد جعل النظم غير لازم في ذلك أيضا فلا يصح قوله خاصة قلنا بنى كلامه على رأي المتقدمين، فإنه لا نص عنهم في ذلك، والمتأخرون بنوا الأمر على الاحتياط لقيام الركن المقصود أعني المعنى.
Page 53